النبي والرسول ـ إعداد وتنسيق
الفقير الي الله تعالي
=======
اعلم أيدك الله أن النبي هو الذي يأتيه الملك بالوحي من عند الله يتضمن ذلك الوحي شريعة يتعبده بها في نفسه فإن بعث بها إلى غيره كان رسولا
ويأتيه الملك على حالتين:
إما ينزل بها على قلبه على اختلاف أحوال في ذلك التنزل
وإما على صورة جسدية من خارج يلقى ما جاء به إليه على أذنه فيسمع أو يلقيها على بصره فيبصره فيحصل له من النظر مثل ما يحصل له من السمع سواء وكذلك سائر القوي الحساسة
وهذا باب قد أغلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا سبيل أن يتعبد الله أحدا بشريعة ناسخة لهذه الشريعة المحمدية وإن عيسى عليه السلام إذا نزل ما يحكم إلا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأولياء
فإنه من شرف محمد صلى الله عليه وسلم إن ختم الله ولاية أمته والولاية مطلقة بنبي رسول مكرم ختم به مقام الولاية فله يوم القيامة:
حشر أن يحشر مع الرسل رسولا
ويحشر معنا وليا تابعا محمدا صلى الله عليه وسلم كرمه الله تعالى والياس بهذا المقام على سائر الأنبياء
[أنبياء الأولياء]
==========
وأما حالة أنبياء الأولياء في هذه الأمة:
فهو كل شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته وأقام له مظهر محمد صلى الله عليه وسلم ومظهر جبريل عليه السلام فأسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ من خطابه وفزع عن قلب هذا الولي عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي للحضور الذي حصل له في هذه الحضرة مما أمر به ذلك المظهر المحمدي من التبليغ لهذه الأمة.
فيرد إلى نفسه وقد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه وسلم، وعلم صحته علم يقين بل عين يقين فأخذ حكم هذا النبي وعمل به على بينة من ربه
فرب حديث ضعيف قد ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع كان في رواته يكون صحيحا في نفس الأمر ويكون هذا الواضع مما صدق في هذا الحديث ولم يضعه، وإنما رده المحدث لعدم الثقة بقوله في نقله وذلك إذا انفرد به ذلك الواضع أو كان مدار الحديث عليه
وأما إذا شاركه فيه ثقة سمعه معه قبل ذلك الحديث من طريق ذلك الثقة وهذا ولي قد سمعه من الروح يلقيه على حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم كما سمع الصحابة في حديث جبريل عليه السلام مع محمد صلى الله عليه وسلم في الإسلام والايمان والإحسان في تصديقه إياه وإذا سمعه من الروح الملقي، فهو فيه مثل الصاحب الذي سمعه من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، علما لا يشك فيه بخلاف التابع فإنه يقبله على طريق غلبة الظن لارتفاع التهمة المؤثرة في الصدق
ورب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف الذي قد عاين هذا المظهر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحديث الصحيح فأنكره، وقال له لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به عن بينة من ربه، وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه وهو في نفس الأمر ليس كذلك، وقد ذكر مثل هذا مسلم في صدر كتابه الصحيح وقد يعرف هذا المكاشف من وضع ذلك الحديث الصحيح طريقه في زعمهم إما أن يسمى له أو تقام له صورة الشخص
فهؤلاء هم أنبياء الأولياء ولا يتفردون قط بشريعة ولا يكون لهم خطاب بها إلا بتعريف إن هذا هو شرع محمد صلى الله عليه وسلم، أو يشاهد المنزل عليه بذلك الحكم في حضرة التمثل الخارج عن ذاته والداخل المعبر عنه بالمبشرات في حق النائم، غير إن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة سواء وقد أثبت هذا المقام للأولياء أهل طريقنا وإتيان هذا وهو الفعل بالهمة والعلم من غير معلم من المخلوقين غير الله وهو علم الخضر، فإن آتاه الله العلم بهذه الشريعة التي تعبده بها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بارتفاع الوسائط أعني الفقهاء وعلماء الرسوم كان من العلم اللدني ولم يكن من أنبياء هذه الأمة فلا يكون من يكون من الأولياء وارث نبي إلا على هذه الحالة الخاصة من مشاهدة الملك عند الإلقاء على حقيقة الرسول فافهم
فهؤلاء هم أنبياء الأولياء، وتستوي الجماعة كلها في الدعاء إلى الله على بصيرة كما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وهم أهل هذا المقام فهم في هذه الأمة، مثل الأنبياء في بنى إسرائيل على مرتبة تعبد هارون بشريعة موسى عليهما السلام مع كونه نبيا، فإن الله قد شهد بنبوته وصرح بها في القرآن فمثل هؤلاء يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها على أنفسهم وعلى هذه الأمة ممن اتبعهم، فهم أعلم الناس بالشرع غير أن الفقهاء لا يسلمون لهم، ذلك وهؤلاء لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم بل يجب عليهم الكتم لمقامهم ولا يردون على علماء الرسوم فيما ثبت عندهم مع علمهم بأن ذلك خطأ في نفس الأمر فحكمهم حكم المجتهد الذي ليس له أن يحكم في المسألة بغير ما أداه إليه اجتهاده، وأعطاه دليله وليس له أن يخطئ المخالف له في حكمه فإن الشارع قد قرر ذلك الحكم في حقه فالأدب يقتضي له أن لا يخطئ ما قرره الشارع حكما ودليله وكشفه يحكم عليه باتباع حكم ما ظهر له وشاهده.
======================
** الفتوحات المكية (الباب الرابع عشر) – الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.
******
إعــــــــــــــــــــــــــــداد وتنسيق
الفقير الي الله تعالي
حامـــــد جــــوده
الفقير الي الله تعالي
=======
اعلم أيدك الله أن النبي هو الذي يأتيه الملك بالوحي من عند الله يتضمن ذلك الوحي شريعة يتعبده بها في نفسه فإن بعث بها إلى غيره كان رسولا
ويأتيه الملك على حالتين:
إما ينزل بها على قلبه على اختلاف أحوال في ذلك التنزل
وإما على صورة جسدية من خارج يلقى ما جاء به إليه على أذنه فيسمع أو يلقيها على بصره فيبصره فيحصل له من النظر مثل ما يحصل له من السمع سواء وكذلك سائر القوي الحساسة
وهذا باب قد أغلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا سبيل أن يتعبد الله أحدا بشريعة ناسخة لهذه الشريعة المحمدية وإن عيسى عليه السلام إذا نزل ما يحكم إلا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأولياء
فإنه من شرف محمد صلى الله عليه وسلم إن ختم الله ولاية أمته والولاية مطلقة بنبي رسول مكرم ختم به مقام الولاية فله يوم القيامة:
حشر أن يحشر مع الرسل رسولا
ويحشر معنا وليا تابعا محمدا صلى الله عليه وسلم كرمه الله تعالى والياس بهذا المقام على سائر الأنبياء
[أنبياء الأولياء]
==========
وأما حالة أنبياء الأولياء في هذه الأمة:
فهو كل شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته وأقام له مظهر محمد صلى الله عليه وسلم ومظهر جبريل عليه السلام فأسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ من خطابه وفزع عن قلب هذا الولي عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي للحضور الذي حصل له في هذه الحضرة مما أمر به ذلك المظهر المحمدي من التبليغ لهذه الأمة.
فيرد إلى نفسه وقد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه وسلم، وعلم صحته علم يقين بل عين يقين فأخذ حكم هذا النبي وعمل به على بينة من ربه
فرب حديث ضعيف قد ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع كان في رواته يكون صحيحا في نفس الأمر ويكون هذا الواضع مما صدق في هذا الحديث ولم يضعه، وإنما رده المحدث لعدم الثقة بقوله في نقله وذلك إذا انفرد به ذلك الواضع أو كان مدار الحديث عليه
وأما إذا شاركه فيه ثقة سمعه معه قبل ذلك الحديث من طريق ذلك الثقة وهذا ولي قد سمعه من الروح يلقيه على حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم كما سمع الصحابة في حديث جبريل عليه السلام مع محمد صلى الله عليه وسلم في الإسلام والايمان والإحسان في تصديقه إياه وإذا سمعه من الروح الملقي، فهو فيه مثل الصاحب الذي سمعه من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، علما لا يشك فيه بخلاف التابع فإنه يقبله على طريق غلبة الظن لارتفاع التهمة المؤثرة في الصدق
ورب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف الذي قد عاين هذا المظهر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحديث الصحيح فأنكره، وقال له لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به عن بينة من ربه، وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه وهو في نفس الأمر ليس كذلك، وقد ذكر مثل هذا مسلم في صدر كتابه الصحيح وقد يعرف هذا المكاشف من وضع ذلك الحديث الصحيح طريقه في زعمهم إما أن يسمى له أو تقام له صورة الشخص
فهؤلاء هم أنبياء الأولياء ولا يتفردون قط بشريعة ولا يكون لهم خطاب بها إلا بتعريف إن هذا هو شرع محمد صلى الله عليه وسلم، أو يشاهد المنزل عليه بذلك الحكم في حضرة التمثل الخارج عن ذاته والداخل المعبر عنه بالمبشرات في حق النائم، غير إن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة سواء وقد أثبت هذا المقام للأولياء أهل طريقنا وإتيان هذا وهو الفعل بالهمة والعلم من غير معلم من المخلوقين غير الله وهو علم الخضر، فإن آتاه الله العلم بهذه الشريعة التي تعبده بها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بارتفاع الوسائط أعني الفقهاء وعلماء الرسوم كان من العلم اللدني ولم يكن من أنبياء هذه الأمة فلا يكون من يكون من الأولياء وارث نبي إلا على هذه الحالة الخاصة من مشاهدة الملك عند الإلقاء على حقيقة الرسول فافهم
فهؤلاء هم أنبياء الأولياء، وتستوي الجماعة كلها في الدعاء إلى الله على بصيرة كما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وهم أهل هذا المقام فهم في هذه الأمة، مثل الأنبياء في بنى إسرائيل على مرتبة تعبد هارون بشريعة موسى عليهما السلام مع كونه نبيا، فإن الله قد شهد بنبوته وصرح بها في القرآن فمثل هؤلاء يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها على أنفسهم وعلى هذه الأمة ممن اتبعهم، فهم أعلم الناس بالشرع غير أن الفقهاء لا يسلمون لهم، ذلك وهؤلاء لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم بل يجب عليهم الكتم لمقامهم ولا يردون على علماء الرسوم فيما ثبت عندهم مع علمهم بأن ذلك خطأ في نفس الأمر فحكمهم حكم المجتهد الذي ليس له أن يحكم في المسألة بغير ما أداه إليه اجتهاده، وأعطاه دليله وليس له أن يخطئ المخالف له في حكمه فإن الشارع قد قرر ذلك الحكم في حقه فالأدب يقتضي له أن لا يخطئ ما قرره الشارع حكما ودليله وكشفه يحكم عليه باتباع حكم ما ظهر له وشاهده.
======================
** الفتوحات المكية (الباب الرابع عشر) – الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.
******
إعــــــــــــــــــــــــــــداد وتنسيق
الفقير الي الله تعالي
حامـــــد جــــوده
اليوم في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
اليوم في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin