الباب العاشر في التنزيه
التنزيه عبارة عن انفراد القديم بأوصافه وأسمائه وذاته، كما يستحقه من نفسه لنفسه بطريق الأصالة والتعالي، لا باعتبار أن المحدث ماثله أو شابهه. فانفرد الحق سبحانه وتعالى عن ذلك، والتحق بالتنزيه القديم فليس بأيدينا من التنزيه إلاَّ التنزيه المحدث،والتحق به التنزيه القديم ، لأن التنزيه المحدث ما بإزائه نسبة من جنسه وليس بإزاء التنزيه القديم نسبة من جنسه.
لأن الحق لا يقبل الضدّ ولا يعلم كيف تنزيهه، فلأجل ذا نقول: تنزيه عن التنزيه، فتنزيهه لنفسه لا يعلمه غيره ولا يعلم إلاَّ التنزيه المحدث. لأن اعتباره عندنا تعدى الشيء عن حكم كان تمكن نسبته إليه فتنزّه عنه، ولم يكن للحق مشبها ذاتيا يستحق عنها التنزيه، إذ ذاته هي المنزّهة في نفسها على ما يقتضيه كبرياؤها، فعلى أي اعتبار كن وفي أيّ محل ظهر او بأي تشبيه كان لقوله : "رأيت ربي في صورة شاب أمرد" أو تنزيهياً: كقوله : "نور أنَّى أراه".
فإن التنزيه الذاتي له حكم لازم لزوم الصفة للموصوف، وهو من ذلك المجلى على ما يستحقه من ذاته لذاته بالتنزيه القديم الذي لا يتوسع إلاَّ له ولا يعرفه غيره، فانفرد في أسمائه وصفاته وذاته ومظاهره وتجلياته بحكم قدسه عن كل ما ينسب إلى الحدوث ولو بوجه من الوجوه، فلا تنزيهه كالتنزيه الخلقي ولا تشبيهه كالتشبيه، تعالى وانفرد.
وأما من قال إن التنزيه راجع إلى تطهير محلك لا إلى الحق فإنه أراد بهذا التنزيه الخلقي الذي بإزائه التشبيه، نعم إن العبد إذا اتصف من أوصاف الحق بصفاته سبحانه وتعالى تطّهر محله وخلص من النقائص المحدثات بالتنزيه الإلهي فرجع إليه هذا التنزيه وبقي الحق على ما كان عليه من التنزيه الذي لا يشاركه فيه غيرهفليس للخلق فيه مجال أعني ليس لوجه المخلوق من هذا التنزيهشيء بل هو وجه الحق بانفراده كما استحق من نفسه فافهم.
واعلم أني متى أذكر لك في كتابي هذا أو غيره من مؤلفاتي أن هذا الأمر للحق وليس للمخلوق فيه نصيب، أو هذا مختص بالخلق ولا ينسب إلى الحق، فإن مرادي بذلك أنه للوجه المسمى بذلك الاسم من الذات، لا أنه ليس للذات ذلك، فافهم .
لأن هذا الأمر مبني على أن الذات جامعة لوجه الحق والخلق ، فللحق منها ما يستحقه الحق، وللخلق منها ما يستحقه الخلق على بقاء كل وجه في مرتبته بما تقتضيه ذاته من غير ما امتزاج.
فإذا ظهر أحد الوجهين في الوجه الآخر كان كل من الحكمين موجودا في الثاني وسيأتي بيانه في باب التشبيه، تعالى من ليس بعرض ولا جوهر.
ما جوهر قامت به عرضان يا واحداً في حكمه اثنان
جمعت محاسنك العلى فتوحدت لك باختلاف فيهما ضدان
ما أنت إلاَّ واحد الحسن الذي تمَّ الجمال له بلا نقصان
فلئن لطفتت وإن ظهرت فأنت في ما تستحق من العلا السبحاني
متنزّهاً متقدِّساً متعالياً في عزّة الجبروت عن حدثان
لم يدرك المخلوق إلاَّ مثله والحقُّ منّزه عن الاكوان
التنزيه عبارة عن انفراد القديم بأوصافه وأسمائه وذاته، كما يستحقه من نفسه لنفسه بطريق الأصالة والتعالي، لا باعتبار أن المحدث ماثله أو شابهه. فانفرد الحق سبحانه وتعالى عن ذلك، والتحق بالتنزيه القديم فليس بأيدينا من التنزيه إلاَّ التنزيه المحدث،والتحق به التنزيه القديم ، لأن التنزيه المحدث ما بإزائه نسبة من جنسه وليس بإزاء التنزيه القديم نسبة من جنسه.
لأن الحق لا يقبل الضدّ ولا يعلم كيف تنزيهه، فلأجل ذا نقول: تنزيه عن التنزيه، فتنزيهه لنفسه لا يعلمه غيره ولا يعلم إلاَّ التنزيه المحدث. لأن اعتباره عندنا تعدى الشيء عن حكم كان تمكن نسبته إليه فتنزّه عنه، ولم يكن للحق مشبها ذاتيا يستحق عنها التنزيه، إذ ذاته هي المنزّهة في نفسها على ما يقتضيه كبرياؤها، فعلى أي اعتبار كن وفي أيّ محل ظهر او بأي تشبيه كان لقوله : "رأيت ربي في صورة شاب أمرد" أو تنزيهياً: كقوله : "نور أنَّى أراه".
فإن التنزيه الذاتي له حكم لازم لزوم الصفة للموصوف، وهو من ذلك المجلى على ما يستحقه من ذاته لذاته بالتنزيه القديم الذي لا يتوسع إلاَّ له ولا يعرفه غيره، فانفرد في أسمائه وصفاته وذاته ومظاهره وتجلياته بحكم قدسه عن كل ما ينسب إلى الحدوث ولو بوجه من الوجوه، فلا تنزيهه كالتنزيه الخلقي ولا تشبيهه كالتشبيه، تعالى وانفرد.
وأما من قال إن التنزيه راجع إلى تطهير محلك لا إلى الحق فإنه أراد بهذا التنزيه الخلقي الذي بإزائه التشبيه، نعم إن العبد إذا اتصف من أوصاف الحق بصفاته سبحانه وتعالى تطّهر محله وخلص من النقائص المحدثات بالتنزيه الإلهي فرجع إليه هذا التنزيه وبقي الحق على ما كان عليه من التنزيه الذي لا يشاركه فيه غيرهفليس للخلق فيه مجال أعني ليس لوجه المخلوق من هذا التنزيهشيء بل هو وجه الحق بانفراده كما استحق من نفسه فافهم.
واعلم أني متى أذكر لك في كتابي هذا أو غيره من مؤلفاتي أن هذا الأمر للحق وليس للمخلوق فيه نصيب، أو هذا مختص بالخلق ولا ينسب إلى الحق، فإن مرادي بذلك أنه للوجه المسمى بذلك الاسم من الذات، لا أنه ليس للذات ذلك، فافهم .
لأن هذا الأمر مبني على أن الذات جامعة لوجه الحق والخلق ، فللحق منها ما يستحقه الحق، وللخلق منها ما يستحقه الخلق على بقاء كل وجه في مرتبته بما تقتضيه ذاته من غير ما امتزاج.
فإذا ظهر أحد الوجهين في الوجه الآخر كان كل من الحكمين موجودا في الثاني وسيأتي بيانه في باب التشبيه، تعالى من ليس بعرض ولا جوهر.
ما جوهر قامت به عرضان يا واحداً في حكمه اثنان
جمعت محاسنك العلى فتوحدت لك باختلاف فيهما ضدان
ما أنت إلاَّ واحد الحسن الذي تمَّ الجمال له بلا نقصان
فلئن لطفتت وإن ظهرت فأنت في ما تستحق من العلا السبحاني
متنزّهاً متقدِّساً متعالياً في عزّة الجبروت عن حدثان
لم يدرك المخلوق إلاَّ مثله والحقُّ منّزه عن الاكوان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin