بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله. اللهمّ صلَّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
تفسير سورة النّاس.
سورة النّاس مكية في قول جابر وعطاء ومدنية في أحد قولي ابن عباس.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذُ بربِّ النَّاس (1) مَلِكِ النَّاس (2) إلهِ النَّاس (3) مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4) الذي يُوَسوِسُ في صدورِ النَّاس (5) منَ الجَنَّةِ والنَّاس (6)
معنى «بسم الله» أي أبتدئ باسم الله، ولفظ الجلالة «الله» علم للذات المقدس المستحقِّ لنهاية التعظيم وغايةِ الخضوع، ومعناهُ من له الإلهية وهي القدرةُ على الاختراع أي إبرازِ المعدومِ إلى الوجودِ.
واسم الله علم غير مشتق قال الخليل بن أحمدَ الفراهيديُّ: اسم الذات المقدس الله ليس مشتقًا بل مرتجل، وحُكي عن سيبويه، هذا الذي اختاره الأكابر من اللغويين. وكلمة الإله خاصة بالله فمن استعملها لغير الله يكفر.
والرحمٰنِ معناه الكثيرِ الرحمة بالمؤمنين والكافرين في الدنيا وبالمؤمنين في الآخرة. أما الرحيم فمعناه الكثيرِ الرحمة بالمؤمنين.
قال الله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 156]. هذه الآيةُ دليلٌ على أنّ الله تعالى يرحمُ المؤمنين والكافرين في الدنيا وذلك بأن يُعطيَهُم الصحةَ والرزقَ والهواءَ العليلَ والماءَ الباردَ وما أشبهَ ذلكَ، أما في الآخرة فيخُصُّها للمؤمنين. ﴿ورحمتي وسعت كل شىء﴾ أي في الدنيا ﴿فسأكتبها﴾ أي في الآخرة ﴿للذين يتقون﴾ أي يجتنبون الشرك وجميع أنواع الكفر. كما جاء في الحديث الصحيح: « إن الله يعطي الدنيا لِمن يُحب ولِمن لا يُحب ولا يُعطي الإيمانَ إلا لِمن يُحب » وفي رواية « إن الله يعطي المال لمن يحب ولمن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا لمن يحب ». الله تبارك وتعالى فضلاً منه وكرمًا جعلَ رحمتَه في الدنيا عامة شاملة للمؤمنينَ والكافرينَ وجعلها خاصةً في الآخرةِ بالمؤمنينَ دونَ الكافرينَ عدلاً منهُ لأنه تبارك وتعالى ليس ملزمًا بشىء.
قوله تعالى: ﴿قل أعوذُ بربِّ النَّاس (1)﴾ أي قل إنّي أستجير برب الناس أي مالكهم وخالقهم، قال العز بن عبد السلام: “لما أمر بالاستعاذة من شرهم أخبر أنه هو الذي يعيذ منهم” اهـ.
ولما كان في الناس ملوك قال تعالى ﴿مَلِكِ النَّاس (2)﴾
ولما كان في الناس من يعبد غير الله قال تعالى ﴿إلهِ النَّاس (3)﴾ أي هو الذي بيده ملكوت كل شىء، فهو مالك الملك يُعزُّ من يشاء ويُذلُّ من يشاء وهو المعبود بحق لا يستحق العبادة إلا هو، والعبادة: هي نهاية التذلل، وقال اللغوي النحوي المفسر الإمام الحجة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في الفتاوى: “العبادة أقصى غايةِ الخضوع والتذلل”.
﴿مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4)﴾ أي من شر ذي الوسواس وهو الشيطان، والوسوسة: حديث النفس، قال البخاري: “قال ابن عباس: إذا ولد خنسه الشيطان”، فإذا ذُكرَ الله عزَّ وجلَّ ذهب وإذا لم يُذكر الله ثبت على قلبه” اهـ، قال الراغب: “﴿مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4)﴾ أي الشيطان الذي يَخنُسُ أي ينقبِضُ إذا ذُكرَ الله تعالى” اهـ.
﴿الذي يُوَسوِسُ في صدورِ النَّاس (5)﴾ المراد بالصدور ههنا القلوب، قال العز بن عبد السلام: “يوسوس” أي يدعو إلى طاعته بما يُوصِلُ إلى القلب، وقد روى الإمام مسلم وأحمد في مسنده واللفظ لمسلم من حديث سفيان أن رسول اج صلى الله عليه وسلم قال : “ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكِّلَ به قرينُه من الجنّ وقرينه من الملائكة” قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: “وإيَّاي إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ فلا يأمُرُني إلا بخير”.
تنبيه : لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يدخل في نبيّ من الأنبياء.
﴿منَ الجَنَّةِ والنَّاس (6)﴾ الجِنة هم الجنُّ، قال ابن الجوزي: “وفي معنى الآية قولان، أحدهما: يوسوس في صدور الناس جِنتهم وناسهم، فسمى الجن ههنا ناسًا كما سماهم رجالا في قوله تعالى: ﴿يعوذون برجالٍ من الجِن﴾ [سورة الجن]، وسماهم نفرًا بقوله تعالى ﴿استمع نفرٌ من الجن﴾ [سورة الجن] ، هذا قول الفراء، وعلى هذا القول يكون الوسواس موسوسًا للجن كما يوسوس للإنس.
والثاني: إن الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس هو من الجِنَّة وهم من الجن، والمعنى: من شر الوسواس الذي هو من الجن، ثم عطف قوله تعالى ﴿والنَّاس﴾ على ﴿الوسواس﴾ والمعنى من شر الوسواس ومن شر الناس كأنه أَمَرَ أن يستعيذَ من الجن والإنس، وهذا قول الزجّاج” اهـ.
وقال القاضي عياض رحمه الله: “فصل: واعلم أن الأمة مُجمعةٌ على عصمة النبي من الشيطان وكفايته منه، لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوساوس” اهـ، ثم قال في الفصل الذي بعده: “وأما أقواله صلى الله عليه وسلم فقد قامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه وأجمعت الأمة فيما كان طريقه البلاغَ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شىء منها بخلاف ما هو به لا قصدًا ولا عمدًا ولا سهوًا ولا غلطًا” اهـ.
كتبه سنّي.
الحمد لله. اللهمّ صلَّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
تفسير سورة النّاس.
سورة النّاس مكية في قول جابر وعطاء ومدنية في أحد قولي ابن عباس.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذُ بربِّ النَّاس (1) مَلِكِ النَّاس (2) إلهِ النَّاس (3) مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4) الذي يُوَسوِسُ في صدورِ النَّاس (5) منَ الجَنَّةِ والنَّاس (6)
معنى «بسم الله» أي أبتدئ باسم الله، ولفظ الجلالة «الله» علم للذات المقدس المستحقِّ لنهاية التعظيم وغايةِ الخضوع، ومعناهُ من له الإلهية وهي القدرةُ على الاختراع أي إبرازِ المعدومِ إلى الوجودِ.
واسم الله علم غير مشتق قال الخليل بن أحمدَ الفراهيديُّ: اسم الذات المقدس الله ليس مشتقًا بل مرتجل، وحُكي عن سيبويه، هذا الذي اختاره الأكابر من اللغويين. وكلمة الإله خاصة بالله فمن استعملها لغير الله يكفر.
والرحمٰنِ معناه الكثيرِ الرحمة بالمؤمنين والكافرين في الدنيا وبالمؤمنين في الآخرة. أما الرحيم فمعناه الكثيرِ الرحمة بالمؤمنين.
قال الله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 156]. هذه الآيةُ دليلٌ على أنّ الله تعالى يرحمُ المؤمنين والكافرين في الدنيا وذلك بأن يُعطيَهُم الصحةَ والرزقَ والهواءَ العليلَ والماءَ الباردَ وما أشبهَ ذلكَ، أما في الآخرة فيخُصُّها للمؤمنين. ﴿ورحمتي وسعت كل شىء﴾ أي في الدنيا ﴿فسأكتبها﴾ أي في الآخرة ﴿للذين يتقون﴾ أي يجتنبون الشرك وجميع أنواع الكفر. كما جاء في الحديث الصحيح: « إن الله يعطي الدنيا لِمن يُحب ولِمن لا يُحب ولا يُعطي الإيمانَ إلا لِمن يُحب » وفي رواية « إن الله يعطي المال لمن يحب ولمن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا لمن يحب ». الله تبارك وتعالى فضلاً منه وكرمًا جعلَ رحمتَه في الدنيا عامة شاملة للمؤمنينَ والكافرينَ وجعلها خاصةً في الآخرةِ بالمؤمنينَ دونَ الكافرينَ عدلاً منهُ لأنه تبارك وتعالى ليس ملزمًا بشىء.
قوله تعالى: ﴿قل أعوذُ بربِّ النَّاس (1)﴾ أي قل إنّي أستجير برب الناس أي مالكهم وخالقهم، قال العز بن عبد السلام: “لما أمر بالاستعاذة من شرهم أخبر أنه هو الذي يعيذ منهم” اهـ.
ولما كان في الناس ملوك قال تعالى ﴿مَلِكِ النَّاس (2)﴾
ولما كان في الناس من يعبد غير الله قال تعالى ﴿إلهِ النَّاس (3)﴾ أي هو الذي بيده ملكوت كل شىء، فهو مالك الملك يُعزُّ من يشاء ويُذلُّ من يشاء وهو المعبود بحق لا يستحق العبادة إلا هو، والعبادة: هي نهاية التذلل، وقال اللغوي النحوي المفسر الإمام الحجة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في الفتاوى: “العبادة أقصى غايةِ الخضوع والتذلل”.
﴿مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4)﴾ أي من شر ذي الوسواس وهو الشيطان، والوسوسة: حديث النفس، قال البخاري: “قال ابن عباس: إذا ولد خنسه الشيطان”، فإذا ذُكرَ الله عزَّ وجلَّ ذهب وإذا لم يُذكر الله ثبت على قلبه” اهـ، قال الراغب: “﴿مِن شَرِّ الوَسْواسَ الخَنَّاسِ (4)﴾ أي الشيطان الذي يَخنُسُ أي ينقبِضُ إذا ذُكرَ الله تعالى” اهـ.
﴿الذي يُوَسوِسُ في صدورِ النَّاس (5)﴾ المراد بالصدور ههنا القلوب، قال العز بن عبد السلام: “يوسوس” أي يدعو إلى طاعته بما يُوصِلُ إلى القلب، وقد روى الإمام مسلم وأحمد في مسنده واللفظ لمسلم من حديث سفيان أن رسول اج صلى الله عليه وسلم قال : “ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكِّلَ به قرينُه من الجنّ وقرينه من الملائكة” قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: “وإيَّاي إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ فلا يأمُرُني إلا بخير”.
تنبيه : لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يدخل في نبيّ من الأنبياء.
﴿منَ الجَنَّةِ والنَّاس (6)﴾ الجِنة هم الجنُّ، قال ابن الجوزي: “وفي معنى الآية قولان، أحدهما: يوسوس في صدور الناس جِنتهم وناسهم، فسمى الجن ههنا ناسًا كما سماهم رجالا في قوله تعالى: ﴿يعوذون برجالٍ من الجِن﴾ [سورة الجن]، وسماهم نفرًا بقوله تعالى ﴿استمع نفرٌ من الجن﴾ [سورة الجن] ، هذا قول الفراء، وعلى هذا القول يكون الوسواس موسوسًا للجن كما يوسوس للإنس.
والثاني: إن الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس هو من الجِنَّة وهم من الجن، والمعنى: من شر الوسواس الذي هو من الجن، ثم عطف قوله تعالى ﴿والنَّاس﴾ على ﴿الوسواس﴾ والمعنى من شر الوسواس ومن شر الناس كأنه أَمَرَ أن يستعيذَ من الجن والإنس، وهذا قول الزجّاج” اهـ.
وقال القاضي عياض رحمه الله: “فصل: واعلم أن الأمة مُجمعةٌ على عصمة النبي من الشيطان وكفايته منه، لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوساوس” اهـ، ثم قال في الفصل الذي بعده: “وأما أقواله صلى الله عليه وسلم فقد قامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه وأجمعت الأمة فيما كان طريقه البلاغَ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شىء منها بخلاف ما هو به لا قصدًا ولا عمدًا ولا سهوًا ولا غلطًا” اهـ.
كتبه سنّي.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin