جوامع من أوصافه الكريمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: جَوَامِعُ مِنْ أَوْصَافِهِ الكَرِيمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُشْتَمِلَةِ عَلَى مَحَاسِنِ خَلْقِهِ، وَكَمَالِ خُلُقِهِ وَآدَابِهِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ:
إِنَّ مِنْ أَجْمَعِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في بَيَانِ أَوْصَافِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الخَلْقِيَّةِ وَالخُلُقِيَّةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِهِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، وَمِنْ أَوْضَحِ تِلْكَ الأَحَادِيثِ المُعْرِبَةِ عَنْ شَمَائِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ ـ وَكَانَ وَصَّافَاً ـ عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئَاً أَتَعَلَّقُ بِهِ (أَيْ: أَحْفَظُهُ وَأَتَمَسَّكُ بِهِ؛ قَالَ العُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا قَالَ الحَسَنُ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَعِيدَ إلى ذَاكِرَتِهِ تِلْكَ الأَوْصَافَ المُحَمَّدِيَّةَ، وَيَجْعَلَهَا مَحْفُوظَةً في خِزَانَةِ قَلْبِهِ، وَلَوْحِ خَيَالِهِ).
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمَاً مُفَخَّمَاً (أَيْ: عَظِيمَاً في نَفْسِهِ، مُعَظَّمَاً في الصُّدُورِ وَالعُيُونِ عِنْدَ كُلِّ مَنْ رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ المَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ (الرَّبْعَةُ وَالمَرْبُوعُ: هُوَ الوَسَطُ، بَيْنَ القَصِيرِ وَالطَّوِيلِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالمُشَذَّبُ: هُوَ الطَّوِيلُ البَائِنُ الطَّولِ، وَالمُرَادُ: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْوَلَ مِنَ المَرْبُوعِ عِنْدَ إِمْعَانِ النَّظَرِ، وَأَمَّا في بَادِئِ النَّظَرِ يُرَى رَبْعَةً، كَمَا تَقَدَّمَ في حَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ؛ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ في جَمْعِ الوَسَائِلِ وَغَيْرِهِ).
عَظِيمَ الْهَامَةِ (الهَامَةُ: بِتَخْفِيفِ المِيمِ هِيَ: الرَّأْسُ، وَعِظَمُ الرَّأْسِ المُتَنَاسِبِ مَعَ الجِسْمِ: دَلِيلُ قُوَّةِ العَقْلِ وَالمَدَارِكِ).
رَجِلَ الشَّعْرِ (أَيْ: في شَعْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ مِنَ الجُعُودَةِ).
إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُهُ فَرَقَهَا، وَإِلَّا فَلَا (المُرَادُ بِالعَقِيقَةِ هُنَا: شَعْرُ الرَّأْسِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَبِلَ أَنْ يُفْرَقَ بِسُهُولَةٍ فَرَقَهُ، أَيْ: جَعَلَ شَعْرَهُ نِصْفَاً عَنِ اليَمِينِ، وَنِصْفَاً عَنِ اليَسَارِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْفَرِقْ: فَلَا، أَيْ: فَلَا يَفْرِقُ شَعْرَهُ بَلْ يَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ).
يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ (أَيْ: إِذَا جَعَلَ شَعْرَهُ وَافِرَاً وَأَعْفَاهُ مِنَ الفَرْقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).
أَزْهَرُ اللَّوْنِ (أَيْ: هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضُ اللَّوْنِ بَيَاضَاً نَيِّرَاً مُشْرَبَاً بِحُمْرَةٍ).
وَاسِعُ الْجَبِينِ (أَيْ: وَاضِحُ الجَبِينِ وَمُمْتَدُّهُ طُولَاً وَعَرْضَاً، وَهُوَ مَعْنَى رِوَايَةِ: صَلْتَ الجَبِينِ، وَعَظِيمَ الجَبْهَةِ)
أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ (الزَّجَجُ: تَقَوُّسٌ في الحَاجِبِ مَعَ طُولٍ مِنْ طَرَفِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ دِقَّةُ الحَاجِبَيْنِ وَسُبُوغَهُمَا).
سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ (القَرَنُ ـ بِالتَّحْرِيكِ ـ هُوَ: اقْتِرَانُ الحَاجِبَيْنِ، وَالْتِقَاءُ أَطْرَافِهِمَا، وَهُوَ مِنَ البَلَجِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ حَاجِبَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَّصِلَا بِبَعْضِهِمَا، فَهُوَ أَبْلَجُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ في حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ المُتَقَدِّمِ: كَانَ أَزَجَّ أَقْرَنَ، فَالمُرَادُ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا يَبْدُو للنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ وَمِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَأَمَّا القَرِيبُ المُتَأَمِّلُ فَيَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبْلَجُ في الوَاقِعِ).
بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغَضَبُ (أَيْ: بَيْنَ حَاجِبَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِرْقٌ إِذَا غَضِبَ تَحَرَّكَ وَظَهَرَ جَلِيَّاً).
أَقْنَى الْعِرْنِينَ (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في شَرْحِ الشَّمَائِلِ: أَقْنَى: مِنَ القَنَا، وَهُوَ ارْتِفَاعُ أَعْلَى الأَنْفِ وَاحْدِيدَابُ الوَسَطِ. اهـ).
لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسِبُهُ مَنْ يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ (أَيْ: للعِرْنِينِ ـ وَهُوَ مَا صَلُبَ مِنْ عَظْمِ الأَنْفِ ـ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ: مِنَ الشَّمَمِ، وَهُوَ ارْتِفَاعُ قَصَبَةِ الأَنْفِ، مَعَ اسْتِوَاءِ أَعْلَاهُ وَإِشْرَافُ الأَرْنَبَةِ).
كَثَّ اللِّحْيَةِ (أَيْ: عَظِيمَ اللِّحْيَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ)
سَهْلَ الْخَدَّيْنِ (وَفِي رِوَايَةِ البَيْهَقِيِّ: أَسْهَلُ الخَدَّيْنِ، أَيْ: غَيْرَ مُرْتَفِعِ الخَدَّيْنِ، وَهُوَ أَكْمَلُ وَأَجْمَلُ).
ضَلِيعَ الْفَمِ (أَيْ: عَظِيمَ الفَمِ، وَلَيْسَ بِضَيِّقِ الفَمِ، فَإِنَّ سَعَةَ الفَمِ تُعْطِي فَصَاحَةً في الكَلَامِ، وَبَيَانَاً لِمَخَارِجِ الأَلْفَاظِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى تَنَاسُبٍ كَامِلٍ بَيْنَ أَعْضَاءِ جِسْمِهِ الشَّرِيفِ كُلِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ)
مُفْلَجَ الْأَسْنَانِ (يَعْنِي: أَنَّ أَسْنَانَهُ الشَّرِيفَةَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنْتَظِمَةً وَمُنْفَرِجَةً، وَلَيْسَتْ مُتَرَاصَّةً وَمُتَضَايِقَةً فَوْقَ بَعْضِهَا).
دَقِيقَ المَسْرُبَةِ (المَسْرُبَةُ: هِيَ الشَّعْرُ بَيْنَ الصَّدْرِ وَالسُّرَّةِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ تِلْكَ المَسْرُبَةَ هِيَ دَقِيقَةٌ).
كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدٌ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ (الجِيدُ: هُوَ العُنُقُ، وَالمُرَادُ: كَأَنَّ عُنُقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في اسْتِوَائِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَحُسْنِ هَيْئَتِهِ وَجَمَالِهِ، كَأَنَّهُ عُنُقُ صُورَةٍ، وَلِكَنْ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ هُوَ في صَفَاءِ الفِضَّةِ وَبَيَاضِهَا البَهِيجِ اللَّامِعِ).
مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ (يَعْنِي: أَنَّ جَمِيعَ أَعْضَاءِ جِسْمِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَلَقَهَا اللهُ تعالى كَامِلَةً مُتَنَاسِبَةً مَعَ بَعْضِهَا غَيْرَ مُتَنَافِرَةٍ).
بَادِنٌ مُتَمَاسِكٌ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُمْتَلِئُ الجِسْمِ، لَيْسَ بِالنَّحِيلِ وَلَا بِالهَزِيلِ، وَأَنَّ أَعْضَاءَهُ الشَّرِيفَةَ مُتَمَاسِكَةٌ بِقُوَاهَا، وَلَيْسَتْ مُتَرَاخِيَةً).
سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ (وَالمَعْنَى: أَنَّ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ الشَّرِيفَيْنِ مُسْتَوِيَانِ، لَا يَنْتَأُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ).
عَرِيضَ الصَّدْرِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ (الكَرَادِيسُ جَمْعُ كُرْدُوسٍ، وَهُوَ رَأْسُ العِظَامِ وَمَجْمَعُهَا، كَالرُّكْبَةِ وَالمَنْكِبَ وَنَحْوِهِمَا، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَظِيمَ رُؤُوسِ العِظَامِ وَمَجَامِعِهَا وَقَوِيَّهَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى كَمَالِ قِوَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).
أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْوَرُ العُضْوِ المُتَجَرِّدِ عَنِ الثَّوْبِ وَشَدِيدُ بَيَاضِهِ).
مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كالْخَطِّ (اللُّبَّةُ: هِيَ النَقْرَةُ فَوْقَ الصَّدْرِ، وَالسُّرَّةُ مَا بَقِيَ بَعْدَ القَطْعِ، وَأَمَّا الذي يُقْطَعُ عِنْدَ الوِلَادَةِ فَهُو السُّرُّ).
عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ (أَيْ: خَالِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالبَطْنِ مِنَ الشَّعْرِ).
أَشْعُرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالمَنْكِبَيْنِ وأَعَالِي الصَّدْرِ (أَيْ: كَثِيرَ شَعْرِ هَذِهِ المَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ).
طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ (أَيْ: وَاسِعَ الكَفِّ).
شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ (أَيْ: ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَمَا جَاءَ في رِوَايَةٍ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُمْتَلِئُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ بِالضَّعِيفِ النَّحِيلِ).
سَائِلَ الْأَطْرَافِ، أَو قَالَ شَائِلَ الْأَطْرَافِ (الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُرْتَفِعَ الأَطْرَافِ بِلَا احْدِيدَابٍ وَلَا انْقِبَاضٍ).
خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ ((تَثْنِيَةُ أَخْمَصِ، وَأَخْمَصُ القَدَمِ هُوَ المَوْضِعُ الذي لَا يَمَسُّ الأَرْضَ عِنْدَ وَطْئِهَا مِنْ وَسَطِ القَدَمِ، وَمَعْنَى خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَدِيدُ تَجَافِي الأَخْمَصَيْنِ عَنِ الأَرْضِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الاعْتِدَالِ وَالجَمَالِ).
مَسِيحَ القَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا المَاءُ (أَيْ: أَمْلَسُ القَدَمَيْنِ وَمُسْتَوْيُّهُمَا بِلَا تَكَسُّرٍ، وَلِذَلِكَ يَنْبُو عَنْهُمَا الَماءُ، أَيْ: يَتَبَاعَدُ عَنْهُمَا المَاءُ، يَعْنِي أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَبَّ عَلَيْهِمَا المَاءَ مَرَّ سَرِيعَاً، لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ).
إِذَا زَالَ زَالَ قِلْعَاً (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى رَفَعَ رِجْلَيْهِ بِقُوَّةٍ، كَأَنَّهُ يَقْلَعُ شَيْئَاً، وَلَا يَجُرُّهُمَا عَلَى الأَرْضِ، وَلَا يَمْشِي مِشْيَةَ المُخْتَالِ الذي يُقَارِبُ خُطَاهُ تَبَخْتُرَاً).
يَخْطُو تَكَفِّيَاً (يَمْشِي مَائِلَاً إلى سَنَنِ المَشْيِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ).
وَيَمْشِي هَوْنَاً (الهَوْنُ: الرِّفْقُ وَاللِّينُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَشَى يَرْفَعُ رِجَلْيِهِ عَنِ الأَرْضِ بِقُوَّةٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلَ ابْنِ أَبِي هَالَةَ: إِذَا زَالَ زَالَ قِلْعَاً، وَإِذَا وَضَعَهُمَا عَلَى الأَرْضِ وَضَعَهُمَا بِرِفْقِ وَتُؤَدَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى: يَمْشِي هَوْنَاً، فَهُوَ يُشِيرُ إلى كَيْفَيِّةِ وَضْعِ رِجْلَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، وَحِلْمٍ وَأَنَاةٍ، دُونَ أَنْ يَضْرِبَ بِرِجْلِهِ الأَرْضَ، أَو أَنْ يَخْفِقَ بِنَعْلِهِ
وَقَدْ أَثْنَى اللهُ تعالى عَلَى الذين يَمْشُونَ هَذِهِ المِشْيَةَ، وَيَسْلُكُونَ هَذِهِ الخُطَّةَ، فَقَالَ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنَاً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامَاً﴾).
ذَرِيعَ المِشْيَةِ (أَيْ: وَاسِعَ الخُطْوَةِ خِلْقَةً بِلَا تَكَلُّفٍ).
إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ (أَيْ: كَأَنَّمَا يَنْزِلُ في مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ).
وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعَاً (أَيْ: لَا يُسَارِقُ النَّظَرَ، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ يُمْنَةً وَلَا يُسْرَةً، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الطَّائِشُ الخَفِيفُ).
خَافِضَ الطَّرْفِ (المُرَادُ بِالطَّرْفِ هُنَا: العَيْنُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَنْظُرْ إلى شَيْءٍ يُخْفِضُ بَصَرَهُ، وَهَذَا شَأْنُ المُتَأَمِّلِ المُفَكِّرِ).
نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ (وَالمَعْنَى: أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الأَرْضِ حَالَ السُّكُوتِ وَعَدَمَ التَّحَدُّثِ، أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إلى السَّمَاءِ، وَأَمَّا في حَالِ التَّحَدُّثِ فَإِنَّهُ يُكْثِرُ النَّظَرَ إلى السَّمَاءِ، وَكَمَا وَرَدَ في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ، يُكْثِرُ أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إلى السَّمَاءِ).
جُلُّ نَظَرِهِ المُلَاحَظَةُ (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في شَرْحِهِ: وَالمُرَادُ أَنَّ أَكْثَرَ نَظَرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في غَيْرِ أَوَانِ الخِطَابِ المُلَاحَظَةُ. اهـ.
وَالمُلَاحَظَةُ: هِيَ النَّظَرُ بِلِحَاظِ العَيْنِ، وَهُوَ شِقُّ العَيْنِ مِمَّا يَلِي الصَّدْغَ، وَأَمَّا الذي يَلِي الأَنْفَ فَالُمُوقُ وَالمَاقُ).
يَسُوقُ أَصْحَابَهُ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ أَصْحَابَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَمْشِي خَلْفَهُمْ لِيَرْعَاهُمْ وَيَخْتَبِرَ حَالَهُمْ، وَيُعِينَ ضُعَفَاءَهُمْ، وَلَيِتَرْكَ ظَهْرَهُ للمَلَائِكَةِ خَلْفَهُ، كَمَا رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْشُونَ أَمَامَهُ وَيَدَعُونَ ظَهْرَهُ للمَلَائِكَةِ؛ كَذَا في جَمْعِ الوَسَائِلِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وَإِنَّمَا تَقَدُّمُهُمْ ـ أَيْ: تَقَدُّمُ أَصْحَابِهِ في قِصَّةِ جَابِرٍ يَوْمَ الخَنْدَقِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، فَجَاؤُوا تَبَعَاً لَهُ، كَصَاحِبِ الطَّعَامِ إِذَا دَعَا طَائِفَةً يَمْشِي أَمَامَهُمْ).
يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ (وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَبْدَأُ؛ وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُبَادِرُ وَيَسْبِقُ مَنْ لَقِيَهُ مَنْ أُمَّتِهِ بِتَسْلِيمِ التَّحِيَّةِ).
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: جَوَامِعُ مِنْ أَوْصَافِهِ الكَرِيمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُشْتَمِلَةِ عَلَى مَحَاسِنِ خَلْقِهِ، وَكَمَالِ خُلُقِهِ وَآدَابِهِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ:
إِنَّ مِنْ أَجْمَعِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في بَيَانِ أَوْصَافِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الخَلْقِيَّةِ وَالخُلُقِيَّةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِهِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، وَمِنْ أَوْضَحِ تِلْكَ الأَحَادِيثِ المُعْرِبَةِ عَنْ شَمَائِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ ـ وَكَانَ وَصَّافَاً ـ عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئَاً أَتَعَلَّقُ بِهِ (أَيْ: أَحْفَظُهُ وَأَتَمَسَّكُ بِهِ؛ قَالَ العُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا قَالَ الحَسَنُ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَعِيدَ إلى ذَاكِرَتِهِ تِلْكَ الأَوْصَافَ المُحَمَّدِيَّةَ، وَيَجْعَلَهَا مَحْفُوظَةً في خِزَانَةِ قَلْبِهِ، وَلَوْحِ خَيَالِهِ).
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمَاً مُفَخَّمَاً (أَيْ: عَظِيمَاً في نَفْسِهِ، مُعَظَّمَاً في الصُّدُورِ وَالعُيُونِ عِنْدَ كُلِّ مَنْ رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ المَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ (الرَّبْعَةُ وَالمَرْبُوعُ: هُوَ الوَسَطُ، بَيْنَ القَصِيرِ وَالطَّوِيلِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالمُشَذَّبُ: هُوَ الطَّوِيلُ البَائِنُ الطَّولِ، وَالمُرَادُ: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْوَلَ مِنَ المَرْبُوعِ عِنْدَ إِمْعَانِ النَّظَرِ، وَأَمَّا في بَادِئِ النَّظَرِ يُرَى رَبْعَةً، كَمَا تَقَدَّمَ في حَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ؛ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ في جَمْعِ الوَسَائِلِ وَغَيْرِهِ).
عَظِيمَ الْهَامَةِ (الهَامَةُ: بِتَخْفِيفِ المِيمِ هِيَ: الرَّأْسُ، وَعِظَمُ الرَّأْسِ المُتَنَاسِبِ مَعَ الجِسْمِ: دَلِيلُ قُوَّةِ العَقْلِ وَالمَدَارِكِ).
رَجِلَ الشَّعْرِ (أَيْ: في شَعْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ مِنَ الجُعُودَةِ).
إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُهُ فَرَقَهَا، وَإِلَّا فَلَا (المُرَادُ بِالعَقِيقَةِ هُنَا: شَعْرُ الرَّأْسِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَبِلَ أَنْ يُفْرَقَ بِسُهُولَةٍ فَرَقَهُ، أَيْ: جَعَلَ شَعْرَهُ نِصْفَاً عَنِ اليَمِينِ، وَنِصْفَاً عَنِ اليَسَارِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْفَرِقْ: فَلَا، أَيْ: فَلَا يَفْرِقُ شَعْرَهُ بَلْ يَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ).
يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ (أَيْ: إِذَا جَعَلَ شَعْرَهُ وَافِرَاً وَأَعْفَاهُ مِنَ الفَرْقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).
أَزْهَرُ اللَّوْنِ (أَيْ: هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضُ اللَّوْنِ بَيَاضَاً نَيِّرَاً مُشْرَبَاً بِحُمْرَةٍ).
وَاسِعُ الْجَبِينِ (أَيْ: وَاضِحُ الجَبِينِ وَمُمْتَدُّهُ طُولَاً وَعَرْضَاً، وَهُوَ مَعْنَى رِوَايَةِ: صَلْتَ الجَبِينِ، وَعَظِيمَ الجَبْهَةِ)
أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ (الزَّجَجُ: تَقَوُّسٌ في الحَاجِبِ مَعَ طُولٍ مِنْ طَرَفِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ دِقَّةُ الحَاجِبَيْنِ وَسُبُوغَهُمَا).
سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ (القَرَنُ ـ بِالتَّحْرِيكِ ـ هُوَ: اقْتِرَانُ الحَاجِبَيْنِ، وَالْتِقَاءُ أَطْرَافِهِمَا، وَهُوَ مِنَ البَلَجِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ حَاجِبَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَّصِلَا بِبَعْضِهِمَا، فَهُوَ أَبْلَجُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ في حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ المُتَقَدِّمِ: كَانَ أَزَجَّ أَقْرَنَ، فَالمُرَادُ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا يَبْدُو للنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ وَمِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَأَمَّا القَرِيبُ المُتَأَمِّلُ فَيَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبْلَجُ في الوَاقِعِ).
بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغَضَبُ (أَيْ: بَيْنَ حَاجِبَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِرْقٌ إِذَا غَضِبَ تَحَرَّكَ وَظَهَرَ جَلِيَّاً).
أَقْنَى الْعِرْنِينَ (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في شَرْحِ الشَّمَائِلِ: أَقْنَى: مِنَ القَنَا، وَهُوَ ارْتِفَاعُ أَعْلَى الأَنْفِ وَاحْدِيدَابُ الوَسَطِ. اهـ).
لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسِبُهُ مَنْ يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ (أَيْ: للعِرْنِينِ ـ وَهُوَ مَا صَلُبَ مِنْ عَظْمِ الأَنْفِ ـ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ: مِنَ الشَّمَمِ، وَهُوَ ارْتِفَاعُ قَصَبَةِ الأَنْفِ، مَعَ اسْتِوَاءِ أَعْلَاهُ وَإِشْرَافُ الأَرْنَبَةِ).
كَثَّ اللِّحْيَةِ (أَيْ: عَظِيمَ اللِّحْيَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ)
سَهْلَ الْخَدَّيْنِ (وَفِي رِوَايَةِ البَيْهَقِيِّ: أَسْهَلُ الخَدَّيْنِ، أَيْ: غَيْرَ مُرْتَفِعِ الخَدَّيْنِ، وَهُوَ أَكْمَلُ وَأَجْمَلُ).
ضَلِيعَ الْفَمِ (أَيْ: عَظِيمَ الفَمِ، وَلَيْسَ بِضَيِّقِ الفَمِ، فَإِنَّ سَعَةَ الفَمِ تُعْطِي فَصَاحَةً في الكَلَامِ، وَبَيَانَاً لِمَخَارِجِ الأَلْفَاظِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى تَنَاسُبٍ كَامِلٍ بَيْنَ أَعْضَاءِ جِسْمِهِ الشَّرِيفِ كُلِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ)
مُفْلَجَ الْأَسْنَانِ (يَعْنِي: أَنَّ أَسْنَانَهُ الشَّرِيفَةَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنْتَظِمَةً وَمُنْفَرِجَةً، وَلَيْسَتْ مُتَرَاصَّةً وَمُتَضَايِقَةً فَوْقَ بَعْضِهَا).
دَقِيقَ المَسْرُبَةِ (المَسْرُبَةُ: هِيَ الشَّعْرُ بَيْنَ الصَّدْرِ وَالسُّرَّةِ، وَالمَعْنَى: أَنَّ تِلْكَ المَسْرُبَةَ هِيَ دَقِيقَةٌ).
كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدٌ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ (الجِيدُ: هُوَ العُنُقُ، وَالمُرَادُ: كَأَنَّ عُنُقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في اسْتِوَائِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَحُسْنِ هَيْئَتِهِ وَجَمَالِهِ، كَأَنَّهُ عُنُقُ صُورَةٍ، وَلِكَنْ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ هُوَ في صَفَاءِ الفِضَّةِ وَبَيَاضِهَا البَهِيجِ اللَّامِعِ).
مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ (يَعْنِي: أَنَّ جَمِيعَ أَعْضَاءِ جِسْمِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَلَقَهَا اللهُ تعالى كَامِلَةً مُتَنَاسِبَةً مَعَ بَعْضِهَا غَيْرَ مُتَنَافِرَةٍ).
بَادِنٌ مُتَمَاسِكٌ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُمْتَلِئُ الجِسْمِ، لَيْسَ بِالنَّحِيلِ وَلَا بِالهَزِيلِ، وَأَنَّ أَعْضَاءَهُ الشَّرِيفَةَ مُتَمَاسِكَةٌ بِقُوَاهَا، وَلَيْسَتْ مُتَرَاخِيَةً).
سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ (وَالمَعْنَى: أَنَّ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ الشَّرِيفَيْنِ مُسْتَوِيَانِ، لَا يَنْتَأُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ).
عَرِيضَ الصَّدْرِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ (الكَرَادِيسُ جَمْعُ كُرْدُوسٍ، وَهُوَ رَأْسُ العِظَامِ وَمَجْمَعُهَا، كَالرُّكْبَةِ وَالمَنْكِبَ وَنَحْوِهِمَا، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَظِيمَ رُؤُوسِ العِظَامِ وَمَجَامِعِهَا وَقَوِيَّهَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى كَمَالِ قِوَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).
أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْوَرُ العُضْوِ المُتَجَرِّدِ عَنِ الثَّوْبِ وَشَدِيدُ بَيَاضِهِ).
مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كالْخَطِّ (اللُّبَّةُ: هِيَ النَقْرَةُ فَوْقَ الصَّدْرِ، وَالسُّرَّةُ مَا بَقِيَ بَعْدَ القَطْعِ، وَأَمَّا الذي يُقْطَعُ عِنْدَ الوِلَادَةِ فَهُو السُّرُّ).
عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ (أَيْ: خَالِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالبَطْنِ مِنَ الشَّعْرِ).
أَشْعُرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالمَنْكِبَيْنِ وأَعَالِي الصَّدْرِ (أَيْ: كَثِيرَ شَعْرِ هَذِهِ المَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ).
طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ (أَيْ: وَاسِعَ الكَفِّ).
شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ (أَيْ: ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَمَا جَاءَ في رِوَايَةٍ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُمْتَلِئُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ بِالضَّعِيفِ النَّحِيلِ).
سَائِلَ الْأَطْرَافِ، أَو قَالَ شَائِلَ الْأَطْرَافِ (الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُرْتَفِعَ الأَطْرَافِ بِلَا احْدِيدَابٍ وَلَا انْقِبَاضٍ).
خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ ((تَثْنِيَةُ أَخْمَصِ، وَأَخْمَصُ القَدَمِ هُوَ المَوْضِعُ الذي لَا يَمَسُّ الأَرْضَ عِنْدَ وَطْئِهَا مِنْ وَسَطِ القَدَمِ، وَمَعْنَى خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَدِيدُ تَجَافِي الأَخْمَصَيْنِ عَنِ الأَرْضِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الاعْتِدَالِ وَالجَمَالِ).
مَسِيحَ القَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا المَاءُ (أَيْ: أَمْلَسُ القَدَمَيْنِ وَمُسْتَوْيُّهُمَا بِلَا تَكَسُّرٍ، وَلِذَلِكَ يَنْبُو عَنْهُمَا الَماءُ، أَيْ: يَتَبَاعَدُ عَنْهُمَا المَاءُ، يَعْنِي أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَبَّ عَلَيْهِمَا المَاءَ مَرَّ سَرِيعَاً، لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ).
إِذَا زَالَ زَالَ قِلْعَاً (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى رَفَعَ رِجْلَيْهِ بِقُوَّةٍ، كَأَنَّهُ يَقْلَعُ شَيْئَاً، وَلَا يَجُرُّهُمَا عَلَى الأَرْضِ، وَلَا يَمْشِي مِشْيَةَ المُخْتَالِ الذي يُقَارِبُ خُطَاهُ تَبَخْتُرَاً).
يَخْطُو تَكَفِّيَاً (يَمْشِي مَائِلَاً إلى سَنَنِ المَشْيِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ).
وَيَمْشِي هَوْنَاً (الهَوْنُ: الرِّفْقُ وَاللِّينُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَشَى يَرْفَعُ رِجَلْيِهِ عَنِ الأَرْضِ بِقُوَّةٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلَ ابْنِ أَبِي هَالَةَ: إِذَا زَالَ زَالَ قِلْعَاً، وَإِذَا وَضَعَهُمَا عَلَى الأَرْضِ وَضَعَهُمَا بِرِفْقِ وَتُؤَدَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى: يَمْشِي هَوْنَاً، فَهُوَ يُشِيرُ إلى كَيْفَيِّةِ وَضْعِ رِجْلَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، وَحِلْمٍ وَأَنَاةٍ، دُونَ أَنْ يَضْرِبَ بِرِجْلِهِ الأَرْضَ، أَو أَنْ يَخْفِقَ بِنَعْلِهِ
وَقَدْ أَثْنَى اللهُ تعالى عَلَى الذين يَمْشُونَ هَذِهِ المِشْيَةَ، وَيَسْلُكُونَ هَذِهِ الخُطَّةَ، فَقَالَ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنَاً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامَاً﴾).
ذَرِيعَ المِشْيَةِ (أَيْ: وَاسِعَ الخُطْوَةِ خِلْقَةً بِلَا تَكَلُّفٍ).
إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ (أَيْ: كَأَنَّمَا يَنْزِلُ في مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ).
وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعَاً (أَيْ: لَا يُسَارِقُ النَّظَرَ، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ يُمْنَةً وَلَا يُسْرَةً، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الطَّائِشُ الخَفِيفُ).
خَافِضَ الطَّرْفِ (المُرَادُ بِالطَّرْفِ هُنَا: العَيْنُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَنْظُرْ إلى شَيْءٍ يُخْفِضُ بَصَرَهُ، وَهَذَا شَأْنُ المُتَأَمِّلِ المُفَكِّرِ).
نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ (وَالمَعْنَى: أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الأَرْضِ حَالَ السُّكُوتِ وَعَدَمَ التَّحَدُّثِ، أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إلى السَّمَاءِ، وَأَمَّا في حَالِ التَّحَدُّثِ فَإِنَّهُ يُكْثِرُ النَّظَرَ إلى السَّمَاءِ، وَكَمَا وَرَدَ في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ، يُكْثِرُ أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إلى السَّمَاءِ).
جُلُّ نَظَرِهِ المُلَاحَظَةُ (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في شَرْحِهِ: وَالمُرَادُ أَنَّ أَكْثَرَ نَظَرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في غَيْرِ أَوَانِ الخِطَابِ المُلَاحَظَةُ. اهـ.
وَالمُلَاحَظَةُ: هِيَ النَّظَرُ بِلِحَاظِ العَيْنِ، وَهُوَ شِقُّ العَيْنِ مِمَّا يَلِي الصَّدْغَ، وَأَمَّا الذي يَلِي الأَنْفَ فَالُمُوقُ وَالمَاقُ).
يَسُوقُ أَصْحَابَهُ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ أَصْحَابَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَمْشِي خَلْفَهُمْ لِيَرْعَاهُمْ وَيَخْتَبِرَ حَالَهُمْ، وَيُعِينَ ضُعَفَاءَهُمْ، وَلَيِتَرْكَ ظَهْرَهُ للمَلَائِكَةِ خَلْفَهُ، كَمَا رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْشُونَ أَمَامَهُ وَيَدَعُونَ ظَهْرَهُ للمَلَائِكَةِ؛ كَذَا في جَمْعِ الوَسَائِلِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وَإِنَّمَا تَقَدُّمُهُمْ ـ أَيْ: تَقَدُّمُ أَصْحَابِهِ في قِصَّةِ جَابِرٍ يَوْمَ الخَنْدَقِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، فَجَاؤُوا تَبَعَاً لَهُ، كَصَاحِبِ الطَّعَامِ إِذَا دَعَا طَائِفَةً يَمْشِي أَمَامَهُمْ).
يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ (وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَبْدَأُ؛ وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُبَادِرُ وَيَسْبِقُ مَنْ لَقِيَهُ مَنْ أُمَّتِهِ بِتَسْلِيمِ التَّحِيَّةِ).
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin