حفظ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ (8)
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
وَفِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فِي مَجْلِسِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِطَعَامٍ، خُبْزٍ وَلَحْمٍ.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ». فَنُووِلَ ذِرَاعَاً فَأَكَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ». فَنُووِلَ ذِرَاعَاً فَأَكَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ.
فَقَالَ: «وَأَبِيكَ لَوْ سَكَتَّ مَا زِلْتُ أُنَاوَلُ مِنْهَا ذِرَاعَاً مَا دَعَوْتُ بِهِ». قَالَ: وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» في المَرَّةِ الثَّالِثَةِ ـ مَعَ العِلْمِ أَنَّ الشَّاةَ لَهَا ذِرَاعَانِ ـ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُظْهِرَ أَمْرَاً مُعْجِزَاً فِيهِ الإِكْرَامُ، وَفِيهِ البُرْهَانُ، وَفِيهِ الإِشْهَادُ بِالعَيَانِ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مَحَلَّاً قَابِلَاً، لَمْ تَظْهَرْ تِلْكَ المُعْجِزَةُ.
وَلِذَلِكَ قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي ذِرَاعَاً فَذِرَاعَاً مَا سَكَتَّ» (أَيْ: مُدَّةَ سُكُوتِكَ) لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ فِيهَا ذِرَاعَاً فَذِرَاعَاً، مُعْجِزَةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَحَمَلَتِ الـمُنَاوِلَ عَجَلَتُهُ المُرَكَّبَةُ في الإِنْسَانِ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَانِ، فَانْقَطَعَ المَدَدُ.
لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مَدَدِ الكَرِيمِ سُبْحَانَهُ، إِكْرَامَاً لِخُلَاصَةِ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ تَلَقَّاهُ المُنَاوِلُ بِالأَدَبِ، سَاكِتَاً مُصْغِيَاً إلى ذَاكَ العَجَبِ: لَكَانَ شُكْرَاً مِنْهُ مُقْتَضِيَاً لِتَشْرِيفِهِ بِإِجْرَاءِ هَذَا المَدَدِ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَكِنَّهُ تَلَقَّاهُ بِصُورَةِ الإِنْكَارِ، فَرَجَعَ الكَرَمُ مُوَلِّيَاً، لَمَّا لَمْ يَجِدْ قَابِلَاً، إِذْ لَا يَلِيقُ لِمُشَاهَدَةِ هَذِهِ المُعْجِزَةِ العَظِيمَةِ ـ إِذْ في شُهُودِهَا نَوْعُ تَشْرِيفٍ للمُطَّلِعِ عَلَيْهَا ـ إِلَّا لِمَنْ كَمُلَ تَسْلِيمُهُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ أَدْنَى حَظٍّ وَلَا إِرَادَةٍ. اهـ.
وَهَكَذَا في حَادِثَةِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ، لَمَّا مَرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمِ يُؤَبِّرُونَ النَّخْلَ، أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَهُمْ وَيُتْحِفَهُمْ، وَأَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مُعْجِزَةً خَارِقَةً للعَادَةِ المُطَّرِدَةِ في إِصْلَاحِ النَّخِيلِ بِالتَّأْبِيرِ، فَيُكْرِمَهُمْ خَاصَّةً بِصَلَاحِهِ دُونَ تَأْبِيرٍ، إِذْ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِمُوجَبِ العَادَةِ حَاجَةَ النَّخِيلِ إلى تَأْبِيرٍ كَمَا يَعْلَمُونَ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ مُطَّلِعٌ عَلَى أُمُورِهِمْ.
وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَقْبَلْ قُلُوبُ بَعْضِ أُولَئِكَ النَّفَرِ، وَلَمْ تَسْتَسْلِمْ كُلَّ الاسْتِسْلامِ إلى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا (أَيْ: التَّأْبِيرَ) لَصَلُحَ». بَلْ وَقَفُوا عِنْدَ مَعْلُومَاتِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ المُطَّرِدَةِ مِنْ فَنِّ زِرَاعَةِ النَّخِيلِ، وَأَنَّ صَلَاحَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى التَّأْبِيرِ، فَلَمْ يَلْقَ الكَرَمُ مَحَلَّاً قَابِلَاً فَرَجَعَ.
وَلِذَلِكَ رَدَّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إلى الأَسْبَابِ المُعْتَادَةِ لَدَيْهِمْ، المَعْلُومَةِ عِنْدَهُمُ التي وَقَفُوا عِنْدَهَا وَلَمْ يُجَاوِزُوهَا؛ فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ». أَيْ: فَارْجِعُوا إلى العَمَلِ بِمُوجَبِ عِلْمِكُمْ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ.
وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، وَصَوَابِ مَا فَهِمْنَاهُ، مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْطِئْ في ذَلِكَ، قَوْلُ الشَّيْخِ العَارِفِ بِاللهِ تعالى، صَاحِبِ الإِبْرِيزِ ـ نَفَعَنَا اللهُ تعالى بِمَعَارِفِهِ، حِينَ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ؟
فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَتْ» كَلَامٌ حَقٌّ، وَقَوْلٌ صِدْقٌ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ هَذَا الكَلَامُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الجَزْمِ وَاليَقِينِ بِأَنَّهُ تعالى هُوَ الفَاعِلُ بِالإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ الجَزْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ سَرَيَانِ فِعْلِهِ تعالى في سَائِرِ المُمْكِنَاتِ مُبَاشَرَةً بِلَا وَاسِطَةٍ وَلَا سَبَبٍ، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا تَسْكُنُ ذَرَّةٌ، وَلَا تَتَحَرَّكُ شَعْرَةٌ، وَلَا يَخْفِقُ قَلْبٌ، وَلَا يَضْرِبُ عِرْقٌ، وَلَا تَطْرِفُ عَيْنٌ، وَلَا يُومِئُ حَاجِبٌ، إِلَّا وَهُوَ تعالى فَاعِلُهُ مُبَاشَرَةً مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهَذَا أَمْرٌ يُشَاهِدُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُشَاهِدُ غَيْرَهُ وَسَائِرَ المَحْسُوسَاتِ، وَلَا يَغِيبُ ذَلِكَ عَنْ نَظَرِهِ لَا في اليَقَظَةِ وَلَا في المَنَامِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ الذي فِيهِ هَذِهِ المُشَاهَدَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ المُشَاهَدَةِ تَطِيحُ الأَسْبَابُ مِنْ نَظَرِهِ، وَيَتَرَقَّى عَنِ الإِيمَانِ بِالغَيْبِ إلى الشُّهُودِ وَالعَيَانِ، فَعِنْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. مُشَاهَدَةٌ دَائِمَةٌ لَا تَغِيبُ، وَيَقِينٌ يُنَاسِبُ هَذِهِ المُشَاهَدَةَ، وَهُوَ أَنْ يَجْزِمَ بِمَعْنَى الآيَةِ جَزْمَاً لَا يَخْطُرُ مَعَهُ بِالبَالِ نِسْبَةُ الفِعْلِ إلى غَيْرِهِ تعالى، وَلَوْ كَانَ هَذَا الخَاطِرُ قَدْرَ رَأْسِ النَّمْلَةِ.
قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الجَزْمَ الذي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، تُخْرَقُ بِهِ العَوَائِدُ، وَتَنْفَعِلُ بِهِ الأَشْيَاءُ، وَهُوَ سِرُّ اللهِ تعالى الذي لَا يَبْقَى مَعَهُ سَبَبٌ وَلَا وَاسِطَةٌ.
فَصَاحِبُ هَذَا المَقَامِ إِذَا أَشَارَ إلى سُقُوطِ الأَسْبَابِ، وَنِسْبَةِ الفِعْلِ إلى رَبِّ الأَرْبَابِ كَانَ قَوْلُهُ حَقَّاً، وَكَلَامُهُ صِدْقَاً.
قَالَ: وَأَمَّا صَاحِبُ الإِيمَانِ بِالغَيْبِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ في قَوْلِه تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ مُشَاهَدَةٌ، بَلْ إِنَّمَا يُشَاهِدُ نِسْبَةَ الأَفْعَالِ إلى مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، وَلَا يَجْذِبُهُ إلى مَعْنَى الآيَةِ وَنِسْبَةِ الفِعْلِ إِلَيْهِ تعالى إِلَّا الإِيمَانُ الذي وَهَبَهُ اللهُ تعالى، فَعِنْدَهُ جَاذِبَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ الإِيمَانُ الذي يَجْذِبُهُ إلى الحَقِّ.
وَثَانِيهِمَا: مِنْ طَبْعِهِ وَهُوَ مُشَاهَدَةُ الفِعْلِ مِنَ الغَيْرِ الذي يَجْذِبُهُ إلى البَاطِلِ.
فَهُوَ بَيْنَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ دَائِمَاً، لَكِنْ تَارَةً يَقْوَى الجَاذِبُ الإِيمَانِيُّ، فَتَجِدُهُ يَسْتَحْضِرُ مَعْنَى الآيَةِ السَّابِقَةِ سَاعَةً وَسَاعَتَيْنِ، وَتَارَةً يَقْوَى الجَاذِبُ الطَّبِيعِيُّ فَتَجِدُهُ يَغْفُلُ عَنْ مَعْنَاهُ اليَوْمَ وَاليَوْمَيْنِ، وَفِي أَوْقَاتِ الغَفْلَةِ يَنْتَفِي اليَقِينُ الخَارِقُ للعَادَةِ، فَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ ـ أُولَئِكَ النَّفَرَ ـ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَاتَهُمُ اليَقِينُ الخَارِقُ وَقْتَئِذٍ، الذي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ بَاطِنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِحَسْبِهِ خَرَجَ كَلَامُهُ الحَقُّ، وَقَوْلُهُ الصِّدْقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَلَمَّا عَلِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العِلَّةَ في عَدَمِ وُقُوعِ مَا ذَكَرَهُ ـ لَهُمْ ـ وَعَلِمَ أَنَّ زَوَالَ تِلْكَ العِلَّةِ لَيْسَ مِنْ طَوْقِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ وَقْتَئِذٍ ـ أَبْقَاهُمْ عَلَى حَالَتِهِمْ، وَقَالَ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ» اهـ. كَلَامُ الإِبْرِيزِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
وَفِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فِي مَجْلِسِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِطَعَامٍ، خُبْزٍ وَلَحْمٍ.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ». فَنُووِلَ ذِرَاعَاً فَأَكَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ». فَنُووِلَ ذِرَاعَاً فَأَكَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ.
فَقَالَ: «وَأَبِيكَ لَوْ سَكَتَّ مَا زِلْتُ أُنَاوَلُ مِنْهَا ذِرَاعَاً مَا دَعَوْتُ بِهِ». قَالَ: وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» في المَرَّةِ الثَّالِثَةِ ـ مَعَ العِلْمِ أَنَّ الشَّاةَ لَهَا ذِرَاعَانِ ـ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُظْهِرَ أَمْرَاً مُعْجِزَاً فِيهِ الإِكْرَامُ، وَفِيهِ البُرْهَانُ، وَفِيهِ الإِشْهَادُ بِالعَيَانِ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مَحَلَّاً قَابِلَاً، لَمْ تَظْهَرْ تِلْكَ المُعْجِزَةُ.
وَلِذَلِكَ قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي ذِرَاعَاً فَذِرَاعَاً مَا سَكَتَّ» (أَيْ: مُدَّةَ سُكُوتِكَ) لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ فِيهَا ذِرَاعَاً فَذِرَاعَاً، مُعْجِزَةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَحَمَلَتِ الـمُنَاوِلَ عَجَلَتُهُ المُرَكَّبَةُ في الإِنْسَانِ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَانِ، فَانْقَطَعَ المَدَدُ.
لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مَدَدِ الكَرِيمِ سُبْحَانَهُ، إِكْرَامَاً لِخُلَاصَةِ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ تَلَقَّاهُ المُنَاوِلُ بِالأَدَبِ، سَاكِتَاً مُصْغِيَاً إلى ذَاكَ العَجَبِ: لَكَانَ شُكْرَاً مِنْهُ مُقْتَضِيَاً لِتَشْرِيفِهِ بِإِجْرَاءِ هَذَا المَدَدِ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَكِنَّهُ تَلَقَّاهُ بِصُورَةِ الإِنْكَارِ، فَرَجَعَ الكَرَمُ مُوَلِّيَاً، لَمَّا لَمْ يَجِدْ قَابِلَاً، إِذْ لَا يَلِيقُ لِمُشَاهَدَةِ هَذِهِ المُعْجِزَةِ العَظِيمَةِ ـ إِذْ في شُهُودِهَا نَوْعُ تَشْرِيفٍ للمُطَّلِعِ عَلَيْهَا ـ إِلَّا لِمَنْ كَمُلَ تَسْلِيمُهُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ أَدْنَى حَظٍّ وَلَا إِرَادَةٍ. اهـ.
وَهَكَذَا في حَادِثَةِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ، لَمَّا مَرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمِ يُؤَبِّرُونَ النَّخْلَ، أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَهُمْ وَيُتْحِفَهُمْ، وَأَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مُعْجِزَةً خَارِقَةً للعَادَةِ المُطَّرِدَةِ في إِصْلَاحِ النَّخِيلِ بِالتَّأْبِيرِ، فَيُكْرِمَهُمْ خَاصَّةً بِصَلَاحِهِ دُونَ تَأْبِيرٍ، إِذْ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِمُوجَبِ العَادَةِ حَاجَةَ النَّخِيلِ إلى تَأْبِيرٍ كَمَا يَعْلَمُونَ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ مُطَّلِعٌ عَلَى أُمُورِهِمْ.
وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَقْبَلْ قُلُوبُ بَعْضِ أُولَئِكَ النَّفَرِ، وَلَمْ تَسْتَسْلِمْ كُلَّ الاسْتِسْلامِ إلى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا (أَيْ: التَّأْبِيرَ) لَصَلُحَ». بَلْ وَقَفُوا عِنْدَ مَعْلُومَاتِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ المُطَّرِدَةِ مِنْ فَنِّ زِرَاعَةِ النَّخِيلِ، وَأَنَّ صَلَاحَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى التَّأْبِيرِ، فَلَمْ يَلْقَ الكَرَمُ مَحَلَّاً قَابِلَاً فَرَجَعَ.
وَلِذَلِكَ رَدَّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إلى الأَسْبَابِ المُعْتَادَةِ لَدَيْهِمْ، المَعْلُومَةِ عِنْدَهُمُ التي وَقَفُوا عِنْدَهَا وَلَمْ يُجَاوِزُوهَا؛ فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ». أَيْ: فَارْجِعُوا إلى العَمَلِ بِمُوجَبِ عِلْمِكُمْ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ.
وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، وَصَوَابِ مَا فَهِمْنَاهُ، مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْطِئْ في ذَلِكَ، قَوْلُ الشَّيْخِ العَارِفِ بِاللهِ تعالى، صَاحِبِ الإِبْرِيزِ ـ نَفَعَنَا اللهُ تعالى بِمَعَارِفِهِ، حِينَ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ؟
فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَتْ» كَلَامٌ حَقٌّ، وَقَوْلٌ صِدْقٌ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ هَذَا الكَلَامُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الجَزْمِ وَاليَقِينِ بِأَنَّهُ تعالى هُوَ الفَاعِلُ بِالإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ الجَزْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ سَرَيَانِ فِعْلِهِ تعالى في سَائِرِ المُمْكِنَاتِ مُبَاشَرَةً بِلَا وَاسِطَةٍ وَلَا سَبَبٍ، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا تَسْكُنُ ذَرَّةٌ، وَلَا تَتَحَرَّكُ شَعْرَةٌ، وَلَا يَخْفِقُ قَلْبٌ، وَلَا يَضْرِبُ عِرْقٌ، وَلَا تَطْرِفُ عَيْنٌ، وَلَا يُومِئُ حَاجِبٌ، إِلَّا وَهُوَ تعالى فَاعِلُهُ مُبَاشَرَةً مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهَذَا أَمْرٌ يُشَاهِدُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُشَاهِدُ غَيْرَهُ وَسَائِرَ المَحْسُوسَاتِ، وَلَا يَغِيبُ ذَلِكَ عَنْ نَظَرِهِ لَا في اليَقَظَةِ وَلَا في المَنَامِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ الذي فِيهِ هَذِهِ المُشَاهَدَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ المُشَاهَدَةِ تَطِيحُ الأَسْبَابُ مِنْ نَظَرِهِ، وَيَتَرَقَّى عَنِ الإِيمَانِ بِالغَيْبِ إلى الشُّهُودِ وَالعَيَانِ، فَعِنْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. مُشَاهَدَةٌ دَائِمَةٌ لَا تَغِيبُ، وَيَقِينٌ يُنَاسِبُ هَذِهِ المُشَاهَدَةَ، وَهُوَ أَنْ يَجْزِمَ بِمَعْنَى الآيَةِ جَزْمَاً لَا يَخْطُرُ مَعَهُ بِالبَالِ نِسْبَةُ الفِعْلِ إلى غَيْرِهِ تعالى، وَلَوْ كَانَ هَذَا الخَاطِرُ قَدْرَ رَأْسِ النَّمْلَةِ.
قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الجَزْمَ الذي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، تُخْرَقُ بِهِ العَوَائِدُ، وَتَنْفَعِلُ بِهِ الأَشْيَاءُ، وَهُوَ سِرُّ اللهِ تعالى الذي لَا يَبْقَى مَعَهُ سَبَبٌ وَلَا وَاسِطَةٌ.
فَصَاحِبُ هَذَا المَقَامِ إِذَا أَشَارَ إلى سُقُوطِ الأَسْبَابِ، وَنِسْبَةِ الفِعْلِ إلى رَبِّ الأَرْبَابِ كَانَ قَوْلُهُ حَقَّاً، وَكَلَامُهُ صِدْقَاً.
قَالَ: وَأَمَّا صَاحِبُ الإِيمَانِ بِالغَيْبِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ في قَوْلِه تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ مُشَاهَدَةٌ، بَلْ إِنَّمَا يُشَاهِدُ نِسْبَةَ الأَفْعَالِ إلى مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، وَلَا يَجْذِبُهُ إلى مَعْنَى الآيَةِ وَنِسْبَةِ الفِعْلِ إِلَيْهِ تعالى إِلَّا الإِيمَانُ الذي وَهَبَهُ اللهُ تعالى، فَعِنْدَهُ جَاذِبَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ الإِيمَانُ الذي يَجْذِبُهُ إلى الحَقِّ.
وَثَانِيهِمَا: مِنْ طَبْعِهِ وَهُوَ مُشَاهَدَةُ الفِعْلِ مِنَ الغَيْرِ الذي يَجْذِبُهُ إلى البَاطِلِ.
فَهُوَ بَيْنَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ دَائِمَاً، لَكِنْ تَارَةً يَقْوَى الجَاذِبُ الإِيمَانِيُّ، فَتَجِدُهُ يَسْتَحْضِرُ مَعْنَى الآيَةِ السَّابِقَةِ سَاعَةً وَسَاعَتَيْنِ، وَتَارَةً يَقْوَى الجَاذِبُ الطَّبِيعِيُّ فَتَجِدُهُ يَغْفُلُ عَنْ مَعْنَاهُ اليَوْمَ وَاليَوْمَيْنِ، وَفِي أَوْقَاتِ الغَفْلَةِ يَنْتَفِي اليَقِينُ الخَارِقُ للعَادَةِ، فَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ ـ أُولَئِكَ النَّفَرَ ـ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَاتَهُمُ اليَقِينُ الخَارِقُ وَقْتَئِذٍ، الذي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ بَاطِنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِحَسْبِهِ خَرَجَ كَلَامُهُ الحَقُّ، وَقَوْلُهُ الصِّدْقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَلَمَّا عَلِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العِلَّةَ في عَدَمِ وُقُوعِ مَا ذَكَرَهُ ـ لَهُمْ ـ وَعَلِمَ أَنَّ زَوَالَ تِلْكَ العِلَّةِ لَيْسَ مِنْ طَوْقِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ وَقْتَئِذٍ ـ أَبْقَاهُمْ عَلَى حَالَتِهِمْ، وَقَالَ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ» اهـ. كَلَامُ الإِبْرِيزِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin