بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت..."البخاري ومسلم.
يتّضح من خطاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّ الخير هو ما ارتبط بالله و اليوم الآخر، وهو المطلوب. لذلك تقدّم على الصّمت.
فما هو الخير؟ ليس هنالك من لا يرجو الخير، ولكن أيّ خير نرجوه؟ :
إنّ الخير هو ما كان خيرًا في وجوده، وخيرًا في أسباب تحصيله. وخيرًا في غايته، وخيرًا في نتائجه. ولا خلاف أنّ ما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والرّسل والأنبياء من قبله أساسه توحيد الله وإفراده بالتّوجّه، و مداره كلمة التّوحيد "لا إله إلّا الله" فالخير كلّه فيه جلّ جلاله وفي ذكره. عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "ذكر الله عز وجل" رواه أحمد.
و روى الترمذي و البيهقي و الحاكم و غيرهم:" من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين." وذكر الله يشمل سائر الطّاعات وهو عنوانها. وبالتّالي الخير كلّه في ذكر الله. أمّا أسباب تحصيله فتتمثّل في ترويض النّفس وحملها على الاشتغال به عبر سائر الأعضاء وخصوصا اللسان. إذ النّفس هي المعنيّة يسائر الطّاعات. قال صلى الله عليه وسلم : "إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكّر اللسان أي تقول اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا"رواه التّرمذي والبيهقي. وروى الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعًا:"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله يقسّي القلب، وإن أبعد الناس عن الله القلب القاسي".
واعلم أنّ اللسان هو ترجمان النّفس وما يجيش فيها، وإصلاحها وتزكيتها تقويم لاعوجاج اللسان وما وراءه من أعضاء. ولا يتمّ هذا إلّا بمراقبة لصيقة لكلّ الحركات النّفسيّة والالتجاء لله تضرّعا و تعلّقا لينجينا من تسفّلها وانحرافها عن جادّة الطّريق. والغاية إخلاص الطّاعة لله فيكون اللسان في موضعه الصّحيح من ذكر وابتهال وانقطاع لله. فإذا ركنت النّفس للهدوء وأثّر فيها توجّهنا لله و بدأت تُؤْثر الصّمت، صَمَتَ اللسان.وعلامة ذلك انشغال العبد بعيوب نفسه وإصلاحها عوضا عن انشغاله بعيوب النّاس، وإيثاره مجالسة الحقّ عن مجالسة الخلق، وسريان محبّة الله و رسوله صلّى الله عليه وسلّم إلى قلبه بدون تكلّف، وانعكاس ذلك على عبادته بنقص معاناته من صدود نفسه، وتقلّص ظهور الخواطر والأوهام أثناء الذكر.
و ملخّص القول في هذا الباب، قال الإمام الشّافعي: استفدت من مجالسة الصّوفية أمرين لم استفدهما من مشايخ العلم قولهم:"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم اشغل نفسك بالخير فان لم تشغلها بالخير شغلتك بضده "ذكره النووي في شرح المهذب.
فمن طلب الصّمت عجز عن تحصيله، ومن طلب القرب من مولاه اشتغالا بذكره صمت.
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"
أه
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin