تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات
سلسلة الذهب - الجزء الأول
سلسلة-الذهبالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى ءاله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فإن أفضلَ العمل معرفةُ العقيدة التي كان عليها الرسولُ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه ثم أخذها عنهم التابعون ثم أتباعُ التابعينَ وهلمّ جرّا إلى هذا العصر.
هذه العقيدة أفضلُ نعم الله لأنها تضمنُ الجنة لصاحبها، هذه العقيدة يرضاها الله تبارك وتعالى، وأما ما خالفها فإن اللهَ تعالى لا يقبلها، ثم هذه العقيدة أولها وأساسُها معرفة الله ثم الإيمانُ بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ومعرفة الله اعتقادُ أن اللهَ موجود بلا ابتداءٍ أي أنه موجود أزليٌ ليس لوجوده ابتداءٌ ودائم ليس لوجوده انتهاءٌ، أحدثَ العالم من عدمٍ، أخرجه من العدمِ، ما سوى اللهِ لم يكن موجودًا، النورُ والظلامُ والفراغ، هذا الفراغ الذي بين الأرض والسماء وبين سماءٍ وسماءٍ، وبين السماءِ السابعةِ والكرسيّ وبين الكرسي والعرش هذا الفراغ ما كان، ما كان نور ولا ظلامٌ، ما كان شىءٌ إلا الله. هذه الجهات الستُّ ما كانت موجودةً، ما كان نورٌ ولا ريح أي هواءٌ، ما كان شىء إلا الله، وكل ما سوى اللهِ وجد بإيجادِ الله، وأما اللهُ تعالى فهو موجود ليس لوجودِه ابتداءٌ لم يسبقْه العدمُ. الله تعالى هو الموجودُ الذي لا يقال متى كان متى وُجد، أما ما سوى اللهِ يقال متى وُجد لأنه كان معدومًا ثم صارَ موجودًا.
ورد في أسماء الله تعالى المذكورةِ في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم النورُ. وورد المنيرُ أي خالقُ النورِ، ليسَ معناهُ ذاتُه نورٌ. الضوءُ والظلام كلاهما ما كانا موجودَين ثم خلقهما الله تبارك وتعالى.
فالذي يظن أن اللهَ نورٌ يتلألأُ فهو ما عرف اللهَ. الله تعالى ذكر النورَ والظلماتِ مقرونين في القرءانِ الكريمِ في هذه الآيةِ ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ المعنى أنَّ الله هو خلق السمواتِ بعد أن كانت لا شىءَ، وخلق الأرض بعد أن كانت غيرَ موجودةٍ. ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ أي خلقَ الظلماتِ والنورَ بعد أن كانا معدومَين أي غيرَ موجودَين. قبلَ أن يخلقَ اللهُ النورَ والظلام ما كان نورٌ ولا ظلام، كان العرشُ والماء والقلم واللوح المحفوظ هؤلاء أولُ العالمِ، وبعد ذلك بزمانٍ خلق الله النورَ والظلام.
الله تعالى الذي خلق النورَ والظلام بعد أن كانا غيرَ موجودَيْن وخلق الأرضَ والسمواتِ بعد أن كانا معدومَين لا يشبه شيئًا من ذلك، لا يشبه النورَ ولا الظلامَ ولا الجسمَ الكثيف كالسمواتِ والأرض والحجر والشجرِ، كذلك الله تعالى ليس من جنس الريحِ والروحِ. كل ما سوى اللهِ تعالى فاللهُ لا يشبهُهُ.
لذلك لا يمكنُنا أن نتصورَ اللهَ تعالى ونمثلَه في صدورِنا لأنه لا يشبه شيئًا، نحنُ نتصوَرُ في قلوبنا الجسمَ اللطيف كالنورِ والظلام، والجسمَ الكثيف كالأرضِ والسماء والحجر والشجر والإنسان. فهو تبارك وتعالى موجودٌ ليس حجمًا، ليس جسمًا، هو خالق الجسمِ كيف يكون جسمًا!! لذلك هو موجود بلا مكانٍ، ليس شيئًا يتحيزُ في مكانٍ واحد ولا متحيزٌ في جميع الأماكنِ وليس متحيزًا في جهة فوقٍ أو غيرِها لأنه كان قبل الجهاتِ الستِ وقبل الأماكن كانَ موجودًا بلا مكانٍ بلا جهةٍ. لذلك لا يقالُ الله غائبٌ بعيدٌ ولا يقال حاضرٌ. الجسمُ يكون قريبًا من شىء بالمسافة أو بعيدًا من شىء بالمسافة. النور، هذا النور نور الشمس له مكانٌ، والظلامُ لهُ مكانٌ، في النهارِ النورُ يَسْبَحُ في مدارهِ ثم يأتي الظلامُ مكانَ النورِ.
وردَ في القرءانِ الكريمِ أن الشمسَ والقمرَ والنورَ والظلامَ كلٌّ في مدارِه يسبَحُ، كما ترَون في هذه الأرضِ في النَّهار يكونُ فيها ضوءُ الشمس يكون فيها النورُ ثم يمرُّ ثم يأتي الظلامُ، هذا معنى قولِ الله ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورةَ يس[40/. ذكرَ سبحانَه وتعالى الشمسَ والقمرَ والليلَ والنهارَ قالَ: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورة يس[40/. الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ كلٌّ له مدارٌ يسبح فيه أي يمرُّ فيه. هذه الحقيقةُ الموافقةُ للواقعِ. أما من يقولُ غيرَ ذلك فهو غالطٌ.
الإنسانُ مهما اتسعَ علمُه فعلمُه محدودٌ له نهايةٌ. أما الخالقُ اللهُ تبارك وتعالى فهو الذي لا يخفى عليه شىءٌ وهو العالـِمُ بحقائقِ الأمورِ ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍيَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورةَ الأنبياء [40/ أي كلٌّ من هؤلاءِ الأربعِ يسبحونَ في فَلَكٍ، في مدارٍ.
لذلكَ من اعتقدَ أنّ اللهَ جسمٌ لطيفٌ أو جسمٌ كثيفٌ فقد شبّههُ بخلقه، ومن شبّههُ بخلقِه لم يعرفْه فهو ليسَ مؤمنًا. إنما المؤمنُ منْ عرفَ اللهَ كما يجبُ، أي عرفَ أنه موجودٌ لا يشبِه شيئًا لا هو منْ قبيلِ الجسْمِ الكثيفِ ولا هو من قبيلِ الجسمِ اللطيفِ، كلُّ هذا يُفهَمُ من ءايةٍ واحدةٍ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ الآيةَ ]سورةَ الشورى [11/، كلمةُ "شىءٍ" تشملُ الجسمَ اللطيفَ والجسمَ الكثيفَ وتشملُ كلَّ صفاتِ الخلق الحركةَ والسكونَ والصغر والكبر والنطقَ بالصوتِ والتفكُّرَ، وكلُّ هذا شىءٌ، كلُّ ما هو موجودٌ شىءٌ واللهُ تعالى قالَ في القرءان ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ الآيةَ ]سورة الشورى [11/.
من هذه الآيةِ أهلُ السنةِ فهموا أنَّ اللهَ تعالى ليسَ جسمًا وليس متحركًا ولا هو ساكنٌ، لا يوصفُ بالحركةِ ولا بالسكون لأن هاتَين الصفتَين من صفاتِ الخلقِ من صفاتِنا. نحنُ البشرُ نتحرك وقتًا ونسكن وقتًا، والنجوم دائمًا متحركة، والسمواتُ والعرشُ دائمًا ساكناتٌ. الحركةُ والسكونُ من صفاتِ الخلق والله منزه عن الحركة وعن السكون فلا يجوز اعتقادُ أنَّ اللهَ يتحركُ ولا يجوز اعتقادُ أنه يسكنُ سكونًا لأن هاتَين الصفتين من صفاتنا. نحن نتحركُ وقتًا ونسكنُ وقتًا. وهكذا كلُّ صفاتِ الخلقِ لا تجوزُ على الله، اللونُ البياضُ والحمرةُ والصفرةُ والخضرة كلُّ هذه الألوانِ لا تجوزُ على اللهِ.
نقولُ اللهُ أكبرُ، ونقولُ الله كبيرٌ بمعنى أنَه أكبرُ منْ كلّ كبيرٍ وأقدرُ من كلّ قادرٍ لا بمعنى أنه حجمٌ كبيرٌ كما تقول المجسمة. المجسمةُ تقول الله حجمٌ ملأ العرشَ، المجسمةُ تقول اللهُ جسم كبير ملأ العرش لا نحن رأيناه ولا هم رأَوه إنما الشمسُ نحنُ نراها وكلُّ الخلقِ يراها ومنفعتُها كبيرةٌ تنفعُ الشجرَ وتنفع البشرَ وتنفع النباتَ وتنفع البهائمَ ومع هذا لا يجوز أن تكونَ إلـها يستحق أن يعبدَ.
فإذا كانت الشمسُ التي وجودُها محقَّق ما فيهِ شكٌّ ومنفعتُها محقَّقةٌ لا تستحقُ الألوهيةَ فكيفَ يستحق هذا الحجمُ الذي يزعمونه فوق العرشِ كيفَ يستحقُّ الألوهيةَ! إذنْ هؤلاءِ المجسّمةُ أسخفُ عقولا من عابدِ الشمسِ، عابدُ الشمسِ يعبدُ جسمًا يراه الخلقُ ومنفعتُها محقَّقةٌ وهذه لا تستحقُّ الألوهيةَ، فكيف يستحقُّ ذلك الجسمُ المزعومُ الموهومُ الألوهيةَ، كيف يعبدون ذلك الجسمَ الذي لا وجودَ له هم تصوروا وجودَه!! عابدُ الشمسِ لو قال لهم " كيف تقولون إنَّ دينيَ باطلٌ مع أنَّ الشمسَ وجودُها محققٌ ومنفعتُها محققةٌ، كيفَ تقولونَ إنَّ الشمسَ لا تستحقُّ العبادةَ وذلك الجسمُ الذي تتوهمونَه فوقَ العرشِ يستحقُّ الألوهيةَ؟ أين الدليلُ العقليُّ على قولِكم؟ " المجسّمُ ليس عنده دليلٌ عقليٌ. يقولُ: قال الله تعالى ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلّ شَىءٍ﴾ الآيةَ ]سورة الزمر [62/ فيقول عابدُ الشمسِ " أنا لا أؤمنُ بكتابِك أنا أريدُ دليلا عقليًا أعطني دليلا عقليًا على أنَّ الشمسَ لا تستحقُ أنْ تُعبدَ وأنَّ ذلك الجسمَ الموهومَ الذي تزعمُه يستحقُّ أن يُعبدَ، هاتِ دليلا عقليا "، المجسمُ ينقطعُ ما عندَه دليلٌ عقليٌّ.
وءاخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ.
سلسلة الذهب - الجزء الأول
سلسلة-الذهبالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى ءاله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فإن أفضلَ العمل معرفةُ العقيدة التي كان عليها الرسولُ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه ثم أخذها عنهم التابعون ثم أتباعُ التابعينَ وهلمّ جرّا إلى هذا العصر.
هذه العقيدة أفضلُ نعم الله لأنها تضمنُ الجنة لصاحبها، هذه العقيدة يرضاها الله تبارك وتعالى، وأما ما خالفها فإن اللهَ تعالى لا يقبلها، ثم هذه العقيدة أولها وأساسُها معرفة الله ثم الإيمانُ بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ومعرفة الله اعتقادُ أن اللهَ موجود بلا ابتداءٍ أي أنه موجود أزليٌ ليس لوجوده ابتداءٌ ودائم ليس لوجوده انتهاءٌ، أحدثَ العالم من عدمٍ، أخرجه من العدمِ، ما سوى اللهِ لم يكن موجودًا، النورُ والظلامُ والفراغ، هذا الفراغ الذي بين الأرض والسماء وبين سماءٍ وسماءٍ، وبين السماءِ السابعةِ والكرسيّ وبين الكرسي والعرش هذا الفراغ ما كان، ما كان نور ولا ظلامٌ، ما كان شىءٌ إلا الله. هذه الجهات الستُّ ما كانت موجودةً، ما كان نورٌ ولا ريح أي هواءٌ، ما كان شىء إلا الله، وكل ما سوى اللهِ وجد بإيجادِ الله، وأما اللهُ تعالى فهو موجود ليس لوجودِه ابتداءٌ لم يسبقْه العدمُ. الله تعالى هو الموجودُ الذي لا يقال متى كان متى وُجد، أما ما سوى اللهِ يقال متى وُجد لأنه كان معدومًا ثم صارَ موجودًا.
ورد في أسماء الله تعالى المذكورةِ في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم النورُ. وورد المنيرُ أي خالقُ النورِ، ليسَ معناهُ ذاتُه نورٌ. الضوءُ والظلام كلاهما ما كانا موجودَين ثم خلقهما الله تبارك وتعالى.
فالذي يظن أن اللهَ نورٌ يتلألأُ فهو ما عرف اللهَ. الله تعالى ذكر النورَ والظلماتِ مقرونين في القرءانِ الكريمِ في هذه الآيةِ ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ المعنى أنَّ الله هو خلق السمواتِ بعد أن كانت لا شىءَ، وخلق الأرض بعد أن كانت غيرَ موجودةٍ. ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ أي خلقَ الظلماتِ والنورَ بعد أن كانا معدومَين أي غيرَ موجودَين. قبلَ أن يخلقَ اللهُ النورَ والظلام ما كان نورٌ ولا ظلام، كان العرشُ والماء والقلم واللوح المحفوظ هؤلاء أولُ العالمِ، وبعد ذلك بزمانٍ خلق الله النورَ والظلام.
الله تعالى الذي خلق النورَ والظلام بعد أن كانا غيرَ موجودَيْن وخلق الأرضَ والسمواتِ بعد أن كانا معدومَين لا يشبه شيئًا من ذلك، لا يشبه النورَ ولا الظلامَ ولا الجسمَ الكثيف كالسمواتِ والأرض والحجر والشجرِ، كذلك الله تعالى ليس من جنس الريحِ والروحِ. كل ما سوى اللهِ تعالى فاللهُ لا يشبهُهُ.
لذلك لا يمكنُنا أن نتصورَ اللهَ تعالى ونمثلَه في صدورِنا لأنه لا يشبه شيئًا، نحنُ نتصوَرُ في قلوبنا الجسمَ اللطيف كالنورِ والظلام، والجسمَ الكثيف كالأرضِ والسماء والحجر والشجر والإنسان. فهو تبارك وتعالى موجودٌ ليس حجمًا، ليس جسمًا، هو خالق الجسمِ كيف يكون جسمًا!! لذلك هو موجود بلا مكانٍ، ليس شيئًا يتحيزُ في مكانٍ واحد ولا متحيزٌ في جميع الأماكنِ وليس متحيزًا في جهة فوقٍ أو غيرِها لأنه كان قبل الجهاتِ الستِ وقبل الأماكن كانَ موجودًا بلا مكانٍ بلا جهةٍ. لذلك لا يقالُ الله غائبٌ بعيدٌ ولا يقال حاضرٌ. الجسمُ يكون قريبًا من شىء بالمسافة أو بعيدًا من شىء بالمسافة. النور، هذا النور نور الشمس له مكانٌ، والظلامُ لهُ مكانٌ، في النهارِ النورُ يَسْبَحُ في مدارهِ ثم يأتي الظلامُ مكانَ النورِ.
وردَ في القرءانِ الكريمِ أن الشمسَ والقمرَ والنورَ والظلامَ كلٌّ في مدارِه يسبَحُ، كما ترَون في هذه الأرضِ في النَّهار يكونُ فيها ضوءُ الشمس يكون فيها النورُ ثم يمرُّ ثم يأتي الظلامُ، هذا معنى قولِ الله ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورةَ يس[40/. ذكرَ سبحانَه وتعالى الشمسَ والقمرَ والليلَ والنهارَ قالَ: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورة يس[40/. الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ كلٌّ له مدارٌ يسبح فيه أي يمرُّ فيه. هذه الحقيقةُ الموافقةُ للواقعِ. أما من يقولُ غيرَ ذلك فهو غالطٌ.
الإنسانُ مهما اتسعَ علمُه فعلمُه محدودٌ له نهايةٌ. أما الخالقُ اللهُ تبارك وتعالى فهو الذي لا يخفى عليه شىءٌ وهو العالـِمُ بحقائقِ الأمورِ ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍيَسْبَحُونَ﴾ الآيةَ ]سورةَ الأنبياء [40/ أي كلٌّ من هؤلاءِ الأربعِ يسبحونَ في فَلَكٍ، في مدارٍ.
لذلكَ من اعتقدَ أنّ اللهَ جسمٌ لطيفٌ أو جسمٌ كثيفٌ فقد شبّههُ بخلقه، ومن شبّههُ بخلقِه لم يعرفْه فهو ليسَ مؤمنًا. إنما المؤمنُ منْ عرفَ اللهَ كما يجبُ، أي عرفَ أنه موجودٌ لا يشبِه شيئًا لا هو منْ قبيلِ الجسْمِ الكثيفِ ولا هو من قبيلِ الجسمِ اللطيفِ، كلُّ هذا يُفهَمُ من ءايةٍ واحدةٍ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ الآيةَ ]سورةَ الشورى [11/، كلمةُ "شىءٍ" تشملُ الجسمَ اللطيفَ والجسمَ الكثيفَ وتشملُ كلَّ صفاتِ الخلق الحركةَ والسكونَ والصغر والكبر والنطقَ بالصوتِ والتفكُّرَ، وكلُّ هذا شىءٌ، كلُّ ما هو موجودٌ شىءٌ واللهُ تعالى قالَ في القرءان ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ الآيةَ ]سورة الشورى [11/.
من هذه الآيةِ أهلُ السنةِ فهموا أنَّ اللهَ تعالى ليسَ جسمًا وليس متحركًا ولا هو ساكنٌ، لا يوصفُ بالحركةِ ولا بالسكون لأن هاتَين الصفتَين من صفاتِ الخلقِ من صفاتِنا. نحنُ البشرُ نتحرك وقتًا ونسكن وقتًا، والنجوم دائمًا متحركة، والسمواتُ والعرشُ دائمًا ساكناتٌ. الحركةُ والسكونُ من صفاتِ الخلق والله منزه عن الحركة وعن السكون فلا يجوز اعتقادُ أنَّ اللهَ يتحركُ ولا يجوز اعتقادُ أنه يسكنُ سكونًا لأن هاتَين الصفتين من صفاتنا. نحن نتحركُ وقتًا ونسكنُ وقتًا. وهكذا كلُّ صفاتِ الخلقِ لا تجوزُ على الله، اللونُ البياضُ والحمرةُ والصفرةُ والخضرة كلُّ هذه الألوانِ لا تجوزُ على اللهِ.
نقولُ اللهُ أكبرُ، ونقولُ الله كبيرٌ بمعنى أنَه أكبرُ منْ كلّ كبيرٍ وأقدرُ من كلّ قادرٍ لا بمعنى أنه حجمٌ كبيرٌ كما تقول المجسمة. المجسمةُ تقول الله حجمٌ ملأ العرشَ، المجسمةُ تقول اللهُ جسم كبير ملأ العرش لا نحن رأيناه ولا هم رأَوه إنما الشمسُ نحنُ نراها وكلُّ الخلقِ يراها ومنفعتُها كبيرةٌ تنفعُ الشجرَ وتنفع البشرَ وتنفع النباتَ وتنفع البهائمَ ومع هذا لا يجوز أن تكونَ إلـها يستحق أن يعبدَ.
فإذا كانت الشمسُ التي وجودُها محقَّق ما فيهِ شكٌّ ومنفعتُها محقَّقةٌ لا تستحقُ الألوهيةَ فكيفَ يستحق هذا الحجمُ الذي يزعمونه فوق العرشِ كيفَ يستحقُّ الألوهيةَ! إذنْ هؤلاءِ المجسّمةُ أسخفُ عقولا من عابدِ الشمسِ، عابدُ الشمسِ يعبدُ جسمًا يراه الخلقُ ومنفعتُها محقَّقةٌ وهذه لا تستحقُّ الألوهيةَ، فكيف يستحقُّ ذلك الجسمُ المزعومُ الموهومُ الألوهيةَ، كيف يعبدون ذلك الجسمَ الذي لا وجودَ له هم تصوروا وجودَه!! عابدُ الشمسِ لو قال لهم " كيف تقولون إنَّ دينيَ باطلٌ مع أنَّ الشمسَ وجودُها محققٌ ومنفعتُها محققةٌ، كيفَ تقولونَ إنَّ الشمسَ لا تستحقُّ العبادةَ وذلك الجسمُ الذي تتوهمونَه فوقَ العرشِ يستحقُّ الألوهيةَ؟ أين الدليلُ العقليُّ على قولِكم؟ " المجسّمُ ليس عنده دليلٌ عقليٌ. يقولُ: قال الله تعالى ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلّ شَىءٍ﴾ الآيةَ ]سورة الزمر [62/ فيقول عابدُ الشمسِ " أنا لا أؤمنُ بكتابِك أنا أريدُ دليلا عقليًا أعطني دليلا عقليًا على أنَّ الشمسَ لا تستحقُ أنْ تُعبدَ وأنَّ ذلك الجسمَ الموهومَ الذي تزعمُه يستحقُّ أن يُعبدَ، هاتِ دليلا عقليا "، المجسمُ ينقطعُ ما عندَه دليلٌ عقليٌّ.
وءاخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin