كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
33 - شرح تجلي المزج
33 - متن نص تجلي المزج :
دار المزاج يشبه نطفة الأمشاج ، فما اردأ ما يكون بينهما النتاج ، لكن الحق جعل للشقي دلالة وللسعيد دلالة .
وجعل للوصول إليهما عيناً مخصوصا في أشخاص مخصوصين ونوراً مخصوصاً من حضرة مخصوصة إلهية .
فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه عين وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار ، واستعجلت قيامتهم لما تخلصوا وأخلصوا .
33 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«قال سیدنا في أول التجلي : «دار المزج يشبه نطفة الأمشاج ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة"
فقال ما هذا معناه : إن تجلي المزج هو أن يتجلى الحق في صورة الخلق ، والمطلق في صورة المقيد.
فيعلم أن عزته سبحانه لا تقتضي له ذلك . و«دار المزج تشبه نطفة الأمشاج».
فكانت الدنيا للعبد بمنزلة الرحم. فقام التجلي لك في هذا الدار بحكم الموطن ، فأعطاك المزج .
فحكم المشبه على الحق بحقيقة الصورة التي اقتضاها الموطن ولم يقتضها الحق لنفسه من حيث هو.
وقوله : «فـ للشقي علامة و للسعيد علامة، قال : وللسعادة مراتب ، فثم سعيد مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في كل تجل يكون منه مع بقائه مع :" ليس كمثله شيء". والسعيد الذي هو دون هذا في المرتبة الثانية ، هو المنزه الذي إذا رأى صورة المزاج قال : أعوذ بالله ، كما جاء في الحديث .
وأما المشبه فلا يخلو من أحد أمرين :
إن كان مؤمنا ووقف مع الخبر والإيمان فهو سعيد .
وإن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله فهو شقي .
فهذه ثلاث مراتب السعداء . فتحقق ترشد».
33 - شرح تجلي المزج
249 - وهو تجل يقتضي ظهور الحق في الخلق ، والمطلق في المقيد؛ مع أن مقتضى ذاته في توحيده الأنزه الذاتي : " ليس كمثله ، شيء" [الشورى:11] .
فحكم المتقابلات کالهداية والضلالة ،والتشبيه والتنزيه في المقيد الذي ظهر به المطلق ، والخلق الذي ظهر به الحق في العاجل ، المزج والاختلاط . فلا يظهر تخصصه بأحد المتقابلين إلا بعلامة ودليل .
ولذلك قال قدس سره : (دار المزج يشبه نطفة الأمشاج) إذ حكم المقيد في دار المزج كحكم النطفة في الرحم.
فكونها «النطفة سعيدة أو شقية ، منزهة أو مشبهة ، مشتبه ممتزج ، وأحد الحكمين غير ممتاز فيها عن الآخر.
فكما حكم التجلي بمزج الدار، حكم الموطن القاضي بتحقق الصور الخلقية ، على المشبه أن يحكم على الحق بحقيقة الصور التي اقتضاها موطنه الحسي .
وإن لم يقتض الحق ذلك لنفسه، من حيث تجرده وتوحيده الأنزه .
فـ للسعيد إذا تخلص من سواد المزج وظهر بحكم السعادة ، ثلاث مراتب :
سعید مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في أي تجل ظهر به سواء أثمر التنزيه أو التشبيه ، غير أنه يعلم بقاؤه تعالى في موطن التشبيه مع ليس كمثله شيء .
وسعيد مقيد بالتنزيه ، وهو الذي إذا رأى الحق في صورة المزج.
قال : أعوذ بالله منك ، كما ورد في الخبر الصحيح .
وسعيد مقید بالتشبيه ، من حيث كونه واقفا مع الخبر الصدق والإيمان به ، من غير أن ينظر في التكييف أو يرده إلى التنزيه ، بضرب من التأويل .
فمن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله ، فهو شقي .
ولما كان حکم المزج مبهما يختلف إثماره وإنتاجه بحسب المواطن ،
قال : (فما أردأ ما يكون بينهما) أي بين دار المزج و نطفة الأمشاج ،(النتاج) إذ الشيء لا يثمر ما يضاده ، والنتيجة على شاكلة ما نتج منه.
250 - (لكن الحق جعل للشقي دلالة) أي علامة ، يعني لما كان المزج يعطي في موطن ما حكم السعادة ، وفي الآخر حكم الشقاوة ، جعل الحق تعالی للشقي في موطنه القاضي بشقاوته ، علامة يعرف بها.
(و للسعيد) في موطنه (دلالة) يعرف بها ؛ (وجعل للوصول إليها) أي إلى الدلالة الفارقة بين السعداء والأشقياء ، (عينة مخصوصة) ناقدة لن تجدها إلا (في أشخاص مخصوصين) من أهل العناية من الأولياء فإن هذا التمييز موقوف على الظفر بانتهاء الكشف إلى استجلاء ماهيات الأشياء وحقائقها ، من حيث ثبوتها في عرصة العلم الإلهي ، على وجه استجلاها العلم الإلهي في الأزل؛ بحيث لو قوبل علمه تعالى مع علم الكاشف ، لطابق علمه علم الحق من جميع الوجوه في هذا الكشف. وليس للإنسان في كشفه وراء هذه الغاية منال .
ولذلك قال : وجعل للعين المخصوصة (ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة إلهية). ولعل هذه الحضرة؛ والله أعلم؛ هي الحضرة العلمية الإلهية ، إذ ليس وراءها إلا الحضرة الذاتية الكنهية التي يعود الكشف فيها عمى ، والعلم جهالة.
والعلم الكاشف هنا عن الحقيقة الذاتية الكنهية ، لا ينسب إلى الغير؛ وإلا يقال في محل : «ما عرفناك حق معرفتك» عرفناك حق معرفتك . فافهم المقصود.
251 - ( فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه العين ) بصيرورتها مطرح أنوار التجلي الأعظم القاضي بکشف أسرار الساعة وأحكامها المصونة ؛ (وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون) الإنساني (أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار؛ فاستعجلت قيامتهم) حيث أعطوا العلم المختص بالمواطن الآجلة التي هي موقع التمييز مطلقا .
فإن الرحمة المشوبة بالغضب في العاجل ، خالصة في الجنة ، والغضب المشوب بالرحمة فيه، خالص في النار.
ولذلك صح أن يقال في الآجل : "في الجنة وفريق في السعير" [الشورى :7] و«هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي».
و المعني بأمر الأمر في العاجل القاضي بالمزج ، امتياز المهتدين عن الضالين مطلقا .
ولكن العارفين (لما تخلصوا) من القيود والرسوم العاجلة ، بالفناء المطلق ، (وخلصوا) كل واحد من الفريقين من أعماق المزج متميزة عن الآخر، بالعلائم المصحوبة لهم من الحضارات الثبوتية العلمية.
33 - شرح تجلي المزج
33 - متن نص تجلي المزج :
دار المزاج يشبه نطفة الأمشاج ، فما اردأ ما يكون بينهما النتاج ، لكن الحق جعل للشقي دلالة وللسعيد دلالة .
وجعل للوصول إليهما عيناً مخصوصا في أشخاص مخصوصين ونوراً مخصوصاً من حضرة مخصوصة إلهية .
فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه عين وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار ، واستعجلت قيامتهم لما تخلصوا وأخلصوا .
33 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«قال سیدنا في أول التجلي : «دار المزج يشبه نطفة الأمشاج ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة"
فقال ما هذا معناه : إن تجلي المزج هو أن يتجلى الحق في صورة الخلق ، والمطلق في صورة المقيد.
فيعلم أن عزته سبحانه لا تقتضي له ذلك . و«دار المزج تشبه نطفة الأمشاج».
فكانت الدنيا للعبد بمنزلة الرحم. فقام التجلي لك في هذا الدار بحكم الموطن ، فأعطاك المزج .
فحكم المشبه على الحق بحقيقة الصورة التي اقتضاها الموطن ولم يقتضها الحق لنفسه من حيث هو.
وقوله : «فـ للشقي علامة و للسعيد علامة، قال : وللسعادة مراتب ، فثم سعيد مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في كل تجل يكون منه مع بقائه مع :" ليس كمثله شيء". والسعيد الذي هو دون هذا في المرتبة الثانية ، هو المنزه الذي إذا رأى صورة المزاج قال : أعوذ بالله ، كما جاء في الحديث .
وأما المشبه فلا يخلو من أحد أمرين :
إن كان مؤمنا ووقف مع الخبر والإيمان فهو سعيد .
وإن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله فهو شقي .
فهذه ثلاث مراتب السعداء . فتحقق ترشد».
33 - شرح تجلي المزج
249 - وهو تجل يقتضي ظهور الحق في الخلق ، والمطلق في المقيد؛ مع أن مقتضى ذاته في توحيده الأنزه الذاتي : " ليس كمثله ، شيء" [الشورى:11] .
فحكم المتقابلات کالهداية والضلالة ،والتشبيه والتنزيه في المقيد الذي ظهر به المطلق ، والخلق الذي ظهر به الحق في العاجل ، المزج والاختلاط . فلا يظهر تخصصه بأحد المتقابلين إلا بعلامة ودليل .
ولذلك قال قدس سره : (دار المزج يشبه نطفة الأمشاج) إذ حكم المقيد في دار المزج كحكم النطفة في الرحم.
فكونها «النطفة سعيدة أو شقية ، منزهة أو مشبهة ، مشتبه ممتزج ، وأحد الحكمين غير ممتاز فيها عن الآخر.
فكما حكم التجلي بمزج الدار، حكم الموطن القاضي بتحقق الصور الخلقية ، على المشبه أن يحكم على الحق بحقيقة الصور التي اقتضاها موطنه الحسي .
وإن لم يقتض الحق ذلك لنفسه، من حيث تجرده وتوحيده الأنزه .
فـ للسعيد إذا تخلص من سواد المزج وظهر بحكم السعادة ، ثلاث مراتب :
سعید مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في أي تجل ظهر به سواء أثمر التنزيه أو التشبيه ، غير أنه يعلم بقاؤه تعالى في موطن التشبيه مع ليس كمثله شيء .
وسعيد مقيد بالتنزيه ، وهو الذي إذا رأى الحق في صورة المزج.
قال : أعوذ بالله منك ، كما ورد في الخبر الصحيح .
وسعيد مقید بالتشبيه ، من حيث كونه واقفا مع الخبر الصدق والإيمان به ، من غير أن ينظر في التكييف أو يرده إلى التنزيه ، بضرب من التأويل .
فمن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله ، فهو شقي .
ولما كان حکم المزج مبهما يختلف إثماره وإنتاجه بحسب المواطن ،
قال : (فما أردأ ما يكون بينهما) أي بين دار المزج و نطفة الأمشاج ،(النتاج) إذ الشيء لا يثمر ما يضاده ، والنتيجة على شاكلة ما نتج منه.
250 - (لكن الحق جعل للشقي دلالة) أي علامة ، يعني لما كان المزج يعطي في موطن ما حكم السعادة ، وفي الآخر حكم الشقاوة ، جعل الحق تعالی للشقي في موطنه القاضي بشقاوته ، علامة يعرف بها.
(و للسعيد) في موطنه (دلالة) يعرف بها ؛ (وجعل للوصول إليها) أي إلى الدلالة الفارقة بين السعداء والأشقياء ، (عينة مخصوصة) ناقدة لن تجدها إلا (في أشخاص مخصوصين) من أهل العناية من الأولياء فإن هذا التمييز موقوف على الظفر بانتهاء الكشف إلى استجلاء ماهيات الأشياء وحقائقها ، من حيث ثبوتها في عرصة العلم الإلهي ، على وجه استجلاها العلم الإلهي في الأزل؛ بحيث لو قوبل علمه تعالى مع علم الكاشف ، لطابق علمه علم الحق من جميع الوجوه في هذا الكشف. وليس للإنسان في كشفه وراء هذه الغاية منال .
ولذلك قال : وجعل للعين المخصوصة (ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة إلهية). ولعل هذه الحضرة؛ والله أعلم؛ هي الحضرة العلمية الإلهية ، إذ ليس وراءها إلا الحضرة الذاتية الكنهية التي يعود الكشف فيها عمى ، والعلم جهالة.
والعلم الكاشف هنا عن الحقيقة الذاتية الكنهية ، لا ينسب إلى الغير؛ وإلا يقال في محل : «ما عرفناك حق معرفتك» عرفناك حق معرفتك . فافهم المقصود.
251 - ( فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه العين ) بصيرورتها مطرح أنوار التجلي الأعظم القاضي بکشف أسرار الساعة وأحكامها المصونة ؛ (وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون) الإنساني (أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار؛ فاستعجلت قيامتهم) حيث أعطوا العلم المختص بالمواطن الآجلة التي هي موقع التمييز مطلقا .
فإن الرحمة المشوبة بالغضب في العاجل ، خالصة في الجنة ، والغضب المشوب بالرحمة فيه، خالص في النار.
ولذلك صح أن يقال في الآجل : "في الجنة وفريق في السعير" [الشورى :7] و«هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي».
و المعني بأمر الأمر في العاجل القاضي بالمزج ، امتياز المهتدين عن الضالين مطلقا .
ولكن العارفين (لما تخلصوا) من القيود والرسوم العاجلة ، بالفناء المطلق ، (وخلصوا) كل واحد من الفريقين من أعماق المزج متميزة عن الآخر، بالعلائم المصحوبة لهم من الحضارات الثبوتية العلمية.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin