ما كتبه سيدي إبراهيم الرشيد في كتابه " عقد الدر النفيس "
ثم بعد نقل ما تقدم اطلعت على كراسة ألفها خليفته سيدي الشيخ إبراهيم الرشيد وسماها (عقد الدر النفيس) في بعض كرامات ومناقب شيخه سيدي أحمد بن إدريس ، وهي غير كتاب (العقد النفيس) الكبير المطبوع ، وها أنا أنقل ما فيها من الكرامات مما لم يتقدم ذكره في رسالة الشيخ إسماعيل النواب السابقة فأقول : قال : ومن كراماته رضي الله عنه أنه في بعض الأيام حضر مجلسه جماعة من العلماء الأعلام مع رئيس العلماء القاضي حسن أحمد عاكش ، وسألوه عن جملة من المسائل العلمية ، فأفادهم بما لا يخطر لهم ببال من المواهب من الملك المتعال ، ورجعوا إلى مقرهم وقالوا : كلام السيد هذا وجيه ولكن كنا نرجع كلام العلامة فلان والعلامة فلان . فقال لهم القاضي حسن : نحن وأنتم ندعو الله تعالى أن يبين لنا الحق معه أو مع من ذكرتم من العلماء ، فاستحسنوا ذلك ودعوا الله تعالى ورقدوا . وأرى الله للعالم السائل منهم أنه رأى رسول الله r في المنام وسأله عن المسائل التي اختلفوا فيها ، فقال يا رسول الله هل نتبع قول فلان ؟ فقال : اتبعوا من أقواله ما وافق الكتاب وسنتي حتى عدهم كلهم والنبي r يقول له : اتبعوا من أقواله ما وافق الكتاب وسنتي . ثم قال : يا رسول الله أتبع قول السيد أحمد بن إدريس ؟. فقال له عليه الصلاة والسلام هي كالمتعجب سبحان الله فهل لإبني أحمد من كلام ؟ إنما يتكلم بسنتي ويعبر بلساني . وأصبح الرجل فرحاً مسروراً ، وأخبر أصحابه وأتوا إلى السيد أحمد وذكروا له الرؤيا ، فقال : الحمد لله الذي أظهر لكم الحقيقة .
قال الشيخ إبراهيم الرشيد : ولما قدم رضي الله تعالى عنه إلى زبيد اليمن وأقام بها هرعت إليه أكابر سادات العلماء ، كالسيد عبد الرحمن مفتي زبيد وغيره وصاروا يترددون إلى مجلسه صباحاً ومساء ، ويسمعون منه الغرائب من العلم اللدني الذي لا يخطر لهم ببال ، ويسألونه عن المسائل العويصة ويجيبهم بما ينشرح إليه الصدر من الجواهر النفيسة ، فلما رأوا ذلك منه اتفق رأيهم على أن كل واحد منهم يكتب ما يراه صعباً من مشكلات التفاسير والأحاديث ويجعلونه في ورقة . قالوا : وأنت يا سيدي عبد الرحمن تتولى السؤال ونحن نسمع ، فإن أجاب سلمنا له . وحضروا بين يدي الأستاذ رضي الله تعالى عنه ، فأقبل عليهم وقال للسيد عبد الرحمن بطريق الكشف : أخرج ما عندك من الأسئلة وانظر أول سؤال وهو للسيد فلان ، وتكلم عليه بما يبهر العقول . ثم قال : السؤال الثاني هو للسيد فلان وهو كذا وكذا وتكلم بما لم يخطر على بال . وعلى السؤال الثالث وصاحبه وتكلم عليه بما يدهش العقول . وهكذا حتى استوفى جميع الأسئلة فتعجبوا من صدق كشفه كأنه معهم ، وغزارة علمه وأجوبته عن كل سؤال بلا كلفة ولا مشقة ، فأذعنوا له وعرفوا فضله رضي الله تعالى عنه ، وصاروا يأتون بعد العشاء ويسألونه عن تفسير بعض الآيات ، وجملة ما سألوه عنه تفسير قوله تعالى : (إن المسلمين والمسلمات) آية الأحزاب ، فجلس في تفسيرها أحد عشر يوماً مجلساً في الصباح ومجلساً في العشاء ، وفي كل مجلس يأتي بغرائب وعجائب لم تسمع قبل ذلك ، ثم التفت إليهم وقال لهم : لو أطال الله أعمارنا وصرنا نتكلم في تفسير هذه الآية إلى يوم القيامة وكان مجلس فيه شئ جديد لفعلنا ذلك . فصدقوه ودونوا جميع ما تكلم به
قال الشيخ إبراهيم الرشيد : ومما حكاه لنا رضي الله تعالى عنه واقعتان وقعتا له في ابتداء أمره في المغرب قال : كنت ذات يوم أمشي في السوق ومعي جماعة . مرت علينا جماعة من الشرطة محتاطين بواحد مشدود الوثاق لا يمكن خلاصة منهم ، فقال الشيخ لبعض جماعته : هل لمثل هذا في نظركم مخرج من بين هؤلاء ؟ فقالوا : لا . فقال لهم : انظروا كيف تصريف الله تعالى وخرق العادة ، والتفت إلى الشرطة وقال لهم : اهدءوا فخرجت القيود والأغلال من الرجل ، وتفرقت الشرطة عنه ، ومضى لسبيله وكان مظلوماً . والواقعة الثانية أنه خرج رضي الله تعالى عنه إلى باب مدينة فاس ، فرأى الشرطة على الباب والمكاسين يأخذون من الفقراء الداخلية مما معهم من أثمار البساتين التي تسقط ويأتون بها لعيالهم وضعفائهم ، فضج الفقراء من ذلك وقالوا : لعلنا نجد معيناً أو شافعاً ، فلما رأى الشيخ رضي الله تعالى عنه ما بهم قام حسبة لله تعالى وقال : ائتوني برجل منكم شجيع يبلغ الخبر للملك كما آمره ويرد لنا الجواب ن فقام رجل من الحاضرين وقال : أنا أذهب إلى الملك فقال : قل للملك : واحد يقول لك ولا تسمني : الأمر الذي جعلته على ضعفاء المسلمين اتركه ولك في تركه خير ، وإن لم تتركه تنظر ما يحصل لك . فوصل الرجل إلى السلطان فأخبره بكلام الشيخ ، فطأطأ رأسه ورفعه وقال للرجل : من هذا الذي أرسلك ؟ فقال له : أمرني أن لا أخبرك باسمه ، فقال له : قل : قد أعطيتك مطلوبك وتركت للناس حالهم كما أمرت ، وأنا عندي حاجة وهي أن القبيلة الفلانية خرجت من طاعتنا ، وجهزنا عليهم جيوشاً كثيرة ولم نظفر بهم ، وحاصل منهم فساد كثير . ولا يصلحون إلا بدخولهم تحت طاعتي . فرد عليه الشيخ مع الرجل أن قل للملك : قد أعطيناك ذلك . فلم يلبثوا أن أقبل كبراؤهم وعرفاؤهم وطلبوا الصلح من السلطان ودخلوا تحت الطاعة
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : إني كنت في بلادنا أي بلاد السودان أطلب العلم بين يدي والدي القاضي صالح الرشيد ، فجاء أخ لي أكبر مني يقص رؤيا رآها على الوالد ، وكان للأخ امرأة توفيت في تلك الأيام فقال : رايتها في المنام وسألتها : ما فعل الله بك بعد قدومك عليه ؟ فقالت : جمعنا الله سبحانه وتعالى نحن والأموات جميعاً بين يديه وقال لنا : أنتم حضرتم زمن عبدي أحمد بن إدريس فسامحتكم جميعاً من أجله . هذا ما سمعته من الأخ قد حكاه في مجلس الدرس بين يدي والذي ونحن في بلاد السودان وسيدي أحمد رضي الله تعالى عنه بأرض اليمن ، ولم نكن أخذنا عنه الطريق ولا رأيناه ، بل كنا قد سمعنا به سماعاً ووصل إلينا صيته . وبعد ذلك جمعنا الله تعالى به ، وأخذنا عنه الطريق ، وجلسنا بين يديه وأخبرته بقصة المرأة المذكورة وقلت له : هل هذا الأمر صحيح ؟ قال : نعم
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : وحكى لي بعض الإخوان من الأكراد أنه كان في السياحة قال : فاتفق في بعض الأيام وأنا في البراري والقفار ، إذ اشتد على الحر حتى أشرفت على الهلاك ، فعمدت إلى شجرة هناك بقرب الطريق ، فهيأت لي مضجعاً وقلت : هذا هو القبر ، ثم تذكرت أن الشيخ سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه قال لنا : إن مريدي إذا ناداني وهو بالمغرب وأنا بالمشرق أو عند جبل قاف أجيبه ، وإن كان صادقاً سمع الرد والجواب ، والإجابة له بلبيك . فقلت : يا سيدي أحمد أدركني فأنا على ما تراني من الهلاك عطشا ًوجوعاً ، وكنت مستلقياً على وجهي وطرف الثوب على ظهري ، فسمعت حركة شئ وضع في الشجرة ، فرفعت الثوب عن وجهي ، فرأيت بين أغصان الشجرة شيئاً مثل البطيخة وعليها رغيفان كبيران ، فقلت في نفسي تخيلات فمن يأتي بالرغيفين والبطيخ في هذا الموضع ؟ فوضعت الثوب على وجهي وأيقنت بالموت ، وبقيت متردداً في كون هذا خيالاً أو حقيقة وكشفت الثوب عن وجهي ، ونظرت فإذا بالبطيخة والرغيفين ، فقمت إليهما وإذا هما كأنهما أخرجا من التنور الآن والبطيخة من أطيب ما يكون . فأكلت حتى شبعت ، ورويت من ماء البطيخة ، وسرت حتى وصلت إلى أرض العمران ، وذلك ببركة الأستاذ رضي الله تعالى عنه
وقال : وحكى لي هذا الأخ الكردي أنه سافر مرة مع جماعة ، فبينما هم في فلاة من الأرض خرج عليهم سبع فجعلوه من الجهة التي فيها السبع ، وهم خلفه ورقدوا ، فأتاه السبع ، فلما شمه ولى هارباً مثل المطرود ورجع إلى غابته
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه كانت لواحد من أصحابه المغاربة امرأة مسيئة ، فضربها مرة ضربة شديدة فماتت ، فخاف على نفسه من الحكام ، فأتى في الليل حتى طرق الباب على الأستاذ رضي الله تعالى عنه فأخبره بذلك ، فقام الشيخ معه إلى أن أتى المرأة فوجدها ميتة وقال لزوجها : نحن نتوجه إلى الله تعالى في كشف هذا الكرب ، وأنت استر ما ترى . فجعل الشيخ عصاه على المرأة فأحياها الله تعالى ، وعاشت بعد ذلك ما شاء الله أن تعيش
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن أمر بعض الإخوان بالتوجه إلى الصعيد ومعه جماعة أمره عليهم عملاً بالسنة ، فنزلوا إلى جدة وتعسر عليهم الحال من عدم الزاد والمصاريف ، فرأى أميرهم في منامه سيدي أحمد وأنه أعطاه كتاباً وقال له : خذه وسافر على بركة الله تعالى ، فجعله في جيبه ، فلما أصبح تذكر الرؤيا فقصها عليهم ، ومد يده إلى جيبه فوجد الكتاب فأخرجه فوجده مكتوباً (رب يسر ولا تعسر ، رب تمم بالخير يا كريم) ففرح الإخوان بذلك وفرج الله تعالى عنهم ، وتيسرت لهم الأمور على أحسن حال ، وسافروا على بركة الله تعالى
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن بعض أصحابه قال يوماً وهو في المدينة المنورة جالس مع بعض الإخوان المحبين وكان هو من العارفين قد نظر إلى السماء رأى عصافير ، فقال لمن حضر من الإخوان : لو دعوت هذه العصافير باسم سيدي أحمد لأجابت ، فتساقطت كلها بين يدي الحاضرين ، فمات بعضها وطار البعض
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كرامات سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه ما وقع قبل وصولنا إليه ونحن بمكة قد أتينا للحج وهو باليمن ن فبعد فراغنا من الحج أصابني مرض شديد حتى أني لا أستطيع القيام لقضاء الحاجة ، فخشيت من الموت على هذا الحال ، فتضرعت إلى الله تعالى أن أظفر بشيخ كامل يعرفني بالله تعالى المعرفة الخاصة وبرسوله r حتى أموت على معرفة تامة ، فتوسلت بسيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه ، فبمجرد ما غمضت عيني للنوم رأيت سيدي أحمد بن إدريس جاء إلى وأنا مضجع على سرير فوقف عندي وقال لي : دواؤك أن تجعل بين جلدك ولحمك ماء زمزم . فقلت له : يا سيدي أنا مريض وأنت افعل لي ، فالتفت وقد حضرت عندي قربة من ماء زمزم على ظهر سقا ، فلما وصل عندي سيدي أحمد خرق الجلد في خصيتي ووضع رأي القربة في ذلك المحل ، فصار لها دوى في بدني كدويها في الدوارق إلى أن حصلت كلها في ذاتي ، وسال مني شئ كثير من العرق حتى نزلت تحت السرير ، فاستيقظت وأنا أجد لي قوة إلى القيام والمشي على رجلي إلى أي مكان ، فحصلت لي العافية ببركة الأستاذ
وبعد أيام حصل لي مرض شديد فتوسلت بالشيخ رضي الله تعالى عنه ، فرأيته في المنام في خيمة عظيمة في محل مرتفع وهو وحده فسلمت عليه ، وقال لي : اجلس فجلست أمامه فقال لي : أنت خائف من الموت . قلت له : نعم ، فأخذ ورقة وكتب فيها سطرين :
الأول : ما تموت حتى يكون عمرك ثمانين سنة
والسطر الثاني : ما تموت حتى تكون من أكابر العارفين بالله تعالى . وأعطاني الورقة وقال لي : اقرأها فقرأتها فحمدت الله تعالى على ذلك . ثم تذكرت أني لم أر النبي r فذكرت ذلك للأستاذ فقال لي : اجلس نوريك فرأيت في يده شيئاً يطوي فيه الغزل وأنا صرت في مثال كيفية الغزل ولا أرى نفسي إلى غزلاً ، وخرج مني خيط وجعله في ذلك الشئ وطوي مني نصيباً ، فظهر لي شخص فإذا هو على كرم الله تعالى وجهه ، ثم طوي ما شاء الله تعالى فظهر شخص ثان فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه ، ثم طوى نصيباً فظهر لي شخص ثالث فإذا هو عمر رضي الله عنه ، ثم طوى ما شاء الله فظهر شخص رابع فإذا هو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه . وأنا بقيت ضعيفاً جداً مثل الصبي الذي يرضع ، ثم طوى نصيباً فظهر لي النبي r ، فاستيقظت من نومي فرحاً مسروراً بهذه الرؤيا
وبعد انقضاء الحجم توجهنا إلى اليمن ، واجتمعنا بالأستاذ رضي الله تعالى عنه في مدينة صبيا المباركة في أرض اليمن في ابتداء سنة 1248هـ
وفي أول ليلة من قدومنا عليه ونحن بحكم الضيافة فبمجرد ما غمضت عيني أطلق على بحر من نور عظيم أغرقني واستولى على فلم استطع الخروج منه حتى كدت أن أهلك من شدة تراكم الأنوار على ، فاستيقظت من نومي وجسدي يضطرب . وفي اليوم الثاني أخذنا عنه الطريق . وعلمت أن لهذا الشيخ أمراً عظيماً فبعد أخذنا الطريق عنه وانتسابنا إليه قال : إ، أنا طريقي ما عندي كون يترقى فيه المريد إلى أن يصل إلى مقصوده الأعلى وهو ليس وراء الله مرمى (وأن إلى ربك المنتهى) بل ما تحط قدمك إلا عنده في حضرته
قال سيدي إبراهيم الرشيد : والحمد لله تعالى حصل لنا منه المدد الذي لا يدخل تحت حصر العبارة وهو مصداق قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ن ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر) فإذا واجهك الكريم بفضله فلا راد لحكمه ، وربك فعال لما يريد
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه اتفق لي ذات يوم وأنا أقرأ في أحزاب التجليات أن جاءني من نفحات الجود وتجليات المعبود ما يوجب الاستهلاك من السحق والمحقق والفناء المحض إلى أن ألجأني إلى عدم الإدراك ، وبعد مدة من الزمان أتتني القوة والشعور بالموجودات وبقي كل عضو من الأعضاء بل كل جزء من الأجزاء فيه ألم عظيم من تجليات الجلال ، وفي كل ساعة أنتظر خروج الروح في آخر الليل مع تمام اليوم إلى الليلة الثانية ، فخطر لي أن أخبر الأستاذ بذلك الأمر ، فأرسلت إليه واحداً من الإخوان يحكي له القصة وأنا مشرف على الهلاك وأن يقول له : أنا مشرف على الهلاك إذا لم تدركني بنظرة تخرجني من الجلال إلى الجمال ومن الفناء إلى البقاء ، فأرسل مع الرسول قل له : يقول لك (كان) . فوصل عندي الرجل وأنا لا استطيع القيام ، فبمجرد ما قال لي : يقول لك الشيخ (كان) ذهب عني الألم جميعه ووقفت من ساعتي ، وصرت كأن لم يكن بي شئ قط ، وحمدت الله تعالى وعرفت أنه متحقق بما قال السادة الصوفية : (أول الطريق جنون ، وأوسطه فنون ، وآخره كن فيكون)
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن شخصاً اشترى لحماً ووضعه في ثوبه وأدركته الصلاة فصلى معه رضي الله تعالى عنه ، وبعد انقضاء الصلاة ذهب بلحمه إلى بيته ووضعه في القدر وأوقد عليه النار فلم تؤثر فيه شيئاً ، فأكثر عليه من النار فلم تفد فيه شيئاً فأخبر بذلك الشيخ رضي الله تعالى عنه فقال : نحن بشرنا أنه من صلى معنا لم تمسه النار
وقال : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه ركاب بغلته انكسر فأمر خادمه بإرساله إلى الحداد ليصلحه ، فوضعه في النار مراراً فلم تؤثر فيه شيئاً ، فرجع إلى الشيخ فأخبره بذلك فقال له الشيخ : أنا عبد من عبيد الله أكرمني الله بأنه من جاورني لم تحرقه النار ، فكيف بمن جاوره في بلده الأمين . وكان رجل بالمجلس لا يرى للجوار أثراً فانقطع من هذه الواقعة وعرف فضل ومراعاة الجيران
قال : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن واحداً من مريديه مات بمكة المشرفة زادها الله شرفاً ودفن بالمعلاة ، وكان رجل من أهل الكشف منور البصيرة من الإخوان واقفاً عنده حين الدفن ، فرأى سيدنا عزارئيل عليه السلام أتى بفرش من الجنة وسرج عظيمة ، ووسع القبر مد البصر ، وفرش للميت المذكور ووضع له السرج ، قال الرائي في نفسه : ليتني إذا مت يكرمني ربي بمثل هذه الكرامة ، فالتفت إليه سيدنا عزرائيل عليه السلام وقال له : كل واحد منكم له مثل هذه الكرامة ببركة الصلاة العظيمية المنسوبة للأستاذ سيدي أحمد بن إدريس . وهي قد تقدم ذكرها
أوصاف سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه
قال سيدي إبراهيم الرشيد : وأما أوصاف سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه : (فهو طويل القامة ، أبيض اللون ، مشرب بحمرة ، نحيف الجسم ، واسع العينين ، طويل الوجه ، أزج الحاجبين ، في شعره شيب ، توفي سنة 1253هـ ودفن بمدينة صبيا من أرض اليمن ، وضريحه فيها مبارك ميمون . فرحمة ربي تغشاه إلى يوم يبعثون)
قال ( ) صالح الجعفري (رضي الله عنه) : وقد رأيت بفضل الله تعالى سيدي أحمد بن إدريس في المنام مراراً فإذا هو (أشبه الناس به حفيده السيد محمد الشريف رضي الله تعالى عنه
والوصف الذي وصف سيدي إبراهيم الرشيد ينطبق على السيد محمد الشريف شيخي ن فإنه كان طويل القامة ، ابيض اللون ، واسع العينين ، طويل الوجه ، بشعره شيب ، وكثيراً ما أراه يلبس عباءة حمراء) . قلت : وينبغي للمريد أن يعرف أوصاف شيخه ليتخيله عند قراءة أوراده ، ويدعو الله تعالى له ويملأ قلبه من محبته ، فيتسبب له من ذلك رؤيته في النوم وهي من أعظم طرق الإرشاد عند السادة الصوفية ، فإن الأولياء أحياء عند ربهم كالشهداء ويسمون شهداء المحبة ، ولم ينقطع إرشادهم بعد موتهم لأرباب القلوب بين مريديهم الذين صفت قلوبهم ، واتصلت أرواحهم ، واستنارت أنفسهم ، ويجدون بذلك فتحاً عظيماً
سمعت عن بعض المشايخ من علماء الأزهر أن طالبين كانا يذاكران في شرح الشيخ الخرشي المالكي فتوقفا في جملة ، فذهب أحدهما إلى الميضأة ، ونام الثاني ، فرأى في منامه الشيخ الخرشي وأخبره بشرح الجملة ، فلما استيقظ كتبها قبل حضور صاحبه ن فلما حضر صاحبه قال له : أنا فهمت المسألة وقرأها عليه ن فأنكر عليه صاحبه وقال له : هذا الكلام ليس منك . فقال له : نعم جاءني الشيخ في منامي الآن وأخبرني بها
ومن إرشادات سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه في المنام أنني رأيته وعمري نحو خمسة عشر سنة فقال لي : قد أجزتك بجميع أورادي ، وإن قراءاتك للأحزاب تذكرك القرآن . ثم رأيته مرة أخرى وقد حصل لي فرح في بدني وأنا ببلدي فقلت له : أين أنت ؟ فقال لي : الله معك . اقرأ فقه المذاهب الأربعة . فلما أصبحت قصصت الرؤية على شيخ لي ، فقال : إن صحت رؤيتك فتأويلها أنك ستذهب إلى الجامع الأزهر ، وقد حقق الله تعالى تلك الرؤية . ورأيته مرة يقول لي : لا أرضى أن تأخذ عهداً غير عهدي ، ولكن اقرأ بردة البوصيري ، وأجازني بعض أحزاب المشايخ
ومن أعجب ما رأيت منه رضي الله تعالى عنه وأنا بالجامع الأزهر ذلك أن قلبي تعلق بشيخ من العلماء تعلقاً كثيراً ، فلما مات حزنت عليه ، وفي يوم قرأت له الفاتحة قبل النوم ، فلما نمت رأيت نفسي بمسجد سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنه ، ورأيت رجلاً جالساً على الكرسي الذي كان يجلس عليه الشيخ الذي مات وهو يدرس والناس حوله كثيرون ، فجئت وجلست في حلقة الدرس ، فلما قضي الدرس جاء الناس يسلمون على الشيخ فسألت أحد الناس من هذا ؟ فقال لي : هذا الشيخ أحمد بن إدريس ، فتقدمت لأسلم عليه بعد أن وقف فإذا هو رجل أبيض مشرب بحمرة عليه عباءة حمراء ، فلما سلمت عليه وقبلت يده نظر على بغضب ، وفتح عينيه وخاطبني بلهجة المغاربة لأهل فاس بقوله (الطريق كالمسمار – الطريق كالمسمار)
فلما استيقظت من منامي علمت منه أنه يحب مني أن لا أقدم عليه هذا الشيخ الذي تعلق قلبي به وجلس في مكانه وقرأ الدرس ليعلمني أنه عالم ، فإن أحببت الشيخ الأول لعلمه فها أنا عالم . وقد أرشدني الله تعالى بهذه الرؤيا ووجه قلبي إلى شيخي ، وعرفني ربي منزلته حتى لا يميل القلب إلى شيخ سواه
فهنيئاً لمن أحبوه وعرفوه ونحواً نحوه وصاروا على طريقه ، فإنه على القدم الراسخ الذي لا تزلزله شبهة بوجه من الوجوه
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل الرابع عشر :
ما كتبه السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه
ومما كتبه ختم أهل العرفان سيدنا ومولانا السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه قال : أخذنا الطريقة النقشبندية عن شيخنا العارف بالله سيدي أحمد بن إدريس ، وهو ولد بالمغرب في أواخر القرن الثاني عشر بقرية يقال لها القارة من أعمال فاس ، وهو شريف إدريسي أخذ العلم ببلدة فاس ، وكان له مهارة في علوم الظاهر أخذها عن جملة علماء : منهم سيدي العارف بالله الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي محمد المجيدري وأخذ عنه الطريق الشاذلية والحزب السيفي وأخذه عن قطب الجان سيدي محمد الققاوي وهو عن سيدي على بن ابي طالب كرم الله تعالى وجهه ، وأخذ الحقير الحزب المذكور عن سيدي أحمد وعن الفقاوي وعن سيدنا على ، وأخذت عن السيد أيضاً الطريقة الشاذلية ، وأخذ الطريق الشاذلية سيدي أحمد عن شيخ إرشاده وتربيته سيدي عبد الوهاب التازي ، وكان هو غوث وقته ، صبحه سيدي أحمد أربع سنوات ففتح الله عليه وألحقه بمن عنده
وما توفي سيدي عبد الوهاب التازي إلا وقد صار سيدي أحمد من أهل الأحوال العظيمة لأنه ذكر لي أنه شاهد النبي r يقظه يوم وفاة سيدي عبد الوهاب . ثم قال لي : نظرت إلى أكبر من كان من الأولياء في المغرب فكان سيدي أبا القسام الوزير وكان من الأفراد وكان يقول : أنا لا أحس بحركة الكون من عرضه إلى فرشه إلا كحركة البعوضية وذلك لغيبته في الله . وكانت صحبة سيدي أحمد له أربع سنوات قال : كنت أتردد عليه كل يوم صباحاً ومساءً في المدة المذكورة أجلس عند باب داره فإن خرج إلينا يخبرنا بما لاح في ضميرنا ، أو دخل إنسان إليه فيخبره بما لاح في ضميره وسره ولا نحن في مكاننا ، أو خرج أحد من عنده فرآنا فعاد فيخبره فيخرج إلينا ويتكلم معنا في بعض أسرار القوم ومقاماتهم وإن لم يخرج عندنا إلى مكاننا ، ويقول : المعاملة مع الله تعالى ، فانظر إلى حسن هذه الآداب وحال القوم مع مشايخهم . قال سيدي أحمد : وكان في يوم من أيام اجتماعي بالشيخ أن قال لي : يا أحمد كان لي صاحب من الأبدال من السودان ، فجاءني ليلة بالخطوة فقال : اخرج معي إلى خارج البلد فخرجت معه فقال لي : اجلس هنا ، وذهب وغاب عني إلى آخر الليل وقال لي : يا فلان إنه سيظهر هناك قريباً رجل اسمه أحمد بن إدريس طالب علم ، وأنا ألقى إليك علوماً فأخبره بها إذا جاءك . قال سيدي أحمد : لما أخبرني بذلك قلت له : هل تأذن لي أن أخبركم بذلك قبل أن تكلمني ؟ قال : أذنت لك . قال سيدي أحمد : فقلت له كذا وكذا إلى آخر تلك الأسرار فقال لي : هي ما تركت منها شيئاً
ثم توجه سيدي أحمد إلى الحجاز وجاور بمكة مدة سنوات من عام إحدى عشر إلى عام ثمانية وعشرين من القرن الثاني عشر ، وفي هذه المدة صحبته وفتح الله تعالى علي ، ثم توجه إلى الصعيد من إقليم مصر وأقام بها نحو ست سنوات أو سبعاً بقرية يقال لها الزينية . ثم عاد إلى مكة وأقام بها إلى عام ثلاث وأربعين . ثم توجه إلى اليمن وأقام به عشر سنوات ، وتوفي بقرية يقال لها صبيا عام ثلاث وخمسين ليلة الثاني والعشرين من شهر رجب . وتولى الغوثية وفي رأسها مات . وكان أوحد وقته علماً وحالاً ، لم أر في وقتي مثله مع أني رأيت جملة أغواث أقطاب : منهم سيدي عبد الله القندقلي . وسيدي أحمد أبو الربيع وسيدي محمد جامع وآخرين وسيدي عبد الله المتولي الآن ، فما رأيت في هؤلاء مثله أحداً في المعرفة ولا في سعة الحال وصون الوقت وعلو الهمة ولا في غيرهم من كبار الأفراد الذين رأيتهم . ولقد رأيته في أواخر مدة إقامته بمكة يماً وهو جالس بجانب باب البسطية من المسجد الحرام ونظرت في عظم حاله والأنوار التي كانت عليه ، فكنت أرى أنه يخرج من لحيته الكريمة نور سري نور شعرة منها في الدنيا لصار أهلها أولياء . وأخذ الطريق النقشبندية عن شيخ إرشاده المذكور . وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث سيدي عبد العزيز الدباغ وهو أخذ سلوكه عن الحضر عليه السلام . وسند الطريقة النقشبندية عن شيخ إرشاده المذكور . وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث سيدي عبد العزيز الدباغ وهو أخذ سلوكه عن الخضر عليه السلام . وسند الطريقة النقشبندية الذي عن سيدي عبد الوهاب غير سنده عن الدباغ
ويقول سيدي الختم سيدي محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه : كنت أتردد على شيخ لي يسمى الشيخ أحمد بناه المكي في تلك الأيام . فقال لي : إن تتميم أمرك على يد السيد أحمد بن إدريس الإمام وكان ذلك ابتداء اجتماعي في تلك الأيام بأستاذنا ذي التقديس مولانا العارف بالله السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه وصار لي على يده ما فتح الله تعالى به
ثم قال الختم : اجتمعت بالعارف بالله تعالى الولي العالم العام مفتي زبيد الأهدل سيدي ومولاي السيد عبد الرحمن بن سليمان رضي الله تعالى عنه ، وأخذت منه بعض الأوراد بفضل المنان ودلني على مرشدي سيدي السيد أحمد بن إدريس وقال لي : إنه حصل لك منه الدر النفيس وكان هذا يعتني بي ويحبنى كثيراً ويقول لوالدي ما معناه : إنه يجئ منه خير كثير ، وجمع بيني وبين أستاذي سيدي أحمد بن إدريس فصحبته وفتح الله تعالى لي على يده . غمر الله ضريحه بالنور آمين
قلت : وللسيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه مناقب عظيمة لشيخه السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه وهي لم تطبع حتى الآن ، وقد نقل منها شيئاً يسيراً السيد اليماني ، وقد نقل في أول هذا الكتاب . وللختم قصائد في مدح شيخه ابن إدريس وقد طبعت
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل الخامس عشر :
ما كتبه السيد عبد الرحمن الأهدل رضي الله عهنه
هذه نبذة ملخصة من سيرة سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه مما كتبه مفتي الأنام وشيخ الإسلام تلميذه السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدلي مفتي زبيد باليمن رحمه الله تعالى
قال : هو سيدنا ومولانا وفخرنا وملجؤنا وسندنا وذخرنا السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه من السادة الأدارسة المشهورين ببلاد المغرب . فهو شريف حسني من نسل سسيدنا ومولانا الحسن بن على بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ورضي الله تعالى عنه
مولده بلدة عرايش على ساحل بحر المغرب من أعمال مدينة فاس اشتغل من أول عمره مدة سنين بتحصيل العلوم الظاهرة إلى أن برع فيها ببلدة فاس ، وأذن له بالتدريس من أساتذته الأكياس وصار يدرس فيما شاء الله ، وكان من جملة من يحضر في درسه أحياناً شيخه عبد الوهاب التازي رضي الله تعالى عنه قبل أن يأخذ عنه ، حتى كان سيدي عبد الوهاب يقول لسيدي أحمد بعد انقطاعه إليه وكمال تأدبه بالحضور بين يديه: أين تلك الهدرة يا أحمد ؟ يشير بذلك إلى هدرة التدريس
وأما طريقته رضي الله تعالى عنه فسماها العارف بالله تعالى السيد محمد السنوسي رضي الله تعالى عنه في كتابه (المنهل الروى الرائق في أسانيد العلوم وأصول الطرائق) الطريقة المحمدية ولفظه وأروى الطريقة المحمدية من وجوه أعلاها ما أخذنا عن شيخنا قطب العارفين وإمام المحققين مولانا أحمد بن إدريس عن شيخه العارف بالله السيد عبد الوهاب التازي عن شيخه العارف بالله تعالى السيد عبد العزيز بن مسعود الدباغ الفاسي عن سيدنا ومولانا أبي العباس الخضر عليه السلام عن النبي r ، وهو من أعالي الأسانيد القليلة الوجود ، وهذا باعتبار اجتماع الخضر عليه السلام بالنبي r حال حياته كأخذ سائر الصحابة عنه ، وأخذ السيد عبد العزيز عنه كأخذ التابعين عن ثابت الصحبة من معاصري النبي r وهلم جرا ، فتكون الوسائط بيننا وبين النبي r أربعة . ولله الحمد وله الشكر . وأما الأخذ عنه والاجتماع به r يقظة ومناماً بعد موته صلى الله عليه وسلم فقد حصل لكل من مشايخ السند الثلاثة بل لم يكن لكل منهم في آخر أمره معول في شئ إلا عليه ولا رجوع إلا إليه صلى الله عليه وسلم ، وفيه أيضاً أن شيخنا أبا العباس العرائشي أخذ في أول أمره عن شيخه أبي المواهب التازي ولقنه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقنه إياها قائلاً : لا شئ أنفع للعبد من (لا إله إلا الله محمد رسول الله)
وفيه أيضاً وأما شيخنا أبو العباس العرائشي فكان له في ذلك أي الاجتماع به صلى الله عليه وسلم القدم الراسخ كشيخه أبي المواهب التازي وشيخ شيخه الدباغ ، وشرح أحواله معه صلى الله عليه وسلم لا يمكن استيفاؤها إذ كان آخر أمره بل أوله وأوسطه ليس له معول إلا عليه ولا رجوع في شئ إلا إليه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم . وأما عنوانها فعنوان الطريقة الشاذلية رضي الله تعالى عن أصحابها لأن تسليكهم بالتهليل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار والأدعية والأحزاب المحتوية على أنواع الالتجاءات والافتقار والتضرع والاضطرار كما قال صلى الله عليه وسلم : (الدعاء مخ العبادة) ، والدعاء هو العبادة ، وطريقة سيدنا أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه يسيمها أحمدية نسبة إلى ذاته قدس الله تعالى سره لما قد خصه صلى الله عليه وسلم بها وبأذكارها الجامعة وأحزابها ومشاربها الواسعة ، حتى قال قدس الله تعالى سره كما سمعناه من شيخنا مراراً : (ما يعرف أحدكم مقدار طريقتي إلا إذا أغمضت عينه الرجال إيش حطوا له) . وكان رضي الله تعالى عنه يقول (لكل نبي دعوة مجابة ، ولكل ولي له عند نبيه صلى الله عليه وآله وسلم طلبة مقبولة) لما جاء وقتها سألته صلى الله عليه وسلم أن يتولى أصحابي بذاته الخاصة في الإمداد فقال : من انتمى إليك فلا أكله إلى ولاية غيري ولا إلى كفالته بل أنا وليه وكفيله ، وكان قدس الله تعالى سره يبني على هذه المقالة ويذكرها للمريدين عند سؤالهم منه ويقول : (قد حولناكم على من هو أحسن منا وقبل الحوالة ، فتوجهوا إليه وأعرضوا سؤالكم وحاجتكم عليه) وكان يقول : طريقتي ما فيها إلا كون القدم الأول هاهنا والثاني عند الله)
ومما يستأنس به هاهنا ما حكاه الشيخ الشعراني عن شيخه على الخواص من قوله : (جميع أبواب الأولياء قد تزحزحت للغلق وما بقي الآن مفتوحاً إلا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلوا كل ضرورة حصلت لكم به صلى الله عليه وآله وسلم) . ومن قوله : (لا يكمل الفقير في باب الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يصير مشهوداً له في كل عمل مشروع ويستأذنه في جميع أموره من أكل ولبس وجماع ودخول وخروج ، فمن فعل ذلك فقد شارك الصحابة في معنى الصحبة) ، ومثله قول الشاذلي رضي الله تعالى عنه : (حقيقة الإتباع أن تشهد المتبوع عند كل قول وفعل)
وكان طريقة سيدي عبد الوهاب هذا أولاً شاذلية ناصرية وشيخه سيدي محمد بن زيان القندوسي عن شيخه مبارك بن عدي الغيلاني عن سيدي محمد بن ناصر الدرعي عن سيدي أحمد بن على الحاجي الدرعي عن شيخ الشيوخ سيدي أبي القاسم الغازي المتوفي سنة إحدى وتسعين وتسعمائة هجرية بسنده الشهير إلى شيخ المشايخ سيدي أحمد زروق إلى الشاذلي رضي الله تعالى عنه . وطريقة ساداتنا بني ناصر أشرف الطرق الشاذلية بالمغرب ولا يسمحون بها إلا للعلماء ، وله إجازات كثيرة في أكثر الطرق عن مشايخ وقته ، ثم أنه رضي الله تعالى عنه لازم سيدي عبد الوهاب مدة سنين إلى أن توفي رضي الله تعالى عنه في أوائل العشر العاشر من القرن الثاني عشر ، ثم توجه رضي الله تعالى عنه إلى بلاد المشرق قاصداً مكة المشرفة ، وكان وصوله لمصر في سنة ثلاث عشرة من القرن الثالث عشر ، ثم وصل مكة المشرفة ومكث فيها نحواً من ثلاثين سنة ، وذهب إلى صعيد مصر مرة أو مرتين يذكر الإخوان في تلك المدة ، وإلى المدينة المنورة والطائف مراراً عديدة
ثم أمر رضي الله تعالى عنه بالتوجه إلى اليمن سنة ألف ومائتين وأربعة وأربعين هجرية ومكث بزبيد ، ومر على مخا وغيرها من بلاد اليمن ، ثم أقام بصبيا قرية شهيرة عند ابي عريش ، ومكث فيها نحواً من تسع سنين وتوفي بها إلى رحمة الله تعالى ورضوانه سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف من القرن الثالث عشر وله بها إلى الآن ذرية صالحة . وبالجملة كان جامعاً بين علمي الظاهر والباطن وله الباع الطويل فيهما ، وله بها المعرفة والشهرة التامة في علمي القرآن والحديث رواية ودراية كشفاً وتحقيقاً ، أذعن بفضله الخاص والعام وأخذ عنه العلماء الأعلام والجهابذة الكرام ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله . وأمد في طريقه ما تعاقب الملوان آمين
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا أحمد بن إدريس
الفصل السادس عشر :
ما كتبه الشيخ مخلوف في كتابه
" شجرة النور الذكية في طبقات المالكية "
ومما كتبه العلامة الجليل الأستاذ الشيخ محمد بن محمد مخلوف في كتابه " شجرة النور الذكية في طبقات المالية " في الجزء الأول صحيفة 396 عند ذكر علماء فاس من المالكية في عدد الرتبى رقم 1580 ما نصه : أبو العباس أحمد بن إدريس الشريف الإدريسي الحسني القطب الغوث العارف العامل الفرد الهمام الكامل بقية السلف وقدوة الخلف خاتمة العلماء المحققين والأئمة العارفين ولد بقرية بالقرب من فاس يقال لها مييسور . نشأ من صغره مجبولاً على الاجتهاد في طلب العلوم فأخذ علوم الظاهر عن أكابر علماء عصره حتى صار في أوان شبابه إماماً في علوم الظاهر
وأخذ طريق السادة الشاذلية عن الأستاذ الشيخ عبد الوهاب التازي عن الشيخ أبي العباس أحمد الصقلي عن الشيخ مصطفى البكري وهذه الطريقة شاذلية خلوتية وأخذ أيضاً عن الشيخ أبي القاسم الوزيري الغازي وغيرهما من أجلاء المغرب . وارتحل من فاس سنة 1213هـ إلى الأقطار المصرية وأخذ بالصعيد عن الشيخ محمود الكردي وغيره ، ثم ارتحل للأقطار الحجازية ومكث بمكة أربع عشرة سنة . ثم رجع للأقطار المصرية ومكث بالصعيد خمس سنين . ثم رجع لمكة وأقام بها اثنتي عشرة سنة . ثم انتقل إلى الأقطار اليمنية وأقام بها تسع سنين إلى أن توفي هناك سنة 1253هـ له كرامات لا تحصى أفردها بعض العلماء بالتأليف . أذعن له علماء اليمن واعترفوا له بالولاية وأخذوا عنه جميعاً طريق القوم . وأخذ عنه أيضاً أجلاء وقته من فضلاء العلماء والسادة في سائر الأقطار كالأستاذ الشهير العلامة الفاضل الشيخ محمد بن السنوسي صاحب الجبل الأخضر والأستاذ القطب العارف الأكب الشيخ محمد حسن ظاهر المدني والشيخ عثمان الميرغني والشيخ المجذوب السواكني والشيخ إبراهيم الرشيد والشيخ عبد الرحمن الأهدلي مفتي زبيد والشيخ محمد عابد السندي صاحب الثبت في الأسانيد . له مؤلفات ومجالس علمية كالعقد النفيس في جواهر التدريس والصلوات والمحامد الثمانية . كان جامعاً بين الشريعة والحقيقة له الباع الطويل في جميع العلوم والشهرة التامة في علمي القرآن والحديث رواية ودراية كشفاً وتحقيقاً
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل السابع عشر :
كلمة السيد اليماني رضي الله تعالى عنه حول مناقب سيدي أحمد بن إدريس رضي الله عنه وبعض كراماته
قال ( ) صالح الجعفري : وقف سيدي محمد على اليماني خطيباً واعظاً ببلدة دنقلا بالسودان فقال : قد بلغني عن الثقات أن رجلاً وضع رطل لحم نيئ في جيبه وصلى الظهر خلف جدي السيد أحمد ابن إدريس رضي الله تعالى عنه ولما انصرف من الصلاة وذهب إلى بيته وضع اللحم على النار ليطبخه فمكث ساعات ولم يتغير اللحم عن حاله ، فرجع إلى السيد أحمد وأخبره بذلك فقال له : أما علمت أن من صلى خلفنا لا تحرقه النار ، ثم قال السيد محمد على اليماني بعد هذه القصة : يا اخوان الاستقامة خير من ألف كرامة من مثل هذه فعليكم بالاستقامة ما استطعتم ، وأن العبد الحقير سيسافر إلى اليمن ولكن إذا عاد إليكم سيعود على غير هذه الحالة إن شاء الله تعالى ، وأن المسجد الذي طلب مني أهل بلدة أرجو بناءه سيأتي أحد السادة الإدريسية ويساعدهم على بنائه ويتم بخير إن شاء الله تعالى ، وبعد سنتين من كلامه حضر السيد محمد عبد العالي الشريف رضي الله تعالى عنه وبنى لهم المسجد كما أخبرهم السيد اليماني بذلك
ومن كرامات سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه أن رجلاً يسمى عبد الرحمن كان مؤذنا بمسجد سيدي عبد الرحيم القنائي ، عنده ربيبة بالبيت تبلغ من العمر ست سنوات ، فضربها ذات يوم فأغمى عليها وفقدت الحياة وصاح النسوة إنها قد ماتت . فأخذت الرجل الدهشة فتسجى بثوبه ونام فسمع قائلاً يقول له : : قل (اللهم صل على سيدنا محمد الذي ما استغاثك به جائع إلا شبع ولا ظمآن إلا روى ، ولا خائف إلا أمن ، ولا لهفان إلى أغيث) . قال : فقلت هذه الكلمات في منامي ، فاستيقظت فسمعت النسوة يزغردن وقلن : إن الله قد أحيا فلانة : فسألت بعض الإخوان لي في الله تعالى عن هذه الصلاة فقال : هي لسيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه . قلت : وهذه الكلمات في آخر الصلاة الرابعة من الصلوات الأربعة عشر
ثم بعد نقل ما تقدم اطلعت على كراسة ألفها خليفته سيدي الشيخ إبراهيم الرشيد وسماها (عقد الدر النفيس) في بعض كرامات ومناقب شيخه سيدي أحمد بن إدريس ، وهي غير كتاب (العقد النفيس) الكبير المطبوع ، وها أنا أنقل ما فيها من الكرامات مما لم يتقدم ذكره في رسالة الشيخ إسماعيل النواب السابقة فأقول : قال : ومن كراماته رضي الله عنه أنه في بعض الأيام حضر مجلسه جماعة من العلماء الأعلام مع رئيس العلماء القاضي حسن أحمد عاكش ، وسألوه عن جملة من المسائل العلمية ، فأفادهم بما لا يخطر لهم ببال من المواهب من الملك المتعال ، ورجعوا إلى مقرهم وقالوا : كلام السيد هذا وجيه ولكن كنا نرجع كلام العلامة فلان والعلامة فلان . فقال لهم القاضي حسن : نحن وأنتم ندعو الله تعالى أن يبين لنا الحق معه أو مع من ذكرتم من العلماء ، فاستحسنوا ذلك ودعوا الله تعالى ورقدوا . وأرى الله للعالم السائل منهم أنه رأى رسول الله r في المنام وسأله عن المسائل التي اختلفوا فيها ، فقال يا رسول الله هل نتبع قول فلان ؟ فقال : اتبعوا من أقواله ما وافق الكتاب وسنتي حتى عدهم كلهم والنبي r يقول له : اتبعوا من أقواله ما وافق الكتاب وسنتي . ثم قال : يا رسول الله أتبع قول السيد أحمد بن إدريس ؟. فقال له عليه الصلاة والسلام هي كالمتعجب سبحان الله فهل لإبني أحمد من كلام ؟ إنما يتكلم بسنتي ويعبر بلساني . وأصبح الرجل فرحاً مسروراً ، وأخبر أصحابه وأتوا إلى السيد أحمد وذكروا له الرؤيا ، فقال : الحمد لله الذي أظهر لكم الحقيقة .
قال الشيخ إبراهيم الرشيد : ولما قدم رضي الله تعالى عنه إلى زبيد اليمن وأقام بها هرعت إليه أكابر سادات العلماء ، كالسيد عبد الرحمن مفتي زبيد وغيره وصاروا يترددون إلى مجلسه صباحاً ومساء ، ويسمعون منه الغرائب من العلم اللدني الذي لا يخطر لهم ببال ، ويسألونه عن المسائل العويصة ويجيبهم بما ينشرح إليه الصدر من الجواهر النفيسة ، فلما رأوا ذلك منه اتفق رأيهم على أن كل واحد منهم يكتب ما يراه صعباً من مشكلات التفاسير والأحاديث ويجعلونه في ورقة . قالوا : وأنت يا سيدي عبد الرحمن تتولى السؤال ونحن نسمع ، فإن أجاب سلمنا له . وحضروا بين يدي الأستاذ رضي الله تعالى عنه ، فأقبل عليهم وقال للسيد عبد الرحمن بطريق الكشف : أخرج ما عندك من الأسئلة وانظر أول سؤال وهو للسيد فلان ، وتكلم عليه بما يبهر العقول . ثم قال : السؤال الثاني هو للسيد فلان وهو كذا وكذا وتكلم بما لم يخطر على بال . وعلى السؤال الثالث وصاحبه وتكلم عليه بما يدهش العقول . وهكذا حتى استوفى جميع الأسئلة فتعجبوا من صدق كشفه كأنه معهم ، وغزارة علمه وأجوبته عن كل سؤال بلا كلفة ولا مشقة ، فأذعنوا له وعرفوا فضله رضي الله تعالى عنه ، وصاروا يأتون بعد العشاء ويسألونه عن تفسير بعض الآيات ، وجملة ما سألوه عنه تفسير قوله تعالى : (إن المسلمين والمسلمات) آية الأحزاب ، فجلس في تفسيرها أحد عشر يوماً مجلساً في الصباح ومجلساً في العشاء ، وفي كل مجلس يأتي بغرائب وعجائب لم تسمع قبل ذلك ، ثم التفت إليهم وقال لهم : لو أطال الله أعمارنا وصرنا نتكلم في تفسير هذه الآية إلى يوم القيامة وكان مجلس فيه شئ جديد لفعلنا ذلك . فصدقوه ودونوا جميع ما تكلم به
قال الشيخ إبراهيم الرشيد : ومما حكاه لنا رضي الله تعالى عنه واقعتان وقعتا له في ابتداء أمره في المغرب قال : كنت ذات يوم أمشي في السوق ومعي جماعة . مرت علينا جماعة من الشرطة محتاطين بواحد مشدود الوثاق لا يمكن خلاصة منهم ، فقال الشيخ لبعض جماعته : هل لمثل هذا في نظركم مخرج من بين هؤلاء ؟ فقالوا : لا . فقال لهم : انظروا كيف تصريف الله تعالى وخرق العادة ، والتفت إلى الشرطة وقال لهم : اهدءوا فخرجت القيود والأغلال من الرجل ، وتفرقت الشرطة عنه ، ومضى لسبيله وكان مظلوماً . والواقعة الثانية أنه خرج رضي الله تعالى عنه إلى باب مدينة فاس ، فرأى الشرطة على الباب والمكاسين يأخذون من الفقراء الداخلية مما معهم من أثمار البساتين التي تسقط ويأتون بها لعيالهم وضعفائهم ، فضج الفقراء من ذلك وقالوا : لعلنا نجد معيناً أو شافعاً ، فلما رأى الشيخ رضي الله تعالى عنه ما بهم قام حسبة لله تعالى وقال : ائتوني برجل منكم شجيع يبلغ الخبر للملك كما آمره ويرد لنا الجواب ن فقام رجل من الحاضرين وقال : أنا أذهب إلى الملك فقال : قل للملك : واحد يقول لك ولا تسمني : الأمر الذي جعلته على ضعفاء المسلمين اتركه ولك في تركه خير ، وإن لم تتركه تنظر ما يحصل لك . فوصل الرجل إلى السلطان فأخبره بكلام الشيخ ، فطأطأ رأسه ورفعه وقال للرجل : من هذا الذي أرسلك ؟ فقال له : أمرني أن لا أخبرك باسمه ، فقال له : قل : قد أعطيتك مطلوبك وتركت للناس حالهم كما أمرت ، وأنا عندي حاجة وهي أن القبيلة الفلانية خرجت من طاعتنا ، وجهزنا عليهم جيوشاً كثيرة ولم نظفر بهم ، وحاصل منهم فساد كثير . ولا يصلحون إلا بدخولهم تحت طاعتي . فرد عليه الشيخ مع الرجل أن قل للملك : قد أعطيناك ذلك . فلم يلبثوا أن أقبل كبراؤهم وعرفاؤهم وطلبوا الصلح من السلطان ودخلوا تحت الطاعة
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : إني كنت في بلادنا أي بلاد السودان أطلب العلم بين يدي والدي القاضي صالح الرشيد ، فجاء أخ لي أكبر مني يقص رؤيا رآها على الوالد ، وكان للأخ امرأة توفيت في تلك الأيام فقال : رايتها في المنام وسألتها : ما فعل الله بك بعد قدومك عليه ؟ فقالت : جمعنا الله سبحانه وتعالى نحن والأموات جميعاً بين يديه وقال لنا : أنتم حضرتم زمن عبدي أحمد بن إدريس فسامحتكم جميعاً من أجله . هذا ما سمعته من الأخ قد حكاه في مجلس الدرس بين يدي والذي ونحن في بلاد السودان وسيدي أحمد رضي الله تعالى عنه بأرض اليمن ، ولم نكن أخذنا عنه الطريق ولا رأيناه ، بل كنا قد سمعنا به سماعاً ووصل إلينا صيته . وبعد ذلك جمعنا الله تعالى به ، وأخذنا عنه الطريق ، وجلسنا بين يديه وأخبرته بقصة المرأة المذكورة وقلت له : هل هذا الأمر صحيح ؟ قال : نعم
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : وحكى لي بعض الإخوان من الأكراد أنه كان في السياحة قال : فاتفق في بعض الأيام وأنا في البراري والقفار ، إذ اشتد على الحر حتى أشرفت على الهلاك ، فعمدت إلى شجرة هناك بقرب الطريق ، فهيأت لي مضجعاً وقلت : هذا هو القبر ، ثم تذكرت أن الشيخ سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه قال لنا : إن مريدي إذا ناداني وهو بالمغرب وأنا بالمشرق أو عند جبل قاف أجيبه ، وإن كان صادقاً سمع الرد والجواب ، والإجابة له بلبيك . فقلت : يا سيدي أحمد أدركني فأنا على ما تراني من الهلاك عطشا ًوجوعاً ، وكنت مستلقياً على وجهي وطرف الثوب على ظهري ، فسمعت حركة شئ وضع في الشجرة ، فرفعت الثوب عن وجهي ، فرأيت بين أغصان الشجرة شيئاً مثل البطيخة وعليها رغيفان كبيران ، فقلت في نفسي تخيلات فمن يأتي بالرغيفين والبطيخ في هذا الموضع ؟ فوضعت الثوب على وجهي وأيقنت بالموت ، وبقيت متردداً في كون هذا خيالاً أو حقيقة وكشفت الثوب عن وجهي ، ونظرت فإذا بالبطيخة والرغيفين ، فقمت إليهما وإذا هما كأنهما أخرجا من التنور الآن والبطيخة من أطيب ما يكون . فأكلت حتى شبعت ، ورويت من ماء البطيخة ، وسرت حتى وصلت إلى أرض العمران ، وذلك ببركة الأستاذ رضي الله تعالى عنه
وقال : وحكى لي هذا الأخ الكردي أنه سافر مرة مع جماعة ، فبينما هم في فلاة من الأرض خرج عليهم سبع فجعلوه من الجهة التي فيها السبع ، وهم خلفه ورقدوا ، فأتاه السبع ، فلما شمه ولى هارباً مثل المطرود ورجع إلى غابته
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه كانت لواحد من أصحابه المغاربة امرأة مسيئة ، فضربها مرة ضربة شديدة فماتت ، فخاف على نفسه من الحكام ، فأتى في الليل حتى طرق الباب على الأستاذ رضي الله تعالى عنه فأخبره بذلك ، فقام الشيخ معه إلى أن أتى المرأة فوجدها ميتة وقال لزوجها : نحن نتوجه إلى الله تعالى في كشف هذا الكرب ، وأنت استر ما ترى . فجعل الشيخ عصاه على المرأة فأحياها الله تعالى ، وعاشت بعد ذلك ما شاء الله أن تعيش
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن أمر بعض الإخوان بالتوجه إلى الصعيد ومعه جماعة أمره عليهم عملاً بالسنة ، فنزلوا إلى جدة وتعسر عليهم الحال من عدم الزاد والمصاريف ، فرأى أميرهم في منامه سيدي أحمد وأنه أعطاه كتاباً وقال له : خذه وسافر على بركة الله تعالى ، فجعله في جيبه ، فلما أصبح تذكر الرؤيا فقصها عليهم ، ومد يده إلى جيبه فوجد الكتاب فأخرجه فوجده مكتوباً (رب يسر ولا تعسر ، رب تمم بالخير يا كريم) ففرح الإخوان بذلك وفرج الله تعالى عنهم ، وتيسرت لهم الأمور على أحسن حال ، وسافروا على بركة الله تعالى
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن بعض أصحابه قال يوماً وهو في المدينة المنورة جالس مع بعض الإخوان المحبين وكان هو من العارفين قد نظر إلى السماء رأى عصافير ، فقال لمن حضر من الإخوان : لو دعوت هذه العصافير باسم سيدي أحمد لأجابت ، فتساقطت كلها بين يدي الحاضرين ، فمات بعضها وطار البعض
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كرامات سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه ما وقع قبل وصولنا إليه ونحن بمكة قد أتينا للحج وهو باليمن ن فبعد فراغنا من الحج أصابني مرض شديد حتى أني لا أستطيع القيام لقضاء الحاجة ، فخشيت من الموت على هذا الحال ، فتضرعت إلى الله تعالى أن أظفر بشيخ كامل يعرفني بالله تعالى المعرفة الخاصة وبرسوله r حتى أموت على معرفة تامة ، فتوسلت بسيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه ، فبمجرد ما غمضت عيني للنوم رأيت سيدي أحمد بن إدريس جاء إلى وأنا مضجع على سرير فوقف عندي وقال لي : دواؤك أن تجعل بين جلدك ولحمك ماء زمزم . فقلت له : يا سيدي أنا مريض وأنت افعل لي ، فالتفت وقد حضرت عندي قربة من ماء زمزم على ظهر سقا ، فلما وصل عندي سيدي أحمد خرق الجلد في خصيتي ووضع رأي القربة في ذلك المحل ، فصار لها دوى في بدني كدويها في الدوارق إلى أن حصلت كلها في ذاتي ، وسال مني شئ كثير من العرق حتى نزلت تحت السرير ، فاستيقظت وأنا أجد لي قوة إلى القيام والمشي على رجلي إلى أي مكان ، فحصلت لي العافية ببركة الأستاذ
وبعد أيام حصل لي مرض شديد فتوسلت بالشيخ رضي الله تعالى عنه ، فرأيته في المنام في خيمة عظيمة في محل مرتفع وهو وحده فسلمت عليه ، وقال لي : اجلس فجلست أمامه فقال لي : أنت خائف من الموت . قلت له : نعم ، فأخذ ورقة وكتب فيها سطرين :
الأول : ما تموت حتى يكون عمرك ثمانين سنة
والسطر الثاني : ما تموت حتى تكون من أكابر العارفين بالله تعالى . وأعطاني الورقة وقال لي : اقرأها فقرأتها فحمدت الله تعالى على ذلك . ثم تذكرت أني لم أر النبي r فذكرت ذلك للأستاذ فقال لي : اجلس نوريك فرأيت في يده شيئاً يطوي فيه الغزل وأنا صرت في مثال كيفية الغزل ولا أرى نفسي إلى غزلاً ، وخرج مني خيط وجعله في ذلك الشئ وطوي مني نصيباً ، فظهر لي شخص فإذا هو على كرم الله تعالى وجهه ، ثم طوي ما شاء الله تعالى فظهر شخص ثان فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه ، ثم طوى نصيباً فظهر لي شخص ثالث فإذا هو عمر رضي الله عنه ، ثم طوى ما شاء الله فظهر شخص رابع فإذا هو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه . وأنا بقيت ضعيفاً جداً مثل الصبي الذي يرضع ، ثم طوى نصيباً فظهر لي النبي r ، فاستيقظت من نومي فرحاً مسروراً بهذه الرؤيا
وبعد انقضاء الحجم توجهنا إلى اليمن ، واجتمعنا بالأستاذ رضي الله تعالى عنه في مدينة صبيا المباركة في أرض اليمن في ابتداء سنة 1248هـ
وفي أول ليلة من قدومنا عليه ونحن بحكم الضيافة فبمجرد ما غمضت عيني أطلق على بحر من نور عظيم أغرقني واستولى على فلم استطع الخروج منه حتى كدت أن أهلك من شدة تراكم الأنوار على ، فاستيقظت من نومي وجسدي يضطرب . وفي اليوم الثاني أخذنا عنه الطريق . وعلمت أن لهذا الشيخ أمراً عظيماً فبعد أخذنا الطريق عنه وانتسابنا إليه قال : إ، أنا طريقي ما عندي كون يترقى فيه المريد إلى أن يصل إلى مقصوده الأعلى وهو ليس وراء الله مرمى (وأن إلى ربك المنتهى) بل ما تحط قدمك إلا عنده في حضرته
قال سيدي إبراهيم الرشيد : والحمد لله تعالى حصل لنا منه المدد الذي لا يدخل تحت حصر العبارة وهو مصداق قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ن ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر) فإذا واجهك الكريم بفضله فلا راد لحكمه ، وربك فعال لما يريد
قال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه اتفق لي ذات يوم وأنا أقرأ في أحزاب التجليات أن جاءني من نفحات الجود وتجليات المعبود ما يوجب الاستهلاك من السحق والمحقق والفناء المحض إلى أن ألجأني إلى عدم الإدراك ، وبعد مدة من الزمان أتتني القوة والشعور بالموجودات وبقي كل عضو من الأعضاء بل كل جزء من الأجزاء فيه ألم عظيم من تجليات الجلال ، وفي كل ساعة أنتظر خروج الروح في آخر الليل مع تمام اليوم إلى الليلة الثانية ، فخطر لي أن أخبر الأستاذ بذلك الأمر ، فأرسلت إليه واحداً من الإخوان يحكي له القصة وأنا مشرف على الهلاك وأن يقول له : أنا مشرف على الهلاك إذا لم تدركني بنظرة تخرجني من الجلال إلى الجمال ومن الفناء إلى البقاء ، فأرسل مع الرسول قل له : يقول لك (كان) . فوصل عندي الرجل وأنا لا استطيع القيام ، فبمجرد ما قال لي : يقول لك الشيخ (كان) ذهب عني الألم جميعه ووقفت من ساعتي ، وصرت كأن لم يكن بي شئ قط ، وحمدت الله تعالى وعرفت أنه متحقق بما قال السادة الصوفية : (أول الطريق جنون ، وأوسطه فنون ، وآخره كن فيكون)
وقال سيدي إبراهيم الرشيد : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن شخصاً اشترى لحماً ووضعه في ثوبه وأدركته الصلاة فصلى معه رضي الله تعالى عنه ، وبعد انقضاء الصلاة ذهب بلحمه إلى بيته ووضعه في القدر وأوقد عليه النار فلم تؤثر فيه شيئاً ، فأكثر عليه من النار فلم تفد فيه شيئاً فأخبر بذلك الشيخ رضي الله تعالى عنه فقال : نحن بشرنا أنه من صلى معنا لم تمسه النار
وقال : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أنه ركاب بغلته انكسر فأمر خادمه بإرساله إلى الحداد ليصلحه ، فوضعه في النار مراراً فلم تؤثر فيه شيئاً ، فرجع إلى الشيخ فأخبره بذلك فقال له الشيخ : أنا عبد من عبيد الله أكرمني الله بأنه من جاورني لم تحرقه النار ، فكيف بمن جاوره في بلده الأمين . وكان رجل بالمجلس لا يرى للجوار أثراً فانقطع من هذه الواقعة وعرف فضل ومراعاة الجيران
قال : ومن كراماته رضي الله تعالى عنه أن واحداً من مريديه مات بمكة المشرفة زادها الله شرفاً ودفن بالمعلاة ، وكان رجل من أهل الكشف منور البصيرة من الإخوان واقفاً عنده حين الدفن ، فرأى سيدنا عزارئيل عليه السلام أتى بفرش من الجنة وسرج عظيمة ، ووسع القبر مد البصر ، وفرش للميت المذكور ووضع له السرج ، قال الرائي في نفسه : ليتني إذا مت يكرمني ربي بمثل هذه الكرامة ، فالتفت إليه سيدنا عزرائيل عليه السلام وقال له : كل واحد منكم له مثل هذه الكرامة ببركة الصلاة العظيمية المنسوبة للأستاذ سيدي أحمد بن إدريس . وهي قد تقدم ذكرها
أوصاف سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه
قال سيدي إبراهيم الرشيد : وأما أوصاف سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه : (فهو طويل القامة ، أبيض اللون ، مشرب بحمرة ، نحيف الجسم ، واسع العينين ، طويل الوجه ، أزج الحاجبين ، في شعره شيب ، توفي سنة 1253هـ ودفن بمدينة صبيا من أرض اليمن ، وضريحه فيها مبارك ميمون . فرحمة ربي تغشاه إلى يوم يبعثون)
قال ( ) صالح الجعفري (رضي الله عنه) : وقد رأيت بفضل الله تعالى سيدي أحمد بن إدريس في المنام مراراً فإذا هو (أشبه الناس به حفيده السيد محمد الشريف رضي الله تعالى عنه
والوصف الذي وصف سيدي إبراهيم الرشيد ينطبق على السيد محمد الشريف شيخي ن فإنه كان طويل القامة ، ابيض اللون ، واسع العينين ، طويل الوجه ، بشعره شيب ، وكثيراً ما أراه يلبس عباءة حمراء) . قلت : وينبغي للمريد أن يعرف أوصاف شيخه ليتخيله عند قراءة أوراده ، ويدعو الله تعالى له ويملأ قلبه من محبته ، فيتسبب له من ذلك رؤيته في النوم وهي من أعظم طرق الإرشاد عند السادة الصوفية ، فإن الأولياء أحياء عند ربهم كالشهداء ويسمون شهداء المحبة ، ولم ينقطع إرشادهم بعد موتهم لأرباب القلوب بين مريديهم الذين صفت قلوبهم ، واتصلت أرواحهم ، واستنارت أنفسهم ، ويجدون بذلك فتحاً عظيماً
سمعت عن بعض المشايخ من علماء الأزهر أن طالبين كانا يذاكران في شرح الشيخ الخرشي المالكي فتوقفا في جملة ، فذهب أحدهما إلى الميضأة ، ونام الثاني ، فرأى في منامه الشيخ الخرشي وأخبره بشرح الجملة ، فلما استيقظ كتبها قبل حضور صاحبه ن فلما حضر صاحبه قال له : أنا فهمت المسألة وقرأها عليه ن فأنكر عليه صاحبه وقال له : هذا الكلام ليس منك . فقال له : نعم جاءني الشيخ في منامي الآن وأخبرني بها
ومن إرشادات سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه في المنام أنني رأيته وعمري نحو خمسة عشر سنة فقال لي : قد أجزتك بجميع أورادي ، وإن قراءاتك للأحزاب تذكرك القرآن . ثم رأيته مرة أخرى وقد حصل لي فرح في بدني وأنا ببلدي فقلت له : أين أنت ؟ فقال لي : الله معك . اقرأ فقه المذاهب الأربعة . فلما أصبحت قصصت الرؤية على شيخ لي ، فقال : إن صحت رؤيتك فتأويلها أنك ستذهب إلى الجامع الأزهر ، وقد حقق الله تعالى تلك الرؤية . ورأيته مرة يقول لي : لا أرضى أن تأخذ عهداً غير عهدي ، ولكن اقرأ بردة البوصيري ، وأجازني بعض أحزاب المشايخ
ومن أعجب ما رأيت منه رضي الله تعالى عنه وأنا بالجامع الأزهر ذلك أن قلبي تعلق بشيخ من العلماء تعلقاً كثيراً ، فلما مات حزنت عليه ، وفي يوم قرأت له الفاتحة قبل النوم ، فلما نمت رأيت نفسي بمسجد سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنه ، ورأيت رجلاً جالساً على الكرسي الذي كان يجلس عليه الشيخ الذي مات وهو يدرس والناس حوله كثيرون ، فجئت وجلست في حلقة الدرس ، فلما قضي الدرس جاء الناس يسلمون على الشيخ فسألت أحد الناس من هذا ؟ فقال لي : هذا الشيخ أحمد بن إدريس ، فتقدمت لأسلم عليه بعد أن وقف فإذا هو رجل أبيض مشرب بحمرة عليه عباءة حمراء ، فلما سلمت عليه وقبلت يده نظر على بغضب ، وفتح عينيه وخاطبني بلهجة المغاربة لأهل فاس بقوله (الطريق كالمسمار – الطريق كالمسمار)
فلما استيقظت من منامي علمت منه أنه يحب مني أن لا أقدم عليه هذا الشيخ الذي تعلق قلبي به وجلس في مكانه وقرأ الدرس ليعلمني أنه عالم ، فإن أحببت الشيخ الأول لعلمه فها أنا عالم . وقد أرشدني الله تعالى بهذه الرؤيا ووجه قلبي إلى شيخي ، وعرفني ربي منزلته حتى لا يميل القلب إلى شيخ سواه
فهنيئاً لمن أحبوه وعرفوه ونحواً نحوه وصاروا على طريقه ، فإنه على القدم الراسخ الذي لا تزلزله شبهة بوجه من الوجوه
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل الرابع عشر :
ما كتبه السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه
ومما كتبه ختم أهل العرفان سيدنا ومولانا السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه قال : أخذنا الطريقة النقشبندية عن شيخنا العارف بالله سيدي أحمد بن إدريس ، وهو ولد بالمغرب في أواخر القرن الثاني عشر بقرية يقال لها القارة من أعمال فاس ، وهو شريف إدريسي أخذ العلم ببلدة فاس ، وكان له مهارة في علوم الظاهر أخذها عن جملة علماء : منهم سيدي العارف بالله الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي محمد المجيدري وأخذ عنه الطريق الشاذلية والحزب السيفي وأخذه عن قطب الجان سيدي محمد الققاوي وهو عن سيدي على بن ابي طالب كرم الله تعالى وجهه ، وأخذ الحقير الحزب المذكور عن سيدي أحمد وعن الفقاوي وعن سيدنا على ، وأخذت عن السيد أيضاً الطريقة الشاذلية ، وأخذ الطريق الشاذلية سيدي أحمد عن شيخ إرشاده وتربيته سيدي عبد الوهاب التازي ، وكان هو غوث وقته ، صبحه سيدي أحمد أربع سنوات ففتح الله عليه وألحقه بمن عنده
وما توفي سيدي عبد الوهاب التازي إلا وقد صار سيدي أحمد من أهل الأحوال العظيمة لأنه ذكر لي أنه شاهد النبي r يقظه يوم وفاة سيدي عبد الوهاب . ثم قال لي : نظرت إلى أكبر من كان من الأولياء في المغرب فكان سيدي أبا القسام الوزير وكان من الأفراد وكان يقول : أنا لا أحس بحركة الكون من عرضه إلى فرشه إلا كحركة البعوضية وذلك لغيبته في الله . وكانت صحبة سيدي أحمد له أربع سنوات قال : كنت أتردد عليه كل يوم صباحاً ومساءً في المدة المذكورة أجلس عند باب داره فإن خرج إلينا يخبرنا بما لاح في ضميرنا ، أو دخل إنسان إليه فيخبره بما لاح في ضميره وسره ولا نحن في مكاننا ، أو خرج أحد من عنده فرآنا فعاد فيخبره فيخرج إلينا ويتكلم معنا في بعض أسرار القوم ومقاماتهم وإن لم يخرج عندنا إلى مكاننا ، ويقول : المعاملة مع الله تعالى ، فانظر إلى حسن هذه الآداب وحال القوم مع مشايخهم . قال سيدي أحمد : وكان في يوم من أيام اجتماعي بالشيخ أن قال لي : يا أحمد كان لي صاحب من الأبدال من السودان ، فجاءني ليلة بالخطوة فقال : اخرج معي إلى خارج البلد فخرجت معه فقال لي : اجلس هنا ، وذهب وغاب عني إلى آخر الليل وقال لي : يا فلان إنه سيظهر هناك قريباً رجل اسمه أحمد بن إدريس طالب علم ، وأنا ألقى إليك علوماً فأخبره بها إذا جاءك . قال سيدي أحمد : لما أخبرني بذلك قلت له : هل تأذن لي أن أخبركم بذلك قبل أن تكلمني ؟ قال : أذنت لك . قال سيدي أحمد : فقلت له كذا وكذا إلى آخر تلك الأسرار فقال لي : هي ما تركت منها شيئاً
ثم توجه سيدي أحمد إلى الحجاز وجاور بمكة مدة سنوات من عام إحدى عشر إلى عام ثمانية وعشرين من القرن الثاني عشر ، وفي هذه المدة صحبته وفتح الله تعالى علي ، ثم توجه إلى الصعيد من إقليم مصر وأقام بها نحو ست سنوات أو سبعاً بقرية يقال لها الزينية . ثم عاد إلى مكة وأقام بها إلى عام ثلاث وأربعين . ثم توجه إلى اليمن وأقام به عشر سنوات ، وتوفي بقرية يقال لها صبيا عام ثلاث وخمسين ليلة الثاني والعشرين من شهر رجب . وتولى الغوثية وفي رأسها مات . وكان أوحد وقته علماً وحالاً ، لم أر في وقتي مثله مع أني رأيت جملة أغواث أقطاب : منهم سيدي عبد الله القندقلي . وسيدي أحمد أبو الربيع وسيدي محمد جامع وآخرين وسيدي عبد الله المتولي الآن ، فما رأيت في هؤلاء مثله أحداً في المعرفة ولا في سعة الحال وصون الوقت وعلو الهمة ولا في غيرهم من كبار الأفراد الذين رأيتهم . ولقد رأيته في أواخر مدة إقامته بمكة يماً وهو جالس بجانب باب البسطية من المسجد الحرام ونظرت في عظم حاله والأنوار التي كانت عليه ، فكنت أرى أنه يخرج من لحيته الكريمة نور سري نور شعرة منها في الدنيا لصار أهلها أولياء . وأخذ الطريق النقشبندية عن شيخ إرشاده المذكور . وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث سيدي عبد العزيز الدباغ وهو أخذ سلوكه عن الحضر عليه السلام . وسند الطريقة النقشبندية عن شيخ إرشاده المذكور . وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث سيدي عبد العزيز الدباغ وهو أخذ سلوكه عن الخضر عليه السلام . وسند الطريقة النقشبندية الذي عن سيدي عبد الوهاب غير سنده عن الدباغ
ويقول سيدي الختم سيدي محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه : كنت أتردد على شيخ لي يسمى الشيخ أحمد بناه المكي في تلك الأيام . فقال لي : إن تتميم أمرك على يد السيد أحمد بن إدريس الإمام وكان ذلك ابتداء اجتماعي في تلك الأيام بأستاذنا ذي التقديس مولانا العارف بالله السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه وصار لي على يده ما فتح الله تعالى به
ثم قال الختم : اجتمعت بالعارف بالله تعالى الولي العالم العام مفتي زبيد الأهدل سيدي ومولاي السيد عبد الرحمن بن سليمان رضي الله تعالى عنه ، وأخذت منه بعض الأوراد بفضل المنان ودلني على مرشدي سيدي السيد أحمد بن إدريس وقال لي : إنه حصل لك منه الدر النفيس وكان هذا يعتني بي ويحبنى كثيراً ويقول لوالدي ما معناه : إنه يجئ منه خير كثير ، وجمع بيني وبين أستاذي سيدي أحمد بن إدريس فصحبته وفتح الله تعالى لي على يده . غمر الله ضريحه بالنور آمين
قلت : وللسيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه مناقب عظيمة لشيخه السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه وهي لم تطبع حتى الآن ، وقد نقل منها شيئاً يسيراً السيد اليماني ، وقد نقل في أول هذا الكتاب . وللختم قصائد في مدح شيخه ابن إدريس وقد طبعت
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل الخامس عشر :
ما كتبه السيد عبد الرحمن الأهدل رضي الله عهنه
هذه نبذة ملخصة من سيرة سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه مما كتبه مفتي الأنام وشيخ الإسلام تلميذه السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدلي مفتي زبيد باليمن رحمه الله تعالى
قال : هو سيدنا ومولانا وفخرنا وملجؤنا وسندنا وذخرنا السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه من السادة الأدارسة المشهورين ببلاد المغرب . فهو شريف حسني من نسل سسيدنا ومولانا الحسن بن على بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ورضي الله تعالى عنه
مولده بلدة عرايش على ساحل بحر المغرب من أعمال مدينة فاس اشتغل من أول عمره مدة سنين بتحصيل العلوم الظاهرة إلى أن برع فيها ببلدة فاس ، وأذن له بالتدريس من أساتذته الأكياس وصار يدرس فيما شاء الله ، وكان من جملة من يحضر في درسه أحياناً شيخه عبد الوهاب التازي رضي الله تعالى عنه قبل أن يأخذ عنه ، حتى كان سيدي عبد الوهاب يقول لسيدي أحمد بعد انقطاعه إليه وكمال تأدبه بالحضور بين يديه: أين تلك الهدرة يا أحمد ؟ يشير بذلك إلى هدرة التدريس
وأما طريقته رضي الله تعالى عنه فسماها العارف بالله تعالى السيد محمد السنوسي رضي الله تعالى عنه في كتابه (المنهل الروى الرائق في أسانيد العلوم وأصول الطرائق) الطريقة المحمدية ولفظه وأروى الطريقة المحمدية من وجوه أعلاها ما أخذنا عن شيخنا قطب العارفين وإمام المحققين مولانا أحمد بن إدريس عن شيخه العارف بالله السيد عبد الوهاب التازي عن شيخه العارف بالله تعالى السيد عبد العزيز بن مسعود الدباغ الفاسي عن سيدنا ومولانا أبي العباس الخضر عليه السلام عن النبي r ، وهو من أعالي الأسانيد القليلة الوجود ، وهذا باعتبار اجتماع الخضر عليه السلام بالنبي r حال حياته كأخذ سائر الصحابة عنه ، وأخذ السيد عبد العزيز عنه كأخذ التابعين عن ثابت الصحبة من معاصري النبي r وهلم جرا ، فتكون الوسائط بيننا وبين النبي r أربعة . ولله الحمد وله الشكر . وأما الأخذ عنه والاجتماع به r يقظة ومناماً بعد موته صلى الله عليه وسلم فقد حصل لكل من مشايخ السند الثلاثة بل لم يكن لكل منهم في آخر أمره معول في شئ إلا عليه ولا رجوع إلا إليه صلى الله عليه وسلم ، وفيه أيضاً أن شيخنا أبا العباس العرائشي أخذ في أول أمره عن شيخه أبي المواهب التازي ولقنه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقنه إياها قائلاً : لا شئ أنفع للعبد من (لا إله إلا الله محمد رسول الله)
وفيه أيضاً وأما شيخنا أبو العباس العرائشي فكان له في ذلك أي الاجتماع به صلى الله عليه وسلم القدم الراسخ كشيخه أبي المواهب التازي وشيخ شيخه الدباغ ، وشرح أحواله معه صلى الله عليه وسلم لا يمكن استيفاؤها إذ كان آخر أمره بل أوله وأوسطه ليس له معول إلا عليه ولا رجوع في شئ إلا إليه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم . وأما عنوانها فعنوان الطريقة الشاذلية رضي الله تعالى عن أصحابها لأن تسليكهم بالتهليل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار والأدعية والأحزاب المحتوية على أنواع الالتجاءات والافتقار والتضرع والاضطرار كما قال صلى الله عليه وسلم : (الدعاء مخ العبادة) ، والدعاء هو العبادة ، وطريقة سيدنا أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه يسيمها أحمدية نسبة إلى ذاته قدس الله تعالى سره لما قد خصه صلى الله عليه وسلم بها وبأذكارها الجامعة وأحزابها ومشاربها الواسعة ، حتى قال قدس الله تعالى سره كما سمعناه من شيخنا مراراً : (ما يعرف أحدكم مقدار طريقتي إلا إذا أغمضت عينه الرجال إيش حطوا له) . وكان رضي الله تعالى عنه يقول (لكل نبي دعوة مجابة ، ولكل ولي له عند نبيه صلى الله عليه وآله وسلم طلبة مقبولة) لما جاء وقتها سألته صلى الله عليه وسلم أن يتولى أصحابي بذاته الخاصة في الإمداد فقال : من انتمى إليك فلا أكله إلى ولاية غيري ولا إلى كفالته بل أنا وليه وكفيله ، وكان قدس الله تعالى سره يبني على هذه المقالة ويذكرها للمريدين عند سؤالهم منه ويقول : (قد حولناكم على من هو أحسن منا وقبل الحوالة ، فتوجهوا إليه وأعرضوا سؤالكم وحاجتكم عليه) وكان يقول : طريقتي ما فيها إلا كون القدم الأول هاهنا والثاني عند الله)
ومما يستأنس به هاهنا ما حكاه الشيخ الشعراني عن شيخه على الخواص من قوله : (جميع أبواب الأولياء قد تزحزحت للغلق وما بقي الآن مفتوحاً إلا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلوا كل ضرورة حصلت لكم به صلى الله عليه وآله وسلم) . ومن قوله : (لا يكمل الفقير في باب الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يصير مشهوداً له في كل عمل مشروع ويستأذنه في جميع أموره من أكل ولبس وجماع ودخول وخروج ، فمن فعل ذلك فقد شارك الصحابة في معنى الصحبة) ، ومثله قول الشاذلي رضي الله تعالى عنه : (حقيقة الإتباع أن تشهد المتبوع عند كل قول وفعل)
وكان طريقة سيدي عبد الوهاب هذا أولاً شاذلية ناصرية وشيخه سيدي محمد بن زيان القندوسي عن شيخه مبارك بن عدي الغيلاني عن سيدي محمد بن ناصر الدرعي عن سيدي أحمد بن على الحاجي الدرعي عن شيخ الشيوخ سيدي أبي القاسم الغازي المتوفي سنة إحدى وتسعين وتسعمائة هجرية بسنده الشهير إلى شيخ المشايخ سيدي أحمد زروق إلى الشاذلي رضي الله تعالى عنه . وطريقة ساداتنا بني ناصر أشرف الطرق الشاذلية بالمغرب ولا يسمحون بها إلا للعلماء ، وله إجازات كثيرة في أكثر الطرق عن مشايخ وقته ، ثم أنه رضي الله تعالى عنه لازم سيدي عبد الوهاب مدة سنين إلى أن توفي رضي الله تعالى عنه في أوائل العشر العاشر من القرن الثاني عشر ، ثم توجه رضي الله تعالى عنه إلى بلاد المشرق قاصداً مكة المشرفة ، وكان وصوله لمصر في سنة ثلاث عشرة من القرن الثالث عشر ، ثم وصل مكة المشرفة ومكث فيها نحواً من ثلاثين سنة ، وذهب إلى صعيد مصر مرة أو مرتين يذكر الإخوان في تلك المدة ، وإلى المدينة المنورة والطائف مراراً عديدة
ثم أمر رضي الله تعالى عنه بالتوجه إلى اليمن سنة ألف ومائتين وأربعة وأربعين هجرية ومكث بزبيد ، ومر على مخا وغيرها من بلاد اليمن ، ثم أقام بصبيا قرية شهيرة عند ابي عريش ، ومكث فيها نحواً من تسع سنين وتوفي بها إلى رحمة الله تعالى ورضوانه سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف من القرن الثالث عشر وله بها إلى الآن ذرية صالحة . وبالجملة كان جامعاً بين علمي الظاهر والباطن وله الباع الطويل فيهما ، وله بها المعرفة والشهرة التامة في علمي القرآن والحديث رواية ودراية كشفاً وتحقيقاً ، أذعن بفضله الخاص والعام وأخذ عنه العلماء الأعلام والجهابذة الكرام ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله . وأمد في طريقه ما تعاقب الملوان آمين
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا أحمد بن إدريس
الفصل السادس عشر :
ما كتبه الشيخ مخلوف في كتابه
" شجرة النور الذكية في طبقات المالكية "
ومما كتبه العلامة الجليل الأستاذ الشيخ محمد بن محمد مخلوف في كتابه " شجرة النور الذكية في طبقات المالية " في الجزء الأول صحيفة 396 عند ذكر علماء فاس من المالكية في عدد الرتبى رقم 1580 ما نصه : أبو العباس أحمد بن إدريس الشريف الإدريسي الحسني القطب الغوث العارف العامل الفرد الهمام الكامل بقية السلف وقدوة الخلف خاتمة العلماء المحققين والأئمة العارفين ولد بقرية بالقرب من فاس يقال لها مييسور . نشأ من صغره مجبولاً على الاجتهاد في طلب العلوم فأخذ علوم الظاهر عن أكابر علماء عصره حتى صار في أوان شبابه إماماً في علوم الظاهر
وأخذ طريق السادة الشاذلية عن الأستاذ الشيخ عبد الوهاب التازي عن الشيخ أبي العباس أحمد الصقلي عن الشيخ مصطفى البكري وهذه الطريقة شاذلية خلوتية وأخذ أيضاً عن الشيخ أبي القاسم الوزيري الغازي وغيرهما من أجلاء المغرب . وارتحل من فاس سنة 1213هـ إلى الأقطار المصرية وأخذ بالصعيد عن الشيخ محمود الكردي وغيره ، ثم ارتحل للأقطار الحجازية ومكث بمكة أربع عشرة سنة . ثم رجع للأقطار المصرية ومكث بالصعيد خمس سنين . ثم رجع لمكة وأقام بها اثنتي عشرة سنة . ثم انتقل إلى الأقطار اليمنية وأقام بها تسع سنين إلى أن توفي هناك سنة 1253هـ له كرامات لا تحصى أفردها بعض العلماء بالتأليف . أذعن له علماء اليمن واعترفوا له بالولاية وأخذوا عنه جميعاً طريق القوم . وأخذ عنه أيضاً أجلاء وقته من فضلاء العلماء والسادة في سائر الأقطار كالأستاذ الشهير العلامة الفاضل الشيخ محمد بن السنوسي صاحب الجبل الأخضر والأستاذ القطب العارف الأكب الشيخ محمد حسن ظاهر المدني والشيخ عثمان الميرغني والشيخ المجذوب السواكني والشيخ إبراهيم الرشيد والشيخ عبد الرحمن الأهدلي مفتي زبيد والشيخ محمد عابد السندي صاحب الثبت في الأسانيد . له مؤلفات ومجالس علمية كالعقد النفيس في جواهر التدريس والصلوات والمحامد الثمانية . كان جامعاً بين الشريعة والحقيقة له الباع الطويل في جميع العلوم والشهرة التامة في علمي القرآن والحديث رواية ودراية كشفاً وتحقيقاً
اللهم ارض عن القطب النفيس
مولانا السيد أحمد بن إدريس
الفصل السابع عشر :
كلمة السيد اليماني رضي الله تعالى عنه حول مناقب سيدي أحمد بن إدريس رضي الله عنه وبعض كراماته
قال ( ) صالح الجعفري : وقف سيدي محمد على اليماني خطيباً واعظاً ببلدة دنقلا بالسودان فقال : قد بلغني عن الثقات أن رجلاً وضع رطل لحم نيئ في جيبه وصلى الظهر خلف جدي السيد أحمد ابن إدريس رضي الله تعالى عنه ولما انصرف من الصلاة وذهب إلى بيته وضع اللحم على النار ليطبخه فمكث ساعات ولم يتغير اللحم عن حاله ، فرجع إلى السيد أحمد وأخبره بذلك فقال له : أما علمت أن من صلى خلفنا لا تحرقه النار ، ثم قال السيد محمد على اليماني بعد هذه القصة : يا اخوان الاستقامة خير من ألف كرامة من مثل هذه فعليكم بالاستقامة ما استطعتم ، وأن العبد الحقير سيسافر إلى اليمن ولكن إذا عاد إليكم سيعود على غير هذه الحالة إن شاء الله تعالى ، وأن المسجد الذي طلب مني أهل بلدة أرجو بناءه سيأتي أحد السادة الإدريسية ويساعدهم على بنائه ويتم بخير إن شاء الله تعالى ، وبعد سنتين من كلامه حضر السيد محمد عبد العالي الشريف رضي الله تعالى عنه وبنى لهم المسجد كما أخبرهم السيد اليماني بذلك
ومن كرامات سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه أن رجلاً يسمى عبد الرحمن كان مؤذنا بمسجد سيدي عبد الرحيم القنائي ، عنده ربيبة بالبيت تبلغ من العمر ست سنوات ، فضربها ذات يوم فأغمى عليها وفقدت الحياة وصاح النسوة إنها قد ماتت . فأخذت الرجل الدهشة فتسجى بثوبه ونام فسمع قائلاً يقول له : : قل (اللهم صل على سيدنا محمد الذي ما استغاثك به جائع إلا شبع ولا ظمآن إلا روى ، ولا خائف إلا أمن ، ولا لهفان إلى أغيث) . قال : فقلت هذه الكلمات في منامي ، فاستيقظت فسمعت النسوة يزغردن وقلن : إن الله قد أحيا فلانة : فسألت بعض الإخوان لي في الله تعالى عن هذه الصلاة فقال : هي لسيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه . قلت : وهذه الكلمات في آخر الصلاة الرابعة من الصلوات الأربعة عشر
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin