من إرشاداته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ إِرْشَادَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ، وَيُحَذِّرُ مِنَ العَمَلِ الكَثِيرِ المُنْقَطِعِ:
جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ وَكَانَ يَحْجِزُهُ بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (أَيْ: يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ) فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ».
وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلَاً أَثْبَتُوهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنَ المُشَادَّةِ في الدِّينِ:
رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ (قَالَ في الفَتْحِ: وَالمُشَادَّةُ المُغَالَبَةُ. وَالمَعْنَى: لَا يَتَعَمَّقْ أَحَدٌ في الأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَيَتْرُكَ الرِّفْقَ إِلَّا عَجِزَ أَو انْقَطَعَ فَيَنْقَلِبُ. اهـ).
فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا (قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: السَّدَادُ: الاسْتِقَامَةُ وَالإِصَابَةُ، وَالمُقَارَبَةُ: القَصْدُ ـ أَيْ: التَّوَسُّطُـ الذي لَا غُلُوَّ فِيهِ ـ أَيْ: تَجَاوُزُ المَأْمُورِ بِهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ ـ وَلَا تَقْصِيرَ ـ أَيْ: إِخْلَالٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ ـ اهـ).
وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا».
وَالمَعْنَى: الْزَمُوا القَصْدَ؛ أَيْ: التَّوَسُّطَ في الأَمْرِ تَبْلُغُوا المَقْصُودَ وَهُوَ فَضْلُ اللهِ تعالى وَرِضْوَانُهُ.
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: الغَدْوَةُ: سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالرَّوْحَةُ: سَيْرُ آخِرِ النَّهَارِ، وَالدُّلْجَةُ: سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ، وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ وَتَمْثِيلٌ، وَمَعْنَاهُ: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ، تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ وَلَا تَسْأَمُونَ، وَتَبْلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أَنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسِيرُ في هَذِهِ الأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيْرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَبٍ ـ وَاللهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ هَدْيَاً قَاصِدَاً، فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ».
قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ المُنَيِّرِ: في هَذَا الحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى النَّاسُ قَبْلَنَا أَنَّ كُلَّ مُتَنَطِّعٍ ـ أَيْ: مُفَرِّطٍ وَمُتَشَدِّدٍ ـ في الدِّينِ يَنْقَطِعُ، وَلَيْسَ المُرَادُ مَنْعُ طَلَبِ الكَمَالِ في العِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الأُمُورِ المَحْمُودَةِ، بَلِ المُرَادُ مَنْعُ الإِفْرَاطِ المُؤَدِّي إلى المَلَلِ، أَو المُبَالَغَةِ في التَّطَوُّعِ المُفْضِي إلى تَرْكِ الأَفْضَلِ، أَو إِخْرَاجِ الفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ، كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ وَيُغَالِبُ النَّوْمَ إلى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ في آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ في الجَمَاعَةِ، أَو إلى أَنْ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ المُخْتَارُ، أَو إلى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَخَرَجَ وَقْتُ الفَرِيضَةِ. وَفِي حَدِيثِ مِحْجَنِ بْنِ الأَدْرَعِ عِنْدَ أَحْمَدَ: «إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا هَذَا الأَمْرَ بِالمُغَالَبَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ . . . » الحَدِيثَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الإِشَارَةِ إلى الأَخْذِ بِالرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ الأَخْذَ بِالعَزِيمَةِ في مَوْضِعِ الرُّخْصَةِ تَنَطُّعٌ، كَمَنْ يَتْرُكُ التَّيَمُّمَ عِنْدَ العَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ المَاءِ ـ لِضَرَرٍ يُصِيبُهُ ـ فَيْفُضْي اسْتِعْمَالُهُ المَاءَ إلى حُصُولِ الضَّرَرِ. اهـ. كَلَام ابْنُ المُنِيرِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ إِرْشَادَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ، وَيُحَذِّرُ مِنَ العَمَلِ الكَثِيرِ المُنْقَطِعِ:
جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ وَكَانَ يَحْجِزُهُ بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (أَيْ: يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ) فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ».
وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلَاً أَثْبَتُوهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنَ المُشَادَّةِ في الدِّينِ:
رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ (قَالَ في الفَتْحِ: وَالمُشَادَّةُ المُغَالَبَةُ. وَالمَعْنَى: لَا يَتَعَمَّقْ أَحَدٌ في الأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَيَتْرُكَ الرِّفْقَ إِلَّا عَجِزَ أَو انْقَطَعَ فَيَنْقَلِبُ. اهـ).
فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا (قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: السَّدَادُ: الاسْتِقَامَةُ وَالإِصَابَةُ، وَالمُقَارَبَةُ: القَصْدُ ـ أَيْ: التَّوَسُّطُـ الذي لَا غُلُوَّ فِيهِ ـ أَيْ: تَجَاوُزُ المَأْمُورِ بِهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ ـ وَلَا تَقْصِيرَ ـ أَيْ: إِخْلَالٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ ـ اهـ).
وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا».
وَالمَعْنَى: الْزَمُوا القَصْدَ؛ أَيْ: التَّوَسُّطَ في الأَمْرِ تَبْلُغُوا المَقْصُودَ وَهُوَ فَضْلُ اللهِ تعالى وَرِضْوَانُهُ.
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: الغَدْوَةُ: سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالرَّوْحَةُ: سَيْرُ آخِرِ النَّهَارِ، وَالدُّلْجَةُ: سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ، وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ وَتَمْثِيلٌ، وَمَعْنَاهُ: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ، تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ وَلَا تَسْأَمُونَ، وَتَبْلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أَنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسِيرُ في هَذِهِ الأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيْرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَبٍ ـ وَاللهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ هَدْيَاً قَاصِدَاً، فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ».
قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ المُنَيِّرِ: في هَذَا الحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى النَّاسُ قَبْلَنَا أَنَّ كُلَّ مُتَنَطِّعٍ ـ أَيْ: مُفَرِّطٍ وَمُتَشَدِّدٍ ـ في الدِّينِ يَنْقَطِعُ، وَلَيْسَ المُرَادُ مَنْعُ طَلَبِ الكَمَالِ في العِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الأُمُورِ المَحْمُودَةِ، بَلِ المُرَادُ مَنْعُ الإِفْرَاطِ المُؤَدِّي إلى المَلَلِ، أَو المُبَالَغَةِ في التَّطَوُّعِ المُفْضِي إلى تَرْكِ الأَفْضَلِ، أَو إِخْرَاجِ الفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ، كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ وَيُغَالِبُ النَّوْمَ إلى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ في آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ في الجَمَاعَةِ، أَو إلى أَنْ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ المُخْتَارُ، أَو إلى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَخَرَجَ وَقْتُ الفَرِيضَةِ. وَفِي حَدِيثِ مِحْجَنِ بْنِ الأَدْرَعِ عِنْدَ أَحْمَدَ: «إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا هَذَا الأَمْرَ بِالمُغَالَبَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ . . . » الحَدِيثَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الإِشَارَةِ إلى الأَخْذِ بِالرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ الأَخْذَ بِالعَزِيمَةِ في مَوْضِعِ الرُّخْصَةِ تَنَطُّعٌ، كَمَنْ يَتْرُكُ التَّيَمُّمَ عِنْدَ العَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ المَاءِ ـ لِضَرَرٍ يُصِيبُهُ ـ فَيْفُضْي اسْتِعْمَالُهُ المَاءَ إلى حُصُولِ الضَّرَرِ. اهـ. كَلَام ابْنُ المُنِيرِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
أمس في 17:10 من طرف Admin
» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
أمس في 17:04 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
أمس في 16:59 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
أمس في 16:57 من طرف Admin
» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
7/11/2024, 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin
» كتاب: روح الأرواح ـ ابن الجوزي
19/10/2024, 10:51 من طرف Admin
» كتاب: هدية المهديين ـ العالم يوسف اخي چلبي
19/10/2024, 09:54 من طرف Admin
» كتاب: نخبة اللآلي لشرح بدء الأمالي ـ محمد بن سليمان الحلبي الريحاوي
19/10/2024, 09:50 من طرف Admin
» كتاب: الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية - عبد الغني النابلسي ـ ج1
19/10/2024, 09:18 من طرف Admin
» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج2
19/10/2024, 08:56 من طرف Admin
» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج1
19/10/2024, 08:55 من طرف Admin