قصيدة : نعمة مشهودة.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد
و على آله و صحبه وسلّم.
نعمة مشهودة.
جالت بنـا الأيّام في مِضمارهـا***حتّى بـدتْ في الكاهـل آثارها
في كلّ عضو سُجّـلت مـرسـومة***تروي بصدق ما حوت أخبارها
ناجيت رسمي سائلا يا حاملي***هــل أعـلـنـت أيّـامـك إدبـارها
إنّي أرى ثـقـلا بـدا في الأضلع***هـلاّ أمَطْتَ السّـرّ عن أطوارها
فأجابني بلسان حالٍ مستحٍ***يا سيّدي عفوا فذي أعذارها
مهلا فـإنّي مـفـصح عـمّـا خفا***فالوجـد واشٍ مظـهر أسرارها
إنّي أناجي الحقّ في محرابكـم***عـبد مطـيع لِانْتِهى مِشـوارها
مذ قال ربّي أسجدوا أمرٌ سرى***فــيـنا مــع أمــلاكـه إقــرارهـا
فالأذن تسعى في رضاكم سمعها***والعـين في مقصودكم إبصارها
والقلب قطب جامع في أرضكم***قـد أودع فـي نبـضه إعمـارها
في كلّ عضو نعمة مشهودة***من أمـر ربّي أُحكم إقرارها
لا نعص أمرا منكم في بيتكم***أفـعـالـنا عـنكم بـنا إظـهـارها
إكرامنا بالطـاعـة في حـفـظـهـا***مذ لاح نور الحقّ من مختارها
مـن فـيض ربّي رحـمة إرساله***زكّى ركـام النّفـس من أكـدارها
شفّت فزالت حجبها عـن كاهـلي***واسـتـكمـلـت مطـويّتي مقدارها
إنّي كما لا يخف عـنكمْ مرهـق***منّي القـوى قد شقّقت أحجارها
أرنو إلى مثواي في طيّ الـثّـرى***مهد الصِّـبا شوقي إلى أغوارها
في تـربة ضمّـت لقـاحا أرضهـا***لمّا حوت في حضنها معطارها
من طينة الإكـرام كانـت نشأتي***فـالأرض أصلي عـزّتي إيثارها
آثـرتها لـمّـا سـرت فـي خـلعـتي***مـن نور مصباح الدّجى أذكارها
عــلّـي إذا واريــتــمُ جــثــمـانـيَ***يسري غرامي في ثرى أقطارها
مستنشقـا ريح الهـدى من طـيـبها***يحيي عظامي من شذى أعطارها
فـي بـرزخ العـشّاق أبقى مُنْعَـشًـا***أروي غـليـلي من نـدى أسرارها
فـالـرّوح فـي عليائها تـرقى إلى***مـطـلـوبـها عــوْدا إلـى أوكـارها
والجسم يفنا باندثار واختفا***فـي روضــة محــبـوبـهـا أنـوارها
لكـنّ نفـسي لا تعي مـا حـمّـلـت***تخـشى فـراقا يُقـصِها عن دارها
دارُ الدُّنا دارُ ابتلاءٍ حُكمها***والصّبر فيها مُثْمِنٌ إيجارها
إنّ التي عمّا قريب تنتهي***ليست بدار للفتى يختارها
منها اصطفى أحبابه سبحانه***أخراهـم مـن هـاهـنا إعـمارها
يا ربّـنا أقسم لنا من حـبّهم***حـظّـا به نـرقى مـع أبـرارها
عنكم بكم من طيني أخبرتكم***حـقّا فـلا تسعـوا إلـى إنكارها
في خيمة المعروف ندعو ربّنا***بيـت الـرّضا للمـنعـم أنـظـارها
يا حيّ يا قيّوم يا حامي الحمى***سـدّد خـطـانا في مدى إبـحـارها
وافـتح لنا فـتحا مبينا مـشـرقا***يـمحو الخـطـايـا إنّـك غــفّـارها
واجعـل قـِرَانَا نـظـرة فـي وجهكم***تُـمْحَى بها من عـشـقـنـا أغـيـارها
واصبب على عبد العـطايا رحـمة***يَـسْـقِي ضَـمَـاهُ الـمٌـزْمِـنَ مِــدرارها
واجل بها الأنوار يا مجلي الصّدأ***عــن مـهـجـة الأوّاه فــي أســحــارها
يا ربّنا أتـمم صلاة فـيـضها*** لا يـنتهي، بـالـمجـتبى إثمـارها
وارفع بها آل النّبي معْ صحـبه***واجــمع لهـم مَـن وِردُهـم تكرارها
وانشر سلاما يشمل كلّ الورى***فــوقـا و تحـتا غــامـرا أمـصـارها
أه .