ومنها : أن يكون من شأنه دائماً النشاط والنهضة وأن لا يرمي بنفسه إلى العجز والكسل، ومتى تناول شيئأ وهو قاعد فهو عاجز لا يجيء منه شيئٌ.
ومنها : أن لا يأكل ولا يشرب ولا يركب ولا ينكح ولا ينام إلّا عن ضرورة، تؤدي ترك هذه الأمور إلى أعظم من فعِلها في المفسدة وهذا وإن كان من فعل هذه الأمور قد أتى مباحاً لكن فعل المباح ليس من شأن المريدين.
ومنها : أن يرى دائماً حقارة نفسه ليكون خدوماً لإخوانه ولا يخدمه أحد منهم.
ومنها : أن يكون يقظاً فطناً لِما يأمره به شيخه ولا يحوج شيخه إلى تصريح بأمر أو نهي بل يفهم بالإشارة.
ومنها : أن يكون من شأنه دائماً الإطراق وعدم الالتفات وفضول النظر، حتى كان أحدهم إذا سُئلَ عن صفة جليسه لا يعرفها فكيف بشيخه، وما قام أحدٌ بهذا الأدب مثل ما قام به النقشبندية ببلاد السند، فإنَّ أحدهم بمجرّد ما يأخدُ شيخه عليه العهد لا يعود ينظر إليه حتى يموت.
ومنها : أن لا يَلهج بغير ذكر الله عزَّ وجلَّ ولا يجيب قط من عز له إلى غيره من زوائد العلوم ونوافل العبادات، فإنّ الذكر لله لا يقبل فيه الشرك، فكل شيء أشرك المريد معه تخلف عن الفتح بقدره كثُرَت أو قلَّتْ.
ومنها : القيام بالإمامة و الآذان وغسل الثياب لإخوانه إذا اتسخت واستئذن في ذلك شيخه، وكذلك من آدابه إصلاح السراج وتنظيف المستراح وتهييء الأحجار للاستنجاء وماء الوضوء واتخاد السجّادة والقطيفة لمسح الأعضاء والسواك والمشط والمقص والإبرى ومحك الرأس.
ومنها : استعماله الحنك الأيمن في موضع الطعام واستعمال الطيب في الإبط وصنع الطعام على السفرة دون الأرض كلما أكل تعظيماً لنعمة الله عز وجل.
ومنها : تخفيف الثياب لدخوله الخلاء والبداة في التشمير بالكم الأيسر وفي التشمير لأمر آخر كوضع السفرة أو رفعها أو استعمال شيءٌ طاهر بالكم الأيمن ويخلع سراويله بحيث يتمكن من الجلوس ويكون ذلك بحيث لا يراه أحد ويجعلها تحت القميص تحت إباطه الأيسر، وإذا أراد أن يدخل بيت الطهارة يضرب برجليه الأرض ثلاث مرات على باب الخلاء ثم يتنحنح يعني بذلك هل هنا أحد فيجيبُه الآخر من داخل بالتنحنح، ولا يطرق الباب فربَّما انفتح فكشف عورة من هناك.
وبالجملة فالآداب كثيرة ولكنها اندرست لقلة أهلها ومَن يستعملها، وقد كان اللصوص في الزّمن الماضي شروط وما أظنُّ أنّ واحداً من المريدين الآن يقدر على العمل بها مع ادعائهم الإقبال على الله تعالى وأنهم صادقون في ذلك. ولنذكر لك منها بعض الشروط لتعرف حال أهل زمانك اليوم منها : أن أحدهم كان إذا خرج للسرقة يتطهر ويصلي ركعتين بحضور تام ثم يقول : "يا ستَّار يا ستار استرني" سبعين مرّة، ثم يخرج مراقبا لله عز وجل لا يفتر عن مشاهدته بقلبه حتى يرجع. ويقول في ابتداء خروجه : "اللهم اغنني بحلالك عن الحرام وإن قسمت لي حراماً فأسألك أن لا تؤاخدني به وأن تُخلفَ على أصحابه بأضعافه" ناوياً أن يرزقه الله تعالى ما جعله حراماً ليقوم هو بوزره دون إخوانه من المسلمين لما هو عليه من الفتوّة ولما جعله الله تعالى في قلبه من الرحمة والشفقة على عباد الله ثم يقول : "اللهم اخلف على من قسمت لي أن أسرق من ماله بأضعاف ما أسرقه وأنزل له البركة في رزقه" .
وقد قلتُ مرة لشخص من الأولياء وكان لصاًّ ما دليلك في السرقة المنافية لأحوال الصالحين ؟ فقال : لي دليلي قوله تعالى : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأنا أفدي إخواني من أكل الحرام لأتحمّل عنهم العقاب في الدنيا والآخرة، وذلك لي بحكم الإرث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا أولى من إخواني بأنفسهم وأشفق عليهم منهم على أنفسهم .
ومن شروطهم انهم كانوا لا يسرقون من بيت شخص أكلوا عنده أو عند أحد من إخوانه لقمة واحدة في الدهر، وقد حكى إلي شيخنا رضي الله عنه عن حمور كبير اللصوص رحمه الله تعالى أنه دخل بيتَ تاجر مرة في اللّيل ففتح التاجر عينيه من النوم فوجده واقفاً على رأسه فقال له : لا تخف يا خواجا نحن ضيوفك الليلة فقال : الضيافة وكل خير، ثم أخرج لهم الف دينار ذهب وكانوا عشرة لكلّ رجل منهم مائة دينار، فقال لحمور : عدك العيب يا خواجا، فلما أرادوا الخروج نظر بعض اللصوص إلى حُقٍّ يضيءُ على الرف من فضة فأخده وفتحه فإذا فيه شيءٌ أبيض فلحس منه فإذا هو ملح، فقال : آه هذا ملح فسمع بذلك حمور فقال لأصحابه : ردُّوا ما معكم، واللهِ لا يصحبنا مِن ذلك ديناراً واحداً بعد أن ذاق صاحبنا من ملحه، ثم خرج وهو يضحك.
فانظر حالك أيها المريد مع إخوانك وأكلك من خبزهم وطعامهم ليلاً ونهاراً، ثمَّ لا تحفظ لهم شيئاً من ذلك وتخونهم وتذكرهم بالنقص من ورائهم ومن قدامهم، والإنسان على نفسه بصيرة. ومنها : أنهم كانوا لا يأخدون من النقد إذا وجدوه سوى العُشر، ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون قط من بيت فيه فرح كطهورا أو عرساً أو مولد. ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون من بيت أمين عنده مال الأيتامن ولا من بيت شخص مشهور بودائع الناس. ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون من حارة وليٍّ للهِ حياًّ كان أو ميِّتاً أدباً مع ذلك الوليُّ. ومنها: أنهم كانوا لا يسرقون قط حوائج امرأة ولا من ثياب أطفالها عفى الله عنهم أجمعين.
فتأمَّل هذه الآداب من مثل هؤلاء وهم حراميّة فكيف يكون آداب المريد الذي طالب طريق الحق فآدابه من باب أولى، فاعلم ذلك والله يتولى هداك والحمد لله رب العالمين.
ومنها : أن لا يأكل ولا يشرب ولا يركب ولا ينكح ولا ينام إلّا عن ضرورة، تؤدي ترك هذه الأمور إلى أعظم من فعِلها في المفسدة وهذا وإن كان من فعل هذه الأمور قد أتى مباحاً لكن فعل المباح ليس من شأن المريدين.
ومنها : أن يرى دائماً حقارة نفسه ليكون خدوماً لإخوانه ولا يخدمه أحد منهم.
ومنها : أن يكون يقظاً فطناً لِما يأمره به شيخه ولا يحوج شيخه إلى تصريح بأمر أو نهي بل يفهم بالإشارة.
ومنها : أن يكون من شأنه دائماً الإطراق وعدم الالتفات وفضول النظر، حتى كان أحدهم إذا سُئلَ عن صفة جليسه لا يعرفها فكيف بشيخه، وما قام أحدٌ بهذا الأدب مثل ما قام به النقشبندية ببلاد السند، فإنَّ أحدهم بمجرّد ما يأخدُ شيخه عليه العهد لا يعود ينظر إليه حتى يموت.
ومنها : أن لا يَلهج بغير ذكر الله عزَّ وجلَّ ولا يجيب قط من عز له إلى غيره من زوائد العلوم ونوافل العبادات، فإنّ الذكر لله لا يقبل فيه الشرك، فكل شيء أشرك المريد معه تخلف عن الفتح بقدره كثُرَت أو قلَّتْ.
ومنها : القيام بالإمامة و الآذان وغسل الثياب لإخوانه إذا اتسخت واستئذن في ذلك شيخه، وكذلك من آدابه إصلاح السراج وتنظيف المستراح وتهييء الأحجار للاستنجاء وماء الوضوء واتخاد السجّادة والقطيفة لمسح الأعضاء والسواك والمشط والمقص والإبرى ومحك الرأس.
ومنها : استعماله الحنك الأيمن في موضع الطعام واستعمال الطيب في الإبط وصنع الطعام على السفرة دون الأرض كلما أكل تعظيماً لنعمة الله عز وجل.
ومنها : تخفيف الثياب لدخوله الخلاء والبداة في التشمير بالكم الأيسر وفي التشمير لأمر آخر كوضع السفرة أو رفعها أو استعمال شيءٌ طاهر بالكم الأيمن ويخلع سراويله بحيث يتمكن من الجلوس ويكون ذلك بحيث لا يراه أحد ويجعلها تحت القميص تحت إباطه الأيسر، وإذا أراد أن يدخل بيت الطهارة يضرب برجليه الأرض ثلاث مرات على باب الخلاء ثم يتنحنح يعني بذلك هل هنا أحد فيجيبُه الآخر من داخل بالتنحنح، ولا يطرق الباب فربَّما انفتح فكشف عورة من هناك.
وبالجملة فالآداب كثيرة ولكنها اندرست لقلة أهلها ومَن يستعملها، وقد كان اللصوص في الزّمن الماضي شروط وما أظنُّ أنّ واحداً من المريدين الآن يقدر على العمل بها مع ادعائهم الإقبال على الله تعالى وأنهم صادقون في ذلك. ولنذكر لك منها بعض الشروط لتعرف حال أهل زمانك اليوم منها : أن أحدهم كان إذا خرج للسرقة يتطهر ويصلي ركعتين بحضور تام ثم يقول : "يا ستَّار يا ستار استرني" سبعين مرّة، ثم يخرج مراقبا لله عز وجل لا يفتر عن مشاهدته بقلبه حتى يرجع. ويقول في ابتداء خروجه : "اللهم اغنني بحلالك عن الحرام وإن قسمت لي حراماً فأسألك أن لا تؤاخدني به وأن تُخلفَ على أصحابه بأضعافه" ناوياً أن يرزقه الله تعالى ما جعله حراماً ليقوم هو بوزره دون إخوانه من المسلمين لما هو عليه من الفتوّة ولما جعله الله تعالى في قلبه من الرحمة والشفقة على عباد الله ثم يقول : "اللهم اخلف على من قسمت لي أن أسرق من ماله بأضعاف ما أسرقه وأنزل له البركة في رزقه" .
وقد قلتُ مرة لشخص من الأولياء وكان لصاًّ ما دليلك في السرقة المنافية لأحوال الصالحين ؟ فقال : لي دليلي قوله تعالى : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأنا أفدي إخواني من أكل الحرام لأتحمّل عنهم العقاب في الدنيا والآخرة، وذلك لي بحكم الإرث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا أولى من إخواني بأنفسهم وأشفق عليهم منهم على أنفسهم .
ومن شروطهم انهم كانوا لا يسرقون من بيت شخص أكلوا عنده أو عند أحد من إخوانه لقمة واحدة في الدهر، وقد حكى إلي شيخنا رضي الله عنه عن حمور كبير اللصوص رحمه الله تعالى أنه دخل بيتَ تاجر مرة في اللّيل ففتح التاجر عينيه من النوم فوجده واقفاً على رأسه فقال له : لا تخف يا خواجا نحن ضيوفك الليلة فقال : الضيافة وكل خير، ثم أخرج لهم الف دينار ذهب وكانوا عشرة لكلّ رجل منهم مائة دينار، فقال لحمور : عدك العيب يا خواجا، فلما أرادوا الخروج نظر بعض اللصوص إلى حُقٍّ يضيءُ على الرف من فضة فأخده وفتحه فإذا فيه شيءٌ أبيض فلحس منه فإذا هو ملح، فقال : آه هذا ملح فسمع بذلك حمور فقال لأصحابه : ردُّوا ما معكم، واللهِ لا يصحبنا مِن ذلك ديناراً واحداً بعد أن ذاق صاحبنا من ملحه، ثم خرج وهو يضحك.
فانظر حالك أيها المريد مع إخوانك وأكلك من خبزهم وطعامهم ليلاً ونهاراً، ثمَّ لا تحفظ لهم شيئاً من ذلك وتخونهم وتذكرهم بالنقص من ورائهم ومن قدامهم، والإنسان على نفسه بصيرة. ومنها : أنهم كانوا لا يأخدون من النقد إذا وجدوه سوى العُشر، ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون قط من بيت فيه فرح كطهورا أو عرساً أو مولد. ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون من بيت أمين عنده مال الأيتامن ولا من بيت شخص مشهور بودائع الناس. ومنها : أنهم كانوا لا يسرقون من حارة وليٍّ للهِ حياًّ كان أو ميِّتاً أدباً مع ذلك الوليُّ. ومنها: أنهم كانوا لا يسرقون قط حوائج امرأة ولا من ثياب أطفالها عفى الله عنهم أجمعين.
فتأمَّل هذه الآداب من مثل هؤلاء وهم حراميّة فكيف يكون آداب المريد الذي طالب طريق الحق فآدابه من باب أولى، فاعلم ذلك والله يتولى هداك والحمد لله رب العالمين.
10/11/2024, 21:08 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الرابعة: قوانين الميراث تفضل الرجال على النساء ـ د.نضير خان
10/11/2024, 21:05 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثالثة: شهادة المرأة لا تساوي سوى نصف رجل ـ د.نضير خان
10/11/2024, 21:02 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثانية: المرأة لا تستطيع الطلاق ـ د.نضير خان
10/11/2024, 20:59 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الأولى: الإسلام يوجه الرجال لضرب زوجاتهم ـ د.نضير خان
10/11/2024, 20:54 من طرف Admin
» كتاب: المرأة في المنظور الإسلامي ـ إعداد لجنة من الباحثين
10/11/2024, 20:05 من طرف Admin
» كتاب: (درة العشاق) محمد صلى الله عليه وسلم ـ الشّاعر غازي الجَمـل
9/11/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
9/11/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:59 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
7/11/2024, 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin