..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ» ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 17:56

    مع الحبيب المصطفى: «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    140ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: الإسلامُ يَنظُرُ إلى المَالِ أنَّهُ وَسِيلَةٌ ولَيسَ غَايَةً من الغَاياتِ، ولا هَدَفاً من الأهدَافِ، بِحَيثُ يُفنِي الإنسانُ حَياتَهُ وعُمُرَهُ وشَبَابَهُ في جَمعِ المَالِ وتَكدِيسِهِ، الإسلامُ يَنظُرُ إلى المَالِ أنَّهُ وَسِيلَةٌ لِقَضَاءِ الحَاجَاتِ، وتَيسِيرُ أُمورِ العِبَادِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: كُلَّما عَظُمَ الإيمانُ في قَلبِ العَبدِ المُؤمِنِ كُلَّما امتَلَأَ قَلبُ صَاحِبِهِ قَنَاعَةً بما قَسَمَ اللهُ تعالى، وامتَلَأَ خَوفاً من سَخَطِ الله عزَّ وجلَّ، وكُلَّما خَوَى القَلبُ من الإيمانِ اندَفَعَ صَاحِبُهُ إلى الدُّنيا فَجَعَلَها هَدَفاً لَهُ، ونَظَرَ إلى المَالِ بأنَّهُ غَايَةٌ يَجِبُ الوُصُولُ إلَيها بأيِّ طَرِيقَةٍ وأيِّ وَسِيلَةٍ غَيرَ آبِهٍ بالحَرامِ وعَظِيمِ جُرمِهِ، وغَيرَ مُكتَرِثٍ بِوَعِيدِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، حتَّى يَدفَعُهُ إلى الوُقُوعِ في الرِّبا والعِياذُ باللهِ تعالى.

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا خَوَى القَلبُ من الإيمانِ ضَعُفَ يَقِينُ هذا العَبدِ بالقِسمَةِ الإلهِيَّةِ العَادِلَةِ، قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.ونَسِيَ بأنَّ الرِّزقَ مَقسُومٌ لا يَجلِبُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، ولا يمنَعُهُ كُرْهُ كَارِهٍ، قال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾. وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَفَثَ رُوحُ الْقُدُسِ فِي رَوْعِي أَنَّ نفْساً لَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فَإِنَّ اللهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    ونَسِيَ هذا العَبدُ بأنَّ الرِّزقَ يَطلُبُ العَبدَ أكثَرَ مِمَّا يَطلُبُهُ أجَلُهُ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَطْلُبُهُ رِزْقُهُ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ، فَإِنْ تَعَسَّرَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ فَاطْلُبُوهُ بِطَاعَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    وفي رِوَايَةٍ قال: «إنَّ الرِّزقَ لَيَطلُبُ العَبدَ أَكثَرَ مِمَّا يَطلُبُهُ أَجَلُهُ».

    الرِّبا يتَنَافَى مَعَ الإيمانِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: ونَحنُ نَعِيشُ هذهِ الأزمَةَ القَاسِيَةَ التي تَمُرُّ على الأُمَّةِ، يَجِبُ عَلَينا أن نَقِفَ مَعَ أنفُسِنا وَقفَةَ العَبدِ المُتَدَبِّرِ، رَبُّنا عزَّ وجلَّ ما خَلَقَنا للشَّقاءِ في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا، كَيفَ يَخلُقُنا للشَّقاءِ وهوَ القَائِلُ: ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾؟

    نَحنُ أهلُ القُرآنِ، أهلُ الاصطِفاءِ من الله تعالى، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾. لماذا نَعِيشُ هذا الشَّقاءَ، وهذا الضَّنكَ، وهذا الكَربَ العَظِيمَ؟

    أيُّها الإخوة الكرام: يَجِبُ أن نَصدُقَ القَولَ مَعَ أنفُسِنا، هذا البَلاءُ ما جَاءَ من فَرَاغٍ، بل جَاءَ من الجُرأَةِ على الأحكامِِ الشَّرعِيَّةِ، جَاءَ من الجُرأَةِ على مَعصِيَةِ الله عزَّ وجلَّ، وخَاصَّةً الجُرأَةُ على الرِّبا الذي يَتَنَافَى مَعَ أهلِ الإيمانِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: الرِّبا هوَ بَلاءٌ على الإنسَانِيَّةِ جَمعَاءَ، بَلاءٌ في إيمانِها، وبَلاءٌ في أخلاقِها، وبَلاءٌ في حَيَاتِها الاقتِصَادِيَّةِ، وهوَ يَمحَقُ سَعَادَةَ البَشَرِيَّةِ جَميعاً، على الرُّغمِ من أنَّهُ يَبدُو كَأَنَّهُ مُسَاعَدَةٌ للنُّمُوِّ وسَدٌّ للحَاجَاتِ.

    الرِّبا أفسَدَ ضَمَائِرَ المُرَابِينَ وأخلاقَهُم وشُعُورَهُم تُجاهَ إخوانِهِم، وأفسَدَ حَياةَ الجَماعَةِ والأُمَّةِ وتَضَامُنَها، وأَماتَ في الأُمَّةِ خُلُقَ الإيثارِ، وجَعَلَ عِوَضَهُ خُلُقَ الأَثَرَةِ والطَّمَعِ والجَشَعِ والعِياذُ بالله تعالى.

    مَوقِفُ الإسلامِ من الرِّبا:

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد وَقَفَ الإسلامُ من الرِّبا مَوقِفَ الحَربِ السَّاخِنَةِ التي لا هَوَادَةَ فِيها، وشَنَّعَ على المُرَابِينَ أبلَغَ تَشنِيعٍ، وهَدَّدَهُم أعظَمَ تَهدِيدٍ، وصَوَّرَ حَالَهُم أسوَءَ تَصوِيرٍ، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. تَصَوَّروا المُرَابِينَ عِندَما يَخرُجُونَ من قُبُورِهِم كالمَجَانِينِ يَتَخَبَّطُونَ ويُقَالُ لَهُم: خُذُوا أسلِحَتَكُم للحَربِ.

    كَيفَ لا يَكونُ مَوقِفُ الإسلامِ من الرِّبا هذا المَوقِفَ، وهوَ مُحَرَّمٌ في جَمِيعِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، قال تعالى في حَقِّ اليَهُودِ الذينَ لا يُؤمِنونَ إلا بالمَادَّةِ: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾.

    في حَجَّةِ الوَدَاعِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: ولِخُطُورَةِ الرِّبا، وَقَفَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، حَيثُ قالَ فِيها: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم، لَعَلِّي لا أرَاكُم بَعدَ عَامِي هذا» رواه البيهقي عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وَدَّعَ الأُمَّةَ والبَشَرِيَّةَ بِوَصَايا، من جُملَتِها قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعاً فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ» رواه الإمام مسلم عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    تَحذِيرُ الإسلامِ من الرِّبا:

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَسمَعْ إلى تَحذِيرِ الإسلامِ من الرِّبا، وخَاصَّةً ونَحنُ نَعِيشُ ظِلالَ حَادِثَةِ الإسرَاءِ والمِعرَاجِ في وَسَطِ هذهِ الأزمَةِ:

    أولاً: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ﴾. وما أعلَنَ اللهُ تعالى حَربَهُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ على عَاصٍ سِوَى آكِلِ الرِّبا.

    ثانياً: تَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دِرْهَمُ رِباً يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَنْظَلَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    ثالثاً: بل تَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرِّبَا ثَلاثَةٌ وسَبعُونَ بَابَاً أَيْسَرُهَا مِثلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» رواه الحاكم عَنْ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    رابعاً: تَأَمَّلُوا حَدِيثَ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه الإمام مسلم.

    خامساً: وتَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ.

    فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟

    فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا» رواه الإمام البخاري عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    عَوَاقِبُ الرِّبا:

    أيُّها الإخوة الكرام: الرِّبا سَبَبٌ للبَلايا الكَثِيرَةِ، والتَّعَامُلُ بِهِ جَلْبٌ لِشُرُورٍ مُستَطِيرَةٍ، ويَجُرُّ بِصَاحِبِهِ إلى عَذَابِ الخِزيِ في الآخِرَةِ، يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وتَسوَدُّ وُجُوهٌ، وعَوَاقِبُهُ وَخِيمَةٌ، ومن هذهِ العَوَاقِبِ:

    أولاً: يُبعَثُ المُرَابِي من قَبرِهِ كالمَجنُونِ يَتَخَبَّطُ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾.

    ثانياً: مُحَارَبٌ من الله تعالى ورَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ﴾.

    ثالثا: مَالُهُ مَمحوقُ البَرَكَةِ، قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا﴾. ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ» رواه ابن ماجه عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    رابعاً: صُبَّت عَلَيهِ اللَّعنَةُ، روى الإمام مسلم عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

    خامساً: خالِدٌ في النَّارِ إذا استَحَلَّهُ والعِياذُ بالله تعالى، قال تعالى: ﴿وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: الدُّنيا حَلالُها حِسابٌ، وحَرامُها عَذَابٌ، واليَومَ عَمَلٌ ولا حَسَابٌ، وغَدَاً حِسابٌ ولا عَمَلٌ، ونِعْمَ المالُ الصَّالِحُ للعَبدِ الصَّالِحِ، فَكونوا على حَذَرٍ من الرِّبا، ومن التَّعَامُلِ بالمُعَامَلاتِ الرِّبَوِيَّةِ، صَحِّحُوا عُقُودَ البَيعِ والشِّرَاءِ، تَعَلَّمُوا أحكامَ بَيعِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والعُملاتَ، تَنَبَّهوا إلى شُرُوطِ عُقُودِ البَيعِ، كُونوا على حَذَرٍ من التَّعَامُلِ مَعَ البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ، وتَعَلَّمُوا شُرُوطَ التَّعَامُلِ مَعَ البُنُوكِ الإسلامِيَّةِ، ولا تَغُرَّنَكُمُ الأسماءُ.

    اللَّهُمَّ أغنِنَا بِحَلالَكَ عن حَرَامِكَ، وبِطَاعَتِكَ عن مَعصِيَتِكَ، وبِفَضْلِكَ عمَّن سِواكَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 21/11/2024, 15:25