..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني Empty مقال: هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟ ـ أ.د. راغب السرجاني

    مُساهمة من طرف Admin 17/7/2020, 17:31

    هل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟
    أ.د. راغب السرجاني
    ملخص المقال
    أول ما يلفت الانتباه في رحلة العروج إلى السماء هو وسيلة الانتقال! فالظاهر من الرواية السابقة أن الانتقال كان عن طريق البراق، لكن ليس الانتقال بالبراق إلىهل كان العروج إلى السماء بالبراق حقًا؟
    أول ما يلفت الانتباه في رحلة العروج إلى السماء هو وسيلة الانتقال! فالظاهر من الرواية السابقة أن الانتقال كان عن طريق البراق، ولكننا ذكرنا قبل ذلك أن هذه الرواية قد اختصرت قصة الإسراء كلها، وبالتالي فالرسول صلى الله عليه وسلم -أو أحد الرواة- ذكر أمر المسجد الحرام وما تمَّ فيه من أحداث؛ مثل: شقِّ الصدر، ورؤية البراق، ثم انتقل إلى الحديث مباشرة عن المعراج، وبالتالي فليس الانتقال بالبراق إلى السماء أمرًا مجزومًا به، والذي يجعلني أميل إلى وجود وسيلة أخرى هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصًا في قصته على ذكر التفاصيل التي يحتاجها السامع لفهم الأحداث، فاهتمَّ بذكر مسألة استصعاب ركوب البراق عليه في أول مرَّة، ثم ذكر ربطه للبراق في الصخرة خارج المسجد الأقصى؛ ولكنه عند الخروج من المسجد الأقصى والعروج إلى السماء لم يذكر أخذه للبراق مرَّة ثانية، وعند وصوله للسماء لم يذكر البتَّة أيَّ شيء عن البراق، مما يُوقظ الحسَّ إلى أنه كان يستخدم وسيلة أخرى للصعود إلى السموات.


    وسيلة جديدة للعروج
    وردت روايات ضعيفة تصف هذه الوسيلة الخاصة بالعروج إلى السماء، وهي وسيلة "المعراج"، والمعراج هو السُّلَّم أو الدَّرَج الذي يُصْعَد عليه، وباليقين هو ليس كسلالم الدنيا، كما أن البراق ليس كدوابِّ الدنيا.

    وقد جمع هذه الروايات ابن حجر رحمه الله في فتح الباري [1] بعد ذِكْرِهِ لرواية أنس عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما، فقال: "أَمَّا الْعُرُوجُ فَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الأَخْبَارِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبُرَاقِ، بَلْ رَقِيَ الْمِعْرَاجَ وَهُوَ السُّلَّمَ كَمَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيث أبي سعيد رضي الله عنه عِنْد الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلاَئِلِ..." قَالَ: "ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّيْتُ، ثمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ"[2]. وَفِي رِوَايَة ابن اسحاق (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه): سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ، فَلَمْ أَرَ قَطُّ شَيْئًا كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إِلَيْهِ الْمَيِّتُ عَيْنَيْهِ إِذَا حُضِرَ، فَأَصْعَدَنِي صَاحِبِي فِيهِ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ"[3]. الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةِ كَعْبٍ رضي الله عنه (عند ابن المرجى المقدسي في فضائل بيت المقدس): "فَوُضِعَتْ لَهُ مَرْقَاةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَمَرْقَاةٌ مِنْ ذَهَبٍ، حَتَّى عَرَجَ هُوَ وَجِبْرِيلُ"[4]. وَفِي رِوَايَةٍ لأَبِي سَعِيدٍ رصي الله عنه فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى (لأبي سعد): "أَنَّهُ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ مِنْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ، وَأَنَّهُ مُنَضَّدٌ بِاللُّؤْلُؤِ، وَعَنْ يَمِينِهِ مَلاَئِكَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلاَئِكَةٌ"[5].

    ولنلاحظ كذلك بعض الأمور التي تدعم انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى السماء عن طريق المعراج:
    أولاً: هذه الروايات، وإن كانت ضعيفة؛ فإنها من طرق مختلفة، وقد يشدُّ بعضها بعضًا.

    ثانيًا: في رواية البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذكر حادثة شق الصدر: "ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا". وهي لم تذكر أمر البراق؛ بل استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة: "ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي". وهي تناسب الصعود على المعراج أكثر من ركوب البراق.

    ثالثًا: عند وصف الصعود إلى السماء فإن الأفضل لغويًّا أن نقول: "العروج". وليس "المعراج"، فإن العروج هو الصعود، أما المعراج فهو اسم آلة الصعود، وهي السُّلَم، وقد اشتهر بين المحدِّثين وكُتَّاب السير لفظ "المعراج" للدلالة على هذه الرحلة، وقد صنَّف البخاري في صحيحه باب المعراج؛ مع أن الشُرَّاح يستخدمون كلمة "العروج" عند وصفهم لعملية الصعود، وهذا كله يُعطي الانطباع أن المشتهر عند أئمة الحديث المتقدمين أن الرحلة كانت عن طريق الصعود على "المعراج"؛ أي السلم، ولو كانت على البراق لكان الأولى أن تُعرف الرحلة باسم: "الإسراء والعروج". وقد صرح بذلك ابن كثير والصالحي وغيرهما من علماء السيرة[6].

    رابعًا: يقول تعالى: {مِنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج: 3 - 4]، وتفسير المقصود من المعارج متعدِّد وليس متفقًا عليه، وكذلك تفسير عروج الملائكة، وتفسير المقصود بالروح، وأيضًا تفسير اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة، ولكني أرى أن السياق يُشير إلى أن المقصود من المعارج هنا هو الوسائل التي تستخدمها الملائكة في الصعود إلى السماء؛ لأنه سبحانه ذكر بعدها: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ..}، فكان هذا توضيحًا للمقصود من المعارج في الآية التي قبلها، وليس المقصود هو درجات القرب من الله، أو درجات الجنَّة، كما فسَّر البعض، كما أن الروح في الآية -على الأغلب- هو جبريل عليه السلام، كما ذكر بعض العلماء[7]، وهو يُناسب جمعه مع الملائكة، وقد يكون المقصود أرواح المؤمنين التي تصعد إلى السماء السابعة بعد موتها، ثم تعود إلى الأرض، وإن كنتُ أميل إلى أن المقصود هو جبريل عليه السلام، وهو الذي يُتَوَقَّع جمعه مع الملائكة، وعلى هذا فإنني أرى أن المقصود من اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة هو تحديد سرعة عروج جبريل وبعض الملائكة إلى الله تعالى، وليس المقصود هنا يومَ القيامة أو غيره، فكأن المعنى هو أن جبريل عليه السلام وبعض الملائكة يقطعون في عروجهم من الأرض إلى السماء في يوم واحد ما يقطعه البشر في خمسين ألف سنة، وهذه هي السرعة التي تمَّت بها -والله أعلم- رحلة المعراج، التي كان جبريل عليه السلام شريكًا فيها.

    والذي يدعوني إلى قول أن هذا خاص ببعض الملائكة مع جبريل، وليس كلهم، هو أن الله تعالى ذكر تقديرًا آخر لهذه السرعة في آيات أخرى؛ فقال سبحانه: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: 5]، فهذه الآية تتحدَّث عن تدبير ربِّ العالمين لأمور الأرض، وهذا يكون عن طريق الملائكة، وسياق الآية يُشير إلى أن الملائكة تنزل بالأمر من عند الله تعالى ثم تعود إليه مرَّة أخرى -أي ذهابًا وإيابًا- في يوم يُوازي ألف سنة من أيام البشر؛ أي أن العروج وحده يكون في خمسمائة سنة من سنوات البشر، فمعنى هذا أن ما يقطعه البشر في خمسمائة سنة يقطعه المـَلَك في يوم واحد، وهذا يعني أن سرعة جبريل عليه السلام مائة ضعف سرعة كثير من الملائكة، وهو أمر متوقَّع؛ حيث إنه الـمَلَك الموكل بالوحي، ومن طبيعة عمله أنه ينزل من عند الله فور حدوث الأمر، وما أكثر مواقف السيرة التي نرى فيها جبريل قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فور الاحتياج إلى معرفة أمر الله، ولنراجع مثالاً واحدًا لمحاولة استيعاب سرعة جبريل عليه السلام، فقد روى زيد بن ثابت رضي الله عنه "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}، قَالَ: فَجَاءَهُ ابن أم مكتومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ -وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى- فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]"، فنحن لم نكد نرى ابن أمِّ مكتوم رضي الله عنه يسأل حتى وجدنا جبريل ينزل من عند الرحمن عز وجل بالإجابة الشافية! إنَّ هذه السرعة الهائلة هي التي تمَّتْ بها عملية العروج إلى السماء، وهي التي أشار الله إلى تقديرها في سورة المعارج.

    خامسًا: يُؤَيِّد وجود المعراج لأرواح الموتى ما رواه مسلم وابن ماجه عَنْ أُمِّ أم سلمة رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أبي سلمة وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ" [8]. وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يصف حركة الملائكة بروح الميت المؤمن: "فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلاَ يَمُرُّونَ، يَعْنِي بِهَا، عَلَى مَلإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟..". وقال عند وصفه للملائكة وهي تحمل روح الميت الخبيث: "فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلاَ يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟.." [9]. ولا يخفى ما تحمله كلمة الصعود من شرح لعملية ارتقاء على سلم أو معراج.

    سادسًا: هناك رواية لـحذيفة بن اليمان رضي الله عنه تُعطي الانطباع أن العروج إلى السماء كان بالبراق، وهذا على خلاف ما نعتقده، فوجب التنبيه عليه، فقد روى زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ -وهو من كبار التابعين- عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "أُتِيَ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَلَمْ يُزَايِلاَ ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَعِدَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَأَرَاهُ الجَنَّةَ وَالنَّارَ". ثُمَّ قَالَ (أي حذيفة) لِي: هَلْ صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ؟ إِنِّي لأَعْرِفُ وَجْهَكَ وَمَا أَدْرِي مَا اسْمُكَ. قَالَ: قُلْتُ: أَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ. قَالَ: فَأَيْنَ تَجِدُهُ صَلَّى؟ فَتَلَوْتُ الآيَةَ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى فِيهِ لَصَلَّيْتُمْ كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَرَبَطَ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْبِطُ بِهَا الأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: أَكَانَ يَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ مِنْهُ وَقَدْ أَتَاهُ اللهُ بِهَا؟[10].

    والرواية تختلف في الحقيقة عن روايات الإسراء والمعراج التي نقلها مالك بن صعصعة، وأنس بن مالك، وأبو ذرٍّ الغفاري، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا؛ وذلك في أكثر من وجه، فحذيفة ينفي في هذه الرواية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس، ويُعَلِّل ذلك بالحذر من فرضها على المسلمين، وكذلك ينفي ربط البراق خارج المسجد، ثم هو ينفي مزايلة ظهر البراق طوال رحلة الإسراء والمعراج، وهذا كله على خلاف ما ذكره بقية الصحابة، وهو هنا لم ينقل أمرًا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُصرِّح بذلك، فالأمر اجتهاد منه، وهو مخالف لإجماع الصحابة، كما أن تعليله رضي الله عنه لعدم الصلاة في المسجد الأقصى مخالف لأفعال الصحابة، وفهمهم للأمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلَّى في أماكن كثيرة يعلمها الصحابة؛ ولكنهم لم يفهموا وجوب الصلاة فيها؛ بل كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى عن تتبُّع مثل هذه الأماكن خوفًا من أن يزيد أحد المسلمين في الدين والسُنَّة، فقد روى مَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: وَافَيْتُ الْمَوْسِمَ مَعَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَصَلَّى لَنَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ، فَقَرَأَ فِيهَا: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} وَ{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ}، ثُمَّ رَأَى أُنَاسًا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: "أَيْنَ يَذْهَبُونَ هَؤُلاَءِ؟" قَالُوا: يَأْتُونَ مَسْجِدًا هَا هُنَا صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَشْبَاهِ هَذِهِ؛ يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، فَاتَّخَذُوهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَلاَ يَتَعَمَّدَنَّهَا" [11].

    وهكذا لا تثبت حجة حذيفة رضي الله عنه، ولا يلزم وجوب الصلاة في بيت المقدس إذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلَّى فيه، والقاعدة الأصولية تُؤَكِّد على أن الـمُثْبَت مقدَّم على المنفي، وقد أثبت كثير من الصحابة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى، وأثبتوا ربط البراق بالصخرة، كما أثبتوا مزايلة -أي ترك ظهر- البراق أثناء الرحلة، كما ورد في رواية البيهقي، التي أوضحت نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرَّات قبل الوصول إلى بيت المقدس، للصلاة في يثرب، ثم في مدين، ثم في بيت لحم؛ وفوق كل هذا فإن سياق كلام حذيفة رضي الله عنه وصف عدم المزايلة في الرحلة من مكة إلى بيت المقدس، ولا يستلزم السياق أن يمتدَّ الأمر إلى رحلة المعراج؛ فقد قال حذيفة رضي الله عنه: "فَلَمْ يُزَايِلاَ ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَعِدَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى السَّمَاءِ". فكان وصف عدم المزايلة شارحًا الأمر حتى الانتهاء إلى بيت المقدس، ولا يستلزم الكلام أن يكون قد أكمل الرحلة إلى السماء بالوسيلة نفسها، والله أعلم.
    __________________
    [1] ابن حجر: فتح الباري 7/208.
    [2] بلفظ: "ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ u بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ". البيهقي: دلائل النبوة 2/390، 391.
    [3] ابن هشام: السيرة النبوية 1/403
    [4] ابن المرجى المقدسي: فضائل بيت المقدس ص159، 160.
    [5] انظر: أبو سعد: شرف المصطفى 2/169.
    [6] قال ابن كثير: والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من أمر بيت المقدس نصب له المعراج؛ وهو السلم، فصعد فيه إلى السماء، ولم يكن الصعود على البراق كما قد يتوهمه بعض الناس؛ بل كان البراق مربوطًا على باب مسجد بيت المقدس ليرجع عليه إلى مكة. انظر: البداية والنهاية 3/138، وقال السيوطي: الصحيح الذي تقرر من الأحاديث الصحيحة أن العروج كان في المعراج لا على البراق. انظر: السيوطي: الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، ص60.
    [7] قال الماوردي: "{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]؛ أي تصعد، وفي الروح ثلاثة أقاويل؛ أحدها: أنه روح الميت حين يقبض، قاله قَبيصة بن ذؤيب، يرفعه. الثاني: أنه جبريل، كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء: 193]. الثالث: أنه خلق من خلق الله كهيئة الناس وليس بالناس. قاله أبو صالح". الماوردي: النكت والعيون 6/90، وقال ابن عطية: "وَالرُّوحُ عند جمهور العلماء: هو جبريل عليه السلام خصصه بالذكر تشريفًا". ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 5/365، وقال القرطبي: "والروح جبريل عليه السلام، قاله ابن عباس رضي الله عنهما. دليله قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء: 193]. وقيل: هو ملك آخر عظيم الخلقة". انظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 18/281، وقال ابن كثير: "ويحتمل أن يكون المراد به جبريل، ويكون من باب عطف الخاص على العام، ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم، فإنها إذا قبضت يُصعد بها إلى السماء". ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 8/221.
    [8] مسلم: كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، (920)، وابن ماجه (1454)، وأحمد (26585).
    [9] أحمد (18557)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح رجاله رجال الصحيح. وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد 3/50.
    [10] أحمد (23380)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. وأبو داود الطيالسي (411)، وقال البوصيري: هذا إسناد رواته ثقات. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 6/228، وحسنه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (874).
    [11] الطحاوي: شرح مشكل الآثار 12/545، واللفظ له، عبد الرزاق: المصنف 2/118 (2734)، وابن أبي شيبة: المصنف 2/151 (7550)، وقال ابن كثير: هذا إسناد صحيح، والله اعلم. انظر: مسند الفاروق 1/142، 143، وصححه الألباني، انظر: الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب 1/471، 472.


      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 20:49