كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
17. تجلي العدل والجزاء
متن تجلي العدل والجزاء :
انتشر العدل فمال قوم إلى ظلمة الطبع فهو جزاؤهم ومال قومٌ إلى نور الشرع فهو جزاؤهم والمائلون إلى نور الشرع من حيث حقائق لطائفهم هم المفردون الذين لا يعرفون والمائلون من حيث حقائق كنائفهم في روضةٍ يُحبرون يطوف عليهم ولدانٌ مخلدون بأكواب وآباريق وكأسٍ من معين .
17 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل
«قال الإمام في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه :
العدل في اللغة هو الميل وكذلك الجور.
واصطلاح الشرع فيهما : العدل ميل إلى الحق والجور میل إلى الباطل.
فانتشر العدل فأعطى كل مخلوق استعداده الذي يستحقه و به یکون صلاحه ولما كان الإنسان قايما كلسان الميزان ولم تكن نشأته تعطي الثبات على ذلك ، وأنه لا بد له من الميل ، فكان ميله إما إلى أمر طبيعي وإما إلى أمر شرعي فالطبيعي ميله إلى الحق وإلى السعادة ؛ والشرعي ميله إلى التكليف .
وللإنسان إلى كل شيء يميل إليه جزاء مخصوص مطابق إلى ما مال إليه . والسلام".
17 - شرح تجلي العدل والجزاء
197 - يقال : عدل عنه إذا مال . فالعدل هو الميل إلى الحق عرفا؛ والجور هو الميل إلى الباطل كذلك.
ولما كان قلب الإنسان قائما في مرتبته الذاتية الوسطية كلسان الميزان ، لا تعطي نشأته الثبات أصلا لا بد له من الميل مع الآفات فمیله في استكماله .
إما إلى ما كلف به شرعا، حتى ينتهي أمره في ذلك إلى التجريد عن إرادته الطبيعية القاضية بإطلاق التصرف ، بل إلى التجريد في الحق ، القاضي باضمحلال الرسوم الخلقية ؛ وإما إلى الطبع ، حتى ينتهي أمره إلى الأخذ بنتائج الأحوال. وثمراته المستلزمة الملاذ النفسية والمشهيات الذوقية .
وله على التقديرين الجزاء الوفاق ، إذ لكل ميل جزاء يخصه .
ولذلك قال قدس سره : (انتشر العدل) بتغليب الحق حكم الظهور على البطون ؛ فأعطى كل شيء خلقه ، ثم خص كل مخلوق باستعداد يستحقه ثم هداه بذلك إلى ميل فيه كماله .
ولذلك قال : (فمال قوم إلى ظلمة الطبع) أي إلى التقيد بالتقلبات الحالية ، المستلزمة للملاذ النفسية والاقتدار على التصرفات الخارقة والوقوف مع نتائج الأحوال المتقلبة ؛ (فهو جزاؤهم) بما أثمر لهم من الملاذ المعوقة إياهم عن المنال الغائي ؛ (ومال قوم إلى نور الشرع) المنتهي بهم إلى ترك ما لهم لتلقي ما من الحق من التجليات الذاتية ، الماحية عن حقائقهم آثار الكون ؛ (فهو) بما ينتج لهم في أقصى منالهم من التحقق بالكمال الجمعي، (جزاؤهم) إذ لكل سائل في ميله جزاء وفاق . ونور الشرع حامل الكمال الجمعي إلى من كان له سلس القياد في سلم الانقياد .
198 - (والمائلون إلى نور الشرع من حيث حقائق لطائفهم) اللطائف هنا كناية عن القوى الباطنة والظاهرة؛ وهي التي تحصل بها للنفس المدارك التفصيلية . وأما حقائقها فهي الأسرار الوجودية المستجنة فيها ، وهي للطائفهم المذكورة كالأرواح للأجساد.
ولذلك يقال : روح الباصرة وروح السامعة ونحوها، فتلك الأسرار في حجب اللطائف ، هي المائلة في الحقيقة إلى نور الشرع وهو الذي يهدي بها إلى أصلها الشامل ومحتدها الأصلي .
وأما لطائف القوى من عالم الأشباح الطبيعية ، فليس لها وسع قبول الحق إلا بأسرارها الوجودية .
فبهذه الأسرار ينتهي أمر الأعضاء إلى سر "کنت له سمعا وبصرا ويدا" فافهم. فالمائلون بحقائقهم (هم المفردون) الذين جاسوا خلال ديار التجريد في الحق بأسرارهم، فارتفعت ، بتلاشي رسومهم ، علائمهم فهم (الذين لا يعرفون) إذ ليس لهم ، إذ ذاك ، مقام معلوم يعرفون به ويتسمون بحسبه .
199 - (والمائلون من حيث حقائق کنائفهم) أي القوى المختصة بكل عضو وميلها إلى المدارك التي تليق بها، مع نفوذها من الظواهر في البواطن وكشفها لطائف مدركاتها في أحسن صورة.
ولذلك قال : (هم) من حيثية تقلبهم في الأحوال الكشفية ونتائجها (في روضة) من أبهج المناظر الروحانية في أجمل الصور المثالية ، (يجبرون) ويتمتعون في كل آن بجني ثمار الفتوحات الكشفية ، والشرب من أهنأ المشارب الذوقية.
ولذلك قال : (يطوف عليهم ولدان مخلدون) معهم في سائر نشأتهم، (بأكواب وأباريق وكأس من معين).
.
17. تجلي العدل والجزاء
متن تجلي العدل والجزاء :
انتشر العدل فمال قوم إلى ظلمة الطبع فهو جزاؤهم ومال قومٌ إلى نور الشرع فهو جزاؤهم والمائلون إلى نور الشرع من حيث حقائق لطائفهم هم المفردون الذين لا يعرفون والمائلون من حيث حقائق كنائفهم في روضةٍ يُحبرون يطوف عليهم ولدانٌ مخلدون بأكواب وآباريق وكأسٍ من معين .
17 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل
«قال الإمام في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه :
العدل في اللغة هو الميل وكذلك الجور.
واصطلاح الشرع فيهما : العدل ميل إلى الحق والجور میل إلى الباطل.
فانتشر العدل فأعطى كل مخلوق استعداده الذي يستحقه و به یکون صلاحه ولما كان الإنسان قايما كلسان الميزان ولم تكن نشأته تعطي الثبات على ذلك ، وأنه لا بد له من الميل ، فكان ميله إما إلى أمر طبيعي وإما إلى أمر شرعي فالطبيعي ميله إلى الحق وإلى السعادة ؛ والشرعي ميله إلى التكليف .
وللإنسان إلى كل شيء يميل إليه جزاء مخصوص مطابق إلى ما مال إليه . والسلام".
17 - شرح تجلي العدل والجزاء
197 - يقال : عدل عنه إذا مال . فالعدل هو الميل إلى الحق عرفا؛ والجور هو الميل إلى الباطل كذلك.
ولما كان قلب الإنسان قائما في مرتبته الذاتية الوسطية كلسان الميزان ، لا تعطي نشأته الثبات أصلا لا بد له من الميل مع الآفات فمیله في استكماله .
إما إلى ما كلف به شرعا، حتى ينتهي أمره في ذلك إلى التجريد عن إرادته الطبيعية القاضية بإطلاق التصرف ، بل إلى التجريد في الحق ، القاضي باضمحلال الرسوم الخلقية ؛ وإما إلى الطبع ، حتى ينتهي أمره إلى الأخذ بنتائج الأحوال. وثمراته المستلزمة الملاذ النفسية والمشهيات الذوقية .
وله على التقديرين الجزاء الوفاق ، إذ لكل ميل جزاء يخصه .
ولذلك قال قدس سره : (انتشر العدل) بتغليب الحق حكم الظهور على البطون ؛ فأعطى كل شيء خلقه ، ثم خص كل مخلوق باستعداد يستحقه ثم هداه بذلك إلى ميل فيه كماله .
ولذلك قال : (فمال قوم إلى ظلمة الطبع) أي إلى التقيد بالتقلبات الحالية ، المستلزمة للملاذ النفسية والاقتدار على التصرفات الخارقة والوقوف مع نتائج الأحوال المتقلبة ؛ (فهو جزاؤهم) بما أثمر لهم من الملاذ المعوقة إياهم عن المنال الغائي ؛ (ومال قوم إلى نور الشرع) المنتهي بهم إلى ترك ما لهم لتلقي ما من الحق من التجليات الذاتية ، الماحية عن حقائقهم آثار الكون ؛ (فهو) بما ينتج لهم في أقصى منالهم من التحقق بالكمال الجمعي، (جزاؤهم) إذ لكل سائل في ميله جزاء وفاق . ونور الشرع حامل الكمال الجمعي إلى من كان له سلس القياد في سلم الانقياد .
198 - (والمائلون إلى نور الشرع من حيث حقائق لطائفهم) اللطائف هنا كناية عن القوى الباطنة والظاهرة؛ وهي التي تحصل بها للنفس المدارك التفصيلية . وأما حقائقها فهي الأسرار الوجودية المستجنة فيها ، وهي للطائفهم المذكورة كالأرواح للأجساد.
ولذلك يقال : روح الباصرة وروح السامعة ونحوها، فتلك الأسرار في حجب اللطائف ، هي المائلة في الحقيقة إلى نور الشرع وهو الذي يهدي بها إلى أصلها الشامل ومحتدها الأصلي .
وأما لطائف القوى من عالم الأشباح الطبيعية ، فليس لها وسع قبول الحق إلا بأسرارها الوجودية .
فبهذه الأسرار ينتهي أمر الأعضاء إلى سر "کنت له سمعا وبصرا ويدا" فافهم. فالمائلون بحقائقهم (هم المفردون) الذين جاسوا خلال ديار التجريد في الحق بأسرارهم، فارتفعت ، بتلاشي رسومهم ، علائمهم فهم (الذين لا يعرفون) إذ ليس لهم ، إذ ذاك ، مقام معلوم يعرفون به ويتسمون بحسبه .
199 - (والمائلون من حيث حقائق کنائفهم) أي القوى المختصة بكل عضو وميلها إلى المدارك التي تليق بها، مع نفوذها من الظواهر في البواطن وكشفها لطائف مدركاتها في أحسن صورة.
ولذلك قال : (هم) من حيثية تقلبهم في الأحوال الكشفية ونتائجها (في روضة) من أبهج المناظر الروحانية في أجمل الصور المثالية ، (يجبرون) ويتمتعون في كل آن بجني ثمار الفتوحات الكشفية ، والشرب من أهنأ المشارب الذوقية.
ولذلك قال : (يطوف عليهم ولدان مخلدون) معهم في سائر نشأتهم، (بأكواب وأباريق وكأس من معين).
.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin