2 ـ الجذب والسلوك راجعان إلى مصدر واحد
اعلم يا فقير وفقني الله وإياك أنَّ السير والسلوك إلى مالك الملوك سبحانه هو وإن تنوعت أحواله فهو راجع إلى مشرَبَيْن ، وهما :
- مورد الجذب .
- ومورد السلوك .
وهما في الحقيقة راجعان إلى مصدر واحد وينبوع متّحد وهو مشرب الجذْب الاصطفائي والعناية الربانيّة الذي لولا هو ما تحقق سير ولا سلوك .
ففي التحقيق لا مورد إلّا من بحر الجذب الربانيّ والفيض الصمداني ، لكن الاعتبار إذا لوحظ امتازت به الحقائق وعرف التفصيل في عين الإجمال .
فما ظهر فيه الجلال وكمن فيه الجمال قيل فيه سلوكاً وحُدَّ بحدود الشريعة الموصلة ، وما ظهر فيه الجمال وكمن فيه الجلال قيل فيه جذباً وحُدَّ بحدود الحقيقة تفسيراً لا حدّاً ، وفي رفع الحجاب وذوق الصواب شؤون الكمالات الحقّية متّحدة باعتبار الذات وباعتبار الصفات .
ثم على طريق التعريف والتحديد هل مظهر السلوك أتم أو مظهر الجذب ، اختلف في ذلك أربابُ الاصطلاح فقط ، وإلا فكل واحد كبير في نفسه ، ينتفع به باعتبار جمع الأضداد فيه ، إذ باعتبار النهايات لا تتفاوت المقامات ، إذ كل واحد من المجذوب والسالك وقف على نقطته وتحقّق بصرف وحدته وتمكّن في كمال دورته ، لأنّ بداية المجذوب نهاية السالك ونهاية السالك بداية المجذوب ، وليس في هذه العبارة إلاّ مجرّد الإخبار على كون الوقوف على النقطة العلمية حاصل للجميع . لكن هل يكبر من كان عارفاً بالأحوال والمقامات ذهاباً وإياباً ، وهو السالك ؟ أو يكبر من ليس له علم بالطريق لكونها طُويت له في السير والسلوك فلا خبرة له بها في الذهاب وإنما يعرفها رجوعاً ؟ .
المسألة فيها خلاف ، وأنا أبيّن لك الحكم بمثل عقلي ونَكِلُكَ بعد ذلك إلى ذوقك ، لأنّ الذوق والفرض بينه ما بين السماء والأرض ، ومثل ذالك ، (ولِله المَثَلُ الأَعْلَى)(النحل : 60) ، أبونا آدم صلوات الله عليه ، خلقه الله من تراب على الصورة المعروفة ، "إن الله خلقَ آدمَ على صورَتِهِ" فلم يتطوّر في بلاد المجاهدات وهي بلاد السلوك ولا دخل مقام النطفة ومقام العلقة ومقام المُضغة ، بل من أول النشأة قال له الحقّ : كن فكان ، وهذا هو الجذب وأما ولده فإنه دخل أولاً إلى رحم المجاهدة وعبر مقامات الوجودية وكابدها كل المكابدة ثم بعد ذلك سبح بحر روح المشاهدة فحصلت له الحياة الأبدية فخرج من سجن الوجود إلى فضل الشهود ، عارفاً بكمالاته برزخاً بين بحر الحدوث وبحر القدم ، وهذه بلاد السلوك .
انظر بنور مرآة بصيرتك أيُّهُمَا أتَمّ . فأنا قد وكّلتك إلى ذوقك وإليك النظر .فإن حكمت بالجذب فما فرّطت ، وإن حكمت بالسلوك فما أفرطت ، أو تقول : إن حكمت بالجذب فما أصبت أو حكمت بالسلوك فقد أخطأت .
فتدبّر يا فقير أسرار هذا الرب الحكيم كيف حيّر الجميع في أسرار كمالاته ، فلم يعرفه أحد إلّا في حيرته ، لا إله إلّا هو رب العرش الكريم والسلام .
اعلم يا فقير وفقني الله وإياك أنَّ السير والسلوك إلى مالك الملوك سبحانه هو وإن تنوعت أحواله فهو راجع إلى مشرَبَيْن ، وهما :
- مورد الجذب .
- ومورد السلوك .
وهما في الحقيقة راجعان إلى مصدر واحد وينبوع متّحد وهو مشرب الجذْب الاصطفائي والعناية الربانيّة الذي لولا هو ما تحقق سير ولا سلوك .
ففي التحقيق لا مورد إلّا من بحر الجذب الربانيّ والفيض الصمداني ، لكن الاعتبار إذا لوحظ امتازت به الحقائق وعرف التفصيل في عين الإجمال .
فما ظهر فيه الجلال وكمن فيه الجمال قيل فيه سلوكاً وحُدَّ بحدود الشريعة الموصلة ، وما ظهر فيه الجمال وكمن فيه الجلال قيل فيه جذباً وحُدَّ بحدود الحقيقة تفسيراً لا حدّاً ، وفي رفع الحجاب وذوق الصواب شؤون الكمالات الحقّية متّحدة باعتبار الذات وباعتبار الصفات .
ثم على طريق التعريف والتحديد هل مظهر السلوك أتم أو مظهر الجذب ، اختلف في ذلك أربابُ الاصطلاح فقط ، وإلا فكل واحد كبير في نفسه ، ينتفع به باعتبار جمع الأضداد فيه ، إذ باعتبار النهايات لا تتفاوت المقامات ، إذ كل واحد من المجذوب والسالك وقف على نقطته وتحقّق بصرف وحدته وتمكّن في كمال دورته ، لأنّ بداية المجذوب نهاية السالك ونهاية السالك بداية المجذوب ، وليس في هذه العبارة إلاّ مجرّد الإخبار على كون الوقوف على النقطة العلمية حاصل للجميع . لكن هل يكبر من كان عارفاً بالأحوال والمقامات ذهاباً وإياباً ، وهو السالك ؟ أو يكبر من ليس له علم بالطريق لكونها طُويت له في السير والسلوك فلا خبرة له بها في الذهاب وإنما يعرفها رجوعاً ؟ .
المسألة فيها خلاف ، وأنا أبيّن لك الحكم بمثل عقلي ونَكِلُكَ بعد ذلك إلى ذوقك ، لأنّ الذوق والفرض بينه ما بين السماء والأرض ، ومثل ذالك ، (ولِله المَثَلُ الأَعْلَى)(النحل : 60) ، أبونا آدم صلوات الله عليه ، خلقه الله من تراب على الصورة المعروفة ، "إن الله خلقَ آدمَ على صورَتِهِ" فلم يتطوّر في بلاد المجاهدات وهي بلاد السلوك ولا دخل مقام النطفة ومقام العلقة ومقام المُضغة ، بل من أول النشأة قال له الحقّ : كن فكان ، وهذا هو الجذب وأما ولده فإنه دخل أولاً إلى رحم المجاهدة وعبر مقامات الوجودية وكابدها كل المكابدة ثم بعد ذلك سبح بحر روح المشاهدة فحصلت له الحياة الأبدية فخرج من سجن الوجود إلى فضل الشهود ، عارفاً بكمالاته برزخاً بين بحر الحدوث وبحر القدم ، وهذه بلاد السلوك .
انظر بنور مرآة بصيرتك أيُّهُمَا أتَمّ . فأنا قد وكّلتك إلى ذوقك وإليك النظر .فإن حكمت بالجذب فما فرّطت ، وإن حكمت بالسلوك فما أفرطت ، أو تقول : إن حكمت بالجذب فما أصبت أو حكمت بالسلوك فقد أخطأت .
فتدبّر يا فقير أسرار هذا الرب الحكيم كيف حيّر الجميع في أسرار كمالاته ، فلم يعرفه أحد إلّا في حيرته ، لا إله إلّا هو رب العرش الكريم والسلام .
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin