مظاهر الوراثة المحمدية في حياة محيي الطريق سيدي محمد بلقائد قدس الله سره:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
الحمد لله الذي لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه، فهم النجوم في سماء الولاية بهم أهل الأرض يهتدون، ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أما بعد:
فإنه من كرم الله سبحانه على هذه الأمة المحمدية المرحومة، أن هيأ لها علماء الشريعة فكانوا ولا زالوا حُرّاسا على الأحكام من التبديل والتغيير ، حفظ الله بهم الدين واستقام الناس على الصراط المستقيم، ثم إن من كمال فضله سبحانه أن هيأ للأمة أهل القلوب العلماء بالله الجامعون للشريعة والحقيقة، فجعلهم حراسا على قلوب أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من طوارق الغفلة فكانت مهمتهم جمع قلوب الأمة على محبة كاشف الغمة سيد الوجود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واستحضار معيته وسره ونوره في الكائنات، وهي الغاية الكبرى والنعمة العظمى.
فهنيئا لمن جمعه الله بأولياء الله وقذف في قلبه محبتهم وخدمتهم، روى الإمام أحمد في مسنده أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: "إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم" ويقول سيدي أبو عبدة البصري رضي الله عنه: "طوبى لمن تعرف بالأولياء فإنه إذا عرفهم استدرك ما فاته من الطاعات، وإن لم يستدرك شفعوا عند الله فيه لأنهم أهل الفتوة".
من هنا كانت أعظم منن الله على عبده أن يقذف في قلبه حب الصالحين وخدمتهم، والاستمداد من أنوارهم وأسرارهم ودوام الحضور بين أيديهم، فإن غاب عنهم حسا تلذذ بذكر مناقبهم وأحوالهم مستمطراً بذلك الرحمات عند ذكرهم.
يا من يذكرني حديث أحبتي ...
طاب الحديث بذكرهم ويطيب
أعد الحديث علي من جنباته ...
إن الحديث عن الحبيب حبيب
من هذا المنطلق واغتناما لهذا المنبر الكريم الذي كان ولا يزال الهدف منه إيصال المنفعة وجمع القلوب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، تتزين الصفحة بعرض مختصر مقتضب لبعض من جوانب ومظاهر الوراثة المحمدية التي تجلت ظاهرة للعيان في حياة محيي الطريق قدس الله سره، وذلك بمناسبة ذكراه الكريمة إذ نستمطر بذلك الرحمات ونستجلب الخيرات بذكر الصالحين من أهل الله الدالين على الله بإذنه حالا وقالا.
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبوداود والترمذي من حديث سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه: (( إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم النافع فمن أخذ به أخذ بحظ وافر )) ذكر صلوات ربي وسلامه عليه في هذا الحديث الشريف الوارث المحمدي في اشارات ولطائف هذا الحديث فقال (إن الأنبياء) وسيدهم صلوات ربي وسلامه عليه (لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم النافع) قبل أن يتكلم عن التحلي بالعلم تكلم عن التخلي عن الدنيا وشوائبها، فالدينار والدرهم كناية عن الدنيا وحلاوتها.
ومفاده أن العالم الذي بقي في قلبه قطرة من حب الدينار والدرهم وإن علم وحفظ فهو عالم لكن ليس بوارث الوارث ليس في قلبه حبا للدينار والدرهم ولذا بدأ صلوات ربي وسلامه عليه في وصف الوارثين بالتخلي (إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما).
وهذا التخلي عن حب الدنيا لا يخرج بالعلم وإنما يخرج بصحبة الوارثين رضوان الله عليهم الذين ورثوا ذلك التخلي شيخا عن شيخ إلى سيد الموروثين صلوات ربي وسلامه عليه، وتجسيدا لهذا المعنى فإنه لا يمكن أن نفهم هذا الحديث ونتذوق معناه إلا بالنظر والاستمداد من حياة سلفنا رضوان الله عليهم ومناقبهم، سمعنا شيخنا رضي الله عنه يقول في بعض مجالسه وهو يذكرنا ببعض مناقب محيي الطريق رضي الله عنه وأرضاه: لما انتقل والده إلى رحمة الله في حياة جده رضوان الله عليهم جميعا وهو في شبابه وكان جده ميسور الحال جاء إلى حفيده محيي الطريق رضي الله عنه وأرضاه وقال: (يا ولدي تعلم منزلتك مني وتعلم حبي لك وتعلم أنك لا ترث مني مالا، فخذ هذه هدية مني إليك) وأراد أن يعطيه مبلغا معتبرا من المال، لكن الحفيد كان متربيا بين يدي ذلك الجد الكامل المربي وبين يدي شيخه سيدي محمد الهبري فنظر سيدي محمد بلقائد إلى جده نظرة الواثق بالله وقال: (يا جد إنما أريد أن أرث منك بركتك وعلمك ودعائك، أما المال فهو ظل زائل) ففرح الجد رضي الله عنه بالحفيد الوارث ودعا له بالبركة والخير.
قال شيخنا في معرض هذه القصة الجليلة: (ونحن في تلك البركة نتنعم).
وما هي عليه الطريق المباركة في الحس والمعنى إنما من تلك الفطانة من ذلك الوارث وذلك الدعاء من ذلك الجد الكامل رضوان الله عليهم جميعا، فمن كان هذا حاله لا بد أن يكون وارثا محمديا نفعنا الله به في الدنيا والآخرة وجزاه عنا أفضل ما جازى شيخا عن مريديه.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
الحمد لله الذي لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه، فهم النجوم في سماء الولاية بهم أهل الأرض يهتدون، ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أما بعد:
فإنه من كرم الله سبحانه على هذه الأمة المحمدية المرحومة، أن هيأ لها علماء الشريعة فكانوا ولا زالوا حُرّاسا على الأحكام من التبديل والتغيير ، حفظ الله بهم الدين واستقام الناس على الصراط المستقيم، ثم إن من كمال فضله سبحانه أن هيأ للأمة أهل القلوب العلماء بالله الجامعون للشريعة والحقيقة، فجعلهم حراسا على قلوب أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من طوارق الغفلة فكانت مهمتهم جمع قلوب الأمة على محبة كاشف الغمة سيد الوجود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واستحضار معيته وسره ونوره في الكائنات، وهي الغاية الكبرى والنعمة العظمى.
فهنيئا لمن جمعه الله بأولياء الله وقذف في قلبه محبتهم وخدمتهم، روى الإمام أحمد في مسنده أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: "إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم" ويقول سيدي أبو عبدة البصري رضي الله عنه: "طوبى لمن تعرف بالأولياء فإنه إذا عرفهم استدرك ما فاته من الطاعات، وإن لم يستدرك شفعوا عند الله فيه لأنهم أهل الفتوة".
من هنا كانت أعظم منن الله على عبده أن يقذف في قلبه حب الصالحين وخدمتهم، والاستمداد من أنوارهم وأسرارهم ودوام الحضور بين أيديهم، فإن غاب عنهم حسا تلذذ بذكر مناقبهم وأحوالهم مستمطراً بذلك الرحمات عند ذكرهم.
يا من يذكرني حديث أحبتي ...
طاب الحديث بذكرهم ويطيب
أعد الحديث علي من جنباته ...
إن الحديث عن الحبيب حبيب
من هذا المنطلق واغتناما لهذا المنبر الكريم الذي كان ولا يزال الهدف منه إيصال المنفعة وجمع القلوب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، تتزين الصفحة بعرض مختصر مقتضب لبعض من جوانب ومظاهر الوراثة المحمدية التي تجلت ظاهرة للعيان في حياة محيي الطريق قدس الله سره، وذلك بمناسبة ذكراه الكريمة إذ نستمطر بذلك الرحمات ونستجلب الخيرات بذكر الصالحين من أهل الله الدالين على الله بإذنه حالا وقالا.
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبوداود والترمذي من حديث سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه: (( إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم النافع فمن أخذ به أخذ بحظ وافر )) ذكر صلوات ربي وسلامه عليه في هذا الحديث الشريف الوارث المحمدي في اشارات ولطائف هذا الحديث فقال (إن الأنبياء) وسيدهم صلوات ربي وسلامه عليه (لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم النافع) قبل أن يتكلم عن التحلي بالعلم تكلم عن التخلي عن الدنيا وشوائبها، فالدينار والدرهم كناية عن الدنيا وحلاوتها.
ومفاده أن العالم الذي بقي في قلبه قطرة من حب الدينار والدرهم وإن علم وحفظ فهو عالم لكن ليس بوارث الوارث ليس في قلبه حبا للدينار والدرهم ولذا بدأ صلوات ربي وسلامه عليه في وصف الوارثين بالتخلي (إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما).
وهذا التخلي عن حب الدنيا لا يخرج بالعلم وإنما يخرج بصحبة الوارثين رضوان الله عليهم الذين ورثوا ذلك التخلي شيخا عن شيخ إلى سيد الموروثين صلوات ربي وسلامه عليه، وتجسيدا لهذا المعنى فإنه لا يمكن أن نفهم هذا الحديث ونتذوق معناه إلا بالنظر والاستمداد من حياة سلفنا رضوان الله عليهم ومناقبهم، سمعنا شيخنا رضي الله عنه يقول في بعض مجالسه وهو يذكرنا ببعض مناقب محيي الطريق رضي الله عنه وأرضاه: لما انتقل والده إلى رحمة الله في حياة جده رضوان الله عليهم جميعا وهو في شبابه وكان جده ميسور الحال جاء إلى حفيده محيي الطريق رضي الله عنه وأرضاه وقال: (يا ولدي تعلم منزلتك مني وتعلم حبي لك وتعلم أنك لا ترث مني مالا، فخذ هذه هدية مني إليك) وأراد أن يعطيه مبلغا معتبرا من المال، لكن الحفيد كان متربيا بين يدي ذلك الجد الكامل المربي وبين يدي شيخه سيدي محمد الهبري فنظر سيدي محمد بلقائد إلى جده نظرة الواثق بالله وقال: (يا جد إنما أريد أن أرث منك بركتك وعلمك ودعائك، أما المال فهو ظل زائل) ففرح الجد رضي الله عنه بالحفيد الوارث ودعا له بالبركة والخير.
قال شيخنا في معرض هذه القصة الجليلة: (ونحن في تلك البركة نتنعم).
وما هي عليه الطريق المباركة في الحس والمعنى إنما من تلك الفطانة من ذلك الوارث وذلك الدعاء من ذلك الجد الكامل رضوان الله عليهم جميعا، فمن كان هذا حاله لا بد أن يكون وارثا محمديا نفعنا الله به في الدنيا والآخرة وجزاه عنا أفضل ما جازى شيخا عن مريديه.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin