رسالة
النور الفائض من شمس الوحي
في
علم الفرائض
بقلم
حافظ بن أحمد الحكمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أقام الحجة والبرهان ، بإيضاح الدلالة والتبيان ، وكفى بالله حسيباً ، وشرع الشرائع والأحكام وبين الحلال والحرام وكان الله على كل شيء رقيباً ، وحد الحدود بقوله الفصل ، وفرض الفرائض بحكمه العدل ، وأعطى كل ذي حق حقه فرضاً وتعصيباً ، فصلها في ثلاث آيات بينات بأكمل تفصيل ، وبينها لعباده لئلا يضلوا عن سواء السبيل رأفة بهم ورحمة وتيسيراً لهم وتقريباً ، ووعد من وقف عند حدوده بجزيل الثواب ، ومن تعدى شيئاً منها بأليم العقاب ، بشارة لهم ونذارة وترغيباً وترهيباً ، أحمده وله الحمد في الأولى والآخرة ، وأشكره على فضله العظيم ونعمه المسبغة المتواترة ، وأسأله العلم النافع والعمل الصالح إنه كان سميعاً قريبا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحكم العدل اللطيف الخبير ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير e وعلى آله وصحبه وأتباعه الذين هم أولى الناس به وأحرصهم على اتباعه وأوفرهم من ميراثه حظاً ونصيباً .
" أما بعد " : فهذه رسالة في علم الفرائض مختصرة ، دانية القطاف يانعة الثمرة ، وافية بجمل هذا الفن ومفرداته ، جامعة لمتفرقه وشتاته ، موضحة لعويصه ومشكلاته ، حاوية المهم من أدلته ومستنداته ، لم تكن المختصرات بأيسر منها ، ولم تفضلها المطولات بزيادة عنها ، جمعتها رجاء الثواب ونصحاً للقاصرين مثلي من الطلاب وسميتها " بالنور الفائض " من شمس الوحي في علم الفرائض ، أسأل الله أن يجعل ذلك سعياً خالصاً لوجهه الكريم ، وسبباً للفوز لديه بجنات النعيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة : الأول : الحق المتعلق بعين التركة كالزكاة والجنايات وما أشبه ذلك . الثاني : مؤن التجهيز بالمعروف . الثالث : الديون المرسلة في الذمة . الرابع : الوصية لأجنبي بالثلث فأقل ، فلا تجوز الموارث إلا بإجازة الورثة لقوله e : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث – وفي رواية – إلا أن يشاء الورثة " ولا فيما زاد على الثلث لقوله e : " الثلث والثلث كثير " فإن أجاز الورثة الزيادة جازت عند الجمهور قياساً على الاستثناء المتقدم . الخامس : الإرث : وهو المقصود بالذات في علم الفرائض وله أركان وشروط وأسباب وموانع فأركانه ثلاثة : وارث ومورث وحق موروث ، وشروطه ثلاثة : تحقق حياة الوارث وتحقق موت المورث والعلم بجهة الإرث وبالدرجة التي اجتمعا فيها ، وأسبابه ثلاثة : " نكاح " وهو عقد الزوجية الصحيح ويرث به الزوج والزوجة أو الزوجات ، وهذا السبب خاص بالفرضية و " ولاء " وهو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق ويرث به المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم وهذا السبب خاص بالتعصيب و" نسب " وهو القرابة ويرث به الأبوان ومن أدلى بهما والأولاد ومن أدلى بهم وهذا السبب مشترك بين الفرض والتعصيب ، وموانعه ثلاثة : " رق " وهو عجز حكمي يقوم بالمرء سببه الكفر ويمنع من الجانبين لا يرث الرقيق ولا يورث ، و " قتل " وهو يمنع القاتل فقط دون المقتول لقوله e : " ليس للقاتل من الميراث شيء " أما المقتول فلو تأخر موته عن موت القاتل ورث ، و " اختلاف الدين " بأن يكون أحد المتوارثين مسلماً والآخر كافراً ، ويمنع من الجانبين لقوله e : " لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم " .
فصل : جملة الوارثين من الرجال والنساء على الاختصار سبعة عشر ، عشرة من الرجال وهم الابن وابنه وإن نزل ، والأب والجد وإن علا ، والأخ من أي جهة وابن الأخ لغير أم وإن تراخى ، والعم لغير أم وإن تباعد وابنه وإن قصى والزوج والمعتق ، وسبع من النساء .. وهن البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت من أي جهة والزوجة والمعتقة ، وعلى البسط خمسة وعشرون ، خمسة عشر من الرجال بتعداد جهات الأخوة ثلاث شقيق ولأب ولأم ، وبنو الأخوة من جهتين شقيق ولأب والعمومة من جهتين أيضاً شقيق ولأب ، وبنوهم من جهتين كذلك ، وعشر من النساء بتعداد جهتي الجدة لأب أو لأم وجهات الأخت ثلاث شقيقة ولأب ولأم .. وإذا اجتمع كل الوارثين من الرجال والنساء ورث منهم خمسة وهم الأبوان والولدان وأحد الزوجين أو من الرجال فقط فثلاثة : الأب والابن والزوج ، أو من النساء فقط فخمس البنت وبنت الابن والأم والأخت الشقيقة والزوجة .
فصل : الإرث المجمع عليه نوعان فرض وتعصيب ، فالفرض هو نصيب مقدر لوارث خاص لا ينقص إلا بالعول ولا يزيد إلا بالرد ، وهو في كتاب الله تعالى ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث والسدس وهي من جهة الأسباب ثلاثة أقسام ، مختص بالنكاح وهو الربع والثمن ومختص بالنسب وهو الثلثان والثلث والسدس ومشترك بينهما وهو النصف ، فالنصف : فرض خمسة واحدة من الرجال وهو الزوج ، وأربع من النساء وهي البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب ، فالزوج يستحقه بشرط عدمي وهو عدم الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ( والبنت تستحقه بشرطين عدميين عدم المشارك وعدم المعصب لقوله تعالى ) وإن كانت واحدة فلها النصف ( وبنت الابن تستحقه بثلاثة شروط عدمية عدم المشارك وعدم المعصب وعدم ولد الصلب وهي داخلة في مسمى البنت في الآية ، والأخت الشقيقة تستحقه بأربعة شروط عدمية عدم الفرع الوارث وعدم الأب ، وعدم المساوي والمعصب لقوله عز وجل ) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ( والكلالة هو من لم يخلف ولداً ولا والداً ، والأخت لأب تستحقه بخمسة شروط عدمية الأربعة المذكورة في الشقيقة ، والخامس عدم الشقيق ذكر أو أنثى وهي داخلة في مسمى الأخت في الآية والربع فرض الزوج والزوجة أو الزوجات فالزوج يستحقه بشرط وجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن ( والزوجة أو الزوجات بشرط عدم الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولهن الربع مما تركن إن لم يكن لكم ولد ( والثمن : فرض الزوجة أو الزوجات بشرط وجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم ( والثلثان : فرض أربعة أنواع من الورثة كلها من النساء وهن البنات وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب اثنتان فصاعداً فالبنات يستحقنه بشرط عدم المعصب لقوله عز وجل) فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ( ولقضاء رسول الله e لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين وبنات الابن يستحقنه بشرطين عدميين عدم ولد الصلب وعدم المعصب وهن داخلات في مسمى البنات في نص الآية ، والشقائق يستحققن بثلاثة شروط عدمية عدم الفرع الوارث ، وعدم الأب وعدم المعصب لقوله عز وجل في آية الكلالة ) فإن كانت اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ( وتقدم بيان الكلالة ، والأخوات لأب تستحقنه بأربعة شروط عدمية الثلاثة المذكورة في الشقائق والرابع عدم الشقيق ذكراً أو أنثى ، وهن داخلات في مسمى الأخوات في نص الآية والثلث فرض الأم والأخوة لأم اثنين فصاعداً ذكوراً أو إناثاً أو معاً فالأم تستحقه بشرطين عدميين عدم الفرع الوارث وعدم جمع الأخوة لقوله تعالى ) فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له أخوة فلأمه السدس ( ويستثنى من ذلك مسألتان ثبت لها فيهما ثلث الباقي باجتهاد الصحابة وذلك بأن يكون مع الأبوين أحد الزوجين فتأخذ ثلث ما بقي بعد فرض الزوجية وهو مع الزوج سدس ومع الزوجة ربع بالنسبة إلى التركة وإنما قيل ثلث الباقي تأدباً مع القرآن . والأخوة لأم يستحقونه بثلاثة شروط عدمية عدم الفرع الوارث وعدم الأب وعدم الجد لقوله عز وجل ) وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ( ومما فارقوا به بقية الأخوة أنهم يرثون مع من أدلوا به ومنها أنهم يحجبون بإناث الفرع الوارث وبالجد ، ومنها أن ذكرهم وإناثهم على السواء اجتماعاً وانفراداً ، ومنها أنهم لا يرثون من عقب أخيهم المذكور ولا يرث عقبهم منه0 ا هـ والله أعلم .
