الشوق إلى لقاء الله تعالى
حسن بن أحمد
الشوق إلى لقاء الله درجة عالية رفيعة؛ تنشأ من قوة المحبة لله عز وجل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله هذه الدرجة، ويقول: وأسألك الشوق إلى لقائك.
وقد كثر في كلام العباد إخبارهم عن الشوق إلى ربهم وتمني بعضهم الموت شوقا إلى لقاء الله، ومن المنقول عنهم في ذلك:
ما جاء عن أبي عتبة الخواص أنه قال: كان إخوانكم لقاء الله أحب إليهم من الشهد وتقول رابعة: طالت علي الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله وقال فتح بن شحرف : طال شوقي إليك فعجل بالقدوم عليك وقال السري: الشوق أجل مقام العارف إذا تحقق فيه، وكان بعضهم يمشي أبدا على قدميه من الشوق، وكان بعضهم كأنه مخمور من غير شراب وكان أبو عبيدة الخواص يمشي ويضرب على صدره ويقول: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه.
وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: اللهم إن كنت أعطيت أحدا من المحبين ما سكنت به قلوبهم قبل لقائك، فأعطني ذلك، فلقد ضر بي القلق. قال: فنمت، فرأيته تعالى في النوم، فوقفني بين يديه، وقال: يا إبراهيم ما استحييت مني تسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك قبل لقائي؟ وهل يسكن قلب المشتاق إلى غير حبيبه؟ أم كيف يستريح المحب إلى غير من اشتاق إليه؟ فقلت: يا رب تهت في حبك، فلم أدر ما أقول.
هذا بعض ما جاء من أقوال في مسألة الشوق إلى الله تعالى، وقد أفاد الحافظ ابن رجب رحمه الله أن الشوق إلى لقاء الله تعالى يتضمن تمني الموت ويستلزمه وأنه أجل مقامات العارفين في الدنيا وأعظم لذة تحصل للعارفين فيها، فمن أنس بالله في الدنيا، واشتاق إلى لقائه، فقد فاز بأعظم لذة يمكن للبشر الوصول إليها في هذه الدار ومع هذه المنزلة الرفيعة لهذا المقام الجليل إلا أن ابن رجب رحمه الله في معرض حديثه عن أهله أفاد أنهم على طبقتين الطبقة الأولى: من أعطاه الله تعالى بعد بلوغه إلى درجة الشوق إليه الأنس به، والطمأنينة إليه، فسكنت قلوبهم بما كشف لهم من آثار قربه ومشاهدته، وأنسوا بقربه، ووجدوا لذة الأنس به في الذكر والطاعة، وصار عيشهم مع الله في نعيم سرمدي، وطاب لهم السير إليه في الدنيا بالطاعات.
وهذه كانت حال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، وخواص العارفين من أمته.
وقد سئل الشبلي بماذا تستريح قلوب المحبين والمشتاقين؟ فقال: بسرورهم بمن أحبوه واشتاقوا إليه قال ابن رجب : "فهؤلاء كلما أقلقهم الشوق سكنهم الأنس، والقرب، والمشاهدة، كما كان صلى الله عليه وسلم إذا ذكر له تركه الطعام والشراب، واجتهاده في الطاعات في الصيام يقول: إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني
والطبقة الثانية: من أقلقه الشوق، ففني اصطباره، وأفضى به إلى القلق والأرق، فقل صبره عن طلب اللقاء، وتمنى الموت.
وقد ذكر ابن رجب رحمه الله أن حكم تمني الموت راجع إلى دوافعه ويجوز عنده تمنيه شوقا إلى لقاء الله، لقوله تعالى: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، وقوله صلى الله عليه وسلم: وأسألك الشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة
قال ابن رجب : "لأن الشوق إلى لقاء الله يستلزم محبة الموت، والموت يقع تمنيه كثيرا من أهل الدنيا؛ بوقوع الضراء المضرة في الدنيا، وإن كان منهيا عنه في الشرع، ويقع من أهل الدين تمنيه؛ لخشية الوقوع في الفتن المضلة،فسأل – يعني الرسول صلى الله عليه وسلم تمني الموت خاليا من هذين الحالين، وأن يكون ناشئا عن محض محبة الله، والشوق إلى لقائه؛ ولذا قال: من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة ، وقد حصل هذا المقام لكثير من السلف".
حسن بن أحمد
الشوق إلى لقاء الله درجة عالية رفيعة؛ تنشأ من قوة المحبة لله عز وجل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله هذه الدرجة، ويقول: وأسألك الشوق إلى لقائك.
وقد كثر في كلام العباد إخبارهم عن الشوق إلى ربهم وتمني بعضهم الموت شوقا إلى لقاء الله، ومن المنقول عنهم في ذلك:
ما جاء عن أبي عتبة الخواص أنه قال: كان إخوانكم لقاء الله أحب إليهم من الشهد وتقول رابعة: طالت علي الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله وقال فتح بن شحرف : طال شوقي إليك فعجل بالقدوم عليك وقال السري: الشوق أجل مقام العارف إذا تحقق فيه، وكان بعضهم يمشي أبدا على قدميه من الشوق، وكان بعضهم كأنه مخمور من غير شراب وكان أبو عبيدة الخواص يمشي ويضرب على صدره ويقول: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه.
وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: اللهم إن كنت أعطيت أحدا من المحبين ما سكنت به قلوبهم قبل لقائك، فأعطني ذلك، فلقد ضر بي القلق. قال: فنمت، فرأيته تعالى في النوم، فوقفني بين يديه، وقال: يا إبراهيم ما استحييت مني تسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك قبل لقائي؟ وهل يسكن قلب المشتاق إلى غير حبيبه؟ أم كيف يستريح المحب إلى غير من اشتاق إليه؟ فقلت: يا رب تهت في حبك، فلم أدر ما أقول.
هذا بعض ما جاء من أقوال في مسألة الشوق إلى الله تعالى، وقد أفاد الحافظ ابن رجب رحمه الله أن الشوق إلى لقاء الله تعالى يتضمن تمني الموت ويستلزمه وأنه أجل مقامات العارفين في الدنيا وأعظم لذة تحصل للعارفين فيها، فمن أنس بالله في الدنيا، واشتاق إلى لقائه، فقد فاز بأعظم لذة يمكن للبشر الوصول إليها في هذه الدار ومع هذه المنزلة الرفيعة لهذا المقام الجليل إلا أن ابن رجب رحمه الله في معرض حديثه عن أهله أفاد أنهم على طبقتين الطبقة الأولى: من أعطاه الله تعالى بعد بلوغه إلى درجة الشوق إليه الأنس به، والطمأنينة إليه، فسكنت قلوبهم بما كشف لهم من آثار قربه ومشاهدته، وأنسوا بقربه، ووجدوا لذة الأنس به في الذكر والطاعة، وصار عيشهم مع الله في نعيم سرمدي، وطاب لهم السير إليه في الدنيا بالطاعات.
وهذه كانت حال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، وخواص العارفين من أمته.
وقد سئل الشبلي بماذا تستريح قلوب المحبين والمشتاقين؟ فقال: بسرورهم بمن أحبوه واشتاقوا إليه قال ابن رجب : "فهؤلاء كلما أقلقهم الشوق سكنهم الأنس، والقرب، والمشاهدة، كما كان صلى الله عليه وسلم إذا ذكر له تركه الطعام والشراب، واجتهاده في الطاعات في الصيام يقول: إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني
والطبقة الثانية: من أقلقه الشوق، ففني اصطباره، وأفضى به إلى القلق والأرق، فقل صبره عن طلب اللقاء، وتمنى الموت.
وقد ذكر ابن رجب رحمه الله أن حكم تمني الموت راجع إلى دوافعه ويجوز عنده تمنيه شوقا إلى لقاء الله، لقوله تعالى: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، وقوله صلى الله عليه وسلم: وأسألك الشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة
قال ابن رجب : "لأن الشوق إلى لقاء الله يستلزم محبة الموت، والموت يقع تمنيه كثيرا من أهل الدنيا؛ بوقوع الضراء المضرة في الدنيا، وإن كان منهيا عنه في الشرع، ويقع من أهل الدين تمنيه؛ لخشية الوقوع في الفتن المضلة،فسأل – يعني الرسول صلى الله عليه وسلم تمني الموت خاليا من هذين الحالين، وأن يكون ناشئا عن محض محبة الله، والشوق إلى لقائه؛ ولذا قال: من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة ، وقد حصل هذا المقام لكثير من السلف".
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin