..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty 09 - قصة التاجالذي حَمّله الببغر اء رسالةً إلى ببغاوات الهند .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2

    مُساهمة من طرف Admin 14/10/2020, 12:38


    “ 249 “
    واندفع التاجر وشقّ جيبه حين رأى الببغاء بهذا اللون ، وعلى تلك الحال .
    وقال : “ أيها الببغاء الجميل ذو الصوت الرخيم ! ماذا أصابك ؟
    ولماذا أصحبت على تلك الحال ؟


    1695 فوا أسفاه يا طائري الحلو الغناء ! وأسفاه عليك يا صفي ، وموضع سري .
    وا أسفاه عليك يا طائري العذب الألحان ! يا راحي وروحي وروضي وريحاني !
    فلو كان لسليمان طائر مثل هذا ، متى كان يُشغل بغيره من الطيور ؟
    وا أسفاه على هذا الطائر الذي وجدته رخيصاً ، وسرعان ما حولت وجهي عن وجهه ! أيها اللسان !
    إنك لي مصدر ضرّ كثير ، ولكن ما دمت أنت الناطق ، فماذا أقول لك ؟


    1700 - أيها اللسان ! إنك أنت النار ، وأنت البيدر أيضاً ، فإلى متى تشعل هذه النار بهذا البيدر ؟
    إنّ الروح تصرخ منك في الخفاء ، وإن كانت تعمل بكل ما تحدثها به ! أيها اللسان !
    إنك كنز لا حدّ له ، كما أنك ألم لا علاج له ! إنك صفير وخداع للطيور ،
    وإن كنتَ - في الوقت ذاته - مؤنساً لوحشة الهجران ! فلكم تمنحني الأمان “ يا من لا أمان لك ! يا من شددت قوسك للانتقام مني .


    1705 - فيا من أطرت مني طائري ! حسبُك ارتعاء في مراعي الظلم ! أجنبي ، أو كن منصفاً ، أو اذكر لي ما يكون سبباً للسرور ! وأسفاه على صبحي الذي كان يحرق الظلمات ! وا أسفاه على نوري الذي كان يتألق به النهار !





    “ 250 “


    وا أسفاه على طائرى الذي كان مليح الطيران . لقد طار من نهاية حالي إلى بدايته “ 1 “ .
    إن الجاهل عاشق للألم حتى الأبد ، فقم واقرأ من قوله تعالى ؟
    “ لا أقسم “ حتى قوله” في كَبَدٍ ““ 2 “ .


    1710 - لقد كنت مع وجهك خليّا من الكبد ، وكنت في نهرك نقيا من الزيد .
    وهذه الآهات مبعثها خيال مشاهدة ( المحبوب ) ، وانفصالي عن وجودي الحق “ 3 “ .
    إنها كانت غيرة الحق ، ولا حيلة لنا أمام الحق . وأين القلب الذي لم يمزّقه عشق الحق مائة قطعة ؟
    وغيرة الحق هي أنه مغاير لكل شيء ، وأنه فوق كلّ بيان وضجيج ألفاظ .
    وا أسفاء ! ليت دمعي كان بحراً لأجعله نثاراً أمام محبوبي الجميل!


    1715- إن ببغائي ، طائري الذكي ، ترجمان فكري وأسراري ،
    قد أخبرني - منذ البداية - بكلّ ما يصيبني - ذات يوم - من عدل أو حيف ، لعلني أذكر !
    والببغاء الذي يجيء من الوحي صوته ، والذي كان ابتداؤه قبل ابتداء الوجود ،
    ................................................................................
    ( 1 ) يريد أن الطائر - بموته - عاد من عالم المادة إلى عالم الروح ، وبهذا طار من نهاية حال صاحبه في هذا العالم المادي إلى عالم الروح الذي كان بداية حال صاحبه .
    ( 2 ) قال تعالى : “ لا أقسم بهذا البلد ، وأنت حل بهذا البلد ، ووالد وما ولد ، لقد خلقنا الإنسان في كبد “ . ( البلد ، 90 : 1 - 3 ) .
    ( 3 ) ترجمنا هنا قول الشاعر “ وجود نقد “ بالوجود الحق غير الزائف .



    “ 251 “


    هذا الببغاء مستتر في باطنك ، وقد شهدت خياله فوق هذا وذاك “ 1 “ .
    إنه يسلبك السرور ، ( ومع هذا ) فأنت مسرور به . وأنت تتقبل منه الظلم ، كأنما هو عدل .


    1720 فيا من كنت تحرق الروح من أجل الجسد ! إنك أحرقت الروح ( وبها ) أضأت الجسد .
    أما أنا فقد احترقت ( بالعشق ) ، فهل يريد أحد جذوة ( مني ) كي يشعل القمامة بناري “ 2 “ .
    وما دام الوقود هو الذي يكون متقبلًا للنار ، فخذ الوقود الذي يكون جذّاباً للهب
    ! فوا أسفاه ! وا أسفاه ! وا أسفاه لأن مثل هذا القمر أصبح مختفياً وراء السحاب .
    وكيف لي أن أنبس بكلمة ، ونار القلب قد اضطرمت ، وأسد الهجر قد أصبح هائجاً مفترساً .



    1725 فهذا الذي يكون - في يقظته - عنيفاً ثملًا ، كيف يكون حاله ، حين يمسك بيده القدح ؟ .
    فالأسد الهائج الذي خرج عن طبيعته ، يضيق به المرج المنبسط .
    إنني أُفكر في ألقوا في وحبيبي يقول لي : “ لا تفكر إلا في طلعتي “ .
    ألا فلتجلس ناعماً يا قافية تفكيري “ 3 “ ! إنك أنت قافية السعادة أمامي !
    فما الألفاظ حتى تشغل بها فكرك ؟ ما الألفاظ ؟ إنها الأشواك المحيطة بالكرم .
    ......................................................................
    ( 1 ) وقد شهدت خاله فيما أمامك وما حولك من مخلوقات العالم الماديّ .
    ( 2 ) هل يريد أحد أن يقبس نار العشق مني لتخلصه مما علق به من ماديات حقيرة . وقد عبر عن الماديات بكلمة “ القمامة “ احتقاراً لها ، كما ذكر أنّ التخلص منها لا يكون إلا بنار العشق التي تحرقها كما تحرق النار القمامة .
    ( 3 ) يا مصدر انسجام تفكيري وتوازنه .



    “ 252 “



    1730 - فلأضربنّ الحرف بالصوت والكلام حتى أستطيع الحديث معك بدون تلك ( الوسائل ) الثلاث .
    ولأفضينّ إليك بتلك الكملة التي أخفيتها عن آدم ، يا من أنت ( جمُاع ) أسرار العالم !
    سأقول لك تلك الكملة التي لم أقلها للخيل ، وأُحدثك بذلك الهمّ الذي لا يعرفه جبريل .
    تلك الكملة التي لم ينطق بها المسيح قطّ ، ولم يذكرها اللَّه قطّ - غيرةً عليها - إلا لنا “ 1 “ .
    وأي شيء تعنيه “ ما “ “ 2 “ في اللغة ؟ إنها للإثبات والنفي ، وأنا لست إثباتاً ، بل إنني نفي وبلا ذات !


    1735 - لقد وجدت ذاتيتي في انعدام الذاتية ، ولهذا فقد نسبحتُ ذاتيتي في اللاذاتية .
    فجملةُ الملوك عبيد لرعاياهم ، وجميع الخلق ، فداءُ من يفديهم .
    الملوك جميعاً ينحنون لمن ينحني لهم ، والخلق جميعاً ثملون بحب سُكارى عشقهم .
    والصياد يغدو صيداً للطيور حتى يباغتها ، فيجعلها صيداً له .
    وقلوب المعشوقين أسيرة لمن فقدوا ( في العشق ) قلوبَهم ، وجملة المعشوقين صيد للعاشقين .


    1740 - وكل من رأيته عاشقاً فاعلم أنه معشوق ، فإنه - نسبياً - هذا وذاك .
    فإذا كان الظماءُ ينشدون من العالم الماء ، فإنّ الماء في العالم أيضاً ينشُد الظماء !
    ...................................................................
    ( 1 ) ورد في المنهج القوي حديث عن الرسول يروي أنه عليه السلام قال :
    “ إن للَّه عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ولكن يغبطهم الأنبياء والشهداء لقربهم ومقعدهم من اللَّه “ .
    ( 2 ) وردت في نهاية البيت السابق كلمة “ ما “ بمعنى نحن . وفي هذا البيت صرفها الشاعر عن معناها الفارسي إلى معانيها العربية فقال إنها للنفي وللإثبات .


    “ 253 “


    فإن كنت عاشقاً فالزم الصمت ، وإنْ عرك لك أُذناً فكن ( كلّك ) أُذناً .
    ولتُقمْ سدّاً أمام السبيل إذا فاض “ 1 “ ، وإلا فإنه يحدث العار والخراب .
    وماذا يضيرني لو يقع الخراب ؟ إنّ كنزاً ملكياً سيكون تحت الأنقاض !


    1745- إنّ غريق الحق يودّ لو يزداد غرقاً ، ( على حين ) تهبط روحه وتعلو مثل موج البحر .
    فما الأفضل ؟ قاع البحر أم سطحه ؟ وما الأبهى ؟ سهم الحبيب أم درعه ؟
    أيّها القلب ! إنّك لتكون ممزقاً بالوساوس ، لو أنك فرقت بين الطرب والبلاء !
    فإنْ كان لمرادك مذاق السكر ، أوليس حرمانك من مرادك هو مراد الحبيب ؟
    فكل نجم من نجومه ثمن لدم مائة هلال ، وإراقةُ دم العالم حلالُ له .


    1750 - ولقد أخذنا الأجر ، ونلنا ثمن الدماء ، ولهذا فقد سارعنا إلى المخاطرة بأرراحنا .
    آه ! إنّ حياة العاشقين في الموت ، وإنّك لن تملك قلب الحبيب إلا بفقدان قلبك !
    لقد سعيتُ إلى قلبه بمائة إعزاز وتدليل ، ولكنّه - لملاله - قدّم لي الأعذار .
    قلت : “ فما آخر هذا إنّ العقل والروح عريقا حبّك ! “ فقال :“ دعني ! ولا تحدَّثني بهذه الخرافة !
    ......................................................
    ( 1 ) كن مسيطراً على عواطفك ، ولا تدع لسانك ينطلق بالحديث عنها . وتجنب البوح ، بما قد يكشف لك من الأسرار .


    “ 254 “


    أولست أعرف ما قد فكرت فيه ؟ فيا أيها الثنوي الرؤية ، كيف أبصرت الحبيب ؟



    1755 - أيها الكبير الروح ! لقد رأيتني ذليلًا ، لأنك شريتني بالثمن البخس !
    وكل من اشترى بالثمن البخس باع بالثمن البخس ، فالطفل يعطي جوهرة لقاء قرص من الخبر !
    “ إنني غريق عشق قد غرق فيه عشق الأوّلين والآخرين !
    ولقد وصفته بإجمال ، ولم أفصلّ في بيانه ، ولولا هذا لا حترقت الأفهام ، واحترق اللسان .
    فحينما أقول : “ الشفة “ فإنها تكون “ شفة “ البحر “ “ 1 “ ، وحين أقول “ لا “ فالمراد “ إلا “ .


    1760 - وإني - من جرّاء ما أتذوق من حلاوة - جلستُ عابس الوجه ، كما أني - لا متلائي بالقول - قد لزمتُ الصمت !
    وذلك لتستتر حلاوتنا عن كلا العالمينْ وراء حجاب من عبوس الوجه .
    وإني لأذكر سراً واحدا من كل مائة سر لَدُنيّ حتى لا يصل هذا الكلام إلى كان أُذن .

    تفسير قول الحكيم (سنائي) "إن كل قول جعلك نتخلف عن الطريق يستوى فيه الكفر والايمان
    وكل صورة جعلتك نقع بعيداً عن الحبيب يستوى فيها الحسن والقبح "
    وفي معنى قوله - عليه الصلاة والسلام : “ إن سعداً “ 2 “ لغيور وأنا أغير من سعد واللَّه أغير مني
    ومن غيرته حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن


    “ إنّ العالم جاء غيوراً ، لأن الحقّ قد سبق هذا العالم في الغيرة .
    .............................................................
    ( 1 ) شاطىء البحر .
    ( 2 ) سعد المذكور في الحديث هو سعد بن عبادة الصحابي المعروف .



    “ 255 “


    فهو مثل الروح ، والعالم كالجسم ، والجسم يتقبل من الروح الحسن والقبيح .


    1765 وكل من صار محرابُ صلاته عين ( اليقين ) ، فاعلم أنّ عودته إلى إيمان ( العوام ) شين ! \
    إنّ كلّ من أصبح حافظاً لثياب الملك ، يكون اتجاره من أجل مليكه خسراناً عليه “ 1 “ .
    وكل من أصبح جليساً للسلطان ، يكون جلوسه على باب السلطان عيباً وغبناً .
    ( وكل ) من حظي بتقبيل يد الملك ، يكون اختياره تقبيل قدمه إثماً .
    فإن كان وضع الرأس على قدم الملك إعظاماً له ، فإنه بالقياس إلى تقبيل اليد خطأ وزلل .


    1770 إن الملك ليغار من ذلك الذي يختار الرائحة بعد أن يكون قد رأى الوجه .

    ومَثَلُ غيرة الحقّ كمثل القمح ، وأما غيرة الناس فهي كالتبن .

    واعلم أن أصل الغيرة من اللَّه ، وأما غيرة الخلق فهي - بدون اشتباه - فرع من غيرة الحقّ .

    وإني لتارك شرح هذا ، لأعبّر عن شكواي من جفاء ذلك الجميل ذي القلوب العشرة .

    سأنوح لأن النواح يروقه ! إنّ النواح والحزن لممايجب له على العالمين !



    1775 وكيف لا أنوح بمرارة من قصته ( معي ) ، حين لا أكون في حلقة سكاراه ؟

    وكيف لا أنوح وأنا كالليل بدون صباحه ، وبدون وصال وجهه

    .............................................................

    ( 1 ) إن كل من وصل إلى مقام القرب ، يكون ابتعاده خسراناً عليه ،


    “ 256 “


    الذي يزيد النهار إشراقاً ؟
    وإنّ مرارته لحلوة المذاق لروحي ، فروحي الفداء لذلك الحبيب الذي أضنى فؤادي !
    أنا عاشق لضناي وألمي من أجل رضى مليكي الفرد !
    لقد جعلت تراب الهمّ كحلًا لعينيّ ، حتى يمتلئ بحرا مقلتيّ بالجواهر !


    1780 فالدموع التي يريقها الخلق من أجله جواهر ، والخلق يظنونها دموعا ! وأنا أشكو من روح روحي ، ولكني لست ( في الحقيقة ) شاكياً بل ذاكر خبري ! القلب يقول : “ إني قد تعبت منه “ ، وأنا - من هذا النفاق الواهي - كم ضحكت !فعاملني بالحقّ ، يا فخر المحقين !
    يا من أنت الصدر وأنا عتبة بابك ! وأين العتبة والصدر في ( عالم ) المعنى ؟ وأين “ نحن “ و “ أنا “ من ذلك الجانب الذي يكون فيه حبيبنا ؟



    1785 فيا من برئت روحك من “ نحن “ و “ أنا ! “ أيها الروح الطيف في الرجال والنساء ! إنك الواحد حين يتحد الرجال والنساء ! إنك الواحد حين تمحى الوحداث ! لقد صنعتَ “ أنا “ هذه و “ نحن “ حتى تلعب مع نفسك لعبة العبادة “ 1 “ .

    حتى تصبح كلّ “ أنا “ و “ أنت “ روحاً واحداً وتغدو كلها فانية في الحبيب ! فكل هذا يكون ، فتعال يا صاحب الأمر ، يا من أنت منزّه عن “ تعال “ وعن ( كل ) الكلام “ 2 “ !.
    ....................................................................
    ( 1 ) حين يتم اتحاد الخلق بالخالق لا يبقى هناك مجال للعبادة .
    ( 2 ) قرئت “ بيا “ في الشطر الثاني من البيت “ بيان “ فيكون معنى الشطر :“ يا من منزه عن البيان والكلام “ .


    “ 257 “


    1790 إنّ الجسم لا يستطيع إبصارك إلا مجسّماً ، فهو يستحضرك في الخيال ساخطاً أو راضياً .
    فلا تقل إنّ القلب - وهو أسير السخط والرضى - جدير بتلك المشاهدة .
    فذلك الذي يكون أسيراً للسخط والرضى ، إنما هو حيّ بهاتين العاريتين .
    وأما بستان العشق الأخضر - الذي لا نهاية له - ففيه إلى جانب السخط والرضى ثمار كثيرة .
    فالعشق أسمى من هاتين الحالتين “ 1 “ ، وهو رّيان أخضر بدون ربيع أو خريف !


    1795 فأدّ زكاة الوجه الجميل ، يا صاحب الوجه الجميل ! وأعدْ لنا شرح حال الروح الممزق .
    فإن نظرة من عين ذات غمز ودلال قد طبعت على القلب وسماً جديداً !
    وقد أحللتُ له دمي لو أنه أراقه ! وكنت أقول : “ حلال ( لك دمي ) “ ، وهو يهرب مني .
    وكم تصبّ من همّ على قلوب المحزونين ، حين تهرب من نواح أبناء التراب .
    فيا من كل صبح لمع من المشرق وجدك كعين الشمس مشرقاً فياضاً !



    1800 كيف ألقيت المعاذير إلى المولّه بك ؟ يا من سُكرّ شفتيك لا يُقَدَّر بثمن !
    يا من أنت الروح الجديد لعالم عتيق ! استمع إلى صراخ جسم لا روح لا ولا قلب !
    ..................................................
    ( 1 ) حالتا السخط والرضي .



    “ 258 “


    ودع شرح ( حال ) الوردة بحقّ اللَّه ! واشرح حال البلبل الذي افترق عن الوردة !
    فليس اضطرابنا من الحزن ولا من السرور ، وليست حكمتنا من الخيال ولا من الوهم .
    بل إنّ لنا حالة أُخرى وتلك نادرة ، فلا تنكر ذلك ، فإن اللَّه واسع المقدرة !



    1805 ولا تتخذ من حال الإنسان مقياساً للأمور ! ولا تجعل ركيزتك الجور والإحسان !
    إنّ الجور والإحسان والألم والسرور كلها حادثة ، وكل المحدثات تموت والحق وارثها .
    لقد أطلّ الصبح ، يا من أنت للصبح ملجأ وظهير ! فالتمس لي العذر عند مخدومي حسام الدين !
    إنك ملتمس العذر عند العقل الكلي وعند الروح . إنك روح الروح والتماع المرجان !
    لقد أشرق الصبح ، ونحن من نورك في صبوح نحتسيها من خمر منصورك “ 1 “ .


    1810 فإذا كان عطاؤك يجعلني على هذه الصورة ، فماذا تكون الخمر حتى تجلب لي الطرب “ 2 “ ؟
    إن الخمر في جيشانها لتتكدّى جيشاننا ، وإنّ الفلك في دورانه ليتكدّى عقلنا “ 3 “ !
    .......................................................................
    ( 1) المقصود حسين بن منصور الحلاج ، الصوفي المعروف الذي قتل عام 309 ه .
    ( 2 ) فإذا كنتُ ثملًا بعطائك على هذا النحو ، فماذا تكون الخمر وماذا يكون السكر بها ؟ وأيّ طرب تستطيع أن تجلبه ؟
    ( 3 ) إن الخمر في جيشانها ليست شيئاً أمام جيشان نفوسنا ، والفلك الدوار في تدبيره ليس شيئاً أمام حكمة عقولنا .



    “ 259 “

    فالخمر أصبحت ثملة بنا لا نحن بها ! والجسم اتخذ وجوده منا ولم نتخذ وجودنا منه !
    إننا كالنحل ، والأجسام كالشمع ! وقد صنعنا الجسم خليّة خليّة كما يُصنع الشمع .


    عود إلى حكاية التاجر

    إنّ هذا الحديث طويل ! فلتحدّثنا عن التاجر “ 1 “ لنرى ما صارت إليه أحوال هذا الرجل الطّيب .


    1815 لقد كان هذا السيّد في نار وألم وحنين ، وكان يلفظ بمائة عبارة مفكّكة على هذا النحو :
    فحينما يكون متناقضاً ، وحيناً رفيقاً ، وحيناً متضرعاً ، وحيناً يكون عاشق الحقيقة ، وحيناً عاشق المجاز !
    فالرجل الغريق - وهو يكاد يلفظ الروح - يَنْقَضُّ بيده على كل قشّة .
    وهو - لخوفه على حياته - يضرب بيده ورجله ، لعلّ أحداً يأخذ بيده في ( هذا ) الخطر .
    والحبيب يعجبه هذا الهياج ، فكفاح اليائس خير من النوم .


    1820 فصاحب الملكوت ليس بلا عمل ، والشكوى من جانبه تكون عجباً ، فهو ليس بمريض “ 2 “ .
    ................................................
    ( 1 ) يعود الشاعر هنا إلى قصة التاجر الذي سافر إلى بلاد الهند .
    ( 2 ) هذا البيت من أغمض الأبيات عند الشراح . واعتقادي أنه إحدى الشطحات الصوفية . والمعنى هو أنه تعالى يعمل ليلًا ونهاراً ، لا يتوقف عن العمل - ومع هذا - فإن الشكوى من هذا العمل المتواصل تكون عجباً ، فهي لا تحدث لأنه - جلّ شأنه - لا يكلّ .



    “ 260 “


    من أجل هذا - يا بنيّ - قال الرحمن :” كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ““ 1 “ .
    ففي هذا الطريق ، لا تتوان عن النحت والصقل “ 2 “ ! ولا تفرغ لحظة واحدة حتى آخر أنفاسك !
    وكن - حتى اللحظة الأخيرة - نَفَساً أخيراً ( يتردد ) ، لتكون موضع سرّ العناية ( الإلهية ) .
    فكلّ روح - في رجل أو امرأة - بذلت جهدها ، فإنّ أُذن مليك الروح وعينه ترقبان ذلك “ 3 “ .


    كيف رمى التاجر الببغاء خارج القفص وكيف طار الببغاء الميّت

    1825 - وبعد ذلك ألقى به خارج القفص ، فطار الببغاء الصغير إلى دوحة عالية “ .
    وهكذا طار هذا الببغاء الميّت ( بسرعة ) كاندفاع شمس المشرق .
    فحار التاجر في أمر هذا الطائر ، وأدرك - من دون خبر - أسراره .
    فرفع وجهه إلى أعلا ، وقال : “ أيها العندليب ! أعطنا نصيباً من بيان حالك !
    ما ذا صنعه الببغاء في الهند فتعلّمْتَه ، ومكرت مكراً فأشعلتنا حزناً “ .


    1830 فقال الببغاء : “ إنه نصحني بفعله قائلًا : دع جمال صوتك ولطيف ودّك ،
    ...............................................................
    ( 1 ) المرحمن ، ( 55 : 29 ) .
    ( 2 ) لا تتوان عن السعي والتقدم .
    ( 3 ) حرفياً : فإن أُذن مليك الروح وعينه على النافذة .



    “ 261 “


    فإنّ صوتك هو الذي وضعك في الأسر “ . وقد تظاهر بالموت ليُقدّم لي هذه النصيحة .
    ومعناها : يا من أصبحتَ مُطرباً للعامة والخاصة ! لتُصبحْ ميّتاً حتى تظفر بالخلاص !
    فحين تكون حبة تلتقطك الطيور ، وحين تكون برعمة تقطفك الأطفال .
    فخبىء الحبة ، وكن كلّك شركاً ! وأخف البرعمة ، وكن في ظاهرك عشباً “ 1 “ !



    1835 فكل من عرض حُسْنَهُ في المزاد ، يتجه نحوه مائة قضاء سيّء .
    فاليَلُ والأحقاد والحسد تنصبّ على رأسه كالماء من القرب .
    فأعداؤه يمزّقونه غيرة منه ، وأصدقاؤه ينهبون أيام حياته .
    ومن كان غافلًا عن الزرع والربيع ، أنى له أن يدرك قيمة الزمن ؟
    فالواجب أنْ تفر إلى كنفٍ من لطف الحق ، فإنه يصبّ على الأرواح آلاف الألطاف .



    1840 وإذ ذلك تجد لك ملجأ ، فيكف يكون هذا الملجأ ؟ إنّ الماء والنار يصبحان كلاهما جيشا لك !
    أو لم يصبح البحر صديقاً لنوح وموسى ؟ أولم يصبح عنيف القهر لأعدائهما ؟
    أو لم تكن النار قلعة لإبراهيم ، حتى صعّدت دخان ( الحقد ) من قلب النمرود ؟
    أو لم يَدْعُ الجبلُ إليه يحي ، ويدفع عنه قاصديه برجم الحجارة ؟
    وقال له : “ يا يحيى ! تعال ، واهرب إليّ لأكون لك ملجأ من السيف القاطع ! “
    ..............................................................................
    ( 1 ) حرفياً : وكن عشباً فوق السطح .


    “ 262 “

    كيف ودّع الببغاء التاجرَ وطار


    1845 فأعطاه الببغاء نصيحة أو نصيحتين حافلتين بالمغزى ، وبعد ذلك قرأ عليه اسلام الفراق .
    فقال له التاجر : “ امض في أمان اللَّه ! لقد أوضحتَ لي الآن طريقاً جديداً “ .
    وحدَّث السيد نفسه قائلًا : “ إنّ هذه النصيحة لي ، فلأسلكنّ طريقه ، فإنه طريق واضح .
    وكيف تكون روحي أقلّ ( حكمة ) من الببغاء ؟ إنّ الواجب على الروح أنْ تسلك سبيل الرشاد .


    مضرّة اشتهار المرء وتعظيم الخلق له

    إنّ الجسم على شكل القفص ، وقد أصبح - بخداع الداخلين والخارجين “ 1 “ - شوكة تخز الروح .


    1850 فهذا يقول له : “ إنني سأكون صفيّك “ . وذاك يقول له : “ لا ، بل أنا شريكك “ .
    وهذا يقول له : “ ليس لك نظير في الوجود ، سواء في الجمال
    .......................................................................
    ( 1 ) المخالطون للمرء .


    “ 263 “


    أو الفضل أو الإحسان أو الجلود “ .
    وهذا يقول له : “ إنك صاحب العالميْن ، وكلّ أرواحنا عيال على روحك !
    “ فحين يرى الخلق سُكارى ذاته ، يفقد من الكبر سلطانه على نفسه .
    وهو لا يدري أنّ الشيطان قد أوقع آلافاً مثله في ماء النهر “ 1 “ .


    1855 إنّ ملق الدنيا ونفاقها لقمة سائغة المذاق ، ولكنها مليئة بالنار ، فأقللْ من تناولها !
    ونارُها مختفية ، ولكنّ مذاقها واضح ، ودخانها يصبح ظاهراً في نهاية الأمر .
    ولا تَقُلْ : “ متى كنت أبتلع هذا المديح ؟ إنه يتحدث عن طمع ، وأنا واقف على أمره “ .
    فلو أنّ مادحك هجاك أمام الملأ ، فإنّ قلبك يحترق أياماً بلهيب ذلك ( الهجاء ) .
    ومع أنك تدري أنه قال هذا لحرمانه ، وأنّ طمعه فيك قد جعلهُ مغرضاً “ 2 “ .


    1860 فإنّ أثر هذا يبقى في نفسك ، وإنك لتلقى التجربة ذاتها في المديح .
    فإنّ أثره أيضاً يبقى معك أياماً ، ويصبح مصدراً لتكبر الروح وانخداعها .
    لكنّ المدح لا يظهر لك لأنه حلو ، أما القدح فيظهر لك قبيحاً لأنه مرّ .
    ( والهجاء ) مثل المطبوخ “ 3 “ ووالحَبّ “ 4 “ ، تتناولهما ، فيصيب الاضطراب والألم جوفك زمناً طويلًا .
    فإن أكلت الحلوى فمذاقها وقتيّ ، وأثرها لا يدوم طويلًا كأثر تلك العقاقير .
    .....................................................................
    ( 1 ) قد خدع آلافاً مثله وقادهم إلى الهلاك .
    ( 2 ) حرفياً : وأن طمعه فيك قد أصبح ضرراً
    ( 3 ) أدوية منظفة لأمعاء الإنسان .
    ( 4 ) أدوية منظفة لأمعاء الإنسان .

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 20:54