إن الذي تضمن هذا الجزء الثامن من البلاد والأكوار بقية من أرض سجستان إلى ما يليها من بلاد الباميان وبلاد الغور قبلها ثم بلاد بذخشان ثم بلاد وخان وبلاد الختل وبلاد بلخ وبلاد هراة وبلاد مرو وسائر بلاد خراسان إلى ما عدا النهر المسمى بجيحون من بلاد بخارا وسمرقد ثم بلاد اشروسنة ثم بلاد فرغانة والتبت مع ما يليها من بلاد الشاس وفاراب وفي كل أرض من هده الأرضين التي سطرنا ذكرها عدة بلاد وقلاع معمورة مشهورة ونحن نريد أن نتكلم فيها حسب ما قدمناه في ذكر غيرها من الأرضين الكائنة في الإقليم الأول والثاني بحول الله تعالى.
فنقول إن شرق بلاد سجستان يتصل بالغور والإقليم الذي يلي الغور يسمى الداور وهو إقليم واسع كثير الخير خصيب وهو ثغل للغور وبغنين وخلج وبشلنك وخوابين وبغنين بلد حسن خصيب كثير الفواكه ومنه إلى درتل يوم في قبائل بشلنك ودرتل مدينة على ضفة نهر هيذمند وهي من قواعد بلاد الداور وبها عمارة ومزارع ولا سور لها ومن بلاد الداور أيضاً مدينة تل ومدينة درغش وقد سبق ذكرها ويعمر هذه الأرض قبيلة تسمى الخلج وهم صنف من الأتراك وقعوا إلى هذا المكان في قديم الدهر واتصلت عمارتهم إلى شمال الهند وظهر الغور وبعض بلاد سجستان الشرقية وهم أصحاب سوائم وأنعام وحرث وخير شامل وزيهم زي الأتراك في اللباس والهيئة وجميع أفعالهم وفي حروبهم وسلاحهم وهم مهادنون لا يقولون بشر ولا يرونه.
ويعبر النهر في درتل ويسار إلى مدينة سروان وبينهما مرحلة ومدينه سروان مدينة صغيرة القدر لكنها عامرة متحضرة ولها قرى ورساتيق وغلات ومنافع جمة وهي أكبر من القرنين وأكثر خيراً وبها فواكه ونعم عامة وأعناب تحمل منها إلى بست وغيرها وبين مدينة بست وسروان مرحلتان تخرج من سروان إلى منزل يسمى فيروزقند ومنه إلى بست وفيروزقند مدينة صغيرة متحضرة ولها سوق على قدرها وهي على يمين الطريق لمن سار إلى الرخج والرخج اسم إقليم ومدينتها بنجواي وقد سبق ذكر بنجواي في أول بلاد سجستان ويقابل مدينة درتل في الضفة الجنوبية من نهر هيذمند مدينة روذان وهى مدينة صغيرة خصيبة وأما مدينة تل فهي مدينة متاخمة لأرض الغور وهي صغيرة خصيبة.
والغور جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار وهى خصيبة منيعة كثيرة الزرع والمواشي ولسانهم غير لسان أهل خراسان وليسوا بمسلمين ويطيف بالغور مما يلي هراة والجوزجان بلد فراوة وبلد داؤود بن العباس ورباط كروان وغرجستان وهذه كلها بلاد خصيبة وأهلها مسلمون وأكثر رقيق الغور يقع إلى هراة وسجستان لأن أهل تلك النواحي المجاورين لهم يسرقون أبناءهم ونساءهم ويستخرجونهم إلى بلادهم.
ومن شاء أن يدخل من بنجواي إلى غزنة سار إليها عن تسع مراحل شرقاً فمن بنجواي إلى تكين اباذ مرحلة ثم إلى رباط الاوق مرحلة ثم إلى رباط خنكل اباذ مرحلة ثم إلى قرية غرم مرحلة ثم إلى خاست مرحلة ثم إلى قرية جومة مرحلة ثم إلى خابسان مرحلة وهي قرية وهو أول حد غزنة ثم إلى قرية خسراجى مرحلة ثم إلى رباط هذوا وهي قرية عامرة مرحلة ومنها إلى غزنة مرحلة خفيفة.
وغزنة مدينة كبيرة حسنة عليها سور تراب وخندق يستدير بها وهي كثيرة العمارة آهلة وبها أسواق دائمة وجبايات قائمة وتجارات وأموال ظاهرة وغزنة فرضة للهند.
ويتاخم مدينة غزنة مدينة كابل وبينهما تسع مراحل وكابل مدينة كبيرة في نحو الهند لها أسوار ومنعة ولها في داخلها قصبة حصينة ولها ربض خارج المدينة وملوك الشاهية لا تتم لهم الولاية إلا لمن عدت له بالملك في كابل وإن كان منها على بعد فلا بد له من المسير إليها حتى تعقد له الشاهية بالملك وكابل ولجرا وسكاوند كلها جروم حارة غير أنها لا نخيل بها ويقع في بعضها الثلوج وهي في حيز الصرود.
ومدينة سكاوند مدينة عامرة بأهلها وبها أسواق وتجارات وأموال حاضرة وبينها وبين مدينة كابل سبعة أيام وكذلك من سكاوند إلى مدينه لجرا سبع مراحل.
فالطريق من بلاد الغور إلى هراة تخرج من حدود الغور إلى مدينة جشت مرحلة خفيفة ومنها إلى مدينة اوفة مرحلتان واوفة مدينة حسنة لها سور تراب ومنها إلى ماراباذ مرحلة وهي مدينة جليلة قليلة البساتين صغيرة المقدار أصغر من مالن ولهم زروع ومن ماراباذ إلى استربيان مرحلة خفيفة وهي مدينة صغيرة خصبة وهي فيما بين جبال وهي أصغر من مالن ولها مياه كثيرة وبساتينها قليلة والزروع عندهم كثيرة وفيها جمل كروم على البعل ومن استربيان إلى مدينة خيسار مرحلة وخيسار مدينة كبيرة القطر كثيرة الخير ومنها إلى باشان مرحلة وباشان مدينة صغيرة حسنة بها أسواق وصناعات ومنها إلى هراة يوم.
وهراة مدينة عامرة لها ربض وفي مدينتها قصبة ولها أبواب كثيرة كلها خشب مصفحة بالحديد إلا باب سراي فإنه كله حديد والمسجد الجامع في المدينة والأسواق محيطة به والسجن في قبلته وهذا المسجد كبير الفناء حسن البناء به من فقهاء المسلمين وعلمائهم خلق كثير وهي فرضة لخراسان وسجستان وفارس والجبل من هراة على ستة أميال على طريق بلخ ومحتطبهم من مفازة بينها وبين اسفزار وليس لهذا الجبل محتطب ولا مرعى وإنما يرتفقون منه بالحجارة للأرحاء وفرش قيعان الديار وغير ذلك والبساتين متصلة على طريق سجستان مقدار مرحلة بضفة النهر ووالي هراة كان ينزل قبل هذا بمكان يسمى خراسان اباذ بينه وبين المدينة نحو من تسعة أميال على طريق بوشنج في غربي هراة وأبنيتها من طين وبها قصر ومسجد جامع وطول خراسان أباذ ميل ونصف في مثله.
ونهر هراة يخرج من جبال الغور من قرب رباط كروان فإذا خرج عن حد الغور خرجت منه أودية كثيرة يسقى بها ويزرع عليها فمنها نهر يعرف بوخوى يسقي رستاق سنداسنك ونهر آخر يسمى بارست ويسقى به رستاق سوسان ونهر آخر يسمى سكوسكان يسقي رستاق شغلة ونهر آخر يسمى كراغ يسقى به رستاق كوكان ونهر آخر يعرف بغوسجان يسقي رستاق كوك ونهر آخر يعرف كبك يسقي رستاق غوتان وكربكرد ونهر آخر يعرف بسبغر يسقي رستاق سرخس في حد بوشنج ونهر المدينة يسمى انجير.
ويلي مدينة هراة مدينة كروخ وبينهما ثلاثة أيام وهي مدينة متحضرة عليها سور حصين من تراب وبنيان المدينة بالطين وهي في شعب بين جبال كثيرة وبساتينها كثيرة عامرة كثيرة المياه والكروم والأشجار ويرتفع من كروخ الكشمش المجلوب إلى الآفاق وهو الزبيب العجيب المنظر الحسن الطعم الذي يحمل إلى العراق وغيرها لكثرته وطيبه وكذلك أكثر الزبيب العجيب المحمول إلى هذه الجهات يكون من مالن هراة.
ومالن هراة مدينة حسنة كثيرة البساتين والجنات والكروم التي تعد كثرة وبين مالن وهراة مرحلة وكذلك مدينة باشان مدينة كبيرة كثيرة الأسواق والصنائع وأهلها مياسير ولهم همم في ملابسهم وزيهم وهي قليلة الأشجار والمياه وقدرها أصغر من مالن وأهلها أهل جماعة وبينها وبين هراة مرحلة وكذلك من مدن هراة مدينة اوفة وهي أصغر قدراً من مدينة هراة ولها أسواق عامرة وتجارات كثيرة ولها بساتين وجنات وكروم ومنها إلى خيسار ثلاث مراحمل ومما يجاور هراة على طريق سجتان مدن اسفزار وهي أربعة منها كواسان وهي أكبرها وهي مدينة أصغر من كروخ ولها مياه وبساتين كثيرة ومنها مدينة كواران وهي مدينة متحضرة صغيرة وبها متاجر وصناعات ومنها كوشك وهي أيضاً مدينة حسنة تشبه كواسان في القدر والمباني ومنها اذرسكن وهي مدينة صغيرة حسنة لها بساتين وزراعات ومياه كثيرة عذبة وهذه المدن الأربع عامرة متقاربة الأقدار وهي كلها في أقل من مرحلة.
وبين اسفزار وهراة ثلاث مراحل ومن هراة إلى قاين من قوهستان ثمانى مراحل ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل ومن هراة إلى سرخس خمس مراحل.
ومن مدن هراة أيضاً مدينة بوشنج وهي في القدر نحو نصف هراة وهي وهراة في مستو من الأرض ومن بوشنج إلى الجبل ستة أميال ولها سور وخندق وثلاثة أبواب وبناؤها بالآجر والجص ولهم في مبانيهم همة وهم أصحاب تجارات وأموال صامتة ولها مياه وأشجار كثيرة ولهم بهذا الجبل شجر عرعر كثير يفوق كل خشب جودة وكثرة ومنها يتجهز به إلى سائر الآفاق وشرب أهلها من النهر وهذا النهر الذي يصل إلى سرخس عليه القناطر المعقودة في وسط البلد ومن بوشنج في جهة المغرب خركرد وفركرد وبين بوشنج وفركرد مرحلتان وفركرد مدينة صغيرة متحضرة أصغر من كوسرى وبها مياه وزروع كثيرة ومن فركرد إلى مدينة خركرد يومان ومن خركرد إلى الزوزن يوم وخركرد مدينة صغيرة المقدار آهلة كثيرة الأهل وبها أسواق وعمارات وماؤها قليل الجري وأهلها أصحاب سوائم.
ومن مدينة بوشنج وأنت خارج إلى فركرد مدينة كرة وبينهم اثنا عشر ميلاً عن يسار الذاهب إلى نيسابور ومدينة كرة كثيرة المياه كثيرة المساكن لها بساتين وجنات وبين كرة وطريق الجادة نحو ثلاثة أميال وأكبر المدن بعد مدينة بوشنج كوسرى وهي حصينة لها سور حصين ومقدارها نحو الثلث من مدينة بوشنج وبناءها بالطين ولها مياه جارية وبساتين كثيره وبالشرق من بوشنج باذغيس ومدنها جبل الفضة وكوه وغناباذ وبست وجاذوا وكابرون وكالوون ودهستان ومدينة دهستان كبيرة طولها نحو من ميل ونصف ميل وبناؤها باللبن والطين وهي على ظهر جبل لا بساتين لأهلها ولا كروم ولهم أسراب كثيرة في الأرض ولهم ماء جار في حضيض الجبل قليل الجري وجبل الفضة على طريق سرخس من هراة وأما كوه فهو أكبر من جبل الفضة ويسمي بجبل الفضة لأنه كان في أعلى الجبل معدن عظيم الفائدة فانقطع لبعد غووه ولانقطاع الحطب الذي يسبك به وأما مدينة كوه فإنها في صحراء وهي صغيرة فيها سوق وعمارة وكذلك غناباذ وبست وجاذوا كلها تتقارب قدودها وأشكال أهلها ومتاجرها وبناؤها ولهم مياه وبساتين وأكثر زروعهم على المطر وكذلك كابرون وكالوون وهما متجاورتان في نحو ثلثة أميال وليس بينهما مياه جارية ولا بساتين عامرة وإنما مياههم من الآبار والأمطار وهم أصحاب زروع وأغنام وأبقار كثيرة.
وفي ناحية الشرق وإلى ناحية بلخ رستاق كنج وبه ثلاث مدن منها ببن وكيف وبغشور ومدينة ببن ينزلها سلطان تلك الناحية وهي أكبر من بوشنج وهي عامرة كثيرة التجارات وأهلها مياسير ولهم مياه وبساتين وبناؤها باللبن والطين وكذلك مدينة كيف مدينة حسنة عامرة بالوارد والصادر ولأهلها أحوال صالحة وأموال مدارة في أنواع التجارات وبناؤها بالطين ولها مياه جاريه كثيرة وبساتين وغلات وكروم وأما مدينة بغشور فمدينة حسنة عامرة كبيرة يكون مقدارها مثل بوشنج ونحو كيف وبها جنات وبساتين ومتنزهات ولأهلها أحوال صالحة وتجارات رابحة وتربتها صحيحة وهواؤها معتدل وأكثر زروعها على المطر ومياهها من الآبار والمطر.
ومن مدينة هراة إلى ببن مرحلة ومن ببن إلي كيف مرحلة ومن كيف إلى بغشور مرحلة.
وتتصل هذه البلاد بغربي بلاد مرو الروذ ولمرو الروذ بلاد كثيرة عامرة ومدينة مرو الروذ أكبرها وهي أكبر من بوشنج وهي على غلوة سهم من النهر.
ومرو مدينة قديمة في مستو من الأرض بعيدة عن الجبال أرضها سبخة كثيرة الرمل وأبنيته من الطين وفيها ثلاثة مساجد للجماعات ولها قصبة في نشز مرتفع وماء المدينة يجلب إليها في قنوات كثيرة وللمدينة أربعة أبواب ولمرو نهر عظيم تتشعب منه أنهار يسقى بها الرساتيق ومبدؤه من شمال جبل الباميان واسم هذا النهر نهر مرغاب ويجري هذا النهر على مرو الروذ وعليه ضياعهم وفي هذه الضياع مبان متقنة ومتنزهات حسنة ومساكن متحصنة ومدينة مرو معتدلة الهواء حسنة الثرى حكى الحوقلي أن البطيخ بها يقدد ويحمل إلى سائر الآفاق ويرفع من مرو الإبريسم والقز الكثير ويتجهز منها بالقطن العجيب الذي ينسب في سائر الأقطار إليها وهو الغاية في اللين ويعمل بها منه ثياب تحمل إلى كل الآفاق ولها منابر مضافة إليها ومعدودة منها مثل كشميهن وهي على مرحلة منها ولها منبر ويجري عليها نهر كبير ولها بساتين وأشجار وأسواق قائمة عامرة وبها فنادق وحمامات ومنها هرمزفرة على مقدار فرسخ من كشمين عن يسارها وعليها طريق مفازة سيفاية التي تؤدي إلى خوارزم وهي مدينة متوسطة ذات عمارات وأسواق ودخل وخرج ولها منبر ومنها سنج وهي مدينة مثل هرمزفرة وهي على مرحلة من مرو غرباً وبها منبر ولها بساتين وزروع ومن مدنها أيضاً جيرنج وهي مدينة صغيرة لها أسواق وتجار مياسير وبها منبر وهي على تسعة أميال من مرو قبل زرق بثلاثة أميال وهي على ضفة النهر وكذلك الدندقان على مرحلتين من مرو على طريق سرخس وهي مدينة حسنة لها سور وحصن وأسواق وحمامات وفنادق وبها مسجد جامع ومنبر ومن مدنها القرينين وهي مدينة حسنة حصينة خصبة بها سوق ومسجد جامع وخطبة قائمة ولها مياه جارية وبساتين ومنها إلى مرو أربع مراحل ومن مدنها باشان وهي مدينة عامرة حسنة المباني فرجة الأرجاء متقنة الأسواق وبها فنادق وحمامات ومسجد جامع ومنبر يمشى إليه وهي من هرمزفره على ثلاثة أميال ومن مدنها السوسقان وهي مدينة كبيرة عامرة رحبة المساكن فرجة كثيرة النزه لها مياه جارية وبساتين كثيرة وبها مسجد ومنبر ومدينة السوسقان يسرة زرق غير أنها أبعد منها بثلاثة أميال وزرق على نهر مرو وبينها وبين مرو اثنا عشر ميلاً بين طريق سرخس وأبيورد.
ومن مدن مرو الروذ قصر أحنف وهو على مرحلة من مرو الروذ في طريق بلخ وهي من الأميال خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة بها سوق عامرة وعليها سور تراب ولها مياه جارية وبساتين وفواكه كثيرة ومن مدنها مدينة دزة وهي على اثني عشر ميلاً من قصر أحنف وهي مدينة صغيرة بها فواكه وبساتين وكروم وعمارات ونهر مرو يشقها نصفين وبينهما قنطرة يعبر عليها.
والطالقان مدينة كبيرة نحو من مرو الروذ في الكبر ولها مياه جارية وعمارات متصلة وبساتين قليلة وبناؤها بالطين وهي أصح هواء من مرو الروذ ومن مرو الروذ إليها اثنان وسبعون ميلاً والطالقان في جبل يتصل بجبال الجوزجان ولها رساتيق في الجبل ويعمل في طرزها اللبود المنسوبة إليها ويتجهز بها منها إلى كل الجهات وليس يصنع في بلد من البلاد مثلها إتقاناً وحصافة والطالقان على رصيف الطريق من مرو إلى بلخ ومن الطالقان إلى مدينة الفارياب ستون ميلاً.
والفارياب مدينة من الجوزجان أصغر من الطالقان قطراً وهي أكثر خلقاً وأوفر عمارةً وبساتين ومياهها جارية عذبة وفيها طرز وصنائع وتجار مياسير وبناؤها من طين ولها مسجد جامع وليس مع مسجدها منارة وبينها وبين الطالقان في جهة الغرب مرحلتان كبيرتان.
ومنها إلى اشبورقان شرقاً أربعة وخمسون ميلاً واشبورقان من مدن الجوزجان والجوزجان اسم الناحية وليس بمدينة واشبورقان مدينة عامرة بها مياه جارية قليلة وعليها زروع أهلها وبساتينها قليلة وفواكهها عديمة وإنما تجلب إليها مما جاورها من البلاد ومن اشبورقان إلى بلخ أربعة وخمسون ميلاً.
ومن مدن الجوزجان أنبار وبينها وبين اشبورقان مرحلة في ناحية بين الغرب والجنوب وهي مدينة كبيرة أكبر قطراً من مرو الروذ ولها مياه وخصب وكروم وبساتين وعمارتها متصلة وبها طرز ومصانع لجمل من الثياب يتجهز بها منها إلى كل الأقطار وبناؤها بالطين وهي مدينة جليلة وبها يقيم السلطان في الشتاء ومقامه في الصيف بالجرزوان ومن اشبورقان إلى اليهودية طريق مرحلتان وكسر ومن الفارياب إلى اليهودية مرحلة.
واليهودية مدينة مقتدرة جامعة ولها سور وأسواق وعمارة وصناعات وبها مسجد جامع ولجامعها منارتان ومن اليهودية إلى مدينة سان مرحلة وهي صغيرة لها مياه وبساتين وجنات وهي من مدن الجبل وكندرم أيضاً مدينة جليلة متحضرة كثيرة الكروم والفواكه المختلفة الأجناس وهي في ذاتها جامعة للخيرات وهي من مدن الجبل ومن اشبورقان إلى كندرم أربع مراحل ومن اليهودية إليها مرحلة بين شرق وجنوب ومدينة نريان مدينة عامرة موضعها بين اليهودية والفارياب.
وأما الجرزوان فهي مدينة بين جبلين أشبه بلد بمكة وشعابها كشعابها ومزارعها قليلة وبساتينها مثل ذلك وبها مياه جارية وعيون مطردة ومن اشبورقان إليها ثلاث مراحل خفاف ومن اشبورقان إلى اندخذ مرحلتان بين جنوب وشرق.
ويجلب من مدن الجوزجان الجلود المدبوغة التي يتجهز بها إلى سائر بلاد خراصان وبلادها بلاد خصب ودعة وفواكه كثيرة عامة وبها تجارات وتختلف إليها الرفق مارة وقادمة بضروب من التجارات والمجالب.
ويتصل بمرو من جهة المغرب بلاد الغرج وهما مدينتان إحداهما تعرف ببشين والأخرى شورمين وهما متقاربتان في الكبر وليس مقام سلطانهما في شيء منهما وإنما يقيم في الجبل المسمى بلكيان وبهما مياه جارية ومزارع ممتدة وغلات وفوائد ويرتفع من بشين أرز كثير يحمل إلى بلخ وسائر الجهات لكثرته وطيبه ويرتفع من شورمين زبيب كثير طيب جيد الطعم قليل النوى يتجهز به إلى كثير من الأقطار لكثرته وطيبه وبين بشين ودزة مرو الروذ مرحلة في المطلع وهي من نهر مرو الروذ على غلوة من شرقيه ودزة بمقربة من النهر ومن بشين إلى شورمين مرحلة مما يلي الجنوب وهي في الجبل المعروف ببلكيان.
وفي الشمال من مدينة مرو إلى مدينة أبيورد ست مراحل ومن مرو الروذ إلى مرو الشاهجان ست مراحل فذلك من مرو الشاهجان إلى هراة اثنتا عشرة مرحلة ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل وكذلك من مرو الروذ إلى بلخ ست مراحل ومن مرو الروذ إلى سرخس خمس مراحل ومن مرو إلى آمل على شط نهر جيحون ست مراحل خفاف وهي من الأميال مائة وأربعة وعشرون ميلاً وآمل بينها وبين النهر المسمى جيحون ثلاثه أميال وآمل هذه مدينة حسنة متوسطة القدر ولها بساتين وعمارة وبها ناس وتجارة ومنافع وجبايات كافية وهي على شفير مفازة.
ومن آمل إلى مدينة خوارزم المسماة الجرجانية اثنتا عشرة مرحلة ومن الجرجاية إلى بحيرتها ست مراحل وكذلك من آمل إلى زم طالعاً مع النهر أربع مراحل ومن زم إلى الترمذ في النهر خمس مراحل ومن الترمذ مع النهر إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة وهذا طول خراسان وخوارزم مع جرية النهر وجميع ذلك يكون أربعين مرحلة.
وأما مدينة زم فمدينة تقارب آمل في الكبر ولها ماء جار وبساتين وعمارات وزروع وتجارات وصنائع مكتفية بذاتها وهي وآمل يجتمع بها مسافرو خراسان وآمل أكثر معبراً إلى ما وراء النهر ويحيط بهما جميعاً مفاوز تتصل من حدود بلخ إلى بحيرة خوارزم والغالب على هذه المفازة الرمال ومن مدينة زم إلى الترمذ وهي في الضفة الشرقية من النهر المسمى بجيحون أربع مراحل في نفس جيحون.
وهذا النهر مخرجه من بلاد وخان في حدود بذخشان ويسمى هناك نهر جرياب ثم تجتمع إليه أنهار خمسة كبار في حدود الختل والوخش فيصير منها نهر عظيم لا نظير له في أنهار الأرض كثرة ماء وسعة مجرى وعمق قعر فأما نهر جرياب فيليه نهر يسمى باخشوا وهو نهر هلبك ويلي هذا النهر نهر ثان ويسمى نهر بلبان ويلي هذا النهر نهر فارغر ثم يليه نهر انديجاراغ ويليه أيضاً نهر وخشاب وقد يقع إلى هذا النهر أنهار كثيرة صغار تخرج من جبل البتم وغيره ومنها أنهار الصغانيان وأنهار القواذيان فتجتمع كلها قبل القواذيان وتقع في نهر جيحون ونهر وخشاب يخرج من بلاد الترك حتى يظهر في أرض الوخش ويسير تحت جبل كبير ويغور تحته ويعبر الجبل كالقنطرة ولا يعلم مقدار جريه تحت هذا الجبل ثم يخرج عن الجبل ويجري في حدود بلخ إلى أن يصل الترمذ وهذه القنطرة الحد بين الختل وواشجرد ثم يجري هذا النهر من الترمذ إلى كيلف إلى زم إلى آمل إلى أن ينتهي إلى بحيرة خوارزم وليس ينتفع أحد من الناس بماء هذا النهر من حيث خروجه من منبعه إلى أن يصل زم وآمل فينتفعون به قليلاً ثم يمنع خيره إلى أن يصل إلى بلاد الغزية فيسقى به هناك وينتفع بمائه.
والترمذ مدينة في نفس جيحون والنهر يضرب سورها ومدينتها على حجز طريق الصغانيان ولها ربض كبير ويحيط بها وربضها سور ودار الإمارة في قصرها ولها أسواق وعمارات وأسواقها في مدينتها وأبنيتها من طين وهي مدينة حسنة عامرة آهلة مفروشة الأزقة والشوارع بالآجر وهي فرضة لتلك النواحي التي على جيحون وشرب أهلها من جيحون ومن نهر كرى الجائي من الصغانيان فيمر تحتها ويقع هناك في نهر جيحون ومن مدنها صرمنجي وهاشم جرد ومن الترمذ إلى بلخ مرحلتان كبيرتان.
ومدينة بلخ في مستو من الأرض وأقرب الجبال إليها على اثني عشر ميلاً وهي دار مملكة الأتراك والملك بها لازم وبها العساكر والأجناد والملوك والقواد والعمال والأسواق العامرة والمتاجر المكسبة والأموال الواسعة والأحوال الصالحة وبناؤها بالطين واللبن ولها سبعة أبواب في محيط سورها وسورها من تراب ولها ربض عامر كثير الساكن وبه أسواق وصناعات ومسجد جامعها في المدينة في وسطها والأسواق دائرة به وهي على ضفة نهر متوسط مقدار ما يدير ماؤه عشر أرحاء وهو جار على باب النوبهار ويسقي رساتيقها وقد أحاط بجميع جوانبها الكروم والجنات والبساتين والمباني والمتنزهات وبها مدارس للعلوم ومقامات للطلاب والأرزاق جارية على من شاء شيئاً من ذلك وبهذه المدينة أموال وملوك مياسير وتجار وأحوال صالحة ومدينة بلخ يتصل بها من جهة جنوبها بلاد طخارستان وبذخشان وأعمال الباميان ومن جهة غربها ومع شمالها بلاد مرو وبلاد الجوزجان وهي قطب ومدار لما جاورها والطريق منها إلى طخارستان وبذخشان.
ومدن طخارستان هي خلم وصمنجان وبغلان وسكلند وورواليز وآرهن وراون والطايقان وسكيمشت وروا وسراي وخسب اندراب واندرابة ومذر وكه.
فمن بلخ إلى ورواليز يومان وورواليز أيضاً مدينة حسنة ذات أسوار وأسواق ومنافع ولها ربض عامر وبها تجارات ولها قرى وعمارات ومنها إلى مدينة الطايقان مرحلتان ومدينة الطايقان مدينة عامرة آهلة قدرها ربع بلخ ولها سور طين ومبانيها بالطين والجيار وهي في مستو من الأرض ولها نهر كبير وكروم وعمارات ولها أسواق وتجارات نافقة وكثير من الصناعات.
ومن شاء أخذ من بلخ إلى خلم يومان وخلم في غربي ورواليز وبينهما يومان وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات مشتملة على بركات ولها مزارع ومياه جارية ومنافع جمة ومن خلم إلى سمنجان يومان وسمنجان في غربي الطايقان وبينهما مرحلتان وهي في ذاتها مدينة حسنة آهلة عامرة بالتجار والناس والجلة ولها سور تراب ومن سمنجان إلى أندرابة خمسة أيام وهي مدينة في سفح جبل ومنها تجمع الفضة التي من جارباية وبنجهير ولمدينة أندرابة نهران أحدهما يسمى أندراب والآخر يسمى نهر كاسان ولها بساتين وحدائق ومتنزهات وأشجار كثيرة وكروم ومن الطايقان أيضاً إلى مدينة بذخشان سبع مراحل وكذلك من أندرابة إلى بذخشان شرقاً أربع مراحل ومن أندرابة إلى جارباية جنوباً ثلاث مراحل.
ومدينة جارباية مدينة صغيرة وهي في أسفل جبل على نهر يأتي إليها عن بنجهير فيشق المدينة ولا ينتفع بشيء من ماء النهر فيها وينتهي إلى أن يمر بفروان ويتصل بأرض الهند فيصب في نهر نهروارة وليس لأهل جارباية شيء من الشجر ولا بساتين إلا قليل مباقل وإنما يسكنونها على استخراج المعادن التي فيها ولا شيء أفضل من معدنها ومعادن بنجهير أيضاً مثلها وكلاهما على جبل وعر ومن جارباية إلى بنجهير يوم وبنجهير مدينة صغيرة على جبل وأهلها أشرار أسلاط فساد ولهم نهر يأتي من جبلهم ويصل إلى جارباية كما وصافناه قبل وكلا هاتين المدينتين أهلهما أصحاب طلب ومعرفة باستخراج المعادن وسبكها واستخراجها من أرضها وما لصق بها ومن بنجهير إلى فروان مرحلتان جنوباً ومدينة فروان مديمة صغيرة حسنة الجهات متحضرة الأسواق وبها تجارات وناس مياسير وبناؤها بالطين واللبن وهي على نهر بنجهير الواصل إلى الهند وفروان فرضة لدخول الهند.
ومن أندرابة السابق ذكرها إلى بغلان مرحلتان ومن بغلان إلى سمنجان مرحلتان ومن بغلان إلى بلخ ست مراحل ومدينة بغلان مدينة عامرة حسنة متحضرة ذات أنهار وأشجار وعمارات وقرى كثيرة ومتاجر وخيرات واسعة ومن بغلان إلى الباميان ثلاث مراحل غرباً ومدينة الباميان تكون على مقدار ثلث بلخ وهي على رأس جبل الباميان وليس بنواحي الباميان مدينة على جبل سواها وتنحدر من جبلها أنهار ومياه كثيرة تتصل بنهر أندراب ولها سور وقصبة ومسجد جامع وربض كبير لاصق بها ومن مدن الباميان بشغورقند وسكاوند وكابل ولجرا وفروان وغزنة وبشغورقند وسكاوند متقاربتان في الكبر والصفة وبهما عمارات وأصواق وتجارات وخيرات عامة وأما كابل وغزنة والفروان فقد تقدم ذكرها في غير هذا الموضع.
والطريق من بلخ إلى الباميان تخرج من بلخ إلى مذر ست مراحل وهي مدينة صغيرة عامرة في مستو من الأرض والجبل يبعد عنها يسيراً ومنها إلى مدينة كه مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وعمارة ومنبر ومنها إلى الباميان ثلاث مراحل وكذلك من مدينة بلخ إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة ومن بلخ إلى الطايقان أربع مراحل ومن الطايقان إلى بذخشان سبع مراحل وذكر الحوقلي في كتابه أن من بلخ إلى اشبورقان ثلاث مراحل ومن اشبورقان إلى الفارياب ثلاث مراحل ومن الفارياب إلى الطالقان ثلاث مراحل ومن الطالقان إلى مرو الروذ ثلاث مراحل وهذه المراحل مراحل صغار وقد ذكرنا فيما تقدم أن لهذه المراحل من الأميال التي بين مرو وبلخ ثلثمائة وثمانية وأربعين ميلاً.
ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة بذخشان فنقول إن مدينة بذخشان مدينة صغيرة ولها رساتيق كثيرة خصبة ولها كروم وأشجار وعيون جارية وعليها سور تراب حصين وبها أسواق وفنادق وحمامات وتجار وأموال متصرفة وهي على نهر جرياب وفي غربيه ونهر جرياب هو معظم نهر جيحون الأعظم وبجبالها دواب كثيرة ونتاج كثير ويجلب منها الخيل والبغال والرماك المنتخبة وترفع منها الحجارة ذوات الجواهر النفيسة التي تشاكل الياقوت الأحمر والرماني وسائر أنواع الحجارة ويجلب منها اللازورد ويستخرج بها منه الشيء الكثير ويحمل إلى سائر أقطار الأرض فيعمها كثرة ولا شيء يفوقه ويقع إليها المسك من طريق وخان من أرض التبت ومدينة بذخشان هذه تتصل ببلاد القنوج من الهند.
وأول كورة على جيحون مما وراء النهر الختل والوخش وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد ومكانهما هو بين نهر جرياب ونهر وخشاب وتتصل بالشرق من نهر جرياب بلاد الختل ثم الوخش المتقدم ذكرها فمدن الوخش هلاورد ولاوكند ومدن الختل كاربنك وتمليات وهلبك وسكندرة ومنك وانديجاراغ وفارغر ورستاق بيك والختل أكثره جبال إلا ناحية وخش وأكبر مدينة في الختل منك.
فنقول إن شرق بلاد سجستان يتصل بالغور والإقليم الذي يلي الغور يسمى الداور وهو إقليم واسع كثير الخير خصيب وهو ثغل للغور وبغنين وخلج وبشلنك وخوابين وبغنين بلد حسن خصيب كثير الفواكه ومنه إلى درتل يوم في قبائل بشلنك ودرتل مدينة على ضفة نهر هيذمند وهي من قواعد بلاد الداور وبها عمارة ومزارع ولا سور لها ومن بلاد الداور أيضاً مدينة تل ومدينة درغش وقد سبق ذكرها ويعمر هذه الأرض قبيلة تسمى الخلج وهم صنف من الأتراك وقعوا إلى هذا المكان في قديم الدهر واتصلت عمارتهم إلى شمال الهند وظهر الغور وبعض بلاد سجستان الشرقية وهم أصحاب سوائم وأنعام وحرث وخير شامل وزيهم زي الأتراك في اللباس والهيئة وجميع أفعالهم وفي حروبهم وسلاحهم وهم مهادنون لا يقولون بشر ولا يرونه.
ويعبر النهر في درتل ويسار إلى مدينة سروان وبينهما مرحلة ومدينه سروان مدينة صغيرة القدر لكنها عامرة متحضرة ولها قرى ورساتيق وغلات ومنافع جمة وهي أكبر من القرنين وأكثر خيراً وبها فواكه ونعم عامة وأعناب تحمل منها إلى بست وغيرها وبين مدينة بست وسروان مرحلتان تخرج من سروان إلى منزل يسمى فيروزقند ومنه إلى بست وفيروزقند مدينة صغيرة متحضرة ولها سوق على قدرها وهي على يمين الطريق لمن سار إلى الرخج والرخج اسم إقليم ومدينتها بنجواي وقد سبق ذكر بنجواي في أول بلاد سجستان ويقابل مدينة درتل في الضفة الجنوبية من نهر هيذمند مدينة روذان وهى مدينة صغيرة خصيبة وأما مدينة تل فهي مدينة متاخمة لأرض الغور وهي صغيرة خصيبة.
والغور جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار وهى خصيبة منيعة كثيرة الزرع والمواشي ولسانهم غير لسان أهل خراسان وليسوا بمسلمين ويطيف بالغور مما يلي هراة والجوزجان بلد فراوة وبلد داؤود بن العباس ورباط كروان وغرجستان وهذه كلها بلاد خصيبة وأهلها مسلمون وأكثر رقيق الغور يقع إلى هراة وسجستان لأن أهل تلك النواحي المجاورين لهم يسرقون أبناءهم ونساءهم ويستخرجونهم إلى بلادهم.
ومن شاء أن يدخل من بنجواي إلى غزنة سار إليها عن تسع مراحل شرقاً فمن بنجواي إلى تكين اباذ مرحلة ثم إلى رباط الاوق مرحلة ثم إلى رباط خنكل اباذ مرحلة ثم إلى قرية غرم مرحلة ثم إلى خاست مرحلة ثم إلى قرية جومة مرحلة ثم إلى خابسان مرحلة وهي قرية وهو أول حد غزنة ثم إلى قرية خسراجى مرحلة ثم إلى رباط هذوا وهي قرية عامرة مرحلة ومنها إلى غزنة مرحلة خفيفة.
وغزنة مدينة كبيرة حسنة عليها سور تراب وخندق يستدير بها وهي كثيرة العمارة آهلة وبها أسواق دائمة وجبايات قائمة وتجارات وأموال ظاهرة وغزنة فرضة للهند.
ويتاخم مدينة غزنة مدينة كابل وبينهما تسع مراحل وكابل مدينة كبيرة في نحو الهند لها أسوار ومنعة ولها في داخلها قصبة حصينة ولها ربض خارج المدينة وملوك الشاهية لا تتم لهم الولاية إلا لمن عدت له بالملك في كابل وإن كان منها على بعد فلا بد له من المسير إليها حتى تعقد له الشاهية بالملك وكابل ولجرا وسكاوند كلها جروم حارة غير أنها لا نخيل بها ويقع في بعضها الثلوج وهي في حيز الصرود.
ومدينة سكاوند مدينة عامرة بأهلها وبها أسواق وتجارات وأموال حاضرة وبينها وبين مدينة كابل سبعة أيام وكذلك من سكاوند إلى مدينه لجرا سبع مراحل.
فالطريق من بلاد الغور إلى هراة تخرج من حدود الغور إلى مدينة جشت مرحلة خفيفة ومنها إلى مدينة اوفة مرحلتان واوفة مدينة حسنة لها سور تراب ومنها إلى ماراباذ مرحلة وهي مدينة جليلة قليلة البساتين صغيرة المقدار أصغر من مالن ولهم زروع ومن ماراباذ إلى استربيان مرحلة خفيفة وهي مدينة صغيرة خصبة وهي فيما بين جبال وهي أصغر من مالن ولها مياه كثيرة وبساتينها قليلة والزروع عندهم كثيرة وفيها جمل كروم على البعل ومن استربيان إلى مدينة خيسار مرحلة وخيسار مدينة كبيرة القطر كثيرة الخير ومنها إلى باشان مرحلة وباشان مدينة صغيرة حسنة بها أسواق وصناعات ومنها إلى هراة يوم.
وهراة مدينة عامرة لها ربض وفي مدينتها قصبة ولها أبواب كثيرة كلها خشب مصفحة بالحديد إلا باب سراي فإنه كله حديد والمسجد الجامع في المدينة والأسواق محيطة به والسجن في قبلته وهذا المسجد كبير الفناء حسن البناء به من فقهاء المسلمين وعلمائهم خلق كثير وهي فرضة لخراسان وسجستان وفارس والجبل من هراة على ستة أميال على طريق بلخ ومحتطبهم من مفازة بينها وبين اسفزار وليس لهذا الجبل محتطب ولا مرعى وإنما يرتفقون منه بالحجارة للأرحاء وفرش قيعان الديار وغير ذلك والبساتين متصلة على طريق سجستان مقدار مرحلة بضفة النهر ووالي هراة كان ينزل قبل هذا بمكان يسمى خراسان اباذ بينه وبين المدينة نحو من تسعة أميال على طريق بوشنج في غربي هراة وأبنيتها من طين وبها قصر ومسجد جامع وطول خراسان أباذ ميل ونصف في مثله.
ونهر هراة يخرج من جبال الغور من قرب رباط كروان فإذا خرج عن حد الغور خرجت منه أودية كثيرة يسقى بها ويزرع عليها فمنها نهر يعرف بوخوى يسقي رستاق سنداسنك ونهر آخر يسمى بارست ويسقى به رستاق سوسان ونهر آخر يسمى سكوسكان يسقي رستاق شغلة ونهر آخر يسمى كراغ يسقى به رستاق كوكان ونهر آخر يعرف بغوسجان يسقي رستاق كوك ونهر آخر يعرف كبك يسقي رستاق غوتان وكربكرد ونهر آخر يعرف بسبغر يسقي رستاق سرخس في حد بوشنج ونهر المدينة يسمى انجير.
ويلي مدينة هراة مدينة كروخ وبينهما ثلاثة أيام وهي مدينة متحضرة عليها سور حصين من تراب وبنيان المدينة بالطين وهي في شعب بين جبال كثيرة وبساتينها كثيرة عامرة كثيرة المياه والكروم والأشجار ويرتفع من كروخ الكشمش المجلوب إلى الآفاق وهو الزبيب العجيب المنظر الحسن الطعم الذي يحمل إلى العراق وغيرها لكثرته وطيبه وكذلك أكثر الزبيب العجيب المحمول إلى هذه الجهات يكون من مالن هراة.
ومالن هراة مدينة حسنة كثيرة البساتين والجنات والكروم التي تعد كثرة وبين مالن وهراة مرحلة وكذلك مدينة باشان مدينة كبيرة كثيرة الأسواق والصنائع وأهلها مياسير ولهم همم في ملابسهم وزيهم وهي قليلة الأشجار والمياه وقدرها أصغر من مالن وأهلها أهل جماعة وبينها وبين هراة مرحلة وكذلك من مدن هراة مدينة اوفة وهي أصغر قدراً من مدينة هراة ولها أسواق عامرة وتجارات كثيرة ولها بساتين وجنات وكروم ومنها إلى خيسار ثلاث مراحمل ومما يجاور هراة على طريق سجتان مدن اسفزار وهي أربعة منها كواسان وهي أكبرها وهي مدينة أصغر من كروخ ولها مياه وبساتين كثيرة ومنها مدينة كواران وهي مدينة متحضرة صغيرة وبها متاجر وصناعات ومنها كوشك وهي أيضاً مدينة حسنة تشبه كواسان في القدر والمباني ومنها اذرسكن وهي مدينة صغيرة حسنة لها بساتين وزراعات ومياه كثيرة عذبة وهذه المدن الأربع عامرة متقاربة الأقدار وهي كلها في أقل من مرحلة.
وبين اسفزار وهراة ثلاث مراحل ومن هراة إلى قاين من قوهستان ثمانى مراحل ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل ومن هراة إلى سرخس خمس مراحل.
ومن مدن هراة أيضاً مدينة بوشنج وهي في القدر نحو نصف هراة وهي وهراة في مستو من الأرض ومن بوشنج إلى الجبل ستة أميال ولها سور وخندق وثلاثة أبواب وبناؤها بالآجر والجص ولهم في مبانيهم همة وهم أصحاب تجارات وأموال صامتة ولها مياه وأشجار كثيرة ولهم بهذا الجبل شجر عرعر كثير يفوق كل خشب جودة وكثرة ومنها يتجهز به إلى سائر الآفاق وشرب أهلها من النهر وهذا النهر الذي يصل إلى سرخس عليه القناطر المعقودة في وسط البلد ومن بوشنج في جهة المغرب خركرد وفركرد وبين بوشنج وفركرد مرحلتان وفركرد مدينة صغيرة متحضرة أصغر من كوسرى وبها مياه وزروع كثيرة ومن فركرد إلى مدينة خركرد يومان ومن خركرد إلى الزوزن يوم وخركرد مدينة صغيرة المقدار آهلة كثيرة الأهل وبها أسواق وعمارات وماؤها قليل الجري وأهلها أصحاب سوائم.
ومن مدينة بوشنج وأنت خارج إلى فركرد مدينة كرة وبينهم اثنا عشر ميلاً عن يسار الذاهب إلى نيسابور ومدينة كرة كثيرة المياه كثيرة المساكن لها بساتين وجنات وبين كرة وطريق الجادة نحو ثلاثة أميال وأكبر المدن بعد مدينة بوشنج كوسرى وهي حصينة لها سور حصين ومقدارها نحو الثلث من مدينة بوشنج وبناءها بالطين ولها مياه جارية وبساتين كثيره وبالشرق من بوشنج باذغيس ومدنها جبل الفضة وكوه وغناباذ وبست وجاذوا وكابرون وكالوون ودهستان ومدينة دهستان كبيرة طولها نحو من ميل ونصف ميل وبناؤها باللبن والطين وهي على ظهر جبل لا بساتين لأهلها ولا كروم ولهم أسراب كثيرة في الأرض ولهم ماء جار في حضيض الجبل قليل الجري وجبل الفضة على طريق سرخس من هراة وأما كوه فهو أكبر من جبل الفضة ويسمي بجبل الفضة لأنه كان في أعلى الجبل معدن عظيم الفائدة فانقطع لبعد غووه ولانقطاع الحطب الذي يسبك به وأما مدينة كوه فإنها في صحراء وهي صغيرة فيها سوق وعمارة وكذلك غناباذ وبست وجاذوا كلها تتقارب قدودها وأشكال أهلها ومتاجرها وبناؤها ولهم مياه وبساتين وأكثر زروعهم على المطر وكذلك كابرون وكالوون وهما متجاورتان في نحو ثلثة أميال وليس بينهما مياه جارية ولا بساتين عامرة وإنما مياههم من الآبار والأمطار وهم أصحاب زروع وأغنام وأبقار كثيرة.
وفي ناحية الشرق وإلى ناحية بلخ رستاق كنج وبه ثلاث مدن منها ببن وكيف وبغشور ومدينة ببن ينزلها سلطان تلك الناحية وهي أكبر من بوشنج وهي عامرة كثيرة التجارات وأهلها مياسير ولهم مياه وبساتين وبناؤها باللبن والطين وكذلك مدينة كيف مدينة حسنة عامرة بالوارد والصادر ولأهلها أحوال صالحة وأموال مدارة في أنواع التجارات وبناؤها بالطين ولها مياه جاريه كثيرة وبساتين وغلات وكروم وأما مدينة بغشور فمدينة حسنة عامرة كبيرة يكون مقدارها مثل بوشنج ونحو كيف وبها جنات وبساتين ومتنزهات ولأهلها أحوال صالحة وتجارات رابحة وتربتها صحيحة وهواؤها معتدل وأكثر زروعها على المطر ومياهها من الآبار والمطر.
ومن مدينة هراة إلى ببن مرحلة ومن ببن إلي كيف مرحلة ومن كيف إلى بغشور مرحلة.
وتتصل هذه البلاد بغربي بلاد مرو الروذ ولمرو الروذ بلاد كثيرة عامرة ومدينة مرو الروذ أكبرها وهي أكبر من بوشنج وهي على غلوة سهم من النهر.
ومرو مدينة قديمة في مستو من الأرض بعيدة عن الجبال أرضها سبخة كثيرة الرمل وأبنيته من الطين وفيها ثلاثة مساجد للجماعات ولها قصبة في نشز مرتفع وماء المدينة يجلب إليها في قنوات كثيرة وللمدينة أربعة أبواب ولمرو نهر عظيم تتشعب منه أنهار يسقى بها الرساتيق ومبدؤه من شمال جبل الباميان واسم هذا النهر نهر مرغاب ويجري هذا النهر على مرو الروذ وعليه ضياعهم وفي هذه الضياع مبان متقنة ومتنزهات حسنة ومساكن متحصنة ومدينة مرو معتدلة الهواء حسنة الثرى حكى الحوقلي أن البطيخ بها يقدد ويحمل إلى سائر الآفاق ويرفع من مرو الإبريسم والقز الكثير ويتجهز منها بالقطن العجيب الذي ينسب في سائر الأقطار إليها وهو الغاية في اللين ويعمل بها منه ثياب تحمل إلى كل الآفاق ولها منابر مضافة إليها ومعدودة منها مثل كشميهن وهي على مرحلة منها ولها منبر ويجري عليها نهر كبير ولها بساتين وأشجار وأسواق قائمة عامرة وبها فنادق وحمامات ومنها هرمزفرة على مقدار فرسخ من كشمين عن يسارها وعليها طريق مفازة سيفاية التي تؤدي إلى خوارزم وهي مدينة متوسطة ذات عمارات وأسواق ودخل وخرج ولها منبر ومنها سنج وهي مدينة مثل هرمزفرة وهي على مرحلة من مرو غرباً وبها منبر ولها بساتين وزروع ومن مدنها أيضاً جيرنج وهي مدينة صغيرة لها أسواق وتجار مياسير وبها منبر وهي على تسعة أميال من مرو قبل زرق بثلاثة أميال وهي على ضفة النهر وكذلك الدندقان على مرحلتين من مرو على طريق سرخس وهي مدينة حسنة لها سور وحصن وأسواق وحمامات وفنادق وبها مسجد جامع ومنبر ومن مدنها القرينين وهي مدينة حسنة حصينة خصبة بها سوق ومسجد جامع وخطبة قائمة ولها مياه جارية وبساتين ومنها إلى مرو أربع مراحل ومن مدنها باشان وهي مدينة عامرة حسنة المباني فرجة الأرجاء متقنة الأسواق وبها فنادق وحمامات ومسجد جامع ومنبر يمشى إليه وهي من هرمزفره على ثلاثة أميال ومن مدنها السوسقان وهي مدينة كبيرة عامرة رحبة المساكن فرجة كثيرة النزه لها مياه جارية وبساتين كثيرة وبها مسجد ومنبر ومدينة السوسقان يسرة زرق غير أنها أبعد منها بثلاثة أميال وزرق على نهر مرو وبينها وبين مرو اثنا عشر ميلاً بين طريق سرخس وأبيورد.
ومن مدن مرو الروذ قصر أحنف وهو على مرحلة من مرو الروذ في طريق بلخ وهي من الأميال خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة بها سوق عامرة وعليها سور تراب ولها مياه جارية وبساتين وفواكه كثيرة ومن مدنها مدينة دزة وهي على اثني عشر ميلاً من قصر أحنف وهي مدينة صغيرة بها فواكه وبساتين وكروم وعمارات ونهر مرو يشقها نصفين وبينهما قنطرة يعبر عليها.
والطالقان مدينة كبيرة نحو من مرو الروذ في الكبر ولها مياه جارية وعمارات متصلة وبساتين قليلة وبناؤها بالطين وهي أصح هواء من مرو الروذ ومن مرو الروذ إليها اثنان وسبعون ميلاً والطالقان في جبل يتصل بجبال الجوزجان ولها رساتيق في الجبل ويعمل في طرزها اللبود المنسوبة إليها ويتجهز بها منها إلى كل الجهات وليس يصنع في بلد من البلاد مثلها إتقاناً وحصافة والطالقان على رصيف الطريق من مرو إلى بلخ ومن الطالقان إلى مدينة الفارياب ستون ميلاً.
والفارياب مدينة من الجوزجان أصغر من الطالقان قطراً وهي أكثر خلقاً وأوفر عمارةً وبساتين ومياهها جارية عذبة وفيها طرز وصنائع وتجار مياسير وبناؤها من طين ولها مسجد جامع وليس مع مسجدها منارة وبينها وبين الطالقان في جهة الغرب مرحلتان كبيرتان.
ومنها إلى اشبورقان شرقاً أربعة وخمسون ميلاً واشبورقان من مدن الجوزجان والجوزجان اسم الناحية وليس بمدينة واشبورقان مدينة عامرة بها مياه جارية قليلة وعليها زروع أهلها وبساتينها قليلة وفواكهها عديمة وإنما تجلب إليها مما جاورها من البلاد ومن اشبورقان إلى بلخ أربعة وخمسون ميلاً.
ومن مدن الجوزجان أنبار وبينها وبين اشبورقان مرحلة في ناحية بين الغرب والجنوب وهي مدينة كبيرة أكبر قطراً من مرو الروذ ولها مياه وخصب وكروم وبساتين وعمارتها متصلة وبها طرز ومصانع لجمل من الثياب يتجهز بها منها إلى كل الأقطار وبناؤها بالطين وهي مدينة جليلة وبها يقيم السلطان في الشتاء ومقامه في الصيف بالجرزوان ومن اشبورقان إلى اليهودية طريق مرحلتان وكسر ومن الفارياب إلى اليهودية مرحلة.
واليهودية مدينة مقتدرة جامعة ولها سور وأسواق وعمارة وصناعات وبها مسجد جامع ولجامعها منارتان ومن اليهودية إلى مدينة سان مرحلة وهي صغيرة لها مياه وبساتين وجنات وهي من مدن الجبل وكندرم أيضاً مدينة جليلة متحضرة كثيرة الكروم والفواكه المختلفة الأجناس وهي في ذاتها جامعة للخيرات وهي من مدن الجبل ومن اشبورقان إلى كندرم أربع مراحل ومن اليهودية إليها مرحلة بين شرق وجنوب ومدينة نريان مدينة عامرة موضعها بين اليهودية والفارياب.
وأما الجرزوان فهي مدينة بين جبلين أشبه بلد بمكة وشعابها كشعابها ومزارعها قليلة وبساتينها مثل ذلك وبها مياه جارية وعيون مطردة ومن اشبورقان إليها ثلاث مراحل خفاف ومن اشبورقان إلى اندخذ مرحلتان بين جنوب وشرق.
ويجلب من مدن الجوزجان الجلود المدبوغة التي يتجهز بها إلى سائر بلاد خراصان وبلادها بلاد خصب ودعة وفواكه كثيرة عامة وبها تجارات وتختلف إليها الرفق مارة وقادمة بضروب من التجارات والمجالب.
ويتصل بمرو من جهة المغرب بلاد الغرج وهما مدينتان إحداهما تعرف ببشين والأخرى شورمين وهما متقاربتان في الكبر وليس مقام سلطانهما في شيء منهما وإنما يقيم في الجبل المسمى بلكيان وبهما مياه جارية ومزارع ممتدة وغلات وفوائد ويرتفع من بشين أرز كثير يحمل إلى بلخ وسائر الجهات لكثرته وطيبه ويرتفع من شورمين زبيب كثير طيب جيد الطعم قليل النوى يتجهز به إلى كثير من الأقطار لكثرته وطيبه وبين بشين ودزة مرو الروذ مرحلة في المطلع وهي من نهر مرو الروذ على غلوة من شرقيه ودزة بمقربة من النهر ومن بشين إلى شورمين مرحلة مما يلي الجنوب وهي في الجبل المعروف ببلكيان.
وفي الشمال من مدينة مرو إلى مدينة أبيورد ست مراحل ومن مرو الروذ إلى مرو الشاهجان ست مراحل فذلك من مرو الشاهجان إلى هراة اثنتا عشرة مرحلة ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل وكذلك من مرو الروذ إلى بلخ ست مراحل ومن مرو الروذ إلى سرخس خمس مراحل ومن مرو إلى آمل على شط نهر جيحون ست مراحل خفاف وهي من الأميال مائة وأربعة وعشرون ميلاً وآمل بينها وبين النهر المسمى جيحون ثلاثه أميال وآمل هذه مدينة حسنة متوسطة القدر ولها بساتين وعمارة وبها ناس وتجارة ومنافع وجبايات كافية وهي على شفير مفازة.
ومن آمل إلى مدينة خوارزم المسماة الجرجانية اثنتا عشرة مرحلة ومن الجرجاية إلى بحيرتها ست مراحل وكذلك من آمل إلى زم طالعاً مع النهر أربع مراحل ومن زم إلى الترمذ في النهر خمس مراحل ومن الترمذ مع النهر إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة وهذا طول خراسان وخوارزم مع جرية النهر وجميع ذلك يكون أربعين مرحلة.
وأما مدينة زم فمدينة تقارب آمل في الكبر ولها ماء جار وبساتين وعمارات وزروع وتجارات وصنائع مكتفية بذاتها وهي وآمل يجتمع بها مسافرو خراسان وآمل أكثر معبراً إلى ما وراء النهر ويحيط بهما جميعاً مفاوز تتصل من حدود بلخ إلى بحيرة خوارزم والغالب على هذه المفازة الرمال ومن مدينة زم إلى الترمذ وهي في الضفة الشرقية من النهر المسمى بجيحون أربع مراحل في نفس جيحون.
وهذا النهر مخرجه من بلاد وخان في حدود بذخشان ويسمى هناك نهر جرياب ثم تجتمع إليه أنهار خمسة كبار في حدود الختل والوخش فيصير منها نهر عظيم لا نظير له في أنهار الأرض كثرة ماء وسعة مجرى وعمق قعر فأما نهر جرياب فيليه نهر يسمى باخشوا وهو نهر هلبك ويلي هذا النهر نهر ثان ويسمى نهر بلبان ويلي هذا النهر نهر فارغر ثم يليه نهر انديجاراغ ويليه أيضاً نهر وخشاب وقد يقع إلى هذا النهر أنهار كثيرة صغار تخرج من جبل البتم وغيره ومنها أنهار الصغانيان وأنهار القواذيان فتجتمع كلها قبل القواذيان وتقع في نهر جيحون ونهر وخشاب يخرج من بلاد الترك حتى يظهر في أرض الوخش ويسير تحت جبل كبير ويغور تحته ويعبر الجبل كالقنطرة ولا يعلم مقدار جريه تحت هذا الجبل ثم يخرج عن الجبل ويجري في حدود بلخ إلى أن يصل الترمذ وهذه القنطرة الحد بين الختل وواشجرد ثم يجري هذا النهر من الترمذ إلى كيلف إلى زم إلى آمل إلى أن ينتهي إلى بحيرة خوارزم وليس ينتفع أحد من الناس بماء هذا النهر من حيث خروجه من منبعه إلى أن يصل زم وآمل فينتفعون به قليلاً ثم يمنع خيره إلى أن يصل إلى بلاد الغزية فيسقى به هناك وينتفع بمائه.
والترمذ مدينة في نفس جيحون والنهر يضرب سورها ومدينتها على حجز طريق الصغانيان ولها ربض كبير ويحيط بها وربضها سور ودار الإمارة في قصرها ولها أسواق وعمارات وأسواقها في مدينتها وأبنيتها من طين وهي مدينة حسنة عامرة آهلة مفروشة الأزقة والشوارع بالآجر وهي فرضة لتلك النواحي التي على جيحون وشرب أهلها من جيحون ومن نهر كرى الجائي من الصغانيان فيمر تحتها ويقع هناك في نهر جيحون ومن مدنها صرمنجي وهاشم جرد ومن الترمذ إلى بلخ مرحلتان كبيرتان.
ومدينة بلخ في مستو من الأرض وأقرب الجبال إليها على اثني عشر ميلاً وهي دار مملكة الأتراك والملك بها لازم وبها العساكر والأجناد والملوك والقواد والعمال والأسواق العامرة والمتاجر المكسبة والأموال الواسعة والأحوال الصالحة وبناؤها بالطين واللبن ولها سبعة أبواب في محيط سورها وسورها من تراب ولها ربض عامر كثير الساكن وبه أسواق وصناعات ومسجد جامعها في المدينة في وسطها والأسواق دائرة به وهي على ضفة نهر متوسط مقدار ما يدير ماؤه عشر أرحاء وهو جار على باب النوبهار ويسقي رساتيقها وقد أحاط بجميع جوانبها الكروم والجنات والبساتين والمباني والمتنزهات وبها مدارس للعلوم ومقامات للطلاب والأرزاق جارية على من شاء شيئاً من ذلك وبهذه المدينة أموال وملوك مياسير وتجار وأحوال صالحة ومدينة بلخ يتصل بها من جهة جنوبها بلاد طخارستان وبذخشان وأعمال الباميان ومن جهة غربها ومع شمالها بلاد مرو وبلاد الجوزجان وهي قطب ومدار لما جاورها والطريق منها إلى طخارستان وبذخشان.
ومدن طخارستان هي خلم وصمنجان وبغلان وسكلند وورواليز وآرهن وراون والطايقان وسكيمشت وروا وسراي وخسب اندراب واندرابة ومذر وكه.
فمن بلخ إلى ورواليز يومان وورواليز أيضاً مدينة حسنة ذات أسوار وأسواق ومنافع ولها ربض عامر وبها تجارات ولها قرى وعمارات ومنها إلى مدينة الطايقان مرحلتان ومدينة الطايقان مدينة عامرة آهلة قدرها ربع بلخ ولها سور طين ومبانيها بالطين والجيار وهي في مستو من الأرض ولها نهر كبير وكروم وعمارات ولها أسواق وتجارات نافقة وكثير من الصناعات.
ومن شاء أخذ من بلخ إلى خلم يومان وخلم في غربي ورواليز وبينهما يومان وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات مشتملة على بركات ولها مزارع ومياه جارية ومنافع جمة ومن خلم إلى سمنجان يومان وسمنجان في غربي الطايقان وبينهما مرحلتان وهي في ذاتها مدينة حسنة آهلة عامرة بالتجار والناس والجلة ولها سور تراب ومن سمنجان إلى أندرابة خمسة أيام وهي مدينة في سفح جبل ومنها تجمع الفضة التي من جارباية وبنجهير ولمدينة أندرابة نهران أحدهما يسمى أندراب والآخر يسمى نهر كاسان ولها بساتين وحدائق ومتنزهات وأشجار كثيرة وكروم ومن الطايقان أيضاً إلى مدينة بذخشان سبع مراحل وكذلك من أندرابة إلى بذخشان شرقاً أربع مراحل ومن أندرابة إلى جارباية جنوباً ثلاث مراحل.
ومدينة جارباية مدينة صغيرة وهي في أسفل جبل على نهر يأتي إليها عن بنجهير فيشق المدينة ولا ينتفع بشيء من ماء النهر فيها وينتهي إلى أن يمر بفروان ويتصل بأرض الهند فيصب في نهر نهروارة وليس لأهل جارباية شيء من الشجر ولا بساتين إلا قليل مباقل وإنما يسكنونها على استخراج المعادن التي فيها ولا شيء أفضل من معدنها ومعادن بنجهير أيضاً مثلها وكلاهما على جبل وعر ومن جارباية إلى بنجهير يوم وبنجهير مدينة صغيرة على جبل وأهلها أشرار أسلاط فساد ولهم نهر يأتي من جبلهم ويصل إلى جارباية كما وصافناه قبل وكلا هاتين المدينتين أهلهما أصحاب طلب ومعرفة باستخراج المعادن وسبكها واستخراجها من أرضها وما لصق بها ومن بنجهير إلى فروان مرحلتان جنوباً ومدينة فروان مديمة صغيرة حسنة الجهات متحضرة الأسواق وبها تجارات وناس مياسير وبناؤها بالطين واللبن وهي على نهر بنجهير الواصل إلى الهند وفروان فرضة لدخول الهند.
ومن أندرابة السابق ذكرها إلى بغلان مرحلتان ومن بغلان إلى سمنجان مرحلتان ومن بغلان إلى بلخ ست مراحل ومدينة بغلان مدينة عامرة حسنة متحضرة ذات أنهار وأشجار وعمارات وقرى كثيرة ومتاجر وخيرات واسعة ومن بغلان إلى الباميان ثلاث مراحل غرباً ومدينة الباميان تكون على مقدار ثلث بلخ وهي على رأس جبل الباميان وليس بنواحي الباميان مدينة على جبل سواها وتنحدر من جبلها أنهار ومياه كثيرة تتصل بنهر أندراب ولها سور وقصبة ومسجد جامع وربض كبير لاصق بها ومن مدن الباميان بشغورقند وسكاوند وكابل ولجرا وفروان وغزنة وبشغورقند وسكاوند متقاربتان في الكبر والصفة وبهما عمارات وأصواق وتجارات وخيرات عامة وأما كابل وغزنة والفروان فقد تقدم ذكرها في غير هذا الموضع.
والطريق من بلخ إلى الباميان تخرج من بلخ إلى مذر ست مراحل وهي مدينة صغيرة عامرة في مستو من الأرض والجبل يبعد عنها يسيراً ومنها إلى مدينة كه مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وعمارة ومنبر ومنها إلى الباميان ثلاث مراحل وكذلك من مدينة بلخ إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة ومن بلخ إلى الطايقان أربع مراحل ومن الطايقان إلى بذخشان سبع مراحل وذكر الحوقلي في كتابه أن من بلخ إلى اشبورقان ثلاث مراحل ومن اشبورقان إلى الفارياب ثلاث مراحل ومن الفارياب إلى الطالقان ثلاث مراحل ومن الطالقان إلى مرو الروذ ثلاث مراحل وهذه المراحل مراحل صغار وقد ذكرنا فيما تقدم أن لهذه المراحل من الأميال التي بين مرو وبلخ ثلثمائة وثمانية وأربعين ميلاً.
ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة بذخشان فنقول إن مدينة بذخشان مدينة صغيرة ولها رساتيق كثيرة خصبة ولها كروم وأشجار وعيون جارية وعليها سور تراب حصين وبها أسواق وفنادق وحمامات وتجار وأموال متصرفة وهي على نهر جرياب وفي غربيه ونهر جرياب هو معظم نهر جيحون الأعظم وبجبالها دواب كثيرة ونتاج كثير ويجلب منها الخيل والبغال والرماك المنتخبة وترفع منها الحجارة ذوات الجواهر النفيسة التي تشاكل الياقوت الأحمر والرماني وسائر أنواع الحجارة ويجلب منها اللازورد ويستخرج بها منه الشيء الكثير ويحمل إلى سائر أقطار الأرض فيعمها كثرة ولا شيء يفوقه ويقع إليها المسك من طريق وخان من أرض التبت ومدينة بذخشان هذه تتصل ببلاد القنوج من الهند.
وأول كورة على جيحون مما وراء النهر الختل والوخش وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد ومكانهما هو بين نهر جرياب ونهر وخشاب وتتصل بالشرق من نهر جرياب بلاد الختل ثم الوخش المتقدم ذكرها فمدن الوخش هلاورد ولاوكند ومدن الختل كاربنك وتمليات وهلبك وسكندرة ومنك وانديجاراغ وفارغر ورستاق بيك والختل أكثره جبال إلا ناحية وخش وأكبر مدينة في الختل منك.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin