المجلس السادس والثلاثون فإن الناقد بصير
وقال رضي الله تعالى عنه يوم الثلاثاء عشية في المدرسة ثاني رجب من سنة خمس وأربعين وخمسمائة بعد كلام :
هذه الدنيا سوق بعد ساعة لا يبقى فيه أحد.
عند مجيء الليل يذهب أهله منه اجتهدوا أنكم لا تبيعون ولا تشترون في هذا السوق إلا ما ينفعكم غدا في سوق الآخرة، فإن الناقد بصير .
توحيد الحق عز وجل الإخلاص في العمل له هو المنفق هناك وهو قليل عندكم .
یا غلام ?ن عاقلا ولا تستعجل فإنه ما يقع بيدك شيء بعجلتك .
لا تجيء وقت الغروب ووقت الصبح فهلا صبرت وتشاغلت حتى يجيء وقت المغرب وتنال ما تريد.
كن عاقلا وتأدب مع الحق عز وجل وخلقه ، لا تظلم الخلق وتطلب منهم ما ليس لك عندهم .
لا كلام حتى يأتي التوقيع إلى الوكيل ، فحينئذ ترى العطاء قبل التوقيع لا يعطي ذرة لا يعطونك ذرة ولا بدره ولا بحرا ولا قطرة إلا بإذن الله عز وجل وتوقيعه وإلهامه لقلوبهم .
?ن عاقلا هذا هو العقل اثبت مكانك بين يدي الحق عز وجل فإن الرزق مقسوم عنده وبيده .
( ويحك ) بأي وجه تلقاه غدا وأنت تنازعه في الدنيا معرض عنه مقبل على خلقه مشرك به.
تنزل حوائجك بهم وتتكل في المهمات عليهم ، الحاجة إلى الخلق عقوبة لأكثر السائلين فإنهم ما خرجوا إلى السؤال إلا بذنوبهم .
والأقل منهم يكون ذلك بلا كراهة في حقهم .
إذا سألت وأنت معاقب تكون محروما منعك العطاء .
( یا غلام ) الأولى عندي في حال ضعفك أن لا تطلب من أحد شيئا وأن لا يكون لك شيء لا تعرف ولا تعرف ، لا ترى ولا ترى .
وإن قدرت أن تعطي ولا تأخذ فافعل ، وتخدم ولا تطلب الخدمة من غيرك فافعل.
القوم عملوا له ومعه فأراهم عجائبه في الدنيا والآخرة أراهم لطفه بهم وتوليه لهم .
( ياغلام ) إذا لم يكن لك إسلام فما يكون لك إيمان ، وإذا لم يكن لك إيمان فلا يكون لك إيقان ، وإذا لم يكن لك إيقان فما يكون لك معرفة له وعلم به.
هذه درجات وطبقات ، إذا صح لك الإسلام صح لك الاستسلام ، ?ن مسلما إلى الله عز وجل في جميع أحوالك مع حفظ حدود الشرع والملازمة له .
سلم له في حق نفسك وغيرك ، أحسن الأدب معه ومع خلقه.
لا تظلم نفسك ولا غيرك فإن الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة ، الظلم يظلم القلب ويسود الوجه والصحائف ، لا تظلم ولا تعاون ظالما .
فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال :
" ينادي منادي يوم القيامة أين الظلمة ؟ أين أعوان الظلمة ؟
أين من برى لهم قلما ؟ أين من لاق لهم دواة ؟ اجمعوهم واجعلوهم في تابوت من نار".
اهرب من الخلق واجتهد أن لا تكون مظلوما و لا ظالما .
وإن قدرت فكن مظلوما ولا تكن ظالما ، مقهورا لا قاهرا.
نصرة الحق عز وجل للمظلوم ولا سيما إذا لم يجد ناصرا من الخلق .
عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال :
"إذا ظلم من لم يجد ناصر غير الحق عز وجل فإنه يقول :" لأنصرنك ولو بعد حين".
الصبر سبب للنصرة والرفعة والعزة .
اللهم إنا نسألك الصبر معك ، ونسألك التقوى والكفاية والفراغ من الكل والاشتغال بك ورفع الحجب بيننا وبينك .
ارفعوا الوسائط بین?م وبینه فإن وقوفكم معها هوس.
لا ملك ولا سلطان ولا غنى ولا عز إلا للحق عز وجل.
یا منافق إلى متى تراءى وتنافق ؟
إيش يقع بيدك ممن تنافق لأجله ؟
ويلك أما تستحي منه عز وجل وما تؤمن بلقائه ؟
عن قریب تعمل عملا له وباطنه لغيره .
تخادعه وتستجدي به بعلمه بك .
ارجع وتدارك أمرك وأصلح نيتك له .
اجهتد أن لا تأكل لقمة ولا تمشي خطوة ولا تعمل شيئا في الجملة إلا بنية صالحة.
تصلح للحق عز وجل إذا صح لك هذا فكل عمل تعمله يكون له لا لغيره .
تزول عنك الكلفة وتصير هذه النية طبعا للعبد إذا صحت عبوديته لربه عز وجل.
لا يحتاج إلى تكلف في شيء لأنه يتولاه ، وإذا تولاه أغناه وحجبه عن الخلق فلا يحتاج إليهم .
فالتعب ما دمت مریدا قاصدا سائرا إذا وصلت وانقطعت مسافة سفرك نصرت في بيت قرب ربك عز وجل.
زال التكلف فيثبت الأنس به في قلبك ، وتزداد حتى تأخذ بجوانبه ،تكون أولا صغيرا تم تكبر .
فإذا كبرت امتلأ القلب بالله عز وجل فلا يبقى لغيره طریق إليه ولا زاوية فيه.
إن أردت الوصول إلى هذا فكن مع امتثال أمره والانتهاء عن نهيه والتسليم إليه في الخير والشر ، والغنى والفقر ، والعز والذل.
عند بلوغ الأغراض وكثيرها في أمور الدنيا والآخرة ، تعمل له ولا تطالب بذرة من الأجر.
تعمل ويكون قصدك رضا المستعمل وقربه، فالأجرة تكون رضاه عنك وقربك منه دنيا وآخرة .
في الدنيا لقلبك وفي الآخرة لقالبك .
اعمل ولا تنافس لا على ذرة ولا على بدرة ، لا تنظر إلى عملك بل تكون جوارحك تتحرك بالعمل وقلبك مع المستعمل فإذا تم لك هذا صار لقلبك عيون تنظر بها .
صار المعني صورة والغائب حاضرة الخبر معاينة .
العبد إذا صلح لله عز وجل كان معه في جميع الأحوال يغيره ويبدله و ينقله من حال إلى حال.
يصير ?له معنى يصير كله إيمانا وإيقانا ومعرفة وقربا ومشاهدة.
يصير نهارا بلا لیل ضیاء بلا ظلام صفاء بلا ?در قلبا بلا نفس وسرا بلا قلب ، فناء بلا وجود ، غيبة بلا حضور .
يصير غائبا عنهم وعنه كل هذا أساسه الأنس بالله عز وجل كلام حتى يتم هذا الأنس بينك وبينه.
اخط عن الخلق خطوة لا ضرهم ولا نفعهم فقد جربتهم.
وأخط عن النفس خطوة ولا توافقها وعادها في رضا ربك عز وجل وقد جربتها.
فالخلق والنفس بحران ناران وادیان مهل?ان .
اعزم وجز هذا المهلك وقد وقعت ، في الملك الأول داء والثاني دواء الله.
اترك الداء والدواء والأمراض كلها أدوية عنده وبيده لا يملكها أحد سواه.
إذا صبرت على الوحدة جاءك الأنس بالواحد ، إذا صبرت على الفقر جاءك الغني اترك الدنيا ثم اطلب الآخرة ، ثم اطلب القرب من المولى ، اترك الخلق ثم ارجع إلى الخالق .
( ويحك ) خلق وخالق لا يجتمعان ، دنيا وآخرة في القلب لا يجتمعان.
لا يتصور لا يصح لا يجيء منه شيء، إما الخلق وإما الخالق ، إما الدنيا و إما الآخرة .
وقد يتصور أن يكون الخلق في ظاهرك والخالق في باطنك والدنيا في يدك والآخرة في قلبك أما في القلب فلا يجتمعان .
انظر لنفسك وأختر لها ، فإن أردت الدنيا فأخرج الآخرة من قلبك وإن أردت الآخرة فأخرج الدنيا من قلبك.
وإن أردت المولى فأخرج الدنيا والآخرة وما سواه من قلبك لأن ما دام في قلبك ذرة مما سوى الحق عز وجل لا ترى قربه عندك ولا يتحقق لك الأنس والسكون إليه.
ما دام في قلبك ذرة من الدنيا لا ترى الأخرة بين يديك وما دام في قلبك ذرة من الآخرة لا ترى تقریب الحق عز وجل .
كن عاقلا لا تأتي إلى بابه إلا بأقدام الصدق فإن الناقد بصير .
(ويحك ) تسترت عن الخلق ، لا عن الخالق ، كيف تتستر عن قریب و تنتهك عند الخلق وتأخذ العملة من جيبك وبيتك يا تارك الزجاج للكسر غدا أكلك في قنينتك يبين لك الخبر.
یا آكل السم عن قريب يتبين فعله في جسدك .
أكل الحرام سم لجسد دينك .
ترك الشكر على النعم سم الدينك.
عن قريب يعاقبك الحق عز وجل بالفقر والسؤال للخلق ورفع الرحمة من قلوبهم لك .
وأنت یا تارك العمل بعلمه عن قريب ينسيك العلم ويذهب بركته من قلبك.
یا جهالا لو عرفتموه عرفتم عقوباته أحسنوا الأدب معه ومع خلقه قللوا من الكلام فيما لا يعنيكم .
عن بعض الصالحين أنه قال :
رأيت شابا ي?دي فقلت له لو عملت كان أحب إليك فعوقبت بأن حرمت قيام الليل ستة أشهر .
( یا غلام ) فما يعنيك شغل عما لا يعنيك ، أخرج نفسك من قلبك وقد جاءك الخير فإنها هي الكدرة المكدرة بعد خروجها يجيء الصفاء غير ?در وقد غيرت.
قال الله عز وجل :
" إن الله لا يتغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .
يا إنسان إسمع ، یا ناس اسمعوا يا مكلفين اسمعوا يا بلغ يا عقل ?لام الباري عز وجل وأخباره وهو أصدق القائلين.
غيروا له من نفوسكم ما يكره حتى يؤتيكم ما تحبون.
الطريق واسع إيش ب?م یا زمني قوموا وتشبثوا اعملوا ولا تغفلوا ما دام الحبل بطرفيه بایدی?م ، استعينوا به على ما يصلحكم ، نفوسكم اركبوها وإلا ركبتكم .
هي أمارة بالسوء في الدنيا ولوامة في الآخرة.
اهربوا ممن يشغلكم عن الله عز وجل كهروبكم من السبع.
عاملوه فإنه من عامله ربح .
من أحبه أحبه ، من أراده أراده من تقرب إليه قرب منه ، من تعرف إليه عرفه نفسه.
اسمعوا مني واقبلوا قولي فيها على وجه الأرض من يتكلم على الناس على حالة غيري.
أريد الخلق لهم لالي وإن طلبت الأخرة طلبتها لهم .
كل كلمة اتكلم بها لا أريد بها إلا الحق عز وجل.
إيش علي من الدنيا والآخرة وما فيها وهو يعلم صدقي لأنه علام الغيوب.
تعالوا إلى أنا محك أنا صاحب الكورة ودار الضرب.
یا منافق إيش تهذي ؟
هذيانك فارغ كم تقول أنا ومن أنت ويلك ترى غيره و وتقول أنا.
تأنس بغيره وتقول أنا آنس به.
تسمي نفسك راضيا وذلك معارضة.
تسميها صابرة وبقة تزعجك وتكفرك.
لا كلام حتى يصير الحمك ميتا لكثرة الآلام والآفات فيه فلا تؤلمه مقاريض الآفات فتصير كلك خلوة به يخلو قلبك عن الدنيا والآخرة.
فيكون في عدم بالإضافة إليها وإلى ما فيها ووجودك عند امتثال الأمر والانتهاء عن النهي.
فإنه يوجدك وفعله يحركك ويسكنك وأنت في غيبته معه لا يثبت لك مقام حتى يصح لك هذا المقام.
الحق عز وجل لا يطلب من العبد صورته إنما يطلب معناه وهو توحيده وإخلاصه.
وإزالة حب الدنيا و الآخرة من قلبه.
وأن تصير جميع الأشياء في معزل عنه فإذا تم له هذا أحبه وقربه ورفعه على غيره.
یا واحد وحدنا لك ، خلصنا من الخلق واستخلصنا لك.
صحح دعاوينا ببينة فضلك ورحمتك طيب قلوبنا ويسر أمورنا.
اجعل أنسنا بك ووحشتنا بمن سواك.
اجعل همومنا هما واحدا وهو الهم بك والقرب منك دنيانا وأخرانا.
وقال رضي الله تعالى عنه يوم الثلاثاء عشية في المدرسة ثاني رجب من سنة خمس وأربعين وخمسمائة بعد كلام :
هذه الدنيا سوق بعد ساعة لا يبقى فيه أحد.
عند مجيء الليل يذهب أهله منه اجتهدوا أنكم لا تبيعون ولا تشترون في هذا السوق إلا ما ينفعكم غدا في سوق الآخرة، فإن الناقد بصير .
توحيد الحق عز وجل الإخلاص في العمل له هو المنفق هناك وهو قليل عندكم .
یا غلام ?ن عاقلا ولا تستعجل فإنه ما يقع بيدك شيء بعجلتك .
لا تجيء وقت الغروب ووقت الصبح فهلا صبرت وتشاغلت حتى يجيء وقت المغرب وتنال ما تريد.
كن عاقلا وتأدب مع الحق عز وجل وخلقه ، لا تظلم الخلق وتطلب منهم ما ليس لك عندهم .
لا كلام حتى يأتي التوقيع إلى الوكيل ، فحينئذ ترى العطاء قبل التوقيع لا يعطي ذرة لا يعطونك ذرة ولا بدره ولا بحرا ولا قطرة إلا بإذن الله عز وجل وتوقيعه وإلهامه لقلوبهم .
?ن عاقلا هذا هو العقل اثبت مكانك بين يدي الحق عز وجل فإن الرزق مقسوم عنده وبيده .
( ويحك ) بأي وجه تلقاه غدا وأنت تنازعه في الدنيا معرض عنه مقبل على خلقه مشرك به.
تنزل حوائجك بهم وتتكل في المهمات عليهم ، الحاجة إلى الخلق عقوبة لأكثر السائلين فإنهم ما خرجوا إلى السؤال إلا بذنوبهم .
والأقل منهم يكون ذلك بلا كراهة في حقهم .
إذا سألت وأنت معاقب تكون محروما منعك العطاء .
( یا غلام ) الأولى عندي في حال ضعفك أن لا تطلب من أحد شيئا وأن لا يكون لك شيء لا تعرف ولا تعرف ، لا ترى ولا ترى .
وإن قدرت أن تعطي ولا تأخذ فافعل ، وتخدم ولا تطلب الخدمة من غيرك فافعل.
القوم عملوا له ومعه فأراهم عجائبه في الدنيا والآخرة أراهم لطفه بهم وتوليه لهم .
( ياغلام ) إذا لم يكن لك إسلام فما يكون لك إيمان ، وإذا لم يكن لك إيمان فلا يكون لك إيقان ، وإذا لم يكن لك إيقان فما يكون لك معرفة له وعلم به.
هذه درجات وطبقات ، إذا صح لك الإسلام صح لك الاستسلام ، ?ن مسلما إلى الله عز وجل في جميع أحوالك مع حفظ حدود الشرع والملازمة له .
سلم له في حق نفسك وغيرك ، أحسن الأدب معه ومع خلقه.
لا تظلم نفسك ولا غيرك فإن الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة ، الظلم يظلم القلب ويسود الوجه والصحائف ، لا تظلم ولا تعاون ظالما .
فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال :
" ينادي منادي يوم القيامة أين الظلمة ؟ أين أعوان الظلمة ؟
أين من برى لهم قلما ؟ أين من لاق لهم دواة ؟ اجمعوهم واجعلوهم في تابوت من نار".
اهرب من الخلق واجتهد أن لا تكون مظلوما و لا ظالما .
وإن قدرت فكن مظلوما ولا تكن ظالما ، مقهورا لا قاهرا.
نصرة الحق عز وجل للمظلوم ولا سيما إذا لم يجد ناصرا من الخلق .
عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال :
"إذا ظلم من لم يجد ناصر غير الحق عز وجل فإنه يقول :" لأنصرنك ولو بعد حين".
الصبر سبب للنصرة والرفعة والعزة .
اللهم إنا نسألك الصبر معك ، ونسألك التقوى والكفاية والفراغ من الكل والاشتغال بك ورفع الحجب بيننا وبينك .
ارفعوا الوسائط بین?م وبینه فإن وقوفكم معها هوس.
لا ملك ولا سلطان ولا غنى ولا عز إلا للحق عز وجل.
یا منافق إلى متى تراءى وتنافق ؟
إيش يقع بيدك ممن تنافق لأجله ؟
ويلك أما تستحي منه عز وجل وما تؤمن بلقائه ؟
عن قریب تعمل عملا له وباطنه لغيره .
تخادعه وتستجدي به بعلمه بك .
ارجع وتدارك أمرك وأصلح نيتك له .
اجهتد أن لا تأكل لقمة ولا تمشي خطوة ولا تعمل شيئا في الجملة إلا بنية صالحة.
تصلح للحق عز وجل إذا صح لك هذا فكل عمل تعمله يكون له لا لغيره .
تزول عنك الكلفة وتصير هذه النية طبعا للعبد إذا صحت عبوديته لربه عز وجل.
لا يحتاج إلى تكلف في شيء لأنه يتولاه ، وإذا تولاه أغناه وحجبه عن الخلق فلا يحتاج إليهم .
فالتعب ما دمت مریدا قاصدا سائرا إذا وصلت وانقطعت مسافة سفرك نصرت في بيت قرب ربك عز وجل.
زال التكلف فيثبت الأنس به في قلبك ، وتزداد حتى تأخذ بجوانبه ،تكون أولا صغيرا تم تكبر .
فإذا كبرت امتلأ القلب بالله عز وجل فلا يبقى لغيره طریق إليه ولا زاوية فيه.
إن أردت الوصول إلى هذا فكن مع امتثال أمره والانتهاء عن نهيه والتسليم إليه في الخير والشر ، والغنى والفقر ، والعز والذل.
عند بلوغ الأغراض وكثيرها في أمور الدنيا والآخرة ، تعمل له ولا تطالب بذرة من الأجر.
تعمل ويكون قصدك رضا المستعمل وقربه، فالأجرة تكون رضاه عنك وقربك منه دنيا وآخرة .
في الدنيا لقلبك وفي الآخرة لقالبك .
اعمل ولا تنافس لا على ذرة ولا على بدرة ، لا تنظر إلى عملك بل تكون جوارحك تتحرك بالعمل وقلبك مع المستعمل فإذا تم لك هذا صار لقلبك عيون تنظر بها .
صار المعني صورة والغائب حاضرة الخبر معاينة .
العبد إذا صلح لله عز وجل كان معه في جميع الأحوال يغيره ويبدله و ينقله من حال إلى حال.
يصير ?له معنى يصير كله إيمانا وإيقانا ومعرفة وقربا ومشاهدة.
يصير نهارا بلا لیل ضیاء بلا ظلام صفاء بلا ?در قلبا بلا نفس وسرا بلا قلب ، فناء بلا وجود ، غيبة بلا حضور .
يصير غائبا عنهم وعنه كل هذا أساسه الأنس بالله عز وجل كلام حتى يتم هذا الأنس بينك وبينه.
اخط عن الخلق خطوة لا ضرهم ولا نفعهم فقد جربتهم.
وأخط عن النفس خطوة ولا توافقها وعادها في رضا ربك عز وجل وقد جربتها.
فالخلق والنفس بحران ناران وادیان مهل?ان .
اعزم وجز هذا المهلك وقد وقعت ، في الملك الأول داء والثاني دواء الله.
اترك الداء والدواء والأمراض كلها أدوية عنده وبيده لا يملكها أحد سواه.
إذا صبرت على الوحدة جاءك الأنس بالواحد ، إذا صبرت على الفقر جاءك الغني اترك الدنيا ثم اطلب الآخرة ، ثم اطلب القرب من المولى ، اترك الخلق ثم ارجع إلى الخالق .
( ويحك ) خلق وخالق لا يجتمعان ، دنيا وآخرة في القلب لا يجتمعان.
لا يتصور لا يصح لا يجيء منه شيء، إما الخلق وإما الخالق ، إما الدنيا و إما الآخرة .
وقد يتصور أن يكون الخلق في ظاهرك والخالق في باطنك والدنيا في يدك والآخرة في قلبك أما في القلب فلا يجتمعان .
انظر لنفسك وأختر لها ، فإن أردت الدنيا فأخرج الآخرة من قلبك وإن أردت الآخرة فأخرج الدنيا من قلبك.
وإن أردت المولى فأخرج الدنيا والآخرة وما سواه من قلبك لأن ما دام في قلبك ذرة مما سوى الحق عز وجل لا ترى قربه عندك ولا يتحقق لك الأنس والسكون إليه.
ما دام في قلبك ذرة من الدنيا لا ترى الأخرة بين يديك وما دام في قلبك ذرة من الآخرة لا ترى تقریب الحق عز وجل .
كن عاقلا لا تأتي إلى بابه إلا بأقدام الصدق فإن الناقد بصير .
(ويحك ) تسترت عن الخلق ، لا عن الخالق ، كيف تتستر عن قریب و تنتهك عند الخلق وتأخذ العملة من جيبك وبيتك يا تارك الزجاج للكسر غدا أكلك في قنينتك يبين لك الخبر.
یا آكل السم عن قريب يتبين فعله في جسدك .
أكل الحرام سم لجسد دينك .
ترك الشكر على النعم سم الدينك.
عن قريب يعاقبك الحق عز وجل بالفقر والسؤال للخلق ورفع الرحمة من قلوبهم لك .
وأنت یا تارك العمل بعلمه عن قريب ينسيك العلم ويذهب بركته من قلبك.
یا جهالا لو عرفتموه عرفتم عقوباته أحسنوا الأدب معه ومع خلقه قللوا من الكلام فيما لا يعنيكم .
عن بعض الصالحين أنه قال :
رأيت شابا ي?دي فقلت له لو عملت كان أحب إليك فعوقبت بأن حرمت قيام الليل ستة أشهر .
( یا غلام ) فما يعنيك شغل عما لا يعنيك ، أخرج نفسك من قلبك وقد جاءك الخير فإنها هي الكدرة المكدرة بعد خروجها يجيء الصفاء غير ?در وقد غيرت.
قال الله عز وجل :
" إن الله لا يتغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .
يا إنسان إسمع ، یا ناس اسمعوا يا مكلفين اسمعوا يا بلغ يا عقل ?لام الباري عز وجل وأخباره وهو أصدق القائلين.
غيروا له من نفوسكم ما يكره حتى يؤتيكم ما تحبون.
الطريق واسع إيش ب?م یا زمني قوموا وتشبثوا اعملوا ولا تغفلوا ما دام الحبل بطرفيه بایدی?م ، استعينوا به على ما يصلحكم ، نفوسكم اركبوها وإلا ركبتكم .
هي أمارة بالسوء في الدنيا ولوامة في الآخرة.
اهربوا ممن يشغلكم عن الله عز وجل كهروبكم من السبع.
عاملوه فإنه من عامله ربح .
من أحبه أحبه ، من أراده أراده من تقرب إليه قرب منه ، من تعرف إليه عرفه نفسه.
اسمعوا مني واقبلوا قولي فيها على وجه الأرض من يتكلم على الناس على حالة غيري.
أريد الخلق لهم لالي وإن طلبت الأخرة طلبتها لهم .
كل كلمة اتكلم بها لا أريد بها إلا الحق عز وجل.
إيش علي من الدنيا والآخرة وما فيها وهو يعلم صدقي لأنه علام الغيوب.
تعالوا إلى أنا محك أنا صاحب الكورة ودار الضرب.
یا منافق إيش تهذي ؟
هذيانك فارغ كم تقول أنا ومن أنت ويلك ترى غيره و وتقول أنا.
تأنس بغيره وتقول أنا آنس به.
تسمي نفسك راضيا وذلك معارضة.
تسميها صابرة وبقة تزعجك وتكفرك.
لا كلام حتى يصير الحمك ميتا لكثرة الآلام والآفات فيه فلا تؤلمه مقاريض الآفات فتصير كلك خلوة به يخلو قلبك عن الدنيا والآخرة.
فيكون في عدم بالإضافة إليها وإلى ما فيها ووجودك عند امتثال الأمر والانتهاء عن النهي.
فإنه يوجدك وفعله يحركك ويسكنك وأنت في غيبته معه لا يثبت لك مقام حتى يصح لك هذا المقام.
الحق عز وجل لا يطلب من العبد صورته إنما يطلب معناه وهو توحيده وإخلاصه.
وإزالة حب الدنيا و الآخرة من قلبه.
وأن تصير جميع الأشياء في معزل عنه فإذا تم له هذا أحبه وقربه ورفعه على غيره.
یا واحد وحدنا لك ، خلصنا من الخلق واستخلصنا لك.
صحح دعاوينا ببينة فضلك ورحمتك طيب قلوبنا ويسر أمورنا.
اجعل أنسنا بك ووحشتنا بمن سواك.
اجعل همومنا هما واحدا وهو الهم بك والقرب منك دنيانا وأخرانا.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin