نور القلب ، نور البصيرة
قال رضي الله عنه :
إذا منَّ الله تعالى عليكم بالنور استعملوه ، الحق عزّ وجلّ أعطانا نورين نوراً ظاهراً ونوراً باطناً ،
نور الظاهر : ندرك به الأشياء المحسوسة المادّية ، ونور الباطن : ندرك به الأشياء الغيبية المعنوية ، والحق سبحانه اعتبر الثاني الّذي هو نور الغيب نور الباطن ( فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [الحج 46 ] ، هذه التي تدرك الله ، هذه التي تفهم عن الله ، هي التي ترى ليلة القدر وليلة المولد ، وترى الأولياء والأبدال ترى الحق عزّ وجلّ ، ترى الرسول صلى الله عليه وسلم ترى الملائكة ، لا عين البصر .
عين البصر شارك الإنسان فيها الثور والحيوان ، عين البصيرة عند الإنسان فقط ، حتى الجنّي ما قدر أن يشاركك في كمالها ، عنده منها ، لا كمالها ؟ لأنّك صالح لأن تكون خليفة الله في الأرض ، وهم ليسوا بصالحين أن يكونوا خليفة الله في الأرض .
كل شيء معلّق بالمعاني والغيب كلّه ، فالرؤية بعين البصيرة ، الله خلقنا من شيئين اثنين من مادّة وروح ، البصر روحاني والعين شيء جسماني ، السمع روحاني والأذن شيء جسماني ( ونفخت فيه من روحي ) [ص:71] ، التفاضل يكون في ذلك ، سرّ التفاضل يقدّر الأمور ويميزها ، التفاضل ليس بالمكان ، إذا واحد سكن في مكان عالٍ لا يعني هذا أنه أحسن من غيره ، لذلك الحق ما اعتنى بعين البصر وإنما اعتنى بالبصيرة ( إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [الحج 46 ] ( يؤمنون بالغيب ) [البقرة 3] الإيمان يشهد الغيب كالشهود ، لأن هذا معنى وهذا معنى ، القضية تحتاج إلى إيمان ، تجديد إيمان ، تحقيق الإيمان .
نور القلب نور البصيرة ، هذا معنى من معاني الله تعالى ، يدرك الغيب ، يدرك الحضرة الإلهية ، يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم ، يدرك الجنّ ، يدرك الملائكة .
البصيرة أمرها غريب ! تدرك كل شيء ، فهي التي تبصر وتسمع وتحكي وتشمّ وتذوق ( إن القوّة لله جميعاً ) [البقرة165] ، نحن لنا العين لكن البصر له ، الأذن لنا لكن السمع له ، اللسان لنا لكن الكلام له ( اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله ) (1) . أي بنور البصيرة ، أي بعين البصيرة لا بعين البصر .
عين البصيرة تدرك المعاني ، وأما عين البصر فلا تدرك المعاني ، تنعكس عين البصيرة على عين البصر ثمّ تدرك .
البصر يدرك الأشياء المادّية المحسوسة ، والبصيرة تدرك الله ، تدرك الكمالات من ذاتها .
يوجد في المجالس جميعها ملائكة وجن ! لكن لا يرون بعين البصر بل بعين البصيرة .
( الله نور السماوات والأرض ) [النور 35] السماء إشارة للباطن ، والأرض إشارة للظاهر ، الباطن : هي البصيرة ، والظاهر : هو البصر .
تمزيق الحجُب الحقيقي وجودك بين يدي أهل الله ، أهل الله خاصة الكمّل ، على عيني . المكاشفة مربوطة بتطهير النفس ، حتى الكافر إذا روّض نفسه وجاهدها يصل لهذه المرتبة ، أما الكشف فهو خاص بأهل الله ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم ) [الأعراف46].
البصيرة تدرك الله ، الإنسان لما يشهد الحضرة الإلهية ليس بعينه ، وإنما يشهده بكل ذرّة من ذرّاته .
الله موجود شئنا أو أبينا ، ولكن لا بدّ أن نتلطف لكي ندرك الله ، واللهِ لا نرى الله إلاّ بالله . الإنسان لـمّا يشهد الحضرة الإلهية لا يشهدها بعينه ، بل بكل ذرّة من ذرّاته ، والبصر يا أولادي مادّي حسّي ، لا يشهد إلاّ المادّة والحس ، أمّا النور الداخلي ، نور القلب ، نور البصيرة لا يُمسَك ، هذا معنى من معاني الله ، هذا الّذي يدرك الغيب ، يدرك الحضرة الإلهية ، يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم والجنّ والملائكة ، البصر غير البصيرة ، البصر لا يفهم هذه القضايا ، نحن بالبصر لا نرى إلاّ زيداً وبكراً وعمراً .
البصيرة معنى ، والبصر حس ، والبصر ينظر من طرف ، والبصر يبصر من جانب العقل ، والبصيرة من القلب ، البصيرة تدرك كل شيء ، اللسان : يتكلّم ، والأنف : يشمّ ، والأذن : تسمع ، البصيرة : هي التي تشمّ وتحكي وتذوق وتتكلّم .
نور المخلوق لا يتجزّأ ، فكيف نور الخالق ؟ من باب أولى وأولى وأولى لا يتجزّأ .
الله إذا منَّ عليكم بالنور استعملوه ، الرسول كلّه نور ، يرى من أمامه وخلفه ، ومن فوقه وتحته ، كان يرى بالبصيرة .
ربّما تكلّم الإنسان بكلام يهوي به في جهنم سبعين خريفاً ، لأنّه ليس عنده نور . النور يعطي تمييزاً وفهماً .
كل إنسان عنده نور ، ولكن إذا كانت بصيرته مطموسة فذاك شيء آخر . النور الحقيقي كما تقول النار : (جُز يا مؤمن فإن نورك يطفئ لهبي) (2) . نوركم يطفئ لهب الشيطان . النار تقول : جُز يا مؤمن فإن نورك يطفئ لهبي . وكما أن النور يطفئ لهب النار كذلك نوركم يطفئ لهب الشيطان . الظلمة ليس من عند الله ، الله خلقكم ، ويبيّن لكم الظلمة . النور غيور ، نور وظلمة لا يجتمعان أبداً ألبتّة .
--------------------------
(1) سنن الترمذي 5/298 برقم (3127).
(2) المعجم الكبير للطبراني 22/258 برقم (18520
قال رضي الله عنه :
إذا منَّ الله تعالى عليكم بالنور استعملوه ، الحق عزّ وجلّ أعطانا نورين نوراً ظاهراً ونوراً باطناً ،
نور الظاهر : ندرك به الأشياء المحسوسة المادّية ، ونور الباطن : ندرك به الأشياء الغيبية المعنوية ، والحق سبحانه اعتبر الثاني الّذي هو نور الغيب نور الباطن ( فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [الحج 46 ] ، هذه التي تدرك الله ، هذه التي تفهم عن الله ، هي التي ترى ليلة القدر وليلة المولد ، وترى الأولياء والأبدال ترى الحق عزّ وجلّ ، ترى الرسول صلى الله عليه وسلم ترى الملائكة ، لا عين البصر .
عين البصر شارك الإنسان فيها الثور والحيوان ، عين البصيرة عند الإنسان فقط ، حتى الجنّي ما قدر أن يشاركك في كمالها ، عنده منها ، لا كمالها ؟ لأنّك صالح لأن تكون خليفة الله في الأرض ، وهم ليسوا بصالحين أن يكونوا خليفة الله في الأرض .
كل شيء معلّق بالمعاني والغيب كلّه ، فالرؤية بعين البصيرة ، الله خلقنا من شيئين اثنين من مادّة وروح ، البصر روحاني والعين شيء جسماني ، السمع روحاني والأذن شيء جسماني ( ونفخت فيه من روحي ) [ص:71] ، التفاضل يكون في ذلك ، سرّ التفاضل يقدّر الأمور ويميزها ، التفاضل ليس بالمكان ، إذا واحد سكن في مكان عالٍ لا يعني هذا أنه أحسن من غيره ، لذلك الحق ما اعتنى بعين البصر وإنما اعتنى بالبصيرة ( إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [الحج 46 ] ( يؤمنون بالغيب ) [البقرة 3] الإيمان يشهد الغيب كالشهود ، لأن هذا معنى وهذا معنى ، القضية تحتاج إلى إيمان ، تجديد إيمان ، تحقيق الإيمان .
نور القلب نور البصيرة ، هذا معنى من معاني الله تعالى ، يدرك الغيب ، يدرك الحضرة الإلهية ، يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم ، يدرك الجنّ ، يدرك الملائكة .
البصيرة أمرها غريب ! تدرك كل شيء ، فهي التي تبصر وتسمع وتحكي وتشمّ وتذوق ( إن القوّة لله جميعاً ) [البقرة165] ، نحن لنا العين لكن البصر له ، الأذن لنا لكن السمع له ، اللسان لنا لكن الكلام له ( اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله ) (1) . أي بنور البصيرة ، أي بعين البصيرة لا بعين البصر .
عين البصيرة تدرك المعاني ، وأما عين البصر فلا تدرك المعاني ، تنعكس عين البصيرة على عين البصر ثمّ تدرك .
البصر يدرك الأشياء المادّية المحسوسة ، والبصيرة تدرك الله ، تدرك الكمالات من ذاتها .
يوجد في المجالس جميعها ملائكة وجن ! لكن لا يرون بعين البصر بل بعين البصيرة .
( الله نور السماوات والأرض ) [النور 35] السماء إشارة للباطن ، والأرض إشارة للظاهر ، الباطن : هي البصيرة ، والظاهر : هو البصر .
تمزيق الحجُب الحقيقي وجودك بين يدي أهل الله ، أهل الله خاصة الكمّل ، على عيني . المكاشفة مربوطة بتطهير النفس ، حتى الكافر إذا روّض نفسه وجاهدها يصل لهذه المرتبة ، أما الكشف فهو خاص بأهل الله ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم ) [الأعراف46].
البصيرة تدرك الله ، الإنسان لما يشهد الحضرة الإلهية ليس بعينه ، وإنما يشهده بكل ذرّة من ذرّاته .
الله موجود شئنا أو أبينا ، ولكن لا بدّ أن نتلطف لكي ندرك الله ، واللهِ لا نرى الله إلاّ بالله . الإنسان لـمّا يشهد الحضرة الإلهية لا يشهدها بعينه ، بل بكل ذرّة من ذرّاته ، والبصر يا أولادي مادّي حسّي ، لا يشهد إلاّ المادّة والحس ، أمّا النور الداخلي ، نور القلب ، نور البصيرة لا يُمسَك ، هذا معنى من معاني الله ، هذا الّذي يدرك الغيب ، يدرك الحضرة الإلهية ، يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم والجنّ والملائكة ، البصر غير البصيرة ، البصر لا يفهم هذه القضايا ، نحن بالبصر لا نرى إلاّ زيداً وبكراً وعمراً .
البصيرة معنى ، والبصر حس ، والبصر ينظر من طرف ، والبصر يبصر من جانب العقل ، والبصيرة من القلب ، البصيرة تدرك كل شيء ، اللسان : يتكلّم ، والأنف : يشمّ ، والأذن : تسمع ، البصيرة : هي التي تشمّ وتحكي وتذوق وتتكلّم .
نور المخلوق لا يتجزّأ ، فكيف نور الخالق ؟ من باب أولى وأولى وأولى لا يتجزّأ .
الله إذا منَّ عليكم بالنور استعملوه ، الرسول كلّه نور ، يرى من أمامه وخلفه ، ومن فوقه وتحته ، كان يرى بالبصيرة .
ربّما تكلّم الإنسان بكلام يهوي به في جهنم سبعين خريفاً ، لأنّه ليس عنده نور . النور يعطي تمييزاً وفهماً .
كل إنسان عنده نور ، ولكن إذا كانت بصيرته مطموسة فذاك شيء آخر . النور الحقيقي كما تقول النار : (جُز يا مؤمن فإن نورك يطفئ لهبي) (2) . نوركم يطفئ لهب الشيطان . النار تقول : جُز يا مؤمن فإن نورك يطفئ لهبي . وكما أن النور يطفئ لهب النار كذلك نوركم يطفئ لهب الشيطان . الظلمة ليس من عند الله ، الله خلقكم ، ويبيّن لكم الظلمة . النور غيور ، نور وظلمة لا يجتمعان أبداً ألبتّة .
--------------------------
(1) سنن الترمذي 5/298 برقم (3127).
(2) المعجم الكبير للطبراني 22/258 برقم (18520
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin