[كتاب السلم] [فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه]
وَشَعِيرٍ أَنْ يُذْكَرَ (نَوْعُهُ) كَبِرْنِيٍّ أَوْ مَعْقِلِيٍّ (وَلَوْنَهُ) كَأَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ (وَبَلَدُهُ) كَمَدَنِيٍّ أَوْ مَكِّيٍّ (وَجُرْمِهِ) كِبَرًا أَوْ صِغَرًا (وَعُتُقُهُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَوْ حَدَاثَتُهُ) وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُ مُدَّةِ عِتْقِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجُذَاذِ وَشُرِطَ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مَا ذُكِرَ إلَّا الْعِتْقَ وَالْحَدَاثَةَ (وَفِي عَسَلٍ) أَيْ عَسَلِ نَحْلٍ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَذْكُرَ (مَكَانَهُ) كَجَبَلِيٍّ أَوْ بَلَدِيٍّ وَيُبَيِّنُ بَلَدَهُ كَحِجَازِيٍّ أَوْ مِصْرِيٍّ (وَزَمَانُهُ) كَصَيْفِيٍّ أَوْ خَرِيفِيٍّ (وَلَوْنُهُ) كَأَبْيَضَ أَوْ أَصْفَرَ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ وَقُوتَهُ أَوْ رِقَّتَهُ لَا عِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ (صَحَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ مُسْلَمٍ فِيهِ أَرْدَأَ أَوْ أَجْوَدَ) مِنْهُ (صِفَةً وَيَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلِأَنَّ الْجَوْدَةَ صِفَةٌ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَهِيَ تَابِعَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا أَمَّا الْأَرْدَأُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَفْصِيلِهَا وَمِنْ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ كَالْبَحْرِ؛ إذْ لَا يُعْرَفُ لَوْنُهُ وَصِغَرُ حَبَّاتِهِ وَكِبَرُهَا لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ فِي النُّخَالَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِانْكِبَاسٍ وَضِدِّهِ وَيَصِحُّ فِي الْأَدِقَّةِ فَيُذْكَرُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ طَحْنِهِ أَهُوَ بِرَحَا الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةِ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتِهِ وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ تِبْنِ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَكِيلِهِ أَوْ وَزْنِهِ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَا وَيَجُوزُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَزْنًا أَيْ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَقَطْعُ مَجَامِعِ الْعُرُوقِ مِنْ أَسْفَلَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ وَيَصِحُّ فِي الْبُقُولِ كَكُرَّاثٍ وَثُومٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَسَلْقٍ وَنَعْنَاعٍ وَهِنْدَبَا وَزْنًا فَيَذْكُرُ جِنْسَهَا وَنَوْعَهَا وَلَوْنَهَا وَكِبْرَهَا وَصِغَرَهَا وَبَلَدَهَا وَلَا يَصِحُّ فِي اللُّفْتِ وَالْجَزَرِ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْوَرَقِ؛ لِأَنَّ وَرَقَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَيَصِحُّ فِي الْأَشْعَارِ وَالْأَصْوَافِ وَالْأَوْبَارِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَيَذْكُرُ نَوْعَ أَصْلِهِ وَذُكُورَتَهُ أَوْ أُنُوثَتَهُ؛ لِأَنَّ صُوفَ الْإِنَاثِ أَنْعَمُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَبَلَدِهِ وَلَوْنِهِ وَوَقْتِهِ هَلْ هُوَ خَرِيفِيٌّ أَوْ رَبِيعِيٌّ وَطُولُهُ أَوْ قِصَرُهُ وَوَزْنُهُ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مُنَقًّى مِنْ بَعْرٍ وَنَحْوِهِ كَشَوْكٍ وَيَجُوزُ شَرْطُ غُسْلِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَزِّ، وَفِيهِ دُودُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ وَيَصِحُّ فِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ كَزَعْفَرَانٍ لِانْضِبَاطِهَا فَيُذْكَرُ وَصْفُهَا مِنْ لَوْنٍ وَنَحْوِهِ وَوَزْنُهَا وَنَوْعُهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَشَعِيرٍ) أَيْ شَعِيرُ الْغَلَّةِ لَا شَعِيرُ الْأُرْزِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ أَيْ وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَبَلَدَهُ كَمَدَنِيٍّ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَلَدِ الْقُطْرُ لَا شَخْصُ الْبَلَدِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ لَا يَذْكُرُوا اللَّوْنَ وَلَا صِغَرَ الْحَبَّاتِ وَهِيَ عَادَةٌ فَاسِدَةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ اهـ. ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ كِبَرًا أَوْ صِغَرًا) ؛ لِأَنَّ صَغِيرَ الْحَبِّ أَقْوَى وَأَشَدُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ) أَيْ أَوْ كَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجُذَاذِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِيَ أَصْلَبُ لَا مُدَّةَ جَفَافِهِ إلَّا فِي مَحَلٍّ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْغَرَضُ بِذَلِكَ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَسَلِ نَحْلٍ) وَيُسَمَّى الْحَافِظُ الْأَمِينُ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ كُلَّ شَيْءٍ وُضِعَ فِيهِ مِنْ التَّغَيُّرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ) الضَّمِيرُ لِلْعَسَلِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مَرْعَى أَصْلِهِ وَهُوَ النَّحْلُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقُوَّتَهُ) أَيْ ثِخَنَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ اهـ. ع ش.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ]
(قَوْلُهُ: وَوَقْتُ أَدَائِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَتَكُونُ غَيْرُ مُسَلَّطَةً عَلَيْهِ أَيْضًا وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي أَيْ وَبَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ وَقْتِ أَدَائِهِ أَيْ بَيَانِ أَدَائِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَفِي غَيْرِ مَكَانِ أَدَائِهِ اهـ. شَيْخُنَا
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولٌ كَكَوْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ زَوْجُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرْدٌ أَوْ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ أَوْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَفِي نَحْوِ عَمِّهِ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولُهُ إلَخْ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى وُجُوبِ قَبُولِ الْأَجْوَدِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْوَدِ بِأَنَّ الْمُحْضَرَ بِالصِّفَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَقِيقَةً وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْوَدُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَوَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ شَامِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إفْسَادُ الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ بِإِبْدَاءِ فَارِقٍ فِيهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا
وَشَعِيرٍ أَنْ يُذْكَرَ (نَوْعُهُ) كَبِرْنِيٍّ أَوْ مَعْقِلِيٍّ (وَلَوْنَهُ) كَأَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ (وَبَلَدُهُ) كَمَدَنِيٍّ أَوْ مَكِّيٍّ (وَجُرْمِهِ) كِبَرًا أَوْ صِغَرًا (وَعُتُقُهُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَوْ حَدَاثَتُهُ) وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُ مُدَّةِ عِتْقِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجُذَاذِ وَشُرِطَ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مَا ذُكِرَ إلَّا الْعِتْقَ وَالْحَدَاثَةَ (وَفِي عَسَلٍ) أَيْ عَسَلِ نَحْلٍ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَذْكُرَ (مَكَانَهُ) كَجَبَلِيٍّ أَوْ بَلَدِيٍّ وَيُبَيِّنُ بَلَدَهُ كَحِجَازِيٍّ أَوْ مِصْرِيٍّ (وَزَمَانُهُ) كَصَيْفِيٍّ أَوْ خَرِيفِيٍّ (وَلَوْنُهُ) كَأَبْيَضَ أَوْ أَصْفَرَ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ وَقُوتَهُ أَوْ رِقَّتَهُ لَا عِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ (صَحَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ مُسْلَمٍ فِيهِ أَرْدَأَ أَوْ أَجْوَدَ) مِنْهُ (صِفَةً وَيَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلِأَنَّ الْجَوْدَةَ صِفَةٌ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَهِيَ تَابِعَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا أَمَّا الْأَرْدَأُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَفْصِيلِهَا وَمِنْ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ كَالْبَحْرِ؛ إذْ لَا يُعْرَفُ لَوْنُهُ وَصِغَرُ حَبَّاتِهِ وَكِبَرُهَا لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ فِي النُّخَالَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِانْكِبَاسٍ وَضِدِّهِ وَيَصِحُّ فِي الْأَدِقَّةِ فَيُذْكَرُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ طَحْنِهِ أَهُوَ بِرَحَا الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةِ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتِهِ وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ تِبْنِ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَكِيلِهِ أَوْ وَزْنِهِ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَا وَيَجُوزُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَزْنًا أَيْ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَقَطْعُ مَجَامِعِ الْعُرُوقِ مِنْ أَسْفَلَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ وَيَصِحُّ فِي الْبُقُولِ كَكُرَّاثٍ وَثُومٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَسَلْقٍ وَنَعْنَاعٍ وَهِنْدَبَا وَزْنًا فَيَذْكُرُ جِنْسَهَا وَنَوْعَهَا وَلَوْنَهَا وَكِبْرَهَا وَصِغَرَهَا وَبَلَدَهَا وَلَا يَصِحُّ فِي اللُّفْتِ وَالْجَزَرِ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْوَرَقِ؛ لِأَنَّ وَرَقَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَيَصِحُّ فِي الْأَشْعَارِ وَالْأَصْوَافِ وَالْأَوْبَارِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَيَذْكُرُ نَوْعَ أَصْلِهِ وَذُكُورَتَهُ أَوْ أُنُوثَتَهُ؛ لِأَنَّ صُوفَ الْإِنَاثِ أَنْعَمُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَبَلَدِهِ وَلَوْنِهِ وَوَقْتِهِ هَلْ هُوَ خَرِيفِيٌّ أَوْ رَبِيعِيٌّ وَطُولُهُ أَوْ قِصَرُهُ وَوَزْنُهُ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مُنَقًّى مِنْ بَعْرٍ وَنَحْوِهِ كَشَوْكٍ وَيَجُوزُ شَرْطُ غُسْلِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَزِّ، وَفِيهِ دُودُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ وَيَصِحُّ فِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ كَزَعْفَرَانٍ لِانْضِبَاطِهَا فَيُذْكَرُ وَصْفُهَا مِنْ لَوْنٍ وَنَحْوِهِ وَوَزْنُهَا وَنَوْعُهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَشَعِيرٍ) أَيْ شَعِيرُ الْغَلَّةِ لَا شَعِيرُ الْأُرْزِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ أَيْ وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَبَلَدَهُ كَمَدَنِيٍّ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَلَدِ الْقُطْرُ لَا شَخْصُ الْبَلَدِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ لَا يَذْكُرُوا اللَّوْنَ وَلَا صِغَرَ الْحَبَّاتِ وَهِيَ عَادَةٌ فَاسِدَةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ اهـ. ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ كِبَرًا أَوْ صِغَرًا) ؛ لِأَنَّ صَغِيرَ الْحَبِّ أَقْوَى وَأَشَدُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ) أَيْ أَوْ كَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجُذَاذِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِيَ أَصْلَبُ لَا مُدَّةَ جَفَافِهِ إلَّا فِي مَحَلٍّ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْغَرَضُ بِذَلِكَ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَسَلِ نَحْلٍ) وَيُسَمَّى الْحَافِظُ الْأَمِينُ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ كُلَّ شَيْءٍ وُضِعَ فِيهِ مِنْ التَّغَيُّرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ) الضَّمِيرُ لِلْعَسَلِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مَرْعَى أَصْلِهِ وَهُوَ النَّحْلُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقُوَّتَهُ) أَيْ ثِخَنَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ اهـ. ع ش.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ]
(قَوْلُهُ: وَوَقْتُ أَدَائِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَتَكُونُ غَيْرُ مُسَلَّطَةً عَلَيْهِ أَيْضًا وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي أَيْ وَبَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ وَقْتِ أَدَائِهِ أَيْ بَيَانِ أَدَائِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَفِي غَيْرِ مَكَانِ أَدَائِهِ اهـ. شَيْخُنَا
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولٌ كَكَوْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ زَوْجُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرْدٌ أَوْ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ أَوْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَفِي نَحْوِ عَمِّهِ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولُهُ إلَخْ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى وُجُوبِ قَبُولِ الْأَجْوَدِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْوَدِ بِأَنَّ الْمُحْضَرَ بِالصِّفَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَقِيقَةً وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْوَدُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَوَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ شَامِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إفْسَادُ الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ بِإِبْدَاءِ فَارِقٍ فِيهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin