[كتاب اللعان والقذف] [فصل في قذف الزوج زوجته]
حَتَّى الزَّوْجَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ لِتَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ رَقِيقًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ التَّعْزِيرِ اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ (وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) عَنْهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمَقْذُوفِ بِأَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ عَفَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ (وَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ (فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقَوَدَ حَيْثُ يَسْقُطُ كُلُّهُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ لِلْقَوَدِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفِ وَلِأَنَّ مُوجَبَهُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بَدَلًا وَالْقَوَدُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُبَعَّضًا، وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِطَلَبِهِ الْكُلَّ وَاسْتِيفَائِهِ سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْبَاقُونَ، وَكَمَّلُوا أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِالْمُوجَبِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ.
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ (لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَهُ (عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ (أَوْ ظَنَّهُ) ظَنًّا (مُؤَكَّدًا كَشِيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ كَأَنْ رَآهُمَا بِخَلْوَةٍ) أَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشِّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، وَلَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ كَالْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ مِنْ الْحَدِّ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ (فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ) ظَنًّا مُؤَكَّدًا (أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ يَرِثُ الْمُوجَبَ بِتَمَامِهِ لَكِنْ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي. اهـ شَيْخُنَا وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ وَبَيْتُ الْمَالِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: حَتَّى الزَّوْجَانِ) نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِضَعْفِهَا عَنْ شُمُولِ سَائِرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ. اهـ شَرْحُ شَيْخِنَا وَانْظُرْ مَعْنَى إرْثِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِقَذْفِ الْمَيِّتِ هَلْ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ الْآنَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ قَرَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفُرِضَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْآنَ وَرِثُوهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ فِي الْحَدِّ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قَدَّرْنَا انْتِقَالَهُ لِلْوَرَثَةِ تَعَيَّنَ حَصْرُ الْإِرْثِ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَوْتِ. اهـ ع ش وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَقْذُوفَ لَا يَتَقَيَّدُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ بِكَوْنِهِ حَيًّا. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) أَيْ عَنْ كُلِّهِ فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يُخَالِفُ سُقُوطَ التَّعْزِيرِ بِالْعَفْوِ مَا فِي بَابِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَفِيهَا لَوْ اغْتَابَ شَخْصًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَحْلِيلُ وَرَثَتِهِ وَلَوْ قَذَفَ شَخْصًا بِزِنًا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ أَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ يُعَزَّرُ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِعَفْوٍ عَنْهُ مِنْهُمْ إلَخْ) وَلَا يَصِحُّ عَفْوُ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاؤُهُ فَلْيُنْتَظَرْ كَمَالُهُمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ غَيْرِهِمَا عَلَى كَمَالِهِمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْفَيْئَةُ فَلِلْكَامِلِ وَالْحَاضِرِ الطَّلَبُ وَاسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ وَلَا يُعَادُ التَّعْزِيرُ أَوْ الْحَدُّ لَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَإِنْ طَلَبَاهُ.
(فَرْعٌ) . لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ فَلِسَيِّدِهِ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَوْ قَدَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّعْزِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ عَنْ السَّيِّدِ لِإِرْثِهِ لَهُ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَارِثِ الْعَبْدِ لَوْلَا الرِّقُّ كَابْنِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ حَضَانَةِ الْمَقْذُوفِ، وَلِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ مَا ارْتَكَبَ مُسْقِطًا لِلْعِفَّةِ، وَكَذَا لَهُ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ) أَيْ الْحَائِزِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَلِلْآخَرِ إقَامَةُ الْحَدِّ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ بَعْضِهِ فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ) عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ عَفْوَ الشَّخْصِ عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ مُسْقِطٌ لِجَمِيعِهِ أَوْ لِمَا عَفَا عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. اهـ سم وَفِي ع ش قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ بَعْضِهِ فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ أَيْ كَمَا أَنَّ لِلْعَافِي إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ الْعَوْدَ وَاسْتِيفَاءَ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ اهـ. ع ش.
[فَصْلٌ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ أَيْ فِي حُكْمِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْجَوَازُ تَارَةً وَالْوُجُوبُ تَارَةً وَالْحُرْمَةُ أُخْرَى فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ لَكِنْ ذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ فِي الْمَتْنِ صَرِيحًا وَالثَّانِي ضِمْنًا. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى الْكَافِ أَيْ، وَكَانَ لَمَسَهُ بِيَدِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَشِيَاعِ زِنَاهَا) أَيْ كَظَنٍّ نَاشِئٍ مِنْ الشِّيَاعِ فَالشِّيَاعُ نَفْسُهُ لَيْسَ مِثَالًا لِلظَّنِّ. اهـ شَيْخُنَا وَالشِّيَاعُ بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِصْبَاحِ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ أَيْ فَكَيْفَ جَازَ لَهُ الْأَمْرُ الْحَرَامُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لِاحْتِيَاجِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَخْ فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِيرَادِ. اهـ شَيْخُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ إيرَادٍ طَوَاهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي كِتَابِهِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَكَأَنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا يَجُوزَ لِلزَّوْجِ الْقَذْفُ إلَّا إنْ ثَبَتَ الزِّنَا بِإِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَخْ فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِيرَادِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ إلَخْ) كَادَ نَفْيُهَا نَفْيٌ وَالْمَعْنَى لَا يَقْرُبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ نَفْيَهَا إثْبَاتٌ وَهُوَ مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ جَوَازُ الْقَذْفِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ) أَيْ أَتَتْ الزَّوْجَةُ لَا بِقَيْدِ أَنَّهُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ زِنَاهَا
حَتَّى الزَّوْجَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ لِتَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ رَقِيقًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ التَّعْزِيرِ اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ (وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) عَنْهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمَقْذُوفِ بِأَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ عَفَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ (وَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ (فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقَوَدَ حَيْثُ يَسْقُطُ كُلُّهُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ لِلْقَوَدِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفِ وَلِأَنَّ مُوجَبَهُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بَدَلًا وَالْقَوَدُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُبَعَّضًا، وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِطَلَبِهِ الْكُلَّ وَاسْتِيفَائِهِ سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْبَاقُونَ، وَكَمَّلُوا أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِالْمُوجَبِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ.
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ (لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَهُ (عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ (أَوْ ظَنَّهُ) ظَنًّا (مُؤَكَّدًا كَشِيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ كَأَنْ رَآهُمَا بِخَلْوَةٍ) أَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشِّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، وَلَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ كَالْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ مِنْ الْحَدِّ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ (فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ) ظَنًّا مُؤَكَّدًا (أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ يَرِثُ الْمُوجَبَ بِتَمَامِهِ لَكِنْ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي. اهـ شَيْخُنَا وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ وَبَيْتُ الْمَالِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: حَتَّى الزَّوْجَانِ) نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِضَعْفِهَا عَنْ شُمُولِ سَائِرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ. اهـ شَرْحُ شَيْخِنَا وَانْظُرْ مَعْنَى إرْثِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِقَذْفِ الْمَيِّتِ هَلْ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ الْآنَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ قَرَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفُرِضَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْآنَ وَرِثُوهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ فِي الْحَدِّ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قَدَّرْنَا انْتِقَالَهُ لِلْوَرَثَةِ تَعَيَّنَ حَصْرُ الْإِرْثِ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَوْتِ. اهـ ع ش وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَقْذُوفَ لَا يَتَقَيَّدُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ بِكَوْنِهِ حَيًّا. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) أَيْ عَنْ كُلِّهِ فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يُخَالِفُ سُقُوطَ التَّعْزِيرِ بِالْعَفْوِ مَا فِي بَابِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَفِيهَا لَوْ اغْتَابَ شَخْصًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَحْلِيلُ وَرَثَتِهِ وَلَوْ قَذَفَ شَخْصًا بِزِنًا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ أَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ يُعَزَّرُ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِعَفْوٍ عَنْهُ مِنْهُمْ إلَخْ) وَلَا يَصِحُّ عَفْوُ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاؤُهُ فَلْيُنْتَظَرْ كَمَالُهُمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ غَيْرِهِمَا عَلَى كَمَالِهِمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْفَيْئَةُ فَلِلْكَامِلِ وَالْحَاضِرِ الطَّلَبُ وَاسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ وَلَا يُعَادُ التَّعْزِيرُ أَوْ الْحَدُّ لَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَإِنْ طَلَبَاهُ.
(فَرْعٌ) . لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ فَلِسَيِّدِهِ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَوْ قَدَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّعْزِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ عَنْ السَّيِّدِ لِإِرْثِهِ لَهُ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَارِثِ الْعَبْدِ لَوْلَا الرِّقُّ كَابْنِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ حَضَانَةِ الْمَقْذُوفِ، وَلِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ مَا ارْتَكَبَ مُسْقِطًا لِلْعِفَّةِ، وَكَذَا لَهُ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ) أَيْ الْحَائِزِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَلِلْآخَرِ إقَامَةُ الْحَدِّ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ بَعْضِهِ فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ) عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ عَفْوَ الشَّخْصِ عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ مُسْقِطٌ لِجَمِيعِهِ أَوْ لِمَا عَفَا عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. اهـ سم وَفِي ع ش قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ بَعْضِهِ فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ أَيْ كَمَا أَنَّ لِلْعَافِي إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ الْعَوْدَ وَاسْتِيفَاءَ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ اهـ. ع ش.
[فَصْلٌ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ أَيْ فِي حُكْمِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْجَوَازُ تَارَةً وَالْوُجُوبُ تَارَةً وَالْحُرْمَةُ أُخْرَى فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ لَكِنْ ذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ فِي الْمَتْنِ صَرِيحًا وَالثَّانِي ضِمْنًا. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى الْكَافِ أَيْ، وَكَانَ لَمَسَهُ بِيَدِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَشِيَاعِ زِنَاهَا) أَيْ كَظَنٍّ نَاشِئٍ مِنْ الشِّيَاعِ فَالشِّيَاعُ نَفْسُهُ لَيْسَ مِثَالًا لِلظَّنِّ. اهـ شَيْخُنَا وَالشِّيَاعُ بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِصْبَاحِ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ أَيْ فَكَيْفَ جَازَ لَهُ الْأَمْرُ الْحَرَامُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لِاحْتِيَاجِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَخْ فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِيرَادِ. اهـ شَيْخُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ إيرَادٍ طَوَاهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي كِتَابِهِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَكَأَنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا يَجُوزَ لِلزَّوْجِ الْقَذْفُ إلَّا إنْ ثَبَتَ الزِّنَا بِإِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَخْ فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِيرَادِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ إلَخْ) كَادَ نَفْيُهَا نَفْيٌ وَالْمَعْنَى لَا يَقْرُبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ نَفْيَهَا إثْبَاتٌ وَهُوَ مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ جَوَازُ الْقَذْفِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ) أَيْ أَتَتْ الزَّوْجَةُ لَا بِقَيْدِ أَنَّهُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ زِنَاهَا
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin