المرتبة الخامسة: المحبة الإلهية العظمى، ومنازل كمالها
المرتبة الخامسة: المحبة الإلهية العظمى، ومنازل كمالها؛: -
فالمحبة، هي: ركن العبادة الأعظم، وهي: ميل دائم، بقلب هائم؛ ويظهر هذا الميل، أولاً: على الجوارح الظاهرة بالاتباع، "وهذا هو الأساس". وثانيها: على القلوب الصادقة؛ بالتصفية والافتقار. وثالثها: الصحو والتمكين، في شهود المحبوب. وبدايتها: "طاعة وخدمة"، ووسطها: "هيام وافتقار"، ونهايتها: "انشراح وبقاء"؛ أي: كأنه يراه ـ جلَّ جلاله.
والمحبة: سر القبول والإقبال للمولى ـ جلَّ جلاله، وهي جوهر الدين، وروح التقوى، ومنازل القرب إلى الله ـ جلَّ وعلا؛ فيكون القلب عندئذ، مشكاة نور من الفيوضات الإلهية ـ سمواً وهدى، وقلب الصالح إناء يعكس نور الحق فيه، والمحبة: أي أن يكون القلب من آنية الله، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ آنِيَةً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَآنِيَةُ رَبِّكُمْ قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ: أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا»، رواه الطبراني، وعن أبي موسى، قال: قام فينا رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم، بخمسِ كلمات، فقال: «إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِه» رواه مسلم، قال النوويُّ في "شرح صحيح مسلم": والسُّبُحَات جمع سُبْحَة: وهيَ ما يفيض عن الذات الجميلة من لآلئ النور، ونوابض الحسن، وأشعَّة الجمال. قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ» رواه الترمذي.
ومراتب المحبة ثلاثة:-
1ـ الحب الحقيقي، وهو: حب الذات العلية، وهو: الحب الحقيقي؛ أي: أنك تحب الله لذاته، وهذه حقيقة التوحيد، وأن تحب ما يحبه الله لله، فلا تحب إلا لله، ولا تبغض إلا لله، كما قال ـ جلَّ مجده: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}، وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ» رواه الإمام أحمد.
2 ـ الحب القبولي، وهو: أن تحب وتطيع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لله، وذلك "لحب الله فيه وأمره تعالى"، كما قال ـ جلَّ ثناؤه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} وهذا لكمال الإيمان، كما جاء في الصحيح: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ»، "وهذا لكمال الإيمان". فتأمل.
3ـ الحب الكمالي، وهو: أن تحب من أحب الله، لله، وليس مع الله؛ "وهذا لكمال الحب بالله تعالى"، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا» رواه أحمد والترمذي.
ومن ذلك: الإيمان بحب آل البيت الأطهار- رضوان الله عليهم والسلام، كما قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، وقال - جلَّ ثناؤه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: «أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» رواه مسلم، فمن أراد الله به خيراً ألزمه وصية نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آل بيته ـ عليهم الرضوان والسّلام .
ومن ذلك: الإيمان بحب الصحابة الكرام ـ رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، كما قال ـ سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» رواه مسلم، فيجب ذكر محاسنهم، ومحبتهم، والثناء عليهم، وتبركوا بذكرهم، واعملوا على التخلق بأخلاقهم ـ رضي الله عنهم أجمعين.
ومن ذلك: الإيمان بحب أولياء الله وأحبابه، كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، الولي من وادَّ الله، وآمن به واتقاه، فلا تحادُّ من وادَّ الله، جاء في الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْب» رواه البخاري، الله يغار لأوليائه، ينتقم لهم ممن يؤذيهم، ويكرمهم بصون محبتهم، فيحبك لمحبته عليهم، هم أخص المخاطبين بآية: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، عليكم بمحبتهم، والتقرب إليهم، تحصل لكم بهم من الله البركة، والمرء مع من أحب، قال تعالى: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، وقال ـ صلى الله عليه وسلم: «أولياءُ اللهِ الذينَ إذا رُؤوا ذُكِرَ اللهُ». رواه البزار.
قال الشيخ أبو العبَّاس ابن تيمية في "الفتاوى": فإنك إذا أحببت الشخص لله كان الله هو المحبوب؛ فكلما تصورته في قلبك تصورت محبوب الحق فأحببته، فازداد حبك لله، كما إذا ذكرت النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله والمرسلين وأصحابه الصالحين وتصورتهم في قلبك؛ فإن ذلك يجذب قلبك إلى محبة الله المنعم عليهم، وبهم، إذا كنت تحبهم لله؛ فالمحبوب لله يجذب إلى محبة الله، والمحب لله إذا أحب شخصاً لله؛ فإن الله هو محبوبه، فهو يحب أن يجذبه إلى الله تعالى، وكل من المحب لله والمحبوب لله يجذب إلى الله. اهـ.
كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» رواه مسلم، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، رواه أبو داود. قال الحافظ أبو نُعيم في"الحلية": وَمِنْ نُعُوتِهِمْ: أَنَّهُمُ الْمُوَرِّثُونَ جُلَّاسَهُمْ كَامِلَ الذِّكْرِ، وَالْمُفِيدُونَ خِلَّانَهُمْ بِشَامِلِ الْبِرِّ؛ "وأولئك هم الأولياء حقا".
وفي روايةٍ أخرى: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ؟، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا انْتِسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ»، ثُمَّ قَرَأَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} رواه ابن حبان في "صحيحه".
قال تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}، قال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكراً، والحزن صبراً. قال الإمام جعفر الصادق: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يردّه إليك الفوت، وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت.
إلهي؛ غلّقت الملوك أبوابها، وبابك مفتوح للسائلين. إلهي؛ غارت النُّجوم، ونامت العيون، وأنت الحيّ القيّوم الذي {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}. إلهي؛ فرشت الفرش وخلا كل حبيب بحبيبه، وأنت حبيب المجتهدين، وأنيس المستوحشين. إلهي؛ إن طردتني عن بابك فإلى باب من التجئ. إلهي، إن قطعتني عن جنابك فجناب من ارتجي. إلهي؛ إن عذبتني فإني مستحق للعذاب والنقم، وإن عفوتني فأنت أهل الجود والكرم. يا سيدي لك أخلص العارفون، وبفضلك نجا الصالحون، وبغفرانك أناب المقصّرون، يا جميل العفو، أذِقني برد عفوك وحلاوة معرفتك، وإن لم أكن لذلك أهلاً، فإنّك أهل التقوى وأهل المغفرة. صلِّ على الحبيب المحبوب، حبيب ربّ العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن والاه إلى يوم الدين. والحمد لله ربّ العالمين.
المرتبة الخامسة: المحبة الإلهية العظمى، ومنازل كمالها؛: -
فالمحبة، هي: ركن العبادة الأعظم، وهي: ميل دائم، بقلب هائم؛ ويظهر هذا الميل، أولاً: على الجوارح الظاهرة بالاتباع، "وهذا هو الأساس". وثانيها: على القلوب الصادقة؛ بالتصفية والافتقار. وثالثها: الصحو والتمكين، في شهود المحبوب. وبدايتها: "طاعة وخدمة"، ووسطها: "هيام وافتقار"، ونهايتها: "انشراح وبقاء"؛ أي: كأنه يراه ـ جلَّ جلاله.
والمحبة: سر القبول والإقبال للمولى ـ جلَّ جلاله، وهي جوهر الدين، وروح التقوى، ومنازل القرب إلى الله ـ جلَّ وعلا؛ فيكون القلب عندئذ، مشكاة نور من الفيوضات الإلهية ـ سمواً وهدى، وقلب الصالح إناء يعكس نور الحق فيه، والمحبة: أي أن يكون القلب من آنية الله، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ آنِيَةً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَآنِيَةُ رَبِّكُمْ قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ: أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا»، رواه الطبراني، وعن أبي موسى، قال: قام فينا رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم، بخمسِ كلمات، فقال: «إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِه» رواه مسلم، قال النوويُّ في "شرح صحيح مسلم": والسُّبُحَات جمع سُبْحَة: وهيَ ما يفيض عن الذات الجميلة من لآلئ النور، ونوابض الحسن، وأشعَّة الجمال. قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ» رواه الترمذي.
ومراتب المحبة ثلاثة:-
1ـ الحب الحقيقي، وهو: حب الذات العلية، وهو: الحب الحقيقي؛ أي: أنك تحب الله لذاته، وهذه حقيقة التوحيد، وأن تحب ما يحبه الله لله، فلا تحب إلا لله، ولا تبغض إلا لله، كما قال ـ جلَّ مجده: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}، وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ» رواه الإمام أحمد.
2 ـ الحب القبولي، وهو: أن تحب وتطيع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لله، وذلك "لحب الله فيه وأمره تعالى"، كما قال ـ جلَّ ثناؤه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} وهذا لكمال الإيمان، كما جاء في الصحيح: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ»، "وهذا لكمال الإيمان". فتأمل.
3ـ الحب الكمالي، وهو: أن تحب من أحب الله، لله، وليس مع الله؛ "وهذا لكمال الحب بالله تعالى"، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا» رواه أحمد والترمذي.
ومن ذلك: الإيمان بحب آل البيت الأطهار- رضوان الله عليهم والسلام، كما قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، وقال - جلَّ ثناؤه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: «أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» رواه مسلم، فمن أراد الله به خيراً ألزمه وصية نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آل بيته ـ عليهم الرضوان والسّلام .
ومن ذلك: الإيمان بحب الصحابة الكرام ـ رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، كما قال ـ سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» رواه مسلم، فيجب ذكر محاسنهم، ومحبتهم، والثناء عليهم، وتبركوا بذكرهم، واعملوا على التخلق بأخلاقهم ـ رضي الله عنهم أجمعين.
ومن ذلك: الإيمان بحب أولياء الله وأحبابه، كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، الولي من وادَّ الله، وآمن به واتقاه، فلا تحادُّ من وادَّ الله، جاء في الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْب» رواه البخاري، الله يغار لأوليائه، ينتقم لهم ممن يؤذيهم، ويكرمهم بصون محبتهم، فيحبك لمحبته عليهم، هم أخص المخاطبين بآية: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، عليكم بمحبتهم، والتقرب إليهم، تحصل لكم بهم من الله البركة، والمرء مع من أحب، قال تعالى: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، وقال ـ صلى الله عليه وسلم: «أولياءُ اللهِ الذينَ إذا رُؤوا ذُكِرَ اللهُ». رواه البزار.
قال الشيخ أبو العبَّاس ابن تيمية في "الفتاوى": فإنك إذا أحببت الشخص لله كان الله هو المحبوب؛ فكلما تصورته في قلبك تصورت محبوب الحق فأحببته، فازداد حبك لله، كما إذا ذكرت النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله والمرسلين وأصحابه الصالحين وتصورتهم في قلبك؛ فإن ذلك يجذب قلبك إلى محبة الله المنعم عليهم، وبهم، إذا كنت تحبهم لله؛ فالمحبوب لله يجذب إلى محبة الله، والمحب لله إذا أحب شخصاً لله؛ فإن الله هو محبوبه، فهو يحب أن يجذبه إلى الله تعالى، وكل من المحب لله والمحبوب لله يجذب إلى الله. اهـ.
كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» رواه مسلم، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، رواه أبو داود. قال الحافظ أبو نُعيم في"الحلية": وَمِنْ نُعُوتِهِمْ: أَنَّهُمُ الْمُوَرِّثُونَ جُلَّاسَهُمْ كَامِلَ الذِّكْرِ، وَالْمُفِيدُونَ خِلَّانَهُمْ بِشَامِلِ الْبِرِّ؛ "وأولئك هم الأولياء حقا".
وفي روايةٍ أخرى: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ؟، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا انْتِسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ»، ثُمَّ قَرَأَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} رواه ابن حبان في "صحيحه".
قال تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}، قال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكراً، والحزن صبراً. قال الإمام جعفر الصادق: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يردّه إليك الفوت، وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت.
إلهي؛ غلّقت الملوك أبوابها، وبابك مفتوح للسائلين. إلهي؛ غارت النُّجوم، ونامت العيون، وأنت الحيّ القيّوم الذي {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}. إلهي؛ فرشت الفرش وخلا كل حبيب بحبيبه، وأنت حبيب المجتهدين، وأنيس المستوحشين. إلهي؛ إن طردتني عن بابك فإلى باب من التجئ. إلهي، إن قطعتني عن جنابك فجناب من ارتجي. إلهي؛ إن عذبتني فإني مستحق للعذاب والنقم، وإن عفوتني فأنت أهل الجود والكرم. يا سيدي لك أخلص العارفون، وبفضلك نجا الصالحون، وبغفرانك أناب المقصّرون، يا جميل العفو، أذِقني برد عفوك وحلاوة معرفتك، وإن لم أكن لذلك أهلاً، فإنّك أهل التقوى وأهل المغفرة. صلِّ على الحبيب المحبوب، حبيب ربّ العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن والاه إلى يوم الدين. والحمد لله ربّ العالمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin