..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2 Empty كتاب: الدرر السنية ـ المبحث الثالث: آداب المريد ـ علوي بن عبد القادر السقاف ـ ج2

    مُساهمة من طرف Admin 9/10/2020, 14:18

    "وقال أيضاً من الأدب مع الشيخ أن المريد إذا كان له كلام مع الشيخ في شيء من أمر دينه أو دنياه لا يعجل بالإقدام على مكالمة الشيخ بالهجوم عليه حتى يتبين له من حال الشيخ أنه مستعد له ولسماع كلامه فكما أن للدعاء أوقاتاً وآداباً وشروطاً لأنه مخاطبة لله تعالى فللقول مع الشيخ أيضاً آداب وشروط لأنه من معاملة الله تعالى (!!) ويسأل الله قبل الكلام مع الشيخ التوفيق لما يجب من الآداب" أ.هـ (الإبريز ص213).
    فجعلوا الشيخ هنا بمنزلة الله سبحانه وتعالى فكما أن لدعاء الله شروطاً وآداباً وأوقاتاً.. فكذلك يجب أن يكون الكلام مع الشيخ.. وانظر قوله (لأنه.. أي لأن معاملة الشيخ من معاملة الله تعالى..) فأي عبودية في الأرض أعظم من هذه؟...
    وحتى يتلبس الأمر على المريدين التباساً كاملاً ولا يستطيع المريد أن يفرق بين الشيخ والله فإن المتصوفة زعموا أن الشيخ عندما يتكلم بكلامه في الدرس لا يكون متكلماً من عند نفسه وإنما هو مستمع كذلك لما يلقى عليه من الله، وما يجري على لسانه رغماً عنه فالشيخ غير مسئول عن كلامه، لأن كلامه في الدرس وحي من الله وإلهام إليه لا حيلة له فيه. قال السلجماسي:
    "قال ويكون الشيخ فيما يجريه الحق سبحانه وتعالى على لسانه مستمعاً كأحدكم فأشكل ذلك على بعض الحاضرين وقال إذا كان القائل يعلم ما يقول فكيف يكون مستمعاً (فرجع إلى منزله فرأى في ليلته في المقام كأن قائلاً يقول له: أليس الغواص يغوص في البحر لطلب الدر ويرجع بالصدف) ويرجع بالصدف في مخلاته والدر وقد حصل معه ولكن لا يراه إلا إذا خرج من البحر ويشاركه في رؤية الدر من هو على الساحل ففهم في المنام إشارة الشيخ في ذلك فأحسن آداب المريد مع الشيخ السكون والخمود والجمود حتى يبادئه الشيخ بما له فيه المصلحة قولاً وفعلاً" (الإبريز ص105).
    وهذا المثال الذي ضربوه لا ينطبق على هذا الأمر لا شكلاً ولا موضوعاً.. فالقضية الأساسية وهي أن الشيخ يلقي عليه الكلام عن الغيب رأساً في الدرس ولا حيلة له فيه هذا كفر وزندقة لأنه لا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم.. ومن زعم أنه ينزل عليه وحي أو يكاشفه ملك، أو يطلع على غيب بعد رسول الله فهو كافر مرتد حلال الدم بإجماع الأمة.
    وأما أن الغواص يغوص فيأتي بالمحار من البحر ولا يعرف إن كان فيها لؤلؤ أم لا ثم يفتحها على الشاطئ ويطالع مع الموجودين هناك.. إن أرادوا أن الشيخ يغوص في الغيب ويأتي بالمحار ولا يعرف هل أتى بلؤلؤ أم لا إن زعموا أن كلام الله الذي يأتي به الشيخ لا يعرف إن كان فيها لباب أم لا فهذا كفر صريح لأنه تشبيه للوحي الإلهي بأن منه ما يجوز أن يلقى مرة ثانية إلى البحر كما يرمي الغواص بقشور المحار التالفة التي لا نفع منها وقد نجد جوهرة وقد لا نجد..
    وهذا المثال الذي ضربوه لما يجري على ألسنة شيوخهم ينطبق فقط على الإلقاء الشيطاني فالشياطين تلقي على أسماع أوليائها من الإنس الأمر مما يسمعونه من السماء يكون فيه شيء واحد صادق وتسعة وتسعون كذباً وهذا هو بالفعل حال شيوخ التصوف المتصلين بالجن والشياطين؛ قد يطلعهم الجن على شيء واحد صادق ولكن الجن يكذبون مع كل خبر صادق مئة كذبة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في تفسير قوله تعالى وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا[الجن:9]وفي قوله تعالى لا يَسَّمَّعُونَ إلى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ[الصافات: 8-9].
    فشيوخ التصوف يحدثون بأحاديث الجن والشياطين فيكذبون مئة كذبة ويفترون آلاف الافتراءات على الله ورسالته، وقد يصدقون مرة واحدة. والمهم في هذا الصدد أن هؤلاء المشايخ بمثل هذا الأمر جعلوا المريد صنماً مع شيخه لا يستطيع أن يقاطعه أو أن يعترض عليه لأن الشيخ أصلاً مستمع لما يوحى إليه وليس مؤلفاً ولا ناقلاً كلام نفسه.
    وجعلوا من واجب المريد أيضاً أن لا يسافر سفراً إلا بإذن الشيخ. قال عبدالكريم القشيري:
    "ومن أحكام المريد إذا لم يجد من يتأدب به في موضعه أن يهاجر إلى من هو منصوب في وقته لإرشاد المريدين ثم يقيه إليه ولا يبرح عن سدته إلى وقت الإذن" (القشيرية ص184).
    وبالطبع الإذن الذي يجب على المريد أن ينتظره ليس هو إذن الشيخ في زعمهم وإنما هو الإذن الإلهي فالشيخ يأمر المريد أن يبقى في مكانه ولا يتحول عنه إلا إذا جاءه الأمر الإلهي بأن يسافر من عند شيخه. وبالطبع ليس هذا أمراً إلهياً وإنما هو أوامر شيطانية يلتزم بها هؤلاء وهؤلاء..
    ويفلسف القشيري هذا الأدب الصوفي، أعني عدم جواز سفر المريد وإلا بإذن شيخه، فيقول:
    "ومن آداب المريد بل فرائض حاله أن يلازم موضع إرادته وأن لا يسافر قبل أن يقبله الطريق وقبل وصول القلب إلى الرب فإن السفر للمريد في غير وقته سم قاتل ولا يصل أحد منهم إلى ما كان يرجى له إذا سافر في غير وقته وإذا أراد الله بمريد خيراً أثبته في أول إرادته وإذا أراد الله بمريد محنة شرده في مطارح غربته هذا إذا كان المريد يصلح للوصول فأما إذا كان شاباً طريقته للخدمة في الظاهر بالنفس للفقراء وهو دونهم في هذه الطريقة رتبة فهو وأمثاله يكتفون بالترسم في الظاهر فينقطعون في الأسفار وغاية نصيبهم من هذه الطريقة حجات يحصلونها وزيارات لمواضع يرتحل إليها لبقاء شيوخ بظاهر سلام فيشاهدون الظواهر ويكتفون بما في هذا الباب من السير فهؤلاء الواجب لهم دوام السفر حتى لا تؤديهم الدعة إلى ارتكاب محظور فإن الشاب إذا وجد الراحة والدعة كان في معرض الفتنة إذا توسط المريد جميع الفقراء والأصحاب في بدايته فهو مضر له جداً وإن امتحن واحد بذلك فليكن سبيله احترام الشيخ والخدمة للأصحاب وترك الخلاف عليهم والقيام بما فيه راحة فقيره والجهد أن لا يستوحش منه قلب الشيخ ويجب أن يكون في صحبته مع الفقراء أبداً خصمهم على نفسه ولا يكون خصم نفسه عليهم ويرى لكل واحد منهم عليه حقاً واجباً ولا يرى لنفسه واجباً على أحد" أ.هـ (القشيرية ص183).
    وهكذا يجب أن يكون المريد أداة طيعة في يد شيخه يختار له من المراتب والمسالك ما يريد. بل يجب عليه أيضاً أن ينخلع عن حرفته وصنعته وأن ينقطع كل علائقه بالدنيا، وينقطع انقطاعاً كاملاً لشيخه..
    والحق أن قضية الانقطاع الكامل عن الدنيا والإقبال التام على التصوف وملازمة الشيوخ كان هو الأمر في القرن الرابع وما بعده، وما زال هذا موجوداً في الإقطاعيات الصوفية الكثيرة التي تأتيها دخول دائمة وأوقاف دائمة للمريدين الذين يجب أن يسير فيه. ويقول القشيري أيضاً:
    "وكل مريد بقي في قلبه شيء من عروض الدنيا مقدار وخطر فاسم الإرادة له مجاز وإذا بقي في قلبه اختيار فيما يخرج عنه من معلومه فيريد أن يخص به نوعاً من أنواع البر أو شخصاً دون شخص فهو متكلف في حاله وبالخطر أن يعود سريعاً إلى الدنيا لأن قصد المريد في حذف العلائق الخروج منها لا السعي في أعمال البر وقبيح بالمريد أن يخرج من معلومه من رأس ماله وقنيته ثم يكون أسير حرفة وينبغي أن يستوي عنده وجود ذلك وعدمه حتى لا ينافر لأجله فقيراً ولا يضايق به أحداً ولو مجوسياً" انتهي (القشيرية ص184).
    ومعنى هذا أنه يجب على المريد الخروج من الحرف الدنيوية نهائياً بزعم أنه يضايق أهل الحرف والصناعات ويزاحمهم وهذا يضاد التصوف حتى ولو كان من يزاحمهم مجوسياً.. كما أنه يجب على المريد أن لا يفعل معروفاً مع شخص إلا بأمر شيخه.
    وقال أيضاً "ومن شأن المريد قصر الأمل فإن الفقير ابن وقته فإذا كان له تدبير في المستقبل وتطلع لغير ما هو فيه من الوقت وأمل فيها يستأنفه لا يجيء منه شيء.. ومن شأن المريد أن لا يكون له معلوم وإن قل لا سيما بين الفقراء فإن ظلمة المعلوم تطفئ نور الوقت" (الإبريز ص208).
    يعني أن المريد يجب عليه أن لا يكون له تدبير مالي، للمستقبل أبداً ولا راتب شهري معلوم يرجع إليه لأن هذا يطفئ نوره ويؤجل مكاشفاته..
    وجعلوا كذلك من آداب المريد في مجلس الشيخ ما يأتي:
    "من آداب المريد مع شيخه أن لا يجلس بحضرته متربعاً، ولا مظهراً رجلاً له. قال صاحب (الرائية):
    ولا يقعدن قدامه متربعاً ولا بادياً رجلاً فبادر إلى الستر

    ولا يجوز له كذلك أن يلبس لباس الشيوخ إلا إذا انتهي من مقام التربية" أ.هـ
    وهذه حقوق أعطيت للشيخ لم يجعلها الله لرسوله فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة أن لا يلبسوا لباسه.. أو يتشبهوا به في عمامته أو قلنسوته أو يجلسوا متربعين في حضرته صلى الله عليه وسلم..
    بل كانوا يجلسون بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم متربعين ومضطجعين وكان أحياناً يضجع معهم ولم يكن له صلى الله عليه وسلم زي خاص ولا مجلس خاص، وهذا يدلك على ابتداع المتصوفة وبعدهم عن الدين. وجعلوا من آدابهم أيضاً ما قاله القشيري:
    "ومن شروط المريد إذا زار شيخاً أن يدخل عليه بالحرمة وينظر إليه بالحشمة فإن أهل الشيخ لشيء من الخدمة عَدَّ ذلك من جزيل النعمة. (القشيرية ص184).
    فجعلوا خدمة شيوخهم من جزيل النعمة ومن تفضل الشيخ على المريد والأمر على العكس لأن من يخدم غيره دون أجر هو المتفضل لقوله صلى الله عليه وسلم للذين خدموا إخوانهم في السفر ذهب المفطرون بالأجر كله:
    "وقبول قلوب المشايخ للمريد أصدق شاهد لسعادته ومن رده قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غِبَّ ذلك ولو بعد حين ومن خذل بترك حرمة الشيوخ فقد أظهر رقم شقاوته وذلك لا يخطئ".. أ.هـ
    وهذا يعني أن غضب الشيخ الصوفي على المريد هو غضب الله. فليس له قبول أبداً.. وهذا من أعجب العجب..
    7-لا كتمان لشيء من الأسرار عن الشيخ:
    وحتى يتم أخذ المريد من نفسه والسيطرة الكاملة على كل قلبه وإحساسه وهواجسه فإن شيوخ التصوف قد فرضوا على المريد أن لا يحجب شيئا من أسراره عن شيخه سواء كانت هذه الأسرار معاصي ارتكبها فإن الشيخ يتحملها عنه إذا أفضى بها إليه، وهذا نظير صكوك الغفران عند النصارى أو كانت في زعمهم مكاشفات وأنواراً وعلوماً إلهية (لدنية) فإن شيخه سيفرح بذلك ويطلب له المزيد.
    يقول القشيري:
    "وإذا التزم المريد استدامة الذكر وآثر الخلوة فإن وجد في خلوته ما لا يجده قلبه إما في النوم وإما في اليقظة أو بين اليقظة والنوم من خطاب يسمع أو معنى يشاهده مما يكون نقصاً للعادة فينبغي أن لا يشتغل بذلك البتة ولا يسكن إليه ولا ينبغي أن ينتظر حصول أمثال ذلك فإن ذلك كله شواغل عن الحق سبحانه ولا بد له في هذه الأحوال في وصف ذلك لشيخه حتى يصير قلبه فارغاً عن ذلك ويجب على شيخه أن يحفظ عليه سره فيكتم عن غيره أمره ويصغر ذلك في عينه فإن ذلك كله اختبارات والمساكنة إليها مكر فليحذر المريد عن ذلك وعن ملاحظاتها وليجعل همته فوق ذلك واعلم أن أضر الأشياء بالمريد استئناسه بما يلقى إليه في سره من تقريبات الحق سبحانه له ومنه بأني خصصتك بهذا وأفردتك عن أشكالك فإنه لو قال يترك هذا فمن قريب سيختطف عن ذلك بما يبدو له من مكاشفات الحقيقة وشرح هذه الجملة بإثباته في الكتب متعزز.." أ.هـ (القشيرية ص183،184)
    وهذا الذي يقرره القشيري هنا فيه كثير من التلبيس الذي لا بد من بيانه فالشاهد فيه أولاً هو أن المريد لا يجوز له كتمان ما يطالعه مما يسمونه بالأنوار أو المكاشفات أو السماع من الملك أو مما نقض للعادة ويمثلون لذلك بسطوح الأنوار في الغرفة المظلمة مثلاً أو رفع سقفها أو رؤيته لشيخه أمامه أو حضور الرسول عنده ونحو هذا مما يدعونه من الخرافات والتهيؤات الشيطانية وذلك أن الأذكار التي تعطي للمريد بأعدادها الرهيبة وطرق أدائها كأن يكون الإنسان جاثياً على ركبتيه مغمضاً إحدى عينيه أو متجهاً ببصره شمالاً أو يميناً، وكذلك الجو المحيط بذلك من إظلام الغرفة، والمكث ساعات طوال على ذلك مع أعداد تربو أحياناً على عشرات بل مئات الآلاف من المرات.. كل ذلك مع انتظار حدوث أمر غريب يجعل المريد يفقد السيطرة على نفسه وأعصابه فتتهيأ له أمور كثيرة أو يتسلط الشيطان عليه لما هو فيه من البدعة والبعد عن هدي النبوة المستنير فيتلاعب به الشيطان فيتهيأ له أحياناً بصورة شخصية أو بصورة مكذوبة غير صورة الرسول ويلقي في روعه أنه رسول الله، وأنه يأمره بكذا وكذا.. وأحياناً ما يتهيأ له أن السقف انشق وأن الظلام الدامس قد تحول إلى نور ساطع، وأن الملائكة قد هبطت عليه، وهو في هذه الحالة الشيطانية من قراءة الأذكار المبتدعة التي تشتمل غالباً على أسماء الشياطين وتخليط بضع آيات من القرآن، مقطعة عن مواضعها موضوعة في غير أماكنها فتنزل عليهم الشياطين لذلك وتعبث بعقولهم وأفئدتهم وهذا ما عناه القشيري من أن المريد إذا شرع في الذكر فلا بد أن يرى شيئا من ذلك فعليه كما زعم أن لا ينظر إلى شيء من ذلك البتة لأن كما قال شواغل الحق وهو يريد أن يرى الله وأن يصلي إلى الله نفسه لا إلى هذه الأمور العارضة.. وعليه بعد رؤيته لهذه الأمور أن يحكيها لشيخه ولا يخفيها عنه..
    فهذا أحمد بن المبارك يصف حال المريد مع شيخه وينقل كلام شيخه عبدالعزيز الدباغ لهم فيقول:
    "وكان (رضي الله عنه) يقول: لا تكتموا عني شيئا من الأمور التي تنزل بكم في الدين والدنيا وأخبرونا حتى بالمعاصي التي تقع لكم وإن لن تخبروني أخبركم فإنه لا خير في صحبة يستر معها شيء من أحوال المتصاحبين وكان رضي الله عنه يقول أما أنا فلا أكتم عنكم شيئا من أموري ثم يشرح لنا رضي الله عنه حاله حتى بلغ ذلك ويذكر لنا جميع ما وقع له من العاديات وغيرها، ويقول لنا (رضي الله عنه) إن لم أخبركم ولم أطلعكم على أحوالي فإن الله يعاقبني ويحاسبني لأنكم تظنون بي الخير فاصبروا حتى أذكر لكم الأمور الباطنية التي لم تطلعوا عليها فمن شاء منكم بعد ذلك أن يبقى معي فليبق وحينئذ يحل لي أكل طعامه وقبول هديته ومن شاء أن يذهب فليذهب فإن سكوتي عن ذكر تلك الأمور غش لكم وما كان رضي الله عنه لأصحابه إلا رحمة محضة يشفع لهم في زلاتهم ويتكفل لهم بنوائبهم ويتحلل لهم ما يخشون عاقبته ويهتم لأمرهم أكثر مما يهتم لأموره. وقال لي رضي الله عنه ذات يوم الرجل الذي لا يشاطر صاحبه في سيئاته ما هو بصاحب له وقال إن لم تكن الصحبة إلا على الحسنات فما هي بصحبة. وبالجملة فما كان رضي الله عنه لأصحابه إلا رحمة مرسلة من الله عز وجل فعلى مثله يبكي الباكون ولو رمنا تفصيل أعيان الجزئيات الواقعة لنا معه ولغيرنا في هذا الباب لطال الكلام" أ.هـ (الإبريز ص212).
    ...وهذا الكلام معناه في النهاية إيقاف المريد عارياً أمام شيخه وأستاذه وإيهامه بأنه إن لم يعترف بما عنده من الأسرار فإن الشيخ بنفسه يطلع على ذلك ونقل في هذا بيت صاحب (الرائية):
    سوى الشيخ لا تكتمه سراً فإنه بساحة كشف السر يجري على بحر

    ويقول القشيري أيضاً:
    "يجب عليه حفظ سره حتى عن زره إلا عن شيخه ولو كتم نفساً من أنفاسه عن شيخ فقد خانه في حق صحبته ولو وقع له مخالفة فيما أشار عليه شيخه فيجب أن يقر بذلك بين يديه في الوقت ثم يستسلم لما يحكم عليه به شيخه عقوبة له على جنايته ومخالفته إما بسفر يكلفه أو أمر ما يراه".
    أي وعليه أن يستسلم إذا خالف هذا الأدب فكتم شيئا عن الشيخ أن يستسلم لحكم الشيخ فيما يحكم عليه به، ويكون راضياً بذلك. وإذا كان القشيري قد قال مثل هذا الكلام منذ القرن الخامس الهجري فإن الصوفية قد نسجوا على منواله وساروا على أقدامه..
    وجاء من زاد في هذه الأمور ووسع فيها أكثر من ذلك تحمل الشيخ للحمالات والذنوب ولعل كل ما مضى يهون إلا أن يجعل الصوفية الشيخ في مرتبة لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإيمان المريد متعلق بشيخه بل جميع أموره الدنيوية والأخروية لا نجاح ولا فلاح له فيها إلا إذا آمن بشيخه وجعله كل شيء في حياته. وفي ذلك يقول صاحب كتاب (الإبريز):
    "وقد سمعت الشيخ (رضي الله عنه) يقول: الشيخ للمريد في درجة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإيمانه متعلق به، وسائر أموره الدنيوية والدينية وأرباب البصائر يشاهدون ذلك عياناً وكنت أخرج معه كثيراً رضي الله عنه وأنا لا أعرف درجته فكان يقول لي: مثلك مثل من يظل يمشي على عالي أسوار المدينة وشرفاتها مع ضيق المحل الذي تجعل فيه رجلك وبعد محل السقوط فلم أفهم معنى هذا الكلام إلا بعد حين فكان بعد ذلك إذا جرى هذا الكلام على خاطري يحصل لي منه روع عظيم وخوف شديد وقلت له ذات يوم: إني أخاف من الله تعالى من أمور فعلتها فقال لي: ما هي؟ فذكرت له ما حصل. فقال لي (رضي الله عنه): لا تخف من هذه الأشياء ولكن أكبر الكبائر في حقك أن تمر عليك ساعة ولا أكون في خاطرك فهذه هي المعصية التي تضرك في دينك ودنياك!! وقلت له ذات مرة: يا سيدي إني بعيد من الخير. فقال رضي الله عنه: اطرح عنك هذا وانظر إلى منزلتك عندي فعليها تحمل وكنا معه رضي الله عنه على حالة قل أن يسمع بمثلها لا ينزل أمر مهم أو غير مهم إلا ذكرناه له فيتحمله عنا عياناً ويريح خاطرنا منه بمجرد ذكره" أ.هـ.
    وقد بلغ هذا النص الغاية في القباحة والبعد عن الدين لأن الشيخ هنا يجعل نفسه مكان الله سبحانه وتعالى حيث يذكر لمريده أنه إذا مرت ساعة ولا يكون الشيخ في خاطر مريده كانت هذه معصية ضارة عليه في دينه ودنياه.. وهذا حق ما أوجبه الله تعالى لنفسه على عبيده بمثل هذا النحو بل رضي الله سبحانه من العباد أن يذكروه في أوقات مخصوصة وجوباً كالصلاة وعند أعمال محدودة كالطعام والشراب ونحو ذلك. أما أن تمضي ساعة ولا يذكر المرء فيها ربه ويكون لاهياً في عمل مباح غير مضيع لواجب فإن هذا لا ضرر فيه على دين المرء أو دنياه، ولكن هؤلاء المشايخ أنزلوا أنفسهم من مريديهم -أو من عبادهم- هؤلاء المساكين! الذين يضلونهم، منزلة الله، بل جعلوا حقوقهم على مريديهم أعظم من حقوق الله سبحانه وتعالى.
    8- ترك العهد الصوفي كفر وردة:
    وبعد فقد يظن أن المريد الذي يلقى مثل هذه الأهوال في طريق التصوف يمكنه أن ينفلت في النهاية فيما لو استيقظ فكره، أو صحا ضميره وهذا ظن بعيد ولكن من أجل هذه اليقظة المحتملة أيضاً قفل مشايخ التصوف الطريق نهائياً أمام المريد حتى لا يحاول النكال من ربقته؛ فقد جعلوا الخروج من عهد الشيخ خروجاً من الإسلام. والعهد الصوفي يؤخذ على المبتدئ والمريد في أول الطريق بأن يلتزم بالدين ويتوب مما كان عليه ويقول: تبت إلى الله على يد الشيخ فلان، وعاهدت الله أن ألتزم طريقته وأن لا أبوح بسره إلا بإذن من الشيخ وأن.. وأن..
    وفي هذا الأمر يقل عبدالكريم القشيري مبيناً الوقت الذي يعطي في المريد العهد، وأنه يجب عليه التزام الطريق مهما حدث له من المشقات، يقول:
    "وما لم يتجرد المريد عن كل علاقة لا يجوز لشيخه أن يلقنه شيئا من الأذكار بل يجب أن يقدم التجربة له فإذا شهد قلبه للمريد بصحة العزم فحينئذ يشترط عليه أن يرضى بما يستقبله في هذه الطريقة من فنون تصاريف القضاء فيأخذ عليه العهد بأن لا ينصرف عن هذه الطريقة بما يستقبله من الضر والذل والفقر والأسقام والآلام وأن لا يجنح بقلبه إلى السهولة ويترخص عن هجوم الفاقات وحصول الضرورات ولا يؤثر الدعة ولا يستشعر الكسل فإن وقفة المريد شرّ من فترته والفرق بين الفترة والوقفة أن الفترة رجوع عن الإرادة وخروج منها والوقفة سكون عن السير باستحلاء حالات الكسل وكل مريد وقف في ابتداء إرادته لا يجيء منه شيء فإذا جربه شيخه فيأمر أن يذكر ذلك الاسم بلسانه ثم يأمره أن يسوي بقلبه مع لسانه ثم يقول له: اثبت على استدامة هذا الذكر كأنك مع ربك أبداً بقلبك ولا يجري على لسانك غير هذا الاسم ما أمكنك" أ.هـ (الرسالة القشيرية ص182).
    وهكذا يكون العهد بعد التأكد من المريد تماماً، ويكون التزام المريد بالذكر المخصوص الذي يلقيه إليه الشيخ. ولا يجوز له أن يذكر باسم آخر إلا بإذن الشيخ له. ومعلوم ما في هذه الأمور من المخالفات الشرعية فالعهد لا يجوز إلا على الإسلام وعلى بيعة الإمام أو على فعل أمر من أمور الإسلام لا يحل به المسلم حراماً ولا يحرم حلالاً وطاعة الإمام تجب في المعروف فقط. أما في أن يخترع الشيخ للمريد أذكاراً خاصة ويعاهده على عدد لا مخصوص وأعمال مخصوصة فهذا لم يأت به الشرع الحكيم وإنما هذا من بدع الصوفية. ولا سيما أنهم يأمرونهم بأن يذكروا الله باسم واحد من أسمائه أو بمجرد ضمير كهو هو وهذه كلها من البدع التي لم يأمر بها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم يقول القشيري أيضاً:
    "ومن شأن المريد حفظ حدوده مع الله تعالى فإن نقض العهد في طريق الإشادة كالردة عن الدين لأهل الظاهر" أ.هـ (القشيرية ص186).
    وبهذا يغلق الطريق نهائياً أمام المريد الذي قد يريد فكاكاً مما دخل فيه إذا اطلع على تهاويل التصوف وترهاته

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 06:43