فيوضات الكتاب» لطائف قوله تعالى: (إنّ رحمت الله قريبٌ من المحسنين)
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الكرام، يسرني أن أقدّم لكم بعض الأذواق واللطائف في قوله تعالى: (إن رحمت الله قريب من المحسنين)، وذلك رغبة في عموم الفائدة للجميع، معتمدين في ذلك الرسم العثماني التي وردت به الآية مكتوبة، والله من وراء القصد، وهو وليّ التوفيق ..
(إنّ رحمتَ اللهِ قريبٌ من المُحسنين)
اعلم وفقك الله لسبيل هدايته، وأوردك حياض معرفته وولايته، وجعلك من الناعمين بنعيم رعايته وعنايته، أنّ الرحمة جاءت في كتاب الله العزيز تارة مضافة إلى اسم (الله) وتارة مضافة إلى اسم (الرب) وجاءت غير ذلك.. وذلك ليس عبثاً من العزيز الحكيم، فكلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..
فإنّ الرحمة إذا نسبت لاسمه (الرب) أفادت العطاء في القسمة، فإنه سبحانه يقسّم الرزق بالرحمة الربانية، وهذه الرحمة قد جاءت في كتابه العزيز في ستة مواضع:
(قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ) الإسراء 100
(ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) مريم 2
(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) ص 9
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) الزمر 9
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) الزخرف 32
فلو لاحظت جميع هذه الآيات دال على توزيع الرزق والقسمة والعطاء ..
أمّا الرحمة فإنها إذا أضيفت لاسمه الأعظم (الله) فإنها تدلّ على الفيض الذي لا يتناهي والكرم الذي لا ينقطع، ووردت هذه الرحمة في ستة مواضع كذلك:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة 218
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) آل عمران 107
(وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف 56
(قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) هود 73
(فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْد مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى) الروم 50
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) الزمر 53
أمّا من لاحظ الرسم القرآني في الآيات السابقة التي أضيفت فيها الرحمة إلى الاسم (الله) فإنه يجد كلمة الرحمة جاءت تارة بتاء مفتوحة (رحمت)، وتارة أخرى جاءة بتاء مربوطة (رحمة)، وهذا لسرّ بسيط.. فإن (رحمة الله) لمّا جاءت بتاء مربوطة دلّت على ارتباط حصولها برابط مشروط، إذا فعلت هذا الشرط نلت تلك الرحمة، فهي رحمة مكتسبة، وقد وردت في قوله سبحانه: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ) دليل أنها مكتسبة بالأعمال الصالحة والقربات إلى الله وغير ذلك مما يوصل إلى الجنة ..
وكذلك وردت في قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ) وهنا إشارة إلى ارتباط الرحمة الإلهية بطلب المغفرة والندم على الذنوب، لذا فهي مربوطة كذلك بالعمل لتُكتسب.. وليس ذلك تحديداً لرحمة الله بل هي رحمة كذلك يرزقها الله لمن يشاء، ولكننا نتكلم من منطلق دائرة السبب..
أمّا الرحمة الإلهية إذا ما وردت بالتاء المفتوحة فإنها تدل على الرحمة الوهبية التي يتفضّل الله بها دون اكتساب، فهي رحمة ليست مربوطة بشرط، بل هي لها الاتساع والفتوح والكرم..
وهنا يتضح لنا في الآية الكريمة أنّ الحقّ سبحانه تكلّم عن الرحمة الوهبية ذات الاتساع المطلق، وقد أكدها سبحانه بحرف (إنّ)، دليل تأكيد الحصول، وهو سبحانه لا يقيّده شيء ولكنه يَعِد ويتفضل وهو الأكرم من أن يخلف وعوده لعباده..
وقد حدّد سبحانه وتعالى هذه الرحمة الإلهية الواسعة بصنف من البشر وهم المحسنون، وذلك إشارة إلى أنّ أهل الإحسان لهم كرامة عند الله سبحانه حيث خصّهم بتلك الرحمة التي لا يتناهى فضلها، ولا ينقطع فيضها، وهم أهل الله، الذين لا يريدون سواه ولا يطلبون غيره، الذين يشهدونه في توجههم، يشهدونه قريباً منهم، ناظراً لهم، معيناً، سميعاً، بصيراً، فهو الصاحب لهم، وهو السمير، وهو الأنيس، يقول صلى الله عليه وسلّم في وصف مقامهم: (الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك)..
وقد قرن هذه الرحمة باسمه (الله) وهو الاسم الجامع لسائر المجامع، وكأنه إشارة إلى عباده الذين عرفوه بسائر تجلياته، فعرفوه في جلاله كما عرفوه في جماله، وأحبوه في جميع مشاهداته، فكان لهم بكليته كما كانوا له بكليتهم..
وانظر معي إلى هذه اللطيفة الجميلة في الآية الكريمة، حيث ذكر الحق سبحانه رحمته قبل أن يذكرهم، وهذا دليل العناية الأزلية، ودليل أنه سابقهم برضوانه قبل أن يقابلوه بإحسانه.. فسبحان الله الذي سبق عباده المحسنين بكرمه ورحمته من قبل أن يحسنوا بعملهم وطاعاتهم..
ونأتي هنا إلى لطيفة أخرى من لطائف هذه الآية الرحمانية الجميلة، وهي كلمة (قريب).. فسبحانه وتعالى لم يقل (قريبة).. وهنا تحلو العبارة في قلوب أهل الإشارة، فما أعظمه من سرّ هنا في هذه الآية، فإنّه سبحانه لو قال (رحمت الله قريبة) لكان عطاءه هو مقصود عباده المحسنين قبل أن يكون هو مقصودهم، ولكنهم أرادوه هو سبحانه فقال (قريب) ولم يقل (قريبة) وكأنه يشير سبحانه إلى أنه هو أقرب إلينا حتى من رحمته... سبحانك يا مولاي، أردناك وقصدناك قبل عطائك، وشهدناك قبل كلّ شيء فأبيتَ إلاّ أن تجعل نفسك سابقاً لنا من كلّ شيء، وأبيتَ إلاّ أن تكون أنت الأقرب إلينا من كلّ شيء..
فسبحانه جعل رحمته سابقة لغضبه في سائر تجلياته لمخلوقاته، وجعل نفسه تعالى سابقاً لرحمته موهبةً خاصةً لعباده المحسنين القريبين منه.. حتى أنه تعالى لم يقل في الآية: (إن الله قريب من المحسنين)، بل ذكر رحمته كذلك لأنه يريد عطاءهم والتفضل عليهم فكأنه يعطيهم عطاءً واسعاً ويفتح لهم فتحاً مبيناً (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)، فهو معهم بنفسه متفضل عليهم بفتحه ورضوانه..
نسأل الله أن نكون قد أشرنا إلى ما تحتويه هذه الآية من بعض اللطائف والإشارات، جعلنا الله وإياكم وسائر من تحبون في دائرة إحسانه الكبرى، من أهل القرب والتصديق، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ولا تنسونا إخواني من دعائكم الصالح..
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الكرام، يسرني أن أقدّم لكم بعض الأذواق واللطائف في قوله تعالى: (إن رحمت الله قريب من المحسنين)، وذلك رغبة في عموم الفائدة للجميع، معتمدين في ذلك الرسم العثماني التي وردت به الآية مكتوبة، والله من وراء القصد، وهو وليّ التوفيق ..
(إنّ رحمتَ اللهِ قريبٌ من المُحسنين)
اعلم وفقك الله لسبيل هدايته، وأوردك حياض معرفته وولايته، وجعلك من الناعمين بنعيم رعايته وعنايته، أنّ الرحمة جاءت في كتاب الله العزيز تارة مضافة إلى اسم (الله) وتارة مضافة إلى اسم (الرب) وجاءت غير ذلك.. وذلك ليس عبثاً من العزيز الحكيم، فكلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..
فإنّ الرحمة إذا نسبت لاسمه (الرب) أفادت العطاء في القسمة، فإنه سبحانه يقسّم الرزق بالرحمة الربانية، وهذه الرحمة قد جاءت في كتابه العزيز في ستة مواضع:
(قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ) الإسراء 100
(ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) مريم 2
(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) ص 9
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) الزمر 9
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) الزخرف 32
فلو لاحظت جميع هذه الآيات دال على توزيع الرزق والقسمة والعطاء ..
أمّا الرحمة فإنها إذا أضيفت لاسمه الأعظم (الله) فإنها تدلّ على الفيض الذي لا يتناهي والكرم الذي لا ينقطع، ووردت هذه الرحمة في ستة مواضع كذلك:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة 218
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) آل عمران 107
(وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف 56
(قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) هود 73
(فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْد مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى) الروم 50
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) الزمر 53
أمّا من لاحظ الرسم القرآني في الآيات السابقة التي أضيفت فيها الرحمة إلى الاسم (الله) فإنه يجد كلمة الرحمة جاءت تارة بتاء مفتوحة (رحمت)، وتارة أخرى جاءة بتاء مربوطة (رحمة)، وهذا لسرّ بسيط.. فإن (رحمة الله) لمّا جاءت بتاء مربوطة دلّت على ارتباط حصولها برابط مشروط، إذا فعلت هذا الشرط نلت تلك الرحمة، فهي رحمة مكتسبة، وقد وردت في قوله سبحانه: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ) دليل أنها مكتسبة بالأعمال الصالحة والقربات إلى الله وغير ذلك مما يوصل إلى الجنة ..
وكذلك وردت في قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ) وهنا إشارة إلى ارتباط الرحمة الإلهية بطلب المغفرة والندم على الذنوب، لذا فهي مربوطة كذلك بالعمل لتُكتسب.. وليس ذلك تحديداً لرحمة الله بل هي رحمة كذلك يرزقها الله لمن يشاء، ولكننا نتكلم من منطلق دائرة السبب..
أمّا الرحمة الإلهية إذا ما وردت بالتاء المفتوحة فإنها تدل على الرحمة الوهبية التي يتفضّل الله بها دون اكتساب، فهي رحمة ليست مربوطة بشرط، بل هي لها الاتساع والفتوح والكرم..
وهنا يتضح لنا في الآية الكريمة أنّ الحقّ سبحانه تكلّم عن الرحمة الوهبية ذات الاتساع المطلق، وقد أكدها سبحانه بحرف (إنّ)، دليل تأكيد الحصول، وهو سبحانه لا يقيّده شيء ولكنه يَعِد ويتفضل وهو الأكرم من أن يخلف وعوده لعباده..
وقد حدّد سبحانه وتعالى هذه الرحمة الإلهية الواسعة بصنف من البشر وهم المحسنون، وذلك إشارة إلى أنّ أهل الإحسان لهم كرامة عند الله سبحانه حيث خصّهم بتلك الرحمة التي لا يتناهى فضلها، ولا ينقطع فيضها، وهم أهل الله، الذين لا يريدون سواه ولا يطلبون غيره، الذين يشهدونه في توجههم، يشهدونه قريباً منهم، ناظراً لهم، معيناً، سميعاً، بصيراً، فهو الصاحب لهم، وهو السمير، وهو الأنيس، يقول صلى الله عليه وسلّم في وصف مقامهم: (الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك)..
وقد قرن هذه الرحمة باسمه (الله) وهو الاسم الجامع لسائر المجامع، وكأنه إشارة إلى عباده الذين عرفوه بسائر تجلياته، فعرفوه في جلاله كما عرفوه في جماله، وأحبوه في جميع مشاهداته، فكان لهم بكليته كما كانوا له بكليتهم..
وانظر معي إلى هذه اللطيفة الجميلة في الآية الكريمة، حيث ذكر الحق سبحانه رحمته قبل أن يذكرهم، وهذا دليل العناية الأزلية، ودليل أنه سابقهم برضوانه قبل أن يقابلوه بإحسانه.. فسبحان الله الذي سبق عباده المحسنين بكرمه ورحمته من قبل أن يحسنوا بعملهم وطاعاتهم..
ونأتي هنا إلى لطيفة أخرى من لطائف هذه الآية الرحمانية الجميلة، وهي كلمة (قريب).. فسبحانه وتعالى لم يقل (قريبة).. وهنا تحلو العبارة في قلوب أهل الإشارة، فما أعظمه من سرّ هنا في هذه الآية، فإنّه سبحانه لو قال (رحمت الله قريبة) لكان عطاءه هو مقصود عباده المحسنين قبل أن يكون هو مقصودهم، ولكنهم أرادوه هو سبحانه فقال (قريب) ولم يقل (قريبة) وكأنه يشير سبحانه إلى أنه هو أقرب إلينا حتى من رحمته... سبحانك يا مولاي، أردناك وقصدناك قبل عطائك، وشهدناك قبل كلّ شيء فأبيتَ إلاّ أن تجعل نفسك سابقاً لنا من كلّ شيء، وأبيتَ إلاّ أن تكون أنت الأقرب إلينا من كلّ شيء..
فسبحانه جعل رحمته سابقة لغضبه في سائر تجلياته لمخلوقاته، وجعل نفسه تعالى سابقاً لرحمته موهبةً خاصةً لعباده المحسنين القريبين منه.. حتى أنه تعالى لم يقل في الآية: (إن الله قريب من المحسنين)، بل ذكر رحمته كذلك لأنه يريد عطاءهم والتفضل عليهم فكأنه يعطيهم عطاءً واسعاً ويفتح لهم فتحاً مبيناً (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)، فهو معهم بنفسه متفضل عليهم بفتحه ورضوانه..
نسأل الله أن نكون قد أشرنا إلى ما تحتويه هذه الآية من بعض اللطائف والإشارات، جعلنا الله وإياكم وسائر من تحبون في دائرة إحسانه الكبرى، من أهل القرب والتصديق، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ولا تنسونا إخواني من دعائكم الصالح..
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin