كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
44 - شرح تجلي النشأة
44. متن نص تجلي النشأة :
إذا استوت بنية الجسد على أحسن ترتيب والطف مزاجٍ ولم تكن فيها تلك الظلمة التي تعمى البصائر .
ثم توجه عليه النفخ الإلهي من الروح القدسي مقارناً لطالعٍ يقضي العلم والصدق في الأشياء .
فهذا تطهير على صاحبه مجبولٌ على الإصابة في كلامه في الغالب .
بل إذا تكلم على ما يجده من نصيبه من صغره لا يخطيء وإذا أخطأ فإنه يخطيء بالعرض وذلك أن يترك ما يجد من نفسه ويأخذ ما أكتسبه من خارج .
فقد يكون ما رءاه أو سمعهُ باطلاً وقد ارتسم منه غي النفس صورة فيجدها فينطق بها فذلك خطوة لا غير .
فإذا انضاف إلى هذه الجبلة الفاضلة استعمال الرياضات والمجاهدات والتشوف إلى المحل الأشرف والمقام الأقدس ارتفع الروح الجزء إلى كله الكلي .
فاستشرف على الغيوب من هناك وراء صور العالم كله في قوة النفس الكلية ومراتبه فيها وما حظ كل شيء من العالم ومكانه وزمانه .
كل ذلك بعلم واحد وفطرة واحدة .
فينزل إلى محل تفصيل الكون فيعرفه بالعلامات وهذه الأفراد خلقهم الله على هذا النعت عنايةً أزلية سبقت لهم وبهذا النوع وجدت الكهنة غير أنهم لم ينضاف إلى هذه النشأة المباركة استعمال رياضة ولا تشوفٍ .
فصدقت خواطره في الغالب وفي حكم النادر يخطئون .
وللروحانيات لأصحاب هذه النشأة تطلع كثير وتأمل لتلك المناسبة وهي اللطافة الأصلية فيمدونهم بحسب قواهم وإنما حرموا الجناب العزيز الإلهي المخصوص به الأولياء من عباد الله تعالى فهنيئاً لهم .
44 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«ومن تجلي النشأة . سمعت شيخنا يقول في أثناء شرحه ما هذا معناه :
صاحب النشأة المعتدلة لا تكذب خواطره أبدا. فإن كذبت فلعوارض طرأت على الخاطر في ثاني زمان. فلم يميز الخاطر من الطارئ عليه أو لغلط في الحكم. ومن هذه النشأة كانت الكهنة.
فإذا كان صاحب هذه النشأة له قدم سعادة بحيث يصل إلى النفس الكلية . فإنه يأخذ عنها أخذا صحيحة كليا ويستشرف على الغيوب ویری صور العالم في قوة النفس . كل ذلك بعلم واحد ونظرة واحدة ثم ينزل إلى الكون ، فيعرف الناس بعلامات عنده.
وإذا تعلق صاحب هذه النشأة بالروحانيات كان وقفة في حقه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أتم الناس نشأة .
وهو الكامل في هذا المقام من الوجهين » يقيده ولا مقام يحصره.
44 - شرح تجلي النشأة
280 - (إذا استوت بنية الجسد على أحسن ترتيب وألطف مزاج) بمعنى أن تتعادل أجزاء تركيبه بتقدير العزيز العليم. فتقوم على هيئة تأبی بطبعها إلا تجوهر النفس المدبرة لها وبقاءها على إشراقها الذاتي .
وتستجلب لها بقوتها الوسطية العدلية مواد الأنوار الأقدسية المورثة لها في أحايين الأبد، التبصر في كل ما قدر في الغيوب لعموم الفطر.
(ولم يكن فيها) أي في بنية الجسد تلك الظلمة المطلقة التي تعمي البصائر) وهي الظلمة اللازمة للمواد الكثيفة الأرضية. فإنها سنخ الشجرة الإمكانية وجذرها .
(ثم توجه عليه) أي على الجسد ، الموصوف بالاعتدال القائم على أحسن التقويم وأبدع النظام (النفخ الإلهي من الروح القدسي) الكلي (مقارنة لطالع يقتضي العلم والصدق في الأشياء).
يشير إلى الأوضاع الفلكية الناظرة إلى حال النفخ بنظر الموالاة الظاهرة لها بعطية كمال العلم والصدق ونحوهما .
(فهذا) أي وجود النفخ الإلهي وعدم الظلمة المطلقة في البنية (تطهير جبلي) للنفس فيها، فلا تجتمع مع هذا التطهير في محله الانحرافات الطبيعية الناتج منها للنفس سفساف الأخلاق ولذلك (صاحبه مجبول على الإصابة في كلامه في الغالب، بل إذا تكلم على ما يجده من نفسه من صغره لا يخطئ، وإذا أخطأ فإنه يخطى بالعرض وذلك أنه يترك ما يجد من نفسه ويأخذ ما اكتسبه من خارج. فقد يكون ما رآه أو سمعه باطلا، وقد ارتسمت منه في النفس صورة، فيجدها فينطق بها، فذلك خطأه لا غير).
281 - (فإذا انضاف إلى هذه الجبلة الفاضلة، استعمال الرياضات والمجاهدات والتشوف إلى المحل الأشرف) وهو الغيب الإلهي الذي هو محتد كل شيء ومعاده.
(والمقام الأقدس) وهو مقام مطلق ينطلق في تقيده ويتقيد في انطلاقه من حل به . ومقتضاه أن لا يكون لصاحبه حال فإذا انطلقت هذه الجبلة الفاضلة (ارتفع الروح الجزئي) القائم بتقويمها لتدبيرها ، (إلى كله الكلي) المشرف على غيب الجمع والوجود ، فشمله حكم أصله . (فاستشرف على الغيوب من هناك ورأى صور العالم كله في قوة النفس الكلية) المحيطة بالمقدورات ، من حيث كونها لوح القدر واللوح المحفوظ ؛ (ومراتبه) أي ورأى مراتب العلم أيضا (فيها) أي في قوة النفس.
(و) رأي أيضا (ما هو حظ كل شيء من العلم) بالحق والخلق وما هو حظه أيضا من مكانه وزمانه في العاجل والآجل .
ورأى أيضا فيها ما لكل شيء في كل شيء . ( كل ذلك بعلم واحد ونظرة واحدة ) فهذه الرؤية هي رؤية المفصل في المجمل مفصلا ( فينزل ) إذ ذاك الروح الجزئي متصفا بصفة كله (إلى محل تفصيل الكون فيعرفه) أي التفصيل الكوني الوجودي على اختلاف أطواره (بالعلامات) المدركة بالقوة اللدنية .
282 - (وهذا لأفراد خلقهم الله على هذا النعت، عناية أزلية سبقت لهم. وهذا النوع وجدت الكهنة، غير أنهم لم ينضف) لهم (إلى هذه النشأة المباركة استعمال رياضة ولا تشوف) إلى المحل الأشرف والمقام الأقدس.
(فصدقت خواطرهم في الغالب وفي حكم النادر يخطئون وللروحانيات لأصحاب هذه النشأة تطلع كثير وتأمل لتلك المناسبة : وهي اللطافة الأصلية) والاعتدالات الجبلية القاضية باتصال أنظارها وفيضان أنوارها عليهم.
فلهم في اتصالهم بالروحانيات العلوية ، اطلاعات علية وتصرفات خارقة. فهم يطرحون أشعة اختصاصهم بالربوبية العليا على قلوبهم بنسبة باطنة ، (فيمدونهم بحسب قواهم وإنما حرموا الجناب العزيز الإلهي المخصوص به الأولياء من عباد الله تعالى فهنيئا لهم ) حيث خصوا بجذبة من جذبات الحق، وفازوا بروح الكمال في تسديد الأحوال وتصحيح الأعمال.
44 - شرح تجلي النشأة
44. متن نص تجلي النشأة :
إذا استوت بنية الجسد على أحسن ترتيب والطف مزاجٍ ولم تكن فيها تلك الظلمة التي تعمى البصائر .
ثم توجه عليه النفخ الإلهي من الروح القدسي مقارناً لطالعٍ يقضي العلم والصدق في الأشياء .
فهذا تطهير على صاحبه مجبولٌ على الإصابة في كلامه في الغالب .
بل إذا تكلم على ما يجده من نصيبه من صغره لا يخطيء وإذا أخطأ فإنه يخطيء بالعرض وذلك أن يترك ما يجد من نفسه ويأخذ ما أكتسبه من خارج .
فقد يكون ما رءاه أو سمعهُ باطلاً وقد ارتسم منه غي النفس صورة فيجدها فينطق بها فذلك خطوة لا غير .
فإذا انضاف إلى هذه الجبلة الفاضلة استعمال الرياضات والمجاهدات والتشوف إلى المحل الأشرف والمقام الأقدس ارتفع الروح الجزء إلى كله الكلي .
فاستشرف على الغيوب من هناك وراء صور العالم كله في قوة النفس الكلية ومراتبه فيها وما حظ كل شيء من العالم ومكانه وزمانه .
كل ذلك بعلم واحد وفطرة واحدة .
فينزل إلى محل تفصيل الكون فيعرفه بالعلامات وهذه الأفراد خلقهم الله على هذا النعت عنايةً أزلية سبقت لهم وبهذا النوع وجدت الكهنة غير أنهم لم ينضاف إلى هذه النشأة المباركة استعمال رياضة ولا تشوفٍ .
فصدقت خواطره في الغالب وفي حكم النادر يخطئون .
وللروحانيات لأصحاب هذه النشأة تطلع كثير وتأمل لتلك المناسبة وهي اللطافة الأصلية فيمدونهم بحسب قواهم وإنما حرموا الجناب العزيز الإلهي المخصوص به الأولياء من عباد الله تعالى فهنيئاً لهم .
44 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«ومن تجلي النشأة . سمعت شيخنا يقول في أثناء شرحه ما هذا معناه :
صاحب النشأة المعتدلة لا تكذب خواطره أبدا. فإن كذبت فلعوارض طرأت على الخاطر في ثاني زمان. فلم يميز الخاطر من الطارئ عليه أو لغلط في الحكم. ومن هذه النشأة كانت الكهنة.
فإذا كان صاحب هذه النشأة له قدم سعادة بحيث يصل إلى النفس الكلية . فإنه يأخذ عنها أخذا صحيحة كليا ويستشرف على الغيوب ویری صور العالم في قوة النفس . كل ذلك بعلم واحد ونظرة واحدة ثم ينزل إلى الكون ، فيعرف الناس بعلامات عنده.
وإذا تعلق صاحب هذه النشأة بالروحانيات كان وقفة في حقه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أتم الناس نشأة .
وهو الكامل في هذا المقام من الوجهين » يقيده ولا مقام يحصره.
44 - شرح تجلي النشأة
280 - (إذا استوت بنية الجسد على أحسن ترتيب وألطف مزاج) بمعنى أن تتعادل أجزاء تركيبه بتقدير العزيز العليم. فتقوم على هيئة تأبی بطبعها إلا تجوهر النفس المدبرة لها وبقاءها على إشراقها الذاتي .
وتستجلب لها بقوتها الوسطية العدلية مواد الأنوار الأقدسية المورثة لها في أحايين الأبد، التبصر في كل ما قدر في الغيوب لعموم الفطر.
(ولم يكن فيها) أي في بنية الجسد تلك الظلمة المطلقة التي تعمي البصائر) وهي الظلمة اللازمة للمواد الكثيفة الأرضية. فإنها سنخ الشجرة الإمكانية وجذرها .
(ثم توجه عليه) أي على الجسد ، الموصوف بالاعتدال القائم على أحسن التقويم وأبدع النظام (النفخ الإلهي من الروح القدسي) الكلي (مقارنة لطالع يقتضي العلم والصدق في الأشياء).
يشير إلى الأوضاع الفلكية الناظرة إلى حال النفخ بنظر الموالاة الظاهرة لها بعطية كمال العلم والصدق ونحوهما .
(فهذا) أي وجود النفخ الإلهي وعدم الظلمة المطلقة في البنية (تطهير جبلي) للنفس فيها، فلا تجتمع مع هذا التطهير في محله الانحرافات الطبيعية الناتج منها للنفس سفساف الأخلاق ولذلك (صاحبه مجبول على الإصابة في كلامه في الغالب، بل إذا تكلم على ما يجده من نفسه من صغره لا يخطئ، وإذا أخطأ فإنه يخطى بالعرض وذلك أنه يترك ما يجد من نفسه ويأخذ ما اكتسبه من خارج. فقد يكون ما رآه أو سمعه باطلا، وقد ارتسمت منه في النفس صورة، فيجدها فينطق بها، فذلك خطأه لا غير).
281 - (فإذا انضاف إلى هذه الجبلة الفاضلة، استعمال الرياضات والمجاهدات والتشوف إلى المحل الأشرف) وهو الغيب الإلهي الذي هو محتد كل شيء ومعاده.
(والمقام الأقدس) وهو مقام مطلق ينطلق في تقيده ويتقيد في انطلاقه من حل به . ومقتضاه أن لا يكون لصاحبه حال فإذا انطلقت هذه الجبلة الفاضلة (ارتفع الروح الجزئي) القائم بتقويمها لتدبيرها ، (إلى كله الكلي) المشرف على غيب الجمع والوجود ، فشمله حكم أصله . (فاستشرف على الغيوب من هناك ورأى صور العالم كله في قوة النفس الكلية) المحيطة بالمقدورات ، من حيث كونها لوح القدر واللوح المحفوظ ؛ (ومراتبه) أي ورأى مراتب العلم أيضا (فيها) أي في قوة النفس.
(و) رأي أيضا (ما هو حظ كل شيء من العلم) بالحق والخلق وما هو حظه أيضا من مكانه وزمانه في العاجل والآجل .
ورأى أيضا فيها ما لكل شيء في كل شيء . ( كل ذلك بعلم واحد ونظرة واحدة ) فهذه الرؤية هي رؤية المفصل في المجمل مفصلا ( فينزل ) إذ ذاك الروح الجزئي متصفا بصفة كله (إلى محل تفصيل الكون فيعرفه) أي التفصيل الكوني الوجودي على اختلاف أطواره (بالعلامات) المدركة بالقوة اللدنية .
282 - (وهذا لأفراد خلقهم الله على هذا النعت، عناية أزلية سبقت لهم. وهذا النوع وجدت الكهنة، غير أنهم لم ينضف) لهم (إلى هذه النشأة المباركة استعمال رياضة ولا تشوف) إلى المحل الأشرف والمقام الأقدس.
(فصدقت خواطرهم في الغالب وفي حكم النادر يخطئون وللروحانيات لأصحاب هذه النشأة تطلع كثير وتأمل لتلك المناسبة : وهي اللطافة الأصلية) والاعتدالات الجبلية القاضية باتصال أنظارها وفيضان أنوارها عليهم.
فلهم في اتصالهم بالروحانيات العلوية ، اطلاعات علية وتصرفات خارقة. فهم يطرحون أشعة اختصاصهم بالربوبية العليا على قلوبهم بنسبة باطنة ، (فيمدونهم بحسب قواهم وإنما حرموا الجناب العزيز الإلهي المخصوص به الأولياء من عباد الله تعالى فهنيئا لهم ) حيث خصوا بجذبة من جذبات الحق، وفازوا بروح الكمال في تسديد الأحوال وتصحيح الأعمال.
اليوم في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
اليوم في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin