الباب السادس: علاقة الدماغ بالتعلم (1):
التعلّم ملح الدماغ
إذا أريد للشباب أن يتسلحوا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين فمن الحكمة أن نفهم جيدا ما جاءت به الأبحاث العلمية حول ماهية وطبيعة تعلم الإنسان قبل أن نذهب بعيدا في أية إصلاحات لأنظمة التعليم الحالية في بلداننا العربية.
وهنا تحضرني مقاربة مفادها أننا جميعا نستخدم أدمغتنا في التفكير كما نستخدم معداتنا في تغذية أجسامنا معتقدين بأننا نفهم كلتا العمليتين جيدا وكأنها من المسلمات. ولكن مع الاكتشافات الجديدة والدراسات والأبحاث التي ساعدت على فهم أفضل لنظم التغذية خلال الثلاثين عاما المنصرمة، أصبحنا نختار أطعمتنا وطرق تغذيتنا بصورة أفضل ولهذا صرنا نعيش أطول ونتمتع بحياة أفضل. وعند النظر إلى الدماغ نرى هذه المقاربة مفيدة حيث تتوفر الفرص لتطوير قدرات الدماغ لأننا في وضع أحسن لفهم وظائف الدماغ التي تتكيف مع التعلم.
قدمت الدراسات والأبحاث في التسعينات من القرن السابق الدلائل الكثيرة المستقاة من العلوم المعرفية وعلوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطوري وحتي من علم الآثار والعلوم الإنسانية الأخرى التي ترينا بالتفصيل كيف يتعلم الإنسان. ولهذا نستطيع الآن أن نفهم لماذا أنّ التعلم هو عملية أكبر بكثير من كونها مجرد الوجه الآخر من ثنائية التعلم والتعليم. والكثير من هذه الدلائل تؤكد ما يفكر فيه الناس والإلمام به بحدسهم وحواسهم. إن التعلم في الواقع يعني أكثر من المدرسة وما يدور فيها. ولا غرو أن كثيرا من الشخصيات المعروفة والمشهورة وبعض المخترعين كانوا فاشلين في المدرسة بل وانسحب بعضهم من الدراسة الرسمية في وقت مبكر. وبالعكس أيضا الكثير من الذين نجحوا في دراستهم الرسمية ونالوا الشهادات العليا ولكنهم ذابوا في مجتمعاتهم واختفوا ولم يكن لهم أي تأثير يذكر. فلماذا؟
ليس ذلك مفاجئا فالعديد من الدراسات الطويلة المدى أشارت إلى أن أهم العوامل التي تؤثر على نجاح الفرد في المستقبل هي:
1. كمية ونوعية النقاش وتبادل الأحاديث وإثارة المواضيع مع الأطفال في البيت قبل مراحل المدرسة الأولى.
2. كمية القراءة المستقلة بالاعتماد على النفس التي يقوم بها الطفل بغض النظر عن الموضوعات التي يختارها في قراءته.
3. وضوح نظام القيم الأخلاقية في العائلة على كلا المستويين: الفهم والممارسة.
4. التأثير الإيجابي القوي على الطفل من قبل أصدقائه.
5. تأثير السنوات الأولى في المرحلة الابتدائية على الطفل.
من هنا نستنتج أن المدرسة وما يدور فيها من تعليم رسمي إنما هو فقط لإذكاء شعلة التفكير وغرس حب الاستطلاع والاكتشاف عند الأطفال.
لعل تعلم الأطفال من أهم المهارات الطبيعية والإنسانية الموروثة. إن الإنسان مطبوع على حب التعلم بالفطرة. إنها غريزة فطرية لدى الإنسان تجعلنا نفهم لماذا كان الإنسان متميزا عن بقية سائر المخلوقات. وبفضل تقنيات دراسة وظائف الدماغ يستطيع الدارسون والباحثون الآن أن يرقبوا كيف يتم التعليم في الدماغ ويشاهدوا نشاطاته أثناء التعلم من خلال عرضها على شاشة الكمبيوتر.
ولوضوح وظائف الدماغ غير المسبوق التي تم كشفها باستخدام التقنيات الخاصة بالدماغ قام العلماء بمراجعة العديد من النظريات والافتراضات القديمة المتعلقة بتعلم الأفراد وذكائهم. وهذه المراجعة أضعفت أو دحضت الكثير من مقولات علماء السلوك Behaviorists حول الدماغ على أنه مجرد صفحة بيضاء تنتظر من يكتب عليها المعلومات. يلاحظ الآن أن الدماغ مرن وفريد يكيف نفسه وهو دائم التغير وينمو باستمرار ويشكل نفسه استجابة للتحديات. وإذا قل استخدامه قل تطوره ونموه شأنه شأن سائر أعضاء الجسم. إن كمية الدلائل والمعلومات المتوفرة بين أيدينا حول التعلم وتطور الدماغ ولدت حركة جديدة باتجاه الممارسة التربوية التعليمية التي تؤكد على مهارات التفكير وعلى عناصر الذكاء القابلة للتعلم.
في سنة 1995 لاحظ الدارسون في معهد سانتا في Santa Fe المشهور في مجموعة من المقالات تحت عنوان (العقل، الدماغ وأنظمة التكيف المركبة)، عدم التناسق والتوافق بين نظرية التعليم الصاعدة وبين الممارسات المهيمنة. إن الطريقة التي يوظفها الأفراد في اكتساب المعرفة ليست مدعومة أو ليس لها سند في ممارسات غرفة الصف التقليدية. إن العقل الإنساني مجهز تجهيزا جيدا لجمع المعلومات عن العالم المحيط به. فهو يقوم بذلك بنفسه من داخله ولا يتم ذلك بالقراءة عن الدماغ أو بالاستماع إلى محاضرات عنه أو بدراسة نماذج نظرية مجردة عنه. فهذه المفاهيم الجديدة يجب أن تشكل الخطط الخمسية والعشرية للحكومات كي تضع في حسبانها دور المدرسة والمدرس وتصب اهتمامها الكبير على تعليم الصغار.
إن كل محاولات إصلاح النظم التعليمية في بلادنا سواء ما يتعلق بالمناهج أو الأهداف أو طرق التدريس لم تخرج عن النموذج الثلاثي التقليدي المعروف: الطالب\المعلم\المدرسة. بينما نحن نحتاج الآن إلى الخروج بتفكيرنا من هذا الصندوق المغلق –إن صح التعبير. وهذا يبدأ بالتركيز على قدرة الدماغ على التعلم وقدرة الإنسان المستمرة على التأثير فيماحوله وهنا فقط ننطلق إلى التفكير في تطوير وتنشئة بيئة تعلم وتعليم صالحة وملائمة.
لقد اختصر الإنسان التجارب التي مرت عليه في دماغه. فكل واحد فينا يحمل كل التجارب المسبقة والمهمة لاستمرار الحياة التي انتقلت إليه من الأجيال السابقة. لقد أظهر عالم الأعصاب المعروف غازانيغا(1999) Gazzaniga أن الحياة بمعظمها تدور حول ما تم اكتشافه وما تأسس في أدمغتنا. وأن جميع الوسائل والطرق التي تحاول بواسطتها المجتمعات الإنسانية تغيير العقول وتغيير ماهية تفاعل الأفراد مع البيئة ستؤول إلى الفشل. وبالفعل نشعر بالفشل عندما نقدم النصح للأفراد وننجح عندما نسمح للفرد أن يكتشف بنفسه ما منحتنا إياه التجارب من التطور العقلي والجسمي.
إن التطور والإرتقاء، كما نفهمه الآن، زود الإنسان بآليات التدبير والتنظيم المتعددة والقوية التي تذهب بعيدا في شرح قدراتنا على تعلم اللغة، والتعاون في مجموعات، والتفكير في االمسائل وحلولها، والتخطيط للمستقبل، وكيفية التعاطف مع الآخرين. إن التجارب المسبقة تمنح الأفراد سلسلة متكاملة من المهارات التي تساعد على الاتصال والتفاعل المرن مع البيئة. وكان لهذه المهارات أن تتطور بالتعاون لأن الفرد ، في معظم حقب التاريخ الإنساني، يميل إلى العيش نسبيا في مجموعات صغيرة. وبما أن القليل من الناس من يمتلك مثل هذه الصفات فإن تطور المهارات والميول كان بطيئا جدا.
وبإعلان الاكتشافات المتعلقة بالدماغ في إطارها التطوري يستطيع الباحثون أن يروا كيف أن تأثير ملايين السنين من التطور ضمن جيل واحد تختلط وتذوب في أولويات ثقافة واحدة بعينها. كما قيل سابقا أنك تستطيع أن تخرج الإنسان من العصر الحجري ولكنك لا تستطيع أن تخرج العصر الحجري من الإنسان. لقد استقوى الإنسان بمنظومة من التجارب المطورة التي تساعده على تكييف أنواع مختلفة من الظروف والأحوال بصورة كبيرة ولكنها هي التجارب نفسها التي تسكننا في نهاية المطاف.
وعلينا أن نكون حذرين من استخدام بيئات التعلم التي تأخذ بنوازع وميول الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) ومثل هذا العمل يجب أن يأخذ بجزئيات الدماغ.
هوارد قاردنر Howard Gardner يظهر ذلك عبر نظريته الذكاء المتعدد الأنواع. فنحن نمتلك استراتيجيات حياتية متعددة من ضمنها القدرة على النظر إلى أي موقف من نواحي مختلفة. يربط ذلك بالفهم الجديد لنمو الأبنية العصبية للدماغ حيث نبدأ بفهم الأشكال المختلفة من الذكاء التي تعيننا على فهم بيئاتنا بطرق مختلفة جدا. وهذه الطرق حتمية لحياة فصيلة الإنسان وتزودنا بنظرة فاحصة لأصول الإبداع. فالتوازن بين الإنفعال والمنطق، ودور الحدس، والعلاقة بين الحافز المعنوي والمادي كلها جزء من نظام تكيفي معقد يصف قدرة الدماغ على التعامل مع مختلف المواقف في الحياة اليومية.
إن أزمة التعليم (المدرسة) حاليا تتعلق جزئيا بانهيار النظام الصناعي الأوروبي القديم حيث كانت الحاجة إلى المهارات الأساسية فقط التي لا تتطلب استخداما كبيرا للدماغ. فسرعان ما تم إحلال الحوافز المادية مكان الحوافز المعنوية. وأما الآن أصبح تمييز العمل الناجح ومكافأته يتطلب أكثر من الاعتماد على المهارات الأساسية فقط.
أصبحت الأشياء الآن مختلفة. لقد أجبرت الشركات على التفكير بطريقة مختلفة. وهذا يعني تبني ثقافة تشجع على اليقظة والاستجابة والمرونة وتسريع دورة الوقت في العمليات والقرارات. وبعد إعادة التقييم والترتيب وإعادة الهيكلة والتنافس تطلب الآن إعادة اكتشاف الموظفين والمعرفة التي يملكونها. فأبنية وهياكل الشركات الهرمية والطبقية تتشكل الآن وتعود إلى تنظيمات أقل طبقية وعمودية- أقل بيروقراطية، عمل الفريق وتوزيع أكبر للمسؤولية وللمعلومات واتخاذ القرارات. وباختصار، أصبحت الحاجة ملحة إلى أناس قادرين على حل المشاكل مبدعين ومرنين ومسؤولين شخصيا عن صحتهم وأمنهم وحياتهم وحياة عائلاتهم.
تشير دراسات علوم التطور والارتقاء إلى أن هذه المهارات التعاونية العليا كلها فطرية بدرجة كبيرة. وهكذا بتحفيز بسيط فقط في سن مبكرة تتطور بسرعة. وبالرغم من مرور أكثر من عشرة أجيال على هذه المتطلبات التي فرضت مهاراتنا أوعلى المورثات الجينية إلا أنها لم تتغير قيد أنملة. ما يزال الأطفال يولدون بمنظومات تراتبية متأخرة كما كانت تسلحهم لخوض غمار العالم. وفي جزء كبير من القرن العشرين تأصل التعليم الرسمي لتزويد مثيرات وحوافز ملائمة لمواقف حياتية واقعية ولكن لم يحالفها النجاح إلا في القليل.
ولهؤلاء الذين كان بإمكانهم النجاح بالمجرد، هناك كذلك العديد من الذين كان التعليم بالنسبة لهم مصيبة أو فشل ذريع لأن نزعتهم إلى الناحية العملية أكبر. إن المجتمع الصناعي ليس فيه مكان لأطفال في عالم شؤون الكبار. كان ينظر للأطفال على انهم عقبة في الطريق. وفي الوالقع قللنا من شأن الطفولة والمراهقة بإنكار الفرصة عليهم لأن يتعلموا من تجاربهم الخاصة وأن يهضموا المعلومات التي منحها الآخرون لهم.
وهكذا فنظرية التعليم التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت النظرية السلوكية بصورة عامة – يحتاج الأفراد إلى حوافز تشجيعية ليقوموا بالعمل. كانت الأدمغة عبارة عن ورقة بيضاء تنتظر التعليمات. وكان يعتقد أن الذكاء فطري وموروث بصورة تامة.
وعندما طلب من الجامعات تقديم النصح بشأن المناهج تقدموا بنموذج تعلمي اختصاري (اختزالي وتجزيئي). وبالنسبة لعلماء التربية والتعليم الأوائل كانت دراسة التعلم شأنا أكاديميا بحتا. قاسوا ما يحدث في غرفة الصف عندما يؤدي الأفراد واجبات مجردة (نظرية) ولكنهم لم يخططوا لدراسة قدرة المتدرب على رأس العمل.
وهكذا كانت التوافقية في أواخر القرن التاسع عشر بين الفهم العلمي في ذلك الوقت وحاجات الصناعة والرغبة في تعليم الأطفال المهارات الأساسية لزيادة الإنتاج ورفع معايير الحياة بدرجة كبيرة. ولكن هذا حصل بكلفة عالية. أصيب العديد من الأطفال بالإحباط لعدم استغلال ما اكتسبوه من مخططات خلال تعلمهم الروتيني اليومي. واستبدلت التحديات اليومية لفهم البيئة بالتلقين فماذا يفعلون وكيف يفعلونه.
تقف المجتمعات الآن من تاريخ الإنسان على مفترق تطوري. فهل سنكون قادرين على الاستفادة من هذه التفاهمات ونعكس النظام التعليمي المقلوب؟
وكل ما نعرفه عن تطور الذكاء يقترح بأنه تحت سن السابعة أو الثامنة وبصورة خاصة تحت سن الثالثة يعتمد كليا على التشجيع والمثيرات الخارجية لتطور الدماغ بطرق تتطور المهارات الأساسية فيها. وإذا لم يصار إلى إثارة وتحفيز هذه المهارات في مرحلة مبكرة فتعلمها لاحقا سيكون صعبا. فبمصطلحات أواخر القرن العشرين ، المهارات الوظيفية للقراءة والكتابة والحساب تقع أيضا في حساب المهارات الأساسية. وفي مرحلة مبكرة من الحياة، فكل صغير وكل طفل يحتاج إلى مطالب كبيرة يوفرها الكبار إذا أريد له أن يتقن المهارات الأساسية. بينما ربما كان الكبار غير متأكدين من أدوارهم كآباء وأمهات فالبنسبة للطفل الأبوة الجيدة أساسية كلية إذا أريد لقدراتهم العقلية ومهاراتهم الاجتماعية أن تتطور.
إن الميل الطبيعي للصغار عندما يتقدمون إلى مرحلة البلوغ هو الابتعاد والاستقلالية عن الكبار. يريدون أن يسيطروا على أفعالهم ليس لأنهم يريدون ذلك لعدم تفكيرهم السليم ولكن بسبب التغيرات الهرمونية في داخلهم تضغط عليهم لأن يظهروا الآن أنهم قادرون على استخدام ما تعلموه في مرحلة مبكرة ليصبحوا كاملي الأهلية ومستقلين تماما. وإذا لم يكن لديهم المهارات الأساسية التي سبق ذكرها عندئذ هم مراهقون غير معدين إعدادا كافيا ليتعاملوا مع التغيرات الفسيولوجية المراهقة وينتهون بمشاكل عقلية واجتماعية وعاطفية.
فلنأخذ الآن النموذج التعليمي الحالي. في المدارس الابتدائية في العديد من البلدان العربية تجد العدد الأكبر من الطلاب في الصفوف الأولى. وهكذا عندما تكون استعداداتهم في أوج عطائها وخصبها يكون عدد الأطفال في الصف ما يقارب الثلاثين طالبا أو أكثر في الصف. وفي المراحل المتوسطة والثانوية يتناقص عدد الطلاب في الصف ليكون الصف أقل عددا. وهذا ما يتعارض مع رغبة المراهق في الاستقلالية عند بلوغ سن 14 أو 15. والعديد من المراهقين ولأسباب طبيعية تنغلق قدرتهم على الفهم في هذه المرحلة لأنه ببساطة لا تظهر حقيقة المقارنة للبيئة العاطفية التي يجربونها بعيدا عن المدرسة مع زملائهم.
ولمعالجة هذا النموذج المقلوب للتعلم علينا أن نعود إلى الخط الرئيس لتطور الدماغ وهكذا نموذج تعلم يمكن أن يعتمد على مجموعة من الترتيبات التي تعكس –ما أمكن ذلك- العملية الإحيائية التي ترتبط بالفطام. تتطلب تطوير علم تربية يؤكد على اتقان الصغار لسلسلة من المهارات وأن قدرة الطفل المتواضعة والمتنامية أن تأخذ المسؤولية لتوجيه أعمالهم والتحقق من أنهم سيقومون بذلك طيلة حياتهم.
وفي مرحلة مبكرة –ما أمكن ذلك- يجب أن يهدف النظام إلى أن يعد الطفل العامل. لا يكفي لهم بأن يكونوا متلقين. وبينما هم يكبرون يجب دمج تعلمهم بحياة المجتمع المحيط بمهمات ومسؤوليات حقيقية تناسب أعمارهم.
يجب أن توفر الروضة مثلا صفوفا لأعمار الخمس سنوات تضم 10 إلى 12 طفلا فقط. وعلى المدارس أن تقدم برامج توحد الفهم بين المضمون والشكل بطرق ووسائل تجعل تفكير الأطفال هو الطاغي ويلمسونه بأنفسهم. وهذا ما يغيردور المعلم كثيرا الذي يأخذ بأساليب التعلم والتعليم الجيد التي يحتاجها الأطفال فعلا.
وبينما يظل المعلم الجيد أساسيا، من الواضح أن التعلم الناجح يتطلب أكثر كثيرا من مجرد أسلوب المعلم والمحاضرة والطبشورة. وكسياسة عامة، الاستثمار في تقنيات التعلم والتعليم يجب أن يزداد مع تقدم الطفل.
وإذا بدأ نظام التعليم الرسمي بصفوف لا تضم أكثر من 12 طالبا وإذا كانت المدارس تقوم بعملها جيدا وذلك بحصول الأطفال على الدعم المركز في السنوات الأولى عندئذ يكون من الأفضل لهم إذن ، قبل سن السادسة عشرة، أن ينتظموا بصفوفهم الرسمية. ويكرس جزء من وقتهم للعمل وحدهم ويعطون الفرصة لاستخدام مصادر التعلم المتنوعة في المدرسة كالمكتبة والمختبر. وأما الكثير من الإرشادات والتعليمات وغرف الدرس تجعل الشباب أكثر اعتمادا على معلميهم أكثر فأكثر.
وما نزال نملك القدرة والإمكانية لبناء نماذج للتعلم تأخذ في عين الاعتبار تطور الدماغ بينما نجعل التواصل بين الكبار والصغار خارج المدرسة فاعلا وفعالا.
التعلّم ملح الدماغ
إذا أريد للشباب أن يتسلحوا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين فمن الحكمة أن نفهم جيدا ما جاءت به الأبحاث العلمية حول ماهية وطبيعة تعلم الإنسان قبل أن نذهب بعيدا في أية إصلاحات لأنظمة التعليم الحالية في بلداننا العربية.
وهنا تحضرني مقاربة مفادها أننا جميعا نستخدم أدمغتنا في التفكير كما نستخدم معداتنا في تغذية أجسامنا معتقدين بأننا نفهم كلتا العمليتين جيدا وكأنها من المسلمات. ولكن مع الاكتشافات الجديدة والدراسات والأبحاث التي ساعدت على فهم أفضل لنظم التغذية خلال الثلاثين عاما المنصرمة، أصبحنا نختار أطعمتنا وطرق تغذيتنا بصورة أفضل ولهذا صرنا نعيش أطول ونتمتع بحياة أفضل. وعند النظر إلى الدماغ نرى هذه المقاربة مفيدة حيث تتوفر الفرص لتطوير قدرات الدماغ لأننا في وضع أحسن لفهم وظائف الدماغ التي تتكيف مع التعلم.
قدمت الدراسات والأبحاث في التسعينات من القرن السابق الدلائل الكثيرة المستقاة من العلوم المعرفية وعلوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطوري وحتي من علم الآثار والعلوم الإنسانية الأخرى التي ترينا بالتفصيل كيف يتعلم الإنسان. ولهذا نستطيع الآن أن نفهم لماذا أنّ التعلم هو عملية أكبر بكثير من كونها مجرد الوجه الآخر من ثنائية التعلم والتعليم. والكثير من هذه الدلائل تؤكد ما يفكر فيه الناس والإلمام به بحدسهم وحواسهم. إن التعلم في الواقع يعني أكثر من المدرسة وما يدور فيها. ولا غرو أن كثيرا من الشخصيات المعروفة والمشهورة وبعض المخترعين كانوا فاشلين في المدرسة بل وانسحب بعضهم من الدراسة الرسمية في وقت مبكر. وبالعكس أيضا الكثير من الذين نجحوا في دراستهم الرسمية ونالوا الشهادات العليا ولكنهم ذابوا في مجتمعاتهم واختفوا ولم يكن لهم أي تأثير يذكر. فلماذا؟
ليس ذلك مفاجئا فالعديد من الدراسات الطويلة المدى أشارت إلى أن أهم العوامل التي تؤثر على نجاح الفرد في المستقبل هي:
1. كمية ونوعية النقاش وتبادل الأحاديث وإثارة المواضيع مع الأطفال في البيت قبل مراحل المدرسة الأولى.
2. كمية القراءة المستقلة بالاعتماد على النفس التي يقوم بها الطفل بغض النظر عن الموضوعات التي يختارها في قراءته.
3. وضوح نظام القيم الأخلاقية في العائلة على كلا المستويين: الفهم والممارسة.
4. التأثير الإيجابي القوي على الطفل من قبل أصدقائه.
5. تأثير السنوات الأولى في المرحلة الابتدائية على الطفل.
من هنا نستنتج أن المدرسة وما يدور فيها من تعليم رسمي إنما هو فقط لإذكاء شعلة التفكير وغرس حب الاستطلاع والاكتشاف عند الأطفال.
لعل تعلم الأطفال من أهم المهارات الطبيعية والإنسانية الموروثة. إن الإنسان مطبوع على حب التعلم بالفطرة. إنها غريزة فطرية لدى الإنسان تجعلنا نفهم لماذا كان الإنسان متميزا عن بقية سائر المخلوقات. وبفضل تقنيات دراسة وظائف الدماغ يستطيع الدارسون والباحثون الآن أن يرقبوا كيف يتم التعليم في الدماغ ويشاهدوا نشاطاته أثناء التعلم من خلال عرضها على شاشة الكمبيوتر.
ولوضوح وظائف الدماغ غير المسبوق التي تم كشفها باستخدام التقنيات الخاصة بالدماغ قام العلماء بمراجعة العديد من النظريات والافتراضات القديمة المتعلقة بتعلم الأفراد وذكائهم. وهذه المراجعة أضعفت أو دحضت الكثير من مقولات علماء السلوك Behaviorists حول الدماغ على أنه مجرد صفحة بيضاء تنتظر من يكتب عليها المعلومات. يلاحظ الآن أن الدماغ مرن وفريد يكيف نفسه وهو دائم التغير وينمو باستمرار ويشكل نفسه استجابة للتحديات. وإذا قل استخدامه قل تطوره ونموه شأنه شأن سائر أعضاء الجسم. إن كمية الدلائل والمعلومات المتوفرة بين أيدينا حول التعلم وتطور الدماغ ولدت حركة جديدة باتجاه الممارسة التربوية التعليمية التي تؤكد على مهارات التفكير وعلى عناصر الذكاء القابلة للتعلم.
في سنة 1995 لاحظ الدارسون في معهد سانتا في Santa Fe المشهور في مجموعة من المقالات تحت عنوان (العقل، الدماغ وأنظمة التكيف المركبة)، عدم التناسق والتوافق بين نظرية التعليم الصاعدة وبين الممارسات المهيمنة. إن الطريقة التي يوظفها الأفراد في اكتساب المعرفة ليست مدعومة أو ليس لها سند في ممارسات غرفة الصف التقليدية. إن العقل الإنساني مجهز تجهيزا جيدا لجمع المعلومات عن العالم المحيط به. فهو يقوم بذلك بنفسه من داخله ولا يتم ذلك بالقراءة عن الدماغ أو بالاستماع إلى محاضرات عنه أو بدراسة نماذج نظرية مجردة عنه. فهذه المفاهيم الجديدة يجب أن تشكل الخطط الخمسية والعشرية للحكومات كي تضع في حسبانها دور المدرسة والمدرس وتصب اهتمامها الكبير على تعليم الصغار.
إن كل محاولات إصلاح النظم التعليمية في بلادنا سواء ما يتعلق بالمناهج أو الأهداف أو طرق التدريس لم تخرج عن النموذج الثلاثي التقليدي المعروف: الطالب\المعلم\المدرسة. بينما نحن نحتاج الآن إلى الخروج بتفكيرنا من هذا الصندوق المغلق –إن صح التعبير. وهذا يبدأ بالتركيز على قدرة الدماغ على التعلم وقدرة الإنسان المستمرة على التأثير فيماحوله وهنا فقط ننطلق إلى التفكير في تطوير وتنشئة بيئة تعلم وتعليم صالحة وملائمة.
لقد اختصر الإنسان التجارب التي مرت عليه في دماغه. فكل واحد فينا يحمل كل التجارب المسبقة والمهمة لاستمرار الحياة التي انتقلت إليه من الأجيال السابقة. لقد أظهر عالم الأعصاب المعروف غازانيغا(1999) Gazzaniga أن الحياة بمعظمها تدور حول ما تم اكتشافه وما تأسس في أدمغتنا. وأن جميع الوسائل والطرق التي تحاول بواسطتها المجتمعات الإنسانية تغيير العقول وتغيير ماهية تفاعل الأفراد مع البيئة ستؤول إلى الفشل. وبالفعل نشعر بالفشل عندما نقدم النصح للأفراد وننجح عندما نسمح للفرد أن يكتشف بنفسه ما منحتنا إياه التجارب من التطور العقلي والجسمي.
إن التطور والإرتقاء، كما نفهمه الآن، زود الإنسان بآليات التدبير والتنظيم المتعددة والقوية التي تذهب بعيدا في شرح قدراتنا على تعلم اللغة، والتعاون في مجموعات، والتفكير في االمسائل وحلولها، والتخطيط للمستقبل، وكيفية التعاطف مع الآخرين. إن التجارب المسبقة تمنح الأفراد سلسلة متكاملة من المهارات التي تساعد على الاتصال والتفاعل المرن مع البيئة. وكان لهذه المهارات أن تتطور بالتعاون لأن الفرد ، في معظم حقب التاريخ الإنساني، يميل إلى العيش نسبيا في مجموعات صغيرة. وبما أن القليل من الناس من يمتلك مثل هذه الصفات فإن تطور المهارات والميول كان بطيئا جدا.
وبإعلان الاكتشافات المتعلقة بالدماغ في إطارها التطوري يستطيع الباحثون أن يروا كيف أن تأثير ملايين السنين من التطور ضمن جيل واحد تختلط وتذوب في أولويات ثقافة واحدة بعينها. كما قيل سابقا أنك تستطيع أن تخرج الإنسان من العصر الحجري ولكنك لا تستطيع أن تخرج العصر الحجري من الإنسان. لقد استقوى الإنسان بمنظومة من التجارب المطورة التي تساعده على تكييف أنواع مختلفة من الظروف والأحوال بصورة كبيرة ولكنها هي التجارب نفسها التي تسكننا في نهاية المطاف.
وعلينا أن نكون حذرين من استخدام بيئات التعلم التي تأخذ بنوازع وميول الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) ومثل هذا العمل يجب أن يأخذ بجزئيات الدماغ.
هوارد قاردنر Howard Gardner يظهر ذلك عبر نظريته الذكاء المتعدد الأنواع. فنحن نمتلك استراتيجيات حياتية متعددة من ضمنها القدرة على النظر إلى أي موقف من نواحي مختلفة. يربط ذلك بالفهم الجديد لنمو الأبنية العصبية للدماغ حيث نبدأ بفهم الأشكال المختلفة من الذكاء التي تعيننا على فهم بيئاتنا بطرق مختلفة جدا. وهذه الطرق حتمية لحياة فصيلة الإنسان وتزودنا بنظرة فاحصة لأصول الإبداع. فالتوازن بين الإنفعال والمنطق، ودور الحدس، والعلاقة بين الحافز المعنوي والمادي كلها جزء من نظام تكيفي معقد يصف قدرة الدماغ على التعامل مع مختلف المواقف في الحياة اليومية.
إن أزمة التعليم (المدرسة) حاليا تتعلق جزئيا بانهيار النظام الصناعي الأوروبي القديم حيث كانت الحاجة إلى المهارات الأساسية فقط التي لا تتطلب استخداما كبيرا للدماغ. فسرعان ما تم إحلال الحوافز المادية مكان الحوافز المعنوية. وأما الآن أصبح تمييز العمل الناجح ومكافأته يتطلب أكثر من الاعتماد على المهارات الأساسية فقط.
أصبحت الأشياء الآن مختلفة. لقد أجبرت الشركات على التفكير بطريقة مختلفة. وهذا يعني تبني ثقافة تشجع على اليقظة والاستجابة والمرونة وتسريع دورة الوقت في العمليات والقرارات. وبعد إعادة التقييم والترتيب وإعادة الهيكلة والتنافس تطلب الآن إعادة اكتشاف الموظفين والمعرفة التي يملكونها. فأبنية وهياكل الشركات الهرمية والطبقية تتشكل الآن وتعود إلى تنظيمات أقل طبقية وعمودية- أقل بيروقراطية، عمل الفريق وتوزيع أكبر للمسؤولية وللمعلومات واتخاذ القرارات. وباختصار، أصبحت الحاجة ملحة إلى أناس قادرين على حل المشاكل مبدعين ومرنين ومسؤولين شخصيا عن صحتهم وأمنهم وحياتهم وحياة عائلاتهم.
تشير دراسات علوم التطور والارتقاء إلى أن هذه المهارات التعاونية العليا كلها فطرية بدرجة كبيرة. وهكذا بتحفيز بسيط فقط في سن مبكرة تتطور بسرعة. وبالرغم من مرور أكثر من عشرة أجيال على هذه المتطلبات التي فرضت مهاراتنا أوعلى المورثات الجينية إلا أنها لم تتغير قيد أنملة. ما يزال الأطفال يولدون بمنظومات تراتبية متأخرة كما كانت تسلحهم لخوض غمار العالم. وفي جزء كبير من القرن العشرين تأصل التعليم الرسمي لتزويد مثيرات وحوافز ملائمة لمواقف حياتية واقعية ولكن لم يحالفها النجاح إلا في القليل.
ولهؤلاء الذين كان بإمكانهم النجاح بالمجرد، هناك كذلك العديد من الذين كان التعليم بالنسبة لهم مصيبة أو فشل ذريع لأن نزعتهم إلى الناحية العملية أكبر. إن المجتمع الصناعي ليس فيه مكان لأطفال في عالم شؤون الكبار. كان ينظر للأطفال على انهم عقبة في الطريق. وفي الوالقع قللنا من شأن الطفولة والمراهقة بإنكار الفرصة عليهم لأن يتعلموا من تجاربهم الخاصة وأن يهضموا المعلومات التي منحها الآخرون لهم.
وهكذا فنظرية التعليم التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت النظرية السلوكية بصورة عامة – يحتاج الأفراد إلى حوافز تشجيعية ليقوموا بالعمل. كانت الأدمغة عبارة عن ورقة بيضاء تنتظر التعليمات. وكان يعتقد أن الذكاء فطري وموروث بصورة تامة.
وعندما طلب من الجامعات تقديم النصح بشأن المناهج تقدموا بنموذج تعلمي اختصاري (اختزالي وتجزيئي). وبالنسبة لعلماء التربية والتعليم الأوائل كانت دراسة التعلم شأنا أكاديميا بحتا. قاسوا ما يحدث في غرفة الصف عندما يؤدي الأفراد واجبات مجردة (نظرية) ولكنهم لم يخططوا لدراسة قدرة المتدرب على رأس العمل.
وهكذا كانت التوافقية في أواخر القرن التاسع عشر بين الفهم العلمي في ذلك الوقت وحاجات الصناعة والرغبة في تعليم الأطفال المهارات الأساسية لزيادة الإنتاج ورفع معايير الحياة بدرجة كبيرة. ولكن هذا حصل بكلفة عالية. أصيب العديد من الأطفال بالإحباط لعدم استغلال ما اكتسبوه من مخططات خلال تعلمهم الروتيني اليومي. واستبدلت التحديات اليومية لفهم البيئة بالتلقين فماذا يفعلون وكيف يفعلونه.
تقف المجتمعات الآن من تاريخ الإنسان على مفترق تطوري. فهل سنكون قادرين على الاستفادة من هذه التفاهمات ونعكس النظام التعليمي المقلوب؟
وكل ما نعرفه عن تطور الذكاء يقترح بأنه تحت سن السابعة أو الثامنة وبصورة خاصة تحت سن الثالثة يعتمد كليا على التشجيع والمثيرات الخارجية لتطور الدماغ بطرق تتطور المهارات الأساسية فيها. وإذا لم يصار إلى إثارة وتحفيز هذه المهارات في مرحلة مبكرة فتعلمها لاحقا سيكون صعبا. فبمصطلحات أواخر القرن العشرين ، المهارات الوظيفية للقراءة والكتابة والحساب تقع أيضا في حساب المهارات الأساسية. وفي مرحلة مبكرة من الحياة، فكل صغير وكل طفل يحتاج إلى مطالب كبيرة يوفرها الكبار إذا أريد له أن يتقن المهارات الأساسية. بينما ربما كان الكبار غير متأكدين من أدوارهم كآباء وأمهات فالبنسبة للطفل الأبوة الجيدة أساسية كلية إذا أريد لقدراتهم العقلية ومهاراتهم الاجتماعية أن تتطور.
إن الميل الطبيعي للصغار عندما يتقدمون إلى مرحلة البلوغ هو الابتعاد والاستقلالية عن الكبار. يريدون أن يسيطروا على أفعالهم ليس لأنهم يريدون ذلك لعدم تفكيرهم السليم ولكن بسبب التغيرات الهرمونية في داخلهم تضغط عليهم لأن يظهروا الآن أنهم قادرون على استخدام ما تعلموه في مرحلة مبكرة ليصبحوا كاملي الأهلية ومستقلين تماما. وإذا لم يكن لديهم المهارات الأساسية التي سبق ذكرها عندئذ هم مراهقون غير معدين إعدادا كافيا ليتعاملوا مع التغيرات الفسيولوجية المراهقة وينتهون بمشاكل عقلية واجتماعية وعاطفية.
فلنأخذ الآن النموذج التعليمي الحالي. في المدارس الابتدائية في العديد من البلدان العربية تجد العدد الأكبر من الطلاب في الصفوف الأولى. وهكذا عندما تكون استعداداتهم في أوج عطائها وخصبها يكون عدد الأطفال في الصف ما يقارب الثلاثين طالبا أو أكثر في الصف. وفي المراحل المتوسطة والثانوية يتناقص عدد الطلاب في الصف ليكون الصف أقل عددا. وهذا ما يتعارض مع رغبة المراهق في الاستقلالية عند بلوغ سن 14 أو 15. والعديد من المراهقين ولأسباب طبيعية تنغلق قدرتهم على الفهم في هذه المرحلة لأنه ببساطة لا تظهر حقيقة المقارنة للبيئة العاطفية التي يجربونها بعيدا عن المدرسة مع زملائهم.
ولمعالجة هذا النموذج المقلوب للتعلم علينا أن نعود إلى الخط الرئيس لتطور الدماغ وهكذا نموذج تعلم يمكن أن يعتمد على مجموعة من الترتيبات التي تعكس –ما أمكن ذلك- العملية الإحيائية التي ترتبط بالفطام. تتطلب تطوير علم تربية يؤكد على اتقان الصغار لسلسلة من المهارات وأن قدرة الطفل المتواضعة والمتنامية أن تأخذ المسؤولية لتوجيه أعمالهم والتحقق من أنهم سيقومون بذلك طيلة حياتهم.
وفي مرحلة مبكرة –ما أمكن ذلك- يجب أن يهدف النظام إلى أن يعد الطفل العامل. لا يكفي لهم بأن يكونوا متلقين. وبينما هم يكبرون يجب دمج تعلمهم بحياة المجتمع المحيط بمهمات ومسؤوليات حقيقية تناسب أعمارهم.
يجب أن توفر الروضة مثلا صفوفا لأعمار الخمس سنوات تضم 10 إلى 12 طفلا فقط. وعلى المدارس أن تقدم برامج توحد الفهم بين المضمون والشكل بطرق ووسائل تجعل تفكير الأطفال هو الطاغي ويلمسونه بأنفسهم. وهذا ما يغيردور المعلم كثيرا الذي يأخذ بأساليب التعلم والتعليم الجيد التي يحتاجها الأطفال فعلا.
وبينما يظل المعلم الجيد أساسيا، من الواضح أن التعلم الناجح يتطلب أكثر كثيرا من مجرد أسلوب المعلم والمحاضرة والطبشورة. وكسياسة عامة، الاستثمار في تقنيات التعلم والتعليم يجب أن يزداد مع تقدم الطفل.
وإذا بدأ نظام التعليم الرسمي بصفوف لا تضم أكثر من 12 طالبا وإذا كانت المدارس تقوم بعملها جيدا وذلك بحصول الأطفال على الدعم المركز في السنوات الأولى عندئذ يكون من الأفضل لهم إذن ، قبل سن السادسة عشرة، أن ينتظموا بصفوفهم الرسمية. ويكرس جزء من وقتهم للعمل وحدهم ويعطون الفرصة لاستخدام مصادر التعلم المتنوعة في المدرسة كالمكتبة والمختبر. وأما الكثير من الإرشادات والتعليمات وغرف الدرس تجعل الشباب أكثر اعتمادا على معلميهم أكثر فأكثر.
وما نزال نملك القدرة والإمكانية لبناء نماذج للتعلم تأخذ في عين الاعتبار تطور الدماغ بينما نجعل التواصل بين الكبار والصغار خارج المدرسة فاعلا وفعالا.
اليوم في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
اليوم في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
اليوم في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
اليوم في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
اليوم في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
اليوم في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin