قُوة الشَّمِّ المُحمَّدِي الكَرِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ الذِي بَلَغَ مِنْ جَاهِهِ العَرِيضِ عِنْدَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ قَصَّرَ التَّعَلُّقَ عَلَيْهِ حِسّاً وَمَعْنىً عَشِقَهُ أَهْلُ المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ، وَسَعَتِ المَوْجُودَاتُ فِي مَطَالِبِهِ، وَكَانَ الوُجُودُ كُلُّهُ لَهُ لاَ عَلَيْهِ، لِقُوَّةِ رَبْطِ الكَائِنَاتِ بِالجَلاَلَةِ المُحَمَّدِيَّةِ . وَأَشْمِمِ اللَّهُمَّ قُوَّةَ شَمِّي مِنْ نَوَافِحِ رَوَائِحِ مِسْكِ جُونَةِ قُوَّى عَقَاقِيرِ الأَمْدَادِ التِي عُجِنَتْ بِالشَّمِّ المُحَمَّدِي حَتَّى كَانَ يَشُمُّ مَنَافِسَ رِيَاحِ النَّصْرِ، فَكَانَ تَزْحُفُ زُحُوفُهُ العَاصِمَةُ إِثْرَ هُبُوبِهَا بِالزَّوَالِ فَتَكُونُ لَهَا العَاقِبَةُ . وَأَشْمِمْ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا بَرُّ قُوَّى أَنْفَاسِي مَهَابَّ الرِّيَاحِ العِنَائِيَّةِ الهَابَّةِ مِنْ بُطْنَانِ العَرْشِ المُسْتَدَلِّ بِهَا عَلَى نَصْبِ مِنَصَّاتِ التَّجَلِّي فِي بِسَاطِ المُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ، فَأَتَعَرَّفَ الأَوْقَاتَ الصَّلاَتِيَّةَ مِنْ فَوْقٍ، وَأَسْتَغْنِيَ عَنِ الآلاَتِ الأَرْضِيَّةِ المُتَغَيِّرَةِ بِتَغَيُّرِ الطَّوَالِعِ وَالفُصُولِ وَالأَزْمَانِ، وَأَعْلَمَ بِهَا قُرْبَ أَوْقَاتِ المُلاَقَاتِ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَرْتَعُ الأَرْوَاحِ، فَإِنَّ لِسَانَ الأَذَانِ يَقُولُ مِنْ عُلْوٍ إِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَجَلَّى فِي قِبْلَةِ بَيْتِهِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا مَا سِوَاهُ . وَأَيْقِظْ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ القُوَّى الشَّمِّيَّةَ مِنِّي مِنَ الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أَعْلَمُ نِهَايَةَ غَضَبِ اللَّهِ فِي مَعَاصِيهِ بِإِدْرَاكِي رَوَائِحَ المَعَاصِي، فَإِنَّ لِلْمَعَاصِي رَوَائِحَ بِحَسَبِ أَكْبَرِيَّتِهَا وَكِبَارِهَا وَمُشَبَّهَاتِهَا وَاللَّمَمِ مِنْهَا، فَأَتَجَنَّبُهَا عَنْ عِلْمٍ وَكَشْفٍ وَنُورٍ، لاَ عَنْ حَدْسٍ وَتَخْمِينٍ يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ. وَأَفْرِغْ لِي ذَنُوباً أَوْ ذَنُوبَيْنِ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِكَ وَمَصَبِّ كَرَمِيَّتِكَ كُلَّ نَفَسٍ وَلَمْحَةٍ وَطَرْفَةٍ يَطْرِفُ بِهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ مِنْ قُوَّى الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُدْرِكُ بِهِ رَوَائِحَ الحَجَرِ الأَسْعَدِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَينٍ، فَأَكُونَ قَدْ أَدْرَكْتُ هُبُوبَ الرِّيَّاحِ الوَصْلِيَّةِ مِنْ مَرْكَزِ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، وَأَشْتَاقَ بِهَا لِمُبَايَعَةِ يَمِينِ الرَّحْمَانِ، فَإِنَّ الحَجَرَ الأَسْعَدَ يَمِينُ الرَّحْمَانِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ قَبَّلَهُ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ لاَ يَعْصِيَهُ . وَأَعْظِمْ لِي يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارَ كَسْرَ المُنْكَسِرِينَ الفَيْضَ العَظِيمِيَّ مِنْ قُوَّى الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُدْرِكُ بِهِ رَوَائِحَ القَبْرِ المُعَظَّمِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَبَيَاضِ النَّهَارِ، وَأَلْثَمُ ثُغُورَ هُبُوبِهِ شَيِّقاً بِهِ، لِمَا لَمْ تَحْمِلْ مَعَانِيهِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، رُوحُ الأَرْوَاحِ، وَنَفْسُ النُّفُوسِ، وَعَقْلُ العُقُولِ، وَمَنْ مِنْهُ المَبْدَأُ وَإِلَيْهِ المُنْتَهَى . وَأَوْفِ لِيَ اللَّهُمَّ قِسْطِي مِنْ فُيُوضِ الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُوَفِّي بِهِ كُلَّ مُقْتَضىً يَقْتَضِيهِ مِنِّي إِجْلاَلُ الرَّبِّ العَظَمُوتِي، وَإِكْبَارُ الرَّسُولِ الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ بِالقُوَّةِ الشَّمِّيَّةِ حَتَّى لاَ يَتَوَجَّهَ عَلَيَّ عِتَابٌ مِنَ العِتَابَاتِ فِي حَالٍ مِنَ الحَالاَتِ، بَلْ أَكُونُ بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ شُهُوداً، وَمِنْهُ شُهُوداً، وَعَنْهُ شُهُوداً، وَفِيهِ شُهُوداً، وَإِلَيْهِ شُهُوداً، وَمَغْمُوراً بِأَنْوَارِهِ، وَمَشْمُولاً بِأَسْرَارِهِ، وَمَحُوطاً بِمَطَارِحِ شُعَاعَاتِ أَقْمَارِهِ، وَمَخْشُوشاً بِأَلْمَاعِ إِشْرَاقِ إِبْدَارِهِ فِي المَبْدَإِ وَالمَوْسِطِ وَالمُنْتَهَى، وَالدَّارِ الحَيَوَانِ وَمَعَهَا وَفِيهَا وَتَقَلُّبَاتِ أَحْوَالِهَا .{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الاَرْضَ لِلهِ يُورِثُهَا مَنْ يَّشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. وَأَسْتَمْنِحُكَ يَا وَهَّابُ يَا وَهَّابُ يَا وَهَّابُ يَا مِحْسَانُ يَا مِفْضَالُ مِنْ حَيْثُ مَا أَنْتَ مُقْتَضٍ لِلْفَيْضِ العَامِّ المُطْلَقِ الذِي كُنْتَ مُتَّصِفاً بِهِ وَلاَ زِلْتَ قَبْلَ وُجُودِ الطَّالِبِينَ وَالمُحْتَاجِينَ وَالمُسْتَمْنِحِينَ، وَأَسْتَوْهِبُ كَرَمَكَ العَظِيمَ مِنْ حَيْثُ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ.
الجَارِحَة ُ اليَمِينِيَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ كِنْزِ هِدَايَتِكَ، وَإِشْرَاقِ نُورِ دِلاَلاَتِكَ، المُفْرَدِ فِي خَلِيقَتِكَ. وَمُدَّنَا يَا عَلِيمُ يَا سَلاَمُ يَا مُومِنُ يَا مُهَيْمِنُ مِنْ أَمْدَادِ سَرَيَانِ الأَمْدَادِ الإِلَهِيَّةِ فِي القُوَّى اليَمِينِيَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى أَعْلَمَ الشًّقِيَّ مِنَ الأَشْقَى وَالسَّعِيدَ مِنَ الأَسْعَدِ بِاللَّمْسِ، فَأُعَامِلَ كُلاًّ بِمَا يَقْتَضِيهِ الحَقُّ مِنْهُ وَمِنِّي. وَأَفِضْ عَلَيَّ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ مِنْ أَمْدَادِ عُلُومِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى لاَ أَخْرُجَ بِهَا عَنِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ شَرَّعَهُ الشَّرْعُ وَحَدَّدَ الأَحْكَامَ التَّقْدِيرِيَّةَ المَنُوطَةَ بِهِ فِي بَابِ ءادَابِ العُبُودِيَّةِ فِي الوَاجِبِ وَالمُحَرَّمِ وَالنَّدْبِ وَالكَرَاهَةِ وَالإِبَاحَةِ، حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ العَالَمِ التَّكْلِيفِي وَلَيْسَ لأَحَدٍ عَلَيَّ تِبَاعَةٌ بِهَا يَا رَحِيمُ . وجَلِّلْنِي يَا مُتَكَبِّرُ يَا خَالِقُ يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّرُ بِغَمَرَاتِ سَرَائِرِ أَسْرَارِ سَرَيَانِ بَرَكَاتِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى يُفَاضَ عَنْهَا بُحُورُ الكَرَمِ العَامِّ لِجَمِيعِ المُسْتَحِقِّينَ، فَتَكُونَ يَمِينِي خِزَانَةً مِنَ الخَزَائِنِ المُحَمَّدِيَّةِ تُوَصِّلُ لِلأَهَالِي الكَوْنِيَّةِ مُقْتَضَى التَّصَرُّفَاتِ العَطَائِيَّةِ حَسَبَ الاِفْتِقَارِ الذَّاتِي القَائِمِ بِالكَائِنَاتِ. وَغَشِّ يَا حَكِيمُ يَمِينِي مِنْ أَسْرَارِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ مَا يَقُومُ سِرُّ اللَّهِ الظَّاهِرُ فِيهَا بِسِرِّ شَاهَتِ الوُجُوهُ، شَاهَتِ الوُجُوهُ فَتَقُومُ مَقَامَ العَصَا المُوسَوِي عِنْدَ اصْطِكَاكِ الأَحْزَابِ الشَّيْطَانِيَّةِ،
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ}.
{فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ مَا يَافِكُونَ. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ. قَالُوا ءامَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ}. وَقَدِّمْنِي يَا مُقَدِّمُ بِأَسْرَارِ سَرَيَانِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى تَشْهَدَ لِكُلِّ مَنْ قَبَّلَهَا بِالإِيمَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِنَّ اليَمِينَ المُحَمَّدِيَّةَ مَظْهَرُ المُبَايَعَةِ الإِلَهِيَّةِ فِي عَالَمِ الصُّوَرِ، وَفِي عَالَمِ المَعَانِي، وَفِي عَالَمِ المُجَرَّدَاتِ، وَفِي عَالَمِ المُرَكَّبَاتِ، وَفِي عَالَمِ الغَيْبِ، وَفِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ، لأَنَّ الحَقَائِقَ المُحَمَّدِيَّةَ لِلأَشْيَاءِ بِهَا ارْتِبَاطَاتٌ وَعُلْقَاتٌ وَمُوَاصَلاَتٌ وَإِنَاطَاتٌ فِي جَمِيعِ الحَضَرَاتِ الكُبْرَى وَالوُسْطَى وَمَا دُونَهَا، فَإِنَّ الحَقَائِقَ المُحَمَّدِيَّةَ سِرُّ اللَّهِ فِي العَالَمِ هِيَ فِي الحَقِيقَةِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ فِي الحَقِيقَةِ تَكَثَّرَتْ وَتَعَدَّدَتْ وَانْتَشَرَتْ وَانْبَسَطَتْ، فَهِيَ الظَّاهِرَةُ فِي حَقَائِقِ النَّبِيئِينَ وَالمُرْسَلِينَ عَلَى وَحْدَتِهَا وَانْفِرَادِهَا، وَهِيَ المُنْفَرِدَةُ عَنْهُمْ، وَالمُسْتَأْثِرَةُ بِالسِّرِّ العَظَمُوتِيِّ عَنْهُمْ، فَهِيَ الظَّاهِرَةُ فِيهِمْ، وَالمُنْفَرِدَةُ بِنَفْسِهَا المُجَرَّدَةُ فِي مَقَامِ الوَحْدَةِ عَنْهُمْ، فَكَانَتِ الحَقِيقَةُ المُحَمَّدِيَّةُ مُحَمَّداً فِي مَقَامِ الكَثْرَةِ وَالوَحْدَةِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً قَبْلَ كَوْنِ الكَوْنِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً حِينَ الكَوْنِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً بَعْدَ الكَوْنِ، وَلَمْ يَزَلْ نَبِيّاً قَبْلَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ، وَلَمْ تَنْسَلِخْ عَنْهُ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ القَائِمَتَانِ بِهِ قَبْلَ القَبْلِ إِلَى أَنْ ءاذَنَ جَلَّ شَأْنُهُ بِالظُّهُورِ التَّفْصِيلِيِّ النَّشْرِيِّ الشَّهَادِي فِي عَالَمِ التَّفْصِيلِ، فَظَهَرَ مَظْهَراً ثَانِياً عَلَى كُرْسِيِّ الإِنْبَاءِ وَالإِرْسَالِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، دَاعِياً لِلْحَقِّ بِالحَقِّ، وَهَادِياً إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ الحَمِيدِ. وَشَرِّفْنَا يَا حَلِيمُ بِمُبَايَعَةِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي هَذِهِ الحَضَائِرِ المَذْكُورَةِ المَجْلُوَّةِ فِي العَوَالِمِ العَظِيمِيَّةِ حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ تَمَسَّحَ يَمِينَنَا يَتَشَرَّفُ بِسَرَيَانِ تِلْكَ الخَصَائِصِ المُحَمَّدِيَّةِ المُسْتَكِنَّةِ فِي قُوَّانَا اليَمِينِيَّةِ يَا عَزِيزُ . وَأَشْهِدْنِي يَا أَللَّهُ عَظِيمَ وُسْعِ عَطَائِكَ المُفَاضِ عَلَى اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى أَشْهَدَ مَا أَوْدَعْتَهُ فِيهَا مِنْ حُظُوظِ الكَائِنَاتِ أَجْمَعِهَا مِنْ لَدُنْ فَتْقِ رَتْقِ عَالَمِ التَّصْوِيرِ الشَّهَادِي إِلَى مُنْتَهَاهُ، فَإِنَّ جَمِيعَ حُظُوظِ المَوْجُودَاتِ المُتَأَخِّرَةِ كُلِّهَا أَوْدَعْتَهَا فِي اليَمِينِ المُحَمَّدِي، الظَّاهِرِ ذَلِكَ بِصُورَةِ رُسُومِ وَخُطُوطِ وَنُقُوشِ وَتَعْلِيمَاتٍ فِي السَّطْحِ اليَمِينِي . فَهَيِّئْنَا لِمُطَالَعَةِ هَذَا العِلْمِ العَظِيمِ . وَفَقِّهْنَا سَرَائِرَ مَكْنُونِ هَذَا الفَتْحِ العَجِيبِ الغَرِيبِ الوَاسِعِ الذَّيْلِ العَجِيبِ السَّمَاعِ آمِين . وَبَارِكِ اللَّهُمَّ عَلَى يَمِينِنَا مِنَ أَثَرِ تَبْرِيكِكَ عَلَى اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى تَسْرِي البَرَكَةُ مِنْ يَمِينِنَا فِي كُلِّ مَلْمُوسٍ وَمُتَخَيَّلٍ أَوْصَلْتَ إِلَيْهِ فِي الحَقِيقَةِ حَظَّهُ مِمَّا أُوذِعَ عِنْدَهَا مِنْ أَقْوَاتِ العَالَمِ وَقَسْمِهِ وَنَيْلِهِ .
جَوهَرُ العَقْلِ الكَرِيمِ المُحَمَّدِي
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ صَلاَةَ صِلَةِ أَمْدَادِ الأَزَلِ وَالأَبَدِ تَعُمُّ كُلَّ مُقْتَضىً مِنْ مُقْتَضَى الكَمَالاَتِ الذَّاتِيَّةِ وَالصِّفَاتِيَّةِ وَالأَسْمَائِيَّةِ وَالأَفْعَالِيَّةِ، وَتُفْرِغُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مُقْتَضَيَاتِهَا وَشُئُونِهَا إِلَى أَنْ صَارَ بِذَلِكَ مُحَرَّراً مِنْ رِقِّ الكَائِنَاتِ، يُشْبِهُهَا فِي الصُّورَةِ وَلاَ يُشْبِهُهَا فِي الكَمَالِ وَالمَعَانِي الحَامِلِ لَهَا، إِلَى أَنْ صَارَ عَقْلُهُ الكَرِيمُ المُحَمَّدِيُّ قُدْسِياً لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالأَغْشِيَّةِ الطَّبِيعِيَّةِ المُجَاوِرِ لَهَا. فَوَاصِلِ اللَّهُمَّ صِلَةَ رَقَائِقِ عَقْلِهِ الكَرِيمِ القُدْسِيِّ الإِمْدَادِيَّةِ إِلَى عَقْلِي إِلَى أَنْ لاَ يَصِيرَ مَعْقُولاً بِمُجَاوَرَةِ الغَوَاشِي الطَّبِيعِيَّةِ، وَالمَوَادِّ التُّرَابِيَّةِ الظُّلْمَانِيَّةِ، وَالتَّقْيِيدَاتِ الوَهْمِيَّةِ، وَالخَيَالاَتِ الفِكْرِيَّةِ، وَالشُّبُهَاتِ الحَائِلَةِ بَيْنَ المَقْصُودِ وَالمَطْمَحِ . وَحَرِّرْ يَا أَللَّهُ يَا أَوَّلُ يَا ظَاهِرُ مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي عَقْلِيَ مِنَ النُّقُوشِ الكَوْنِيَّةِ، وَالإِرْتِسَامَاتِ مِنْ كُلِّ حَقِيقَةٍ رَائِجَةٍ فِي الكَوْنِ تَعْتَلِقُ بِالعَقْلِ إِلَى أَنْ تُكَدِّرَ صَفْوَ مِرْءاتِهِ عَنْ مُسَامَتَةِ الرَّقَائِقِ العُلْوِيَّةِ وَسَرَيَانِ الحَقَائِقِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي المَرَائِي، فَإِنَّ الفُيُوضَ المُحَمَّدِيَّةَ حَائِطَةٌ بِالكَوْنِ وَأَهْلِهِ، غَامِرَةٌ لَهُ، وَمُسْتَعِدَّةٌ لإِمْدَادِهِ، لَوْلاَ تَكْدِيرٌ فِي النُّفُوسِ، وَارْتِسَامَاتٌ فِي العُقُولِ، وَتَقْفِيصٌ فِي الأَرْوَاحِ بِالشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ عَنِ الوُلُوجِ فِي مَيَادِينِ التَّقْدِيسِ، وَأَكِنَّةٌ عَلَى القُلُوبِ وَوَقْرٌ فِي الآذَانِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، فَقَدِّسْ يَا قُدُّوسُ يَا قُدُّوسُ يَا قُدُّوسُ مِنَ السَّرَيَانِ المُحَمَّدِي عُقُولَنَا عَنِ العِقَالاَتِ حَتَّى نَعْرِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالشُّهُودِ وَالعِيَانِ كَمَا عَرَفَتْهُ الأَرْوَاحُ فِي العَالَمِ الفِطْرِي الذَّرِّي فِي أَلاَّ مَادَّةَ وَأَلاَّ مَظْهَرَ وَأَلاَّ تَعَيُّنَ، فَنَعْرِفَ جَلاَلَهُ بِدُونِ ذَوَقَانِ طُعْمٍ لِلْجَهْلِ حَتَّى نَكُونَ مِنْ وَفْدِ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، العَزِيزُ الحَكِيمُ}. وَحَرِّرْ يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ عُقُولَنَا مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ تَنْتَقِشَ فِيهِ العُلُومُ الغَيْبِيَّةُ، وَالمَعَارِفُ اللَّدُنِيَّةُ مِنَ المَوَادِّ السُّبْحَانِيَّةِ، فَإِنَّهُ لاَ حَائِلَ بَيْنَ انْتِقَاشِ مَا فِي العَالَمِ العُلْوِي وَاللَّوْحِ فِي مِرْءاتِ العَقْلِ إِلاَّ عَدَمُ التَّحْرِيرِ مِنْ رِقِّ الأَغْيَارِ وَالصَّدَإِ الحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِرْتِسَامَاتِ اللَّوْحِيَّةِ. وَمُدَّ اللَّهُمَّ عَقْلِي مِنْ أَمْدَادِ عَقْلِهِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ لاَ يُقَيِّدَ الحَقَّ جَلَّ جَلاَلُهُ فِي مَظْهَرٍ أَوْتَجَلٍّ أَوْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ جَلَّ قُدْسُهُ بِقَاعِدَةٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ ضَابِطٍ، فَإِنَّ الضَّوَابِطَ وَالقَوَاعِدَ وَالأَحْكَامَ إِنَّمَا جَاءتْ لِتُحَجِّرَ العُقُولَ عَنْ تَنَطُّعَاتِهَا بِمَا لَيْسَ لَهَا فِيهِ نَصِيبٌ، فَإِنَّ الشَّرْعَ الكَرِيمَ نَفْسَهُ جَاءَ لِمَحْوِ التَّطَلُّعَاتِ العَقْلِيَّةِ، وَالتَّحَكُّمَاتِ الحِسْبَانِيَّةِ، وَالعَمَلِ بِشَمْسِ الشَّرْعِ صِرْفاً، فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ بُزُوغِ شَمْسِ النُّبُوَّةِ حُكْمٌ لِمُقْتَضَى العَقْلِ وَلاَ لِتَحْدِيدَاتِهِ وَتَوْقِيفَاتِهِ . فَجَلِّ اللَّهُمَّ لَنَا حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ عَنْ سَرَيَانِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ نَعْرِفَ الحَقَّ بِالحَقِّ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ بِهِ، وَنُعَايِنَ الحَقَائِقَ كَمَا هِيَ دُونَ عِقَالِ العُقُولِ الظُّلْمَانِيَّةِ المَنْبُوذَةِ بِالعَرَاءِ وَصَاحِبُهَا المُتَحَكِّمَةُ فِيهِ طَرِيحٌ سَقِيمٌ بِالجَهْلِ لاَ يَرْتَاحُ لِرَوْحٍ . وَطَهِّرِ اللَّهُمَّ عُقُولَنَا مِنْ سَرَيَانِ العَقْلِ المُحَمَّدِي حَتَّى لاَ نَقَعَ فِي شَبَكَاتِ أَوْحَالِ التَّوْحِيدِ التَّقْيِيدِي وَأَشْهِدْنَا الجَمَالَ المُطْلَقَ بِهِ بَيْنَ سُجُفِ الأَسْمَاءِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى لاَ نَجْهَلَهُ جَلَّ اسْمُهُ فِي مَظْهَرٍ أَوْ رُتْبَةٍ أَوْ تَعَرُّفٍ أَوْ حَضْرَةٍ مِنَ الحَضَرَاتِ، فَأَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ الذِينَ لاَ يُنْكِرُونَ الحَقَّ سُبْحَانَهُ فِي رُتْبَةٍ أَوْ مَظْهَرٍ ظَهَرَ فِيهِ جَلَّ حُكْمُهُ بِشُؤُونِهِ فَيُقِرُّونَهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ التَّجَلِّيَّاتِ التِي يَتَجَلَّى فِيهاَ أَوْبِهَا . فَإِذَا وَرَدْنَا القِيَامَةَ وَتَجَلَّى لَنَا جَلَّ وَجْهُهُ بِمَا شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ، لاَ نُنْكِرُهُ كَمَا يُنْكِرُهُ أَقْوَامٌ لاِحْتِجَابِهِمْ بِالتَّحَكُّمَاتِ العَقْلِيَّةِ وَغَلَبَةِ عَدَمِ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ عَلَى عُقُولِهِمْ، فَكَانُوا يُنْكِرُونَ رَبَّهَمْ جَلَّ أَمْرُهُ فِي الدُّنْيَا إِذَا تَعَرَّفَ لَهُمْ بِتَعَرُّفٍ جَلاَلِي، أَوْ تَجَلَّى لَهُمْ بِمَا لاَ يُلاَئِمُ طِبَاعَهُمْ، فَيَظَلُّونَ فِي المُنَازَعَاتِ وَالرُّدُودِ وَالمُنَاقَضَاتِ مَعَ أَحْكَامِهِ، مَعَ عِلْمِهِمْ {بِأَنَّ الحُكْمَ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ}، وَ{أَنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلهِ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَرْضِ}.
{يُدَبِّرُ الأَمْرَ. يُفَصِّلَ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
{ أَمَّنْ يَّمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُّخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ومَنْ يُّدَبِّرُ الأَمْرَ. فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ }.
وَأَرْبَابُ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ فِي الدُّنْيَا المُقِرُّونَ لِرَبِّهِمْ جَلَّ جَلاَلُهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَحُسْنِ التَّرْبِيَّةِ وَلُطْفِ التَّقْدِيرِ فِي كُلِّ مَا يُبْدِي مِنَ الأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُلاَئِمَةٍ لِلطَّبْعِ يَسْجُدُونَ لِرَبِّهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا بَدَا لَهُمْ أَوَّلَ مَا يَبْدُو، فَإِنَّ صُورَةَ الأَحْكَامِ الأُخْرَوِيَّةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ العَبْدُ المُكَلَّفُ فِي الدُّنْيَا مَعَ رَبِّهِ سُبَحَانَهُ فِي المُعَامَلاَتِ،
{ وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }.وَصيِّرِ اللَّهُمَّ يَا بَصِيرُ يَا بَصِيرُ يَا بَصِيرُ لَذَّةَ عَقْلِي فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِي لَذَّةً قُدْسِيَّةً شُهُودِيَّةً عِيَانِيَّةً مُحَمَّدِيَّةً رُوحِيَّةً حَتَّى أَجْتَنِيَ ثَمَرَتَهَا {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}. فَإِنَّ كُلَّ رَاءٍ يَرَى رَبَّهُ جَلَّ عِزُّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَلْتَذُّ بِرُؤْيَتِهِ حَسَبَمَا كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ ضُرُوبِ اللَّذَاذَاتِ وَغَلَبَاتِ المُشْتَهَيَاتِ، فَلِذَلِكَ حَصَرَ المُحَقِّقُونَ اللَّذَّةَ فِي المَعَارِفِ يَا كَرِيمُ . وَخُذْ إِلَيْكَ يَا أَللَّهُ يَا أَللَّهُ يَا أَللَّهُ جَوْهَرَ عَقْلِي مِنْ بَيْنِ اشْتِبَاكِ الأَوْهَامِ وَتَضَادِّ الأَفْكَارِ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ إِلَى أَنْ تَهْدِيهَا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ يَا هَادِي، اهْدِنَا صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ. وَجَوْهِرِ اللَّهُمَّ عَقْلِي مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ يَنْفَتِحَ لَهُ عَنْكَ فَهْمُ المُرَادَاتِ، وَيَطَّلِعَ عَلَى مَوَاقِعِ الخِطَابَاتِ، وَيَنْكَشِفَ عَنْ أَسْرَارِ تَنْزِيلِ الآيَاتِ، وَيَعْثُرَ عَلَى أَسْرَارِ الشَّرْعِيَّاتِ، وَأَحْكَامِ أَدَاءِ المُحَاضَرَاتِ وَالمُنَازَلاَتِ، وَهَبْهُ النُّفُوذَ الكُلِّيَّ فِي أَسْرَارِ الشَّرْعِ إِلَى أَنْ يَكُونَ نَائِباً عَنْهُ بِهِ فِي الدَّعْوَةِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَالجِدَالِ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ يَا هَادِي .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ الذِي بَلَغَ مِنْ جَاهِهِ العَرِيضِ عِنْدَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ قَصَّرَ التَّعَلُّقَ عَلَيْهِ حِسّاً وَمَعْنىً عَشِقَهُ أَهْلُ المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ، وَسَعَتِ المَوْجُودَاتُ فِي مَطَالِبِهِ، وَكَانَ الوُجُودُ كُلُّهُ لَهُ لاَ عَلَيْهِ، لِقُوَّةِ رَبْطِ الكَائِنَاتِ بِالجَلاَلَةِ المُحَمَّدِيَّةِ . وَأَشْمِمِ اللَّهُمَّ قُوَّةَ شَمِّي مِنْ نَوَافِحِ رَوَائِحِ مِسْكِ جُونَةِ قُوَّى عَقَاقِيرِ الأَمْدَادِ التِي عُجِنَتْ بِالشَّمِّ المُحَمَّدِي حَتَّى كَانَ يَشُمُّ مَنَافِسَ رِيَاحِ النَّصْرِ، فَكَانَ تَزْحُفُ زُحُوفُهُ العَاصِمَةُ إِثْرَ هُبُوبِهَا بِالزَّوَالِ فَتَكُونُ لَهَا العَاقِبَةُ . وَأَشْمِمْ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ يَا بَرُّ قُوَّى أَنْفَاسِي مَهَابَّ الرِّيَاحِ العِنَائِيَّةِ الهَابَّةِ مِنْ بُطْنَانِ العَرْشِ المُسْتَدَلِّ بِهَا عَلَى نَصْبِ مِنَصَّاتِ التَّجَلِّي فِي بِسَاطِ المُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ، فَأَتَعَرَّفَ الأَوْقَاتَ الصَّلاَتِيَّةَ مِنْ فَوْقٍ، وَأَسْتَغْنِيَ عَنِ الآلاَتِ الأَرْضِيَّةِ المُتَغَيِّرَةِ بِتَغَيُّرِ الطَّوَالِعِ وَالفُصُولِ وَالأَزْمَانِ، وَأَعْلَمَ بِهَا قُرْبَ أَوْقَاتِ المُلاَقَاتِ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَرْتَعُ الأَرْوَاحِ، فَإِنَّ لِسَانَ الأَذَانِ يَقُولُ مِنْ عُلْوٍ إِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَجَلَّى فِي قِبْلَةِ بَيْتِهِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا مَا سِوَاهُ . وَأَيْقِظْ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ القُوَّى الشَّمِّيَّةَ مِنِّي مِنَ الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أَعْلَمُ نِهَايَةَ غَضَبِ اللَّهِ فِي مَعَاصِيهِ بِإِدْرَاكِي رَوَائِحَ المَعَاصِي، فَإِنَّ لِلْمَعَاصِي رَوَائِحَ بِحَسَبِ أَكْبَرِيَّتِهَا وَكِبَارِهَا وَمُشَبَّهَاتِهَا وَاللَّمَمِ مِنْهَا، فَأَتَجَنَّبُهَا عَنْ عِلْمٍ وَكَشْفٍ وَنُورٍ، لاَ عَنْ حَدْسٍ وَتَخْمِينٍ يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ. وَأَفْرِغْ لِي ذَنُوباً أَوْ ذَنُوبَيْنِ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِكَ وَمَصَبِّ كَرَمِيَّتِكَ كُلَّ نَفَسٍ وَلَمْحَةٍ وَطَرْفَةٍ يَطْرِفُ بِهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ مِنْ قُوَّى الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُدْرِكُ بِهِ رَوَائِحَ الحَجَرِ الأَسْعَدِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَينٍ، فَأَكُونَ قَدْ أَدْرَكْتُ هُبُوبَ الرِّيَّاحِ الوَصْلِيَّةِ مِنْ مَرْكَزِ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، وَأَشْتَاقَ بِهَا لِمُبَايَعَةِ يَمِينِ الرَّحْمَانِ، فَإِنَّ الحَجَرَ الأَسْعَدَ يَمِينُ الرَّحْمَانِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ قَبَّلَهُ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ لاَ يَعْصِيَهُ . وَأَعْظِمْ لِي يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارُ يَا جَبَّارَ كَسْرَ المُنْكَسِرِينَ الفَيْضَ العَظِيمِيَّ مِنْ قُوَّى الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُدْرِكُ بِهِ رَوَائِحَ القَبْرِ المُعَظَّمِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَبَيَاضِ النَّهَارِ، وَأَلْثَمُ ثُغُورَ هُبُوبِهِ شَيِّقاً بِهِ، لِمَا لَمْ تَحْمِلْ مَعَانِيهِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، رُوحُ الأَرْوَاحِ، وَنَفْسُ النُّفُوسِ، وَعَقْلُ العُقُولِ، وَمَنْ مِنْهُ المَبْدَأُ وَإِلَيْهِ المُنْتَهَى . وَأَوْفِ لِيَ اللَّهُمَّ قِسْطِي مِنْ فُيُوضِ الشَّمِّ المُحَمَّدِي مَا أُوَفِّي بِهِ كُلَّ مُقْتَضىً يَقْتَضِيهِ مِنِّي إِجْلاَلُ الرَّبِّ العَظَمُوتِي، وَإِكْبَارُ الرَّسُولِ الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ بِالقُوَّةِ الشَّمِّيَّةِ حَتَّى لاَ يَتَوَجَّهَ عَلَيَّ عِتَابٌ مِنَ العِتَابَاتِ فِي حَالٍ مِنَ الحَالاَتِ، بَلْ أَكُونُ بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ شُهُوداً، وَمِنْهُ شُهُوداً، وَعَنْهُ شُهُوداً، وَفِيهِ شُهُوداً، وَإِلَيْهِ شُهُوداً، وَمَغْمُوراً بِأَنْوَارِهِ، وَمَشْمُولاً بِأَسْرَارِهِ، وَمَحُوطاً بِمَطَارِحِ شُعَاعَاتِ أَقْمَارِهِ، وَمَخْشُوشاً بِأَلْمَاعِ إِشْرَاقِ إِبْدَارِهِ فِي المَبْدَإِ وَالمَوْسِطِ وَالمُنْتَهَى، وَالدَّارِ الحَيَوَانِ وَمَعَهَا وَفِيهَا وَتَقَلُّبَاتِ أَحْوَالِهَا .{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الاَرْضَ لِلهِ يُورِثُهَا مَنْ يَّشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. وَأَسْتَمْنِحُكَ يَا وَهَّابُ يَا وَهَّابُ يَا وَهَّابُ يَا مِحْسَانُ يَا مِفْضَالُ مِنْ حَيْثُ مَا أَنْتَ مُقْتَضٍ لِلْفَيْضِ العَامِّ المُطْلَقِ الذِي كُنْتَ مُتَّصِفاً بِهِ وَلاَ زِلْتَ قَبْلَ وُجُودِ الطَّالِبِينَ وَالمُحْتَاجِينَ وَالمُسْتَمْنِحِينَ، وَأَسْتَوْهِبُ كَرَمَكَ العَظِيمَ مِنْ حَيْثُ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ.
الجَارِحَة ُ اليَمِينِيَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ كِنْزِ هِدَايَتِكَ، وَإِشْرَاقِ نُورِ دِلاَلاَتِكَ، المُفْرَدِ فِي خَلِيقَتِكَ. وَمُدَّنَا يَا عَلِيمُ يَا سَلاَمُ يَا مُومِنُ يَا مُهَيْمِنُ مِنْ أَمْدَادِ سَرَيَانِ الأَمْدَادِ الإِلَهِيَّةِ فِي القُوَّى اليَمِينِيَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى أَعْلَمَ الشًّقِيَّ مِنَ الأَشْقَى وَالسَّعِيدَ مِنَ الأَسْعَدِ بِاللَّمْسِ، فَأُعَامِلَ كُلاًّ بِمَا يَقْتَضِيهِ الحَقُّ مِنْهُ وَمِنِّي. وَأَفِضْ عَلَيَّ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ مِنْ أَمْدَادِ عُلُومِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى لاَ أَخْرُجَ بِهَا عَنِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ شَرَّعَهُ الشَّرْعُ وَحَدَّدَ الأَحْكَامَ التَّقْدِيرِيَّةَ المَنُوطَةَ بِهِ فِي بَابِ ءادَابِ العُبُودِيَّةِ فِي الوَاجِبِ وَالمُحَرَّمِ وَالنَّدْبِ وَالكَرَاهَةِ وَالإِبَاحَةِ، حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ العَالَمِ التَّكْلِيفِي وَلَيْسَ لأَحَدٍ عَلَيَّ تِبَاعَةٌ بِهَا يَا رَحِيمُ . وجَلِّلْنِي يَا مُتَكَبِّرُ يَا خَالِقُ يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّرُ بِغَمَرَاتِ سَرَائِرِ أَسْرَارِ سَرَيَانِ بَرَكَاتِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى يُفَاضَ عَنْهَا بُحُورُ الكَرَمِ العَامِّ لِجَمِيعِ المُسْتَحِقِّينَ، فَتَكُونَ يَمِينِي خِزَانَةً مِنَ الخَزَائِنِ المُحَمَّدِيَّةِ تُوَصِّلُ لِلأَهَالِي الكَوْنِيَّةِ مُقْتَضَى التَّصَرُّفَاتِ العَطَائِيَّةِ حَسَبَ الاِفْتِقَارِ الذَّاتِي القَائِمِ بِالكَائِنَاتِ. وَغَشِّ يَا حَكِيمُ يَمِينِي مِنْ أَسْرَارِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ مَا يَقُومُ سِرُّ اللَّهِ الظَّاهِرُ فِيهَا بِسِرِّ شَاهَتِ الوُجُوهُ، شَاهَتِ الوُجُوهُ فَتَقُومُ مَقَامَ العَصَا المُوسَوِي عِنْدَ اصْطِكَاكِ الأَحْزَابِ الشَّيْطَانِيَّةِ،
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ}.
{فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ مَا يَافِكُونَ. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ. قَالُوا ءامَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ}. وَقَدِّمْنِي يَا مُقَدِّمُ بِأَسْرَارِ سَرَيَانِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي يَمِينِي حَتَّى تَشْهَدَ لِكُلِّ مَنْ قَبَّلَهَا بِالإِيمَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِنَّ اليَمِينَ المُحَمَّدِيَّةَ مَظْهَرُ المُبَايَعَةِ الإِلَهِيَّةِ فِي عَالَمِ الصُّوَرِ، وَفِي عَالَمِ المَعَانِي، وَفِي عَالَمِ المُجَرَّدَاتِ، وَفِي عَالَمِ المُرَكَّبَاتِ، وَفِي عَالَمِ الغَيْبِ، وَفِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ، لأَنَّ الحَقَائِقَ المُحَمَّدِيَّةَ لِلأَشْيَاءِ بِهَا ارْتِبَاطَاتٌ وَعُلْقَاتٌ وَمُوَاصَلاَتٌ وَإِنَاطَاتٌ فِي جَمِيعِ الحَضَرَاتِ الكُبْرَى وَالوُسْطَى وَمَا دُونَهَا، فَإِنَّ الحَقَائِقَ المُحَمَّدِيَّةَ سِرُّ اللَّهِ فِي العَالَمِ هِيَ فِي الحَقِيقَةِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ فِي الحَقِيقَةِ تَكَثَّرَتْ وَتَعَدَّدَتْ وَانْتَشَرَتْ وَانْبَسَطَتْ، فَهِيَ الظَّاهِرَةُ فِي حَقَائِقِ النَّبِيئِينَ وَالمُرْسَلِينَ عَلَى وَحْدَتِهَا وَانْفِرَادِهَا، وَهِيَ المُنْفَرِدَةُ عَنْهُمْ، وَالمُسْتَأْثِرَةُ بِالسِّرِّ العَظَمُوتِيِّ عَنْهُمْ، فَهِيَ الظَّاهِرَةُ فِيهِمْ، وَالمُنْفَرِدَةُ بِنَفْسِهَا المُجَرَّدَةُ فِي مَقَامِ الوَحْدَةِ عَنْهُمْ، فَكَانَتِ الحَقِيقَةُ المُحَمَّدِيَّةُ مُحَمَّداً فِي مَقَامِ الكَثْرَةِ وَالوَحْدَةِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً قَبْلَ كَوْنِ الكَوْنِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً حِينَ الكَوْنِ، وَلَمْ تَزَلْ مُحَمَّداً بَعْدَ الكَوْنِ، وَلَمْ يَزَلْ نَبِيّاً قَبْلَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ، وَلَمْ تَنْسَلِخْ عَنْهُ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ القَائِمَتَانِ بِهِ قَبْلَ القَبْلِ إِلَى أَنْ ءاذَنَ جَلَّ شَأْنُهُ بِالظُّهُورِ التَّفْصِيلِيِّ النَّشْرِيِّ الشَّهَادِي فِي عَالَمِ التَّفْصِيلِ، فَظَهَرَ مَظْهَراً ثَانِياً عَلَى كُرْسِيِّ الإِنْبَاءِ وَالإِرْسَالِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، دَاعِياً لِلْحَقِّ بِالحَقِّ، وَهَادِياً إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ الحَمِيدِ. وَشَرِّفْنَا يَا حَلِيمُ بِمُبَايَعَةِ اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي هَذِهِ الحَضَائِرِ المَذْكُورَةِ المَجْلُوَّةِ فِي العَوَالِمِ العَظِيمِيَّةِ حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ تَمَسَّحَ يَمِينَنَا يَتَشَرَّفُ بِسَرَيَانِ تِلْكَ الخَصَائِصِ المُحَمَّدِيَّةِ المُسْتَكِنَّةِ فِي قُوَّانَا اليَمِينِيَّةِ يَا عَزِيزُ . وَأَشْهِدْنِي يَا أَللَّهُ عَظِيمَ وُسْعِ عَطَائِكَ المُفَاضِ عَلَى اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى أَشْهَدَ مَا أَوْدَعْتَهُ فِيهَا مِنْ حُظُوظِ الكَائِنَاتِ أَجْمَعِهَا مِنْ لَدُنْ فَتْقِ رَتْقِ عَالَمِ التَّصْوِيرِ الشَّهَادِي إِلَى مُنْتَهَاهُ، فَإِنَّ جَمِيعَ حُظُوظِ المَوْجُودَاتِ المُتَأَخِّرَةِ كُلِّهَا أَوْدَعْتَهَا فِي اليَمِينِ المُحَمَّدِي، الظَّاهِرِ ذَلِكَ بِصُورَةِ رُسُومِ وَخُطُوطِ وَنُقُوشِ وَتَعْلِيمَاتٍ فِي السَّطْحِ اليَمِينِي . فَهَيِّئْنَا لِمُطَالَعَةِ هَذَا العِلْمِ العَظِيمِ . وَفَقِّهْنَا سَرَائِرَ مَكْنُونِ هَذَا الفَتْحِ العَجِيبِ الغَرِيبِ الوَاسِعِ الذَّيْلِ العَجِيبِ السَّمَاعِ آمِين . وَبَارِكِ اللَّهُمَّ عَلَى يَمِينِنَا مِنَ أَثَرِ تَبْرِيكِكَ عَلَى اليَمِينِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى تَسْرِي البَرَكَةُ مِنْ يَمِينِنَا فِي كُلِّ مَلْمُوسٍ وَمُتَخَيَّلٍ أَوْصَلْتَ إِلَيْهِ فِي الحَقِيقَةِ حَظَّهُ مِمَّا أُوذِعَ عِنْدَهَا مِنْ أَقْوَاتِ العَالَمِ وَقَسْمِهِ وَنَيْلِهِ .
جَوهَرُ العَقْلِ الكَرِيمِ المُحَمَّدِي
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ صَلاَةَ صِلَةِ أَمْدَادِ الأَزَلِ وَالأَبَدِ تَعُمُّ كُلَّ مُقْتَضىً مِنْ مُقْتَضَى الكَمَالاَتِ الذَّاتِيَّةِ وَالصِّفَاتِيَّةِ وَالأَسْمَائِيَّةِ وَالأَفْعَالِيَّةِ، وَتُفْرِغُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مُقْتَضَيَاتِهَا وَشُئُونِهَا إِلَى أَنْ صَارَ بِذَلِكَ مُحَرَّراً مِنْ رِقِّ الكَائِنَاتِ، يُشْبِهُهَا فِي الصُّورَةِ وَلاَ يُشْبِهُهَا فِي الكَمَالِ وَالمَعَانِي الحَامِلِ لَهَا، إِلَى أَنْ صَارَ عَقْلُهُ الكَرِيمُ المُحَمَّدِيُّ قُدْسِياً لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالأَغْشِيَّةِ الطَّبِيعِيَّةِ المُجَاوِرِ لَهَا. فَوَاصِلِ اللَّهُمَّ صِلَةَ رَقَائِقِ عَقْلِهِ الكَرِيمِ القُدْسِيِّ الإِمْدَادِيَّةِ إِلَى عَقْلِي إِلَى أَنْ لاَ يَصِيرَ مَعْقُولاً بِمُجَاوَرَةِ الغَوَاشِي الطَّبِيعِيَّةِ، وَالمَوَادِّ التُّرَابِيَّةِ الظُّلْمَانِيَّةِ، وَالتَّقْيِيدَاتِ الوَهْمِيَّةِ، وَالخَيَالاَتِ الفِكْرِيَّةِ، وَالشُّبُهَاتِ الحَائِلَةِ بَيْنَ المَقْصُودِ وَالمَطْمَحِ . وَحَرِّرْ يَا أَللَّهُ يَا أَوَّلُ يَا ظَاهِرُ مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي عَقْلِيَ مِنَ النُّقُوشِ الكَوْنِيَّةِ، وَالإِرْتِسَامَاتِ مِنْ كُلِّ حَقِيقَةٍ رَائِجَةٍ فِي الكَوْنِ تَعْتَلِقُ بِالعَقْلِ إِلَى أَنْ تُكَدِّرَ صَفْوَ مِرْءاتِهِ عَنْ مُسَامَتَةِ الرَّقَائِقِ العُلْوِيَّةِ وَسَرَيَانِ الحَقَائِقِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي المَرَائِي، فَإِنَّ الفُيُوضَ المُحَمَّدِيَّةَ حَائِطَةٌ بِالكَوْنِ وَأَهْلِهِ، غَامِرَةٌ لَهُ، وَمُسْتَعِدَّةٌ لإِمْدَادِهِ، لَوْلاَ تَكْدِيرٌ فِي النُّفُوسِ، وَارْتِسَامَاتٌ فِي العُقُولِ، وَتَقْفِيصٌ فِي الأَرْوَاحِ بِالشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ عَنِ الوُلُوجِ فِي مَيَادِينِ التَّقْدِيسِ، وَأَكِنَّةٌ عَلَى القُلُوبِ وَوَقْرٌ فِي الآذَانِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، فَقَدِّسْ يَا قُدُّوسُ يَا قُدُّوسُ يَا قُدُّوسُ مِنَ السَّرَيَانِ المُحَمَّدِي عُقُولَنَا عَنِ العِقَالاَتِ حَتَّى نَعْرِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالشُّهُودِ وَالعِيَانِ كَمَا عَرَفَتْهُ الأَرْوَاحُ فِي العَالَمِ الفِطْرِي الذَّرِّي فِي أَلاَّ مَادَّةَ وَأَلاَّ مَظْهَرَ وَأَلاَّ تَعَيُّنَ، فَنَعْرِفَ جَلاَلَهُ بِدُونِ ذَوَقَانِ طُعْمٍ لِلْجَهْلِ حَتَّى نَكُونَ مِنْ وَفْدِ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، العَزِيزُ الحَكِيمُ}. وَحَرِّرْ يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ عُقُولَنَا مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ تَنْتَقِشَ فِيهِ العُلُومُ الغَيْبِيَّةُ، وَالمَعَارِفُ اللَّدُنِيَّةُ مِنَ المَوَادِّ السُّبْحَانِيَّةِ، فَإِنَّهُ لاَ حَائِلَ بَيْنَ انْتِقَاشِ مَا فِي العَالَمِ العُلْوِي وَاللَّوْحِ فِي مِرْءاتِ العَقْلِ إِلاَّ عَدَمُ التَّحْرِيرِ مِنْ رِقِّ الأَغْيَارِ وَالصَّدَإِ الحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِرْتِسَامَاتِ اللَّوْحِيَّةِ. وَمُدَّ اللَّهُمَّ عَقْلِي مِنْ أَمْدَادِ عَقْلِهِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ لاَ يُقَيِّدَ الحَقَّ جَلَّ جَلاَلُهُ فِي مَظْهَرٍ أَوْتَجَلٍّ أَوْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ جَلَّ قُدْسُهُ بِقَاعِدَةٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ ضَابِطٍ، فَإِنَّ الضَّوَابِطَ وَالقَوَاعِدَ وَالأَحْكَامَ إِنَّمَا جَاءتْ لِتُحَجِّرَ العُقُولَ عَنْ تَنَطُّعَاتِهَا بِمَا لَيْسَ لَهَا فِيهِ نَصِيبٌ، فَإِنَّ الشَّرْعَ الكَرِيمَ نَفْسَهُ جَاءَ لِمَحْوِ التَّطَلُّعَاتِ العَقْلِيَّةِ، وَالتَّحَكُّمَاتِ الحِسْبَانِيَّةِ، وَالعَمَلِ بِشَمْسِ الشَّرْعِ صِرْفاً، فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ بُزُوغِ شَمْسِ النُّبُوَّةِ حُكْمٌ لِمُقْتَضَى العَقْلِ وَلاَ لِتَحْدِيدَاتِهِ وَتَوْقِيفَاتِهِ . فَجَلِّ اللَّهُمَّ لَنَا حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ عَنْ سَرَيَانِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ نَعْرِفَ الحَقَّ بِالحَقِّ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ بِهِ، وَنُعَايِنَ الحَقَائِقَ كَمَا هِيَ دُونَ عِقَالِ العُقُولِ الظُّلْمَانِيَّةِ المَنْبُوذَةِ بِالعَرَاءِ وَصَاحِبُهَا المُتَحَكِّمَةُ فِيهِ طَرِيحٌ سَقِيمٌ بِالجَهْلِ لاَ يَرْتَاحُ لِرَوْحٍ . وَطَهِّرِ اللَّهُمَّ عُقُولَنَا مِنْ سَرَيَانِ العَقْلِ المُحَمَّدِي حَتَّى لاَ نَقَعَ فِي شَبَكَاتِ أَوْحَالِ التَّوْحِيدِ التَّقْيِيدِي وَأَشْهِدْنَا الجَمَالَ المُطْلَقَ بِهِ بَيْنَ سُجُفِ الأَسْمَاءِ المُحَمَّدِيَّةِ حَتَّى لاَ نَجْهَلَهُ جَلَّ اسْمُهُ فِي مَظْهَرٍ أَوْ رُتْبَةٍ أَوْ تَعَرُّفٍ أَوْ حَضْرَةٍ مِنَ الحَضَرَاتِ، فَأَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ الذِينَ لاَ يُنْكِرُونَ الحَقَّ سُبْحَانَهُ فِي رُتْبَةٍ أَوْ مَظْهَرٍ ظَهَرَ فِيهِ جَلَّ حُكْمُهُ بِشُؤُونِهِ فَيُقِرُّونَهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ التَّجَلِّيَّاتِ التِي يَتَجَلَّى فِيهاَ أَوْبِهَا . فَإِذَا وَرَدْنَا القِيَامَةَ وَتَجَلَّى لَنَا جَلَّ وَجْهُهُ بِمَا شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ، لاَ نُنْكِرُهُ كَمَا يُنْكِرُهُ أَقْوَامٌ لاِحْتِجَابِهِمْ بِالتَّحَكُّمَاتِ العَقْلِيَّةِ وَغَلَبَةِ عَدَمِ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ عَلَى عُقُولِهِمْ، فَكَانُوا يُنْكِرُونَ رَبَّهَمْ جَلَّ أَمْرُهُ فِي الدُّنْيَا إِذَا تَعَرَّفَ لَهُمْ بِتَعَرُّفٍ جَلاَلِي، أَوْ تَجَلَّى لَهُمْ بِمَا لاَ يُلاَئِمُ طِبَاعَهُمْ، فَيَظَلُّونَ فِي المُنَازَعَاتِ وَالرُّدُودِ وَالمُنَاقَضَاتِ مَعَ أَحْكَامِهِ، مَعَ عِلْمِهِمْ {بِأَنَّ الحُكْمَ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ}، وَ{أَنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلهِ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَرْضِ}.
{يُدَبِّرُ الأَمْرَ. يُفَصِّلَ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
{ أَمَّنْ يَّمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُّخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ومَنْ يُّدَبِّرُ الأَمْرَ. فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ }.
وَأَرْبَابُ التَّنْزِيهِ المُطْلَقِ فِي الدُّنْيَا المُقِرُّونَ لِرَبِّهِمْ جَلَّ جَلاَلُهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَحُسْنِ التَّرْبِيَّةِ وَلُطْفِ التَّقْدِيرِ فِي كُلِّ مَا يُبْدِي مِنَ الأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُلاَئِمَةٍ لِلطَّبْعِ يَسْجُدُونَ لِرَبِّهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا بَدَا لَهُمْ أَوَّلَ مَا يَبْدُو، فَإِنَّ صُورَةَ الأَحْكَامِ الأُخْرَوِيَّةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ العَبْدُ المُكَلَّفُ فِي الدُّنْيَا مَعَ رَبِّهِ سُبَحَانَهُ فِي المُعَامَلاَتِ،
{ وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }.وَصيِّرِ اللَّهُمَّ يَا بَصِيرُ يَا بَصِيرُ يَا بَصِيرُ لَذَّةَ عَقْلِي فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِي لَذَّةً قُدْسِيَّةً شُهُودِيَّةً عِيَانِيَّةً مُحَمَّدِيَّةً رُوحِيَّةً حَتَّى أَجْتَنِيَ ثَمَرَتَهَا {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}. فَإِنَّ كُلَّ رَاءٍ يَرَى رَبَّهُ جَلَّ عِزُّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَلْتَذُّ بِرُؤْيَتِهِ حَسَبَمَا كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ ضُرُوبِ اللَّذَاذَاتِ وَغَلَبَاتِ المُشْتَهَيَاتِ، فَلِذَلِكَ حَصَرَ المُحَقِّقُونَ اللَّذَّةَ فِي المَعَارِفِ يَا كَرِيمُ . وَخُذْ إِلَيْكَ يَا أَللَّهُ يَا أَللَّهُ يَا أَللَّهُ جَوْهَرَ عَقْلِي مِنْ بَيْنِ اشْتِبَاكِ الأَوْهَامِ وَتَضَادِّ الأَفْكَارِ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ إِلَى أَنْ تَهْدِيهَا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ يَا هَادِي، اهْدِنَا صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ. وَجَوْهِرِ اللَّهُمَّ عَقْلِي مِنْ سَرَيَانِ رَقَائِقِ العَقْلِ المُحَمَّدِي إِلَى أَنْ يَنْفَتِحَ لَهُ عَنْكَ فَهْمُ المُرَادَاتِ، وَيَطَّلِعَ عَلَى مَوَاقِعِ الخِطَابَاتِ، وَيَنْكَشِفَ عَنْ أَسْرَارِ تَنْزِيلِ الآيَاتِ، وَيَعْثُرَ عَلَى أَسْرَارِ الشَّرْعِيَّاتِ، وَأَحْكَامِ أَدَاءِ المُحَاضَرَاتِ وَالمُنَازَلاَتِ، وَهَبْهُ النُّفُوذَ الكُلِّيَّ فِي أَسْرَارِ الشَّرْعِ إِلَى أَنْ يَكُونَ نَائِباً عَنْهُ بِهِ فِي الدَّعْوَةِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَالجِدَالِ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ يَا هَادِي .
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin