..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: (درة العشاق) محمد صلى الله عليه وسلم ـ الشّاعر غازي الجَمـل
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:10 من طرف Admin

» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:04 من طرف Admin

» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:59 من طرف Admin

» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:57 من طرف Admin

» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty7/11/2024, 09:30 من طرف Admin

» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 11:12 من طرف Admin

» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 11:10 من طرف Admin

» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 11:06 من طرف Admin

» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 11:00 من طرف Admin

» كتاب: روح الأرواح ـ ابن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 10:51 من طرف Admin

» كتاب: هدية المهديين ـ العالم يوسف اخي چلبي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 09:54 من طرف Admin

» كتاب: نخبة اللآلي لشرح بدء الأمالي ـ محمد بن سليمان الحلبي الريحاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 09:50 من طرف Admin

» كتاب: الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية - عبد الغني النابلسي ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 09:18 من طرف Admin

» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 08:56 من طرف Admin

» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty19/10/2024, 08:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68495
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 11:53

    مع الحبيب المصطفى ﷺ :صور من رجاحة عقله ﷺ
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    308ـ صور من رجاحة عقله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنَ الكَمَالَاتِ المُحَمَّدِيَّةِ التي خَصَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، وَمَيَّزَهُ عَلَى سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ، رَجَاحَةُ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْسَمَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَسَمَاً عَظِيمَاً دَلَّ فِيهِ عَلَى رَجَاحَةِ عَقْلِهِ، فَقَالَ: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرَاً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ بَلَغَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَرَجَةَ الكَمَالِ في كُلِّ مَا آتَاهُ اللهُ تعالى، وَخَاصَّةً نِعْمَةَ العَقْلِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُكْرِمَ بِرِسَالَةِ التَّمَامِ وَالكَمَالِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينَاً﴾.

    يَقُولُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ التَّابِعِيُّ الثِّقَةُ، الذي رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: قَرَأْتُ في أَحَدٍ وَسَبْعِينَ كِتَابَاً ـ أَيْ: مِنَ الكُتِبِ السَّابِقَةِ ـ فَوَجَدْتُ فِي جَمِيعِهَا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُعْطِ جَمِيعَ النَّاسِ مِنْ بَدْءِ الدُّنْيَا إِلَى انْقِضَائِهَا مِنَ الْعَقْلِ فِي جَنْبِ عَقْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَحَبَّةِ رَمْلٍ مِنْ بَيْنِ رِمَالِ جَمِيعِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَرْجَحُ النَّاسِ عَقْلَاً، وَأَفْضَلُهُمْ رَأْيَاً. كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ.

    صُوَرٌ تُوَضِّحُ رَجَاحَةَ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فِطْرِيٌّ، وَيَسْتَمِعُ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَيَخْرُجُ مُسْلِمَاً، فَيَقُولُ لَهُ قَوْمُهُ: كَيْفَ عَرَفْتَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ؟

    فَكَانَ يَقُولُ: مَا أَمَرَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرٍ قَالَ العَقْلُ: لَيْتَهُ نَهى عَنهُ، وَلَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لَيْتَهُ أَمَرَ بِهِ. هذه صُورَةٌ أُولَى.

    صُورَةٌ ثَانِيَةٌ تَدُلُّ عَلَى رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هِيَ مُوَاجَهَتُهُ للعَقْلِيَّةِ الصَّخْرَةِ المُتَحَجِّرَةِ المُنْحَرِفَةِ، وَتَحْوِيلُهَا إلى عَقْلِيَّةٍ لَطِيفَةٍ سَلِيمَةٍ صَائِبَةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ كَبِيرٌ يَحْتَاجُ إلى عَقْلٍ رَجِيحٍ، وَفِكْرٍ صَحِيحٍ، وَقُوَّةِ بَيَانٍ، وَفَصَاحَةِ لِسَانٍ، وَبُرْهَانٍ سَاطِعٍ، وَدلَيِلٍ قَاطِعٍ، وَتَحمُّلٍ وَأَنَاةٍ، وَحِلْمٍ وَصَفْحٍ ، وَعِلْمٍ وَاسِعٍ بِمُخْتَلَفِ الحُجَجِ وَأَنْوَاعِ الأَسَالِيبِ.

    هَذَا حُصَيْنٌ وَالِدُ عِمْرَانَ، الذي يَعْبُدُ سَبْعَةَ أَصْنَامٍ في الأَرْضِ، وَيَرَى أَنَّهَا آلِهَةٌ، وَكَانَ مُعَظَّمَاً في قُرَيْشٍ، فَجَاؤُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ: كَلِّمْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ ـ أَيْ: مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا وَيَسُبُّهُمُ، وَجَاءُوا مَعَهُ حَتَّى جَلَسُوا قَرِيبَاً مِنْ بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَوْسِعُوا للشَّيْخِ» (أَيْ: كَبِيرَ السِّنِّ وَهُوَ حُصَيْنٌ).

    فَقَالَ حُصَيْنٌ: مَا هَذَا الذي بَلَغَنَا عَنْكَ، أَنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُم؟

    فَقَالَ: «يَا حُصَيْنُ، كَمْ تَعْبُدُ من إِلَهٍ؟».

    قَالَ: سَبْعَاً في الأَرْضِ، وَوَاحِدَاً في السَّمَاءِ.

    قَالَ: «فَإِذَا أَصَابَكَ الضُّرُّ مَن تَدْعُو؟».

    قَالَ: الذي في السَّمَاءِ.

    قَالَ: «فَإِذَا هَلَكَ المَالُ مَن تَدْعُو؟».

    قَالَ: الذي في السَّمَاءِ.

    قَالَ: «فَيَسْتَجِيبُ لَكَ وَحْدَهُ وَتُشْرِكُهُم مَعَهُ؟ أَرَضِيتَهُ في الشُّكْرِ أَمْ تَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْكَ؟».

    قَالَ: وَلا وَاحِدَةً من هَاتَيْنِ؛ قَالَ: وَعَلِمْتُ أَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ مِثْلَهُ.

    قَالَ: «يَا حُصَيْنُ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ».

    قَالَ: إِنَّ لِي قَوْمَاً وَعَشِيرَةً، فَمَاذَا أَقُولُ؟

    قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وَزِدْنِي عِلْمَاً يَنْفَعُنِي».

    فَقَالَهَا حُصَيْنٌ، فَلَمْ يَقُمْ حَتَّى أَسْلَمَ.

    فَقَامَ إِلَيْهِ عِمْرَانُ ابْنُهُ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.

    فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَكَى وَقَالَ: «بَكَيْتُ من صَنِيعِ عِمْرَانَ، دَخَلَ حُصَيْنٌ ـ أَبُوهُ ـ وَهُوَ كَافِرٌ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ عِمْرَانُ، وَلَمْ يَتَلَفَّتْ نَاحِيَتَهُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَـضَى حَقَّهُ، فَدَخَلَنِي من ذَلِكَ الرِّقَّةُ».

    فَلَمَّا أَرَادَ حُصَيْنٌ أَنْ يَخْرُجَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَشَيِّعُوهُ إلى مَنْزِلِهِ». (إِكْرَامَاً لَهُ).

    فَلَمَّا خَرَجَ من سُدَّةِ البَابِ رَأَتْهُ قُرَيْشٌ وَقَدْ أَسْلَمَ، فَقَالُوا: صَبَأَ؛ وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. عَزَاهُ في الإِصَابَةِ إلى ابْنِ خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادِهِ.

    صُورَةٌ ثَالِثَةٌ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حُسْنُ تَأْلِيفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قَوْمِهِ الذينَ كَانُوا أَشْتَاتَاً مُنْقَسِمِينَ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَرَفْعِهُ الخِلَافَ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَإِبْعَادُهُ إِيَّاهُمْ عَنِ الشَّحْنَاءِ وَالبَغْضَاءِ، لَا سِيَّمَا في مَحَازِّ الاخْتِلَافَاتِ، وَمَثَارِ العَصَبِيَّاتِ وَالقَبَلِيَّاتِ، إِنَّ هَذَا لَمِنْ أَكْبَرِ الشَّوَاهِدِ عَلَى سَعَةِ عَقْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسُمُوِّ فِكْرِهِ.

    وَأَكْبَرُ شَاهدٍ عَلَى ذَلِكَ حَادِثَةُ وَضْعِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ في مَوْضِعِهِ، حِينَ تَنَازَعَتْ وَتَنَافَسَتْ قَبَائِلُ العَرَبِ وَتَزَاحَمُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَمُّوا بِبَعْضِهِمْ، فَلَمْ يُخْرِجْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا رَأْيُهُ السَّدِيدُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِنَّهُمْ أَصْبَحُوا رَاضِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بِعْثَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ مِنَ العُمُرِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً! وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشَاً لَمَّا جَدَّدَتْ بِنَاءَ الكَعْبَةِ تَنَازَعُوا في رَفْعِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، وَتَنَافَسُوا رَجَاءَ أَنْ تَنَالَ كُلُّ قَبِيلَةٍ شَرَفَ رَفْعِهِ وَوَضْعِهِ في مَوْضِعِهِ، وَعظُمَ القِيلُ وَالقَالُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَالُوا: نُحَكِّمُ أَوَّلَ دَاخِلٍ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ.

    فَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِثَوْبٍ فَجِيءَ بِهِ، فَوَضَعَ الحَجَرَ وَسَطَ الثَّوْبِ وَأَمَرَ كُلَّ فَخِذٍ مِنْ أَفْخَاذِ العَرَبِ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَرَفٍ مِنَ الثَّوْبِ ـ أَيْ: بِجَانِبٍ مِنْهُ ـ فَرَفَعُوهُ كُلُّهُمْ، فَلَمَّا أَنْهَوْهُ إلى مَقَرِّهِ، أَخَذَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ في مَوْضِعِهِ.

    لَقَدْ سَلَكَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَرِيقَ الإِنْصَافِ لِيَرْفَعَ مِنْ بَيْنِهِمُ الخِلَافَ.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا عَرَفْنَا هَذَا في شَخْصِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَيْسَ غَرِيبَاً، بَلْ هُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ وَالحَقِّ أَن تَتَّجِهَ إِلَيْهِ القُلُوبُ، وَتَعَلَّقَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْتَبِطَ بِهِ ارْتِبَاطَاً وَثِيقَاً.

    أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ مَثَلٍ في صِدْقِ مَحَبَّتِهِمْ لِهَذَا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    روى الطَّبَرَانِيُّ في الصَّغِيرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَـفْسِي، وَإِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعَتْ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ.

    فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئَاً حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾.

    اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِصِدْقِ مَحَبَّتِهِ، وَوَفِّقْنَا للالْتِزَامِ بِقَوْلِكَ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالَاً مُبِينَاً﴾. وَفِّقْنَا يَا رَبَّنَا لِطَاعَتِهِ. آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 10/11/2024, 00:58