والسدس : فرض سبعة وهم الأب والأم والجد والجدة ، وبنت الابن والأخت لأب وولد الأم منفرداً ذكراً أو أنثى ، فالأبوان يستحقان بوجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ( والأم تستحقه بوجود جمع الأخوة أيضاً لقوله عز وجل ) فإن كان له إخوة فلأمه السدس ( والجد حكمه حكم الأب إلا في وجود الأخوة فعلى تفصيل سيأتي وإلا في العمريتين فلا تمنع الأم معه عن الثلث .
وبنت الابن تستحقه بشرط عدم المعصب ووجود بنت الصلب المستكملة لشروط النصف لحديث ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري وغيره أن النبي e قضى في بنت وبنت ابن وأخت بأن للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخت ، والأخت لأب تستحقه بشرط عدم المعصب ووجود الشقيقة المستكملة لشروط النصف قياساً مجمعاً عليه ( تنبيه ) لا يشترط في استحقاق بنت الابن والأخت لأب السدس أن تكون منفردة بل إن كن جمعاً اشتركن فيه ، وولد الأم يستحقه بالثلاثة شروط المتقدمة في الثلث والرابع كونه منفرداً لقوله عز وجل ) وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ( والجدة تستحقه بشرط عدم الأم إجماعاً وبشرط عدم من أدلت به على خلاف في الأب والجد هل يحجب الجدة من جهته أم لا سيأتي إن شاء الله في الحجب ، وإذا اجتمع الجدات من الجهتين واستوت درجتهن فالسدس بينهن على السواء لحديث عبد الرحمن بن يزيد مرسلاً أن رسول الله e أعطى ثلاث جدات السدس اثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم . وله أحاديث أخر تعضده وبذلك قضى الخلفاء الراشدون ، فإن اختلفت درجتهن وكانت القربى من جهة الأم حجبت بها الأخرى بلا خلاف وإن كانت القربى من جهة الأب فالراجح أنها لا تحجب البعدى من جهة الأم لكونها أقوى وأمكن في الأمومة وذلك لأنها مدلية بالأم تحجب الجدات من كل جهة ، والأخرى مدلية بالأب وهو لا يحجب إلا من كانت من جهته على خلاف فيه وبهذا قال مالك والشافعي وعند الحنفية أنها تسقطها جرياً على القاعدة وهي إسقاط الأبعد بالأقرب والقولان مرويان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ( تنبيه ) الجد الفاسد هو كل جد أدلى إلى الميت بأنثى مطلقاً والجدة الفاسدة هي التي أدلت بذكر بين أنثيين انتهى والله أعلم .
(تلخيص) جملة أهل الفروض الذين تكرروا فيها ثلاثة عشر ، أربعة من الرجال وهم الأب والجد في السدس ، والأخ لأم فيه منفرداً ، وفي الثلث إن كانوا أكثر من ذلك ، والزوج في النصف وفي الربع ، وتسع من النساء وهن البنت في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، وبنت الابن في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، وفي السدس مع بنت الصلب ، والأم في الثلث وفي السدس ، والجدة في السدس . والأخت الشقيقة في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، والأخت لأب في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً وفي السدس مع الشقيقة ، والأخت لأم في السدس منفردة وفي الثلث إن كن أكثر من ذلك ، والزوجة في الربع وفي الثمن انتهى .
فصل : التعصيب هو نصيب غير مقدر وأهله ثلاثة أقسام : عصبة بنفسه ، وعصبة بغيره ، وعصبة مع غيره ، فالعاصب بنفسه هو من إذا انفرد أخذ جميع المال وهم الابن وابنه والأب والجد والأخ الشقيق والأخ لأب وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب والعم الشقيق والعم لأب ، وابن العم الشقيق وابن العم لأب ، والمعتق وعصبة المعتق المتعصبون بأنفسهم ، والدليل قوله e : " الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر " وقوله e : " أيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا " متفق عليهما ، والعاصب بغيره هن ذوات النصف والثلثين بنات الصلب وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب كل منهن يعصبها أخوها فله مثلا حظها لقوله تبارك وتعالى في ميراث الأولاد : ) يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ( وقوله عز وجل في ميراث الأخوة النور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض(جزء1) Icon_smile وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ( وليس بعد الأخ لأب ذكر يعصب أنثى . والعاصب مع غيره هن الأخوات لأبوين أو لأب ، مع بنات الصلب أو بنات الابن لحديث ابن مسعود السابق أن النبي e قضى للأخت بالباقي بعد فرض البنت وبنت الابن0 اهـ .
حاصل أقسام الورثة أربعة : قسم يرث بالفرض فقط وهم الزوجان والأم والجدة من الجهتين وأولاد الأم . وقسم يرث بالتعصيب فقط وهم كل عاصب بنفسه ما عدا الأب والجد . وقسم يرث بالفرض تارة وبالتعصيب تارة ولا يجمع بينهما وهن العصبة بالغير ، يرثن بالفرض بمحض الأنوثة ، ويعصبن بالذكور . وقسم يرث بالفرض تارة وبالتعصيب أخرى ويجمع بينهما وهما الأب والجد ، فيرث أحدهما بالتعصيب عند عدم الفرع الوارث ، وبالفرض عند وجوده ذكراً مطلقاً ، أو أنثى واستغرقت الفروض ، ويجمع بينهما إذا كان الفرع الوارث أنثى ولم تستغرق الفروض0 ا هـ . والله أعلم .
فصل : الحجب لغة المنع وشرعاً نوعان حجب وصف وهو الموانع السابقة وحجب شخص وهو نوعان ، حجب نقصان ويدخل على جميع الورثة وهو سبعة أنواع ، انتقال من فرض إلى فرض أقل منه كانتقال الزوج بالفرع الوارث من النصف إلى الربع ، والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم به وبجمع الأخوة من الثلث إلى السدس ، وانتقال من فرض إلى تعصيب أقل منه كانتقال ذوات النصف منه إلى التعصيب بالغير ، وانتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه ، كانتقال العاصب بنفسه من جميع المال إلى الباقي بعد الفروض وكانتقال العاصب مع الغير إلى تعصيبه بالغير ، وانتقال من تعصيبه إلى فرض أقل منه كانتقال الأب والجد بالفرع الوارث من جميع المال إلى السدس ، والمزاحمة في الفرض كما أن للأنثيين من البنات الثلثين فكلما كثرن نقص حظ كل واحدة منهن ، والمزاحمة في التعصيب كما أن للابن إذا انفرد جميع المال وكلما كثروا نقص حظ كل واحد منهم ، والمزاحمة بالعول كما يصير سدس الأم في عول الستة إلى سبعة سبعاً ، وإلى ثمانية ثمناً ، وإلى تسعة تسعاً ، وإلى عشرة عشراً ، وحجب حرمان ولا يدخل على الأبوين ولا الولدين ولا الزوجين ، ويدخل على من عداهم ، فالجد يحجب بالأب فقط ، والجدات يحجبن بالأم من كل جهة قولاً واحداً وكذا الجدة من جهة الأم تحجب من فوقها من أي جهة بلا خلاف إلا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الجدتين إذا كن من جهتين تشتركن في السدس وإن تفاوتت درجتهن ، والجدة من جهة الأب تحجب كل جدة فوقها من جهتها ، واختلف في الأب هل يحجب الجدة من جهته فعن عثمان وعلي والزبير وابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنه يحجبها وعليه الشافعي ومالك وأبو حنيفة ورواية عن أحمد رحمهم الله ، وعن عمر وسعد أبي وقاص وابن مسعود أنها ترث معه وهو المشهور عند الحنابلة ، وحجة من حجبها به أنها أدلت بعصبة فلا ترث معه كالجد وابن الابن ، وحجة من لم يحجبها به حديث ابن مسعود عند الترمذي أن النبي e أعطاها السدس وابنها حي .
إلا أنه ضعفه عبد الحق وغيره ويجري الخلاف المذكور في الجد كذلك وأولاد الابن ذكرهم وإناثهم يحجبون بالبنين الذكور ، وأنثاهم بجمع البنات إن لم يكن لها أخ يعصبها ، والإخوة الأشقاء ذكرهم وأنثاهم يحجبون بالفرع الوارث الذكر وبالأب ، والأخوة لأب ذكرهم وأنثاهم يحجبون بمن ذكر وبالأخ الشقيق ، وبالشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير ، وأنثاهم بجمع الشقائق إن لم يكن لها أخ يعصبها . وأولاد الأم يحجبون بالأب والجد والفرع الوارث ، وابن الأخ الشقيق يحجب بالفرع الوارث الذكر وبالأب والجد والأخ الشقيق والأخ لأب والأخت شقيقة أو لأب إذا كانت عصبتين مع الغير ، وابن الأخ لأب يحجب بمن ذكر وبابن الأخ الشقيق ، والعم الشقيق يحجب بمن ذكر وبابن الأخ لأب ، والعم لأب يحجب بمن ذكر وبالعم الشقيق ، وابن العم الشقيق يحجب بمن ذكر وبالعم لأب ،وابن العم لأب يحجب بمن ذكر وبابن العم الشقيق وهكذا ترتيب الأقارب إلى آخرهم . وكل من لا يرث إلا بالتعصيب فقط فإنه يسقط باستغراق الفروض ، إلا الأشقاء في مسألة المشتركة فعلى الخلاف الآتي ، وكل من أدلى بواسطة فلا يرث مع وجودها إلا الأخوة لأم فلا تسقطهم باتفاق ، وإلا الجدة من جهة الأب فعلى الخلاف السابق .
مسألة : المشركة هي زوج وأم وأخوة لأم جمعاً ، وأشقاء عصبة ولو واحداً ، في هذه المسألة مذهبان الأول : إسقاط الأشقاء باستغراق الفروض ، وبه قضى الفاروق عمر رضي الله عنه أولاً ، وروي عن علي رضي الله عنه وأبي موسى رضي الله عنه وأبي بن كعب رضي الله عنه وهو أحد الروايتين عن ابن عباس وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال الشعبي وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وهو مروي عن أحمد رحمهم الله تعالى ، والثاني : أن الأشقاء يشاركون الأخوة لأم في ثلثهم وبه قضى عمر رضي الله عنه آخراً .
ولما قيل له في ذلك قال ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ولم ينقض أحد الاجتهادين بالآخر ، وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه أيضاً وهو أشهر الروايتين عن زيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهما وهو قول شريح وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين ، ومسروق وطاوس والثوري ومالك والشافعي رحمهم الله ، وحجتهم أن الأشقاء مثل الأخوة لأم في الإدلاء بها والأب لم يزدهم إلا بعدا .
والأول أقرب إلى الدليل لقوله e : " الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر " وهنا لم تبق الفرائض شيئاً فهو الراجح وإن كان الأكثرون على الثاني ، وكون الأشقاء مدلين بالأم لم يخرجهم من كونهم أشقاء عصبة . ولم ينقلهم ذلك من الإرث بالتعصيب إلى الإرث بالفرض . وإلغاء الأب مجرد دعوى ، والإرث إنما تلقوه عن الهالك لا عن الأم التي استووا في الإدلاء بها ، فإذا ماتت فليشاركوهم في ميراثها فالأولى الوقوف مع الحديث والقول بظاهره وإلحاق الفرائض بأهلها وبالله التوفيق .
فصل : اختلف في توريث الأخوة الأشقاء أو للأب مع الجد ، فمذهب الجمهور ومنهم الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم أن الأخوة لا يسقطون به ، وبذلك قال الشعبي وابن أبي ليلى والمغيرة والضبي والحسن بن صالح وهشيم بن بشر وضرار بن صرد وابن شبرمة وأهل المدينة وأهل الشام وسفيان الثوري ونص عليه الشافعي وذهب إليه مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وأبو يوسف ومحمد واللؤلؤي وأبو عبيد وأكثر الشافعية رحمهم الله تعالى .
وقال الصديق أبو بكر رضي الله عنه وابن عباس وابن الزبير وعائشة وعبادة بن الصامت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري ، وعمران بن حصين ، وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله وأبو الطفيل رضي الله عنهم إن الجد يسقطهم كالأب وبه قال عطاء وطاوس وقتادة وعثمان البستي وجابر بن يزيد والحسن البصري وسعيد بن جبير وابن سيرين وعبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأبو حنيفة وزفر والحسن بن زيادة . ونعيم بن حماد وداود وإسحاق بن راهويه وابن جرير الطبري ، واختاره من الشافعية المزني وأبو ثور وابن سريج وابن اللبان ، ومحمد بن نصر المروزي والأستاذ أبو منصور البغدادي رحمهم الله تعالى ، واحتج أهل هذا المذهب بكون القرآن قد صرح بأبوته في غير موضع فقال تعالى ) ملة أبيكم إبراهيم( , )كما أخرج أبويكم من الجنة ( وغير ذلك ، وقال ابن عباس رضي الله عنه ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أباً ، وقال أيضاً ، أما الذي قال رسول الله e : " لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذته ولكن خلة الإسلام أفضل – أو قال – خير " فإنما أنزله أباً – أو قال قضاه أباً ، قالوا ولم يرو أن أحداً خالف أبا بكر في ذلك الزمن والصحابة يومئذ متوافرون : واحتج أهل المذهب الأول بأن كلاً من الجد والأخوة مدل بالأب والفرع أقوى من الأصل لأنه حين مات من أدلوا به وهو الأب لم يرث الجد مع الذكر منهم غير السدس ، وقد يبقى له بعد فرض الأنثى زيادة عليه وقد لا يبقى ، وبأنه إذا كان الأب حياً استوى الجد والأخوة في السقوط به فبم يفضلهم إذا مات ، وشبه علي رضي الله عنه الجد بالنهر الكبير والأب بخليج من ذلك النهر ، والميت وأخاه بساقيتين من ذلك الخليج ، والساقية إلى الساقية أقرب منها إلى النهر فإنها إذا سدت رجع ماؤها إلى الأخرى لا يرجع إلى النهر ، وشبهه زيد بن ثابت رضي الله عنه بساق الشجر والأب بغصن من أغصانها ، والأخوة بفروع من ذلك الغصن فإذا قطع فرع امتص الآخر ما كان يمتصه ولا يرجع ماؤه إلى الأصل وأجابوا عن إطلاق الأبوة عليه بأنه لا يلزم منه تسويته بالأب في كل مسألة ، وقد أطلق النبي e على أن ابن بنته الحسن رضي الله عنه البنوة فقال " إن ابني هذا سيد " ومعلوم ابن البنت ليس له حكم الابن في الميراث وللأب مزايا على الجد منها أنه لا يسقط بحال والجد يسقط به ، ومنها أن الأم معه تأخذ ثلث الباقي في الغراوين ومع الجد تستكمل الثلث وأنتم متفقون معنا على ذلك ودعوى الإجماع غير مسلمة بل من شرك أكثر ممن أسقط الأخوة ويمكن الآخرين أعني المسقطين أن يجيبوا عن الاستواء في الإدلاء بالأب بأن يقولوا : ليسوا سواء في إدلائهم به لأن الجد مدل بالأبوة فقط وإن علا والأخ مدل ببنوة الأبوة لكن يجيب الآخرون بأن يقولوا إذا قلتم إن هذا ابن أبيه ، قلنا وذاك أبو أبيه فلا مفاضلة حينئذ ، ولكل من الفريقين أدلة وأجوبة عن أدلة الآخر غير ما ذكرنا والمسألة من مسارح الاجتهاد ومعارك الأنظار ، وليس قول المجتهد حجة على الآخر ، فمن رجح عنده شيء باجتهاده فليقل به من غير اعتراض على أحد بلا دليل واضح وبالله التوفيق .
وأما التقسيم فهو على مذهب من يسقطهم به غير مشكل ، وأما أهل التشريك فاختلفوا في كيفيته على اختيارات واجتهادات أشهرها ما اختاره زيد بن ثابت وجمهور الصحابة رضي الله عنهم وعليه مالك والشافعي وجمهور الحنابلة رحمهم الله تعالى ، وحاصله أنه إما أن يكون مع الجد والأخوة صاحب فرض أو لا يكون . فعند عدم أصحاب الفروض يعطى للجد الأحظ من المقاسمة . أو ثلث الجميع وقد يستويان فضابط أحظية المقاسمة أن يكون الأخوة أقل من مثليه ، وينحصر في خمس صور وهي ، جد وأخت جد وأخ ، جد وأختان، جد وأخ وأخت وجد وثلاث أخوات وضابط أحظيته الثلث أن يكون الأخوة أكثر من مثليه وأقل ما يتصور فيه ذلك ثلاث صور ، جد وأخوان وأخت ، جد وأخ وثلاث أخوات ، جد وخمس أخوات ، ولا تنحصر صوره إذ لا حد لا كثرة ، وضابط استواء الوجهين أن يكون الأخوة مثليه فقط وينحصر في ثلاث صور ، جد وأخوين جد وأخ وأختين ، جد وأربع أخوات ، وعند وجود صاحب فرض معهم إما أن تستغرق الفروض فيعال له سدسه ، كجد وبنتين وزوج وأم ، أو يبقى أقل من السدس فيعال له تكملته كما إذا لم تكن في هذه المسألة أم، أو يبقى السدس فقط فيأخذه كما إذا لم يكن في هذه المسألة زوج وفي هذه الثلاث يسقط الإخوة باستغراق الفروض وإن فضل أكثر من ذلك فله معهم الأحظ من أمور ثلاثة : المقاسمة أو ثلث الباقي أو السدس ، ولا ينقص عنه وقد يستوي اثنان منها وقد يستوي الثلاثة ، وذلك أن الفرض الذي يبقى بعده زيادة عن السدس إما أن يكون نصفاً أو أقل منه أو أكثر ودون الثلثين أو الثلثين أو قدرهما أو أكثر ، فإن كان الفرض نصفاً وكان الإخوة مثليه كجد وأخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات مع زوج أو بنت أو بنت ابن استوى له المقاسمة . وثلث الباقي والسدس . وإن كانوا أقل من مثليه . كأخت . أو أخ . أو أختين أوأخ وأخت ، أو ثلاث أخوات . فالأحظ له المقاسمة فقط وإن كانوا أكثر من مثليه كأخوين وأخت فصاعداً . استوى له ثلث الباقي والسدس . وإن كان الفرض أقل من النصف بأن كان ربعاً كزوجة أو سدساً كأم أو جدة أو سدساً وربعاً كزوجة مع إحداهما . فإن كان الأخوة مثليه استوى له المقاسمة وثلث الباقي . وإن كانوا أقل من مثليه فالأحظ له المقاسمة وإن كانوا أكثر من مثليه فالأحظ له ثلث الباقي فقط . وإن كان الفرض أكثر من النصف ودون الثلثين بأن كان نصفاً وثمناً كبنت أو بنت ابن وزوجة فإن كان الإخوة مثله فأقل كأخت أو أخ أو أختين فالأحظ له المقاسمة وإن كانوا أكثر من ذلك كأخ وأخت فصاعداً فالأحظ السدس . وإن كان الفرض ثلثين كبنتين أو بنتي ابن أو بقدرهما بأن كان نصفاً وسدساً كبنت أو بنت ابن وأم أو بنت و بنت ابن . فإن كان الأخوة مثله كأخ أو أختين استوى له المقاسمة والسدس . وإن كان أختاً واحدة فالأحظ له المقاسمة . وإن كانوا أكثر من مثله كأخ وأخت فصاعداً فالأحظ له السدس . وإن كان الفرض أكثر من الثلثين بأن زاد ثمنها كبنتين أو بنتي ابن وزوجة فليس له إلا السدس . لأن الآخرين ينقصانه عنه .
حاصل ما ذكر للجد مع الأخوة عشرة أحوال : ثلاثة مع عدم أصحاب الفروض وهي : أحظية المقاسمة : أحظية ثلث الجميع : استواء الوجهين : وسبعة مع وجودهم وهي : أحظية المقاسمة أحظية ثلث الباقي أحظية السدس . استواء المقاسمة وثلث الباقي . استواء المقاسمة والسدس . استواء ثلث الباقي والسدس . استواء الثلاثة ، تلك عشرة أحوال لا يخرج عنها مسائل المعادة . اعلم أن ما تقدم هو حكم الجد مع الأخوة الأشقاء على انفرادهم . أو لأب على انفرادهم فإن اجتمعوا من الجهتين وكان الأشقاء مثلي الجد فصاعداً فوجود الأخوة لأب كعدمهم وإن كانوا أقل من مثليه احتاجوا إلى الأخوة لأب فيما يكملهم مثليه حتى إذا أخذ الجد حظه فحكم الإخوة من الفريقين كحكمهم مع عدمه فالشقيقة تأخذ إلى النصف فإن نقص عنه فلا شيء لها غيره وإن زاد عنه شيء فالزائد للإخوة لأب ، والشقيقتان فصاعداً يأخذن إلى الثلثين فإن نقص فليس لهن غيره ، ولا يزيد عنه شيء والشقيق الذكر يسقطهم مطلقاً كما تقدم في الحجب ، وكون الأخوة الأشقاء أقل من مثليه ينحصر في خمس صور وهي : شقيقة ، شقيق ، شقيقتين ، شقيق وشقيقة ، ثلاث شقائق فيتصور مع الشقيقة خمس صور أخت لأب ، وأخ لأب ، أختين لأب ، أخ وأخت لأب ، ثلاث أخوات لأب ، ومع الشقيق ثلاث صور ، أخت لأب ، أخ لأب ، أختين لأب ، ومثله مع الشقيقين أيضاً ، ومع الشقيق والشقيقة أخت لأب فقط ، وكذا مع ثلاث شقائق فهذه ثلاث عشرة صورة ، ثم إما أن يكون معهم ذو فرض أو لا يكون ، والفرض معهم إما أن يكون سدساً أو ربعاً ، أو سدساً وربعاً معاً ، أو نصفاً ، وهذه الأربعة الفروض تقع في كل من الثلاث عشرة مسألة ، فهي إذاً اثنتان وخمسون مسألة حاصل ضرب أربعة في ثلاث عشرة مسألة ، مع الثلاث عشرة السابقة تبلغ خمساً وستين مسألة ، بقي ما إذا كان الفرض نصفاً وثمناً فالشقيقة يتصور معها أخت لأب ، أو أخ لأب ، أو أختين لأب ، ومع الشقيق أخت لأب ومثله الشقيقتين ، أو كان نصفاً وسدساً أو ثلثين ، فالشقيقة تحتاج في كل منهما إلى أخت لأب فجملة مسائل المعادة اثنتان وسبعون مسألة .
مسألة : لا يفرض للأخت شقيقة أو لأب ، مع الجد إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وجد وأخت فأصلها ستة وتعول إلى تسعة للأم الثلث اثنان ، وللزوج النصف ثلاثة ، وللأخت النصف ثلاثة وللجد السدس واحد ، ثم يضيف سدسه إلى نصفها ويقاسماها كأخ فرؤوسهم ثلاثة مضروبة في تسعة تصح من سبعة وعشرين فللأم الثلث اثنان في ثلاثة بستة ، وللزوج النصف ثلاثة في ثلاثة بتسعة والباقي اثنا عشر للجد ثمانية وللأخت أربعة هكذا روى عن زيد بن ثابت وعليه الشافعي والجمهور رحمهم الله تعالى وهو اجتهاد جار على غير أصله الذي هو إسقاط الأخوة إذا استغرقت الفروض وروي عنه أيضاً سقوطها باستغراق الفروض جرياً على أصله وروي عنه التوقف وقال علي رضي الله عنه أن للزوج النصف ، وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس فتعول إلى تسعة ولكن لا يشاركها الجد بل تستقل بفرضها و يكتفى بفرضه ، وعن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما للزوج النصف وللأم السدس ، وللأخت النصف وللجد السدس فتعول إلى ثمانية ، وقال أبو بكر وابن عباس ومن تابعهما يأخذ الجد الباقي بعد نصف الزوج وثلث الأم كما تقدم قولهم ، وقال أبو ثور رحمه الله تعالى للزوج النصف وللأم ثلث الباقي والباقي للجد كالغراء والله أعلم .
بقية الكتاب في الجزء الثاني إن شاء الله تعالي
أعجبنيلم يعجبني
النور الفائض من شمس الوحي
في
علم الفرائض
بقلم
حافظ بن أحمد الحكمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أقام الحجة والبرهان ، بإيضاح الدلالة والتبيان ، وكفى بالله حسيباً ، وشرع الشرائع والأحكام وبين الحلال والحرام وكان الله على كل شيء رقيباً ، وحد الحدود بقوله الفصل ، وفرض الفرائض بحكمه العدل ، وأعطى كل ذي حق حقه فرضاً وتعصيباً ، فصلها في ثلاث آيات بينات بأكمل تفصيل ، وبينها لعباده لئلا يضلوا عن سواء السبيل رأفة بهم ورحمة وتيسيراً لهم وتقريباً ، ووعد من وقف عند حدوده بجزيل الثواب ، ومن تعدى شيئاً منها بأليم العقاب ، بشارة لهم ونذارة وترغيباً وترهيباً ، أحمده وله الحمد في الأولى والآخرة ، وأشكره على فضله العظيم ونعمه المسبغة المتواترة ، وأسأله العلم النافع والعمل الصالح إنه كان سميعاً قريبا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحكم العدل اللطيف الخبير ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير e وعلى آله وصحبه وأتباعه الذين هم أولى الناس به وأحرصهم على اتباعه وأوفرهم من ميراثه حظاً ونصيباً .
" أما بعد " : فهذه رسالة في علم الفرائض مختصرة ، دانية القطاف يانعة الثمرة ، وافية بجمل هذا الفن ومفرداته ، جامعة لمتفرقه وشتاته ، موضحة لعويصه ومشكلاته ، حاوية المهم من أدلته ومستنداته ، لم تكن المختصرات بأيسر منها ، ولم تفضلها المطولات بزيادة عنها ، جمعتها رجاء الثواب ونصحاً للقاصرين مثلي من الطلاب وسميتها " بالنور الفائض " من شمس الوحي في علم الفرائض ، أسأل الله أن يجعل ذلك سعياً خالصاً لوجهه الكريم ، وسبباً للفوز لديه بجنات النعيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة : الأول : الحق المتعلق بعين التركة كالزكاة والجنايات وما أشبه ذلك . الثاني : مؤن التجهيز بالمعروف . الثالث : الديون المرسلة في الذمة . الرابع : الوصية لأجنبي بالثلث فأقل ، فلا تجوز الموارث إلا بإجازة الورثة لقوله e : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث – وفي رواية – إلا أن يشاء الورثة " ولا فيما زاد على الثلث لقوله e : " الثلث والثلث كثير " فإن أجاز الورثة الزيادة جازت عند الجمهور قياساً على الاستثناء المتقدم . الخامس : الإرث : وهو المقصود بالذات في علم الفرائض وله أركان وشروط وأسباب وموانع فأركانه ثلاثة : وارث ومورث وحق موروث ، وشروطه ثلاثة : تحقق حياة الوارث وتحقق موت المورث والعلم بجهة الإرث وبالدرجة التي اجتمعا فيها ، وأسبابه ثلاثة : " نكاح " وهو عقد الزوجية الصحيح ويرث به الزوج والزوجة أو الزوجات ، وهذا السبب خاص بالفرضية و " ولاء " وهو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق ويرث به المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم وهذا السبب خاص بالتعصيب و" نسب " وهو القرابة ويرث به الأبوان ومن أدلى بهما والأولاد ومن أدلى بهم وهذا السبب مشترك بين الفرض والتعصيب ، وموانعه ثلاثة : " رق " وهو عجز حكمي يقوم بالمرء سببه الكفر ويمنع من الجانبين لا يرث الرقيق ولا يورث ، و " قتل " وهو يمنع القاتل فقط دون المقتول لقوله e : " ليس للقاتل من الميراث شيء " أما المقتول فلو تأخر موته عن موت القاتل ورث ، و " اختلاف الدين " بأن يكون أحد المتوارثين مسلماً والآخر كافراً ، ويمنع من الجانبين لقوله e : " لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم " .
فصل : جملة الوارثين من الرجال والنساء على الاختصار سبعة عشر ، عشرة من الرجال وهم الابن وابنه وإن نزل ، والأب والجد وإن علا ، والأخ من أي جهة وابن الأخ لغير أم وإن تراخى ، والعم لغير أم وإن تباعد وابنه وإن قصى والزوج والمعتق ، وسبع من النساء .. وهن البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت من أي جهة والزوجة والمعتقة ، وعلى البسط خمسة وعشرون ، خمسة عشر من الرجال بتعداد جهات الأخوة ثلاث شقيق ولأب ولأم ، وبنو الأخوة من جهتين شقيق ولأب والعمومة من جهتين أيضاً شقيق ولأب ، وبنوهم من جهتين كذلك ، وعشر من النساء بتعداد جهتي الجدة لأب أو لأم وجهات الأخت ثلاث شقيقة ولأب ولأم .. وإذا اجتمع كل الوارثين من الرجال والنساء ورث منهم خمسة وهم الأبوان والولدان وأحد الزوجين أو من الرجال فقط فثلاثة : الأب والابن والزوج ، أو من النساء فقط فخمس البنت وبنت الابن والأم والأخت الشقيقة والزوجة .
فصل : الإرث المجمع عليه نوعان فرض وتعصيب ، فالفرض هو نصيب مقدر لوارث خاص لا ينقص إلا بالعول ولا يزيد إلا بالرد ، وهو في كتاب الله تعالى ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث والسدس وهي من جهة الأسباب ثلاثة أقسام ، مختص بالنكاح وهو الربع والثمن ومختص بالنسب وهو الثلثان والثلث والسدس ومشترك بينهما وهو النصف ، فالنصف : فرض خمسة واحدة من الرجال وهو الزوج ، وأربع من النساء وهي البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب ، فالزوج يستحقه بشرط عدمي وهو عدم الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ( والبنت تستحقه بشرطين عدميين عدم المشارك وعدم المعصب لقوله تعالى ) وإن كانت واحدة فلها النصف ( وبنت الابن تستحقه بثلاثة شروط عدمية عدم المشارك وعدم المعصب وعدم ولد الصلب وهي داخلة في مسمى البنت في الآية ، والأخت الشقيقة تستحقه بأربعة شروط عدمية عدم الفرع الوارث وعدم الأب ، وعدم المساوي والمعصب لقوله عز وجل ) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ( والكلالة هو من لم يخلف ولداً ولا والداً ، والأخت لأب تستحقه بخمسة شروط عدمية الأربعة المذكورة في الشقيقة ، والخامس عدم الشقيق ذكر أو أنثى وهي داخلة في مسمى الأخت في الآية والربع فرض الزوج والزوجة أو الزوجات فالزوج يستحقه بشرط وجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن ( والزوجة أو الزوجات بشرط عدم الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولهن الربع مما تركن إن لم يكن لكم ولد ( والثمن : فرض الزوجة أو الزوجات بشرط وجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم ( والثلثان : فرض أربعة أنواع من الورثة كلها من النساء وهن البنات وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب اثنتان فصاعداً فالبنات يستحقنه بشرط عدم المعصب لقوله عز وجل) فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ( ولقضاء رسول الله e لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين وبنات الابن يستحقنه بشرطين عدميين عدم ولد الصلب وعدم المعصب وهن داخلات في مسمى البنات في نص الآية ، والشقائق يستحققن بثلاثة شروط عدمية عدم الفرع الوارث ، وعدم الأب وعدم المعصب لقوله عز وجل في آية الكلالة ) فإن كانت اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ( وتقدم بيان الكلالة ، والأخوات لأب تستحقنه بأربعة شروط عدمية الثلاثة المذكورة في الشقائق والرابع عدم الشقيق ذكراً أو أنثى ، وهن داخلات في مسمى الأخوات في نص الآية والثلث فرض الأم والأخوة لأم اثنين فصاعداً ذكوراً أو إناثاً أو معاً فالأم تستحقه بشرطين عدميين عدم الفرع الوارث وعدم جمع الأخوة لقوله تعالى ) فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له أخوة فلأمه السدس ( ويستثنى من ذلك مسألتان ثبت لها فيهما ثلث الباقي باجتهاد الصحابة وذلك بأن يكون مع الأبوين أحد الزوجين فتأخذ ثلث ما بقي بعد فرض الزوجية وهو مع الزوج سدس ومع الزوجة ربع بالنسبة إلى التركة وإنما قيل ثلث الباقي تأدباً مع القرآن . والأخوة لأم يستحقونه بثلاثة شروط عدمية عدم الفرع الوارث وعدم الأب وعدم الجد لقوله عز وجل ) وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ( ومما فارقوا به بقية الأخوة أنهم يرثون مع من أدلوا به ومنها أنهم يحجبون بإناث الفرع الوارث وبالجد ، ومنها أن ذكرهم وإناثهم على السواء اجتماعاً وانفراداً ، ومنها أنهم لا يرثون من عقب أخيهم المذكور ولا يرث عقبهم منه0 ا هـ والله أعلم .
والسدس : فرض سبعة وهم الأب والأم والجد والجدة ، وبنت الابن والأخت لأب وولد الأم منفرداً ذكراً أو أنثى ، فالأبوان يستحقان بوجود الفرع الوارث لقوله تعالى ) ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ( والأم تستحقه بوجود جمع الأخوة أيضاً لقوله عز وجل ) فإن كان له إخوة فلأمه السدس ( والجد حكمه حكم الأب إلا في وجود الأخوة فعلى تفصيل سيأتي وإلا في العمريتين فلا تمنع الأم معه عن الثلث .
وبنت الابن تستحقه بشرط عدم المعصب ووجود بنت الصلب المستكملة لشروط النصف لحديث ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري وغيره أن النبي e قضى في بنت وبنت ابن وأخت بأن للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخت ، والأخت لأب تستحقه بشرط عدم المعصب ووجود الشقيقة المستكملة لشروط النصف قياساً مجمعاً عليه ( تنبيه ) لا يشترط في استحقاق بنت الابن والأخت لأب السدس أن تكون منفردة بل إن كن جمعاً اشتركن فيه ، وولد الأم يستحقه بالثلاثة شروط المتقدمة في الثلث والرابع كونه منفرداً لقوله عز وجل ) وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ( والجدة تستحقه بشرط عدم الأم إجماعاً وبشرط عدم من أدلت به على خلاف في الأب والجد هل يحجب الجدة من جهته أم لا سيأتي إن شاء الله في الحجب ، وإذا اجتمع الجدات من الجهتين واستوت درجتهن فالسدس بينهن على السواء لحديث عبد الرحمن بن يزيد مرسلاً أن رسول الله e أعطى ثلاث جدات السدس اثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم . وله أحاديث أخر تعضده وبذلك قضى الخلفاء الراشدون ، فإن اختلفت درجتهن وكانت القربى من جهة الأم حجبت بها الأخرى بلا خلاف وإن كانت القربى من جهة الأب فالراجح أنها لا تحجب البعدى من جهة الأم لكونها أقوى وأمكن في الأمومة وذلك لأنها مدلية بالأم تحجب الجدات من كل جهة ، والأخرى مدلية بالأب وهو لا يحجب إلا من كانت من جهته على خلاف فيه وبهذا قال مالك والشافعي وعند الحنفية أنها تسقطها جرياً على القاعدة وهي إسقاط الأبعد بالأقرب والقولان مرويان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ( تنبيه ) الجد الفاسد هو كل جد أدلى إلى الميت بأنثى مطلقاً والجدة الفاسدة هي التي أدلت بذكر بين أنثيين انتهى والله أعلم .
(تلخيص) جملة أهل الفروض الذين تكرروا فيها ثلاثة عشر ، أربعة من الرجال وهم الأب والجد في السدس ، والأخ لأم فيه منفرداً ، وفي الثلث إن كانوا أكثر من ذلك ، والزوج في النصف وفي الربع ، وتسع من النساء وهن البنت في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، وبنت الابن في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، وفي السدس مع بنت الصلب ، والأم في الثلث وفي السدس ، والجدة في السدس . والأخت الشقيقة في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً ، والأخت لأب في النصف منفردة وفي الثلثين جمعاً وفي السدس مع الشقيقة ، والأخت لأم في السدس منفردة وفي الثلث إن كن أكثر من ذلك ، والزوجة في الربع وفي الثمن انتهى .
فصل : التعصيب هو نصيب غير مقدر وأهله ثلاثة أقسام : عصبة بنفسه ، وعصبة بغيره ، وعصبة مع غيره ، فالعاصب بنفسه هو من إذا انفرد أخذ جميع المال وهم الابن وابنه والأب والجد والأخ الشقيق والأخ لأب وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب والعم الشقيق والعم لأب ، وابن العم الشقيق وابن العم لأب ، والمعتق وعصبة المعتق المتعصبون بأنفسهم ، والدليل قوله e : " الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر " وقوله e : " أيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا " متفق عليهما ، والعاصب بغيره هن ذوات النصف والثلثين بنات الصلب وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب كل منهن يعصبها أخوها فله مثلا حظها لقوله تبارك وتعالى في ميراث الأولاد : ) يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ( وقوله عز وجل في ميراث الأخوة النور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض(جزء1) Icon_smile وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ( وليس بعد الأخ لأب ذكر يعصب أنثى . والعاصب مع غيره هن الأخوات لأبوين أو لأب ، مع بنات الصلب أو بنات الابن لحديث ابن مسعود السابق أن النبي e قضى للأخت بالباقي بعد فرض البنت وبنت الابن0 اهـ .
حاصل أقسام الورثة أربعة : قسم يرث بالفرض فقط وهم الزوجان والأم والجدة من الجهتين وأولاد الأم . وقسم يرث بالتعصيب فقط وهم كل عاصب بنفسه ما عدا الأب والجد . وقسم يرث بالفرض تارة وبالتعصيب تارة ولا يجمع بينهما وهن العصبة بالغير ، يرثن بالفرض بمحض الأنوثة ، ويعصبن بالذكور . وقسم يرث بالفرض تارة وبالتعصيب أخرى ويجمع بينهما وهما الأب والجد ، فيرث أحدهما بالتعصيب عند عدم الفرع الوارث ، وبالفرض عند وجوده ذكراً مطلقاً ، أو أنثى واستغرقت الفروض ، ويجمع بينهما إذا كان الفرع الوارث أنثى ولم تستغرق الفروض0 ا هـ . والله أعلم .
فصل : الحجب لغة المنع وشرعاً نوعان حجب وصف وهو الموانع السابقة وحجب شخص وهو نوعان ، حجب نقصان ويدخل على جميع الورثة وهو سبعة أنواع ، انتقال من فرض إلى فرض أقل منه كانتقال الزوج بالفرع الوارث من النصف إلى الربع ، والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم به وبجمع الأخوة من الثلث إلى السدس ، وانتقال من فرض إلى تعصيب أقل منه كانتقال ذوات النصف منه إلى التعصيب بالغير ، وانتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه ، كانتقال العاصب بنفسه من جميع المال إلى الباقي بعد الفروض وكانتقال العاصب مع الغير إلى تعصيبه بالغير ، وانتقال من تعصيبه إلى فرض أقل منه كانتقال الأب والجد بالفرع الوارث من جميع المال إلى السدس ، والمزاحمة في الفرض كما أن للأنثيين من البنات الثلثين فكلما كثرن نقص حظ كل واحدة منهن ، والمزاحمة في التعصيب كما أن للابن إذا انفرد جميع المال وكلما كثروا نقص حظ كل واحد منهم ، والمزاحمة بالعول كما يصير سدس الأم في عول الستة إلى سبعة سبعاً ، وإلى ثمانية ثمناً ، وإلى تسعة تسعاً ، وإلى عشرة عشراً ، وحجب حرمان ولا يدخل على الأبوين ولا الولدين ولا الزوجين ، ويدخل على من عداهم ، فالجد يحجب بالأب فقط ، والجدات يحجبن بالأم من كل جهة قولاً واحداً وكذا الجدة من جهة الأم تحجب من فوقها من أي جهة بلا خلاف إلا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الجدتين إذا كن من جهتين تشتركن في السدس وإن تفاوتت درجتهن ، والجدة من جهة الأب تحجب كل جدة فوقها من جهتها ، واختلف في الأب هل يحجب الجدة من جهته فعن عثمان وعلي والزبير وابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنه يحجبها وعليه الشافعي ومالك وأبو حنيفة ورواية عن أحمد رحمهم الله ، وعن عمر وسعد أبي وقاص وابن مسعود أنها ترث معه وهو المشهور عند الحنابلة ، وحجة من حجبها به أنها أدلت بعصبة فلا ترث معه كالجد وابن الابن ، وحجة من لم يحجبها به حديث ابن مسعود عند الترمذي أن النبي e أعطاها السدس وابنها حي .
إلا أنه ضعفه عبد الحق وغيره ويجري الخلاف المذكور في الجد كذلك وأولاد الابن ذكرهم وإناثهم يحجبون بالبنين الذكور ، وأنثاهم بجمع البنات إن لم يكن لها أخ يعصبها ، والإخوة الأشقاء ذكرهم وأنثاهم يحجبون بالفرع الوارث الذكر وبالأب ، والأخوة لأب ذكرهم وأنثاهم يحجبون بمن ذكر وبالأخ الشقيق ، وبالشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير ، وأنثاهم بجمع الشقائق إن لم يكن لها أخ يعصبها . وأولاد الأم يحجبون بالأب والجد والفرع الوارث ، وابن الأخ الشقيق يحجب بالفرع الوارث الذكر وبالأب والجد والأخ الشقيق والأخ لأب والأخت شقيقة أو لأب إذا كانت عصبتين مع الغير ، وابن الأخ لأب يحجب بمن ذكر وبابن الأخ الشقيق ، والعم الشقيق يحجب بمن ذكر وبابن الأخ لأب ، والعم لأب يحجب بمن ذكر وبالعم الشقيق ، وابن العم الشقيق يحجب بمن ذكر وبالعم لأب ،وابن العم لأب يحجب بمن ذكر وبابن العم الشقيق وهكذا ترتيب الأقارب إلى آخرهم . وكل من لا يرث إلا بالتعصيب فقط فإنه يسقط باستغراق الفروض ، إلا الأشقاء في مسألة المشتركة فعلى الخلاف الآتي ، وكل من أدلى بواسطة فلا يرث مع وجودها إلا الأخوة لأم فلا تسقطهم باتفاق ، وإلا الجدة من جهة الأب فعلى الخلاف السابق .
مسألة : المشركة هي زوج وأم وأخوة لأم جمعاً ، وأشقاء عصبة ولو واحداً ، في هذه المسألة مذهبان الأول : إسقاط الأشقاء باستغراق الفروض ، وبه قضى الفاروق عمر رضي الله عنه أولاً ، وروي عن علي رضي الله عنه وأبي موسى رضي الله عنه وأبي بن كعب رضي الله عنه وهو أحد الروايتين عن ابن عباس وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال الشعبي وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وهو مروي عن أحمد رحمهم الله تعالى ، والثاني : أن الأشقاء يشاركون الأخوة لأم في ثلثهم وبه قضى عمر رضي الله عنه آخراً .
ولما قيل له في ذلك قال ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ولم ينقض أحد الاجتهادين بالآخر ، وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه أيضاً وهو أشهر الروايتين عن زيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهما وهو قول شريح وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين ، ومسروق وطاوس والثوري ومالك والشافعي رحمهم الله ، وحجتهم أن الأشقاء مثل الأخوة لأم في الإدلاء بها والأب لم يزدهم إلا بعدا .
والأول أقرب إلى الدليل لقوله e : " الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر " وهنا لم تبق الفرائض شيئاً فهو الراجح وإن كان الأكثرون على الثاني ، وكون الأشقاء مدلين بالأم لم يخرجهم من كونهم أشقاء عصبة . ولم ينقلهم ذلك من الإرث بالتعصيب إلى الإرث بالفرض . وإلغاء الأب مجرد دعوى ، والإرث إنما تلقوه عن الهالك لا عن الأم التي استووا في الإدلاء بها ، فإذا ماتت فليشاركوهم في ميراثها فالأولى الوقوف مع الحديث والقول بظاهره وإلحاق الفرائض بأهلها وبالله التوفيق .
فصل : اختلف في توريث الأخوة الأشقاء أو للأب مع الجد ، فمذهب الجمهور ومنهم الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم أن الأخوة لا يسقطون به ، وبذلك قال الشعبي وابن أبي ليلى والمغيرة والضبي والحسن بن صالح وهشيم بن بشر وضرار بن صرد وابن شبرمة وأهل المدينة وأهل الشام وسفيان الثوري ونص عليه الشافعي وذهب إليه مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وأبو يوسف ومحمد واللؤلؤي وأبو عبيد وأكثر الشافعية رحمهم الله تعالى .
وقال الصديق أبو بكر رضي الله عنه وابن عباس وابن الزبير وعائشة وعبادة بن الصامت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري ، وعمران بن حصين ، وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله وأبو الطفيل رضي الله عنهم إن الجد يسقطهم كالأب وبه قال عطاء وطاوس وقتادة وعثمان البستي وجابر بن يزيد والحسن البصري وسعيد بن جبير وابن سيرين وعبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأبو حنيفة وزفر والحسن بن زيادة . ونعيم بن حماد وداود وإسحاق بن راهويه وابن جرير الطبري ، واختاره من الشافعية المزني وأبو ثور وابن سريج وابن اللبان ، ومحمد بن نصر المروزي والأستاذ أبو منصور البغدادي رحمهم الله تعالى ، واحتج أهل هذا المذهب بكون القرآن قد صرح بأبوته في غير موضع فقال تعالى ) ملة أبيكم إبراهيم( , )كما أخرج أبويكم من الجنة ( وغير ذلك ، وقال ابن عباس رضي الله عنه ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أباً ، وقال أيضاً ، أما الذي قال رسول الله e : " لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذته ولكن خلة الإسلام أفضل – أو قال – خير " فإنما أنزله أباً – أو قال قضاه أباً ، قالوا ولم يرو أن أحداً خالف أبا بكر في ذلك الزمن والصحابة يومئذ متوافرون : واحتج أهل المذهب الأول بأن كلاً من الجد والأخوة مدل بالأب والفرع أقوى من الأصل لأنه حين مات من أدلوا به وهو الأب لم يرث الجد مع الذكر منهم غير السدس ، وقد يبقى له بعد فرض الأنثى زيادة عليه وقد لا يبقى ، وبأنه إذا كان الأب حياً استوى الجد والأخوة في السقوط به فبم يفضلهم إذا مات ، وشبه علي رضي الله عنه الجد بالنهر الكبير والأب بخليج من ذلك النهر ، والميت وأخاه بساقيتين من ذلك الخليج ، والساقية إلى الساقية أقرب منها إلى النهر فإنها إذا سدت رجع ماؤها إلى الأخرى لا يرجع إلى النهر ، وشبهه زيد بن ثابت رضي الله عنه بساق الشجر والأب بغصن من أغصانها ، والأخوة بفروع من ذلك الغصن فإذا قطع فرع امتص الآخر ما كان يمتصه ولا يرجع ماؤه إلى الأصل وأجابوا عن إطلاق الأبوة عليه بأنه لا يلزم منه تسويته بالأب في كل مسألة ، وقد أطلق النبي e على أن ابن بنته الحسن رضي الله عنه البنوة فقال " إن ابني هذا سيد " ومعلوم ابن البنت ليس له حكم الابن في الميراث وللأب مزايا على الجد منها أنه لا يسقط بحال والجد يسقط به ، ومنها أن الأم معه تأخذ ثلث الباقي في الغراوين ومع الجد تستكمل الثلث وأنتم متفقون معنا على ذلك ودعوى الإجماع غير مسلمة بل من شرك أكثر ممن أسقط الأخوة ويمكن الآخرين أعني المسقطين أن يجيبوا عن الاستواء في الإدلاء بالأب بأن يقولوا : ليسوا سواء في إدلائهم به لأن الجد مدل بالأبوة فقط وإن علا والأخ مدل ببنوة الأبوة لكن يجيب الآخرون بأن يقولوا إذا قلتم إن هذا ابن أبيه ، قلنا وذاك أبو أبيه فلا مفاضلة حينئذ ، ولكل من الفريقين أدلة وأجوبة عن أدلة الآخر غير ما ذكرنا والمسألة من مسارح الاجتهاد ومعارك الأنظار ، وليس قول المجتهد حجة على الآخر ، فمن رجح عنده شيء باجتهاده فليقل به من غير اعتراض على أحد بلا دليل واضح وبالله التوفيق .
وأما التقسيم فهو على مذهب من يسقطهم به غير مشكل ، وأما أهل التشريك فاختلفوا في كيفيته على اختيارات واجتهادات أشهرها ما اختاره زيد بن ثابت وجمهور الصحابة رضي الله عنهم وعليه مالك والشافعي وجمهور الحنابلة رحمهم الله تعالى ، وحاصله أنه إما أن يكون مع الجد والأخوة صاحب فرض أو لا يكون . فعند عدم أصحاب الفروض يعطى للجد الأحظ من المقاسمة . أو ثلث الجميع وقد يستويان فضابط أحظية المقاسمة أن يكون الأخوة أقل من مثليه ، وينحصر في خمس صور وهي ، جد وأخت جد وأخ ، جد وأختان، جد وأخ وأخت وجد وثلاث أخوات وضابط أحظيته الثلث أن يكون الأخوة أكثر من مثليه وأقل ما يتصور فيه ذلك ثلاث صور ، جد وأخوان وأخت ، جد وأخ وثلاث أخوات ، جد وخمس أخوات ، ولا تنحصر صوره إذ لا حد لا كثرة ، وضابط استواء الوجهين أن يكون الأخوة مثليه فقط وينحصر في ثلاث صور ، جد وأخوين جد وأخ وأختين ، جد وأربع أخوات ، وعند وجود صاحب فرض معهم إما أن تستغرق الفروض فيعال له سدسه ، كجد وبنتين وزوج وأم ، أو يبقى أقل من السدس فيعال له تكملته كما إذا لم تكن في هذه المسألة أم، أو يبقى السدس فقط فيأخذه كما إذا لم يكن في هذه المسألة زوج وفي هذه الثلاث يسقط الإخوة باستغراق الفروض وإن فضل أكثر من ذلك فله معهم الأحظ من أمور ثلاثة : المقاسمة أو ثلث الباقي أو السدس ، ولا ينقص عنه وقد يستوي اثنان منها وقد يستوي الثلاثة ، وذلك أن الفرض الذي يبقى بعده زيادة عن السدس إما أن يكون نصفاً أو أقل منه أو أكثر ودون الثلثين أو الثلثين أو قدرهما أو أكثر ، فإن كان الفرض نصفاً وكان الإخوة مثليه كجد وأخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات مع زوج أو بنت أو بنت ابن استوى له المقاسمة . وثلث الباقي والسدس . وإن كانوا أقل من مثليه . كأخت . أو أخ . أو أختين أوأخ وأخت ، أو ثلاث أخوات . فالأحظ له المقاسمة فقط وإن كانوا أكثر من مثليه كأخوين وأخت فصاعداً . استوى له ثلث الباقي والسدس . وإن كان الفرض أقل من النصف بأن كان ربعاً كزوجة أو سدساً كأم أو جدة أو سدساً وربعاً كزوجة مع إحداهما . فإن كان الأخوة مثليه استوى له المقاسمة وثلث الباقي . وإن كانوا أقل من مثليه فالأحظ له المقاسمة وإن كانوا أكثر من مثليه فالأحظ له ثلث الباقي فقط . وإن كان الفرض أكثر من النصف ودون الثلثين بأن كان نصفاً وثمناً كبنت أو بنت ابن وزوجة فإن كان الإخوة مثله فأقل كأخت أو أخ أو أختين فالأحظ له المقاسمة وإن كانوا أكثر من ذلك كأخ وأخت فصاعداً فالأحظ السدس . وإن كان الفرض ثلثين كبنتين أو بنتي ابن أو بقدرهما بأن كان نصفاً وسدساً كبنت أو بنت ابن وأم أو بنت و بنت ابن . فإن كان الأخوة مثله كأخ أو أختين استوى له المقاسمة والسدس . وإن كان أختاً واحدة فالأحظ له المقاسمة . وإن كانوا أكثر من مثله كأخ وأخت فصاعداً فالأحظ له السدس . وإن كان الفرض أكثر من الثلثين بأن زاد ثمنها كبنتين أو بنتي ابن وزوجة فليس له إلا السدس . لأن الآخرين ينقصانه عنه .
حاصل ما ذكر للجد مع الأخوة عشرة أحوال : ثلاثة مع عدم أصحاب الفروض وهي : أحظية المقاسمة : أحظية ثلث الجميع : استواء الوجهين : وسبعة مع وجودهم وهي : أحظية المقاسمة أحظية ثلث الباقي أحظية السدس . استواء المقاسمة وثلث الباقي . استواء المقاسمة والسدس . استواء ثلث الباقي والسدس . استواء الثلاثة ، تلك عشرة أحوال لا يخرج عنها مسائل المعادة . اعلم أن ما تقدم هو حكم الجد مع الأخوة الأشقاء على انفرادهم . أو لأب على انفرادهم فإن اجتمعوا من الجهتين وكان الأشقاء مثلي الجد فصاعداً فوجود الأخوة لأب كعدمهم وإن كانوا أقل من مثليه احتاجوا إلى الأخوة لأب فيما يكملهم مثليه حتى إذا أخذ الجد حظه فحكم الإخوة من الفريقين كحكمهم مع عدمه فالشقيقة تأخذ إلى النصف فإن نقص عنه فلا شيء لها غيره وإن زاد عنه شيء فالزائد للإخوة لأب ، والشقيقتان فصاعداً يأخذن إلى الثلثين فإن نقص فليس لهن غيره ، ولا يزيد عنه شيء والشقيق الذكر يسقطهم مطلقاً كما تقدم في الحجب ، وكون الأخوة الأشقاء أقل من مثليه ينحصر في خمس صور وهي : شقيقة ، شقيق ، شقيقتين ، شقيق وشقيقة ، ثلاث شقائق فيتصور مع الشقيقة خمس صور أخت لأب ، وأخ لأب ، أختين لأب ، أخ وأخت لأب ، ثلاث أخوات لأب ، ومع الشقيق ثلاث صور ، أخت لأب ، أخ لأب ، أختين لأب ، ومثله مع الشقيقين أيضاً ، ومع الشقيق والشقيقة أخت لأب فقط ، وكذا مع ثلاث شقائق فهذه ثلاث عشرة صورة ، ثم إما أن يكون معهم ذو فرض أو لا يكون ، والفرض معهم إما أن يكون سدساً أو ربعاً ، أو سدساً وربعاً معاً ، أو نصفاً ، وهذه الأربعة الفروض تقع في كل من الثلاث عشرة مسألة ، فهي إذاً اثنتان وخمسون مسألة حاصل ضرب أربعة في ثلاث عشرة مسألة ، مع الثلاث عشرة السابقة تبلغ خمساً وستين مسألة ، بقي ما إذا كان الفرض نصفاً وثمناً فالشقيقة يتصور معها أخت لأب ، أو أخ لأب ، أو أختين لأب ، ومع الشقيق أخت لأب ومثله الشقيقتين ، أو كان نصفاً وسدساً أو ثلثين ، فالشقيقة تحتاج في كل منهما إلى أخت لأب فجملة مسائل المعادة اثنتان وسبعون مسألة .
مسألة : لا يفرض للأخت شقيقة أو لأب ، مع الجد إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وجد وأخت فأصلها ستة وتعول إلى تسعة للأم الثلث اثنان ، وللزوج النصف ثلاثة ، وللأخت النصف ثلاثة وللجد السدس واحد ، ثم يضيف سدسه إلى نصفها ويقاسماها كأخ فرؤوسهم ثلاثة مضروبة في تسعة تصح من سبعة وعشرين فللأم الثلث اثنان في ثلاثة بستة ، وللزوج النصف ثلاثة في ثلاثة بتسعة والباقي اثنا عشر للجد ثمانية وللأخت أربعة هكذا روى عن زيد بن ثابت وعليه الشافعي والجمهور رحمهم الله تعالى وهو اجتهاد جار على غير أصله الذي هو إسقاط الأخوة إذا استغرقت الفروض وروي عنه أيضاً سقوطها باستغراق الفروض جرياً على أصله وروي عنه التوقف وقال علي رضي الله عنه أن للزوج النصف ، وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس فتعول إلى تسعة ولكن لا يشاركها الجد بل تستقل بفرضها و يكتفى بفرضه ، وعن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما للزوج النصف وللأم السدس ، وللأخت النصف وللجد السدس فتعول إلى ثمانية ، وقال أبو بكر وابن عباس ومن تابعهما يأخذ الجد الباقي بعد نصف الزوج وثلث الأم كما تقدم قولهم ، وقال أبو ثور رحمه الله تعالى للزوج النصف وللأم ثلث الباقي والباقي للجد كالغراء والله أعلم .
بقية الكتاب في الجزء الثاني إن شاء الله تعالي
أعجبنيلم يعجبني
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin