ذكر الله عز وجل
1- مع ذكر الله تعالى:
في الحديث مُعَاذ بنِ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْرًا». قَالَ: فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْرًا». ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْرًا»([1]).
وعنه أيضًا في فضل ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، فقال عمر: إِذًا نَسْتَكْثِرُ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الله أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ»([2]).
يمتاز المسلم الصوفي بأنه من أهل الذكر، يحاول ذلك ويداوم عليه.
وبرغم أن التصوف (خُلُقٌ وعِبادة وعمل ودعوة) إلا أن صفة الذكر غلبت عليه حتى عُرِفَ بها وعُرِفَت به، إذ التصوف الحق حضور ومراقبة وشهود، وتسام روحي، فلا يكون مع الغفلة أبدًا ذاكرًا بقلبه ولسانه، وبنظره وبفكره وبكل حركاته وسكناته، فكل سلوكه الدنيوي كالديني عبادة، ظهرت أم خفيت، فهو بكل ما يصدر منه من قول أو عمل عابد -حتى المتعة- يريد بها وجه الله ليس إلا.
2- من فضل الذكر:
وقد قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة:152]. قال السادة: لو لم يكن في القرآن من الحث على الذكر وبيان فضله إلا هذه الآية لكفت وأوفت. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب:41-42] فطلب الذكر بكثرة غير محدودة بعدد، ولا وقت، ولا كيفية. وليس هذا شأن بقية العبادات، فكلها محددة مؤقتة؛ مما يدل على فضل الذكر وامتيازه.
وقد مدح الله تعالى أولي الألباب بأنهم: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [آل عمران:191] فكان معنى هذا أن الذين لا يفعلون ذلك الذكر والفكر لا يكونون من أولي الألباب.
وروى الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: سُئِلَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم أَيُّ العِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ». قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «لَوْ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ فِي الكُفَّارِ وَالمُشْرِكِينَ حَتَّى يَنْكَسِرَ وَيُخَضَّبَ دَمًا، لَكَانَ الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا أَفْضَلَ مِنْهُ دَرَجَةً»([3]).
وروى الطبراني بسند صحيح عَنْ جَابِرٍ قال: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا عَمِلَ امْرِؤٌ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ». قيل: وَلا الجِهَاد فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَال: «وَلا الجهاد فِي سَبِيلِ اللهِ، إلَّا أنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ»([4]).
وروى الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم عَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ رضى الله عنه قَالَ: قالَ صلى الله عليه وسلم: «ألَا أُنَبئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعَهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ([5])، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ»؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى»([6]).
ومن أجل كل ذلك جاء قول السادة: الذكر مع الغفلة خير من الغفلة مع الذكر.
3- تعليل فضل الذكر:
والمراد بذلك هو الذكر المستوفي شروطه الظاهرة والباطنة، والذي ينقل صاحبه إلى رتبة ولاية الله الحق، فهو مع الله أبدًا؛ لتحققه بذكره قلبا ولسانا، ونظرًا وفكرًا، فالذاكر لا يقع على الممنوع، ولا يدع شيئًا من المشروع. فهو صمام أمان، وصوت للرحمن، وإنقاذ للإنسان، ودعوة مجسدة إلى معالي الأمور، وقدوة محسوسة في التسامي المطلق بالبشرية، وبمثله يغاث الناس وينزل المدد.
قال الإمام ابن بطال في شرح البخاري، وأقره الحافظ ابن حجر: هذه الفضائل الورادة في فضل الذكر، إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال، كالطهارة من الحرام، والمعاصي العظام، فلا تظن من أدمن الذكر وأصر على ماشاء من شهواته، وانتهك دين الله وحرماته أنه يلتحق بالمطهرين المقدسين، ويبلغ منازلهم بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح([7])اهـ. فيلاحظ ذلك.
وقد يستطيع أي إنسان أن يحمل سلاح الحرب والمقاتلة، ولكن لا يستطيع كل إنسان أن يحمل سلاح الدعوة والخدمة. وهو سلاح ذكر الله على أعلى المستويات وأسمى المعاني. وهكذا ينكشف أن الذكر هو روح الحياة، وسر الإنسانية، وأن للذاكر مزيد فضل ومزية، فاستحق أن يكون هذا الذاكر الذي يعم نفعه الدينا من حيث إنه يؤدي عمل الدنيا بنية الآخرة؛ أفضل من المجاهد الذي قد لا يعود فضل جهاده إلا عليه وحده. وخير الناس أنفعهم للناس. إن الذاكر الحق إنسان متكامل يحمل إلى الناس عبق النبوة وريحها الإلهي؛ ولذلك جاء في البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيْتِ»([8]).
وفي الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بِنْ بُسْرٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ»([9]).
فالذاكر أبدًا في مقام الأنس والمراقبة والورع، قدوة خير قدوة، ذاكر ومذكر، فهو لا يقع على خسيسة، ولا يتخلف عن مكرمة، فهو المسلم النموذجي الداعي إلى الله بسلوكه وعمله.
4- تجارب الصوفية:
وقد دخل الصوفية الراشدون على الله من باب الذكر، فأفادوا الدين والدينا، ونجحت تجاربهم إلى درجة اليقين القطعي عندهم. وقد أصابوا ويصبون من أسرار القدس الأعلى وأنواره ما لا طاقة لكاتب بوصفه أو تفصيله، وكانت تجاربهم في هداية الناس أنجح ما عرف الناس، وستظل كذلك -بإذن الله-.
والذكر يورث الذاكر: أدبًا، وفضلًا، وتذوقًا، ورقة، وأمانة، وسماحة نورانية. وإذا تحقق الذاكر بذكره، وانعكست أنواره على سلوكه وسر ذاته؛ أصبح ربانيا، يفيض عطفا وعاطفة، وتفقها وبرا بالناس. وما رأينا أحدا تجافى الذكر، عالما كان أم جاهلا، إلا كان فيه غلظة، وخشونة، وجفافا، وجفاء، وجاهلية خلقية تنعكس على ذاته بثقل الظل على تصرفاته بالشذوذ، والخطل([10])، والبهيمية، والوحشية.
5- حلقات الذكر الجماعية وبعض المعاني:
كانت حلقات الذكر في جماعة موجودة ومكررة فعلا على عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد رآها صلى الله عليه وسلم واشترك فيها، وبَشَّرَ أهلها، وحث على ارتيادها حثَّا ما عليه من مزيد.
وكل ما جاء في كتب الأحاديث الصحيحة وغيرها من ذكر لفظ (حِلَق أو حلقات الذكر) يفيد لغة وعقلًا معنى التجمع والمشاركة، كما سترى في الأحاديث الآتية([11]). فالإسلام دين التجمع، والتكتل، والتكافل، والتعاون.
وإذا أطلق لفظ الذكر من غير مُخَصِّصٍ ملحوظ أو ملفوظ فقد أريد به كل ما ذُكِرَ اللهُ تعالى فيه أو به، سواء كان صلاة، أو علمًا، أو قرآنًا، أو تسبيحًا، أو تهليلًا، أو تكبيرًا. فأيما شيء من ذلك فهو مشمول بعموم النص، ومستحق للثواب. حتى الفكر هو ذكر قلبي مأثور مادام بشروطه.
ولكن الذكر هنا مُخَصَّصٌ بمعنى التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، والتفريد، والتمجيد، وما هو منه بالتصريح والقرينة.
قال الإمام النووي: اعلم كما أنه يستحب الذكر، يستحب الجلوس في حِلَقِ أهله. وقد تظاهرت الأدلة على ذلك. ويكفي في ذلك حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَّنَةِ فَارْتَعُوا». قالوا: وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قاَلَ: «حِلَقُ الذَّكْرِ»([12]). ولا تكون الحلقة إلا من جماعة.
قلنا: وفي صحيح مسلم عن معاوية قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَلَقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ»؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى وَنَحْمَدُه عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «آللهِ -يعني والله - مِا أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟». وكررها في رواية، ثم قال: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفَكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُبَاهِي بِكُمُ المَلَائِكَةَ»([13]).
وفي أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَةً»([14]).
وفي مسلم أيضا عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدَرِيِّ: «لَا يَقْعُدُ قُومٌ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى إِلَّا حَفَّتُهُمُ المَلَائِكَةَ، وَغَشِيَتُهُمُ الرَّحَمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهَ فِيمَنْ عِنْدَهُ»([15]). أَيْ فِي المَلَإِ الأَعْلَى.
وحديث الصحيحين الطويل عن الملائكة السيَّاحين، الذين يلتمسون مجالس الذكر، حديث مشهور، وفيه: إن الله يغفر لهؤلاء الذين يسبحونه ويمجدونه، يبتغون جنته، ويخافون عذابه. ويغفر -أيضًا- لمن جلس معهم. أولئك القوم لا يشقى لهم جليس([16]) وإن لم يكن منهم، أو كان قد جاء لشأن خاص غير الذكر.
وفي الصحيحين: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ مَا ذَكَرَنِي. فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ -يعني: جماعة من الناس- ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ»([17]). أي جماعة من الملائكة.
وروى أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بِنْ عَمْرُو قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا غَنِيِمَةُ مَجَالِسِ الذَّكْرِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «غَنِيِمَةُ مُجَالِسِ الذِّكْرِ الجَنَّةُ»([18]).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد فوجد حلقة علم وحلقة ذكر، فنظر إليهما راضيًا عنهما وقال: «فِي كُلٍّ خَيْر». وإن كان صلى الله عليه وسلم قد جلس إلى حلقة العلم؛ فذلك لبيان أن العلم هو الأصل، وأن الذكر بلا علم جهل وغفلة قد تفضي إلى موبقة، ثم لأن أهل الذكر قد نضجوا فاطمأن عليهم، وأمكن لهم الاعتماد على أنفسهم بعد أن وصلوا إلى ثمرة العلم. فتأمل.
6- بين العلم والذكر والصلاة:
الآيات التي ذكرنها في أول هذا البحث في أن المراد بالذكر عبارات التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والدعاء بالأسماء الحسنى التي أمرنا الله بالتعبد بها، والتوجه إليه تعالى بما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية، وما جرى على لسان أحبابه من الابتهالات، حتى قال الفراء وابن قتيبة والجمهور في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت:45]؛ هو: التسبيح والتهليل. أي ونحوه.
ويؤيد هذه الآيات ما سقناه بعدها من أحاديث في أعلى درجات الصحة لا سبيل معها إلى التأويل الذي يلجأ إليه خصوم الصوفية بلا دليل.
قال ابن حجر في شرح المشكاة: من قال إن مجالس الذكر هي: مجالس الحلال والحرام، يعني العلم، أراد التنصيص على أخص أنواعه، أي: فهو شامل لمجالس الدعاء، والتفريد، والتسبيح، والتحميد، قلنا وأكثر ما ورد بلفظ الذكر إنما هو نص في هذه المجالس التعبدية بالذات على ما تفيده مفاهيم هذه النصوص، ومضامينها، وسياقها، ومناسباتها، فضلا عن صريح قوله صلى الله عليه وسلم: (من قال كذا كان له كذا).
ومن قال بأن المراد بالذكر هو: الصلاة وحدها فقد تعسف؛ فإن الله قد فصل بينهما إذا جمعهما في آية واحدة فقال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء:103].
وفي بيانه تعالى لأحوال الذكر في هذه الآية نص على أن الذكر هنا ليس هو الصلاة، وليس هو العلم، ولكنه التعبد بالأسماء والصيغ على سبيل اليقين.
7- أنواع الذكر وآدابه:
والذكر في رتبته العامة نوعان: ذكر لساني، وذكر قلبي. وقد نقل ابن جرير، والطبري، والرازي وغيرهم اختلاف السلف في أفضلية أحدهما على الآخر. وعندنا أن الجمع بينهما هو الأمثل كما أشار إليه القاضي عياض وطائفة من السلف والخلف؛ إذا إن لكل منهما أهل، ولكل منهم سر ومزية لا ينبغي أن تفوت المقبل على الله.
ومن ذكر القلب واللسان يتدرج إلى ذكر الروح، وذكر السر الذي يتحول الإنسان به إلى ذكر مجسم مجسد، فيندمج أو يدنو من أعلى مقامات أهل الله.
وقد بَيَّنَ اللهُ نوعي الذكر، وصورتيه العامتين، ووقتيه المفضلين في الإصباح والأماسي، فقال: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ﴾ [الأعراف:205]. فـ(ذكر النفس) في الآية هو (الذكر القلبي)، و(ذكر دون الجهر) فيها أي: ما بين الجهر والمخافتة هو (الذكر اللساني)، وهذا أدبه واضح في الآية، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الأسراء:110].
وإنما يرفع هذا الحكم، -حكم التوسط الصوتي بين الجهر والمخافتة- عن المرء فيما لو غاب عن نفسه، وغلبه حاله فله أن يرفع من صوته ما شاء، أما وهو يملك حسه، ويدرك نفسه فهو مسؤول وملزم بذلك، وبقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل:8]. والتبتل غاية الأدب والحضور. ولقوله: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال:2]، وبقوله: ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الزمر:23].
ونقل النووي الإجماع على جواز الذكر بالقلب واللسان للطاهر، والمحدث، والجنب، والحائض، والنفساء فيما عدا قراءة القرآن ففيهما تفصيل معروف في كتب الفقه.
ولكن الواجب عند الصوفية: أن يتهيأ السالك للذكر بالطاهرة الظاهرية بالوضوء إن أمكن مع الطهارة الباطنية بالتوبة والاستغفار، ثم يتعطر ويتسوك إن أمكن، ويلبس البياض، ويفرغ النفس، ويستقبل القبلة، ويستحضر الهمة، ويفتح القلب، ويخلص النية، ويخشع ويلزم منتهى التواضع والأدب. كما يتعين عندهم ضرورة صحة النطق، وفهم معنى الذكر ولو إجمالًا بوجه من الوجوه الصحيحة، وإلا فإنه لا ينتفع بذكره كما يجب. فقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا مَا عَقِلَ مِنْهَا»([19]).
و«إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»([20]).
فإن لم يستطع تحصيل كل هذه الشروط، مارس ما يستطيعه منها، عازما على استكمال الباقي كلما تيسر له.
8- كيفيات الذكر:
في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء:103] بيان لصفات الذكر وصوره الثلاث. وهي الصور التي لا يدور غيرها في حياة الإنسان.
وفي الصحيح سئلت عائشة عن وقت ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: «كَانَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِ أَحْيَانِهِ»([21]).
والمراد: في جميع الحالات، والأوقات، والكيفيات.
وعند الطبراني كما في الشفاء وغيره عن الإمام علي في وصفه أهل الحق: أنهم كانوا إذا ذكروا الله وقوفا، تمايلوا كما تتمايل الأشجار مع الريح العاصف. وهذا مما يشمله قوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الزمر:23].
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ». -بالفاء المفتوحة والراء المشددة المكسورة على الأصح- قَالُوا: وَمَنِ المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ»([22]).
وفي رواية: «يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مِثْلِ ظُلَلِ الْغَمَامِ».
قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات حتى يذكر الله قائمًا، وقاعدًا، ومضجعًا([23]).
ولا يتعين ذكر اللسان، ولكنه شامل لذكر القلب والروح.
وفي الحديث من رواية أبي داود وغيره عنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ تِرَةً -بكسر التاء وفتح الراء، وهي: التبعة والحسرة والخطيئة- وَمَنِ اضْطَجَعَ مُضُجَعًا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهِ إِلَّا كَانَتْ عَلَيهِ تِرَةً. وَمَنْ وَقَفَ مَوْقِفًا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهِ إِلَّا كَانَتْ عَلَيهِ تِرَةً. وَمَا مَشَى أَحَدُ مَمْشَى لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيهِ مِنَ اللهِ تِرَةً. وَإِنْ دَخَلَ الجّنَّةَ»([24]).
ثم إن أصل الذكر عند الطريقة المحمدية أن يكون من جلوس، أما القيام فيه فهو اختياري محض. وإنما يستحسن القيام كلما تحركت الهمة، واستحر([25]) الشوق بالذاكر، ولم يخالط القيام أمر ممنوع. وقد أدركنا طائفة من الأئمة فضلت الذكر من الجلوس، وإن اشتد الشوق إلى القيام إلا إذا غلبهم الحال. وهذا هو الأوفق لكل المناسبات.
9- أهل الذكر في القرآن:
ولو لم يكن من فضل أهل الذكر في القرآن إلا قوله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:35]، لكان كافيا في بيان مدى كرامتهم على الله. ألا ترى العمق في وصف العظيم تعالى أجره بأنه عظيم!
ويقول الله تعالى توجيها لحبيبه إلى ما يحبه فيمن يحبه، وهم في هذه الآية أهل الصفة: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف:28].
ويقول تعالى تأكيدا لهذا المعنى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام:52]. وليس هذا فقط، بل ولا ما هو دونه من أي قول أو عمل قد يمس الكرامة: ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف:28] فأي تكريم أو تقدير بعد كل ذلك لأهل الذكر؟!
وأولئك هم أهل الصفة الذين قدَّمهم النبي صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة أم الحسن والحسين بما أنزل الله فيهم من قرآن، إذ قد تحققوا بالذكر فكانوا أهلًا لهذا المقام. والصُّفَّةُ: -بضم الصاد المشددة- مكان خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم لفاطمة: «لَا أُعْطِيكِ وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَةِ»([26]).
نعم، ذكروا الله حق ذكره، فذكرهم بما هو أهله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة:152]. وهذه مقابلة أو موازنة لا تُدْرَكُ أعماقها إلا من طريق الأذواق والمكاشفات، فالعقول أهون من أن تحيط بمدى هذا العطاء الفسيح. ولو لم يكن إلا هذه في فضل الذكر لكفى، كما حققه السلف والخلف. فإذا أضيف هذا إلى ما جاء في السنة من تفضيل أهل الذكر ثبت أنهم أرقى مستوى رباني في خلق الله جميعًا.
10- الجهر بالذكر الجماعي:
ما قدمناه من الأدلة القاطعة على سنية حلق الذكر يدل على أن السلف كانوا يحتفلون به، ويجتمعون عليه، ويدعون إليه، ويؤدونهه جماعة منذ عهد النبوة حتى اليوم.
ولو كان كل منهم يذكر في حلقة لنفسه منفردًا، لما كانوا جماعة، ولشوش بعضهم على بعض، وأحدثوا الصخب والجلبة، فكانوا مُثْلَةً وأُضْحُوكَةً لا تمت إلى نظام الإسلام وذوقه الرفيع بأية صلة.
يقول المرحوم الشيخ حسنين مخلوف وكيل الأزهر الأسبق، ووالد المفتي الأسبق -أيضًا-: الأحاديث الصحيحة مع إثباتها مشروعية الجماعة، وفضلها في الذكر تثبت مشروعية الجهر -أيضًا- وفضله فيه؛ لأنه هو الذي صيرهم جماعة، كما هو معهود لغة وعرفًا، إلى أن قال: وبالتأمل في عموم الآيات والأحاديث، وما نقله الألوسي في آية الدعاء؛ تعلم أنه لا وجه للقول بكراهة الجهر بالذكر جماعة إذا خلا من الموانع الشرعية، ولم يكن فيه إخلال بشيء من آدابه المعروفة. اهـ.
وبمثل هذا قال المرحوم العلامة الشيخ الظواهري شيخ الجامع الأزهر، وبه أفتى كل من سبقه من شيوخ الأزهر، وأكثر مَنْ جاء مِنْ بعده، وقد طبقه المرحوم الشيخ حسن البنا عمليًا في جماعة الإخوان، وبه أفتى من قبل ومن بعد جمهور أعلام علماء المسلمين في المشارق والمغارب.
ومع هذا فمعنا الأدلة الآتية:
1- سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته يجهرون بالذكر كلما علوا شرفًا أو هبطوا واديًا، كما ثبت في الحديث الشريف، ولم ينكر صلى الله عليه وسلم عليهم جهرهم بهذا الذكر جماعة، فأصبح سنة إقرارية نبوية.
2- سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته وهم يجهرون بالتكبير في العيدين داخل وخارج البيوت، وفي الأسواق، وفي منى بالذات، كما هو ثابت في الحديث ولم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف، بل كان يفعله عمر فيكبر الناس بتكبيره، وفعله أبان بن عثمان وابن عمر وغيرهم، فتأكدت سنته نبويًا وصحابيًا.
3- حبب رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهر بالتأمين مع الإمام في الصلاة على صيغة رتيبة موزونة؛ فكانت قانون الجهر بالذكر الجماعي الرتيب.
4- شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين التكبير خلف الإمام عدد مرات في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية بطريقة جماعية جهرية منظمة
5- ثبت في البخاري وأبو داود([27]) وغيره أنهم لعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يختمون الصلاة جماعة فيعرف الناس بذلك فراغهم من الصلاة، ولا اعتبار للتكلف في تأويل هذا الحديث تعسفًا من خصوم ذكر الله.
6- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتجز وهو يحفر جدران مسجده الأطهر والصحابة يردون عليه، أو يرتجز بعضهم والنبي صلى الله عليه وسلم معهم يرد عليه جهرًا بصوت واحد كما هو ثابت في البخاري وغيره. وكان ارتجازهم نوعًا من الذكر الرتيب، وأصلًا من أصول الإنشاد الصوفي كما بيناه في (المسلم) بتوسع، وقد ذكره البخاري وغيره.
7- استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أناشيد استقباله جماعة يوم دخوله المدينة، وقد سر بها ورضي عنها، فكانت من أصول الذكر والإنشاد الجماعي.
8- في الذكر الجماعي تنشيط للهمم، وبعث للروحانية، ونشر للمدد وإعلان الخير، وترغيب في العبادة وتعاون على البر، وهو أفعل في النفس، وأكبر في الأثر، وقد ثبتت منفعته منذ كان. وحيث كانت المنفعة فثم شرع الله.
9- أدركنا من علماء السنة عددًا من السادة يذكرون الله جهرًا في جماعة، ومنهم بخاصة فضيلة المرحوم الشيخ محمود خطاب مؤسس الجمعية الشرعية ([28])، وكان يذكر بمريديه جهرًا وعلى صوت واحد، ومن أتباعه الآن من يحافظ على ذلك.
ثم إن ما تركه المرحوم الشيخ خطاب من الكتب الصوفية خصوصًا (العهد الوثيق) ونحوه ليس فيه ما يمنع الذكر الجماعي الجهري إذا استكمل شروطه، بل هو حث بالغ عليه.
وفي عصرنا هذا توالى على عمادة كليات الأزهر ومشيخته أئمة كلهم يشاركون في هذا الذكر، منهم:
أ- الأخ الدكتور/ عبد الحليم محمود -رحمه الله-.
ب- الأخ الأستاذ/ الصادق عرجون -رحمه الله-.
ج- الأخ الأستاذ/ محمد أبو الروس -رحمه الله-.
وفي أيامنا هذه مئات من أفضل العلماء العاملين منهم:
الدكتور الحسيني أبو فرحة، والدكتور الصافي، والدكتور الحسيني أبو هاشم، والشيخ إبراهيم الدسوقي وزير الأوقاف. بالإضافة إلى الألوف المؤلفة من كبار علمائنا المعروفين وشبابهم الذين ينتسبون إلى هذه المجالس المباركة.
ومع ما وفقنا الله إليه من البحث والتنقيب لم نعثر على نص صريح ينهى عن الذكر جماعة، بل لو لم يكن في الباب إلا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يَدُ الله مَعَ الْجَمَاعَةِ»([29]). لكفى وشفى.
أما الاعتراض على الذكر في المساجد بأنه ممنوع رغم قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور:36]، أي: بكل صور الذكر، لأنه قد يشوش على بعض المصلين في الوقت الذي يحرصون هم فيه على أحاديث رجالهم ودروسهم قبل الصلوات وبعدها، فهذا شيء غير مقبول، فالشأن هنا وهنا واحد. فكيف يجوز في الدرس ولا يجوز في الذكر؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الناس القرآن تلاوة وحفظًا في المسجد، وكان يقضي في الأقضية، ويجهز السرايا والغزوات، ويعقد النكاح، وأباح للحبشة فيه اللعب -أي التشكيلات العسكرية-، وأقام في المسجد منبرًا لشاعره حسان، وكان يخطب فيه رؤساء الوفود، ويسمع خطباءهم وشعراءهم.
وقد صحت أحاديث شتى بأنه صلى الله عليه وسلم رأى في المسجد حلق الذكر، فرضي عنها وشجع أهلها، وبشرهم كما هو مفصل في أبواب الذكر بكل كتب الحديث وقد أسلفنا بعضها، فيكون الاعتراض على الذكر في المسجد نوعًا من مجرد التعصب الكريه، أو الحِرَفِيَّةِ المرفوضة في العلم بالدين.
([1]) أخرجه أحمد: (3/438).
([2]) أخرجه الطبراني في الكبير (20/183، رقم 397) والحديث بتمامه: عَنْ سَهْلِ بن مُعَاذِ بن أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن ْرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى الله لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»، فَقَالَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ: إِذًا نَسْتَكْثِرَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الله أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ».
([3]) أخرجه الترمذي: (3376) وقال: حديث غريب.
وقال السيد الرائد رضى الله عنه في تعليقه علىٰ ذلك: وهذا الفضل يكون للذاكر في حالة غفلة المجاهد عن الله بما يشغله من أمر الدنيا والمال والولد، أو بما يشغله من حب الشهرة والصيت بالشجاعة، فلا يتساوى مع المجاهد الفاني في الله، فلا يخطر علىٰ باله سواه، فلا يتساوى مع الذاكر الذي قعد عن الجهاد مضطرًا، ولا مع الذاكر الذي يقوم برسالة الأمر والنهي والفقه، ولا مع الذاكر الذي يقوم بوظيفة التوعية والتعبئة وحفظ هيكل الدولة، ولا مع الذاكر القائم علىٰ ما لابد منه للأمة من شئون الاقتصاد والأمن والقضاء والتجارة والتكافل... إلخ.
([4]) أخرجه الطبراني في الأوسط (3/5)، والصغير: (1/138).
([5]) أي الفضة.
([6]) أخرجه الترمذي: (3377)، وابن ماجه: (3790)، والحاكم: (1/673) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
([7]) راجع: فتح الباري: (13/541).
([8]) أخرجه البخاري: (6407) عن أبي موسى.
([9]) أخرجه الترمذي: (3375)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
([10]) قال ابن الأثير في النهاية: الخَطَل: المَنْطِقُ الفَاسِدِ.
([11]) راجع رسالة الإمام السيوطي (نتائج الفكر في الجهر بالذكر)، وهي ضمن كتابه (الحاوي للفتاوي).
([12]) أخرجه الترمذي (3852) من حديث أَنَسِ بْنِ مَاِلكٍ، وقال: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
([13]) راجع: الأذكار: (1/20). والحديث أخرجه مسلم: (40/2701).
([14]) أخرجه أبو داود (3667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وقال السيد الرائد رضى الله عنه: وبهذا أخذت الطريقة المحمدية والتيجانية جعل ورد يوم الجمعة ما بين العصر والمغرب جماعة، أو علىٰ انفراد.
([15]) أخرجه مسلم (39/2700) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدُرِيِّ معًا.
([16]) أخرجه البخاري: (6408)، ومسلم: (25/2689).
([17]) أخرجه البخاري: (7405)، ومسلم: (2/2675).
([18]) أخرجه أحمد: (3/438).
([19]) قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (1/159): حديث ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل لم أجده مرفوعًا. اهـ. وجاء هذا الأثر في حلية الأولياء: (7/61) موقوفًا على سفيان الثوري بلفظ: يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها. وجاء معناه في حديث مرفوع أخرجه أبوداود (796) عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلاَّ عُشْرُ صَلاَتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا».
([20]) هذا جزء من حديث أخرجه الترمذي (3479) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الله لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ». وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
([21]) أخرجه مسلم: (17/373).
([22]) أخرجه مسلم: (4/2676).
([23]) أخرجه عبدالرزاق في تفسيره: (3/117).
([24]) أخرجه أبو داود: (4856) مقتصرًا على الجملة الأولىٰ.
([25]) أي اشتد.
([26]) أخرجه بهذا اللفظ أبونُعَيْم في حلية الأولياء: (2/41)، وهو عند الحميدي: (48)، وأحمد: (1/106) بنحوه.
([27]) لفظه عند البخاري: (842)، وأبي داود (1002) عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ ب قَالَ: كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ.
([28]) قال السيد الرائد رضى الله عنه: في بيته القديم في الحكاكين قريبًا من بيته المعروف الآن بالخيامية، ثم في بيته بالخيامية، ثم في بعض دروسه ودروس رجاله.
([29]) أخرجه الترمذي: (2166) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وقال: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin