سلسلة العارف بالله ابي الفتح الواسطي وتلميذه عبدالعزيز الديريني رضي الله عنهما بين افتراء المدعين واقلام المنصفين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..
فلقد افاض الله تعالى من معين نور الوحي الكريم وهدي الرسالة النبوية الشريفة المطهرة لمعاتِ أنوارٍ وبارقاتِ ضياءٍ شعشعتْ على قلوب عباده المتقين فانساقت الحكمةُ الى قلوبهم وتحولت ببركة الصدق إلى ألسنتهم بفتح رباني مصداقا لما جاء في الأثر "من اخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع المعرفة من قلبه على لسانه" (ينظر :فيض القدير، المناوي، برقم ٨٣٦١، ٦/ ٤٣، وروي بطرق متعددة)، فكيف من جعل ليله ونهاره في سبيل الله ، فهذا شيخنا الإمام العالم الرباني الفقيه المفسر المحدث عبد العزيز الديريني تلميذ مولانا العارف بالله أبي الفتح الواسطي صاحب العلوم الغزيرة والأحوال العجيبة المذكورة والكرامات المشهورة والمصنفات الكثيرة والتي تربو على خمس وستين مؤلفا، جاء في الكواكب الدرية: (٢/ ٤٥٥) أنه كان من شأنه أن كل كتاب ألفه في بلد تركه فيه ولا يحمله، وقال الإمام الاسنوي في طبقات الشافعية (١/ ٢٩٦) : كان عالما صالحا سريع النظم ؛ ولأجل هذا فقدت الكثير من مؤلفاته، وبعضها لم يحقق ، ورغم ذلك نجد من ينكر عليه ثبوتَ بعضِ المؤلفات له ككتاب غاية التحرير منكرا صحة نسبته إليه وكأنه يستكثر تأليف كتاب يبين فيه فضل الطريقة التي انتساب إليها، رغم حبه الشديد لشيوخه الرفاعية وتصريحه بذلك مرارا وتكرارا فيقول مثلا في قصيدته اللامية يمدح فيها شيوخه الرفاعيين ويصفهم بأوصاف الكمال فيقول (ينظر: الطبقات الكبرى لابن الملقن : ٥٢١) :
إن الرفاعيين أصحابُ الوفا***والجود للعافي الملم المرملِ
كم فيهم من عارف ذي همةٍ*** أو صادقٍ عن عزمه لم يفشلِ
لا أنتهي لا أنثني عن حبهم *** كرِّرْ ملامي يا عذولي اعذلي
أناأحمدي أناأحمدي من أوجه***في ذكرِأحمدَ كل معنى اجتلي
ويتململ في ارجوزته الوجيزة بحب سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه ويفتخر بانتسابه إلى طريقته العلية وتعلق قلبه به قائلا (ينظر:طبقات الأولياء لابن الملقن :٥٢٤) :
وقد تعلقتُ بقطبِ العصرِ *** منهم فنحن في سناه نسري
شيخُ الأنامِ أحمدُ الرفاعي *** حينَ اتانا من حماه داعي
فلاحظ معي فرط حبه وشدة تعلقه بالسيد السند مولانا أحمد الرفاعي رضي الله عنه وأتباعه، ولا يخفى ما في دلالات الفاظه من صريح العبارات وواضح الإشارات على ذلك؛ لذا اقول ليس من المنطق أن لا نرى مؤلفا يؤلفه الديريني يمدح فيه محبوبه ويبرز فيه صفات وسمات وكرامات ومعالم الطريق ومنهج سيدي أحمد الرفاعي في التربية والسلوك والتزكية، فعلاوة على هذه الأبيات والاشعار من منظومة ارجوزته الوجيزة أو النونية نجده الف كتابا نثريا سماه غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان أحمد الرفاعي الكبير، وهذا الكتاب من الكتب التي ظلمت في التاريخ؛ حيث انكره المنكرون وادعوا عدم صحة نسبته للديريني بحجج واهية لا تمت للحقيقة والواقع بصلة ومنها عدم وجود مخطوط له وسنبين صحة هذا الكتاب للديريني وبطلان مزاعم المنكرين بإذن الله تعالى
واقول لهم :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد***
وينكر الفم طعم الماء من سقم ***
وكما ذكرنا بأنه ليس من المنطق أن يكون عالما مكثرا من التأليف وبهذا القدر من الحب والفناء في حب سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه وطريقه التي انتسب إليها عن خليفته العارف بالله أبي الفتح الواسطي رضي الله عنه ولا يترك أثرا يسطر فيه علامة ذلك وأشعاره وابياته التي نقلت إلينا تطفح دلالة عليه؛ إذن لابد من التأليف لأجله.
وعليه جاء غاية التحرير ليبرهن على صدق حبه وفرط ولعه بالطريقة التي انتسب إليها، فصرح وصدح معلنا أن فعله موافقا لقوله بهذا الكتاب المبارك.
أما من ناحية النقل فقد تأكد لنا بشكل لا يقبل المجال للتشكيك والانكار أن نسخا خطية عثرنا عليها لهذا الكتاب تقول للمنكرين تخرصوا وانكفئوا واعتذروا من العارف بالله الديريني ومن الصقتم تهمة الانتحال له وهو سيدي الإمام أبو الهدى الصيادي قدس سره الشريف وفيما يلي وصف لهذه المخطوطات
• نسخة خطية في المكتبة المركزية في جامعة الإمام ابن سعود في المملكة العربية السعودية برقم حفظ (٨٤٤/خ).
وصف النسخة : نسخة ملونة كتب على واجهتها (هذا كتاب غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدي احمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه للشيخ الإمام العالم الرباني ولي الله العارف المفسر المحدث القدوة سيدي عبدالعزيز بن احمد الديريني الشافعي الاحمدي رضي الله عنه ، مذكورا بعد العنوان ترجمته نقلت من شذرات الذهب لابن العماد ، ويبدو أن صاحب النسخة الذي خطها هو من الحق نص هذه الترجمة من الشذرات، وقد كتب أيضا تاريخ تقييد النسخة عند صاحبها نفسه في (٨-٤-١٣٧٨هـ) ، وكتبت النسخة بنوع خط واضح ومتقن بلونين الاحمر والاسود ، وقيد في مقدمتها سنة التأليف (٦٣١هـ)، ومكانه ببلدة نحارية (وهي إحدى قرى مركز كفر الزيات التابعة لمحافظة الغربية في مصر)، وسببه الرد على من أنكر نسب السيد احمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه، ورمزت لهذه النسخة الحرف (ع) ، ويبدو انها نقلت من نسخة أخرى أقدم منها او قوبلت بأخرى سابقة عليها ؛ لأنها صدرت بالقول : قال الشيخ الإمام العالم الرباني ولي الله العارف المفسر المحدث القدوة سيدي عبدالعزيز بن احمد الديريني الشافعي الاحمدي رضي الله عنه : الحمد لله حمدا تطمئن به قلوب المخلصين .. الخ ، والنسخة خلت من السقط والخلل ، كتبت في عشر لوحات في كل صفحة من اللوحة واحد وعشرون سطرا، كما لاحظت تصحيحا في لوحة رقم (٧) كتبت في الحاشية
• نسخة في المكتبة الوطنية الفرنسية برقم حفظ (Arabe6945)
وصف النسخة : نسخة مصورة من الأصل مرفوعة على جهاز التصوير بخط واضح ابتدأت بعين ما ابتدأت به النسخة الأولى غير انها خلت من الواجهة التي في النسخة (ع) ، وامتازت هذه النسخة التي رمزت لها بالحرف (د) بخط واضح اقلَ جودةً من خط النسخة (ع) وجاءت في إحدى عشر لوحة في كل صفحة منها واحد وعشرون سطرا .
• نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برقم إيداع (ب/ 22637 رقم 2) والنسخة مصورة من المكتبة البريطانية في لندن (NW1 2DB) قسم المجموعات الشرقية والمكتبة الهندية.
وصف النسخة : لم تختلف هذه النسخة والتي رمزت لها بالحرف (ج) عن النسخة (ع) و(د) بشكل عام إلا أنها اقل جودة من حيث الخط وتشاكلت مع النسخة (د) في عدم وجود واجهة العنوان كما في نسخة (ع)، وجاءت في تسع لوحات تتألف الصفحة من كل لوحة عدا اللوحة الأولى واللوحة الاخيرة- من واحد وعشرين سطرا ، وقد وجدت تصحيحا واحدا كتب على حاشية لوحة رقم (٦)
• نسخة في اليابان برقم (OR9089) .
وصف النسخة : لم نتمكن من الحصول عليها .
تحليل النسخ تاريخيا وعلميا : أثبتت النسخ الثلاث اسم الكتاب بالعنوان الآتي:
غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدي احمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه جاءت النسخ الثلاث التي بين أيدينا ، واستهل كتابه بمقدمة صدرها بما لا غنى عنه كالبسملة والحمدلة والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ابتدأ بركن مهم من أركان مقدمة وهو حسن الاستهلال بما يتناسب مع مقولة الجهة الغائية فقال رضي الله عنه : (أما بعد فإن عثرات اللسان من موجبات الهوان إن لم تغسل بماء التوبة والإنابة الى الله تعالى ، وتمحا آثارها بالاستغفار والخوف من الله، سيما إن أطلق اللسان في عبد الله الصالحين واحبابه المقربين ، وأوليائه العارفين، فإن ذلك والعياذ بالله من الخسران المبين ) .
ثم شرع في بيان سبب تأليفه الكتاب فقال :(ولما بلغني عن بعض المفتونين برياستهم ، الناطقين بوساوسهم سنة إحدى وثلاثين وستمائة ببلدة نحارية صب الله علينا وعلى ساكنيها سجال العفو والعافية أنه يقول نسب القطب الأعظم السيد أحمد الرفاعي في بني رفاعة القبيلة يوري بقطع نسبه الطاهر ، وحسبه الشريف الزاهر عن البيت النبوي ، والمجد العلوي ، عن غير علم ، ومن دون فهم ، فكتبت هذه الكراسة وجعلتها خلاصة كافية ، وزبدة وافية فهي الآن الله الحمد { غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدنا أحمد الرفاعي الكبير } رضي الله عنه .
ثم شرع في سلسلة مروياته عن شيوخه واقرانه بأسلوب المحدثين المتقنين الكبار ناقلا عنهم مباشرة أو بالواسطة وبالسند عن الطبقة الأولى من خلفاء سيدي أحمد الرفاعي في نسبه الشريف وبعض كرامته رضي الله عنه وفيما يأتي ذكر من نقل عنهم الأحاديث والأخبار :
1- الشيخ العارف بالله ابو الفتح الواسطي وهو شيخه المباشر الذي أخذ عنه الخرقة الرفاعية المباركة عن شيخه الإمام أحمد رضي الله عنه وهذا مسلم به مقطوع الصحة لا ينازع عليه أحد ، ويروي عنه الاخبار إما مباشرة لان ابا الفتح الواسطي قدس سره الشريف خدم السيد احمد الكبير الرفاعي ، وهو من اجلاء خلفائه ، أو بواسطة العارف بالله بهرام الدميري والخبر الأول الذي نقله الديريني فعنه مباشرة ، وقد استوقفتني عباراته حيث قال (لوحة ٢ /ع : " حدثنا الشيخ الجليل ابو الفتح الواسطي شيخ مشايخ الإسلام بالديار المصرية قبل وفاته بأيام يسيرة بمسجد الثغر بالإسكندرية أن سيدنا السيد احمد الرفاعي رضي الله عنه مكث أياما بعد وفاة خاله سيدي الباز الأشهب الشيخ السيد منصور البطائحي رضي الله عنه لا يصعد الكرسي قال ففي يوم صبح الخميس صعد المنبر ونحن حوله فقال رأيت في عالم المثال جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا احمد قم على منبر الطرفاء فأثن على من بعثني وعلي فإن فيك شعرة لا صبر لها عني هي السلطانية في ذاتك ". وكون يدقق النظر في هذا الرواية سيجد أمرين مهمين يتعلق بمولانا ابي الفتح الواسطي :
الأول: أن وفاته قبل سنة (٦٣١هـ) ؛ لأن الديريني صرح بأنه الف هذا الكراس فيها بعد سماعه خبر إنكار النسب الشريف فالفاء في قوله (فكتبت) واقعة في جواب الشرط والفاء مع جواب الشرط إذا كان ماضيا يدل على قرب تحقق وقوع الفعل وهذا يؤكد على انه كتبه بعد سماعه الإنكار، ومع ما ذكره من حديث الشيخ ابي الفتح الواسطي له قبل وفاته بأيام يسيرة بمسجد الثغر بالإسكندرية يتضح لنا أن حين توثيق الرواية هذه في كتابه هذا المؤلف في السنة المذكورة كان ابو الفتح ليس على قيد الحياة وانه قد مات قبل سنة التأليف فينتج لنا أن وفاة أبي الفتح قبل سنة (٦٣٢ هـ) على الأصح والارجح ، وليس كما يزعم مدعي تنقية التراث الرفاعي أن وفاته سنة (٦٣٢هـ)، وإن أمكن عقلا وذكر نقلا.
الثاني: أن أبا الفتح رضي الله عنه كان موجودا قبل سنة (٥٤٠هـ) وهي سنة وفاة مولانا الباز الاشهب سيدي منصور البطائحي رضي الله عنه، ويدل أيضا على أنه لم يكن صغيرا بل بالغا شابا يرافق القوم من الكبار في مجالسهم، ويتحمل عنهم الحديث والروايات، فقوله : (مكث أياما بعد وفاة خاله الباز الاشهب سيدي السيد منصور البطائحي... الخ) يدل عليه ، وقوله : (ففي يوم صبح الخميس صعد المنبر ونحن حوله.. الخ) يدل على أنه رضي الله عنه كان يلازم مجالس سيدي أحمد الرفاعي وأنه بالغ ليس صبيا صغيرا بل شابا يعي تحمُّلَ الأخبار والروايات، وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن يكون عمرُه حينذاك أكثرَ من ١٥ سنة والله اعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..
فلقد افاض الله تعالى من معين نور الوحي الكريم وهدي الرسالة النبوية الشريفة المطهرة لمعاتِ أنوارٍ وبارقاتِ ضياءٍ شعشعتْ على قلوب عباده المتقين فانساقت الحكمةُ الى قلوبهم وتحولت ببركة الصدق إلى ألسنتهم بفتح رباني مصداقا لما جاء في الأثر "من اخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع المعرفة من قلبه على لسانه" (ينظر :فيض القدير، المناوي، برقم ٨٣٦١، ٦/ ٤٣، وروي بطرق متعددة)، فكيف من جعل ليله ونهاره في سبيل الله ، فهذا شيخنا الإمام العالم الرباني الفقيه المفسر المحدث عبد العزيز الديريني تلميذ مولانا العارف بالله أبي الفتح الواسطي صاحب العلوم الغزيرة والأحوال العجيبة المذكورة والكرامات المشهورة والمصنفات الكثيرة والتي تربو على خمس وستين مؤلفا، جاء في الكواكب الدرية: (٢/ ٤٥٥) أنه كان من شأنه أن كل كتاب ألفه في بلد تركه فيه ولا يحمله، وقال الإمام الاسنوي في طبقات الشافعية (١/ ٢٩٦) : كان عالما صالحا سريع النظم ؛ ولأجل هذا فقدت الكثير من مؤلفاته، وبعضها لم يحقق ، ورغم ذلك نجد من ينكر عليه ثبوتَ بعضِ المؤلفات له ككتاب غاية التحرير منكرا صحة نسبته إليه وكأنه يستكثر تأليف كتاب يبين فيه فضل الطريقة التي انتساب إليها، رغم حبه الشديد لشيوخه الرفاعية وتصريحه بذلك مرارا وتكرارا فيقول مثلا في قصيدته اللامية يمدح فيها شيوخه الرفاعيين ويصفهم بأوصاف الكمال فيقول (ينظر: الطبقات الكبرى لابن الملقن : ٥٢١) :
إن الرفاعيين أصحابُ الوفا***والجود للعافي الملم المرملِ
كم فيهم من عارف ذي همةٍ*** أو صادقٍ عن عزمه لم يفشلِ
لا أنتهي لا أنثني عن حبهم *** كرِّرْ ملامي يا عذولي اعذلي
أناأحمدي أناأحمدي من أوجه***في ذكرِأحمدَ كل معنى اجتلي
ويتململ في ارجوزته الوجيزة بحب سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه ويفتخر بانتسابه إلى طريقته العلية وتعلق قلبه به قائلا (ينظر:طبقات الأولياء لابن الملقن :٥٢٤) :
وقد تعلقتُ بقطبِ العصرِ *** منهم فنحن في سناه نسري
شيخُ الأنامِ أحمدُ الرفاعي *** حينَ اتانا من حماه داعي
فلاحظ معي فرط حبه وشدة تعلقه بالسيد السند مولانا أحمد الرفاعي رضي الله عنه وأتباعه، ولا يخفى ما في دلالات الفاظه من صريح العبارات وواضح الإشارات على ذلك؛ لذا اقول ليس من المنطق أن لا نرى مؤلفا يؤلفه الديريني يمدح فيه محبوبه ويبرز فيه صفات وسمات وكرامات ومعالم الطريق ومنهج سيدي أحمد الرفاعي في التربية والسلوك والتزكية، فعلاوة على هذه الأبيات والاشعار من منظومة ارجوزته الوجيزة أو النونية نجده الف كتابا نثريا سماه غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان أحمد الرفاعي الكبير، وهذا الكتاب من الكتب التي ظلمت في التاريخ؛ حيث انكره المنكرون وادعوا عدم صحة نسبته للديريني بحجج واهية لا تمت للحقيقة والواقع بصلة ومنها عدم وجود مخطوط له وسنبين صحة هذا الكتاب للديريني وبطلان مزاعم المنكرين بإذن الله تعالى
واقول لهم :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد***
وينكر الفم طعم الماء من سقم ***
وكما ذكرنا بأنه ليس من المنطق أن يكون عالما مكثرا من التأليف وبهذا القدر من الحب والفناء في حب سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه وطريقه التي انتسب إليها عن خليفته العارف بالله أبي الفتح الواسطي رضي الله عنه ولا يترك أثرا يسطر فيه علامة ذلك وأشعاره وابياته التي نقلت إلينا تطفح دلالة عليه؛ إذن لابد من التأليف لأجله.
وعليه جاء غاية التحرير ليبرهن على صدق حبه وفرط ولعه بالطريقة التي انتسب إليها، فصرح وصدح معلنا أن فعله موافقا لقوله بهذا الكتاب المبارك.
أما من ناحية النقل فقد تأكد لنا بشكل لا يقبل المجال للتشكيك والانكار أن نسخا خطية عثرنا عليها لهذا الكتاب تقول للمنكرين تخرصوا وانكفئوا واعتذروا من العارف بالله الديريني ومن الصقتم تهمة الانتحال له وهو سيدي الإمام أبو الهدى الصيادي قدس سره الشريف وفيما يلي وصف لهذه المخطوطات
• نسخة خطية في المكتبة المركزية في جامعة الإمام ابن سعود في المملكة العربية السعودية برقم حفظ (٨٤٤/خ).
وصف النسخة : نسخة ملونة كتب على واجهتها (هذا كتاب غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدي احمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه للشيخ الإمام العالم الرباني ولي الله العارف المفسر المحدث القدوة سيدي عبدالعزيز بن احمد الديريني الشافعي الاحمدي رضي الله عنه ، مذكورا بعد العنوان ترجمته نقلت من شذرات الذهب لابن العماد ، ويبدو أن صاحب النسخة الذي خطها هو من الحق نص هذه الترجمة من الشذرات، وقد كتب أيضا تاريخ تقييد النسخة عند صاحبها نفسه في (٨-٤-١٣٧٨هـ) ، وكتبت النسخة بنوع خط واضح ومتقن بلونين الاحمر والاسود ، وقيد في مقدمتها سنة التأليف (٦٣١هـ)، ومكانه ببلدة نحارية (وهي إحدى قرى مركز كفر الزيات التابعة لمحافظة الغربية في مصر)، وسببه الرد على من أنكر نسب السيد احمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه، ورمزت لهذه النسخة الحرف (ع) ، ويبدو انها نقلت من نسخة أخرى أقدم منها او قوبلت بأخرى سابقة عليها ؛ لأنها صدرت بالقول : قال الشيخ الإمام العالم الرباني ولي الله العارف المفسر المحدث القدوة سيدي عبدالعزيز بن احمد الديريني الشافعي الاحمدي رضي الله عنه : الحمد لله حمدا تطمئن به قلوب المخلصين .. الخ ، والنسخة خلت من السقط والخلل ، كتبت في عشر لوحات في كل صفحة من اللوحة واحد وعشرون سطرا، كما لاحظت تصحيحا في لوحة رقم (٧) كتبت في الحاشية
• نسخة في المكتبة الوطنية الفرنسية برقم حفظ (Arabe6945)
وصف النسخة : نسخة مصورة من الأصل مرفوعة على جهاز التصوير بخط واضح ابتدأت بعين ما ابتدأت به النسخة الأولى غير انها خلت من الواجهة التي في النسخة (ع) ، وامتازت هذه النسخة التي رمزت لها بالحرف (د) بخط واضح اقلَ جودةً من خط النسخة (ع) وجاءت في إحدى عشر لوحة في كل صفحة منها واحد وعشرون سطرا .
• نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برقم إيداع (ب/ 22637 رقم 2) والنسخة مصورة من المكتبة البريطانية في لندن (NW1 2DB) قسم المجموعات الشرقية والمكتبة الهندية.
وصف النسخة : لم تختلف هذه النسخة والتي رمزت لها بالحرف (ج) عن النسخة (ع) و(د) بشكل عام إلا أنها اقل جودة من حيث الخط وتشاكلت مع النسخة (د) في عدم وجود واجهة العنوان كما في نسخة (ع)، وجاءت في تسع لوحات تتألف الصفحة من كل لوحة عدا اللوحة الأولى واللوحة الاخيرة- من واحد وعشرين سطرا ، وقد وجدت تصحيحا واحدا كتب على حاشية لوحة رقم (٦)
• نسخة في اليابان برقم (OR9089) .
وصف النسخة : لم نتمكن من الحصول عليها .
تحليل النسخ تاريخيا وعلميا : أثبتت النسخ الثلاث اسم الكتاب بالعنوان الآتي:
غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدي احمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه جاءت النسخ الثلاث التي بين أيدينا ، واستهل كتابه بمقدمة صدرها بما لا غنى عنه كالبسملة والحمدلة والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ابتدأ بركن مهم من أركان مقدمة وهو حسن الاستهلال بما يتناسب مع مقولة الجهة الغائية فقال رضي الله عنه : (أما بعد فإن عثرات اللسان من موجبات الهوان إن لم تغسل بماء التوبة والإنابة الى الله تعالى ، وتمحا آثارها بالاستغفار والخوف من الله، سيما إن أطلق اللسان في عبد الله الصالحين واحبابه المقربين ، وأوليائه العارفين، فإن ذلك والعياذ بالله من الخسران المبين ) .
ثم شرع في بيان سبب تأليفه الكتاب فقال :(ولما بلغني عن بعض المفتونين برياستهم ، الناطقين بوساوسهم سنة إحدى وثلاثين وستمائة ببلدة نحارية صب الله علينا وعلى ساكنيها سجال العفو والعافية أنه يقول نسب القطب الأعظم السيد أحمد الرفاعي في بني رفاعة القبيلة يوري بقطع نسبه الطاهر ، وحسبه الشريف الزاهر عن البيت النبوي ، والمجد العلوي ، عن غير علم ، ومن دون فهم ، فكتبت هذه الكراسة وجعلتها خلاصة كافية ، وزبدة وافية فهي الآن الله الحمد { غاية التحرير في نسب قطب العصر وغوث الزمان سيدنا أحمد الرفاعي الكبير } رضي الله عنه .
ثم شرع في سلسلة مروياته عن شيوخه واقرانه بأسلوب المحدثين المتقنين الكبار ناقلا عنهم مباشرة أو بالواسطة وبالسند عن الطبقة الأولى من خلفاء سيدي أحمد الرفاعي في نسبه الشريف وبعض كرامته رضي الله عنه وفيما يأتي ذكر من نقل عنهم الأحاديث والأخبار :
1- الشيخ العارف بالله ابو الفتح الواسطي وهو شيخه المباشر الذي أخذ عنه الخرقة الرفاعية المباركة عن شيخه الإمام أحمد رضي الله عنه وهذا مسلم به مقطوع الصحة لا ينازع عليه أحد ، ويروي عنه الاخبار إما مباشرة لان ابا الفتح الواسطي قدس سره الشريف خدم السيد احمد الكبير الرفاعي ، وهو من اجلاء خلفائه ، أو بواسطة العارف بالله بهرام الدميري والخبر الأول الذي نقله الديريني فعنه مباشرة ، وقد استوقفتني عباراته حيث قال (لوحة ٢ /ع : " حدثنا الشيخ الجليل ابو الفتح الواسطي شيخ مشايخ الإسلام بالديار المصرية قبل وفاته بأيام يسيرة بمسجد الثغر بالإسكندرية أن سيدنا السيد احمد الرفاعي رضي الله عنه مكث أياما بعد وفاة خاله سيدي الباز الأشهب الشيخ السيد منصور البطائحي رضي الله عنه لا يصعد الكرسي قال ففي يوم صبح الخميس صعد المنبر ونحن حوله فقال رأيت في عالم المثال جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا احمد قم على منبر الطرفاء فأثن على من بعثني وعلي فإن فيك شعرة لا صبر لها عني هي السلطانية في ذاتك ". وكون يدقق النظر في هذا الرواية سيجد أمرين مهمين يتعلق بمولانا ابي الفتح الواسطي :
الأول: أن وفاته قبل سنة (٦٣١هـ) ؛ لأن الديريني صرح بأنه الف هذا الكراس فيها بعد سماعه خبر إنكار النسب الشريف فالفاء في قوله (فكتبت) واقعة في جواب الشرط والفاء مع جواب الشرط إذا كان ماضيا يدل على قرب تحقق وقوع الفعل وهذا يؤكد على انه كتبه بعد سماعه الإنكار، ومع ما ذكره من حديث الشيخ ابي الفتح الواسطي له قبل وفاته بأيام يسيرة بمسجد الثغر بالإسكندرية يتضح لنا أن حين توثيق الرواية هذه في كتابه هذا المؤلف في السنة المذكورة كان ابو الفتح ليس على قيد الحياة وانه قد مات قبل سنة التأليف فينتج لنا أن وفاة أبي الفتح قبل سنة (٦٣٢ هـ) على الأصح والارجح ، وليس كما يزعم مدعي تنقية التراث الرفاعي أن وفاته سنة (٦٣٢هـ)، وإن أمكن عقلا وذكر نقلا.
الثاني: أن أبا الفتح رضي الله عنه كان موجودا قبل سنة (٥٤٠هـ) وهي سنة وفاة مولانا الباز الاشهب سيدي منصور البطائحي رضي الله عنه، ويدل أيضا على أنه لم يكن صغيرا بل بالغا شابا يرافق القوم من الكبار في مجالسهم، ويتحمل عنهم الحديث والروايات، فقوله : (مكث أياما بعد وفاة خاله الباز الاشهب سيدي السيد منصور البطائحي... الخ) يدل عليه ، وقوله : (ففي يوم صبح الخميس صعد المنبر ونحن حوله.. الخ) يدل على أنه رضي الله عنه كان يلازم مجالس سيدي أحمد الرفاعي وأنه بالغ ليس صبيا صغيرا بل شابا يعي تحمُّلَ الأخبار والروايات، وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن يكون عمرُه حينذاك أكثرَ من ١٥ سنة والله اعلم.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin