ويبدأ بذكر الضواري من الطير
باب ذكر العقبان وأجناسها ومعادنها وألوانها وأسمائها وأول من لعب بها والجيد منها والدون، والنادر واللطيف وما يستحب أن يؤخذ منها، ومن الذي يجوز أن يلعب بها والكامل منها وكيفية اللعب بها. وكم من جنس هي
اعلم أن العقبان سبعة أجناس، لكل جنس منها لون، فهي سبعة ألوان أيضاً. منها العقاب المعروف بين الناس، ويسمى عقاب الصيد، مع أن جميع العقبان تصيد وتصلح للصيد، أما هذا العقاب فإنه أبرش الذنب، وهو أحسن العقبان وأطيرها وهو يقع في جميع البلاد القريبة من الجبال، وأكثر ما يكون في بلاد الشام، وفي أرض الموصل إلى الجزيرة وسنجار وبلاد نصيبين وماردين وديار بكر وسائر الأماكن التي يرغب بالصيد فيها وبها الصيد الكثير.
ولهذا العقاب شأن عظيم وهو لا يصلح إلا للعارف به، الذكي القوي الصبور، فإنه متى دخل في صنعة العقاب بغير معرفة خشي عليه العطب.
واعلم أنه مع الرجل الواحد الذي ليس معه رفيق عدو قوي.
(1/26)
حدثني ناصر الدين الكردي أن شخصاً من الغواة الصيادين كان معه عقاب فرماه على طريدة ففاتته، وكان صاحبه إذ ذاك فارساً، فطار العقاب وانقض على صاحبه فألقاه عن فرسه.
وذلك أنه متى أرسله وأراد أن يخلصه إذا صاد فإنه إذا لم يحسن السياسة فيه قتله إن شدد عليه، فمتى صاد العقاب وأردت أن تخلصه فاعمد إليه إن كان معك راس طري الدم تلقيه أمامه يشتغل به، وهذا أهون ما يكون وهو السالك بين الناس، وأما غير ذلك فإنك إذا جئته فمد يدك إلى سيفه وتشكره، وتجعل الشكارة في وتد في الأرض خشية على أنه إن خلص، يأخذ رجليك، فإن فعل ذلك فاقبض بيدك على منسره بحيث تسد منافسه ولا تشد يدك فإنه يخلى الصيد، فخذه منه واحمله على دابتك، ثم تقدم إلى العقاب واحمله على يدك، وهذا أسهل ما يكون، فإن كان معك رفيق، فتقدم أنت إليه، واقبض السيور التي في رجليه، وطبق عليها اليد التي في الكفة ثم اقبض باليمين على منسره كما ذكر لك هذا إن أردت أن تدفعه الطلق والاثنين والثلاثة ومتى ما أردت أن تشبعه فإن أشبعته جيداً فإنه يخلي الطريدة ويتركها من ذاته ومن دون الوسائط المقدم ذكرها.
وأطعم العقاب ما شئت من الصيد وإن أطعمته الكبد والقلب فهو جيد، إلا الرئة فإنه إذا أكلها دائماً فإنه يقل حيله، ونعت هذا العقاب في الصفة أن يكون عالي القمة، عريض الهامة واسع العينين، مستشرف الحاجبين، غليظ الساقين، كبير الكفين، ممتلئ الفخذين، وسيع الشفتين، طويل المنسر، مهول المنظر، حسن المخبر، طويل الذنب، قليل الشغب، شديد القلب يصيد الغزال والثعلب وابن آوى والأرنب، إذا دعي أجاب، وإذا رمي أصاب، منهم الشدق، بعيد الزرق، عريض الفرق، قليل الخطر، كثير الظفر، إذا ضرب كسر، وإذا قبض نسر، وإذا أعيد جسر، وخيرها الواسع المنخر، كبير الكف، قليل الكف، إذا ضرب قتل وإذا طلب حصل، وإن تبع وصل وإذا خلص أفصل وإذا شبك أنسل.
فهذا الجنس هو عقاب الصيد. وأما ألوان العقبان فمنها، الصفر وهو خير الألوان في هذا النوع، والأحمر وهو أقواها، والأسود وهو أجزلها والأخضر وهو أرداها والأرمك وهو أدناها فهذه خمسة ألوان، وينبغي للكواخ إذا صاد عقاباً وهو وحده فلا يتغافل عنه لئلا يعطب الكواخ فليحذر كل الحذر، ويحكى أن كواخاً صاد عقاباً وكتّفه ووضعه في الكوخ وإذا بأسد دخل عليه بعد أن كسر قضبان الباب، فأيقن الكواخ بالهلاك وأخذ ثيابه وألقمها الأسد فأخذها منه ثم ناوله مخلاة فأخذها فأمسك الكواخ العقاب بجناحيه وقدمه لصدر الأسد وهو يظنه مكتوف الجناحين والرجلين، وكانت قد انحلت كفا العقاب فألقاه بخيشوم الأسد، فقبض العقاب بكفيه على خيشوم الأسد وجناحاه مكتوفة وجعل الأسد يتخبط وخرج الأسد من عند الكواخ والعقاب لازم لخيشوم الأسد ووجد بعد ذلك الأسد وهو ميت فسبحان العليم بأحوال خلقه.
قال عيسى الأسدي: رئي بالموصل رجل مقطوع اليد وكان مولعاً بالعقبان وذاك أنه نام يوماً وقد ربط العقاب قريباً منه فمد يده وهو نائم في وهلة النوم فوصلت إلى العقاب فقبضها العقاب بكفيه إلى أن جرد لحمها، فلما أفاق الرجل قتل ذلك العقاب.
ورئي بمدينة الموصل عقاباً قتل نمراً، فتعجب به كل من رآه، وبقي العقاب بعد ذلك ليالي ومات.
ومن العجائب أن العقاب إذا رأى حماراً وحشياً، نظر إلى ما يكون بالقرب من ذاك الحمار، فإن كان ماءً ألقى نفسه في ذلك الماء ثم يخرج ويسط جناحيه على الرمل أو التراب ثم يطير إلى الحمار، والرمل في جناحيه، فيقبض وجه الحمار وينفض الرمل أو التراب في عينيه وأنكر الأسدي هذه الحكاية ولم يصب فقد يشاهد من هذا الحيوان ما هو أعجب من ذلك، ويرى من الطيور والنحل والذباب والحشرات أعجب ما يحكى.
وقد قال الأسدي: كل ما لا يشاهد بالعين لا يجوز أن يؤخذ بالقبول وهذا كلام لا يليق والشرائع ترده، وكأنه ينكر عجائب مصنوعات الله ولا أعجبني ذلك منه، وكل ما أنكره العقل من حيث الجملة لا يحتج به.
وإن فضلاء أهل المنطق حجبوا لتراكم نتائج العقل، وقد قيل شبه المنطق كالملح في الطعام على أن علم المنطق لا ينكر فإن أكثر المنطقية ينكرون الحقائق التي تكلم بها علماء الصوفية. واجتمعت بكبير منهم، عبد صالح معروف، وكان يعتقدني بمحبة فرايته ينكر بعض حقائق وقعت من الأولياء حجبه لا شك فيها العقل فلا حول ولا قوة إلا بالله.
(1/27)
قال محمد بن منكلي: ولا ينبغي المبالغة في الاشتغال بعلم المنطق إلا لرجل زاهد متورع، عالم بالشرائع، وأما من قرأ الشمسية أو غيرها أو رسالات في المنطق مثلاً ولم يكن قد أتقن الفقه والحديث وتزهد ثم قرأ أصول الدين وأصول الفقه وتدرب في العلوم الشرعية فإنه يسلم من آفات المنطق كتجهيل غيره، فإذا لم يكن كذلك فلا يعول على ما قرأه من علم المنطق.
ورأيت أكثرهم متكبرين معجبين، فلنعد إلى ما كنا فيه، وقد خرجنا عن المقصود.
وقد تقدم أن اللعب بالعقاب لا يصلح لكل أحد، والذي يصلح أن يلعب بها يكون عارفاً ذكياً، وهو أحسن الملعوب.
وقد تكره الملوك حمل العقاب على أيديهم إلا عند الحاجة للفرجة. وقد تجلب العقبان من المغرب، ومنها ما يوجد بالإسكندرية لكثرة الغزال في أرض تعرف بدير الزجاج وهو في مكان شرح قريب من البحر المالح يتوالد حوله الغزال وعنده الحباري والكروان والحبرج.
وأسماء العقبان في كل بلد غير اسمه في بلد آخر. وأهل العراق يسمون العقاب شيلمانياً، وفي بلاد الشام الشعيري وهو يشبه لون الشعير، والشليماني نسبة إلى حب يسمى بهذا الاسم، وهو يكون في الشعير، ويسمى في الشام الخافور وهذا العقاب من أحسن صورة في الطير، ويسمى أيضاً في بلاد الشط مما يلي جعبر والرها وحران وسروج إلى الموصل، الأبيض، وليس بأبيض لكن له صورة عجيبة وهو كبير في العقبان، يصيد معهم الغزال ولكن وحده فلا.
وهو أطير من كل عقاب وأخف وأحسن وألبق وأليق، ويسمى في بعض البلاد الفضي، وهو أحسن ما سمي به، ولونه أصفى من لون الكروان كثيراً.
وقيل أول من لعب بها أهل المغرب، وهم الروم، ذكر ذلك في الكتب القديمة، وقيل أن قيصر أهدى إلى كسرى أنوشروان عقاباً وكتب إليه أنها تعمل أكثر مما يعمل الصقر.
والعقاب أقل مونةً من سائر الضواري يأكل الكبد وغيرها. ويأكل لحم الكلب وغيره. ويبقى اليوم والخمسة لا يأكل ولا يخشى عليه وهذه عادته، وأكثر الخلق لا يرغب في العقاب إلا من أجل الغزال.
والعقاب الأسود ويسمى بالعراق الزنبوري، وهو وقح عظيم، غير أنه ألطف العقبان وجسده كله يشبه جسد الزرزور ما خلا ريش الجناحين، والطويل منه فلهذا سمي الزنبوري لأنه ينزل كالزنبور ولا يرجع، وأكثر ما يراد من هذا العقاب حسن لونه والفرجة عليه. وأنثى العقاب اللقوة، وفرخه الهيثم.
خواص العقاب: لسانه: من جفف لسانه وعلق عليه، ودخل على السلطان حاز مقبولاً عظيماً.
دمه: إذا طلي به ثدي امرأة قد انقطع لبنها عن ورم فيه نفعه، ويجفف دمه ويخلط مع إهليلج أصفر ويسخنا وتكتحل بها العين الوارمة، وأيضاً يطلى به العين الجربة من الخارج.
شحمه: يذاب بزيت وتدهن به المفاصل (ينفع لوجع) النقرس.
دماغه: يذاب بماء الفجل ويشربه من به ذات الجنب بماء حار.
مخه: يذاب بعسل ويصير على الجرح في الرأس يلحمه.
ريشه: إذا شد في عنق إنسان وسافر فإنه يقهر كل من يريد به سوءاً.
مخلبه: علقه عليك، فإن السباع والذئاب لا تقربك بإذن الله عز وجل.
عينه اليمنى: إذا علقت على صبي فإنه لا يبكي ولا يفزع.
عينه اليسرى: إذا علقت على من به حمى ربع أو مثلثة برئ منها.
دماغه أيضاً: إن سقي منه صبي قدر عدسه خرج شجاعاً.
ساقه: نافع للتعب تمسكه معك فلا تتعب.
جناحه: من دفنه في بيت قد دفن فيه سحراً أبطله.
مرارته: تحد البصر وتجلي الغشاوة، وتنفع من ابتداء نزول الماء في العين.
دخنة ريشه: تنفع من اختناق الأرحام.
زبله: يحلل الخنازير طلاءً عليها ويجلي الكلف والبثور اللينة بإذن الله تعالى.
باب ذكر العقبان وأجناسها ومعادنها وألوانها وأسمائها وأول من لعب بها والجيد منها والدون، والنادر واللطيف وما يستحب أن يؤخذ منها، ومن الذي يجوز أن يلعب بها والكامل منها وكيفية اللعب بها. وكم من جنس هي
اعلم أن العقبان سبعة أجناس، لكل جنس منها لون، فهي سبعة ألوان أيضاً. منها العقاب المعروف بين الناس، ويسمى عقاب الصيد، مع أن جميع العقبان تصيد وتصلح للصيد، أما هذا العقاب فإنه أبرش الذنب، وهو أحسن العقبان وأطيرها وهو يقع في جميع البلاد القريبة من الجبال، وأكثر ما يكون في بلاد الشام، وفي أرض الموصل إلى الجزيرة وسنجار وبلاد نصيبين وماردين وديار بكر وسائر الأماكن التي يرغب بالصيد فيها وبها الصيد الكثير.
ولهذا العقاب شأن عظيم وهو لا يصلح إلا للعارف به، الذكي القوي الصبور، فإنه متى دخل في صنعة العقاب بغير معرفة خشي عليه العطب.
واعلم أنه مع الرجل الواحد الذي ليس معه رفيق عدو قوي.
(1/26)
حدثني ناصر الدين الكردي أن شخصاً من الغواة الصيادين كان معه عقاب فرماه على طريدة ففاتته، وكان صاحبه إذ ذاك فارساً، فطار العقاب وانقض على صاحبه فألقاه عن فرسه.
وذلك أنه متى أرسله وأراد أن يخلصه إذا صاد فإنه إذا لم يحسن السياسة فيه قتله إن شدد عليه، فمتى صاد العقاب وأردت أن تخلصه فاعمد إليه إن كان معك راس طري الدم تلقيه أمامه يشتغل به، وهذا أهون ما يكون وهو السالك بين الناس، وأما غير ذلك فإنك إذا جئته فمد يدك إلى سيفه وتشكره، وتجعل الشكارة في وتد في الأرض خشية على أنه إن خلص، يأخذ رجليك، فإن فعل ذلك فاقبض بيدك على منسره بحيث تسد منافسه ولا تشد يدك فإنه يخلى الصيد، فخذه منه واحمله على دابتك، ثم تقدم إلى العقاب واحمله على يدك، وهذا أسهل ما يكون، فإن كان معك رفيق، فتقدم أنت إليه، واقبض السيور التي في رجليه، وطبق عليها اليد التي في الكفة ثم اقبض باليمين على منسره كما ذكر لك هذا إن أردت أن تدفعه الطلق والاثنين والثلاثة ومتى ما أردت أن تشبعه فإن أشبعته جيداً فإنه يخلي الطريدة ويتركها من ذاته ومن دون الوسائط المقدم ذكرها.
وأطعم العقاب ما شئت من الصيد وإن أطعمته الكبد والقلب فهو جيد، إلا الرئة فإنه إذا أكلها دائماً فإنه يقل حيله، ونعت هذا العقاب في الصفة أن يكون عالي القمة، عريض الهامة واسع العينين، مستشرف الحاجبين، غليظ الساقين، كبير الكفين، ممتلئ الفخذين، وسيع الشفتين، طويل المنسر، مهول المنظر، حسن المخبر، طويل الذنب، قليل الشغب، شديد القلب يصيد الغزال والثعلب وابن آوى والأرنب، إذا دعي أجاب، وإذا رمي أصاب، منهم الشدق، بعيد الزرق، عريض الفرق، قليل الخطر، كثير الظفر، إذا ضرب كسر، وإذا قبض نسر، وإذا أعيد جسر، وخيرها الواسع المنخر، كبير الكف، قليل الكف، إذا ضرب قتل وإذا طلب حصل، وإن تبع وصل وإذا خلص أفصل وإذا شبك أنسل.
فهذا الجنس هو عقاب الصيد. وأما ألوان العقبان فمنها، الصفر وهو خير الألوان في هذا النوع، والأحمر وهو أقواها، والأسود وهو أجزلها والأخضر وهو أرداها والأرمك وهو أدناها فهذه خمسة ألوان، وينبغي للكواخ إذا صاد عقاباً وهو وحده فلا يتغافل عنه لئلا يعطب الكواخ فليحذر كل الحذر، ويحكى أن كواخاً صاد عقاباً وكتّفه ووضعه في الكوخ وإذا بأسد دخل عليه بعد أن كسر قضبان الباب، فأيقن الكواخ بالهلاك وأخذ ثيابه وألقمها الأسد فأخذها منه ثم ناوله مخلاة فأخذها فأمسك الكواخ العقاب بجناحيه وقدمه لصدر الأسد وهو يظنه مكتوف الجناحين والرجلين، وكانت قد انحلت كفا العقاب فألقاه بخيشوم الأسد، فقبض العقاب بكفيه على خيشوم الأسد وجناحاه مكتوفة وجعل الأسد يتخبط وخرج الأسد من عند الكواخ والعقاب لازم لخيشوم الأسد ووجد بعد ذلك الأسد وهو ميت فسبحان العليم بأحوال خلقه.
قال عيسى الأسدي: رئي بالموصل رجل مقطوع اليد وكان مولعاً بالعقبان وذاك أنه نام يوماً وقد ربط العقاب قريباً منه فمد يده وهو نائم في وهلة النوم فوصلت إلى العقاب فقبضها العقاب بكفيه إلى أن جرد لحمها، فلما أفاق الرجل قتل ذلك العقاب.
ورئي بمدينة الموصل عقاباً قتل نمراً، فتعجب به كل من رآه، وبقي العقاب بعد ذلك ليالي ومات.
ومن العجائب أن العقاب إذا رأى حماراً وحشياً، نظر إلى ما يكون بالقرب من ذاك الحمار، فإن كان ماءً ألقى نفسه في ذلك الماء ثم يخرج ويسط جناحيه على الرمل أو التراب ثم يطير إلى الحمار، والرمل في جناحيه، فيقبض وجه الحمار وينفض الرمل أو التراب في عينيه وأنكر الأسدي هذه الحكاية ولم يصب فقد يشاهد من هذا الحيوان ما هو أعجب من ذلك، ويرى من الطيور والنحل والذباب والحشرات أعجب ما يحكى.
وقد قال الأسدي: كل ما لا يشاهد بالعين لا يجوز أن يؤخذ بالقبول وهذا كلام لا يليق والشرائع ترده، وكأنه ينكر عجائب مصنوعات الله ولا أعجبني ذلك منه، وكل ما أنكره العقل من حيث الجملة لا يحتج به.
وإن فضلاء أهل المنطق حجبوا لتراكم نتائج العقل، وقد قيل شبه المنطق كالملح في الطعام على أن علم المنطق لا ينكر فإن أكثر المنطقية ينكرون الحقائق التي تكلم بها علماء الصوفية. واجتمعت بكبير منهم، عبد صالح معروف، وكان يعتقدني بمحبة فرايته ينكر بعض حقائق وقعت من الأولياء حجبه لا شك فيها العقل فلا حول ولا قوة إلا بالله.
(1/27)
قال محمد بن منكلي: ولا ينبغي المبالغة في الاشتغال بعلم المنطق إلا لرجل زاهد متورع، عالم بالشرائع، وأما من قرأ الشمسية أو غيرها أو رسالات في المنطق مثلاً ولم يكن قد أتقن الفقه والحديث وتزهد ثم قرأ أصول الدين وأصول الفقه وتدرب في العلوم الشرعية فإنه يسلم من آفات المنطق كتجهيل غيره، فإذا لم يكن كذلك فلا يعول على ما قرأه من علم المنطق.
ورأيت أكثرهم متكبرين معجبين، فلنعد إلى ما كنا فيه، وقد خرجنا عن المقصود.
وقد تقدم أن اللعب بالعقاب لا يصلح لكل أحد، والذي يصلح أن يلعب بها يكون عارفاً ذكياً، وهو أحسن الملعوب.
وقد تكره الملوك حمل العقاب على أيديهم إلا عند الحاجة للفرجة. وقد تجلب العقبان من المغرب، ومنها ما يوجد بالإسكندرية لكثرة الغزال في أرض تعرف بدير الزجاج وهو في مكان شرح قريب من البحر المالح يتوالد حوله الغزال وعنده الحباري والكروان والحبرج.
وأسماء العقبان في كل بلد غير اسمه في بلد آخر. وأهل العراق يسمون العقاب شيلمانياً، وفي بلاد الشام الشعيري وهو يشبه لون الشعير، والشليماني نسبة إلى حب يسمى بهذا الاسم، وهو يكون في الشعير، ويسمى في الشام الخافور وهذا العقاب من أحسن صورة في الطير، ويسمى أيضاً في بلاد الشط مما يلي جعبر والرها وحران وسروج إلى الموصل، الأبيض، وليس بأبيض لكن له صورة عجيبة وهو كبير في العقبان، يصيد معهم الغزال ولكن وحده فلا.
وهو أطير من كل عقاب وأخف وأحسن وألبق وأليق، ويسمى في بعض البلاد الفضي، وهو أحسن ما سمي به، ولونه أصفى من لون الكروان كثيراً.
وقيل أول من لعب بها أهل المغرب، وهم الروم، ذكر ذلك في الكتب القديمة، وقيل أن قيصر أهدى إلى كسرى أنوشروان عقاباً وكتب إليه أنها تعمل أكثر مما يعمل الصقر.
والعقاب أقل مونةً من سائر الضواري يأكل الكبد وغيرها. ويأكل لحم الكلب وغيره. ويبقى اليوم والخمسة لا يأكل ولا يخشى عليه وهذه عادته، وأكثر الخلق لا يرغب في العقاب إلا من أجل الغزال.
والعقاب الأسود ويسمى بالعراق الزنبوري، وهو وقح عظيم، غير أنه ألطف العقبان وجسده كله يشبه جسد الزرزور ما خلا ريش الجناحين، والطويل منه فلهذا سمي الزنبوري لأنه ينزل كالزنبور ولا يرجع، وأكثر ما يراد من هذا العقاب حسن لونه والفرجة عليه. وأنثى العقاب اللقوة، وفرخه الهيثم.
خواص العقاب: لسانه: من جفف لسانه وعلق عليه، ودخل على السلطان حاز مقبولاً عظيماً.
دمه: إذا طلي به ثدي امرأة قد انقطع لبنها عن ورم فيه نفعه، ويجفف دمه ويخلط مع إهليلج أصفر ويسخنا وتكتحل بها العين الوارمة، وأيضاً يطلى به العين الجربة من الخارج.
شحمه: يذاب بزيت وتدهن به المفاصل (ينفع لوجع) النقرس.
دماغه: يذاب بماء الفجل ويشربه من به ذات الجنب بماء حار.
مخه: يذاب بعسل ويصير على الجرح في الرأس يلحمه.
ريشه: إذا شد في عنق إنسان وسافر فإنه يقهر كل من يريد به سوءاً.
مخلبه: علقه عليك، فإن السباع والذئاب لا تقربك بإذن الله عز وجل.
عينه اليمنى: إذا علقت على صبي فإنه لا يبكي ولا يفزع.
عينه اليسرى: إذا علقت على من به حمى ربع أو مثلثة برئ منها.
دماغه أيضاً: إن سقي منه صبي قدر عدسه خرج شجاعاً.
ساقه: نافع للتعب تمسكه معك فلا تتعب.
جناحه: من دفنه في بيت قد دفن فيه سحراً أبطله.
مرارته: تحد البصر وتجلي الغشاوة، وتنفع من ابتداء نزول الماء في العين.
دخنة ريشه: تنفع من اختناق الأرحام.
زبله: يحلل الخنازير طلاءً عليها ويجلي الكلف والبثور اللينة بإذن الله تعالى.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin