[كتاب اللعان والقذف] [فصل في كيفية اللعان وشرطه وثمرته]
فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِهِ وَفِي كَلَامِي زِيَادَاتٌ يَعْرِفُهَا النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ كَلَامِ الْأَصْلِ.
(فَصْلٌ) : فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ، وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ لَفْظٌ وَقَذْفٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَزَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لِعَانُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (وَخَامِسَةً) مِنْ كَلِمَاتِ لِعَانِهِ (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا هَذَا إنْ حَضَرَتْ (فَإِنْ غَابَتْ مَيَّزَهَا) عَنْ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا، وَكُرِّرَتْ كَلِمَاتُ الشَّهَادَةِ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ، وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ فَمُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْأَرْبَعِ (وَإِنْ نَفَى وَلَدًا قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُكْرَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَحْرُمُ فِي مَمْلُوكَتِهِ وَلَا زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي مَمْلُوكَتِهِ بِأَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَفِي زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَةِ بِمَصِيرِ وَلَدِهِ رَقِيقًا تَبَعًا لِأُمِّهِ أَمَّا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْرُمُ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ إلَى أَنْ قَالَ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَقَرَّهُ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ) أَيْ النَّفْيُ وَالْقَذْفُ وَاللِّعَانُ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ قَرِينَةً قَوِيَّةً عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَخْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِهِ فِي الْمِصْبَاحِ أَحَسَّ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ إحْسَاسًا عَلِمَ بِهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ مَعَ الْأَلْفِ قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52] وَرُبَّمَا زِيدَتْ الْبَاءُ فَيُقَالُ أَحَسَّ بِهِ عَلَى مَعْنَى شَعَرَ بِهِ وَحَسَسْت مِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةً وَالْمَصْدَرُ الْحِسُّ بِالْكَسْرِ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ عَلَى مَعْنَى شَعَرْتُ بِهِ، وَأَصْلُ الْإِحْسَاسِ الْإِبْصَارُ وَمِنْهُ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] أَيْ هَلْ تَرَى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْوِجْدَانِ وَالْعِلْمِ بِأَيِّ حَاسَّةٍ كَانَتْ. انْتَهَى.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ تَغْلِيظٌ بِزَمَانٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَشَرْطِهِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُلَاعِنُ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَثَمَرَتِهِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَنْفِي بِهِ مُمَكَّنًا مِنْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الِاسْتِدْلَالِ هُنَا مَعَ تَقْدِيمِهِ لَهُ فِيمَا سَبَقَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ م ر فِي هَذَا الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: وَزَوْجٌ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَذْفٌ) فِي عَدِّهِ رُكْنًا نَظَرٌ لِوُجُودِ اللِّعَانِ بِدُونِهِ فِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَالرُّكْنُ لَا تُوجَدُ الْمَاهِيَّةُ بِدُونِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الرُّكْنَ الْقَذْفُ أَوْ مَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ مِنْ الرَّمْيِ بِإِصَابَةِ الْغَيْرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ) كَأَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّهُ عَلَى شَرْطِ الْمُلَاعِنِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ وَشَرْطُهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَالشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ زَوْجًا فَهُوَ رُكْنٌ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلَا تَكْرَارَ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمَا سَيَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَانُهُ قَوْلُهُ: أَرْبَعًا إلَخْ) وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ مُكِّنَ مِنْهُ وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ أَيْ نَدْبًا حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ بِتَلْقِينِ الْقَاضِي اُعْتُدَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ أَتَى بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَيْضًا ثُمَّ إنْ رَضِينَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَإِنْ بَدَأَ الْحَاكِمُ بِلِعَانِ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَجْزَأَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِزِنًا آخَرَ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ، وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزِّنْيَاتِ كُلَّهَا.
وَكَذَا الزُّنَاةُ إنْ سَمَّاهُمْ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلَانَةَ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ لَكِنْ لَهُ إعَادَةُ اللِّعَانِ وَيَذْكُرُهُمْ لِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ، حُدَّ لِقَذْفِهَا وَلِلرَّجُلِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَدِّ، وَلَهُ دَفْعُهُ بِاللِّعَانِ وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ أَصْلًا لَا تَبَعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا طَالَبَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ لَزِمَهُ أَيْ الْحَاكِمَ إعْلَامُ الْمَقْذُوفِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْلِمُهُ لِاسْتِيفَائِهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ الْمَالِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِتَعْلِيقِ الْفِعْلِ بِاللَّامِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ إلَخْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْمُولَةٌ لِلْقَوْلِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَتْ) أَيْ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ تَخَدُّرٍ أَوْ غَابَتْ عَنْ الْمَسْجِدِ لِنَحْوِ حَيْضٍ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ زَوْجَتِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ إلَّا هِيَ وَعَرَفَهَا الْحَاكِمُ. اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ تَعَدَّدَتْ
فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِهِ وَفِي كَلَامِي زِيَادَاتٌ يَعْرِفُهَا النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ كَلَامِ الْأَصْلِ.
(فَصْلٌ) : فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ، وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ لَفْظٌ وَقَذْفٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَزَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لِعَانُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (وَخَامِسَةً) مِنْ كَلِمَاتِ لِعَانِهِ (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا هَذَا إنْ حَضَرَتْ (فَإِنْ غَابَتْ مَيَّزَهَا) عَنْ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا، وَكُرِّرَتْ كَلِمَاتُ الشَّهَادَةِ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ، وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ فَمُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْأَرْبَعِ (وَإِنْ نَفَى وَلَدًا قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُكْرَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَحْرُمُ فِي مَمْلُوكَتِهِ وَلَا زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي مَمْلُوكَتِهِ بِأَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَفِي زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَةِ بِمَصِيرِ وَلَدِهِ رَقِيقًا تَبَعًا لِأُمِّهِ أَمَّا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْرُمُ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ إلَى أَنْ قَالَ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَقَرَّهُ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ) أَيْ النَّفْيُ وَالْقَذْفُ وَاللِّعَانُ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ قَرِينَةً قَوِيَّةً عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَخْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِهِ فِي الْمِصْبَاحِ أَحَسَّ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ إحْسَاسًا عَلِمَ بِهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ مَعَ الْأَلْفِ قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52] وَرُبَّمَا زِيدَتْ الْبَاءُ فَيُقَالُ أَحَسَّ بِهِ عَلَى مَعْنَى شَعَرَ بِهِ وَحَسَسْت مِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةً وَالْمَصْدَرُ الْحِسُّ بِالْكَسْرِ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ عَلَى مَعْنَى شَعَرْتُ بِهِ، وَأَصْلُ الْإِحْسَاسِ الْإِبْصَارُ وَمِنْهُ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] أَيْ هَلْ تَرَى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْوِجْدَانِ وَالْعِلْمِ بِأَيِّ حَاسَّةٍ كَانَتْ. انْتَهَى.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ تَغْلِيظٌ بِزَمَانٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَشَرْطِهِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُلَاعِنُ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَثَمَرَتِهِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَنْفِي بِهِ مُمَكَّنًا مِنْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الِاسْتِدْلَالِ هُنَا مَعَ تَقْدِيمِهِ لَهُ فِيمَا سَبَقَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ م ر فِي هَذَا الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: وَزَوْجٌ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَذْفٌ) فِي عَدِّهِ رُكْنًا نَظَرٌ لِوُجُودِ اللِّعَانِ بِدُونِهِ فِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَالرُّكْنُ لَا تُوجَدُ الْمَاهِيَّةُ بِدُونِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الرُّكْنَ الْقَذْفُ أَوْ مَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ مِنْ الرَّمْيِ بِإِصَابَةِ الْغَيْرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ) كَأَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّهُ عَلَى شَرْطِ الْمُلَاعِنِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ وَشَرْطُهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَالشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ زَوْجًا فَهُوَ رُكْنٌ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلَا تَكْرَارَ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمَا سَيَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَانُهُ قَوْلُهُ: أَرْبَعًا إلَخْ) وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ مُكِّنَ مِنْهُ وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ أَيْ نَدْبًا حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ بِتَلْقِينِ الْقَاضِي اُعْتُدَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ أَتَى بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَيْضًا ثُمَّ إنْ رَضِينَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَإِنْ بَدَأَ الْحَاكِمُ بِلِعَانِ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَجْزَأَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِزِنًا آخَرَ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ، وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزِّنْيَاتِ كُلَّهَا.
وَكَذَا الزُّنَاةُ إنْ سَمَّاهُمْ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلَانَةَ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ لَكِنْ لَهُ إعَادَةُ اللِّعَانِ وَيَذْكُرُهُمْ لِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ، حُدَّ لِقَذْفِهَا وَلِلرَّجُلِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَدِّ، وَلَهُ دَفْعُهُ بِاللِّعَانِ وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ أَصْلًا لَا تَبَعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا طَالَبَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ لَزِمَهُ أَيْ الْحَاكِمَ إعْلَامُ الْمَقْذُوفِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْلِمُهُ لِاسْتِيفَائِهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ الْمَالِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِتَعْلِيقِ الْفِعْلِ بِاللَّامِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ إلَخْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْمُولَةٌ لِلْقَوْلِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَتْ) أَيْ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ تَخَدُّرٍ أَوْ غَابَتْ عَنْ الْمَسْجِدِ لِنَحْوِ حَيْضٍ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ زَوْجَتِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ إلَّا هِيَ وَعَرَفَهَا الْحَاكِمُ. اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ تَعَدَّدَتْ
أمس في 19:59 من طرف Admin
» كتاب: إيثار الحق على الخلق ـ للإمام عز الدين محمد بن إبراهيم بن الوزير الحسنى
أمس في 19:56 من طرف Admin
» كتاب: الذين رأوا رسول الله في المنام وكلّموه ـ حبيب الكل
أمس في 19:51 من طرف Admin
» كتاب: طيب العنبر فى جمال النبي الأنور ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
أمس في 19:47 من طرف Admin
» كتاب: روضة الأزهار فى محبة الصحابة للنبي المختار ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: دلائل المحبين فى التوسل بالأنبياء والصالحين ـ الشيخ فتحي سعيد عمر الحُجيري
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: ريحانة الارواح في مولد خير الملاح لسيدي الشيخ علي أمين سيالة
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: قواعد العقائد فى التوحيد ـ حجة الإسلام الإمام الغزالي
أمس في 19:35 من طرف Admin
» كتاب: سر الاسرار باضافة التوسل ـ الشيخ أحمد الطيب ابن البشير
أمس في 19:33 من طرف Admin
» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
أمس في 19:27 من طرف Admin
» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
أمس في 19:25 من طرف Admin
» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
أمس في 19:23 من طرف Admin
» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
أمس في 19:20 من طرف Admin
» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
أمس في 19:16 من طرف Admin
» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
أمس في 19:09 من طرف Admin