42 - ما قل عمل برز من قلب زاهد ولا كثر عمل برز من قلب راغب.
كتاب إيقاظ الهمم في شرح الحكم ابن عطاء الله السكندري
قلت الزهد في الشيء هو خروج محبته من القلب وبرودته منه وعند القوم بغض كل ما يشغل عن الله ويحبس عن حضرة الله ويكون أولاً في المال وعلامته أن يستوي عنده الذهب والتراب والفضة والحجر والغني والفقر والمنع والعطاء ويكون ثانياً في الجاه والمراتب.
وعلامته أن يستوي عنده العز والذل والظهور والخمول والمدح والذم والرفعة والسقوط ويكون ثالثاً في المقامات والكرامات والخصوصيات وعلامته أن يستوي عنده الرجاء والخوف والقوة والضعف والبسط والقبض يسير بهذا كما يسير بهذا أو يعرف في هذا كما يعرف في هذا ثم يكون الزهد في الكون بأسره بشهود المكون وأمره فإذا تحقق المريد بهذه المقامات في الزهد أو جلها كان عمله كله عظيماً كبيراً في المعني عند الله وإن كان قليلاً في الحس عند الناس وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة وأي بدعة أعظم ولا أشنع من حب الدنيا والأنكباب عليها بالقلب والقالب الذي لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة حتي ظهرت الفراعنة فبنوا وشيدوا وزخرفوا فهذه هي البدعة الحقيقة فعمل هؤلاء قليل في المعنى وإن كان كثيراً في الحس
إذ لا عبرة بحركة الأشباح وإنما العبرة بخضوع الأرواح عبادة الزاهد بالله لله وعبادة الراغب بالنفس للنفس عبادة الزاهد حية باقية وعبادة الراغب ميتة فانية عبادة الزاهد متصلة على الدوام وعبادة الراغب منقطعة بلا تمام عبادة الزاهد في مساجد الحضرة التي أذن الله أن ترفع وعبادة الراغب في مزابل القذرات التي أذن الله أن توضع ولذلك قال بعضهم عبادة الغني كالمصلي على المزبلة وما مثل عبادة الزاهد مع قلتها في الحس وكثرتها في المعنى وعبادة الراغب مع كثرتها في الحس وقلتها في المعنى إلا كرجلين أهديا للملك
أحدهما أهدى يا قوتة صافية صغيرة قيمتها ستون قنطاراً
والآخر أهدى ستين صندوقاً خاوية فارغة
فلا شك أن الملك يقبل الياقوتة ويكرم صاحبها ويرد الصناديق ويهين صاحبها ويغضب عليه لكونه أستهزأ بالملك حيث أهدي له خشباً خاوية شهرتها أعظم من منفعتها وسمعت شيخناً رضي الله عنه يقول الراغب في الدنيا غافل ولو كان يقول الله الله بلسانه على الدوام إذ لا عبرة باللسان والزاهد في الدنيا ذاكر على الدوام ولو قل ذكره باللسان اه
قلت وبهذا فسر بعضهم قوله تعالى لا يذكرون الله إلا قليلاً أي مع الغفلة والرغبة ولو كثر في الحس اه وقال سيدنا على كرم الله وجهه كونوا لقبول العمل أشد منكم أهتماماً للعمل فإنه لم يقل عمل مع التقوي وكيف يقل عمل يتقبل اه
وقال ابن مسعود رضي الله عنه ركعتان من زاهد عالم خير وأحب عند الله من عبادة المتعبدين المجتهدين إلى آخر الدهر أبداً سرمداً وقال بعض السلف لم يفتكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بكثرة صلاة ولا صيام إلا أنهم كانوا أزهد في الدنيا اه.
وفي بعض الأخبار أن سيدنا عيسى عليه السلام مر برجل نائم والناس يتعبدون فقال له عيسي عليه السلام قم تتعبد مع الناس فقال تعبدت يا روح الله فقال له وما عبادتك قال تركت الدنيا لأهلها فقال له نم نعمت العبادة هذه أو كما قال عليه السلام وقال رجل للشيخ أبي الحسن رضي الله عنه مالي أرى الناس يعظمونك ولم أر لك كبير عمل
فقال بسنة واحدة أفترضها الله على رسوله تمسكت بها فقال له وما هي قال الأعراض عنكم وعن دنياكم اه قال الشيخ زروق رضي الله عنه وإنما كانت للزهاد هذه الفضلية لثلاثة أوجه أحدها ما فيه من فراغ القلب عن الشواغل والشواغب الثاني لأنه شاهد بوجود الصدق في المحبة إذ الدنيا محبوبة لا تترك إلا بما هو أحب
قال عليه السلام الصدقة برهان قيل على حب العبد ربه الثالث لأنه دليل على المعرفة بالله والثقة به لأن بذل الموجود من الثقة بالمعبود ومنع الموجود من سوء الظن بالمعبود اه ولما كان حسن العمل الظاهر وأتقانه الذي يكون به كماله ونقصانه إنما هو نتائج حسن الباطن وأحواله
كتاب إيقاظ الهمم في شرح الحكم ابن عطاء الله السكندري
قلت الزهد في الشيء هو خروج محبته من القلب وبرودته منه وعند القوم بغض كل ما يشغل عن الله ويحبس عن حضرة الله ويكون أولاً في المال وعلامته أن يستوي عنده الذهب والتراب والفضة والحجر والغني والفقر والمنع والعطاء ويكون ثانياً في الجاه والمراتب.
وعلامته أن يستوي عنده العز والذل والظهور والخمول والمدح والذم والرفعة والسقوط ويكون ثالثاً في المقامات والكرامات والخصوصيات وعلامته أن يستوي عنده الرجاء والخوف والقوة والضعف والبسط والقبض يسير بهذا كما يسير بهذا أو يعرف في هذا كما يعرف في هذا ثم يكون الزهد في الكون بأسره بشهود المكون وأمره فإذا تحقق المريد بهذه المقامات في الزهد أو جلها كان عمله كله عظيماً كبيراً في المعني عند الله وإن كان قليلاً في الحس عند الناس وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة وأي بدعة أعظم ولا أشنع من حب الدنيا والأنكباب عليها بالقلب والقالب الذي لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة حتي ظهرت الفراعنة فبنوا وشيدوا وزخرفوا فهذه هي البدعة الحقيقة فعمل هؤلاء قليل في المعنى وإن كان كثيراً في الحس
إذ لا عبرة بحركة الأشباح وإنما العبرة بخضوع الأرواح عبادة الزاهد بالله لله وعبادة الراغب بالنفس للنفس عبادة الزاهد حية باقية وعبادة الراغب ميتة فانية عبادة الزاهد متصلة على الدوام وعبادة الراغب منقطعة بلا تمام عبادة الزاهد في مساجد الحضرة التي أذن الله أن ترفع وعبادة الراغب في مزابل القذرات التي أذن الله أن توضع ولذلك قال بعضهم عبادة الغني كالمصلي على المزبلة وما مثل عبادة الزاهد مع قلتها في الحس وكثرتها في المعنى وعبادة الراغب مع كثرتها في الحس وقلتها في المعنى إلا كرجلين أهديا للملك
أحدهما أهدى يا قوتة صافية صغيرة قيمتها ستون قنطاراً
والآخر أهدى ستين صندوقاً خاوية فارغة
فلا شك أن الملك يقبل الياقوتة ويكرم صاحبها ويرد الصناديق ويهين صاحبها ويغضب عليه لكونه أستهزأ بالملك حيث أهدي له خشباً خاوية شهرتها أعظم من منفعتها وسمعت شيخناً رضي الله عنه يقول الراغب في الدنيا غافل ولو كان يقول الله الله بلسانه على الدوام إذ لا عبرة باللسان والزاهد في الدنيا ذاكر على الدوام ولو قل ذكره باللسان اه
قلت وبهذا فسر بعضهم قوله تعالى لا يذكرون الله إلا قليلاً أي مع الغفلة والرغبة ولو كثر في الحس اه وقال سيدنا على كرم الله وجهه كونوا لقبول العمل أشد منكم أهتماماً للعمل فإنه لم يقل عمل مع التقوي وكيف يقل عمل يتقبل اه
وقال ابن مسعود رضي الله عنه ركعتان من زاهد عالم خير وأحب عند الله من عبادة المتعبدين المجتهدين إلى آخر الدهر أبداً سرمداً وقال بعض السلف لم يفتكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بكثرة صلاة ولا صيام إلا أنهم كانوا أزهد في الدنيا اه.
وفي بعض الأخبار أن سيدنا عيسى عليه السلام مر برجل نائم والناس يتعبدون فقال له عيسي عليه السلام قم تتعبد مع الناس فقال تعبدت يا روح الله فقال له وما عبادتك قال تركت الدنيا لأهلها فقال له نم نعمت العبادة هذه أو كما قال عليه السلام وقال رجل للشيخ أبي الحسن رضي الله عنه مالي أرى الناس يعظمونك ولم أر لك كبير عمل
فقال بسنة واحدة أفترضها الله على رسوله تمسكت بها فقال له وما هي قال الأعراض عنكم وعن دنياكم اه قال الشيخ زروق رضي الله عنه وإنما كانت للزهاد هذه الفضلية لثلاثة أوجه أحدها ما فيه من فراغ القلب عن الشواغل والشواغب الثاني لأنه شاهد بوجود الصدق في المحبة إذ الدنيا محبوبة لا تترك إلا بما هو أحب
قال عليه السلام الصدقة برهان قيل على حب العبد ربه الثالث لأنه دليل على المعرفة بالله والثقة به لأن بذل الموجود من الثقة بالمعبود ومنع الموجود من سوء الظن بالمعبود اه ولما كان حسن العمل الظاهر وأتقانه الذي يكون به كماله ونقصانه إنما هو نتائج حسن الباطن وأحواله
اليوم في 16:55 من طرف Admin
» كتاب: علماء سلكو التصوف ولبسو الخرقة ـ إدارة موقع الصوفية
اليوم في 16:52 من طرف Admin
» كتاب: روضة المحبين فى الصلاة على سيد الأحبة ـ الحبيب محمد بن عبدالرحمن السقاف
اليوم في 16:49 من طرف Admin
» كتاب: مجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية ـ الشيخ باسم مكداش
اليوم في 16:42 من طرف Admin
» كتاب: فضائل فاطمة الزهراء ـ الشيخ باسم مكداش
اليوم في 16:40 من طرف Admin
» كتاب: الدرر البهية بفضائل العترة النبوية ـ الشيخ باسم مكداش
اليوم في 16:38 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد الجاهلين إلى الآيات الواردة في حق أهل البيت ـ الشيخ باسم مكداش
اليوم في 16:34 من طرف Admin
» كتاب: حياة الإنسان الشيخ عبدالحميد كشك
اليوم في 16:30 من طرف Admin
» كتاب: لبس الخرقة في السلوك الصوفي ـ يوسف بن عبد الهادي
اليوم في 16:27 من طرف Admin
» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin