فَضلُ علمِ الكلامِ
سلسلة الذهب - الجزء الأول
سلسلة-الذهبالحَمدُ للهِ رَبّ العالـمينَ، صَلَواتُ اللهِ البَرّ الرَّحيمِ والـملائِكَةِ الـمقرَّبينَ على سَيّدِنا محمّدٍ أَشرَفِ الـمرسَلينَ وعلى ءالِهِ وجَميعِ إِخوانِهِ الأَنبياءِ والـمرسَلينَ، اللهُمّ عَلّمْنا ما جَهِلنا وذَكّرْنا ما نسينا وَزِدْنا عِلمًا.
مِنَ الثّابِتِ الـمعلومِ عِندَ أَهلِ العِلمِ أَنَّ أَفضَلَ العُلومِ العِلمُ الذي يُعرَفُ بِهِ ما يَليقُ بِاللهِ وما لا يَليقُ بِهِ، وما يَليقُ بِأَنبيائِهِ وما لا يَليقُ بِأنبيائِهِ، هذا أَشرَفُ العُلومِ.
ثُـمَّ هذا العِلمُ على مَرتَبَتَينِ: الـمرتَبَةُ الأُولى التي هِيَ لِعَوامّ الـمؤمنينَ أَي التي هِيَ فَرضٌ على كُلّ بالِغٍ عاقِلٍ مِنَ الـمسلمينَ، أَن يَعرِفَ ما يَجِبُ للهِ وما يَستحيلُ عَلَيهِ وما يجوزُ لَهُ بِحيثُ يَحصُلُ لَهُ اعتِقادٌ جازِمٌ لو لم يَعرِفِ الأَدِلَّةَ البُرهانِيَّةَ العَقلِيَّةَ على إِثباتِ هذِهِ العَقائِدِ.
الفَرضُ العَينِيُّ مِن هذا العِلمِ الذي هو فَرضٌ على كُلّ مُسلِمٍ بالِغٍ عاقِلٍ، أَن يَعرِفَ هذِهِ العقائِدَ، يَجِبُ أَن يَعرِفَ بِأنَّ اللهَ مَوصوفٌ بِالوُجودِ والقِدَمِ أَي الأَزَلِيَّةِ أَي أَنَّ وُجودَهُ لَيسَ لَهُ ابتِداءٌ، والوَحدانِيَّةِ أَي أَنَّهُ لا شَريكَ لَهُ في ذاتِهِ ولا في صِفاتِهِ ولا في أَفعالِهِ، والقِيامِ بِنَفسِهِ أَي أنه لا يَحتاجُ إِلى غَيرِهِ وكُلُّ شَىءٍ يَحتاجُ إِليهِ، والـمخالَفَةِ للحَوادِثِ أَي لا يُشبِهُ شَيئًا مِنَ الـمخلوقاتِ وَأَنَّ لهُ قُدرَةً أَزَلِيَّةً وأَنَّ لَهُ إِرادَةً أَزَلِيَّةً وَأَنَّ لَهُ حَياةً أَزَلِيَّةً لَيسَت كَحَياةِ غَيرِهِ، وأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بالعِلمِ الأَزَليّ، وأَنَّ لَهُ الكَلامَ الذي لَيسَ كَكَلامِنا، كُلُّ هذا مَعَ التّنْزيهِ عَن مُشابَهَتِهِ للخَلقِ، وأَنَّ له سَمعًا وبَصَرًا أَي يَرى ويَسمَعُ، الصِفاتُ الثَّلاثَ عَشْرةَ مَعرِفَتُها فَرضٌ عَينِيٌّ على كُلّ بالِغٍ عاقِلٍ، أَمّا ما سِوى هذِهِ الصّفاتِ الثَّلاثَ عَشرةَ فَيَجِبُ مِن بابِ الوُجوبِ الكِفائِيّ، أَي إِذا عَلِمَهُ بَعضُ الـمسلِمينَ سَقَطَ الحَرَجُ عَن الآخَرينَ. فَمَن عَرَفَ هذِهِ الصّفاتِ الثَّلاثَ عَشْرةَ بِدَليلٍ عَقلِيّ أَو بِدونِ دَليلٍ أَي بِدونِ مَعرِفَةِ الدَّليلِ، وَعَرَفَ ما يَجِبُ للأَنبِياءِ مِن دونِ دَليلٍ فَقَد قامَ بِما هو فَرضٌ عَلَيهِ مِنَ الاعتِقادِ، هذِهِ الـمرتَبَةُ الأُولى التي هِي فَرضٌ على كُلّ مُسلِمٍ بالِغٍ عاقِلٍ.
والـمرتَبَةُ الثّانِيَةُ: هِي مَعرِفَةُ هذِهِ الصّفاتِ الواجِبَةِ للهِ بِالدَّليلِ العَقلِيّ والنَّقلِيّ، هذِهِ فَرضُ كِفايَةٍ لَيسَت فَرضَ عَينٍ، العَوامُّ لَيسَ فَرضًا عَلَيهِم أَن يَعرِفوا هذِهِ الصّفاتِ بِدلائِلِها العَقلِيَّةِ والنَّقلِيَّةِ أَي أَنَّ هذا لَيسَ فَرضًا على كُلّ مُكَلَّفٍ أَي بالِغٍ عاقِلٍ إِنَّما هذا فَرضٌ تَحصيلُهُ على بَعضٍ مِنَ الـمسلِمينَ.
كما أَنَّ عِلمَ الأَحكامِ التي تَتَعَلَّقُ بالصَّلاةِ والصّيامِ والحجّ والزَّكاةِ على مَرتَبَتَينِ مَرتَبَةٍ أُولى ومَرتَبةٍ ثانيةٍ، ويَنضافُ إِلى هذِهِ الـمرتَبَةِ الثّانِيَةِ التَّمَكُّنُ في مَعرِفَةِ الدَّلائِلِ حتّى يَستَطيعَ الـمسلِمُ الذي عَرَفَ هذِهِ الدَّلائِلَ دَحْضَ تَشكيكاتِ الـملحِدينَ والبِدْعيّينَ. والـملحِدونَ هُم الذينَ لا يَنتَسِبونَ إِلى الإِسلامِ إِنّما هم زَنادِقَةٌ يُريدونَ أَن يُشَكّـِكوا الـمسلِمينَ في دينِهِم لِيَنحَلَّ عَقدُ قُلوبِهم على دِينِهِم، وأَمّا البِدعِيّونَ فهُم الّذينَ يَنتَسِبونَ إِلى الإِسلامِ وهُم ضالّونَ لَيسوا مُهتَدينَ، ثُـمَّ هؤلاءِ البِدعيّونَ هُم في حَدّ ذاتِهِم صِنفانِ: صِنفٌ خَرَجوا مِنَ الإِسلامِ وهُم يَنتَسِبونَ إِلى الإِسلامِ ولا يَدرونَ بِأَنَّهُم خَرَجوا مِنهُ، كَهؤلاءِ الـمعتَزِلَةِ الذينَ يَقولونَ: العَبدُ يَخلُقُ أَفعالَ نَفسِهِ بِقُدرَةٍ خَلَقَها اللهُ فيهِ وإِنَّ اللهَ لا يَخلُقُ شَيئًا مِن أَعمالِ العَبدِ بَل العَبدُ هو يَخلُقُ أَعمالَهُ بَعدَ أَن أَعطاهُ القُدرةَ صارَ عاجِزًا عَن خَلقِ هذِهِ الأَفعالِ، أَي حَرَكاتِ العِبادِ وسُكونِهِم، فَهؤلاءِ الذينَ جَعَلوا الإِنسانَ خالِقًا لأَعمالِهِ يَدَّعونَ الإِسلامَ بَل يدَّعونَ أَنَّهُم خِيرةُ الـمسلِمينَ، وهُم لَيسوا مِنَ الإِسلامِ في شَىءٍ، لَيسَ لهُم حَظٌّ مِنَ الإِسلامِ، فالعِلمُ الذي يُتَمَكَّنُ بِهِ مِن دَحضِ تَشكيكاتِ هؤلاءِ وشُبَهِهِم فَرضٌ على الكِفايَةِ أَي لَيسَ على جَميعِ الأَفرادِ الـمسلِمَةِ بَل على قِسمٍ مِنهُم.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin