مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَأْيِيدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاللهِ تعالى يَحْكِي، وَبِاللهِ تعالى يَنْطِقُ، وَبِاللهِ تعالى يَمْشِي، وَبِاللهِ تعالى يُعْطِي، وَبِاللهِ تعالى يَمْنَعُ، وَبِاللهِ تعالى يَقْنَعُ، وَكَانَ مُتَجَلِّيَاً فِيهِ الحَدِيثُ القُدْسِيُّ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ تَسْبِيحَاتِ المَخْلُوقَاتِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِالحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى كَانَ يُسْمِعُهُ تَسْبِيحَ المَخْلُوقَاتِ، وَسَلَامَهُمْ.
روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ (المُعْجِزَاتِ) بَرَكَةً (فَضْلَاً وَتَكَرُّمَاً مِنَ اللهِ تعالى) وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفَاً، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ».
فَجَاؤُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ اللهِ».
فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.
وروى البَزَّارُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَّـبِـعُ خَلَواتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبْتُ يَوْمَاً، فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ يَمِينَ عُمَرَ.
قَالَ: فَتَنَاوَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ.
وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ أَنَّ الجَمَادَ كَانَ يَسْتَجِيبُ لَهُ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِالحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الجَمَادَاتِ كَانَتْ تَسْتَجِيبُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
روى الإمام البخاري عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدَاً، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ».
وروى البَزَّارُ عَنْ عَبد اللهِ بْنِ بُرَيدة، عَن أَبيهِ، رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرِنِي آيَةً.
قَالَ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا؛ فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ؛ فَمَالَتْ عَلَى كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا حَتَّى قَلَعَتْ عُرُوقَهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ أَنْ تَرْجِعَ.
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَسْلَمَ.
وروى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيَاً أَفْيَحَ (أَيْ: وَاسِعَاً) فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئَاً يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي ـ جَانِبَهُ ـ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: «انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ المَخْشُوشِ، الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: «انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ ـ هُوَ نِصْفُ المَسَافَةِ ـ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ بَيْنَهُمَا ـ يَعْنِي جَمَعَهُمَا ـ فَقَالَ: «الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَالْتَأَمَتَا.
قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ ـ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ـ فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلَاً، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا ـ وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينَاً وَشِمَالَاً ـ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ، هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟».
قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: «فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنَاً، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنَاً عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنَاً عَنْ يَسَارِكَ».
قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرَاً فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ، فَانْذَلَقَ لِي ـ أَيْ: صَارَ حَادَّاً ـ فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنَاً، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلْتُ غُصْنَاً عَنْ يَمِينِي وَغُصْنَاً عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَمَّ ذَاكَ؟(أي :لِأيِّ سَبَبٍ وَلِأَيِّ شَيءٍ ذَلِكَ الفِعْلُ الَّذي أَمَرْتَنِي بِهِ مِنْ وَضْعِ كُلِّ غُصْنٍ في مَوُضِعٍ).
قَالَ: «إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا ـ أَيْ: يُخَفَّفَ ـ مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ عِنَايَةٌ رَبَّانِيَّةٌ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ تَحَقَّقَ بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَالسَّعِيدُ المُوَفَّقُ مَنْ تَحَقَّقَ بِالعُبُودِيَّةِ فَصَارَ مُسَدَّدَاً وَمُؤَيَّدَاً مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا.
اللَّهُمَّ أكرمنا بذلك. آمين.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمُتَابَعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالذَوْدِ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَدِينِهِ. آمين.
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَأْيِيدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاللهِ تعالى يَحْكِي، وَبِاللهِ تعالى يَنْطِقُ، وَبِاللهِ تعالى يَمْشِي، وَبِاللهِ تعالى يُعْطِي، وَبِاللهِ تعالى يَمْنَعُ، وَبِاللهِ تعالى يَقْنَعُ، وَكَانَ مُتَجَلِّيَاً فِيهِ الحَدِيثُ القُدْسِيُّ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ تَسْبِيحَاتِ المَخْلُوقَاتِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِالحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى كَانَ يُسْمِعُهُ تَسْبِيحَ المَخْلُوقَاتِ، وَسَلَامَهُمْ.
روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ (المُعْجِزَاتِ) بَرَكَةً (فَضْلَاً وَتَكَرُّمَاً مِنَ اللهِ تعالى) وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفَاً، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ».
فَجَاؤُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ اللهِ».
فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.
وروى البَزَّارُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَّـبِـعُ خَلَواتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبْتُ يَوْمَاً، فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ يَمِينَ عُمَرَ.
قَالَ: فَتَنَاوَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينَاً كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ.
وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ أَنَّ الجَمَادَ كَانَ يَسْتَجِيبُ لَهُ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِالحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الجَمَادَاتِ كَانَتْ تَسْتَجِيبُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
روى الإمام البخاري عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدَاً، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ».
وروى البَزَّارُ عَنْ عَبد اللهِ بْنِ بُرَيدة، عَن أَبيهِ، رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرِنِي آيَةً.
قَالَ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا؛ فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ؛ فَمَالَتْ عَلَى كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا حَتَّى قَلَعَتْ عُرُوقَهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ أَنْ تَرْجِعَ.
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَسْلَمَ.
وروى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيَاً أَفْيَحَ (أَيْ: وَاسِعَاً) فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئَاً يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي ـ جَانِبَهُ ـ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: «انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ المَخْشُوشِ، الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: «انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ ـ هُوَ نِصْفُ المَسَافَةِ ـ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ بَيْنَهُمَا ـ يَعْنِي جَمَعَهُمَا ـ فَقَالَ: «الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» فَالْتَأَمَتَا.
قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ ـ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ـ فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلَاً، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا ـ وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينَاً وَشِمَالَاً ـ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ، هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟».
قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: «فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنَاً، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنَاً عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنَاً عَنْ يَسَارِكَ».
قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرَاً فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ، فَانْذَلَقَ لِي ـ أَيْ: صَارَ حَادَّاً ـ فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنَاً، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلْتُ غُصْنَاً عَنْ يَمِينِي وَغُصْنَاً عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَمَّ ذَاكَ؟(أي :لِأيِّ سَبَبٍ وَلِأَيِّ شَيءٍ ذَلِكَ الفِعْلُ الَّذي أَمَرْتَنِي بِهِ مِنْ وَضْعِ كُلِّ غُصْنٍ في مَوُضِعٍ).
قَالَ: «إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا ـ أَيْ: يُخَفَّفَ ـ مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ عِنَايَةٌ رَبَّانِيَّةٌ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ تَحَقَّقَ بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَالسَّعِيدُ المُوَفَّقُ مَنْ تَحَقَّقَ بِالعُبُودِيَّةِ فَصَارَ مُسَدَّدَاً وَمُؤَيَّدَاً مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا.
اللَّهُمَّ أكرمنا بذلك. آمين.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمُتَابَعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالذَوْدِ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَدِينِهِ. آمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin