..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الرابع : الأنفس

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ  الفصل الرابع : الأنفس Empty كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الرابع : الأنفس

    مُساهمة من طرف Admin 25/12/2022, 18:32


    مولانا الشيخ صالح الجعفري عن الأنفس السبعة ، ونقل ما قاله سيدي ابن السنوسي ، وسيدي أحمد الدردير رضي الله تعالى عنهم

    قال راجي عفو مولاه ومغفرته وإحسانه العبد الفقير (من تنزلت على قلبه الشريف لطائف غرائب جواهر المعاني الخفية ففتح الله تعالى به مغاليق العلم الإلهي سيدي الشيخ ) صالح الجعفري (رضي الله تعالى عنه) : لما ذكر سيدي الشيخ الأكبر والإمام العلامة الصادق في مقاله ، الوارث لشيخه في حاله ، دواء القلوب والصدر ، ومصباح السرور والنور الشريف الحسني سيدي محمد بن على السنوسي رضي الله تعالى عنه وأرضاه ، أنه رأى سبع رايات كل راية لحزب من أحزاب شيخه الشفاء وقلت في شرحي لكلامه : كل راية تشير إلى نفس من الأنفس السبعة ، بمعنى أن تلاوتها تنقل كل نفس من حال إلى حال وبها تكمل النفوس السبعة وهي : الأمارة واللوامة ، والملهمة ، والمطمئنة ، والراضية ، والمرضية ، والكاملة ، وقد نظمت الأنفس السبعة بقولي :

    وقسم الأنفس أهل البر لسبعة أمارة بالشر

    لوامة ملهمة عن ربي والمطمئنة التي في القرب

    راضية مرضية وكاملة فهذه عدتهن حاصلة

    قال السيد ابن السنوسي رضي الله تعالى عنه :

    (النفس الأمارة) وردها (لا إله إلا الله) بمد لفظ " لا " وتخفيف همزة " إله " وعدم فصله من قولك (إلا الله) مع تسكين الهاء من الجلالة ، ولابد :

    1- من الإكثار منه في القيام والقعود والاضطجاع . إذ المقصود من هذا الاسم وغيره لا يحصل إلا بالإكثار

    2- والإجهاد آناء الليل وأطراف النهار . وأضمر في قلبك نفي كل معبود غير الله ، ويكون قولك " إلا الله " بقوة وشدة لأنك تضرب به الجانب الأيسر من صدرك بخضوع وخشوع ، وأغمض عينيك وألق سمعيك إلى ذكرك

    3- ولازم الطهارة

    4- وقلل الطعام والمنام ، وهذه أربعة في كل مقام

    (والنفس اللوامة) : وردها (الله) بتحقيق الهمزة وسكون الهاء ومد الألف التي قبلها ويكون بالجهر والشدة لدفع الوسوسة ، وارفع رأسك إلى فوق واضرب به صدرك وأغمض عينيك . واجعل لك وقتاً تجلس فيه مستقبلاً القبلة إن أمكنك

    (النفس الملهمة) : وردها (هو هو) وليكن أولاً بياء النداء ثم بدونها قياما وقعودا آناء الليل وأطراف النهار ، ولتقل في بعض الأوقات " لا هو إلا هو " بمد ، وبمد واو " هو " ، لأنه ذكر عظيم الشأن ، مع استحضار أن ليس في الوجود إلا هو إله الحق ، ما سواه صفاته وأفعاله حتى يصير ذلك لك حالاً لا تنفك عنه و(هو) غاية قصوى

    (النفس المطمئنة) : وردها (حق حق) بحرف النداء وبدونه آناء الليل وأطراف النهار

    (النفس الراضية) : وردها (حي حي) وزد معه الفتاح الوهاب

    (النفس المرضية) : وردها (القيوم)

    (النفس الكاملة) : وردها (القهار)

    قال أبو البركات سيدي أحمد الدردير رضي الله تعالى عنه في التحفة معللاً اختيار السادة الخلوتية للأسماء السبعة التي هي : لا إله إلا الله . الله . هو . حق . حي . قيوم . قهار

    قال رحمه الله تعالى : النفس سبعة أقسام . وإن صاحب النفس المطمئنة التي مقامها مبدأ الكمال متى وضع السالك قدمه فيه عد من أهل الطريق واستحق لبس خرقتهم ؛ لانتقاله من التلوين إلى التمكين ، وصاحبها سكران هبت عليه نسمات الوصال ، يخاطب الناس وهو عنهم في بون ، لشدة تعلقه بالحق تعالى ، يناسبه الإكثار من الاسم الرابع من التلقين يعني (حق) ، وأن الأمارة ذات الحجب الظلمانية التي مقامها مقام الأغيار يوافقها في تمزيق حجبها الإكثار من (لا إله إلا الله)

    وأن اللوامة الكثيرة اللوم لصاحبها التي مقامها مقام الحجب النورانية لكونها ليست كثيفة وهي توابة يناسبها الإكثار من اسمه (الله)

    وأن الملهمة التي ألهمت فجورها وتقواها مقامها مقام الأسرار صاحبها نشوان يغلب عليه المحبة والهيمان والتواضع والإعراض عن الخلق والتعلق بالحق ، يناسبه كثرة استعمال اسمه تعالى (هو) بالمد لتخلص من ورطتها . وأن الراضية كثيرة الرضا بالقضاء والتسليم مقامها الوصال صاحبها غريق السكر يناسبه الخلوة وكثرة ذكر اسمه تعالى (الحي) ليحيى به نفسه

    وأن النفس المرضية صاحبها لا يرى صدور الأفعال إلا من الله تعالى لأن مقامه مقام تجليات الأفعال فلا يمكنه الاعتراض على أحد ، حسن الخلق يتلذذ بالحيرة كما قيل :

    زدني بفرط الحب فيك تحيرا وارحم حشا بلظى هواك تسعرا

    ويناسبه كثرة ذكر اسمه تعالى (قيوم) . وأن النفس الكاملة مقامه مقام تجليات الأسماء والصفات يناسبها كثرة ذكر اسمه تعالى (قهار) ليحصل لها تمام القهر ويزول عنها بقايا النقص ، وحالها البقاء بالله تسير بالله إلى الله ، وترجع من الله إلى الله ، ليس لها مأوى سواه ، علومها مستفادة من الله كما قيل :

    وبعد الفنا في الله كن كيفما تشا

    فعلمك لا جهل وفعلك لا وزر

    ثم قال الشيخ الدردير رحمه الله تعالى : واعلم أن طريق أهل الحق مدارها على الصدق ورأس مالها الذي ، ونهايتها الغرق

    وقال العارفون : حكم القدوس ألا يدخل حضرته أرباب النفوس . كثرة الكلام وجب عدم الاحترام ، كثرة مصاحبة الناس توجب الإفلاس

    لا يطهر من الرعونات إلا من خالف نفسه في الشهوات ، وذكر الله في جميع الحالات ، من لم يحرق البداية لم تشرق له النهاية ، من لم يخالف النفس والشيطان لم يتحقق بصفات أهل العرفان ، من لم يكن عبداً للرحمن فهو عبد للشيطان ، فانظر أيهما يستحق العبادة أ . هـ

    قال (من لاحظته العناية والسعادة حتى صار في أول شبابه إمام القوم في جميع المعارف والعلوم سيدي الشيخ) صالح الجعفري (رضي الله تعالى عنه ونفعنا بعلومه آمين) : نفس أولها نون متحركة وآخرها نون ساكنة فحركتها اضطرابها قبل ذكرها وسكونها طمأنينتها بعد ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) . وتارة تكون مع الشيطان ، فيكون نونها نفورها ، والفاء فرارها من الحق إلى الباطل (كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة) والسين تسويلها لصاحبها (وكذلك سولت لي نفسي) (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) وإذا كانت مع الله تعالى فنونها نور يلوح لها عند ذكر ربها (فهو على نور من ربه) . والفاء فتح الله لها بعد نصرها على شيطانها وهواها (نصر من الله وفتح قريب) والسين سبل الله الموصلة إليه (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

    ويحتمل أن تكون النون إشارة إلى النصر ، فيكون بعد نصر الله تعالى يأتي فتحه (إذا جاء نصر الله والفتح)

    قال بحر اللآلئ أبو سيدي عبد العالي رضي الله تعالى عنهما : (حتى لا يبقى على عين بصيرتي بل ولا على عين ذاتي كلها من خيالات الباطل من شئ حتى تنهزم جيوش الباطل كلها وتنعدم لما جاء نصر الله والفتح)

    قلت : وقد أشرنا إليك يا أخانا في الله تعالى ، ونشير إليك بما يفتح الله تعالى به علينا لعلك ترشد إلى بحر أحزابنا الذي تلاطمت أمواجه واتسعت فجاجه ، ولمع جوهره ، وارتفع عن العقول منبره ، وتضاءلت أمامه العبارات ، وكلت بجانبه الإشارات ، واغترف منه من اغترف ، وحرم منه من انحرف ، وبه تكشف غوامضها ، خذها إليك واجعلها لك ورداً ، تطلع شمسها في سماء روحك من جميع الوجوه

    وقلت بفضل ربي تعالى قولا لمناسبة الأسماء للأنفس :

    النفس الأولى الأمارة : تأمر بالسوء ناسبها النفي والإثبات ، لأن التهليل فيه نفي الباطل وإثبات الحق ، والنفس إذا تركت المعاصي وكرهتها وأحبت الطاعة وفعلتها فقد نفت الباطل وأثبتت الحق ، واللوامة : تلوم صاحبها على ما كان منه في التفريط والمعاصي فيقال لها : اتركي اللوم واذكري الله تعالى (ولذكر الله أكبر) ولا يخلو الحال من تخيل فبتجليه سبحانه عند الإكثار من ذكر ذلك تزول جميع الخيالات الخلقية ، قال سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه :

    لم أخل من حسد عليك فلا تضع

    سهري بتشنيع الخيال المرجف

    قال سلطان المعارف الفقيه الجامع بين بحر الشريعة والحقيقة ، مولانا السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (وتجل لي يا إلهي باسم الذات الاسم الله مرجع الصفات والأسماء الحقية توحيداً صرفاً تجلياً ينسف بصرصر عظمته وكبريائه جبال الخيالات الخلقية في نظري نسفا فيذرها قاعا صفصفا فتزول غشاوة عمش الأغيار عن بصري وبصيرتي)

    قال ( سيدي الشيخ) صالح الجعفري (رضي الله تبارك وتعالى عنه : وفي قوله عن بصري إشارة إلى ما قاله سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه (ما رأيت أحدا إلا ورأيت الله قبله) ما رأيت ببصري إلا رأيت ببصيرتي ، فيتغلب الشهود الباطني على الشهود الظاهري ، فيخرج من ظلمة ليل الغفلة إلى نهار نور المشاهدة (فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة) قال الشفا سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (حتى لا ينبغي لليل سري أن يسبق روحي في الوجد والشهود)

    وأمرت الملهمة : بذكر (هو) لأنها في بحر الأسرار والإلهامات الخفية وهو ضمير والضمير مستتر ، فهنا إمداداتها خفية وأسرارها علية ، فيناسبها هذا الذكر ، ولما رأت العجائب والغرائب وتنزلت عليها النفحات والبركات انتقلت إلى :

    مطمئنة ، والطمأنينة سكون عند التجلي . فناسب ذلك أن تقول (حق) لأنها تريد أن تتحقق بما يسمى عندهم بالحقائق ، كما قال الشفا سلالة المصطفى r سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : حتى أكون متحققاً بتحقيق (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به)

    وقال سيدي أحمد الدردير رضي الله تعالى عنه :

    ويا حق حققني بسر مقدس لأدري به سر البقاء مع الفنا

    وناسب الراضية أن تذكر (الحي) ، لأنها تحب الخلوة وتفر من الخلق وتحب الأنس بالله ، قال ابن الفارض : (واستأنست بالوحش إذ كانت من الإنس وحشتي) أي سكنت بالجبال مساكن الوحش يقول : ولما استوحشت الإنس كان استيحاشي للوحش من باب أولى ، فلا يحمل اللفظ على ظاره لأن الأنس بأي شئ سوى الله في هذا المقام نقص . نقل الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء أن رجلا عابدا كان في البيداء يعبد الله عشرين عاما ، فجاء طائر إلى شجرة بجواره وصار يغرد بصوت حسن ، فانتقل العابد من مكانه إلى الشجرة التي بها الطائر ، فسمع النداء : أتبيع أنسنا عشرين عاما بصوت طائر ؟ إذا عرفت هذا الكلام عرفت كلام ابن الفارض رحمه الله تعالى

    ولما كانت النفس تريد حياة جديدة وهي حياة الأنس بالله تعالى ناسب ذلك ذكرها لاسمه تعالى (حي) (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) والحياة الطيبة أنواع ، وتتفاوت بحسب المقامات ، ومن أجلها حياة الأنس بالله . قال ابن الفارض رحمه الله تعالى :

    فالموت فيه حياتي وفي حياتي قتلي

    ولما وصلت الراضية إلى الحياة الثانية ناسب أن تذكر (القيوم) ، لأنها صارت

    مرضية : تحتاج إلى قوام حياتها الجديدة التي قوامها وغذاؤها الواردات النورانية والمعارف العلمية ، فهي في مقام (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء) على بساط (لقد كان فيمن قبلكم محدثون) ولذلك قال الشيخ الشوكاني رحمه الله تعالى لجماعة من أهل العلم : عليكم بالأخذ عن السيد أحمد بن إدريس فإنه قريب عهد بربه : قلت : أراد أنه من الملهمين عن الله تعالى ، والإلهام نوع من الخوارق للعادة المسماة بالكرامات

    اللهم ارض عن القطب النفيس

    مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل العشرون :

    شرح حديث (إنما يسلط على ابن آدم ......) للعارف بالله تعالى سيدي الشيخ صالح يقول

    المتصل عن السيد محمد إدريس السنوسي عن شيخه العارف بالله تعالى السيد أحمد\ بن الشريف السنوسي عن شيخه العارف بالله تعالى السيد محمد المهدي السنوسي عن شيخه العارف بالله تعالى السيد أحمد الريفي عن شيخه العالم العلامة والبحر الفهامة الحافظ المحدث السيد محمد بن على السنوسي ، عن شيخه العارف بالله تعالى سيدنا الإمام العالم المحدث الحافظ المفسر الصوفي التحرير والمرشد لطريق الحق بالحق القطب النفيس صاحب البيان والتدريس سيدنا ومولانا السيد أحمد بن إدريس الشريف الحسنى رضي الله تعالى عنه بسنده المتصل قال : وعنه r أنه قال :

    (إنما يسلط على ابن آدم ما يخافه ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يخف غير الله لم يتسلط عليه أحد ، وإنما وكل ابن آدم لمن رجا ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله الله إلى غيره)

    قلت : الخوف من الله عز وجل صفة من أجل الصفات ، اختص الله تعالى بها رسله وأنبياءه وخاصته وأوليائه

    ولما كان الخوف من الله ، من أعظم الصفات كافأ الله صاحبه في الدنيا بالأمن وعدم الخوف من غير الله ، وعاقب الخائف من غيره بأن عجل له العقوبة في الدنيا بتسليط من يخافهم من غير الله تعالى عليه

    ومما يوضح لنا ذلك ما ذكره الصوفية من أن رجلا زار رجلا صالحا بالبادية ، فبات عنده ، فلما انتبه من نومه ذهب ليتوضأ من عين بجوار مسكن الصالح ، فلقي الأسد عندها فجاء مهرولا مرعوبا . فقال الصالح : ما شأنك ؟ قال له الأسد . فقام وذهب معه إلى الأسد وقبض على أذن الأسد وقال له : أما نهيتك عن التعرض إلى أضيافي ثم انصرف الأسد فقال الصالح للضيف : خفتم من غير الله فأخافكم الأسد ، وخفنا من الله فخاف منا الأسد

    وإذا اتصف العبد بهذه الصفة وهي صفة الخوف من الله تعالى وحده لا شريك له دخل في هذا الصون الإلهي الذي أشار إليه سيدي الشفاء السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه بقوله : (وصني يا إلهي بصون حجاب العزة الأحمى خلف سرادقات العظمة والكبرياء في حضرة الذات عن جميع الأغيار والمخالفات حتى لو طلبتني جميع البلايا كلها طلبا حثيثا لم تدركني لكوني مصونا عندك في حضرة لا يتصور فيها بلاء)

    هذا الصون في حضرة الأمن الإلهي على بساط القرب الرباني ، قال تعالى : (وآمنهم من خوف) ، أي لما خافوا منه وحده لا شريك له آمن خوفهم من غيره ، ولما علم ان الغير يطالبهم أدخلهم في حفظه ، وضرب عليهم سرادقات العظمة والكبرياء ، وهي التي يرى بها صاحبها مجللا موقرا ، وفي الحديث (اللهم أرني نفسي في عيني صغيراً وفي أعين الناس كبيرا)

    وفي الحديث (اللهم رب ، لك فذللني ، ورب لك فحببني وفي أعين الناس فعظمني) وفي هذين الحديثين الإشارة إلى سرادقات العظمة والكبرياء ، وقد أشرنا إليك يا أخانا في الله تعالى بهذه الإشارة وإن لم تف بالعبارة ، ولما علم الغير مطالبهم صانهم خلف حجاب العزة الأحمى (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا)

    وهذا الحجاب لعله الذي أشار إليه سيدي أحمد بقوله (حجاب العزة الأحمى) يناله بطريق الوراثة المحمدية ، ولعل ذلك هو السبب الذي يسر تلاوة القرآن على سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه . فقد ذكر تلميذه الختم رضي الله تعالى عنه في مناقبه بأن شيخه ابن إدريس كان يختم القرآن كل ليلة في ركعتين

    قلت : وهذا حال من أحوال الصوفية سببه ما ذكرته لك وبه تقوى الروح على الجسد حتى تتصف بالصفات الملكية التي منها نشاط البدن ، وتيسير العبادة ، وعدم الغفلة وقلة النوم ، وقلة المطعم والمشرب ، وكثرة الإلهام والكشف ، وحفظ العلوم ، والذكاء والفهم فيها ، وخرق العوائد ولذلك كان سيدي أحمد إذا سئل عن التفسير بسط كفيه وقرأ فيهما ما شاء الله أ، يقرأ ، وإذا سئل عن الحديث قلب كفيه وقرأ فيهما ما شاء الله أن يقرأ ، وإذا سئل عن الحديث قلب كفيه وقرأ فيهما ما شاء الله أن يقرأ . وكان في آخر عمره يقرأ من غير أن ينظر إليهما ، وهذا الحجاب مع منعته وحصانته موصوف بالعزة ، هي الحفظ من الأعداء مع الغلبة والظهور عليهم

    قال سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه فبدعائه : (فمن اعتز بعزتك فهو عزيز لا ذل معه ، ومن اعتز بدون عزتك فهو ذليل)

    قلت : ووجه كونه يقرأ في كفيه لأنه كان كثيراً ما يبسطهما على الأرض للسجود لربه ، وليظهر فضل الله عليهما في الدنيا قبل الآخرة , وقال العلماء : كل معجزة لنبي يجور أن تكون كرامة لولي

    وقد أجرى الله الشفاء على أيدي النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام

    وأجرى على أيديهم خوارق مختلفة ، وكذلك على أيدي كثير من أوليائه وأصفيائه من الأمم السالفة ، ومن أمة سيدنا محمد r سلفا وخلفا

    وإنما كانت كرامة سيدي أحمد علما ؛ لأن حاله كذلك وميوله كان ميولاً علمياً ، وكان حاله قبل التصوف حالا علمياً علقت به روحه ، فلما تصوف نماه بطريق الوراثة حتى نال فيه خرق العادة

    كما حصل لسيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام حينما قلب الحجر الذي كان يقلبه أربعون ، وذلك أنه لما اعتاد فعل الخير بيده قبل حصول هذا الحال له ، خرق الله العادة على يديه الشريفتين ، وهذا الحال سببه توجه قلبه إلى ابنتي نبي ورسول وهو سيدنا شعيب على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وكانتا ترتديان ثوبين من أنوار النبوة والرسالة . فلما رآهما بعيني البصيرة توجه قلبه إليهما ، ولو كانتا كافرتين مثلا ما توجه قلبه إليهما ولا خرقت له العادة

    ولكن نبي ورسول يسقي لا بنتي نبي ورسول يخرق الله له العادة لا بنتي نبي ورسول ، وكأن روحه عليه السلام أحست بزوجته وعلمت بها عن طريق (الأرواح جنود مجندة) وهي التي ذهبت إليه عقب دعوته عليه السلام حينما جلس تحت الشجرة وقال : (رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير)

    وهي التي قالت (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)

    أما قوته فقد شاهدتها في رفع الحجر وسقى الغنم ، وأما أمانته فقد شاهدتا في سيرها معه ، وأظن أنها هي التي تزوج بها والله تعالى أعلم . وقد علم سيدنا شعيب عليه السلام بسيدنا موسى عليه السلام

    ولذلك أرسل إليه ابنته ولو لم يعلم به لأرسلهما معاً ، أو أرسل رجلا أو غلاما من الجيران ، وأيضاً قال (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) ، وقد حقق الله هذين الخبرين فكان من أول ما سمع عن ربه (لا تخف إني لا يخاف لدى المرسلون) وقوله تعالى (لا تخف إنك أنت الأعلى) فحقق الله نفي الخوف

    وقال تعالى (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين) فحقق الله له النجاة ، ثم زوجه شعيب ابنته من غير بحث عنه ، ثم أمنه على ماله في الظاهر وأدخله مدرسة التربية في الباطن والله تعالى أعلم

    وقد ورث من هذا الشأن شيئاً كثيراً سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه ، ومن ذلك أنه لما قدم سيدي إبراهيم الرشيد رضي الله تعالى عنه ، ومن ذلك أنه لما قدم سيدي إبراهيم الرشيد رضي الله تعالى عنه من السودان إلى اليمن وجد سيدي أحمد يقرأ بالمسجد ، وترك ما كان يقرؤه وانتقل إلى قوله تعالى (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) وذكر أن الشيخ العارف يعرف تلاميذه من عالم الأرواح

    وأشار إلى سيدي إبراهيم بأنه يعرفه منذ عهد قديم . فرسخ في قلب سيدي إبراهيم ما سمعه من السيد عثمان الميرغني رضي الله تعالى عنه حينما زار بلادهم وأخذ عنه العهد والد سيدي إبراهيم ، ثم قدمه للسيد الميرغني وقال له : أعط ابني إبراهيم هذا الطريق فقال السيد الميرغني له : ابنك هذا فتوحه على يد شيخي السيد أحمد بن إدريس . وهذه الكلمة هي السبب في سفر سيدي إبراهيم إلى سيدي أحمد

    قلت : ومعرفة سيدي الميرغني له عجيبة ومعرفة سيدي أحمد له أعجب

    قلت : ولعل سبب ذلك أن الله يلقى شبه الشيخ على المريد في روحه وجسمه يرى الناظر على حسب كشفه وحاله مع ربه ، وقد ينال المريد ذلك قبل اتصاله بشيخه ظاهرا ويكون ذلك مكتسبا له باتصاله به قديما وباطنا في عالم (الأرواح جنود مجندة)

    وهذا الشبه سببه الاتصال والقرب ، فحال الشيخ مع المريد كالأرض والثانية ودورانها والماء فقلب المريد هو الأرض الطيبة ، والأوراد هي الثانية ، ودورانها قراءة الأوراد والماء الخارج هو الثواب والنبات هو المعارف والخوارق والتجليات

    لا تخالف شيخا رباك انصح واخدم بنيا

    أنت شجرة وهو مسقاك تنال الرتبة العليا

    ويقول رضي الله تعالى عنه :

    اقرأ الوظيفة وساعد رفقاك ورد بالك إليا

    أنا الشيخ الأسمر دوما نرعاك اعرف مقامي وزيا

    وفي قوله (اعرف مقامي وزيا) إشارة إلى ما يتوقف الفتوح عليه فمعرفة مقام الشيخ وجدان قلبي روحاني تظهر للمريد إشارة في عالم الملك والملكوت على حسب قوة معرفة المريد بشيخه . وأول خارق للعادة يناله المريد يشاهده في شيخه ، ومنه ينتقل إلى المريد على حسب صدقه على سبيل الوراثة ، وقد قال سيدي أحمد بن إدريس للسيد ابن السنوسي رضي الله تعالى عنهم : (أنا أنت وأنت أنا) وقالها سيدي ابن السنوسي لتلميذه وابن شيخه سيدي عبد العالي بن السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنهم بعد أن رباه وعلمه ولقنه الأوراد (أنا أنت وأنت أنا) . وكان يحضر أحيانا في مجلسه (بجغبوب ببرقه) وهو يدرس الإحياء للغزالي ، لأن سيدي عبد العالي درس الإحياء في حياة شيخه بمسجد جغبوب ، وفي ذلك سر عظيم لأن الشيخ يمد تلميذه حينما يحضر درسه مددا روحانيا . ويكون ذلك كالختم له بأنه صار أهلا لهذا المقام . قال لي أحد المشايخ : إن جدي السيد محمد بن علي السنوسي ربي سيدي عبد العالي وعلمه ولم يفارقه أبدا في حياته

    الشيخ صالح الجعفري وشيخه سيدي الشيخ محمد عبد العالي رضي الله تعالى عنهما

    ومما من الله به على أن شيخي قطب أهل الوصال السيد محمد عبد العالي قد حضر مجلس درسي بالأزهر الشريف وأظهر كرامة ، وهي : كنت وأنا صغير إذا سلمت عليه بالبلد يقول : (أهلا شيخنا) ، ومرة سلمت عليه ، ومعي مشايخي فسلم عليهم وعلى ، فلما رجعنا قال لي أحد مشايخي : لماذا السيد يقول لك أهلا شيخنا ونحن مشايخك لا يقول لنا هذه الجملة ؟ فقلت له : الله أعلم . فلما أتيت الأزهر الشريف وكان حضوري إلى الأزهر بأمر والده سيدي عبد العالي بطريق الإشارة ومنه رضي الله تعالى عنهما بطريق العبارة ، وبعد أن مكثت بالأزهر سبع سنوات حضر سيدي محمد الشريف بدرسي يوم الجمعة وكنت أفسر سورة (الكوثر) والناس يزدحمون ما بين جالس وواقف . فلما حضر قال : من هذا ؟ قالوا له : هذا الشيخ صالح ، قال ك صالح ابني صالح تلميذي ؟ قالوا : معم فأخذه حال وفرح عظيم رضي الله تعالى عنه ، فلما انتهى الدرس قلت : يا أيها الإخوان إن شيخي قد حضر فقوموا جميعا وسلموا عليه ، فلما سلمت عليه وقبلت يده تبسم وقال : (أهلا شيخنا) فتذكرت كلمته التي كان يقولها لي سابقا

    وقد استبشرت روحي بحضوره عند تفسير هذه السورة ، وأخذت منها البشرى بكثرة الخير وكثرة الحجم وقطع دابر أعدائي . ولشيخي هذا أسرار وكرامات ونفحات وعجائب وغرائب . سره مكتوم ، وأمره معلوم ظاهره باطن ، وباطنه ظاهر ، له سيف قاطع ، ونور ساطع قد ورث عن جده ووالده أحوالا ، ونال من بركاتهما منالا . كان مرة يمشي خلف والده ببلدة دنقلا بالسودان والناس يزدحمون بالإقبال والإجلال فحدثته نفس هل أ،ا إذا بلغت عمر والدي هذا يكون لي من الاحترام والإكرام ما حصل له ؟ فالتفت إليه والده سيدي عبد العالي رضي الله تعالى عنه وقال له : (وأكثر من هذا يا محمد) فكان كما قال ، والحمد لله على كل حال والصلاة والسلام على النبي وعلى جميع الأصحاب والآل

    والخوف من زوال الرزق لا من الرزاق يؤدي إلى زواله ، والهم في تحصيله وهو عيب عند الصوفية كالخوف من الخلق ، ولهذا يقول سيدي على أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه : (اللهم إني أعوذ بك من خوف الخلق وهم الرزق وقرب مني قربا) فطلب القرب بعد زوال الخوف من غير الله لأنهما لا يجتمعان قال . سيدي أحمد ابن إدريس رضي الله تعالى عنه :

    فلفوا قتيل العشق في ثوب وصفكم

    يراكم بكم والكل فيكم مغرق

    وثوب العشق كساء العاشقين المصنوع من خيوط لا تحصى ولا يتم إلا بها . من تلك الخيوط خيط عدم الخوف من غير الله ، فلو نقص هذا الخيط لما ساغ العاشق أن يلف به ، وإنما يغزل هذا الثوب به ومن أجله فيقدم خيوطه ليتم غزله له ، وهذا بخلاف ما أراده حجة الإسلام رضي الله تعالى عنه حيث قال :

    غزلت لهم غزلا رقيقا فلم أجد

    لغزلي نساجا فكسرت مغزلي

    لأنه شبه الألفاظ التي تدل على هذا الثوب الذي ذكرناه بالصوف الذي يحتاج للنسج وشبه القابلية بالنساج ، فكأنه قال : ألفت لهم كلاما ولكني لم أجد القابلية والاستعداد له

    قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (وأوقفني وراء الوراء بلا حجاب عند اسمك المحيط في مقام السماع العام حتى تطربني لذة المكالمة الإلهية) قلت : ولا يكون الطرب إلا بعد زوال الخوف عند سماع المتكلم

    وليس الطرب هنا كما يعلمه الناس وإنما هو اهتزاز خيوط شعاع الروح التي هي كشعاع الشمس ، فإذا سمعت بالحق عن الحق اهتزت إجلالاً وإكباراً له ، وتحصل لها أحوال تنزل بها عليها معارف وأسرار وصفها الشريف المكي السيد محمد عثمان الختم الميرغني رضي الله عنه تلميذ صاحب هذه الترجمة بقوله في الأسرار الربانية : (وما ظهرت أسرار وحكم ، والزم في البعض الكتمان)

    وهذه الهزة ليست كالتي ذكرها الشاعر بقوله :

    (وإني لتعروني لذكراك هزة)

    فإنها جثمانية شهوانية نفسية وما نحن بصددها روحانية قلبية وجدانية

    سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرف

    وإنما لا تحصل المكالمة مع الخوف من الغير لوجود المشاركة للغير في القلب ولهذا يقول الله عز وجل : (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فهو ينهاه عن الخوف من غير الله المسبب للحزن ، ثم ينقله إلى معية الله المسببة للأمن والفرح ، فكأن النبي r يقول لسيدنا ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : لا تخف من غير الله لأننا في حضرة الله تعالى . ولما رأى سيدنا موسى عليه السلام الحية وخاف منها قال الله تعالى له : (لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون) أي لا خوف من غيره في حضرته وعند مشاهدته وعلى هذا المنهج كل نبي وولى لله تعالى : ويقول سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (حتى أعلم مأخذ كل نبي ورسول)

    قلت : ومن ضمن هذا المأخذ عدم الخوف من غير الله في حضرة الله تعالى . وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه : (حتى يخاف سطوتي كل ناظر إلى بسوء) قلت : وهذا الوصف لا يتم للعارف إلا بعد عدم الخوف من غير الله تعالى والتمكن في الخوف من الله تعالى ، فيحاط من الله بجلال يرعد كل ناظر إليه بسوء ، ومن ذلك ما حصل للرجل حينما دخل على النبي r فصارت ترتعد فرائصه ، فقال النبي r : (مهلا عليك إنما أن ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) أو كما قال . قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (فأوجد لذة الوحي القرآني الإلهي مني إلى)

    حصول لذة الذكر للذاكر

    قلت : ولا تحصل تلك اللذة إلا بعد عدم الخوف من غير الله تعالى فيطمئن القلب ويحصل الأنس والتلذذ حيث لا يتم ذلك إلا بعد أن يلف في الثوب الذي تقدم ذكره وهذا الثوب كالجسد وما يحصل بسببه كالروح وهي لا تنفخ في الجسد إلا بعد تمام الجسد كما أنه إذا كان الجسد تاما سليما حصل تمام الإبصار وتمام السمع وتمام الذوق . كذلك يقع ذلك لمن تم غزل ثوبه كما ينال الإنسان بتمام كل حاسة ما يترتب على تمامها ، كذلك يحصل بوجود كل خيط ما يترتب على وجوده

    فمثلاً خيط الإكثار من الذكر يترتب عليه إعطاء منشور الولاية ، قال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله تعالى عنه : (الذكر منشور الولاية فمن أعطى المنشور أعطى الولاية) ومثل خيط الإكثار من تلاوة القرآن يترتب عليه ما قال سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه بقوله : (حتى أتلوه بلسانه الذي يتكلم به)

    اعلم يا أخانا في الله تعالى أن لهذه الجملة معاني ذوقية تكاد أن تكون من السر المكتوم ، وهذا المعنى غير الذي أشار إليه الغزالي بقوله : (قارئ القرآن له ثلاث حالات) :

    الحالة الأولى : كأنه يسمعه عن الله تعالى

    والحالة الثانية : كأنه يسمعه عن جبريل عليه السلام حين يسمعه للنبي r

    والحالة الثالثة : كأنه يسمعه من رسول الله r وإن كانت الحالة الأولى قد قاربت ما ذكره سيدي الشفا أبو العباس العرائشي السيد أحمد بن إرديس رضي الله تعالى عنه

    وقوله (في ثوب وصفكم) فالإضافة للتشريف لأنه يستحيل على الحادث أن يتصف بصفات القديم ، فيكون المعنى بثوب صفات تحبونها جليلة كريمة عندكم فشبه شدة العشق الحاصلة للعاشق بالقتل والعاشق بالمقتول ، وشبه الألطاف الإلهية النازلة عليه والموائد الأنسية بما يحصل لمن لف بالثوب فيكون في هذا الثوب مستوراً مع فقد الحركة التي لا يتأتى معها تمام اللف بالثوب . كذلك العاشق لا يتم له الدخول في الألطاف الإلهية إلا بعد فقد أوصافه المباينة من إرادة ورغبات وتدبير وتفكر والتفات إلى السوى ، كما أنشدني شيخي قطب أهل الوصال الشريف السيد محمد عبد العالي رضي الله تعالى عنهما قائلاً : قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه :

    ظهرتم بأوصاف الكمال لناظري

    فغبت وعنكم لا تغيب سرائري

    قلت : جمع بين الضدين الغيبة وعدمها فغاب عن الخلق ظاهرا وشاهد الحق بقلبه باطنا وقد أشار إلى هذا المعنى باب مدينة علم المصطفى r سيدنا على رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه بقوله (إن لله عبادا هم مع الناس بأجسامهم وقلوبهم معلقة بالملأ الأعلى)

    وأشار إلى ذلك سيدي الشفا مولانا أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه بقوله : (وغيبني فيه غيبة لا أخرج بها عن المحافظة على أوامرك الإلهية) . قلت : فقام في ما يتعلق بالظاهر لله سبحانه ، وهذا معنى كلام الإمام على كرم الله وجهه هم مع الناس بأجسامهم الخ يعاملونهم بأحكام الشريعة فلا يخرج قولهم وفعلهم على الشريعة بالمخالفة ، هذا الحال فيه تمام الوراثة المحمدية وغالبا لا يكون صاحب هذا الحال إلا عالما بعلوم الشريعة ليصدق عليه حديث النبي r (العلماء ورثة الأنبياء) وتارة صاحب ذا الحال يتكلم عن نفسه ويخبر الناس بآثار مقامه . كما أخبرنا سيدنا على كرم الله وجهه بذلك . ويحكي أن سيدنا أبا العباس العرائشي رضي الله تعالى عنه كان يصلي إماما بجماعة من أصحابه بالبيت فسقط جزء من البيت فأحدث دويا وصوتا عظيما فلما فرغوا من الصلاة قالوا : لسيدي أ؛مد أن جزءا من البيت قد سقط . قال لهم : وكيف علمتم بهذا وأنتم معي في الصلاة ؟ فقالوا : سمعنا صوت سقوطه فقال : (سبحان الله تصلون وتسمعون) قلت : لأن للعارفين بأرواحهم وقلوبهم ما يمنعهم سماع الغير في حال التجلي الإلهي والمشاهدة ومن ذلك ما يحصل لهم عند دخولهم في الصلاة وقد حكى عن بعض الصالحين أنه كان إذا صلى غاب عن الكون وكان له مرض في ساقه فجرحوها وأخرجوا منها الأذى وهو في الصلاة ولم يشعر

    (لطيفة) حضر السيد عبد العالي من جغبوب بلدة شيخه إلى الزينية فسمع رجلا يصرخ في الصلاة فقال ما هذا ؟ قالوا : رجل صالح يخشع في صلاته فقال : سبحان الله لابد من اختباره فإن كان صالحا اتبعناه وإن كان غير ذلك نهيناه . فأمر بجمر يوقد ويوضع فيه مسمار حتى يحمر ووكل إنساناً به وقال له إذا صاح هذا الرجل فضع المسمار على عنقه . فلما سمع الرجل بهذا الخبر صلى وترك ما كان من الصياح . فأحضره السيد وسأله لماذا تركت عادتك ؟ قال : لأنني سمعت بخبر المسمار قال : (سبحان الله يا أخانا أتخاف من نار الدنيا ولا تخاف من نار الآخرة تب إلى الله من صنيعك هذا) فتاب إلى الله وحسنت توبته . فلو كان هذا الرجل غائبا في صلاته صادقا في حالة ووضعوا عليه نار الدنيا ما أحرقته

    (وللمناسبة) جاء رجل معمر من تلاميذ سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه فالتف الناس حوله وصار يتحدث معهم عن مقام شيخه وأحواله ، فصاح رجل من الجالسين صيحة عظيمة فقال الرجل المعمر : هذا من الذين كان يجاهدهم سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه

    لذة العارفين في عبادة ربهم

    وجعل الله لذة العارفين وقرة عينهم في عبادته ، وإلى هذا المقام أشار رسول الله r بقوله : (وجعلت قرة عيني في الصلاة) . ويقول r (أرحنا يا بلال) عند مجئ وقت الصلاة . وبقوله r (المصلي يناجي ربه) ويقول r (من أراد أن يتكلم مع الله فليقرأ القرآن)

    وفي الحديث القدسي (أهل الذكر في حضرتي) وقال تعالى : (أقم الصلاة لذكري) (فاذكروني أذكركم) وفي الحديث القدسي (وأنا معه حين يذكرني) وفي الحديث القدسي (أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)

    وقد يخبر بعض الأولياء في أحوالهم بما أكرمهم الله به من خرق العوائد ، فمنهم من يتكلم نثرا ومنهم من يتكلم نظما ، فإذا سمع شيئاً من ذلك المريد فليستحضر شيخه بقلبه موجها إليه هذه الأوصاف معتقداً رسوخ شيخه فيها غير منتقص لمقام شيخه بما سمع من الشيخ الآخر فإن ذلك من القواطع بل يعتقد أن كل ما سمعه عند شيخه وزيادة ليتم له تمام الإقبال الذي يحصل به تمام الاتصال

    أب الروح وأب الجسد

    قال سيدي الشفا السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : قال عليه الصلاة والسلام : (من لا أب له فهو لقيط)

    واعلم يا أخانا أن الأب أبوان : أب الروح وأب الجسد . وأب الروح أفضل من أب الجسد ، لأن أبا الجسد يتولى تربية الجسد الترابي ، وأبا الروح يتولى تربية الروح الذي هو من أمر الله

    قلت : رضي الله تعالى عن شيخ الأولياء سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه حيث جعل الشيخ كالأب . وتوضيح ذلك أن الأب له اتصال بابنه لأنه برز منه فهو قطعة من أبيه . قال r : (من أراد أن ينظر إلى قطعة من كبده تمشي على الأرض فلينظر إلى ولده) والمراد بالولد هنا كما في الميراث الذكر والأنثى ، كذلك الأم لها هذا الاتصال لأن الجنين يتخلق من الماءين

    شرح قوله تعالى :

    (يخرج من بين الصلب والترائب)

    قال تعالى : (يخرج من بين الصلب والترائب) قيل : صلب الرجل وترائب المرأة وفي الحديث (ومن أين يكون الشبه)؟ قال ذلك r لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها حين أنكرت ماء المرأة ، ثم أثبت r أن الجنين يتخلق من ماء أمه وأبيه ، ولذا تارة يشبه أباه وتارة يشبه أمه ، فيكون هذا الحديث موافقا لتفسير الآية الذي ذكرته لك آنفا

    وقد ذكر الشيخ محمد عبده رحمه لله تعالى هذا التفسير الذي سبقه إليه غيره ولم يدلل هو ولا غيره عليه بالحديث الذي ذكرته ، وذلك من فضل ربي على فله الحمد وله الشكر . وهذا الاتصال الجسماني هو الذي يتسبب به عطف الوالدين على الذرية وعطف الذرية على الوالدين ، ولولا ذلك ما حصل عطف ، ولذلك اللقيط لا عاطف عليه إلا أمه

    (لطيفة مهمة) لم يذكر العلماء سبب إنكار السيدة عائشة رضي الله عنها ، وأقول بفضل الله تعالى : أن سبب ذلك أنها عصمت من الحلم الشيطاني إكراما لرسول الله r فلم تر في منامها مثل ما يرى الرجل ، وكذلك باقي أمهات المؤمنين بعد دخوله r بهن ، لأ، الله تعالى عصمهن من الإنس والجن يقظه ومناما وإلا لو كانت ترى مثل ما رأت السائلة لما أنكرت ذلك أمام رسول الله r دلل على أنه حياته r أرقى من حياة الشهداء لأن الله تعالى أباح تزويج نسائهم ، وأما سبب الاتصال بأب الروح فهو بسبب التآلف الأزلي في عالم (الأرواح جنود مجندة) ولأن الروح القوية لها شعاع يشع على الروح الضعيفة كما يشع ضوء الشمس على نور ضعيف فيدخل شعاع الشمس في ذلك الضوء الآخر ويكون متصلا به باعتبارين : باعتبار المقاربة وباعتبار المجانسة وذلك يخالف اتصال شعاعها بالمواليد الثلاثة : وهي عالم الحيوان وعالم النبات وعالم الجماد

    اتصال الشيخ بتلميذه من الأزل

    فاتصال شيخ الروح بتلميذه قديم وعظيم ، ولأن الأول جسماني وهذا نوراني ، وهناك شئ أعظم من هذا وهو انفتاح ما مع الروح للنداء الإلهي الأزلي عند قوله تعالى (ألست بربكم) فبعض الأرواح أخذتها نشوة فنفخت في جسدها بها فهي منعمة بنشوتها ، مغيبة بها عن الغير في مقام الحب والجذب كما قال سلطان العاشقين سيدي عمر ابن الفارض رضي الله تعالى عنه مشيرا إلى هذا المعنى بقوله :

    ولي في هواها نشوة قبل نشأتي ستبقى معي أبدا وإن بلي الجسم

    فناء المريد في شيخه

    ولنرجع إلى ما كنا بصدده من اتصال المريد بشيخه . أقول إن بعضهم غلب عليه الاتصال حتى ظهر شبه شيخ على جسمه . وهذا معنى ما ذكرناه لك من قول سيدي أحمد بن إدريس لتلميذه السيد ابن السنوسي رضي الله تعالى عنهما (أنا أنت وأنت أنا)

    قال الشاعر :

    أنا من أهوى ومن أهوى أنا

    نحن روحان سكنا بدنا

    وقال السيد محمد على اليماني الإدريسي مخاطبا السيد سر الختم الميرغني رضي الله تعالى عنهما

    وإن تعددت الأشباح وابتعدت

    فالذات واحدة في أصل مبناها

    قلت : ونهاية هذا المقام سببه المريد وهو فناؤه في شيخه ، فإذا علم منه الشيخ ذلك أخبره بهذه المقالة الدالة على اتحاد الروحين

    (نادرة) زرت يوما العارف بالله تعالى والمرشد لطريق الحق ولي الله سيدي محمد أمين الكردي البغدادي النقشبندي رضي الله عنه ، وبعد زيارته في خلوته خرجت أتحدث مع تلميذه الشيخ تمام في مسألة علمية وبيننا وبين شيخه جدار الخلوة والشيخ تمام مصري ، فكنت أسمع منه صوت الشيخ باللهجة الكردية ، وأخيراً قال لي : إن الذي يكلمك هو الشيخ ، فتعجب من ذلك وليس الأمر بعجيب فإن الشيخ كان من أكابر الأولياء

    كنت في أيام حياته قد سافرت إلى شمال السودان ، فرأيت في منامي كأن شيطاناً يريدني بسوء فهرولت منه ، فإذا أمامي خلوة يشع النور منها ، فلما دخلتها وجدت الشيخ بها ونور وجهه يضئ وله شعاع كالشمس ، فجاء الشيطان إلى باب الخلوة فنفخ الشيخ عليه فصار رماداً ثم سلمت على الشيخ وقبلت يده ودعا لي بخير رضي الله تعالى عنه وأرضاه آمين

    أنس العارفين بالله تعالى :

    والخوف من غير الله تعالى لا يحصل للعارف بالله تعالى لأنه في حضرة أنس وقرب وحب ، مستوحشاً من غيره سبحانه مستأنسا به ، كما قال سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه : " واستأنست بالوحش إذ كانت من الإنس وحشتي "

    قلت : أما قوله : استأنست بالوحش فعلي غير ظاهره لأنه لم يستأنس بغير الله ، وهو أراد وسكنت بصحراء الوحش فراراً من أن يميل القلب إلى الأنس بالانس ونفر من أنس الإنس ، فمن الأولى أن يفر من غيره ، وفي هذا تصريح بعدم الخوف من غير الله ولذلك سكن جوار الوحوش ولم يخش بأسهم ، وقد تولى الله حفظه مع العلم أن الشرع لا يبيح لأحد الذهاب إلى غابات الوحش ، ولكن الذي تولى سيدنا يوسف عليه السلام إلى غيابات الجب ، ونجي سيدنا يونس عليه السلام من الظلمات ، ونجي خليله – عليه السلام- من النار ، وكتب السلامة لحبيبه r في الغار ، قادر على أن يحفظ أحبابه إذا ساقهم الحال إلى الصحراء والجبال

    حكى الغزالي رحمه الله تعالى في إحيائه أن رجلاً من الصالحين من أرباب الأحوال كان يمشي بالصحراء فسقط في حفرة لم يستطع الخروج منها ، فمر عليه جماعة فاستحيا من الله تعالى أن يستغيث بهم ، وبعد قليل رأى يدا مدت إليه فتعلق بها فلما خرج فإذا هو بأسد ألهمه الله أن ينقذه من هذه الورطة ، ثم انصرف الأسد وتركه ، فقال الرجل : سبحان من أنجاني من الهلاك بالهلاك ، وهذا الرجل الصالح إنما وصل إلى هذه المنزلة وأكرم بهذه الكرامة لكونه لم يخف من غير الله ، لرسوخ حب الله تعالى في قلبه فيصدق عليه قوله تعالى (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لأنهم خافوا من الله لا من غيره ، والخوف إنما يكون من الغير ، لمشاهدة الغير ولا يحزنون أي لأنهم شاهدوا حبيبهم معهم وإنما يكون الحزن بحجب الحبيب

    ولما فسر سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه قوله تعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) قال : فهم قوم من الآية وأن الرحمن لكم حبيب فاتخذوه حبيبا ، فاشغلوا بالحبيب فكفاهم الحبيب مضرة العدو

    قلت : وذلك لعدم خوفهم من العدو وأنسهم ووثوقهم بالحبيب ولما سمعوا نداء الحق سبحانه وتعالى (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) وهنا نداء للعوام والخواص ، فنداء الخواص إن كنتم مؤمنين بي وشاهدين لي ومحبين لي ، لأن الخوف من غيري لا يجتمع مع تلك الصفات

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 11:53