( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ).
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ، وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) .
سورة الفتح الآيتان: 24 - 25
والآيتان توضحان سبب كف يد المؤمنين عن المشركين في بطن مكة يوم صلح الحديبية .
فالمشركون بكفرهم ، وصدودهم عن المسجد الحرام ، مستحقون للعذابين عذاب الله في الآخرة ، وعذاب الحرب بأيدي المؤمنين تأديبا وزجرا بالقتال في الدنيا ..
ولكن الحكمة الإلهية التي قدّرت كف اليد ، ووقف الحرب ، والجنوح إلى الهدنة ؛ كانت تقدر الأمور بميزان الشمول الكلي المتعالي . يقول الرسول الكريم يوم ألح عليه بعض الصحابة في خيار الحرب يوم الحديبية : " أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني ." إذ أن الهدنة استعجمت على بعض الأفهام في ذلك اليوم . حتى ولدت حالة من الصدوم عند جمهور من جيش المسلمين .
وتوضح الآيات وجه الحكمة في كف اليد في ذلك اليوم : فبين ظهراني هؤلاء المشركين المستحقين للعذابين ، يعيش فريق من المؤمنين ؛ رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، ولو دارت المعركة ستطحنهم الحرب فتعركهم برحاها لو نشبت . وسيصيب المحاربون المؤمنون بعض المؤمنين والمؤمنات هؤلاء ببعض ما يقصدون به المشركين ، وسيصيب المقاتلين من المؤمنين بذلك " معرة " استهداف المستضعفين وإصابة المدنيين . ولذلك اقتضت الحكمة الربانية ما اقتضت من الجنوح إلى الهدنة والصلح .
وفي تفسير " المعرة " وهي في لغة العرب " العِرّة " من الجرب ونحوه قال المفسرون : هي الإثم نتيجة القتل ، ولو خطأ ، لمؤمن يقيم بين ظهراني المشركين ، على مثال الآية ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ...).
والعرّة أيضا هي عملية التعيير والتثريب بأن المسلمين يقتلون إخوانهم على نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عرض عليه قتل رأس المنافقين ابن أبي " كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ؟! " هذه معرّة أخرى . يجب دائما على المجاهدين أن يحذروها وأن يتجنبوها وأن لا يعطوا عدوهم فرصة التثريب عليهم بمثلها . ولذا تمضي الآيات في تقرير :
ولو تزيلوا : أي ولو امتاز المشركون في صف والمؤمنون في صف آخر لكان للمشركين عذاب أليم في الدنيا والآخرة ..
ودرسنا :
الحرب في سورية لم تكن خيارنا ، وإنما فرضها علينا المجرمون الثلاثة الأسديون والروس والإيرانيون . ونحن ندافع عن وجود وعن دين وعن عرض وهذا حقنا الذي يجب أن نثبت عليه . وأن نتناصر لننصره.
وواجبنا أن نحذر المستضعفين من أهلنا المدنيين حيثما كانوا . وأن نصبَّ عذاب الله على المجرمين المقاتلين حيثما يتزيلون ، وحينما يتزيلون . وأن نجيد تقدير فقه "التزيل" هذا في كل مراحل القتال . وكلنا يعلم خلفيات هذه المعركة ، وخلفيات المقاتلين فيها وظروفهم بكل التفاصيل .
مطلوب : فقه أوسع وأشمل وأعمق لفتوى "التترس" .. ومطلوب من العلماء الراسخين الاشتغال عليها مرة بعد مرة بعد مرة حتى يتفقه الذين لا يعلمون ..
مطلوب فقه أوسع وأكثر عصرية لهذه الفتوى عندما " نتترس " وعندما " يتترس" علينا عدو ..
أعجب لقوم لا يتكلمون فإذا وجدوا من تكلم ليسد ثغرة فتقلد غربلوه ونخلوه ..
سدد الله رمي المجاهدين
وعصم الله دماء المؤمنات والمؤمنين
والله تعالى أعلم ..
*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ، وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) .
سورة الفتح الآيتان: 24 - 25
والآيتان توضحان سبب كف يد المؤمنين عن المشركين في بطن مكة يوم صلح الحديبية .
فالمشركون بكفرهم ، وصدودهم عن المسجد الحرام ، مستحقون للعذابين عذاب الله في الآخرة ، وعذاب الحرب بأيدي المؤمنين تأديبا وزجرا بالقتال في الدنيا ..
ولكن الحكمة الإلهية التي قدّرت كف اليد ، ووقف الحرب ، والجنوح إلى الهدنة ؛ كانت تقدر الأمور بميزان الشمول الكلي المتعالي . يقول الرسول الكريم يوم ألح عليه بعض الصحابة في خيار الحرب يوم الحديبية : " أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني ." إذ أن الهدنة استعجمت على بعض الأفهام في ذلك اليوم . حتى ولدت حالة من الصدوم عند جمهور من جيش المسلمين .
وتوضح الآيات وجه الحكمة في كف اليد في ذلك اليوم : فبين ظهراني هؤلاء المشركين المستحقين للعذابين ، يعيش فريق من المؤمنين ؛ رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، ولو دارت المعركة ستطحنهم الحرب فتعركهم برحاها لو نشبت . وسيصيب المحاربون المؤمنون بعض المؤمنين والمؤمنات هؤلاء ببعض ما يقصدون به المشركين ، وسيصيب المقاتلين من المؤمنين بذلك " معرة " استهداف المستضعفين وإصابة المدنيين . ولذلك اقتضت الحكمة الربانية ما اقتضت من الجنوح إلى الهدنة والصلح .
وفي تفسير " المعرة " وهي في لغة العرب " العِرّة " من الجرب ونحوه قال المفسرون : هي الإثم نتيجة القتل ، ولو خطأ ، لمؤمن يقيم بين ظهراني المشركين ، على مثال الآية ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ...).
والعرّة أيضا هي عملية التعيير والتثريب بأن المسلمين يقتلون إخوانهم على نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عرض عليه قتل رأس المنافقين ابن أبي " كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ؟! " هذه معرّة أخرى . يجب دائما على المجاهدين أن يحذروها وأن يتجنبوها وأن لا يعطوا عدوهم فرصة التثريب عليهم بمثلها . ولذا تمضي الآيات في تقرير :
ولو تزيلوا : أي ولو امتاز المشركون في صف والمؤمنون في صف آخر لكان للمشركين عذاب أليم في الدنيا والآخرة ..
ودرسنا :
الحرب في سورية لم تكن خيارنا ، وإنما فرضها علينا المجرمون الثلاثة الأسديون والروس والإيرانيون . ونحن ندافع عن وجود وعن دين وعن عرض وهذا حقنا الذي يجب أن نثبت عليه . وأن نتناصر لننصره.
وواجبنا أن نحذر المستضعفين من أهلنا المدنيين حيثما كانوا . وأن نصبَّ عذاب الله على المجرمين المقاتلين حيثما يتزيلون ، وحينما يتزيلون . وأن نجيد تقدير فقه "التزيل" هذا في كل مراحل القتال . وكلنا يعلم خلفيات هذه المعركة ، وخلفيات المقاتلين فيها وظروفهم بكل التفاصيل .
مطلوب : فقه أوسع وأشمل وأعمق لفتوى "التترس" .. ومطلوب من العلماء الراسخين الاشتغال عليها مرة بعد مرة بعد مرة حتى يتفقه الذين لا يعلمون ..
مطلوب فقه أوسع وأكثر عصرية لهذه الفتوى عندما " نتترس " وعندما " يتترس" علينا عدو ..
أعجب لقوم لا يتكلمون فإذا وجدوا من تكلم ليسد ثغرة فتقلد غربلوه ونخلوه ..
سدد الله رمي المجاهدين
وعصم الله دماء المؤمنات والمؤمنين
والله تعالى أعلم ..
*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin