كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
91 - شرح تجلي العلامة
91 - متن تجلي العلامة
علامة من عرف الله ، حق المعرفة ، أن يطلع على سره . فلا يجد فيه علماً به . فذلك الكامل المعرفة التي لا معرفة وراءها . وفضل رجال الله بعضهم على بعض باستصحاب هذا الأمر .
وفي هذا التجلي رأيت أبا بكر بن جحدر [ يقصد الشبلي ] .
91 - إملاء ابن سودکین :
«ومن تجلي العلامة وهذا نصه : «علامة من عرف.. رأيت أبا بكر بن جحدر رحمه الله تعالی».
قال جامعه سمعت شيخي يقول ما هذا معناه :
علامة من عرف الله حق المعرفة أن يطلع على سره فلا يجد فيه علما به تعالی . وذلك أن الناس تساووا في نفس الأمر في عدم العلم بالله تعالی .
غير أن العارفين تيقنوا جهلهم حقيقة ، فظفرهم بالدليل القطعي بجهلهم بالله تعالى هو عين معرفتهم.
وأما غبر العارفين ، فليس جهلهم هذا الجهل ، بل جهل غفلة وقصور. فهذا هو الجهل بالله تعالی المحمود .
وقد تحقق العارفون أن لا نهاية له ولا للمعرفة به، فكان الجهل لهم حقيقية لا ينفكون عنه .
وأما الجهل بقدر الله تعالی فمذموم. وهو الجهل ببذل الجهد في حق الله تعالی و عظمته وقدرته. عظمته وقدرته ظاهرة الدلائل .
وهناك فرق بين ذاته وقدرته ودلائله.
واعلم أن العارف لا يلتذ بمشاهدة أبدا وذلك أن العارف إذا عرض أن وراء ما يتجلى له أمرا آخر أعلى منه ، فإنه لا يلتذ بما تجلى له.
وهو يعلم أيضا أن التجليات التي تبدو له ، لا آخر لها ولا نهاية ، فلو كانت عين مقصوده تغيرت . إذ تلك العين لا تقبل التغيير .
واعلم أن اللذة أمر طارئ وكذلك الألم فيستحيلان على الحق تعالی .
وقد تقرر أن العارف هو المتشبه بالحق تعالی .
فكماله أن يتصف بعدم اللذة والألم في باب المشاهدة فإذا حصل العارف في هذه الرتبة فهو الوارث الكامل المتشبه بربه ، لأنه كلما ورد عليه وارد، كان همه متعلقة بما وراءه ماهو أعلى منه .
فيكون في زمان ورود الوارد عليه مترقية أيضا، غير واقف . والملتذ قيدته لذته في زمان ورودها عليه ، فغاية الترقي في زمان تلذذه ، إما زمان فرد أو أزمنة .
فسبقه العارف الذي لم يقف ولم يتقيد باللذة في ذلك الزمان الذي تقيد فيه الملتذ باللذة ، سبقا لا تقدره المسافات الزمانية لخروج الأمر عن الزمان والمكان .
قال أبو زيد رحمه الله تعالى إشارة إلى هذا السر :
"ضحكت زمان ویکیت زمانا، وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي".
وهذه إشارة منه إلى عدم التذاذه بسروره وتألمه بألمه .
فالعارف سابق إلى المعارف في كل زمن وفي كل نفس. لا يفوته زمان ولا نفس إلا وقد حصل فيهما معرفة .
فلو قيدته اللذة في زمن فرد، الخلا ذلك النفس عن معرفة .
فالعارف غني بلطيفته على الإطلاق، فلو قيدته اللذة خرج عن حقيقة الغني فافهم. والعارف له لذة واحدة وهو بطبعه يدركها في جنته الحسية ، والذي هونازل عن هذه الرتبة ، له لذتان :
لذة بلطيفته ؛ وهي اللذة المذمومة .
ولذة بحسه ؛ وهي التي شاركه فيها العارف .
فللذة موطن محقق ومرتبة مخصوصة ، متی تعدی بها العارف محلها نقص في مرتبة خلافته ، فظلم في رعيته، وخرج عن درجة الاستواء إلى حضيض الميل .
ورأيت في هذا المقام أبا بكر بن جحدر الشبلي ، وقد استصحب بسره هذا المقام : وهو عدم الالتذاذ باللطيفة ، فتحقق مراتب الكمال . والله يقول الحق سبحانه ".
91 - شرح تجلي العلامة
452 - يريد علامة المنتهي إلى المعرفة الغائبة قال : (علامة من عرف الله حق المعرفة أن يطلع على سره) أي غيبه الذاتي الذي تنقلب عنه البصائر خاسئة .
(فلا يجد فيه علما به) قطعا اللهم إلا علمه بكونه لا يعلم .
(فذلك) الذي يعلم قطعا أنه لا يعلم. هو (الكامل في المعرفة التي لا معرفة وراءها) فإنه في مناهج ارتقائه علم الأسرار القابلة لتعلق الشهود بها حتى انتهى إلى سر هو محاق إدراك البصائر. فلم يعلم منه إلا أنه لا يعلم.
453 - (وفضل رجال الله بعضهم على بعض ، باستصحاب هذا الأمر على السر) أي باستمرار رجع بصائرهم عن درك غيب الذات شهودا وعلما . فغاية إدراكهم العجز عن درك الإدراك . وهذه الحالة هي الغاية .
فلا تتغير على العارف وشأن ما ليس بغاية أن يتغير بانتهائه إلى غيره .
وفي هذا المقام ترتفع اللذة والألم من العارف فإنه إذ ذاك على ما عليه الحق تعالی من عدم تغيره وتأثره بالعوارض .
فكما يستحيل طروهما على الحق، يستحيل طروهما على العارف .
ومن هذا المقام ما قال العارف أبو يزيد البسطامي قدس سره : ضحكت وبكيت زمانا وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي .
ثم قال الشيخ المحقق : (وفي هذا التجلي رأيت أبا بكر بن جحدر) الشبلي ، رضي الله عنه بمناسبة تحققه بهذه الغاية واستصحابه بسر هذا المقام.
.
91 - شرح تجلي العلامة
91 - متن تجلي العلامة
علامة من عرف الله ، حق المعرفة ، أن يطلع على سره . فلا يجد فيه علماً به . فذلك الكامل المعرفة التي لا معرفة وراءها . وفضل رجال الله بعضهم على بعض باستصحاب هذا الأمر .
وفي هذا التجلي رأيت أبا بكر بن جحدر [ يقصد الشبلي ] .
91 - إملاء ابن سودکین :
«ومن تجلي العلامة وهذا نصه : «علامة من عرف.. رأيت أبا بكر بن جحدر رحمه الله تعالی».
قال جامعه سمعت شيخي يقول ما هذا معناه :
علامة من عرف الله حق المعرفة أن يطلع على سره فلا يجد فيه علما به تعالی . وذلك أن الناس تساووا في نفس الأمر في عدم العلم بالله تعالی .
غير أن العارفين تيقنوا جهلهم حقيقة ، فظفرهم بالدليل القطعي بجهلهم بالله تعالى هو عين معرفتهم.
وأما غبر العارفين ، فليس جهلهم هذا الجهل ، بل جهل غفلة وقصور. فهذا هو الجهل بالله تعالی المحمود .
وقد تحقق العارفون أن لا نهاية له ولا للمعرفة به، فكان الجهل لهم حقيقية لا ينفكون عنه .
وأما الجهل بقدر الله تعالی فمذموم. وهو الجهل ببذل الجهد في حق الله تعالی و عظمته وقدرته. عظمته وقدرته ظاهرة الدلائل .
وهناك فرق بين ذاته وقدرته ودلائله.
واعلم أن العارف لا يلتذ بمشاهدة أبدا وذلك أن العارف إذا عرض أن وراء ما يتجلى له أمرا آخر أعلى منه ، فإنه لا يلتذ بما تجلى له.
وهو يعلم أيضا أن التجليات التي تبدو له ، لا آخر لها ولا نهاية ، فلو كانت عين مقصوده تغيرت . إذ تلك العين لا تقبل التغيير .
واعلم أن اللذة أمر طارئ وكذلك الألم فيستحيلان على الحق تعالی .
وقد تقرر أن العارف هو المتشبه بالحق تعالی .
فكماله أن يتصف بعدم اللذة والألم في باب المشاهدة فإذا حصل العارف في هذه الرتبة فهو الوارث الكامل المتشبه بربه ، لأنه كلما ورد عليه وارد، كان همه متعلقة بما وراءه ماهو أعلى منه .
فيكون في زمان ورود الوارد عليه مترقية أيضا، غير واقف . والملتذ قيدته لذته في زمان ورودها عليه ، فغاية الترقي في زمان تلذذه ، إما زمان فرد أو أزمنة .
فسبقه العارف الذي لم يقف ولم يتقيد باللذة في ذلك الزمان الذي تقيد فيه الملتذ باللذة ، سبقا لا تقدره المسافات الزمانية لخروج الأمر عن الزمان والمكان .
قال أبو زيد رحمه الله تعالى إشارة إلى هذا السر :
"ضحكت زمان ویکیت زمانا، وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي".
وهذه إشارة منه إلى عدم التذاذه بسروره وتألمه بألمه .
فالعارف سابق إلى المعارف في كل زمن وفي كل نفس. لا يفوته زمان ولا نفس إلا وقد حصل فيهما معرفة .
فلو قيدته اللذة في زمن فرد، الخلا ذلك النفس عن معرفة .
فالعارف غني بلطيفته على الإطلاق، فلو قيدته اللذة خرج عن حقيقة الغني فافهم. والعارف له لذة واحدة وهو بطبعه يدركها في جنته الحسية ، والذي هونازل عن هذه الرتبة ، له لذتان :
لذة بلطيفته ؛ وهي اللذة المذمومة .
ولذة بحسه ؛ وهي التي شاركه فيها العارف .
فللذة موطن محقق ومرتبة مخصوصة ، متی تعدی بها العارف محلها نقص في مرتبة خلافته ، فظلم في رعيته، وخرج عن درجة الاستواء إلى حضيض الميل .
ورأيت في هذا المقام أبا بكر بن جحدر الشبلي ، وقد استصحب بسره هذا المقام : وهو عدم الالتذاذ باللطيفة ، فتحقق مراتب الكمال . والله يقول الحق سبحانه ".
91 - شرح تجلي العلامة
452 - يريد علامة المنتهي إلى المعرفة الغائبة قال : (علامة من عرف الله حق المعرفة أن يطلع على سره) أي غيبه الذاتي الذي تنقلب عنه البصائر خاسئة .
(فلا يجد فيه علما به) قطعا اللهم إلا علمه بكونه لا يعلم .
(فذلك) الذي يعلم قطعا أنه لا يعلم. هو (الكامل في المعرفة التي لا معرفة وراءها) فإنه في مناهج ارتقائه علم الأسرار القابلة لتعلق الشهود بها حتى انتهى إلى سر هو محاق إدراك البصائر. فلم يعلم منه إلا أنه لا يعلم.
453 - (وفضل رجال الله بعضهم على بعض ، باستصحاب هذا الأمر على السر) أي باستمرار رجع بصائرهم عن درك غيب الذات شهودا وعلما . فغاية إدراكهم العجز عن درك الإدراك . وهذه الحالة هي الغاية .
فلا تتغير على العارف وشأن ما ليس بغاية أن يتغير بانتهائه إلى غيره .
وفي هذا المقام ترتفع اللذة والألم من العارف فإنه إذ ذاك على ما عليه الحق تعالی من عدم تغيره وتأثره بالعوارض .
فكما يستحيل طروهما على الحق، يستحيل طروهما على العارف .
ومن هذا المقام ما قال العارف أبو يزيد البسطامي قدس سره : ضحكت وبكيت زمانا وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي .
ثم قال الشيخ المحقق : (وفي هذا التجلي رأيت أبا بكر بن جحدر) الشبلي ، رضي الله عنه بمناسبة تحققه بهذه الغاية واستصحابه بسر هذا المقام.
.
أمس في 21:08 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الرابعة: قوانين الميراث تفضل الرجال على النساء ـ د.نضير خان
أمس في 21:05 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثالثة: شهادة المرأة لا تساوي سوى نصف رجل ـ د.نضير خان
أمس في 21:02 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثانية: المرأة لا تستطيع الطلاق ـ د.نضير خان
أمس في 20:59 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الأولى: الإسلام يوجه الرجال لضرب زوجاتهم ـ د.نضير خان
أمس في 20:54 من طرف Admin
» كتاب: المرأة في المنظور الإسلامي ـ إعداد لجنة من الباحثين
أمس في 20:05 من طرف Admin
» كتاب: (درة العشاق) محمد صلى الله عليه وسلم ـ الشّاعر غازي الجَمـل
9/11/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
9/11/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:59 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
7/11/2024, 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin