إشارة في قول المولى جلّ جلاله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ...)2.الملك.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
إشارة في قول المولى جلّ جلاله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ...)2.الملك.
إنّ من عظيم صنعه وما أبدعه تعالى من صفات،
ما يتجلّى في جمعه سبحانه بين الموت والحياة.
وهذا ما نراه من اضمحلال وتلاشي للموجود، ونماء في خفاء للموعود،
وهذا مُسْتَشْعَرٌ لأولي الألباب بمحض الفضل والجود.
.(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) الرّوم.19
وسبّق سبحانه جلّ وعلا الموت على الحياة،
ليعلمنا أنّ الحياة في دنيانا جزء لا يتجزّأ من الممات.
(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)العنكبوت64.
فمنذ الولادة يبدأ الانتقال، بحكم فُرضَ على كلّ موجود من العزيز المتعال.
ألا ترى أنّك في نموّ واضمحلال،
تعدّ تتالي أيّامك لتحقيق الآمال، وأيّامك في نقصان لبلوغ أجل الإنتقال.
وهذا هو الابتلاء، فأنت في فسحة عنوانها الانتهاء.
فإن غفلت عن عنوانك غفلت عن موعد اللقاء.
فهلّا أذعنت،
وعدت لجادّة الصّواب وأيقنت.
فليس أمامك من خيار، فالرّحيل قائم فيك وحواليك وفي كلّ دار.
أنظر لبارئك برغبة وشوق فإنّه الغفّار،
تجده تجاهك فهو لقدومك في الانتظار.
والبس جميل ما أسداه لك من حسن الثّياب،
والزم طرقك لبابه فإنّه يحبّ الالحاح وشدّة التّضرّع بخضوع في الخطاب.
مت قبل أن تموت وفارق بشوق واهتمام،
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) الرّحمن27.26

اللّهمّ أكرمنا بدوام استشعار قربك، ومتّعنا بدوام تذوّق لذيذ أنسك.
أه