كتاب مقومات التكليف – المقوم السادس - الفقرة : 1 - حرية الاختيار
2005-06-22
إنّ أخطرَ شيءٍ في الدينِ هو العقيدةُ، فإن صحّت صحّ العملُ، وإن صحّ العملُ بلغَ الإنسانُ الأملَ، وما من عقيدةٍ فاسدةٍ تشلُّ حركةَ الإنسانِ شلاًّ كاملاً، وتجعلُه قاعداً مستسلماً لمصيرِه المحتومِ كعقيدةِ الجبرِ، كأن يعتقدَ الإنسانُ أنّ اللهَ أجبرَه على كلّ أعمالِه، وسوف يحاسبُه عليها، مع أنه مجبَرٌ عليها، كما قال الشاعر:
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً وقال له إِيّاك إيّاك أن تبتلَّ بالماءِ
ومثلُ ذلك كما لو أنّ مديرَ مدرسةٍ جمعَ الطلابَ في أوّلِ يومٍ من أيامِ الدراسةِ، وتلا عليهم أسماءَ الناجحين، وأسماءَ الراسبين سلفاً، ثمّ قال لهم: انطلقوا إلى الصفوفِ، وادرسوا.
الأدلةُ على أنّ الإنسانَ مخيَّرٌ:
1 - الدليلُ النقليُّ:
قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
[الأنعام: الآية 148 ]
الإنسان مخير
قال علماءُ التفسيرِ وعلماءُ العقيدة: " هذه الآيةُ أصلٌ في أنّ الإنسانَ مخيَّرٌ، فمَن ادّعَى أنه مسيَّرٌ، أو مكرَهٌ، أو مجبَرٌ فقد التقى مع اعتقادِ ِالمشركينِ.
الخرصُ هو أشدُّ أنواعِ الكذبِ، وهذا هو الكذبُ على اللهِ تعالى، ويقول الإمامُ الغزالي: " لأنْ يرتكبَ العوامُّ الكبائرَ أهونُ مِن أن يقولوا على اللهِ ما لا يعلمون ".
بل إنّ اللهَ جل جلاله حين رتّبَ المعاصيَ ترتيباً تصاعدياً في آيةٍ من سورة الأعرافِ جعلَ أكبرَ معصيةٍ:
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ الأعراف: من الآية 33 ]
وفي آيةٍ أخرى يقول تعالى:
﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾
[ الفتح: الآية 6]
وقال سبحانه:
﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
[ آل عمران: الآية 154]
وقال في آيةٍ أخرى:
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾
[ الإنسان: الآية 3 ]
وقال تعالى:
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾
[ الليل: الآية 12 ]
وقال تعالى:
﴿ وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾
[ الكهف: الآية 29 ]
وقال تعالى:
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِبِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ فصلت: الآية 17]
وقال تعالى:
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًاإِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[ البقرة: الآية 148 ]
توهّم بعضُهم أنّ الضميرَ
﴿ هُوَ ﴾
في قولِه:
﴿ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾
يعودُ على اللهِ , ولو أَعَدْنَا هذا الضميرَ على اللهِ لفسدَ المعنى تماماً , كأنْ تقولَ، وأنت تركبُ السيارةَ لمَن يجلسُ في المقعدِ الخلفيِّ: اذهب إلى اليمين , يقول لك: الأمرُ ليس بيدي، المِقْوَدُ بيدك , فإذا كان اللهُ عز وجل هو الذي يولِّيها، فلماذا يقولُ إذاً:
﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾
فالضميرُ صلى الله عليه وسلم هُوَ صلى الله عليه وسلم يعودُ على الإنسانِ , ولكنّ الإنسانَ أحياناً قد يشمُّ مِن بعضِ الآياتِ رائحةَ الجبرِ , فبماذا نجيبُه ؟
هناك قاعدةٌ أصوليّةٌ قطعيةٌ، وهي أنّ الآياتِ المتشابهاتِ مهما كَثُرتْ تُحمَلُ على الآياتِ المحكَمَاتِ مهما قَلَّتْ.
لنضربْ مثالاً على ذلك: لو قلتُ لك: القمحُ مادّةٌ خطيرةٌ، فما معنى أنها خطيرةٌ ؟ هل معنى هذا أنّها متفجِّرةٌ , أو أنها أساسيّةٌ في حياةِ الإنسانِ , هذه كلمةٌ مبهمةٌ احتماليةٌ , كلمةٌ فيها شبهةٌ , قلتُ لك بعد قليلٍ: القمحُ مادّةٌ أساسيّةٌ في حياةِ الإنسانِ، إذاً كلمةُ ( خطيرة ) نحملُها على أنها أساسيّةٌ , فالآياتُ المتشابهاتُ مهما كَثُرَتْ تُحمَل على الآياتِ المحكماتِ مهما قَلَّتْ، ولو أنّ في القرآنِ الكريمِ ألفَ آيةٍ يُشَمُّ منها رائحةُ الجبرِ فهذه كلُّها تحملُ على قولِه تعالى:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّوَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
[ الأنعام: الآية 148 ]
لنأخذْ بعضَ هذه الآياتِ , يقول تعالى:
﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
[ التكوير: الآية 29 ]
فالمعنى هنا أنّ إرادةَ اللهِ شاءت أن تكونوا أصحابَ مشيئةٍ , ولولا أنّ اللهَ شاء أن تكونوا أصحابَ مشيئةٍ لمَا شئتم , فإذا سعدتم بمشيئتكم، وكانت هذه المشيئةُ سببَ رقيِّكم وسعادتِكم وفوزِكم فاعلموا أنّ هذه المشيئةَ من مشيئةِ اللهِ تعالى , وليس المعنى: صلى الله عليه وسلم وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم الجبرَ، ولكنّ معناها الفضلُ , وفرقٌ كبيرٌ بينهما.
آيةٌ أخرى، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾
[ السجدة: الآية 13]
جعلَ اللهُ الإنسانَ المخلوقَ المكرمَ , كرّمه بالاختيارِ , وكرّمه بالعقلِ، وكرّمه
بالتشريعِ , لذلك يكونُ المعنى في هذه الآية الأخيرةِ: لو شئنا أنْ نجبرَكم على شيءٍ ما، وأن نلغيَ اختيارَكم، ونلغيَ تكريمَكم، ونلغيَ تفضيلَكم , وهويتكم، واختياركم، وأردنا أنْ نجبرَكم لَمَا أجبرناكم إلاَ على الهدى , لكنّ هذا الهدى الناتجَ عن الإكراهِ لا يُسعِدُ إطلاقاً، ولا نرقى به إلى الجنةِ.
أما قولُه تعالى:
﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
[ المدثر: من الآية 31 ]
فله معانٍ ثلاثة:
المعنى الأوّلُ:
هذا هو الضلالُ الجزائيُّ المبنيُّ على ضلالٍ اختياريٍّ ,قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾
[ الصف: من الآية 5]
المعنى الثاني:
أنّ اللهَ أضلّه عن هذا الشريكِ، حينما يعتمدُ الإنسانُ على جهةٍ أرضيةٍ يلهمُ ربُّنا عز وجل هذا الإنسانَ الذي اعتمدَ عليه أنْ يخيِّبَ ظنَّه , وبهذا يكونُ اللهُ قد أضلّه عن هذا الشريكِ , ذلك أنّ هذا الشريكَ لو لبَّاهُ دائماً لألَّهه، فلمجرّدِ أنْ تعتمدَ على جهةٍ غيرِ اللهِ عز وجل يخيِّبُ اللهُ عز وجل ظنَّك بهذا الإنسانِ، فتتألّمُ، فيكونُ اللهُ قد أضلَّك عن الشريكِ الذي جعلتَه شريكاً له تعالى.
المعنى الثالثُ:
أنّ الضلالَ الذي يُفهَمُ من هذه الآياتِ كما لو أنّ إنساناً سافرَ إلى بلدٍ , وفي طريقِه إلى هذا البلدِ وجدَ طريقين، فوقع في حيرةٍ، أيّهما يسلك , فسأل أحدَهم , فقال له: مِن هذا الاتّجاهِ , فقال له: أنت كاذبٌ , في هذه الحالةِ لنْ يكونَ بإمكانِ هذا الرجلِ المسؤولِ أنْ يعطيَه معلوماتٍ إضافيةً عن هذا الطريقِ ؟ عن وجودِ حاجزٍ، أو تحويلةٍ، أو جسرٍ، وما شابه ذلك، لأنه رفضَ الطريقَ مِن أصلِه، وعندما يرفضُ الإنسانُ الدينَ فإن الله تعالى يضلُّه، فلا يستفيدُ من تفاصيلِ الدِّينِ , ولو أنّ إنساناً رفضَ الجامعةَ مِن الأساسِ فلن يستفيدَ مِن مكتبتِها، ولا من هويّتِه كطالبٍ، ولا من حسمٍ في الطيرانِ , وكلُّ الميزاتِ انتهت بالنسبةِ إليه.
2 – الدليلُ العقليُّ:
وهو أنه لا يُعقَلُ، ولا يصحُّ، ولا يليقُ بكمالِ الله عز وجل أنْ يقولَ كلاماً لا معنى له , قد يقولُ الإنسانُ كلاماً لا معنى له، اضطرارًا، أو مجاملةً، أو نفاقاً، ـ
كرم الله الإنسان بالعقل والاختيار
أو مداراةً، أما خالقُ الكونِ فلا يُعقَلُ أن يقولَ كلاماً بلا معنى , لو أنك تسيرُ في ممرٍّ ضيِّقٍ عرضًه كعرضِ كَتِفَيْكَ تماماً، وقيل لك: اتّجِهْ نحوَ اليمينِ، لكان هذا هراءً، وكلاماً لا معنى له , قال العلماء: " لمجرّدِ وجودِ الأمرِ والنهيِ فأنت مخيَّرٌ " , ولو أنك مسيَّر ٌفما معنى أنْ يأمرَك اللهُ أن تكونَ صادقاً , وما معنى أن ينهاك عن الكذبِ , وما معنى أن يأمرَك بالصلاةِ، وأن ينهاك عن الخمرِ والزنا , إذاً لمجرّدِ الأمرِ والنهيِ فأنت مخيَّرٌ، لذلك حينما جيءَ برجل شارب للخمر إلى سيدِنا عمر قال: " أقيموا عليه الحدَّ , فقال الرجلُ: واللهِ يا أميرَ المؤمنين، إن اللهَ قدَّرَ عليّ ذلك , فقال سيدنا عمرُ: أقيموا عليه الحدَّ مرتين , مرةً لأنه شربَ الخمرَ، ومرّةً لأنه افترى على اللهِ , ثم قال: ويحكَ يا هذا، إنّ قضاءَ اللهِ لم يخرجك من الاختيارِ إلى الاضطرارِ " , لذلك قال سيّدُنا عليُّ رضي الله عنه: " لو أنّ مسيرَنا إلى الشامِ بقضاءٍ وقدرٍ لعلك ظننتَ قضاءً لازماً، وقدراً حاتماً، إذاً لبطلَ الوعدُ والوعيدُ، ولانتفى الثوابُ والعقابُ، إن اللهَ أمرَ عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلّفَ يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً ".
يقول سيّدُنا الحسنُ: " لو أنّ اللهَ أجبرَ عبادَه على الطاعةِ لبطلَ الثوابُ , ولو أجبرهم على المعصيةِ لبطلَ العقابُ , ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرةِ ".
فاللهُ سبحانه وتعالى أعطانا حريةَ الاختيارِ ليثمِّنَ عملَنا، وإلا لمَا كان للعملِ الصالحِ قيمةٌ، ولا للعملِ السيّئِ قيمةٌ، ولما حوسِبَ الإنسانُ على عملِه.
لو أنك أودعتَ طالباً في السجنِ أيامَ الامتحانِ , ومنعتَه من أنْ يقدِّمَ امتحانَه فرسبَ , في هذه الحالةِ لا تستطيعُ أن توجِّه له توبيخاً ولوماً على رسوبِه، كذلك لو أنك أعطيتَ الأسئلةَ لطالبٍ فنالَ الدرجةَ الأولى , لا تستطيعُ أن تقيمَ له حفلاً ضخماً تكريماً لهذه الدرجةِ العالية , دائماً وأبداً الدليلُ النقليُّ لا يتعارضُ مع الدليلِ العقليِّ، لأن النقلَ كلامُه، والعقلَ مقياسُه، والواقعَ خَلْقُه، والفطرةَ جِبِلَّتُه، ولأنّ الحقَّ ما جاء به النقلُ الصحيحُ، وتوافقَ مع العقلِ الصريحِ، ومع الفطرةِ السليمةِ، ومع الواقعِ الموضوعيِّ.
2005-06-22
إنّ أخطرَ شيءٍ في الدينِ هو العقيدةُ، فإن صحّت صحّ العملُ، وإن صحّ العملُ بلغَ الإنسانُ الأملَ، وما من عقيدةٍ فاسدةٍ تشلُّ حركةَ الإنسانِ شلاًّ كاملاً، وتجعلُه قاعداً مستسلماً لمصيرِه المحتومِ كعقيدةِ الجبرِ، كأن يعتقدَ الإنسانُ أنّ اللهَ أجبرَه على كلّ أعمالِه، وسوف يحاسبُه عليها، مع أنه مجبَرٌ عليها، كما قال الشاعر:
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً وقال له إِيّاك إيّاك أن تبتلَّ بالماءِ
ومثلُ ذلك كما لو أنّ مديرَ مدرسةٍ جمعَ الطلابَ في أوّلِ يومٍ من أيامِ الدراسةِ، وتلا عليهم أسماءَ الناجحين، وأسماءَ الراسبين سلفاً، ثمّ قال لهم: انطلقوا إلى الصفوفِ، وادرسوا.
الأدلةُ على أنّ الإنسانَ مخيَّرٌ:
1 - الدليلُ النقليُّ:
قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
[الأنعام: الآية 148 ]
الإنسان مخير
قال علماءُ التفسيرِ وعلماءُ العقيدة: " هذه الآيةُ أصلٌ في أنّ الإنسانَ مخيَّرٌ، فمَن ادّعَى أنه مسيَّرٌ، أو مكرَهٌ، أو مجبَرٌ فقد التقى مع اعتقادِ ِالمشركينِ.
الخرصُ هو أشدُّ أنواعِ الكذبِ، وهذا هو الكذبُ على اللهِ تعالى، ويقول الإمامُ الغزالي: " لأنْ يرتكبَ العوامُّ الكبائرَ أهونُ مِن أن يقولوا على اللهِ ما لا يعلمون ".
بل إنّ اللهَ جل جلاله حين رتّبَ المعاصيَ ترتيباً تصاعدياً في آيةٍ من سورة الأعرافِ جعلَ أكبرَ معصيةٍ:
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ الأعراف: من الآية 33 ]
وفي آيةٍ أخرى يقول تعالى:
﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾
[ الفتح: الآية 6]
وقال سبحانه:
﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
[ آل عمران: الآية 154]
وقال في آيةٍ أخرى:
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾
[ الإنسان: الآية 3 ]
وقال تعالى:
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾
[ الليل: الآية 12 ]
وقال تعالى:
﴿ وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾
[ الكهف: الآية 29 ]
وقال تعالى:
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِبِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ فصلت: الآية 17]
وقال تعالى:
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًاإِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[ البقرة: الآية 148 ]
توهّم بعضُهم أنّ الضميرَ
﴿ هُوَ ﴾
في قولِه:
﴿ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾
يعودُ على اللهِ , ولو أَعَدْنَا هذا الضميرَ على اللهِ لفسدَ المعنى تماماً , كأنْ تقولَ، وأنت تركبُ السيارةَ لمَن يجلسُ في المقعدِ الخلفيِّ: اذهب إلى اليمين , يقول لك: الأمرُ ليس بيدي، المِقْوَدُ بيدك , فإذا كان اللهُ عز وجل هو الذي يولِّيها، فلماذا يقولُ إذاً:
﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾
فالضميرُ صلى الله عليه وسلم هُوَ صلى الله عليه وسلم يعودُ على الإنسانِ , ولكنّ الإنسانَ أحياناً قد يشمُّ مِن بعضِ الآياتِ رائحةَ الجبرِ , فبماذا نجيبُه ؟
هناك قاعدةٌ أصوليّةٌ قطعيةٌ، وهي أنّ الآياتِ المتشابهاتِ مهما كَثُرتْ تُحمَلُ على الآياتِ المحكَمَاتِ مهما قَلَّتْ.
لنضربْ مثالاً على ذلك: لو قلتُ لك: القمحُ مادّةٌ خطيرةٌ، فما معنى أنها خطيرةٌ ؟ هل معنى هذا أنّها متفجِّرةٌ , أو أنها أساسيّةٌ في حياةِ الإنسانِ , هذه كلمةٌ مبهمةٌ احتماليةٌ , كلمةٌ فيها شبهةٌ , قلتُ لك بعد قليلٍ: القمحُ مادّةٌ أساسيّةٌ في حياةِ الإنسانِ، إذاً كلمةُ ( خطيرة ) نحملُها على أنها أساسيّةٌ , فالآياتُ المتشابهاتُ مهما كَثُرَتْ تُحمَل على الآياتِ المحكماتِ مهما قَلَّتْ، ولو أنّ في القرآنِ الكريمِ ألفَ آيةٍ يُشَمُّ منها رائحةُ الجبرِ فهذه كلُّها تحملُ على قولِه تعالى:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّوَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
[ الأنعام: الآية 148 ]
لنأخذْ بعضَ هذه الآياتِ , يقول تعالى:
﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
[ التكوير: الآية 29 ]
فالمعنى هنا أنّ إرادةَ اللهِ شاءت أن تكونوا أصحابَ مشيئةٍ , ولولا أنّ اللهَ شاء أن تكونوا أصحابَ مشيئةٍ لمَا شئتم , فإذا سعدتم بمشيئتكم، وكانت هذه المشيئةُ سببَ رقيِّكم وسعادتِكم وفوزِكم فاعلموا أنّ هذه المشيئةَ من مشيئةِ اللهِ تعالى , وليس المعنى: صلى الله عليه وسلم وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم الجبرَ، ولكنّ معناها الفضلُ , وفرقٌ كبيرٌ بينهما.
آيةٌ أخرى، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾
[ السجدة: الآية 13]
جعلَ اللهُ الإنسانَ المخلوقَ المكرمَ , كرّمه بالاختيارِ , وكرّمه بالعقلِ، وكرّمه
بالتشريعِ , لذلك يكونُ المعنى في هذه الآية الأخيرةِ: لو شئنا أنْ نجبرَكم على شيءٍ ما، وأن نلغيَ اختيارَكم، ونلغيَ تكريمَكم، ونلغيَ تفضيلَكم , وهويتكم، واختياركم، وأردنا أنْ نجبرَكم لَمَا أجبرناكم إلاَ على الهدى , لكنّ هذا الهدى الناتجَ عن الإكراهِ لا يُسعِدُ إطلاقاً، ولا نرقى به إلى الجنةِ.
أما قولُه تعالى:
﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
[ المدثر: من الآية 31 ]
فله معانٍ ثلاثة:
المعنى الأوّلُ:
هذا هو الضلالُ الجزائيُّ المبنيُّ على ضلالٍ اختياريٍّ ,قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾
[ الصف: من الآية 5]
المعنى الثاني:
أنّ اللهَ أضلّه عن هذا الشريكِ، حينما يعتمدُ الإنسانُ على جهةٍ أرضيةٍ يلهمُ ربُّنا عز وجل هذا الإنسانَ الذي اعتمدَ عليه أنْ يخيِّبَ ظنَّه , وبهذا يكونُ اللهُ قد أضلّه عن هذا الشريكِ , ذلك أنّ هذا الشريكَ لو لبَّاهُ دائماً لألَّهه، فلمجرّدِ أنْ تعتمدَ على جهةٍ غيرِ اللهِ عز وجل يخيِّبُ اللهُ عز وجل ظنَّك بهذا الإنسانِ، فتتألّمُ، فيكونُ اللهُ قد أضلَّك عن الشريكِ الذي جعلتَه شريكاً له تعالى.
المعنى الثالثُ:
أنّ الضلالَ الذي يُفهَمُ من هذه الآياتِ كما لو أنّ إنساناً سافرَ إلى بلدٍ , وفي طريقِه إلى هذا البلدِ وجدَ طريقين، فوقع في حيرةٍ، أيّهما يسلك , فسأل أحدَهم , فقال له: مِن هذا الاتّجاهِ , فقال له: أنت كاذبٌ , في هذه الحالةِ لنْ يكونَ بإمكانِ هذا الرجلِ المسؤولِ أنْ يعطيَه معلوماتٍ إضافيةً عن هذا الطريقِ ؟ عن وجودِ حاجزٍ، أو تحويلةٍ، أو جسرٍ، وما شابه ذلك، لأنه رفضَ الطريقَ مِن أصلِه، وعندما يرفضُ الإنسانُ الدينَ فإن الله تعالى يضلُّه، فلا يستفيدُ من تفاصيلِ الدِّينِ , ولو أنّ إنساناً رفضَ الجامعةَ مِن الأساسِ فلن يستفيدَ مِن مكتبتِها، ولا من هويّتِه كطالبٍ، ولا من حسمٍ في الطيرانِ , وكلُّ الميزاتِ انتهت بالنسبةِ إليه.
2 – الدليلُ العقليُّ:
وهو أنه لا يُعقَلُ، ولا يصحُّ، ولا يليقُ بكمالِ الله عز وجل أنْ يقولَ كلاماً لا معنى له , قد يقولُ الإنسانُ كلاماً لا معنى له، اضطرارًا، أو مجاملةً، أو نفاقاً، ـ
كرم الله الإنسان بالعقل والاختيار
أو مداراةً، أما خالقُ الكونِ فلا يُعقَلُ أن يقولَ كلاماً بلا معنى , لو أنك تسيرُ في ممرٍّ ضيِّقٍ عرضًه كعرضِ كَتِفَيْكَ تماماً، وقيل لك: اتّجِهْ نحوَ اليمينِ، لكان هذا هراءً، وكلاماً لا معنى له , قال العلماء: " لمجرّدِ وجودِ الأمرِ والنهيِ فأنت مخيَّرٌ " , ولو أنك مسيَّر ٌفما معنى أنْ يأمرَك اللهُ أن تكونَ صادقاً , وما معنى أن ينهاك عن الكذبِ , وما معنى أن يأمرَك بالصلاةِ، وأن ينهاك عن الخمرِ والزنا , إذاً لمجرّدِ الأمرِ والنهيِ فأنت مخيَّرٌ، لذلك حينما جيءَ برجل شارب للخمر إلى سيدِنا عمر قال: " أقيموا عليه الحدَّ , فقال الرجلُ: واللهِ يا أميرَ المؤمنين، إن اللهَ قدَّرَ عليّ ذلك , فقال سيدنا عمرُ: أقيموا عليه الحدَّ مرتين , مرةً لأنه شربَ الخمرَ، ومرّةً لأنه افترى على اللهِ , ثم قال: ويحكَ يا هذا، إنّ قضاءَ اللهِ لم يخرجك من الاختيارِ إلى الاضطرارِ " , لذلك قال سيّدُنا عليُّ رضي الله عنه: " لو أنّ مسيرَنا إلى الشامِ بقضاءٍ وقدرٍ لعلك ظننتَ قضاءً لازماً، وقدراً حاتماً، إذاً لبطلَ الوعدُ والوعيدُ، ولانتفى الثوابُ والعقابُ، إن اللهَ أمرَ عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلّفَ يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً ".
يقول سيّدُنا الحسنُ: " لو أنّ اللهَ أجبرَ عبادَه على الطاعةِ لبطلَ الثوابُ , ولو أجبرهم على المعصيةِ لبطلَ العقابُ , ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرةِ ".
فاللهُ سبحانه وتعالى أعطانا حريةَ الاختيارِ ليثمِّنَ عملَنا، وإلا لمَا كان للعملِ الصالحِ قيمةٌ، ولا للعملِ السيّئِ قيمةٌ، ولما حوسِبَ الإنسانُ على عملِه.
لو أنك أودعتَ طالباً في السجنِ أيامَ الامتحانِ , ومنعتَه من أنْ يقدِّمَ امتحانَه فرسبَ , في هذه الحالةِ لا تستطيعُ أن توجِّه له توبيخاً ولوماً على رسوبِه، كذلك لو أنك أعطيتَ الأسئلةَ لطالبٍ فنالَ الدرجةَ الأولى , لا تستطيعُ أن تقيمَ له حفلاً ضخماً تكريماً لهذه الدرجةِ العالية , دائماً وأبداً الدليلُ النقليُّ لا يتعارضُ مع الدليلِ العقليِّ، لأن النقلَ كلامُه، والعقلَ مقياسُه، والواقعَ خَلْقُه، والفطرةَ جِبِلَّتُه، ولأنّ الحقَّ ما جاء به النقلُ الصحيحُ، وتوافقَ مع العقلِ الصريحِ، ومع الفطرةِ السليمةِ، ومع الواقعِ الموضوعيِّ.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin