رحلة بحث في سيرة العارفين بالله.حكايات مصرالمحروسة ـ سيرة العارف بالله سيدي أحمد البدوي
بقلم - محمد حجاب
قصص في الزهد وعبادة الرحمن والعطاء من العلم والمعرفة.
نحكي سويا عن حياة أبو الفتيان شيخ العرب العارف بالله سيدي أحمد البدوي.
* حكايات مصرية نسرد فيها كيف أسر" البدوي" لويس التاسع ورده بـ300 أسير مصري.
* حكايات مصريه نحكي فيها عن علاقه الشيخ محمد متولي الشعراوي بكرامات العارف بالله سيدي أحمد البدوي.
* حكايات مصريه نحكي لكم فيها عن علاقه الرئيس محمد أنور السادات بكرامات سيدي العارف بالله أحمد البدوي.
* سيرة عطرة نحكي فيها ونوثق ونؤكد أن الأولياء لم يخرجوا يوما عن شرع الله، وكانوا يعظمون الإنتماء الوطني، خاصة عندما كون شيخ العرب جيشا من المدنيين لمساعدة الجيش المصري في الحروب الصليبية، وأسر لويس التاسع، ووصاياه لحاكم مصر للإهتمام بالجيش، فهو خير أجناد الأرض كما حدثنا رسول الله.
* نحكي لكم كيف عاش الرجل وكيف كانت قصة حياته، وبعد موته بزمن بعيد وتعرضه للظلم علي يد دعاة السلفية وقد اتهموة بأبشع الإتهامات، وسبحان الحي القيوم كلما اتهموة زاد محبيه ومريديه.
* نحكي اليوم لكم نقطة من فيض بحر سيدي "أحمد البدوي" رضي الله عنه وأرضاه.
هو من باب النبى صلى الله عليه وسلم، ومن فرع بيت النبوة وسيد أهل الفتوة بحر العلوم والمعارف وشمس الولاية الساطع نورها فى كل عارف. مجلى أنوار الحقيقة المحمدية، وكعبة أسرار الذات المصطفوية، علم الجهادين الأكبر والأصغر، ومربى أئمة العارفين بمنهاجه الأنور، الوارث المحمدي الأشهر، مفخرة الأمة المحمدية، القطب الغوث الفرد الجامع، العارف بالله تعالى سيدي الإمام أحمد البدوي رضى الله عنه وأرضاه.
في رحلة بحث في سيرة رجال شانهم ذكر وفكر وبالاسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق مؤدي لمن سألوا ومن لم يسألون، فقد باعوا النفيس ولم يبالوا فما باعوه بل هم يشترون، أولئك أولياء الله حقا كانوا علي قدر وكانوا يتقون.
ومن هنا في رحاب المسجد الأحمدي، تستشعر المكانة الخاصة للعارف بالله الإمام "السيد أحمد البدوي" في نفوس المصريين، فتري القادمين من كل شبر من أرض الوطن للإحتفال بمولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، بل يتعدي الأمر لأكثر من ذلك فتجد المريدين والزوار من كل بقاع الأرض للأنس والتبارك بمقام (البدوي)، فتجد من يقف أمام المقام ويدعوا الله، وتجد من يضع المال في صندوق النذور، وتجد من يضع يده بالمقام ويمسحها بجسده، وتجد من يقرأ القرآن، وتجد من يتبرك بالجلوس في كنفه واستشعار روح الإيمان بالله بجواره.
وتجد حلقات الذكر المختلفة، وتجد الكثير والكثير من العادات المصريه تشاهدها هنا في ساحة مسجد البدوي في مدينه طنطا بمحافظة الغربية، وخصوصا في أسبوع ميلاد (البدوي) من كل عام، والاحتفال بذكري ميلاده، وسط الإجراءات الأمنية المشددة للسيطرة علي هذا الكم الهائل من البشر في أجواء روحانيه للكثير.
وفي وسط هذا الكم من الإحتفال تجد أيضا مندسين بين المريدين وتجد الجهل بكافة أنواعه، وتجد السارقين وبائعي البضائع المغشوشه، وتجد المتحرشين بالنساء، وتجد هنا طرق الإنحراف الأخلاقي بكافة أنواعها.
وبطبيعه الحال في كل مكان وزمان تجد النفس البشرية المتقلبة، فمنها الفالح ومنها الطالح ولا تستقيم الأمور بصفة الجمع، فكما قال رسول الله ﷺ أن النية محلها القلب وأن الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
والدنيا مليئة بالخير والشر ولكن من يدري الفرق بينهما، ومن يدري الفرق بين الشريرين والخيرين، ولذلك وجب علينا جميعا الإجتهاد لنيل المعرفه والوقوف علي الحقيقة كاملة.
ومن هنا بدأت رحلتي للبحث في كتب السالفين وأعلام المؤرخين في رحلة طويلة استشعرت فيها بعبق الماضي وأنوار الحقيقة فبحثت في (أمهات الكتب)، وأبحرت شمالا وجنوبا وشرقا وغربا في أعالي كتب التاريخ الإسلامي، إلي أن هدانا المولي عز وجل أن نصل إلي حقيقه العارفين والزاهدين والسالكين إلي طريق رب العالمين كيف عاشوا، وما هي فلسفتهم في الحياة وكيف كانت الحياة في عصورهم المختلفة وأي المنازل وصلوا.
وفي لحظة من لحظات الرضا بما كتبه الله عز وجل لنا كنت أناجي ربي بما في داخلي، وما يثقل قلبي من أحمال الضيق والألم مستاء من حياة مليئة بالصراعات في مشهد كالغابة، الكبير يأكل الصغير في غفلة عن رب العزة، غفل فيها الكثير من العباد أن الله الخالق الواحد الأحد خلق الخلق لعبادته عمن سواه، ليس لحب الشهوات والميل للصراعات والوقوع في هوي النفس.
في لحظة تأثرت بها مشاعري بدعاء يحمل الأسرار، فدعوت ربي فاستجاب فهو إله العالمين، غياث المستغاثين، خير المسئولين ومجيب دعوة المضطرين، فأطلعني ربي علي كنز من كنوزه وهو الرضا بالمقسوم، والصبر علي تحقيق الفرج من عند فارج الهموم وميسر كل عسير، فتعلمت كيف يكون الأدب مع الله في الدعاء وكيف يكون الصبر في كشف البلاء.
وكلما ضاقت بي الأحوال ذهبت الي مقام سيدي أحمد البدوي، ودعوت الله وما شرعت في الرحال إليه إلا ورجعت مجبور الخاطر مرتاح البال، وكنت لا أعلم من أين تأتي هذة الراحة النفسية التي أشعر بها عند زيارة مقامه ومقام العارفين بالله وآل البيت.
وتعودت في مشوار حياتي أن أقهر اليأس مهما كان، فتحركت خطواتي لحب المعرفة والاطلاع علي هذه العلوم الربانية، فبحثت في أمهات الكتب وفي رحلتي بحثت في تاريخ أقطاب الصوفية الأربعه كبار الأئمة وهم:
أحمد الرفاعي، عبدالقادر الجيلاني، أحمد البدوي، وإبراهيم الدسوقي .
وتعلمت الكثير والكثير وكانت البشارات تؤكد لي علي الدوام إني ماضٍ علي الدرب في الطريق الصحيح حتي هدانا الله عز وجل أن نقف علي الحقيقة كاملة، وأن نؤرخ ونوثق للإنسانيه هذه السطور، لنحكي لكم من هذه السيرة العطرة للقطب الكبير سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وأرضاه، لما فيها من عبر عظيمة نحتاجها اليوم لتنقية نفوس شبابنا من الأفكار المتطرفة التي يعاني منها مجتمعنا وخاصة في تلك الظروف الراهنة، حيث نجد البدوي من خلال سيرته العطرة التي نشرف بتقديمها لكم وما يدعو فيها " البدوي " من نهج الاعتدال في الدين، حيث يؤكد وسطية الدين الإسلامي، كما دعا بها جده النبي صلى الله عليه وسلم، ونجده أيضا ينبذ الطائفية والإرهاب.
حكايات مصريه نحكي ونقص لكم ونروي عن هذه المكانة الكبري والمنزلة العليا التي منحها الله لعباده، حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) صدق الله العظيم.
أعزائي السادة القراء الأعزاء
أنتم الآن علي موعد ولقاء مع نفحات الله عز وجل، فعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات وتكفر الذنوب، ويحظي من يقرأ ويسمع عن ذكرهم ويقتضي بأثرهم بسعادة الدارين، وهي بالانتساب والعمل علي خطي الصالحين والأولياء رضي الله عنهم وأرضاهم .
إخوتي في الإسلام في شتي بقاع الأرض هيا بنا الي نفحات الله هيا بنا إلي ذكر العارف بالله سيدي أحمد البدوي، وهو قطب الأقطاب وكهف أمن الطلاب ملاذ السائلين وأستاذ الواصلين، وشيخ العارفين وشيخ المحققين في طريق رب العالمين.
إسمه الحقيقي :-
أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد المعروف (بالسيد البدوي)، ويعود إسم السيد إلي التوقير ويلقب به من يعود نسبه إلي آل البيت الشريف.
وأما لقب (البدوي)، فقد كان في هذا الوقت يرتدي ملابس البدو، وكانت مصر في هذا التوقيت لها زي شعبي مختلف عن البدو، فأطلقوا عليه إسم البدوي وأيضا لمعرفتهم أنه قادم من البادية.
ويعود نسبه إلي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وجاء ذكره في العديد من المخطوطات القديمة وأمهات الكتب وأعلام المؤرخين كالمقريزى والمرتضى الزبيدى.
وللوقوف علي نسب البدوي وما قدموه لنا كبار الأمة والكتاب عبر الزمن من خلال هذه الكتب الضاربة في عمق التاريخ نجد أن نسبه كالآتي :
إنه مولانا السيد أحمد بن السيد على البدوي بن السيد إبراهيم بن السيد محمد بن السيد أبى بكر بن السيد إسماعيل بن السيد عمر بن السيد على بن السيد عثمان بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد موسى بن السيد يحيى بن السيد عيسى بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد حسن بن السيد جعفر بن السيد على الهادي بن السيد محمد الجواد بن السيد على الرضا بن السيد موسى الكاظم بن السيد جعفر الصادق بن السيد محمد الباقر بن السيد على زين العابدين بن سيدنا الإمام الحسين بن سيدنا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، وابن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود سيدنا محمد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وهو إمام صوفي سني عربي، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء.
ولقب بأسماء كثيرة منها: أبو الفتيان، أبو فراج، الملثم، اشيخ العرب، السطوحي، جاب الأسري، القطب النبوي، باب النبي، بحر العلوم، الصامت، القدسي، العطاب، ولي الله، ندهه المضام، محرش الحرب، العطاب، أبو العباس، الأسد القاظم، صاحب البساط، عيسوي المقام ، وكل لقب منها معلوم عن أهل العارفين .
وكان من كثرة النزاعات والاعتداء علي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم في القرن السادس بعد الهجرة، فتفرق آل بيت النبي وفروا إلي البلاد المجاورة وهجروا أوطانهم، فمنهم من ذهب إلي المغرب، ومنهم من ذهب إلي الجزائر، ومنهم من ذهب إلي مصر، وتفرقوا في البلدان وكان منهم أسرة العارف بالله السيد أحمد البدوي.
فسافروا الي المغرب وولد البدوي في مدينة فاس سنه 596هـ، وكان سادس إخوته، وعرف منذ صغره بصمته الطويل، ونظره الطويل إلى السماء، وقد كانت أحوال البدوي في نشأته وحداثة سنه غريبة عجيبة، فقد ذكروا أنه كان يلزم الصمت، ولا يكلم الناس إلا بالإشارات، وأنَّه كان يظل أكثر أوقاته شاخصًا بعينيه إلى السماء.
ولما هدأت النزاعات والتعدي علي ال البيت بمكة، وفي سنة 603 هـ ، هاجرت أسرة السيد أحمد البدوي ووالده وجميع أشقائه إلى مكة، وقد استغرقت هذه الرحلة من فاس إلى مكة حوالي أربع سنوات، وقد مروا بمصر في طريقهم من فاس إلى مكة، وعاشوا فيها فترة تقدر بحوالي ثلاث سنوات.
ويقال عن قصة انتقال أسرة البدوي من فاس إلى مكة أنَّ أباه عليًّا جاءه الهاتف في المنام: يا علي إرحل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة فإن لكم في ذلك شأنا، وكان ذلك حوالي عام 603هـ على ما ذكرنا.
وعاد أدارجه مع أسرته وأخيه الأكبر (حسن الأكبر) إلي مكة المكرمة، وظل في مكة إلي 20 سنة حتي حفظ القرآن الكريم، وتعلم في مدرسة الإمام مالك وحفظ كتب السنه وتلقي علوم الشريعة والحقيقة، وهكذا كانت البداية علمية منهجية كي يعلم الناس أن العلماء والأولياء والعارفين لم ينالوا الأنس بالله والطريق الي المعية الربانية، إلا بالعلم والمعرفه فينبغي أن تكون عالما محققا ومدققا قائما بأنوار الحقيقة الباطنة.
فاجتمع هذا العلم عند الإمام البدوي وتلقي عن كثير من علماء وقته، فتعلم البدوي علوم الشريعة حتي اقترب عمره رضي الله عنه إلي الثلاثون عاما، وفي روايه عن أخيه الإمام حسن الأكبر أنه صار أشجع الفرسان، وأصبح لا فارس في مكه غيره، وما كان في مكة المكرمة أحفظ منه للقرآن، وكان كثير اللثام فسماه الناس "الملثم"، كما ذكر ولقب عند أهل الله أيضا بالملثم فما إن سطعت أنواره ما تحملها المريدين .
وفي أحد الروايات المذكورة عن تلامذته أن سيدي العارف بالله "عبد العال"، كان له أخ أصغر وكان إسمه عبد المجيد، وفي حلقة من حلقات العلم طلب عبد المجيد من البدوي أن يخلع لثامه ويكشف وجهه، فقال له البدوي يا عبد المجيد النظرة مني برجل، فكرر عبد المجيد طلبه علي البدوي مرارا وتكرارا، فأزاح البدوي اللثام عن وجهه فخر عبد المجيد ميتا، وكان ذلك من شدة نور وجهه فلا يتحمل رؤيته الناس لذلك كان دائم الثام.
وبعد عمر الثلاثين عن قول أخيه الأكبر الإمام (حسن الأكبر)، أن البدوي أخذته جذبه فظل مستغرقا في هذا الحال فلم نسمع منه ولا يسمع منا، وكان شاخصا ببصره إلي السماء لا يتكلم بألسنتنا ولا يري بأعيننا.
ومن يأخذة جذبه من الأولياء فمنهم من طالت جذبته حتي مات، ومنهم من ردت لهم الحياة الطبيعية التي نعيش جميعا عليها وعلي هيئتها التي يعرفها الناس بالعقل .
وهذا المقام سار إليه الكثير من العارفين بالله، فمنهم لم يردوا إلي حياتنا الطبيعية فكان منهم إبن الحلاج والفارض، وقد أخذتهم الجذبه ولم يردوا فقد باحوا بمواجيدهم في بنايات الأشعار، وصرحوا بمشاهدهم من وراء الأستار فأخذتهم الجذبة ولم يردوا، فظلوا حتي انتقالهم إلي الرفيق الأعلي.
وتأكيدا لهذه الأحوال عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يسأل حارسه:
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عنه أَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله وسَلَّم لَقِيَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ رضي الله عنه فِي بَعْضِ سِكَكِ المدينة، فقال: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟» فَقَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللهِ تَعَالَى حَقًّا، قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَا تَقُولُ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوُونَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ -وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتَ فَالْزَمْ-، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ تَعَالَى الإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ»
أخرجه الإمام الطبراني "في الكبير".
ويرى أغلب الفقهاء أنَّ حديثنا الذي بين أيدينا يتحدَّث عن بدايات الدخول في مقام الإحسان الذي هو مرتبة أعلى من الإسلام والإيمان بالمعنى الأخصِّ، وإلا فإنَّ الإسلام يشمل الإيمانَ والإحسانَ بالمعنى الأعمِّ.
فقول حارثة رضي الله عنه: "أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا"، إنما هو تعبيرٌ عن بداية الدخول في مقام الإحسان؛ ذلك أنَّ نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات مقام الإحسان، وقوله: "مُؤْمِنًا حَقًّا" إيذانٌ باستكمال الإيمان ومن ثم بداية الطريق إلى الإحسان.
وهنا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستيقن من وصوله إلى تلك المرتبة العُليا من الإيمان، فسأله عن حقيقة إيمانه، وعندما أجابه بالدلائل التي تدل على الوصول إلى تلك الدرجة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عرفت فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ) أي: أنَّ الإيمان قد تمكَّنَ منه ووصل منه إلى القلب، فكان مستعدًّا وقابلًا للإرتفاع إلى درجة الإحسان.
وهذه المقامات الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان يشملُها إسمُ الدِّين؛ فمن استقام عَلَى الإسلام إلى موته عصمه الإسلام من الخلود فِي النار، وإن دخلها بذنوبه، ومن استقام عَلَى الإحسان إلى الموت وَصَلَ إلى الله عز وجل؛ قَالَ تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾، وَقَدْ فسّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الزيادة بالنَّظر إلى وجه الله. أخرَّجه مسلم منْ حديث صهيبٍ رضي الله عنه.
فسيدي أحمد البدوي ممن أخذ إلي حضرة الحق، ولكنه رد وقيل أنه ظل في حضره أنس الله ثلاث سنوات، ولما رد فكتم حتي مزق القلوب ولم يفِ بسره لغير المحبوب فقوي علي حاله (فما جال ولا جاب فتري الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب)، وهذا كما ورد في هذا الخصوص عن الكثير من العلماء.
وعاشت أسرة البدوي بعد رحيلها من فاس واستقرت بمكة وعاشت هناك حتى فجعت بوفاة الشريف علي والد الإمام السيد البدوي سنة 627هـ، وبعد ذلك بحوالي أربع سنوات أي حوالي سنة 631هـ توفي محمد شقيق السيد البدوي، فلم يبق من إخوته الذكور سوى شقيقه الأكبر حسن الذي تولى رعاية أحمد البدوي.
وقد لزم السيد البدوي منذ صباه العكوف على العبادة والقيام وتعود الذهاب إلى مغارة في جبل أبي قبيس قرب مكة يتعبد فيها وحده .
ولما بلغ ثلاث وثلاثين سنة ذهب الي العراق سنة 634هـ، بأمر من الحق تعالي وبناء علي رؤيا يبشره فيها جده المصطفي صلي الله عليه وسلم .
وسافر إلي العراق وطاف شمالها وجنوبها، وزار بلدة أم عبيدة بلدة أحمد بن علي الرفاعي ومركز الطريقة الرفاعية، كما زار مقام عبد القادر الجيلاني، حتى اشتاق أخوه حسن لرؤية زوجته وأولاده، فأستأذن أخاه أحمد فأذن له.
وهناك عدة أقوال في سبب ترك البدوي لمكة ورحيله إلى العراق، فقد أكد الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق أنه لم يتصرف من تلقاء نفسه كعادة غيره من الأولياء، وأنه رأى رؤيا تأمره بالرحيل إلى العراق، كما ذكر آخرون أن أحمد البدوي أدرك أن مكة مع عظيم مكانتها أضيق من أن تتسع لطموحاته وآماله، ففكر في الهجرة إلى بلد واسع الإمكانيات البشرية والمادية، فهاجر إلى العراق، خصوصاً أنه قد عاش على أرضها العديد من الأولياء، وقطبين من أقطاب الولاية هما أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني.
واتجه أحمد البدوي بعد رحيل أخيه إلى بلدة (لاش) في شمال العراق، لزيارة ضريح عدي بن مسافر الهكاري صاحب الطريقة العدوية، والذي يقدسه أتباع الديانة اليزيدية .
وفي إحدي الروايات أنه كانت بالعراق امرأة اسمها فاطمه بنت بري، وكانت مشهورة بسلب الحال وإغواء الرجال، فضيعت ملوك وأمراء وضاع كبار التجار علي يدها وتغيرت أحوالهم إلي طريق المعاصي، وكانت من الأغنياء وكانت فاتنه الجمال ومن أهل الجذب وكان الصالحون يخشوها.
واعترضت طريق البدوي فقاومها وجمع أتباع الطريقه الصوفيه هناك من المجاهدين وقتل حراسها وجنودها وأحرق بيتها وسلبها حالها، وأمرها أن لا تعترض الرجال ولا تقف في طريقهم وأن تتق الله، فما منحه الله لها من جمال هو سر من أسراره فلا تعذب به، وأمرها أن تتقِ الله وكان صلاحها علي يده، وطلبت منه الزواج إلا أنه وجد نفسه أمام رسالة كبيرة، فقرر أن يتفرغ لعبادة الله عز وجل.
وعاد إلى مكة بداية سنة 634هـ - 1238م، وظل بها الي منتصف سنه 635هـ.
ويقول الشيخ أحمد حجاب: «كانت رحلة العراق نقطة تحول كبيرة في حياة سيدي أحمد النفسية، فقد أعقب تلك الرحلة تغير ملحوظ في سلوكه وعبادته لم يكن معهودا عليه قبل الرحلة، فكان صيامه وصلاته وقيامه وانتصابه وكلامه إشارة، وتحول بوجهه نحو السماء وقطع النظر عمن في الأرض حتى قلقت عليه أخته الكبرى فاطمة، فكانت تنبه أخاها الحسن من نومه ليلا تشكو إليه من حالته وتثبت له قلقها على أخيها أحمد وتقول: إبن والدي إن أخي أحمد قائم طول الليل وهو شاخص ببصره إلى السماء ونهاره صائما، وانقلب سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر وله مدة أربعين يوما ما أكل طعاما ولا شرابا.
واستمر السيد البدوي في حياة الزهد والعبادة آناء الليل وأطراف النهار، وفي نفس العام أي سنة 635هـ - 1238م، قرر سيدي أحمد البدوي الرحيل إلى مصر عندما جاء له الإذن والنداء من النبي صلي الله عليه وسلم، فقال له يا أحمد إذهب الي (طنتدا) فانك تربي فيها رجال وتقيم فيها الأحوال وبها مقامك، والمقصود بمدينة (طنتدا) هي مدينه (طنطا) الحالية حيث كان اسمها بعد ان اسماها العرب بعد الفتح الاسلامي، وأصبح إسمها (طنتدا) في هذا العصر حتي وصل إلي إسم طنطا من طريقة النطق لدي المصريين، فالمصريين دائما يميلوا إلي الاسماء السهلة ويطلقونها علي كل شيئ.
وطنطا مدينة مصرية، وعاصمة محافظة الغربية، تبعد 93 كم شمال القاهرة، و120 كم جنوب شرق الإسكندرية، أسماها العرب القدامى (طَنتُدا)، وهي ملتقى هام للطرق الحديدية والبرية وتربطها بأنحاء البلاد شبكة مواصلات جيدة.
وتعتبر ثالث مدن الدلتا من حيث المساحة والسكان بعد المحلة الكبرى والمنصورة، وأهم شوارعها شارع الجيش (البحر سابقا) وشارع الجلاء وشارع النحاس وشارع سعيد وشارع المديرية وشارع علي مبارك، كما أن بها فرع لجامعة الأزهر وجامعة طنطا واللتان تضمان العديد من الكليات في التخصصات المختلفة، ويوجد بها حديقة حيوان صغيرة تسمى المنتزه، وبها قرية خرسيت الفرعونية وكان اسمها خورست - أرض عبادة الإله ست عند الفراعنة - إله الشر، وبها المسجد العمرى - بني مع الفتح الإسلامي لمصر- ويوجد بها أيضا مقر قناة الدلتا المحلية، وتشتهر بصناعة الحلوى والمسليات والزيوت والصابون والآلات الزراعية والكتان والنسيج، وبها وكالات كبرى الشركات لتمركزها بوسط الدلتا ما يسهّل التوزيع.
وزادت أهميتها منذ أن نزلها واستقر بها القطب الكبير السيد أحمد البدوي، شيخ الطريقة الأحمدية. وتعتبر الآن من أهم المدن المصرية بعد القاهرة والإسكندرية.
ودخل أبو الفتيان "طنتدا" سنة 635 هـ ، وأقام فيها أربعين سنة حتى وفاته سنة 675 هـ ، وفي طريقه توقف في محافظة المنوفية في إحدي القري هناك، وكانت هذة البلدة في طريقه للعبور إلي طنطا وظل بها 10 أيام، وكان بها بلاء انتشر واستشري في أهلها، فدعي البدوي الله لآهل هذة القرية فكان شفائهم علي يده، فتمسكوا به أن يقيم معهم فقال لهم ليس هنا المقام إن مكاني طنتدا.
وذهب البدوي إلي طنطا، فأول من لقيه من أهل طنطا كان سيدي "عبد العال"، وكان تلميذه الأول واستأجر دار من رجل من أهل طنطا إسمه "إبن شحيط"، وكان بها غرفة ولها سطح، فاستأذن الرجل أن يقيم علي سطح داره، فقال الرجل إجلس معنا في الدار فأصر البدوي علي إقامته بالسطح، وقال لصاحب الدار إن السطح مكاننا فكرر عليه الأمر فلم يستجب له وقال له إن مكاني السطح.
وكان يصاحبه "سيدي عبد العال" و "سيدي عبد المجيد" الاخ الأصغر لـ "سيدي عبد العال"، وكانت أمهم تذهب لتستدعي ولدها من عند البدوي، ومن كثرة تعلقها بولدها عبد العال كانت لها عبارة دائما ترددها فتقول أحمد الشؤم فسمعها البدوي يوما وقال لها لا تقولي أحمد الشؤم بل قولي أحمد الخير فهو ولدنا من يوم الثور الأبيض، فقال الناس وما قضيه الثور الأبيض فقال البدوي: "يحكي عن سيدي عبد العال وهو رضيع حيث وضعته امه في مرقد الثور في معلفه فحمله الثور بين قرنيه وكاد أن يقتله، ولكنه وضعه أدبا حين جاءت الإشارة فقولي يا أحمد الخير أنا الذي انقذته لكي من الهلاك".
وظهرت بعدها كراماته وذاع سيطه في طنطا وقد أعلن دستور طريقته الأحمدية بقوله (طريقتنا هذه مبنية على الكتاب والسنة والصدق والصفاء وحسن الوفاء وتحمل الأذى وحفظ العهود)، وعلى هذه المبادئ السامية تربى فحول الأولياء كسيدى وتلقي وتتلمذ علي يدة سيدي عبد العال و سيدي عبد المجيد وسيدي عبد المتعال الأنصاري وسيدي عبد الوهاب الجوهري وسيدى عبد المجيد وسيدى محمد قمر الدولة وسيدى حسن الصائغ رضى الله عنهم، وأرسل الأولياء ليحيوا الدين بربوع مصر ويدلون الخلق على الحق كسيدى إسماعيل الإمبابى بالجيزة، فلا عجب أن أحبه الناس لله وتفرعت من الدوحة الأحمدية طرق فرعية كالشناوية والحلبية والبيومية والمرازقة والشعيبية والمعالفة والكناسية وغيرها ينشرون الأنوار الأحمدية، والكثير من أولياء وقته واشتهر بكراماته حتي لقب بعيسوي المقام من كثرة كراماته.
وقالوا عنه أيضا أنه ساحر البساط الأحمدي، فكان يدخل الناس عليه فيتسع البساط لهم وكلما دخل عليه آخرون اتسع البساط للمريدين حتي يشمل كل من في المجلس، وانتشرت كلمه البساط أحمدي نسبه إلي سيدي أحمد البدوي.
وقالوا عنه أيضا أنه باب الفرج فما قصده أحد إلا فتحت له أبواب الفرج.
ومن كراماته أيضا أنه شيخ العرب لأنه كان كثير الكرم وكثير البذل وكثير السخاء، ففتح الله به علي أهل طنطا من الخير ما كان الله به عليم.
وفي إحدي الروايات عنه : أنه كان هناك تاجر في طنطا يحتكر القمح أي يخزن القمح في وقت حصاده ويضعه في متجره إلي آخر العام ويبيعه بأغلي الاثمان، فدعي له البدوي أن يحضر مرارا وتكرارا فلم يحضر، فقال لهم البدوي أن يبلغوه أنه إن لم ياتِ سنأتي به رغما عن أنفه، فأصر التاجر علي عدم الحضور إليه وقال إن شاء البدوي فليفعل، فجئ به مكتوف الأيدي بين يدي سيدي أحمد البدوي دون أن يكبله أحد أو أن يسوقه أحد، فقال له البدوي إياك وقوت المسلمين إياك وقوت المسلمين، فأصلح الله شأنه وهداه وفتح الله عليه وفتحت له أبواب الخير، وفتح الله علي أهل طنطا بالخير في زمنه الكثير والكثير .
وهكذا حال الصوفية فهي لم تنفصل عن قضايا الأمة وأحوال العباد، فالصوفية لم تنعزل عن الناس، أو كانت في واد والناس في وادٍ آخر، أو أنهم ومنابرهم في واد والأمة وقضاياها في وادٍ آخر، لا والله فكان الصوفي أكثر من فقيه، اذا (الفقيه وقف مع الأقوال والصوفي تعداه إلي الأحوال، كان أكثر من عابد، إذ العابد وقف مع الأعمال أما الصوفي تعداه إلي الأسرار، وليس العارف هو العارف بزمانه وليس العارف فهو العارف فحسب، إنما العارف هو العارف بزمانه وتاريخ أزمنة وعصور ما قبله من السلف الصالح، فنور الله الذي منحه له هو بمثابة قراءة لسطور التاريخ وأخذ العبر ومنحه الله له في سر علمه لما هو قادم، وليس العارف هو من يفرق بين الخير والشر ولكن العارف من يميز أي الخيرين شر واي الشرين خير).
ولزاما علي الصوفي أن يقوم بواجبه ويعرف قيمة وقته، فالصوفي يقوم بواجب وقته كما يبغي أن يكون فهذا هو الإمام البخاري عندما كثر الكاذبون علي رسول الله فألف الجامع الصحيح فعندما كثرالخلاف فعرف كيف يقوم بواجبه وعرف كيف يستثمر وقته وكذلك علماء الأمة كابر عن كابر.
وفي عهد سيدي أحمد البدوي كثر الاعتداء علي مصر، فكانت الحملة الفرنسيه بقيادة لويس التاسع وكثرت الأسري المصريين، ومن بينهم سيدة سمعت بكرامات البدوي، فذهبت إليه وطلبت منه أن يفك أسر ابنها، فسألها ما إسمه فأجابت فدعاه فأتي له أمام أعين الناس مكبل بالحديد وفك أسره وفك أسر غيره الكثير والكثير، حتي لاحظ الفرنسيون أن الزانزين مغلقة لم تفتح، وأن الأسري خارجها وكأنها تصرفات جان أو سحر.
وهذه القصة تعد من أبرز كرامات (البدوي) التي تعلقت بالوجدان الشعبي المصري، هي تحريره للأسرى المصريين خلال الحروب الصليبية، وفي مشهد من مشاهد العزة والنصر كان البدوي يتربع علي قلوب المصريين حينما كان يصول ويجول في جولاته ويذهب لتحرير الأسري ويأتي إلي طنطا، وكان العامة يستقبلونه علي مشارفها وهو قادم ومعه الأسرى المحررين، بأهزوجة شعبية تقول كلماتها: (الله الله يا بدوي جاب الأسرى)، ومع مرور الزمن حرفت هذه الكلمات وأصبحت: (الله الله يا بدوي جاب اليسرى).
فعرف البدوي كيف يقوم بواجبه فنزل إلي ساحه القتال وأسر لويس التاسع وكانت هزيمتهم علي يده.
ومن كراماته أيضا أن لقب بالبدوي جاب الأسري، حتي قيلت هذه العبارة في الإنشاد الديني إلي يومنا هذا (البدوي جاب الأسري)، وتغيرت إلي أن قيلت البدوي جاب البشري، وذلك نسبة إلي أنه جاب الأسري وأسر لويس التاسع .
ولقب أيضا بالعطاب، ويعود هذا اللقب إلي روايات عديدة عن كارهي أحمد البدوي وقصص التشويه التي أثارها بعض الناس في عهده وحتي بعد وفاته، فمن تعدي عليه وقال في حقه ماليس فيه بهتانا وزورا خذله الله وذهب بعلمه لو كان من صفوة علماء الأرض.
ومن أوصاف الصوفي أن يتحقق بذلك المقام في كل وقت وفي كل مكان، فكذلك كان سيدي محمد بالقايد رضي الله عنه وأرضاه، وكذلك كان سيدي عبد اللطيف بالقايد رضي الله عنه وأرضاه وأمدنا بنوره حينما كانت الثورة الفرنسيه في الجزائر، فكان لزاما علي تلك البلاد أن يقفوا موقف الرجال، فكوّن (سيدي عبد اللطيب بالقايد) فريقا من الرجال الأشداء المؤمنين الزاهدين وكان هو قائده، ونزل إلي ساحه القتال وخاض الحرب مع الرجال ورفعوا أرواحهم علي أعناقهم ونازلوا العدو حتي حصلوا علي أرضهم.
فلم تكن الصوفية بمنعزل في الخلوة وقت حرب أوأنهم كانوا بعيدين عن قضايا الأمة في أي زمان أو مكان، وكتب المجاهدين من الصوفية موجودة والتاريخ شاهد ومحطاته كثيرة من مواقف الصوفيه.
بقلم - محمد حجاب
قصص في الزهد وعبادة الرحمن والعطاء من العلم والمعرفة.
نحكي سويا عن حياة أبو الفتيان شيخ العرب العارف بالله سيدي أحمد البدوي.
* حكايات مصرية نسرد فيها كيف أسر" البدوي" لويس التاسع ورده بـ300 أسير مصري.
* حكايات مصريه نحكي فيها عن علاقه الشيخ محمد متولي الشعراوي بكرامات العارف بالله سيدي أحمد البدوي.
* حكايات مصريه نحكي لكم فيها عن علاقه الرئيس محمد أنور السادات بكرامات سيدي العارف بالله أحمد البدوي.
* سيرة عطرة نحكي فيها ونوثق ونؤكد أن الأولياء لم يخرجوا يوما عن شرع الله، وكانوا يعظمون الإنتماء الوطني، خاصة عندما كون شيخ العرب جيشا من المدنيين لمساعدة الجيش المصري في الحروب الصليبية، وأسر لويس التاسع، ووصاياه لحاكم مصر للإهتمام بالجيش، فهو خير أجناد الأرض كما حدثنا رسول الله.
* نحكي لكم كيف عاش الرجل وكيف كانت قصة حياته، وبعد موته بزمن بعيد وتعرضه للظلم علي يد دعاة السلفية وقد اتهموة بأبشع الإتهامات، وسبحان الحي القيوم كلما اتهموة زاد محبيه ومريديه.
* نحكي اليوم لكم نقطة من فيض بحر سيدي "أحمد البدوي" رضي الله عنه وأرضاه.
هو من باب النبى صلى الله عليه وسلم، ومن فرع بيت النبوة وسيد أهل الفتوة بحر العلوم والمعارف وشمس الولاية الساطع نورها فى كل عارف. مجلى أنوار الحقيقة المحمدية، وكعبة أسرار الذات المصطفوية، علم الجهادين الأكبر والأصغر، ومربى أئمة العارفين بمنهاجه الأنور، الوارث المحمدي الأشهر، مفخرة الأمة المحمدية، القطب الغوث الفرد الجامع، العارف بالله تعالى سيدي الإمام أحمد البدوي رضى الله عنه وأرضاه.
في رحلة بحث في سيرة رجال شانهم ذكر وفكر وبالاسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق مؤدي لمن سألوا ومن لم يسألون، فقد باعوا النفيس ولم يبالوا فما باعوه بل هم يشترون، أولئك أولياء الله حقا كانوا علي قدر وكانوا يتقون.
ومن هنا في رحاب المسجد الأحمدي، تستشعر المكانة الخاصة للعارف بالله الإمام "السيد أحمد البدوي" في نفوس المصريين، فتري القادمين من كل شبر من أرض الوطن للإحتفال بمولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، بل يتعدي الأمر لأكثر من ذلك فتجد المريدين والزوار من كل بقاع الأرض للأنس والتبارك بمقام (البدوي)، فتجد من يقف أمام المقام ويدعوا الله، وتجد من يضع المال في صندوق النذور، وتجد من يضع يده بالمقام ويمسحها بجسده، وتجد من يقرأ القرآن، وتجد من يتبرك بالجلوس في كنفه واستشعار روح الإيمان بالله بجواره.
وتجد حلقات الذكر المختلفة، وتجد الكثير والكثير من العادات المصريه تشاهدها هنا في ساحة مسجد البدوي في مدينه طنطا بمحافظة الغربية، وخصوصا في أسبوع ميلاد (البدوي) من كل عام، والاحتفال بذكري ميلاده، وسط الإجراءات الأمنية المشددة للسيطرة علي هذا الكم الهائل من البشر في أجواء روحانيه للكثير.
وفي وسط هذا الكم من الإحتفال تجد أيضا مندسين بين المريدين وتجد الجهل بكافة أنواعه، وتجد السارقين وبائعي البضائع المغشوشه، وتجد المتحرشين بالنساء، وتجد هنا طرق الإنحراف الأخلاقي بكافة أنواعها.
وبطبيعه الحال في كل مكان وزمان تجد النفس البشرية المتقلبة، فمنها الفالح ومنها الطالح ولا تستقيم الأمور بصفة الجمع، فكما قال رسول الله ﷺ أن النية محلها القلب وأن الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
والدنيا مليئة بالخير والشر ولكن من يدري الفرق بينهما، ومن يدري الفرق بين الشريرين والخيرين، ولذلك وجب علينا جميعا الإجتهاد لنيل المعرفه والوقوف علي الحقيقة كاملة.
ومن هنا بدأت رحلتي للبحث في كتب السالفين وأعلام المؤرخين في رحلة طويلة استشعرت فيها بعبق الماضي وأنوار الحقيقة فبحثت في (أمهات الكتب)، وأبحرت شمالا وجنوبا وشرقا وغربا في أعالي كتب التاريخ الإسلامي، إلي أن هدانا المولي عز وجل أن نصل إلي حقيقه العارفين والزاهدين والسالكين إلي طريق رب العالمين كيف عاشوا، وما هي فلسفتهم في الحياة وكيف كانت الحياة في عصورهم المختلفة وأي المنازل وصلوا.
وفي لحظة من لحظات الرضا بما كتبه الله عز وجل لنا كنت أناجي ربي بما في داخلي، وما يثقل قلبي من أحمال الضيق والألم مستاء من حياة مليئة بالصراعات في مشهد كالغابة، الكبير يأكل الصغير في غفلة عن رب العزة، غفل فيها الكثير من العباد أن الله الخالق الواحد الأحد خلق الخلق لعبادته عمن سواه، ليس لحب الشهوات والميل للصراعات والوقوع في هوي النفس.
في لحظة تأثرت بها مشاعري بدعاء يحمل الأسرار، فدعوت ربي فاستجاب فهو إله العالمين، غياث المستغاثين، خير المسئولين ومجيب دعوة المضطرين، فأطلعني ربي علي كنز من كنوزه وهو الرضا بالمقسوم، والصبر علي تحقيق الفرج من عند فارج الهموم وميسر كل عسير، فتعلمت كيف يكون الأدب مع الله في الدعاء وكيف يكون الصبر في كشف البلاء.
وكلما ضاقت بي الأحوال ذهبت الي مقام سيدي أحمد البدوي، ودعوت الله وما شرعت في الرحال إليه إلا ورجعت مجبور الخاطر مرتاح البال، وكنت لا أعلم من أين تأتي هذة الراحة النفسية التي أشعر بها عند زيارة مقامه ومقام العارفين بالله وآل البيت.
وتعودت في مشوار حياتي أن أقهر اليأس مهما كان، فتحركت خطواتي لحب المعرفة والاطلاع علي هذه العلوم الربانية، فبحثت في أمهات الكتب وفي رحلتي بحثت في تاريخ أقطاب الصوفية الأربعه كبار الأئمة وهم:
أحمد الرفاعي، عبدالقادر الجيلاني، أحمد البدوي، وإبراهيم الدسوقي .
وتعلمت الكثير والكثير وكانت البشارات تؤكد لي علي الدوام إني ماضٍ علي الدرب في الطريق الصحيح حتي هدانا الله عز وجل أن نقف علي الحقيقة كاملة، وأن نؤرخ ونوثق للإنسانيه هذه السطور، لنحكي لكم من هذه السيرة العطرة للقطب الكبير سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وأرضاه، لما فيها من عبر عظيمة نحتاجها اليوم لتنقية نفوس شبابنا من الأفكار المتطرفة التي يعاني منها مجتمعنا وخاصة في تلك الظروف الراهنة، حيث نجد البدوي من خلال سيرته العطرة التي نشرف بتقديمها لكم وما يدعو فيها " البدوي " من نهج الاعتدال في الدين، حيث يؤكد وسطية الدين الإسلامي، كما دعا بها جده النبي صلى الله عليه وسلم، ونجده أيضا ينبذ الطائفية والإرهاب.
حكايات مصريه نحكي ونقص لكم ونروي عن هذه المكانة الكبري والمنزلة العليا التي منحها الله لعباده، حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) صدق الله العظيم.
أعزائي السادة القراء الأعزاء
أنتم الآن علي موعد ولقاء مع نفحات الله عز وجل، فعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات وتكفر الذنوب، ويحظي من يقرأ ويسمع عن ذكرهم ويقتضي بأثرهم بسعادة الدارين، وهي بالانتساب والعمل علي خطي الصالحين والأولياء رضي الله عنهم وأرضاهم .
إخوتي في الإسلام في شتي بقاع الأرض هيا بنا الي نفحات الله هيا بنا إلي ذكر العارف بالله سيدي أحمد البدوي، وهو قطب الأقطاب وكهف أمن الطلاب ملاذ السائلين وأستاذ الواصلين، وشيخ العارفين وشيخ المحققين في طريق رب العالمين.
إسمه الحقيقي :-
أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد المعروف (بالسيد البدوي)، ويعود إسم السيد إلي التوقير ويلقب به من يعود نسبه إلي آل البيت الشريف.
وأما لقب (البدوي)، فقد كان في هذا الوقت يرتدي ملابس البدو، وكانت مصر في هذا التوقيت لها زي شعبي مختلف عن البدو، فأطلقوا عليه إسم البدوي وأيضا لمعرفتهم أنه قادم من البادية.
ويعود نسبه إلي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وجاء ذكره في العديد من المخطوطات القديمة وأمهات الكتب وأعلام المؤرخين كالمقريزى والمرتضى الزبيدى.
وللوقوف علي نسب البدوي وما قدموه لنا كبار الأمة والكتاب عبر الزمن من خلال هذه الكتب الضاربة في عمق التاريخ نجد أن نسبه كالآتي :
إنه مولانا السيد أحمد بن السيد على البدوي بن السيد إبراهيم بن السيد محمد بن السيد أبى بكر بن السيد إسماعيل بن السيد عمر بن السيد على بن السيد عثمان بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد موسى بن السيد يحيى بن السيد عيسى بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد حسن بن السيد جعفر بن السيد على الهادي بن السيد محمد الجواد بن السيد على الرضا بن السيد موسى الكاظم بن السيد جعفر الصادق بن السيد محمد الباقر بن السيد على زين العابدين بن سيدنا الإمام الحسين بن سيدنا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، وابن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود سيدنا محمد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وهو إمام صوفي سني عربي، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء.
ولقب بأسماء كثيرة منها: أبو الفتيان، أبو فراج، الملثم، اشيخ العرب، السطوحي، جاب الأسري، القطب النبوي، باب النبي، بحر العلوم، الصامت، القدسي، العطاب، ولي الله، ندهه المضام، محرش الحرب، العطاب، أبو العباس، الأسد القاظم، صاحب البساط، عيسوي المقام ، وكل لقب منها معلوم عن أهل العارفين .
وكان من كثرة النزاعات والاعتداء علي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم في القرن السادس بعد الهجرة، فتفرق آل بيت النبي وفروا إلي البلاد المجاورة وهجروا أوطانهم، فمنهم من ذهب إلي المغرب، ومنهم من ذهب إلي الجزائر، ومنهم من ذهب إلي مصر، وتفرقوا في البلدان وكان منهم أسرة العارف بالله السيد أحمد البدوي.
فسافروا الي المغرب وولد البدوي في مدينة فاس سنه 596هـ، وكان سادس إخوته، وعرف منذ صغره بصمته الطويل، ونظره الطويل إلى السماء، وقد كانت أحوال البدوي في نشأته وحداثة سنه غريبة عجيبة، فقد ذكروا أنه كان يلزم الصمت، ولا يكلم الناس إلا بالإشارات، وأنَّه كان يظل أكثر أوقاته شاخصًا بعينيه إلى السماء.
ولما هدأت النزاعات والتعدي علي ال البيت بمكة، وفي سنة 603 هـ ، هاجرت أسرة السيد أحمد البدوي ووالده وجميع أشقائه إلى مكة، وقد استغرقت هذه الرحلة من فاس إلى مكة حوالي أربع سنوات، وقد مروا بمصر في طريقهم من فاس إلى مكة، وعاشوا فيها فترة تقدر بحوالي ثلاث سنوات.
ويقال عن قصة انتقال أسرة البدوي من فاس إلى مكة أنَّ أباه عليًّا جاءه الهاتف في المنام: يا علي إرحل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة فإن لكم في ذلك شأنا، وكان ذلك حوالي عام 603هـ على ما ذكرنا.
وعاد أدارجه مع أسرته وأخيه الأكبر (حسن الأكبر) إلي مكة المكرمة، وظل في مكة إلي 20 سنة حتي حفظ القرآن الكريم، وتعلم في مدرسة الإمام مالك وحفظ كتب السنه وتلقي علوم الشريعة والحقيقة، وهكذا كانت البداية علمية منهجية كي يعلم الناس أن العلماء والأولياء والعارفين لم ينالوا الأنس بالله والطريق الي المعية الربانية، إلا بالعلم والمعرفه فينبغي أن تكون عالما محققا ومدققا قائما بأنوار الحقيقة الباطنة.
فاجتمع هذا العلم عند الإمام البدوي وتلقي عن كثير من علماء وقته، فتعلم البدوي علوم الشريعة حتي اقترب عمره رضي الله عنه إلي الثلاثون عاما، وفي روايه عن أخيه الإمام حسن الأكبر أنه صار أشجع الفرسان، وأصبح لا فارس في مكه غيره، وما كان في مكة المكرمة أحفظ منه للقرآن، وكان كثير اللثام فسماه الناس "الملثم"، كما ذكر ولقب عند أهل الله أيضا بالملثم فما إن سطعت أنواره ما تحملها المريدين .
وفي أحد الروايات المذكورة عن تلامذته أن سيدي العارف بالله "عبد العال"، كان له أخ أصغر وكان إسمه عبد المجيد، وفي حلقة من حلقات العلم طلب عبد المجيد من البدوي أن يخلع لثامه ويكشف وجهه، فقال له البدوي يا عبد المجيد النظرة مني برجل، فكرر عبد المجيد طلبه علي البدوي مرارا وتكرارا، فأزاح البدوي اللثام عن وجهه فخر عبد المجيد ميتا، وكان ذلك من شدة نور وجهه فلا يتحمل رؤيته الناس لذلك كان دائم الثام.
وبعد عمر الثلاثين عن قول أخيه الأكبر الإمام (حسن الأكبر)، أن البدوي أخذته جذبه فظل مستغرقا في هذا الحال فلم نسمع منه ولا يسمع منا، وكان شاخصا ببصره إلي السماء لا يتكلم بألسنتنا ولا يري بأعيننا.
ومن يأخذة جذبه من الأولياء فمنهم من طالت جذبته حتي مات، ومنهم من ردت لهم الحياة الطبيعية التي نعيش جميعا عليها وعلي هيئتها التي يعرفها الناس بالعقل .
وهذا المقام سار إليه الكثير من العارفين بالله، فمنهم لم يردوا إلي حياتنا الطبيعية فكان منهم إبن الحلاج والفارض، وقد أخذتهم الجذبه ولم يردوا فقد باحوا بمواجيدهم في بنايات الأشعار، وصرحوا بمشاهدهم من وراء الأستار فأخذتهم الجذبة ولم يردوا، فظلوا حتي انتقالهم إلي الرفيق الأعلي.
وتأكيدا لهذه الأحوال عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يسأل حارسه:
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عنه أَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله وسَلَّم لَقِيَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ رضي الله عنه فِي بَعْضِ سِكَكِ المدينة، فقال: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟» فَقَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللهِ تَعَالَى حَقًّا، قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَا تَقُولُ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوُونَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ -وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتَ فَالْزَمْ-، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ تَعَالَى الإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ»
أخرجه الإمام الطبراني "في الكبير".
ويرى أغلب الفقهاء أنَّ حديثنا الذي بين أيدينا يتحدَّث عن بدايات الدخول في مقام الإحسان الذي هو مرتبة أعلى من الإسلام والإيمان بالمعنى الأخصِّ، وإلا فإنَّ الإسلام يشمل الإيمانَ والإحسانَ بالمعنى الأعمِّ.
فقول حارثة رضي الله عنه: "أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا"، إنما هو تعبيرٌ عن بداية الدخول في مقام الإحسان؛ ذلك أنَّ نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات مقام الإحسان، وقوله: "مُؤْمِنًا حَقًّا" إيذانٌ باستكمال الإيمان ومن ثم بداية الطريق إلى الإحسان.
وهنا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستيقن من وصوله إلى تلك المرتبة العُليا من الإيمان، فسأله عن حقيقة إيمانه، وعندما أجابه بالدلائل التي تدل على الوصول إلى تلك الدرجة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عرفت فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ) أي: أنَّ الإيمان قد تمكَّنَ منه ووصل منه إلى القلب، فكان مستعدًّا وقابلًا للإرتفاع إلى درجة الإحسان.
وهذه المقامات الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان يشملُها إسمُ الدِّين؛ فمن استقام عَلَى الإسلام إلى موته عصمه الإسلام من الخلود فِي النار، وإن دخلها بذنوبه، ومن استقام عَلَى الإحسان إلى الموت وَصَلَ إلى الله عز وجل؛ قَالَ تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾، وَقَدْ فسّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الزيادة بالنَّظر إلى وجه الله. أخرَّجه مسلم منْ حديث صهيبٍ رضي الله عنه.
فسيدي أحمد البدوي ممن أخذ إلي حضرة الحق، ولكنه رد وقيل أنه ظل في حضره أنس الله ثلاث سنوات، ولما رد فكتم حتي مزق القلوب ولم يفِ بسره لغير المحبوب فقوي علي حاله (فما جال ولا جاب فتري الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب)، وهذا كما ورد في هذا الخصوص عن الكثير من العلماء.
وعاشت أسرة البدوي بعد رحيلها من فاس واستقرت بمكة وعاشت هناك حتى فجعت بوفاة الشريف علي والد الإمام السيد البدوي سنة 627هـ، وبعد ذلك بحوالي أربع سنوات أي حوالي سنة 631هـ توفي محمد شقيق السيد البدوي، فلم يبق من إخوته الذكور سوى شقيقه الأكبر حسن الذي تولى رعاية أحمد البدوي.
وقد لزم السيد البدوي منذ صباه العكوف على العبادة والقيام وتعود الذهاب إلى مغارة في جبل أبي قبيس قرب مكة يتعبد فيها وحده .
ولما بلغ ثلاث وثلاثين سنة ذهب الي العراق سنة 634هـ، بأمر من الحق تعالي وبناء علي رؤيا يبشره فيها جده المصطفي صلي الله عليه وسلم .
وسافر إلي العراق وطاف شمالها وجنوبها، وزار بلدة أم عبيدة بلدة أحمد بن علي الرفاعي ومركز الطريقة الرفاعية، كما زار مقام عبد القادر الجيلاني، حتى اشتاق أخوه حسن لرؤية زوجته وأولاده، فأستأذن أخاه أحمد فأذن له.
وهناك عدة أقوال في سبب ترك البدوي لمكة ورحيله إلى العراق، فقد أكد الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق أنه لم يتصرف من تلقاء نفسه كعادة غيره من الأولياء، وأنه رأى رؤيا تأمره بالرحيل إلى العراق، كما ذكر آخرون أن أحمد البدوي أدرك أن مكة مع عظيم مكانتها أضيق من أن تتسع لطموحاته وآماله، ففكر في الهجرة إلى بلد واسع الإمكانيات البشرية والمادية، فهاجر إلى العراق، خصوصاً أنه قد عاش على أرضها العديد من الأولياء، وقطبين من أقطاب الولاية هما أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني.
واتجه أحمد البدوي بعد رحيل أخيه إلى بلدة (لاش) في شمال العراق، لزيارة ضريح عدي بن مسافر الهكاري صاحب الطريقة العدوية، والذي يقدسه أتباع الديانة اليزيدية .
وفي إحدي الروايات أنه كانت بالعراق امرأة اسمها فاطمه بنت بري، وكانت مشهورة بسلب الحال وإغواء الرجال، فضيعت ملوك وأمراء وضاع كبار التجار علي يدها وتغيرت أحوالهم إلي طريق المعاصي، وكانت من الأغنياء وكانت فاتنه الجمال ومن أهل الجذب وكان الصالحون يخشوها.
واعترضت طريق البدوي فقاومها وجمع أتباع الطريقه الصوفيه هناك من المجاهدين وقتل حراسها وجنودها وأحرق بيتها وسلبها حالها، وأمرها أن لا تعترض الرجال ولا تقف في طريقهم وأن تتق الله، فما منحه الله لها من جمال هو سر من أسراره فلا تعذب به، وأمرها أن تتقِ الله وكان صلاحها علي يده، وطلبت منه الزواج إلا أنه وجد نفسه أمام رسالة كبيرة، فقرر أن يتفرغ لعبادة الله عز وجل.
وعاد إلى مكة بداية سنة 634هـ - 1238م، وظل بها الي منتصف سنه 635هـ.
ويقول الشيخ أحمد حجاب: «كانت رحلة العراق نقطة تحول كبيرة في حياة سيدي أحمد النفسية، فقد أعقب تلك الرحلة تغير ملحوظ في سلوكه وعبادته لم يكن معهودا عليه قبل الرحلة، فكان صيامه وصلاته وقيامه وانتصابه وكلامه إشارة، وتحول بوجهه نحو السماء وقطع النظر عمن في الأرض حتى قلقت عليه أخته الكبرى فاطمة، فكانت تنبه أخاها الحسن من نومه ليلا تشكو إليه من حالته وتثبت له قلقها على أخيها أحمد وتقول: إبن والدي إن أخي أحمد قائم طول الليل وهو شاخص ببصره إلى السماء ونهاره صائما، وانقلب سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر وله مدة أربعين يوما ما أكل طعاما ولا شرابا.
واستمر السيد البدوي في حياة الزهد والعبادة آناء الليل وأطراف النهار، وفي نفس العام أي سنة 635هـ - 1238م، قرر سيدي أحمد البدوي الرحيل إلى مصر عندما جاء له الإذن والنداء من النبي صلي الله عليه وسلم، فقال له يا أحمد إذهب الي (طنتدا) فانك تربي فيها رجال وتقيم فيها الأحوال وبها مقامك، والمقصود بمدينة (طنتدا) هي مدينه (طنطا) الحالية حيث كان اسمها بعد ان اسماها العرب بعد الفتح الاسلامي، وأصبح إسمها (طنتدا) في هذا العصر حتي وصل إلي إسم طنطا من طريقة النطق لدي المصريين، فالمصريين دائما يميلوا إلي الاسماء السهلة ويطلقونها علي كل شيئ.
وطنطا مدينة مصرية، وعاصمة محافظة الغربية، تبعد 93 كم شمال القاهرة، و120 كم جنوب شرق الإسكندرية، أسماها العرب القدامى (طَنتُدا)، وهي ملتقى هام للطرق الحديدية والبرية وتربطها بأنحاء البلاد شبكة مواصلات جيدة.
وتعتبر ثالث مدن الدلتا من حيث المساحة والسكان بعد المحلة الكبرى والمنصورة، وأهم شوارعها شارع الجيش (البحر سابقا) وشارع الجلاء وشارع النحاس وشارع سعيد وشارع المديرية وشارع علي مبارك، كما أن بها فرع لجامعة الأزهر وجامعة طنطا واللتان تضمان العديد من الكليات في التخصصات المختلفة، ويوجد بها حديقة حيوان صغيرة تسمى المنتزه، وبها قرية خرسيت الفرعونية وكان اسمها خورست - أرض عبادة الإله ست عند الفراعنة - إله الشر، وبها المسجد العمرى - بني مع الفتح الإسلامي لمصر- ويوجد بها أيضا مقر قناة الدلتا المحلية، وتشتهر بصناعة الحلوى والمسليات والزيوت والصابون والآلات الزراعية والكتان والنسيج، وبها وكالات كبرى الشركات لتمركزها بوسط الدلتا ما يسهّل التوزيع.
وزادت أهميتها منذ أن نزلها واستقر بها القطب الكبير السيد أحمد البدوي، شيخ الطريقة الأحمدية. وتعتبر الآن من أهم المدن المصرية بعد القاهرة والإسكندرية.
ودخل أبو الفتيان "طنتدا" سنة 635 هـ ، وأقام فيها أربعين سنة حتى وفاته سنة 675 هـ ، وفي طريقه توقف في محافظة المنوفية في إحدي القري هناك، وكانت هذة البلدة في طريقه للعبور إلي طنطا وظل بها 10 أيام، وكان بها بلاء انتشر واستشري في أهلها، فدعي البدوي الله لآهل هذة القرية فكان شفائهم علي يده، فتمسكوا به أن يقيم معهم فقال لهم ليس هنا المقام إن مكاني طنتدا.
وذهب البدوي إلي طنطا، فأول من لقيه من أهل طنطا كان سيدي "عبد العال"، وكان تلميذه الأول واستأجر دار من رجل من أهل طنطا إسمه "إبن شحيط"، وكان بها غرفة ولها سطح، فاستأذن الرجل أن يقيم علي سطح داره، فقال الرجل إجلس معنا في الدار فأصر البدوي علي إقامته بالسطح، وقال لصاحب الدار إن السطح مكاننا فكرر عليه الأمر فلم يستجب له وقال له إن مكاني السطح.
وكان يصاحبه "سيدي عبد العال" و "سيدي عبد المجيد" الاخ الأصغر لـ "سيدي عبد العال"، وكانت أمهم تذهب لتستدعي ولدها من عند البدوي، ومن كثرة تعلقها بولدها عبد العال كانت لها عبارة دائما ترددها فتقول أحمد الشؤم فسمعها البدوي يوما وقال لها لا تقولي أحمد الشؤم بل قولي أحمد الخير فهو ولدنا من يوم الثور الأبيض، فقال الناس وما قضيه الثور الأبيض فقال البدوي: "يحكي عن سيدي عبد العال وهو رضيع حيث وضعته امه في مرقد الثور في معلفه فحمله الثور بين قرنيه وكاد أن يقتله، ولكنه وضعه أدبا حين جاءت الإشارة فقولي يا أحمد الخير أنا الذي انقذته لكي من الهلاك".
وظهرت بعدها كراماته وذاع سيطه في طنطا وقد أعلن دستور طريقته الأحمدية بقوله (طريقتنا هذه مبنية على الكتاب والسنة والصدق والصفاء وحسن الوفاء وتحمل الأذى وحفظ العهود)، وعلى هذه المبادئ السامية تربى فحول الأولياء كسيدى وتلقي وتتلمذ علي يدة سيدي عبد العال و سيدي عبد المجيد وسيدي عبد المتعال الأنصاري وسيدي عبد الوهاب الجوهري وسيدى عبد المجيد وسيدى محمد قمر الدولة وسيدى حسن الصائغ رضى الله عنهم، وأرسل الأولياء ليحيوا الدين بربوع مصر ويدلون الخلق على الحق كسيدى إسماعيل الإمبابى بالجيزة، فلا عجب أن أحبه الناس لله وتفرعت من الدوحة الأحمدية طرق فرعية كالشناوية والحلبية والبيومية والمرازقة والشعيبية والمعالفة والكناسية وغيرها ينشرون الأنوار الأحمدية، والكثير من أولياء وقته واشتهر بكراماته حتي لقب بعيسوي المقام من كثرة كراماته.
وقالوا عنه أيضا أنه ساحر البساط الأحمدي، فكان يدخل الناس عليه فيتسع البساط لهم وكلما دخل عليه آخرون اتسع البساط للمريدين حتي يشمل كل من في المجلس، وانتشرت كلمه البساط أحمدي نسبه إلي سيدي أحمد البدوي.
وقالوا عنه أيضا أنه باب الفرج فما قصده أحد إلا فتحت له أبواب الفرج.
ومن كراماته أيضا أنه شيخ العرب لأنه كان كثير الكرم وكثير البذل وكثير السخاء، ففتح الله به علي أهل طنطا من الخير ما كان الله به عليم.
وفي إحدي الروايات عنه : أنه كان هناك تاجر في طنطا يحتكر القمح أي يخزن القمح في وقت حصاده ويضعه في متجره إلي آخر العام ويبيعه بأغلي الاثمان، فدعي له البدوي أن يحضر مرارا وتكرارا فلم يحضر، فقال لهم البدوي أن يبلغوه أنه إن لم ياتِ سنأتي به رغما عن أنفه، فأصر التاجر علي عدم الحضور إليه وقال إن شاء البدوي فليفعل، فجئ به مكتوف الأيدي بين يدي سيدي أحمد البدوي دون أن يكبله أحد أو أن يسوقه أحد، فقال له البدوي إياك وقوت المسلمين إياك وقوت المسلمين، فأصلح الله شأنه وهداه وفتح الله عليه وفتحت له أبواب الخير، وفتح الله علي أهل طنطا بالخير في زمنه الكثير والكثير .
وهكذا حال الصوفية فهي لم تنفصل عن قضايا الأمة وأحوال العباد، فالصوفية لم تنعزل عن الناس، أو كانت في واد والناس في وادٍ آخر، أو أنهم ومنابرهم في واد والأمة وقضاياها في وادٍ آخر، لا والله فكان الصوفي أكثر من فقيه، اذا (الفقيه وقف مع الأقوال والصوفي تعداه إلي الأحوال، كان أكثر من عابد، إذ العابد وقف مع الأعمال أما الصوفي تعداه إلي الأسرار، وليس العارف هو العارف بزمانه وليس العارف فهو العارف فحسب، إنما العارف هو العارف بزمانه وتاريخ أزمنة وعصور ما قبله من السلف الصالح، فنور الله الذي منحه له هو بمثابة قراءة لسطور التاريخ وأخذ العبر ومنحه الله له في سر علمه لما هو قادم، وليس العارف هو من يفرق بين الخير والشر ولكن العارف من يميز أي الخيرين شر واي الشرين خير).
ولزاما علي الصوفي أن يقوم بواجبه ويعرف قيمة وقته، فالصوفي يقوم بواجب وقته كما يبغي أن يكون فهذا هو الإمام البخاري عندما كثر الكاذبون علي رسول الله فألف الجامع الصحيح فعندما كثرالخلاف فعرف كيف يقوم بواجبه وعرف كيف يستثمر وقته وكذلك علماء الأمة كابر عن كابر.
وفي عهد سيدي أحمد البدوي كثر الاعتداء علي مصر، فكانت الحملة الفرنسيه بقيادة لويس التاسع وكثرت الأسري المصريين، ومن بينهم سيدة سمعت بكرامات البدوي، فذهبت إليه وطلبت منه أن يفك أسر ابنها، فسألها ما إسمه فأجابت فدعاه فأتي له أمام أعين الناس مكبل بالحديد وفك أسره وفك أسر غيره الكثير والكثير، حتي لاحظ الفرنسيون أن الزانزين مغلقة لم تفتح، وأن الأسري خارجها وكأنها تصرفات جان أو سحر.
وهذه القصة تعد من أبرز كرامات (البدوي) التي تعلقت بالوجدان الشعبي المصري، هي تحريره للأسرى المصريين خلال الحروب الصليبية، وفي مشهد من مشاهد العزة والنصر كان البدوي يتربع علي قلوب المصريين حينما كان يصول ويجول في جولاته ويذهب لتحرير الأسري ويأتي إلي طنطا، وكان العامة يستقبلونه علي مشارفها وهو قادم ومعه الأسرى المحررين، بأهزوجة شعبية تقول كلماتها: (الله الله يا بدوي جاب الأسرى)، ومع مرور الزمن حرفت هذه الكلمات وأصبحت: (الله الله يا بدوي جاب اليسرى).
فعرف البدوي كيف يقوم بواجبه فنزل إلي ساحه القتال وأسر لويس التاسع وكانت هزيمتهم علي يده.
ومن كراماته أيضا أن لقب بالبدوي جاب الأسري، حتي قيلت هذه العبارة في الإنشاد الديني إلي يومنا هذا (البدوي جاب الأسري)، وتغيرت إلي أن قيلت البدوي جاب البشري، وذلك نسبة إلي أنه جاب الأسري وأسر لويس التاسع .
ولقب أيضا بالعطاب، ويعود هذا اللقب إلي روايات عديدة عن كارهي أحمد البدوي وقصص التشويه التي أثارها بعض الناس في عهده وحتي بعد وفاته، فمن تعدي عليه وقال في حقه ماليس فيه بهتانا وزورا خذله الله وذهب بعلمه لو كان من صفوة علماء الأرض.
ومن أوصاف الصوفي أن يتحقق بذلك المقام في كل وقت وفي كل مكان، فكذلك كان سيدي محمد بالقايد رضي الله عنه وأرضاه، وكذلك كان سيدي عبد اللطيف بالقايد رضي الله عنه وأرضاه وأمدنا بنوره حينما كانت الثورة الفرنسيه في الجزائر، فكان لزاما علي تلك البلاد أن يقفوا موقف الرجال، فكوّن (سيدي عبد اللطيب بالقايد) فريقا من الرجال الأشداء المؤمنين الزاهدين وكان هو قائده، ونزل إلي ساحه القتال وخاض الحرب مع الرجال ورفعوا أرواحهم علي أعناقهم ونازلوا العدو حتي حصلوا علي أرضهم.
فلم تكن الصوفية بمنعزل في الخلوة وقت حرب أوأنهم كانوا بعيدين عن قضايا الأمة في أي زمان أو مكان، وكتب المجاهدين من الصوفية موجودة والتاريخ شاهد ومحطاته كثيرة من مواقف الصوفيه.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin