بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
الحمد لله ذي العَظمة والجبرُوت والكبْرياء والجَلال، والصَّلاة والسلام على معدن الأخلاق والمروءة، وإمام المتواضعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد؛ فقد روى مسلم بن الحجاج في صحيحه في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكبر قال: حدثنا أحمد بن يوسف الأزدي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي مسلم الأغر أنه حدثه، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العِزُّ إِزَارُه، وَالكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُه، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُه» ([1]).
من خلال هذا الحديث القدسي الشريف سنقف وقفات نتأمل فيها معانيه الغزيرة، وآدابه المنيفة، التي يَجْمُل بكل مؤمن ومؤمنة أن يتحلى بها، ويدعو إليها.
فمن المعاني المستمدة من الحديث:
1- أن الكبر صفة ملازمة للمولى سبحانه وتعالى، وخصيصة ربانية لا تليق إلا به، ولا يوصف به أحد من خلقه، وهي في نفس الوقت صفة نقص في حق المخلوق، فهي لا تنبغي إلا لله تعالى، فكل من دعا الناس إلى تبجيله وتعظيمه والخضوع له، وخوفه، ومحبته، ورجائه، ودعائه فقد نازع الله تعالى في حقوق ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فهو بذلك يستحق المهانة يوم القيامة، كما جاء في الحديث.
3- الكبر كبيرة من كبائر الذنوب، وهو أول ذنب ومعصية ارتكبت في حق المولى سبحانه وتعالى؛ وذلك حين امتنع إبليس اللعين عن السجود لأبينا آدم عليه السلام؛ لأنه رأى لنفسه الأفضلية والأسبقية فقال: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» ([2]).
4- الكبر باب من الشر خطير، من خلاله يرد على الإنسان الكثير من الأدواء، كالعُجب بالنفس، واحتقار الخلق، وسوء الظن بالناس، وسرعة الغضب، والانتقام، وحب السيطرة، والرياء، والمن والأذى، ورد الحق، وغمط الناس، كما جاء في الحديث: «الكبر بطر الحق، وغمط الناس» ([3])، فلا يقبل مشورة أحد، ولايأبه بنصيحة ناصح؛ لأنه ينظر إليه على أنه أقل منه: سنا، أو علما، أو مالا، أو مكانة وشرفا، فيصرفه غروره وكبره عن قبول الحق والإذعان إليه.
5- الكبر سبب من أسباب الشقاء والحرمان من جنة النعيم : «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» ([4])، والمتكبرون هم حطب جهنم، ووقود النار عن حارثة بن وهب الخزاعي عن النبي r قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جوَّاظ مستكبر»([5]). وعن أبي هريرة t قال: قال النبي r: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ»([6]).
أسأل الله العظيم الجليل أن يرزقنا التواضع وحسن الخلق، ويصرف عنا الكبر والأشر، ويجعلنا من أحاسن الناس أخلاقا، الموطئين أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، والحمد لله رب العالمين.
***************
هوامش المقال:
([1]) رقم: (2620)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 189)(رقم:552) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما.
([2]) الأعراف:12.
([3]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: باب تحريم الكبر وبيانه (131).
([4]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: باب تحريم الكبر وبيانه (131).
([5]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب باب: الكبر(5610).
([6])أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: قوله: (وتقول هل من مزيد) (4472).
*************
جريدة المصادر والمراجع:
الأدب المفرد: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (ت256هـ). بتخريجات وتعليقات الألباني، دار الصديق ـ السعودية ـ ط2 /1421هـ ـ 2000م.
الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، ت : د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، ط8، 1407هـ/1987م.
المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ﷺ: لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ت: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، الرياض، ط1، 1427هـ/2006م.
*راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
الحمد لله ذي العَظمة والجبرُوت والكبْرياء والجَلال، والصَّلاة والسلام على معدن الأخلاق والمروءة، وإمام المتواضعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد؛ فقد روى مسلم بن الحجاج في صحيحه في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكبر قال: حدثنا أحمد بن يوسف الأزدي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي مسلم الأغر أنه حدثه، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العِزُّ إِزَارُه، وَالكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُه، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُه» ([1]).
من خلال هذا الحديث القدسي الشريف سنقف وقفات نتأمل فيها معانيه الغزيرة، وآدابه المنيفة، التي يَجْمُل بكل مؤمن ومؤمنة أن يتحلى بها، ويدعو إليها.
فمن المعاني المستمدة من الحديث:
1- أن الكبر صفة ملازمة للمولى سبحانه وتعالى، وخصيصة ربانية لا تليق إلا به، ولا يوصف به أحد من خلقه، وهي في نفس الوقت صفة نقص في حق المخلوق، فهي لا تنبغي إلا لله تعالى، فكل من دعا الناس إلى تبجيله وتعظيمه والخضوع له، وخوفه، ومحبته، ورجائه، ودعائه فقد نازع الله تعالى في حقوق ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فهو بذلك يستحق المهانة يوم القيامة، كما جاء في الحديث.
3- الكبر كبيرة من كبائر الذنوب، وهو أول ذنب ومعصية ارتكبت في حق المولى سبحانه وتعالى؛ وذلك حين امتنع إبليس اللعين عن السجود لأبينا آدم عليه السلام؛ لأنه رأى لنفسه الأفضلية والأسبقية فقال: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» ([2]).
4- الكبر باب من الشر خطير، من خلاله يرد على الإنسان الكثير من الأدواء، كالعُجب بالنفس، واحتقار الخلق، وسوء الظن بالناس، وسرعة الغضب، والانتقام، وحب السيطرة، والرياء، والمن والأذى، ورد الحق، وغمط الناس، كما جاء في الحديث: «الكبر بطر الحق، وغمط الناس» ([3])، فلا يقبل مشورة أحد، ولايأبه بنصيحة ناصح؛ لأنه ينظر إليه على أنه أقل منه: سنا، أو علما، أو مالا، أو مكانة وشرفا، فيصرفه غروره وكبره عن قبول الحق والإذعان إليه.
5- الكبر سبب من أسباب الشقاء والحرمان من جنة النعيم : «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» ([4])، والمتكبرون هم حطب جهنم، ووقود النار عن حارثة بن وهب الخزاعي عن النبي r قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جوَّاظ مستكبر»([5]). وعن أبي هريرة t قال: قال النبي r: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ»([6]).
أسأل الله العظيم الجليل أن يرزقنا التواضع وحسن الخلق، ويصرف عنا الكبر والأشر، ويجعلنا من أحاسن الناس أخلاقا، الموطئين أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، والحمد لله رب العالمين.
***************
هوامش المقال:
([1]) رقم: (2620)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 189)(رقم:552) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما.
([2]) الأعراف:12.
([3]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: باب تحريم الكبر وبيانه (131).
([4]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: باب تحريم الكبر وبيانه (131).
([5]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب باب: الكبر(5610).
([6])أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: قوله: (وتقول هل من مزيد) (4472).
*************
جريدة المصادر والمراجع:
الأدب المفرد: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (ت256هـ). بتخريجات وتعليقات الألباني، دار الصديق ـ السعودية ـ ط2 /1421هـ ـ 2000م.
الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، ت : د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، ط8، 1407هـ/1987م.
المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ﷺ: لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ت: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، الرياض، ط1، 1427هـ/2006م.
*راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin