4 ـ من غيرة الحق أن ستَرَ حقيقتَك عنك
اعلم أيها الفقير أن الحق جل جلاله حكيم عليم ، ومن حكمته الباهرة أن حجبك عن شهود أسرار الربوبية بنفسك وأينك . وهذا من ألطف الحِكَم الباهرة . وذلك أن الكون من حيث هو قد جعله الحق سبحانه في غاية التركيب من حيث جمعه بين ضدّين : نور وظلمة .
- ظاهره ظلمة وباطنه نور .
- ظاهره عبودية وباطنه ربوبية .
وأجمع ما في الكون من الأسرار مَن حملها ، وهو الإنسان . فهو في غاية التقويم حيث ظهرت فيه أسرار صنعة الحكيم العليم ، غير أن الحق جل جلاله غيور ، ومن غيرته أن ستر حقيقتك عنك بوجود صورتك ، أي حجب عنك التمتّع بأسرار روحانيتك بوجود كثافة بشريتك ، وذلك لأمرين : إمّا رحمةً وإمّا عذاباً .
- أمّا ستره عن العامة فلما اقتضاه علمه سبحانه من عدم قيوميتهم بآداب الأسرار لضعف قابلية التركيب ، فلو كشف لهم أسرار حقائقهم لافتتنوا بها وضيّعوا أدبها ن وذلك كله هلاك ووبال ، فالستر لا محالة أنّه رحمة .
- وأمّا بالنسبة إلى الخاصّة فعذاب ونكال يلحقهم من ضعف الآداب ، وذلك أن من فتح الله بصيرته وأشهده أسرار قدرته الكامنة من أصداف مكوّناته يلزم بالضرورة الذوقية أنه إذا انسدل الحجاب بينه وبين محبوبه الذي هو شهود سرّ ذاته يكون ذلك أشدّ العذاب وأعظم ما يكون من النكال والوبال حسبما تقتضيه قابيليته واستعداه الكلّي .
فالستر في حق العامة رحمة وفي حق الخاصة نقمة ، فسبب العذاب وجود الحجاب ، كما أنّ كمال النعمة برفع الستور ودوام العكوف في حضرةالأحباب .
فإذا أردت أيها الفقير أن تتمتّع بمعناك فكسّر صنم حسّك ، وهدّ سماء نفسك وأرضك ، واخرج من سجن أنانيتك إلى فضاء عبوديتك ترى جنّة حقيقتك قد حُفَّت بمكاره صورتك كي تعلم أن الأمر يتنزّل بين سماء قلبك وأرض نفسك فتكون برزخاً بينهما ، وهذا هو الإكسير الذي يقلب الأعيان ويصير صاحبه في محط الشهود والعيان .
فمن لم يخرج عن حسّه ويطمع في شهود حضرة قدسه ما أشدّ غروره ، وما مثله إلاّ كمثل المقتبس من الماء . فكلما تخلى الفقير عن حسّه إلّا ذاق حلاوة معناه ، والعكس بالعكس .
ومن قال أن الحسّ غير مكدّر للمعنى فهو كذّاب ابن كذّاب ولو كان ماكان ، ومن جرّب أصاب ومن كذب خان . وقد علمت أن الحقائق كامنة في التجريب ، ومن كذب فليس بمصيب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . والسلام .
بغية السالك وإرشاد الهالك ويليه
اعلم أيها الفقير أن الحق جل جلاله حكيم عليم ، ومن حكمته الباهرة أن حجبك عن شهود أسرار الربوبية بنفسك وأينك . وهذا من ألطف الحِكَم الباهرة . وذلك أن الكون من حيث هو قد جعله الحق سبحانه في غاية التركيب من حيث جمعه بين ضدّين : نور وظلمة .
- ظاهره ظلمة وباطنه نور .
- ظاهره عبودية وباطنه ربوبية .
وأجمع ما في الكون من الأسرار مَن حملها ، وهو الإنسان . فهو في غاية التقويم حيث ظهرت فيه أسرار صنعة الحكيم العليم ، غير أن الحق جل جلاله غيور ، ومن غيرته أن ستر حقيقتك عنك بوجود صورتك ، أي حجب عنك التمتّع بأسرار روحانيتك بوجود كثافة بشريتك ، وذلك لأمرين : إمّا رحمةً وإمّا عذاباً .
- أمّا ستره عن العامة فلما اقتضاه علمه سبحانه من عدم قيوميتهم بآداب الأسرار لضعف قابلية التركيب ، فلو كشف لهم أسرار حقائقهم لافتتنوا بها وضيّعوا أدبها ن وذلك كله هلاك ووبال ، فالستر لا محالة أنّه رحمة .
- وأمّا بالنسبة إلى الخاصّة فعذاب ونكال يلحقهم من ضعف الآداب ، وذلك أن من فتح الله بصيرته وأشهده أسرار قدرته الكامنة من أصداف مكوّناته يلزم بالضرورة الذوقية أنه إذا انسدل الحجاب بينه وبين محبوبه الذي هو شهود سرّ ذاته يكون ذلك أشدّ العذاب وأعظم ما يكون من النكال والوبال حسبما تقتضيه قابيليته واستعداه الكلّي .
فالستر في حق العامة رحمة وفي حق الخاصة نقمة ، فسبب العذاب وجود الحجاب ، كما أنّ كمال النعمة برفع الستور ودوام العكوف في حضرةالأحباب .
فإذا أردت أيها الفقير أن تتمتّع بمعناك فكسّر صنم حسّك ، وهدّ سماء نفسك وأرضك ، واخرج من سجن أنانيتك إلى فضاء عبوديتك ترى جنّة حقيقتك قد حُفَّت بمكاره صورتك كي تعلم أن الأمر يتنزّل بين سماء قلبك وأرض نفسك فتكون برزخاً بينهما ، وهذا هو الإكسير الذي يقلب الأعيان ويصير صاحبه في محط الشهود والعيان .
فمن لم يخرج عن حسّه ويطمع في شهود حضرة قدسه ما أشدّ غروره ، وما مثله إلاّ كمثل المقتبس من الماء . فكلما تخلى الفقير عن حسّه إلّا ذاق حلاوة معناه ، والعكس بالعكس .
ومن قال أن الحسّ غير مكدّر للمعنى فهو كذّاب ابن كذّاب ولو كان ماكان ، ومن جرّب أصاب ومن كذب خان . وقد علمت أن الحقائق كامنة في التجريب ، ومن كذب فليس بمصيب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . والسلام .
بغية السالك وإرشاد الهالك ويليه
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin