18 - لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها فلو أرادك لأستعملك من غير إخراج.
كتاب إيقاظ الهمم في شرح الحكم ابن عطاء الله السكندري
قلت من آداب العارف الإكتفاء بعلم الله والإستغناء به عما سواه فإذا أقامه الله تعالى في حالة من الأحوال فلا يستحقرها ويطلب الخروج منها إلى حالة أخرى فلو أراد الحق تعالى أن يخرجه من تلك الحالة ويستعمله فيما سواها لأستعمله من غير أن يطلب منه أن يخرجه بل يمكث على ما أقامه فيه الحق تعالى حتى يكون هو الذي يتولى أخراجه كما تولى أدخاله وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق فالمدخل الصدق هو أن تدخل فيه بالله والمخرج الصدق هو أن تخرج منه بالله وهذا هو الفهم عن الله وهو من علامة تحقق المعرفة بالله فالعارف بالله إذا كان أعزب لا يتمني التزويج وإذا كان متزوجاً لا يتمنى الفراق وإذا كان فقيراً لا يتمنى الغني وإذا كان غنياً لا يتمنى الفقر وإذا كان صحيحاً لا يتمنى المرض، وإذا كان مريضاً لا يتمنى الصحة، وإذا كان عزيزاً لا يتمنى الذل وإذا كان ذليلاً لا يتنى العز. وإذا كان مقبوضاً لا يتمنى البسط وإذا كان مبسوطاً لا يتمني القبض وإذا كان قوياً لا يتمنى الضعف وإذا كان ضعيفاً لا يتمني القوة وإذا كان مقيماً لا يتمنى السفر وإذا كان مسافر لا يتمنى الأقامة وهكذا باقي الأحوال ينظر ما يفعل الله به ولا ينظر ما يفعل بنفسه لتحقق زواله بل يكون كالميت بين يدي الغاسل أو كالقلم بين الأصابع كما قال الصاحب العينية رضي الله عنه أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه عز وجل وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله عز وجل وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة من غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه اه فاحالتك الأعمال وتأخيرها إلى وقت آخر تكون فيه فارغ القلب أو القالب من علامة الرعونة والحمق وهو غرور ومن أين لك أن تصل إلى ذلك الوقت والموت هاجم عليك من حيث لا تشعر وعلى تقدير وصولك إليه لا تأمن من شغل آخر يعرض لك وفراغ الأشغال من حيث هو نادر لقوله عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ أي كثير من الناس فقدوهما وغبنوا فيهما إذ كثير منهم لا تجده إلا مشغولاً بدنياً أو مفتوناً بهوى أو مريضاً مبتلى ومفهوم الكثير أن القليل من الناس رزقهم الله الصحة والفراغ فإن عمر وهما بطاعة مولاهم فقد شكروا وربحوا ربحاً عظيماً وإن ضيعوهما فقد خسروا خسراناً مبيناً وكفروا بهاتين النعمتين فجدير أن تسلبا عنهم وهو أيضاً من علامة الخذلان وسيأتي من كلام الشيخ الخذلان كل الخذلان أن تقل عوائقك ثم لا تقبل عليه فالواجب على الإنسان أن يقطع علائقه وعوائقه ويخالف هواه ويبادر إلى خدمة مولاه ولا ينتظر وقتاً آخر إذ الفقير ابن وقته فلا تجده مشغولاً إلا بفكرة أو نظرة أو ذكر أو مذاكرة أو خدمة شيخ يوصله إلى مولاه وقد قلت لبعض الإخوان الفقير الصديق ليس له فكرة ولا هدرة إلا في الحضرة أو ما يوصله للحضرة والله تعالى أعلم ثم ذكر الأدب الثالث وهو إقامته حيث أقامه الله فقال:-
18 - لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها فلو أرادك لأستعملك من غير إخراج.
قلت من آداب العارف الإكتفاء بعلم الله والإستغناء به عما سواه فإذا أقامه الله تعالى في حالة من الأحوال فلا يستحقرها ويطلب الخروج منها إلى حالة أخرى فلو أراد الحق تعالى أن يخرجه من تلك الحالة ويستعمله فيما سواها لأستعمله من غير أن يطلب منه أن يخرجه بل يمكث على ما أقامه فيه الحق تعالى حتى يكون هو الذي يتولى أخراجه كما تولى أدخاله وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق فالمدخل الصدق هو أن تدخل فيه بالله والمخرج الصدق هو أن تخرج منه بالله وهذا هو الفهم عن الله وهو من علامة تحقق المعرفة بالله فالعارف بالله إذا كان أعزب لا يتمني التزويج وإذا كان متزوجاً لا يتمنى الفراق وإذا كان فقيراً لا يتمنى الغني وإذا كان غنياً لا يتمنى الفقر وإذا كان صحيحاً لا يتمنى المرض، وإذا كان مريضاً لا يتمنى الصحة، وإذا كان عزيزاً لا يتمنى الذل وإذا كان ذليلاً لا يتنى العز. وإذا كان مقبوضاً لا يتمنى البسط وإذا كان مبسوطاً لا يتمني القبض وإذا كان قوياً لا يتمنى الضعف وإذا كان ضعيفاً لا يتمني القوة وإذا كان مقيماً لا يتمنى السفر وإذا كان مسافر لا يتمنى الأقامة وهكذا باقي الأحوال ينظر ما يفعل الله به ولا ينظر ما يفعل بنفسه لتحقق زواله بل يكون كالميت بين يدي الغاسل أو كالقلم بين الأصابع كما قال الصاحب العينية رضي الله عنه
أراني كالآلات وهو محركي ... أنا قلم والأقتدار أصابع
قال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وقال تعالى وما تشاؤون إلا أن يشاء الله وأوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام فقال يا داوود تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد فإن سلمت لي ما أريد أتيتك بما تريد وإن لم تسلم لي ما أريد أتعبتك فيما تريد ولا يكون ألا ما أريد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة جف القلم بما أنت لاق وفي حديث آخر جفت الأقلام وطويت الصحف وقال شيخ شيوخنا سيدي أحمد اليماني رضي الله عنه حين سأله وأصحابه عن حقيقة الولاية فقال لهم حقيقة الولاية هو إذا كان صاحبها جالساً في الظل لا تشتهي نفسه الجلوس في الشمس وإذا كان جالساً في الشمس لا تشتهي نفسه الجلوس في الظل اه وهذا كله مع الإختيار دون الأمر الضروري وقد تقدم قول شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه من أوصاف الولي الكامل أن لا يكون محتاجاً إلا على الحال الذي يقيمه مولاه فيه في الوقت يعني ماله مراد إلا ما يبرز من عنصر القدرة لا تشتهي نفسه غيره اه قلت فإذا تجلى في العارف شيء من هذه الأمور أعني الإنتقال من حال إلى حال فليتأن وليصبر حتى يفهم أنه من الله بإشارة ظاهرة أو باطنة أو هاتف حسي أو معنوي ولينصت إلى الهواتف فإن الله تعالى يخاطبه بما يفعل وهذا أمر مجرب صحيح عند العارفين حتى أنهم لا يتصرفون إلا بإذن من الله ورسوله إذ لا فرق عند أهل الجمع جعلنا الله منهم آمين وهذا كله إذا كان الحال الذي هو فيه موافقاً للشريعة وإلا فليطلب الخروج منه بما يمكن.
كتاب إيقاظ الهمم في شرح الحكم ابن عطاء الله السكندري
قلت من آداب العارف الإكتفاء بعلم الله والإستغناء به عما سواه فإذا أقامه الله تعالى في حالة من الأحوال فلا يستحقرها ويطلب الخروج منها إلى حالة أخرى فلو أراد الحق تعالى أن يخرجه من تلك الحالة ويستعمله فيما سواها لأستعمله من غير أن يطلب منه أن يخرجه بل يمكث على ما أقامه فيه الحق تعالى حتى يكون هو الذي يتولى أخراجه كما تولى أدخاله وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق فالمدخل الصدق هو أن تدخل فيه بالله والمخرج الصدق هو أن تخرج منه بالله وهذا هو الفهم عن الله وهو من علامة تحقق المعرفة بالله فالعارف بالله إذا كان أعزب لا يتمني التزويج وإذا كان متزوجاً لا يتمنى الفراق وإذا كان فقيراً لا يتمنى الغني وإذا كان غنياً لا يتمنى الفقر وإذا كان صحيحاً لا يتمنى المرض، وإذا كان مريضاً لا يتمنى الصحة، وإذا كان عزيزاً لا يتمنى الذل وإذا كان ذليلاً لا يتنى العز. وإذا كان مقبوضاً لا يتمنى البسط وإذا كان مبسوطاً لا يتمني القبض وإذا كان قوياً لا يتمنى الضعف وإذا كان ضعيفاً لا يتمني القوة وإذا كان مقيماً لا يتمنى السفر وإذا كان مسافر لا يتمنى الأقامة وهكذا باقي الأحوال ينظر ما يفعل الله به ولا ينظر ما يفعل بنفسه لتحقق زواله بل يكون كالميت بين يدي الغاسل أو كالقلم بين الأصابع كما قال الصاحب العينية رضي الله عنه أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه عز وجل وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله عز وجل وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة من غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه اه فاحالتك الأعمال وتأخيرها إلى وقت آخر تكون فيه فارغ القلب أو القالب من علامة الرعونة والحمق وهو غرور ومن أين لك أن تصل إلى ذلك الوقت والموت هاجم عليك من حيث لا تشعر وعلى تقدير وصولك إليه لا تأمن من شغل آخر يعرض لك وفراغ الأشغال من حيث هو نادر لقوله عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ أي كثير من الناس فقدوهما وغبنوا فيهما إذ كثير منهم لا تجده إلا مشغولاً بدنياً أو مفتوناً بهوى أو مريضاً مبتلى ومفهوم الكثير أن القليل من الناس رزقهم الله الصحة والفراغ فإن عمر وهما بطاعة مولاهم فقد شكروا وربحوا ربحاً عظيماً وإن ضيعوهما فقد خسروا خسراناً مبيناً وكفروا بهاتين النعمتين فجدير أن تسلبا عنهم وهو أيضاً من علامة الخذلان وسيأتي من كلام الشيخ الخذلان كل الخذلان أن تقل عوائقك ثم لا تقبل عليه فالواجب على الإنسان أن يقطع علائقه وعوائقه ويخالف هواه ويبادر إلى خدمة مولاه ولا ينتظر وقتاً آخر إذ الفقير ابن وقته فلا تجده مشغولاً إلا بفكرة أو نظرة أو ذكر أو مذاكرة أو خدمة شيخ يوصله إلى مولاه وقد قلت لبعض الإخوان الفقير الصديق ليس له فكرة ولا هدرة إلا في الحضرة أو ما يوصله للحضرة والله تعالى أعلم ثم ذكر الأدب الثالث وهو إقامته حيث أقامه الله فقال:-
18 - لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها فلو أرادك لأستعملك من غير إخراج.
قلت من آداب العارف الإكتفاء بعلم الله والإستغناء به عما سواه فإذا أقامه الله تعالى في حالة من الأحوال فلا يستحقرها ويطلب الخروج منها إلى حالة أخرى فلو أراد الحق تعالى أن يخرجه من تلك الحالة ويستعمله فيما سواها لأستعمله من غير أن يطلب منه أن يخرجه بل يمكث على ما أقامه فيه الحق تعالى حتى يكون هو الذي يتولى أخراجه كما تولى أدخاله وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق فالمدخل الصدق هو أن تدخل فيه بالله والمخرج الصدق هو أن تخرج منه بالله وهذا هو الفهم عن الله وهو من علامة تحقق المعرفة بالله فالعارف بالله إذا كان أعزب لا يتمني التزويج وإذا كان متزوجاً لا يتمنى الفراق وإذا كان فقيراً لا يتمنى الغني وإذا كان غنياً لا يتمنى الفقر وإذا كان صحيحاً لا يتمنى المرض، وإذا كان مريضاً لا يتمنى الصحة، وإذا كان عزيزاً لا يتمنى الذل وإذا كان ذليلاً لا يتنى العز. وإذا كان مقبوضاً لا يتمنى البسط وإذا كان مبسوطاً لا يتمني القبض وإذا كان قوياً لا يتمنى الضعف وإذا كان ضعيفاً لا يتمني القوة وإذا كان مقيماً لا يتمنى السفر وإذا كان مسافر لا يتمنى الأقامة وهكذا باقي الأحوال ينظر ما يفعل الله به ولا ينظر ما يفعل بنفسه لتحقق زواله بل يكون كالميت بين يدي الغاسل أو كالقلم بين الأصابع كما قال الصاحب العينية رضي الله عنه
أراني كالآلات وهو محركي ... أنا قلم والأقتدار أصابع
قال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وقال تعالى وما تشاؤون إلا أن يشاء الله وأوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام فقال يا داوود تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد فإن سلمت لي ما أريد أتيتك بما تريد وإن لم تسلم لي ما أريد أتعبتك فيما تريد ولا يكون ألا ما أريد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة جف القلم بما أنت لاق وفي حديث آخر جفت الأقلام وطويت الصحف وقال شيخ شيوخنا سيدي أحمد اليماني رضي الله عنه حين سأله وأصحابه عن حقيقة الولاية فقال لهم حقيقة الولاية هو إذا كان صاحبها جالساً في الظل لا تشتهي نفسه الجلوس في الشمس وإذا كان جالساً في الشمس لا تشتهي نفسه الجلوس في الظل اه وهذا كله مع الإختيار دون الأمر الضروري وقد تقدم قول شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه من أوصاف الولي الكامل أن لا يكون محتاجاً إلا على الحال الذي يقيمه مولاه فيه في الوقت يعني ماله مراد إلا ما يبرز من عنصر القدرة لا تشتهي نفسه غيره اه قلت فإذا تجلى في العارف شيء من هذه الأمور أعني الإنتقال من حال إلى حال فليتأن وليصبر حتى يفهم أنه من الله بإشارة ظاهرة أو باطنة أو هاتف حسي أو معنوي ولينصت إلى الهواتف فإن الله تعالى يخاطبه بما يفعل وهذا أمر مجرب صحيح عند العارفين حتى أنهم لا يتصرفون إلا بإذن من الله ورسوله إذ لا فرق عند أهل الجمع جعلنا الله منهم آمين وهذا كله إذا كان الحال الذي هو فيه موافقاً للشريعة وإلا فليطلب الخروج منه بما يمكن.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin