[كتاب إحياء الموات] [فصل في بيان حكم المنافع المشتركة]
مُتَعَيَّنٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى (وَلَوْ طَالَتْ) عُرْفًا (مُدَّةُ تَحَجُّرِهِ) بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يُحْيِ (قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) مَا حَجَرْتَهُ لِأَنَّ فِي تَرْكِ إحْيَائِهِ إضْرَارًا بِالْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ) بِعُذْرٍ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) لِيَسْتَعِدَّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ يُقَدِّرُهَا الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِمَارَةِ بَطَلَ حَقُّهُ (وَلِإِمَامٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (أَنْ يُحْمِيَ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) كَضَالَّةٍ وَنَعَمِ صَدَقَةٍ وَفَيْءٍ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ أَيْ الْإِبْعَادِ فِي الذَّهَابِ (مَوَاتًا) لِرَعْيِهَا فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِهَا وَلَمْ يَضُرَّ بِهِمْ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ الْآحَادُ وَبِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ مَا لَوْ حَمَى لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» وَلَوْ وَقَعَ كَانَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا لِأَنَّ مَا كَانَ مَصْلَحَةً لَهُ كَانَ مَصْلَحَةً لَهُمْ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْمِيَ الْمَاءَ الْمُعِدَّ لِشُرْبِ نَحْوِ نَعَمِ الْجِزْيَةِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُضَ حِمَاهُ
لِمَصْلَحَةٍ
) أَيْ عِنْدَهَا بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا فِي الْحِمَى وَلَهُ نَقْضُ حِمَى غَيْرِهِ أَيْضًا لِمَصْلَحَةٍ إلَّا حِمَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا وَيَجُوزُ لِلْآحَادِ ذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ بِعُذْرٍ مُهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُمْهَلْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا مُهْلَةٍ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَهِيَ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ إلَّا بِقَدْرِ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ كَمَنْ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ فِي قَابِلٍ وَكَفَقِيرٍ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ إذَا قَدَرَ فَوَجَبَ إذَا أَخَّرَ وَطَالَ الزَّمَانُ أَنْ يَعُودَ مَوَاتًا كَمَا كَانَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَنْ الْعِمَارَةِ وَمَشَى م ر عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يَمْنَعَ وَبِضَمِّهِ أَيْ يُجْعَلَ حِمًى اهـ. شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَمَيْت الْمَكَانَ مِنْ النَّاسِ حَمْيًا مِنْ بَابِ رَمَى وَحِمْيَةً بِالْكَسْرِ مَنَعْتُهُمْ عَنْهُ وَالْحِمَايَةُ اسْمٌ مِنْهُ وَأَحْمَيْتُهُ بِالْأَلِفِ جَعَلْتُهُ حِمًى لَا يُقْرَبُ وَلَا يُجْتَرَأُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) النَّعَمُ لَيْسَ قَيْدًا.
وَعِبَارَةُ م ر وَذَكَرَ النَّعَمَ فِيمَا عَدَا الصَّدَقَةَ لِلْغَالِبِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْمَاشِيَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْعَى فِي حِمًى أَوْ مَوَاتٍ اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِزْيَةِ الدَّنَانِيرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ نَعَمًا بَدَلًا عَنْ الْجِزْيَةِ أَوْ اشْتَرَى نَعَمًا بِدَنَانِيرِ الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) عِبَارَةُ شَرْحٍ م ر وَنَعَمِ إنْسَانٍ ضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِ الرَّعْيِ انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنْجَعَ الْقَوْمُ إذَا ذَهَبُوا لِطَلَبِ الْكَلَأِ فِي مَوْضِعِهِ وَنَجَعُوا نَجْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَنُجُوعًا كَذَلِكَ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى أُطْلِقَ الِانْتِجَاعُ عَلَى كُلِّ طَلَبٍ وَالِاسْمُ النُّجْعَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ وَهُوَ نَاجِعٌ وَقَوْمٌ نَاجِعَةٌ وَنَوَاجِعُ وَنَجَعَ الدُّعَاءُ وَالْعَلَفُ وَالْوَعْظُ ظَهَرَ أَثَرُهُ (قَوْلُهُ حِمَى النَّقِيعِ) وَهُوَ مِنْ دِيَارِ مُزَيْنَةَ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ بِقُرْبِ وَادِي الْعَقِيقِ عَلَى عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِالنُّونِ) وَفِيهِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالْبَاءِ أَمَّا بَقِيعُ الْغَرْقَدِ بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ بِالْبَاءِ لَا غَيْرَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِشَيْخِنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعُ الْمَاءِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَحْمَاءِ وَأَفْضَلُهَا حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَحَمَاهُ صَاحِبَاهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ طَيِّبُ التُّرْبَةِ يَغِيبُ الرَّكْبُ فِي كَلَئِهِ وَهُوَ بِصَدْرِ وَادِي الْعَقِيقِ يَمَانِيَّ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: عِشْرِينَ فَرْسَخًا وَقِيلَ: عِشْرِينَ مِيلًا وَطُولُهُ بَرِيدٌ وَعَرْضُهُ مِيلٌ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَحَلٍّ مِنْهُ وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَفَعَلَ» فَكَأَنَّ مَدَى صَوْتِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ كَذَا قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُقُوفَ جَمَاعَةٍ بِأَطْرَافِهِ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَيَقْتَضِي تَسَاوِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ أَوْ اسْتِدَارَتَهُ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ جَعَلُوا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَسْجِدًا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْبَقِيعُ الْمَكَانُ الْمُتَّسَعُ وَيُقَالُ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ شَجَرٌ وَبَقِيعُ الْغَرْقَدِ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ذَا شَجَرٍ وَزَالَ وَبَقِيَ الِاسْمُ وَهُوَ الْآنَ مَقْبَرَةٌ وَبِالْمَدِينَةِ أَيْضًا مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ بَقِيعُ الزُّبَيْرِ اهـ.
وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْغَرْقَدُ بِوَزْنِ الْفَرْقَدِ شَجَرٌ وَبَقِيعُ الْغَرْقَدِ مَقْبَرَةٌ بِالْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْحِمَى لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْعِدَّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ الَّذِي لَا تَنْقَطِعُ مَادَّتُهُ لِكَوْنِهِ نَابِعًا مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعِدُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمَاءُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ مِثْلُ الْعَيْنِ وَمَاءِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْقُضَ حِمَاهُ) الْحِمَى مَقْصُورٌ وَيَجُوزُ مَدُّهُ وَجَمْعُهُ أَحْمَاءٌ فِيهِمَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِهَذَا وَهَلَّا جَعَلَهَا لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ حِمَى غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا اهـ. ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَكْفُرُ مَنْ يَنْقُضُهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ اهـ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ) (قَوْلُهُ مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ حَرِيمُ الدَّارِ وَأَفْنِيَتُهَا وَأَعْتَابُهَا فَيَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَعَلَيْهَا وَلَوْ لِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ أَنَّ
مُتَعَيَّنٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى (وَلَوْ طَالَتْ) عُرْفًا (مُدَّةُ تَحَجُّرِهِ) بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يُحْيِ (قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) مَا حَجَرْتَهُ لِأَنَّ فِي تَرْكِ إحْيَائِهِ إضْرَارًا بِالْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ) بِعُذْرٍ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) لِيَسْتَعِدَّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ يُقَدِّرُهَا الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِمَارَةِ بَطَلَ حَقُّهُ (وَلِإِمَامٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (أَنْ يُحْمِيَ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) كَضَالَّةٍ وَنَعَمِ صَدَقَةٍ وَفَيْءٍ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ أَيْ الْإِبْعَادِ فِي الذَّهَابِ (مَوَاتًا) لِرَعْيِهَا فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِهَا وَلَمْ يَضُرَّ بِهِمْ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ الْآحَادُ وَبِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ مَا لَوْ حَمَى لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» وَلَوْ وَقَعَ كَانَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا لِأَنَّ مَا كَانَ مَصْلَحَةً لَهُ كَانَ مَصْلَحَةً لَهُمْ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْمِيَ الْمَاءَ الْمُعِدَّ لِشُرْبِ نَحْوِ نَعَمِ الْجِزْيَةِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُضَ حِمَاهُ
لِمَصْلَحَةٍ
) أَيْ عِنْدَهَا بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا فِي الْحِمَى وَلَهُ نَقْضُ حِمَى غَيْرِهِ أَيْضًا لِمَصْلَحَةٍ إلَّا حِمَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا وَيَجُوزُ لِلْآحَادِ ذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ بِعُذْرٍ مُهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُمْهَلْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا مُهْلَةٍ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَهِيَ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ إلَّا بِقَدْرِ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ كَمَنْ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ فِي قَابِلٍ وَكَفَقِيرٍ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ إذَا قَدَرَ فَوَجَبَ إذَا أَخَّرَ وَطَالَ الزَّمَانُ أَنْ يَعُودَ مَوَاتًا كَمَا كَانَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَنْ الْعِمَارَةِ وَمَشَى م ر عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يَمْنَعَ وَبِضَمِّهِ أَيْ يُجْعَلَ حِمًى اهـ. شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَمَيْت الْمَكَانَ مِنْ النَّاسِ حَمْيًا مِنْ بَابِ رَمَى وَحِمْيَةً بِالْكَسْرِ مَنَعْتُهُمْ عَنْهُ وَالْحِمَايَةُ اسْمٌ مِنْهُ وَأَحْمَيْتُهُ بِالْأَلِفِ جَعَلْتُهُ حِمًى لَا يُقْرَبُ وَلَا يُجْتَرَأُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) النَّعَمُ لَيْسَ قَيْدًا.
وَعِبَارَةُ م ر وَذَكَرَ النَّعَمَ فِيمَا عَدَا الصَّدَقَةَ لِلْغَالِبِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْمَاشِيَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْعَى فِي حِمًى أَوْ مَوَاتٍ اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِزْيَةِ الدَّنَانِيرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ نَعَمًا بَدَلًا عَنْ الْجِزْيَةِ أَوْ اشْتَرَى نَعَمًا بِدَنَانِيرِ الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) عِبَارَةُ شَرْحٍ م ر وَنَعَمِ إنْسَانٍ ضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِ الرَّعْيِ انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنْجَعَ الْقَوْمُ إذَا ذَهَبُوا لِطَلَبِ الْكَلَأِ فِي مَوْضِعِهِ وَنَجَعُوا نَجْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَنُجُوعًا كَذَلِكَ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى أُطْلِقَ الِانْتِجَاعُ عَلَى كُلِّ طَلَبٍ وَالِاسْمُ النُّجْعَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ وَهُوَ نَاجِعٌ وَقَوْمٌ نَاجِعَةٌ وَنَوَاجِعُ وَنَجَعَ الدُّعَاءُ وَالْعَلَفُ وَالْوَعْظُ ظَهَرَ أَثَرُهُ (قَوْلُهُ حِمَى النَّقِيعِ) وَهُوَ مِنْ دِيَارِ مُزَيْنَةَ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ بِقُرْبِ وَادِي الْعَقِيقِ عَلَى عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِالنُّونِ) وَفِيهِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالْبَاءِ أَمَّا بَقِيعُ الْغَرْقَدِ بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ بِالْبَاءِ لَا غَيْرَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِشَيْخِنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعُ الْمَاءِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَحْمَاءِ وَأَفْضَلُهَا حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَحَمَاهُ صَاحِبَاهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ طَيِّبُ التُّرْبَةِ يَغِيبُ الرَّكْبُ فِي كَلَئِهِ وَهُوَ بِصَدْرِ وَادِي الْعَقِيقِ يَمَانِيَّ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: عِشْرِينَ فَرْسَخًا وَقِيلَ: عِشْرِينَ مِيلًا وَطُولُهُ بَرِيدٌ وَعَرْضُهُ مِيلٌ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَحَلٍّ مِنْهُ وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَفَعَلَ» فَكَأَنَّ مَدَى صَوْتِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ كَذَا قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُقُوفَ جَمَاعَةٍ بِأَطْرَافِهِ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَيَقْتَضِي تَسَاوِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ أَوْ اسْتِدَارَتَهُ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ جَعَلُوا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَسْجِدًا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْبَقِيعُ الْمَكَانُ الْمُتَّسَعُ وَيُقَالُ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ شَجَرٌ وَبَقِيعُ الْغَرْقَدِ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ذَا شَجَرٍ وَزَالَ وَبَقِيَ الِاسْمُ وَهُوَ الْآنَ مَقْبَرَةٌ وَبِالْمَدِينَةِ أَيْضًا مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ بَقِيعُ الزُّبَيْرِ اهـ.
وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْغَرْقَدُ بِوَزْنِ الْفَرْقَدِ شَجَرٌ وَبَقِيعُ الْغَرْقَدِ مَقْبَرَةٌ بِالْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْحِمَى لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْعِدَّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ الَّذِي لَا تَنْقَطِعُ مَادَّتُهُ لِكَوْنِهِ نَابِعًا مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعِدُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمَاءُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ مِثْلُ الْعَيْنِ وَمَاءِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْقُضَ حِمَاهُ) الْحِمَى مَقْصُورٌ وَيَجُوزُ مَدُّهُ وَجَمْعُهُ أَحْمَاءٌ فِيهِمَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِهَذَا وَهَلَّا جَعَلَهَا لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ حِمَى غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا اهـ. ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَكْفُرُ مَنْ يَنْقُضُهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ اهـ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ) (قَوْلُهُ مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ حَرِيمُ الدَّارِ وَأَفْنِيَتُهَا وَأَعْتَابُهَا فَيَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَعَلَيْهَا وَلَوْ لِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ أَنَّ
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin