تقبيل الصحابة يده صلى الله عليه وسلم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
تَقْبِيلُ الصَّحَابَةِ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَطْرَافَهُ تَعْظِيمَاً وَتَبَرُّكَاً بِهِ وَاقْتِبَاسَاً مِنْ أَنْوَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ، ثُمَّ قَعَدْتُ، فَلَمَّا قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ جَعَلُوا يُقَبِّلُونَ يَدَهُ.
قَالَ شَرِيكٌ: فَضَمَمْت يَدَهُ إلَيَّ، فَإِذَا هِيَ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالحَاكِمُ.
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ نَزَلَ عُذْرُهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَبَّلَهَا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
تَقْبيلُ الصَّحَابَةِ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدَمَيْهِ الشَّرِيفَتَيْنِ:
عَنْ حِصْنِ بْنِ وَحْوَحٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَدْنُو مِنْهُ وَيَلْصَقُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَيُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ.
وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرَاً.
فَعَجِبَ لِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ ـ أَيْ: شَابٌّ حَدَثٌ ـ فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْ أَبَاكَ».
فَخَرَجَ مُوَلِّيَاً لِيَفْعَلَ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «أَقْبِلْ، فَإِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ» الحَدِيثَ. عَزَاهُ في الإِصَابَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ إلى البَغَوِيِّ وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ شَاهِينَ، وَابْنِ السَّكَنِ ـ ثُمَّ قَالَ: وَغَيْرِهِمْ.
وَرَوَى البَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ مِزْيَدَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ قَالَ لَهُمْ: «سَيَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَا هُنَا رَكْبٌ هُمْ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ المَشْرِقِ».
فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَحْوَهُمْ، فَلَقِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبَاً فَقَالَ لَهُمْ: مَنِ الْقَوْمُ؟
قَالُوا: مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ.
قَالَ: مَنْ أَقْدَمَكُمْ هَذِهِ الْبِلَادَ؟ الِتِّجَارَةُ؟
قَالُوا: لَا.
قَالَ: أَمَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَكُمْ آنِفَاً ـ أَيْ: الآنَ ـ.
ثُمَّ مَشَى مَعَهُمْ حَتَّى أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ للقَوْمِ: هَذَا صَاحِبُكُمُ الذي تُرِيدُونَ.
فَرَمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ رَكَائِبِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى إِلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى، حَتَّى أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الزَّرَّاعِ بْنِ عَامِرٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالبَيْهَقِيِّ، وَكَانَ مِنْ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، نُقَبِّلُ يَدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ.
وَانْتَظَرَ الأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ (صُنْدُوقٌ صَغِيرٌ) فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ـ الأَبْيَضَيْنِ ـ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهَا.
فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ ـ وَفِي رِوَايَةٍ: خَلَّتَيْنِ ـ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ، الحِلْمُ وَالأَنَاةُ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَلَّتَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا أَمْ جَبَلَنِي اللهُ عَلَيْهِمَا؟
قَالَ: «بَلْ جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا».
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى: قَدِيمَاً كَانَا فِيَّ أَمْ حَدِيثَاً؟
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ قَدِيمَاً».
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَمِنْ ذَلِكَ: تَبَرُّكُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو المُزَنِيِّ بِقَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ في الإِصَابَةِ: أَخْرَجَ حَدِيثَهُ النَّسَائِيُّ وَالبَغَوِيُّ وَابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ مَنْدَه بِعُلُوٍّ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو المُزَنِيِّ قَالَ: إِنِّي لَفِي حَجَّةِ الوَدَاعِ خُمَاسِ أَو سُدَاسِ، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي حَتَّى انْتَهَيْنَا إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمِنَىً يَوْمَ النَّحْرِ، فَرَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ.
فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَدَنَوْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِسَاقِهِ ثُمَّ مَسَحْتُهَا حَتَّى أَدْخَلْتُ كَفِّي فِيمَا بَيْنَ أَخْمَصِ قَدَمِهِ وَالنَّعْلِ، فَكَأَنِّي أَجِدُ بَرْدَهَا عَلَى كَفِّي.
فَهُوَ يَتَمَسَّحُ مُتَبَرِّكَاً بِقَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَقْبِيلُ عَبِدْ اللهِ بْنِ أَبِي سَبَقَةَ ـ وَيُقَالُ سَبَقَه ـ سَاقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ:
رَوَى الإِمَامُ البَغَوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبَقَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ ـ زَادَ ابْنُ مَنْدَه في رِوَايَتِهِ: في حَجَّةِ الوَدَاعِ ـ وَكَأَنَّ رِجْلَهُ في غَرْزَةٍ لِحِمَارِهِ، فَاحْتَضَنْتُهَا، فَفَزَعَنِي بِالسَّوْطِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، القَصَاصَ.
قَالَ: فَنَاوَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السَّوْطَ، فَقَبَّلْتُ سَاقَهُ وَرِجْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كَمَا في الإِصَابَةِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
تَقْبِيلُ الصَّحَابَةِ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَطْرَافَهُ تَعْظِيمَاً وَتَبَرُّكَاً بِهِ وَاقْتِبَاسَاً مِنْ أَنْوَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ، ثُمَّ قَعَدْتُ، فَلَمَّا قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ جَعَلُوا يُقَبِّلُونَ يَدَهُ.
قَالَ شَرِيكٌ: فَضَمَمْت يَدَهُ إلَيَّ، فَإِذَا هِيَ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالحَاكِمُ.
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ نَزَلَ عُذْرُهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَبَّلَهَا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
تَقْبيلُ الصَّحَابَةِ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدَمَيْهِ الشَّرِيفَتَيْنِ:
عَنْ حِصْنِ بْنِ وَحْوَحٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَدْنُو مِنْهُ وَيَلْصَقُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَيُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ.
وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرَاً.
فَعَجِبَ لِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ ـ أَيْ: شَابٌّ حَدَثٌ ـ فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْ أَبَاكَ».
فَخَرَجَ مُوَلِّيَاً لِيَفْعَلَ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «أَقْبِلْ، فَإِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ» الحَدِيثَ. عَزَاهُ في الإِصَابَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ إلى البَغَوِيِّ وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ شَاهِينَ، وَابْنِ السَّكَنِ ـ ثُمَّ قَالَ: وَغَيْرِهِمْ.
وَرَوَى البَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ مِزْيَدَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ قَالَ لَهُمْ: «سَيَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَا هُنَا رَكْبٌ هُمْ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ المَشْرِقِ».
فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَحْوَهُمْ، فَلَقِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبَاً فَقَالَ لَهُمْ: مَنِ الْقَوْمُ؟
قَالُوا: مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ.
قَالَ: مَنْ أَقْدَمَكُمْ هَذِهِ الْبِلَادَ؟ الِتِّجَارَةُ؟
قَالُوا: لَا.
قَالَ: أَمَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَكُمْ آنِفَاً ـ أَيْ: الآنَ ـ.
ثُمَّ مَشَى مَعَهُمْ حَتَّى أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ للقَوْمِ: هَذَا صَاحِبُكُمُ الذي تُرِيدُونَ.
فَرَمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ رَكَائِبِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى إِلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى، حَتَّى أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الزَّرَّاعِ بْنِ عَامِرٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالبَيْهَقِيِّ، وَكَانَ مِنْ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، نُقَبِّلُ يَدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ.
وَانْتَظَرَ الأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ (صُنْدُوقٌ صَغِيرٌ) فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ـ الأَبْيَضَيْنِ ـ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهَا.
فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ ـ وَفِي رِوَايَةٍ: خَلَّتَيْنِ ـ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ، الحِلْمُ وَالأَنَاةُ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَلَّتَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا أَمْ جَبَلَنِي اللهُ عَلَيْهِمَا؟
قَالَ: «بَلْ جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا».
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى: قَدِيمَاً كَانَا فِيَّ أَمْ حَدِيثَاً؟
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ قَدِيمَاً».
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَمِنْ ذَلِكَ: تَبَرُّكُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو المُزَنِيِّ بِقَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ في الإِصَابَةِ: أَخْرَجَ حَدِيثَهُ النَّسَائِيُّ وَالبَغَوِيُّ وَابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ مَنْدَه بِعُلُوٍّ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو المُزَنِيِّ قَالَ: إِنِّي لَفِي حَجَّةِ الوَدَاعِ خُمَاسِ أَو سُدَاسِ، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي حَتَّى انْتَهَيْنَا إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمِنَىً يَوْمَ النَّحْرِ، فَرَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ.
فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَدَنَوْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِسَاقِهِ ثُمَّ مَسَحْتُهَا حَتَّى أَدْخَلْتُ كَفِّي فِيمَا بَيْنَ أَخْمَصِ قَدَمِهِ وَالنَّعْلِ، فَكَأَنِّي أَجِدُ بَرْدَهَا عَلَى كَفِّي.
فَهُوَ يَتَمَسَّحُ مُتَبَرِّكَاً بِقَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَقْبِيلُ عَبِدْ اللهِ بْنِ أَبِي سَبَقَةَ ـ وَيُقَالُ سَبَقَه ـ سَاقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ:
رَوَى الإِمَامُ البَغَوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبَقَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ ـ زَادَ ابْنُ مَنْدَه في رِوَايَتِهِ: في حَجَّةِ الوَدَاعِ ـ وَكَأَنَّ رِجْلَهُ في غَرْزَةٍ لِحِمَارِهِ، فَاحْتَضَنْتُهَا، فَفَزَعَنِي بِالسَّوْطِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، القَصَاصَ.
قَالَ: فَنَاوَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السَّوْطَ، فَقَبَّلْتُ سَاقَهُ وَرِجْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كَمَا في الإِصَابَةِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin